المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بالصالحين إذا حان أجله وانقضى عمره وكلام بعض السلف وهو - تفسير الإيجي جامع البيان في تفسير القرآن - جـ ٢

[الإيجي، محمد بن عبد الرحمن]

فهرس الكتاب

الفصل: بالصالحين إذا حان أجله وانقضى عمره وكلام بعض السلف وهو

بالصالحين إذا حان أجله وانقضى عمره وكلام بعض السلف وهو أنه ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف عليه السلام يشعر بأنه سأل منجزًا وهو جائز في ملتهم ويحتمل أن مراده أنه أول من سأل الوفاة على الإسلام كما أن نوحًا عليه السلام أول من قال (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ) الآية [نوح: 28]، وقالوا: أقام يعقوب عند يوسف أربعًا وعشرين سنة ثم مات وحمل جسده الشريف عند أبيه إسحاق عليه السلام بالشام، (ذَلِكَ) أي: نبأ يوسف (مِنْ أَنبَاءِ الغَيْبِ نوحِيهِ إِلَيْكَ): يا محمد (وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ): لدى إخوة يوسف (إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ): عزموا على أمرهم (وَهُمْ يَمْكرونَ). بيوسف وهذا كالدليل على أنه بالوحي لأنه لم تكن عندهم وما كان أحد من قومك يعلمه فيعلمك (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ): على إيمانهم (بِمُؤْمِنِينَ): لعنادهم وعدم إرادة الله تعالى قال بعضهم: نزلت حين سألت قريش واليهود عن قصة يوسف فلما أخبرهم رجاء إيمانهم، (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ): على تبليغ الوحي (مِنْ أَجْرٍ): من جعل، (إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ): عظة، (لِلْعَالَمِينَ): عامة لا تختص بهم.

* * *

(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ‌

(105)

وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)

ص: 251

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)

* * *

(وَكَأَيِّنْ) أي: وكم، (مِنْ آيَةٍ): دلائل دالة على وجوده وصفاته الحسني (فِي السَّمَاوَات وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا): على الآيات يشاهدونها (وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ): لا يتفكرون فيها (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللهِ): في الإقرار بخالقيته (إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ): لعبادتهم غيره إنهم إذا قيل لهم: من خلق السماوات

ص: 252

والأرض؟ قالوا: الله وهم يشركون به، وعن الحسن البصري أن هذا في المنافقين قال بعض السلف: ثمة شرك آخر لابد أن تشعره وهو الرياء (أَفَأَمِنُوا أَن تَأتِيَهُمْ غَاشيَةٌ منْ عَذَابِ اللهِ): عقوبة تغشاهم وتشملهم (أَوْ تَأتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغتَةً): فجأَة مفعول مطلق (وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ): فلا يستعدون لها، (قُلْ هَذِهِ) أي: الدعوة إلى التوحيد (سَبِيلِي): طريقتي (أَدْعُو إِلَى اللهِ): بيان وتفسير للسبيل (عَلَى بَصِيرَةٍ): معرفة وحجة (أَنَا): تأكيد لضمير أدعو، (وَمَنِ اتَّبَعَنِي) أى: من آمن بى أيضًا يدعوا إلى الله تعالى، قال بعضهم: تم الكلام عند قوله: (إلى الله) و (على بصيرة) خبر (أنا) وما عطف عليه (وَسُبْحَانَ اللهِ) أي: قل أنزهه تنزيهًا عن الشريك (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ): يا محمد (إِلَّا رِجَالًا): لا نساء ولا ملائكة (نُوحِي إِلَيْهِمْ): كما أوحينا إليك (مِّنْ أَهْلِ القُرَى) فإن أهلها أعقل من أهل البادية، (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ): من الأمم المكذبة فيعتبروا (وَلَدَارُ): الحياة (الآخِرَةِ خَيرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا): الشرك، (أَفَلَا تَعْقِلُونَ):

ص: 253

يستعملون عقولهم فيؤمنوا (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) متعلق بما دل عليه الكلام كأنه قيل: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالًا فتراخى نصرهم وتطاول عهدهم في الكفار حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم، أو استيأسوا من نصرهم (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) فيه قراءتان التخفيف والتشديد وعلى الأول: الضمائر كلها لمن أُرسل الرسل إليهم فإن الرسل دال عليهم وحاصله أنهم حسبوا كذب الرسل في الوعيد والوعد والضمائر للرسل يعني قد خطر بخواطرهم خلف الوعد من الله تعالى في نصرهم، وعن ابن عباس رضى الله عنهما لأنَّهُم كانوا بشرًا وتلا:(حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ)[البقرة: 214]، وقيل معناه: ظنوا كذب القوم بوعد الإيمان وخلف وعدهم وعلى الثاني، الضمائر للرسل والظن بمعنى اليقين وهو شائع أي: أيقنوا تكذيب القوم لهم أو بمعناه أي: ظنوا أنَّهم يكذبهم من آمن بهم أيضًا يرتد عن دينهم لاستبطاء النصر (جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نشَاء) وهم أتباع الأنبياء، (وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا) أي: عذابنا (عَنِ القَوْمِ الُمجْرِمِينَ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ): قصص المرسلين مع قومهم أو قصص يوسف وإخوته (عِبْرَةٌ): عظة (لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ): القرآن، (حَدِيثًا يُفْتَرَى): يختلق، (وَلَكِن) كان (تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ): من الكتب السماوية (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ): يحتاج إليه العباد من أمر الدين (وَهُدًى): من الضلال (وَرَحْمَةً): ينال بها خير الدارين (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ): يصدقونه.

اللهم اجعلنا منهم.

* * *

ص: 254