الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (64)
* قَالَ اللهُ عز وجل: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} [الزمر: 64].
قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي} الهَمْزة للاستِفْهام، والفاء حَرْف عَطْف، وهنا يُشكِل على هذا الإعرابِ ما اشتُهِر من أن هَمزة الاستِفهام لها الصَّدارة، وهنا قال تعالى:{قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي} فإذا كان لها الصَّدارة فكيف تَأتِي الفاء بعدَها الدالة على أن الجُملة مَعطوفة؟
فالجَوابُ: إن في ذلك لعُلماءِ النَّحوِ رحمهم الله وَجهَيْن:
الوجهُ الأوَّل: أن الهمزة للاستِفهام، وأنها داخِلة على جُملةٍ مَعطوف عليها، وتُقدَّر هذه الجُملةُ بما يُناسِب السِّياق، وعلى هذا فيَكون التَّقديرُ في هذه الآيةِ: قُلْ أَتَجْهَلون فغيرَ الله تَأمُرونِّي أَعبُد أيُّها الجاهِلون؛ ويُقدَّر في كل مَوضِع ما يُناسِبه، فقوله سبحانه وتعالى:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [يوسف: 109]، التَّقدير: أَغَفَلوا فلم يَسيروا في الأرض.
وقيل: إن الهَمْزة للاستِفْهام، وإن الفاء مُزحلَقة عن مَكانها، والتَّقدير: فأَغَيرَ الله. فتكون هذه الجُملةُ مَعطوفةً على ما سبَق، ولكن المَعنَى الأوَّل إذا تَيَسَّر وأَمكَن أن يُقدَّر شيءٌ مُناسِب فإنه أَوْلى.
يَقول المُفَسِّر رحمه الله في إعرابه: [{غَيْرَ} مَنصوب بـ {أَعْبُدُ} المَعمول
لـ {تَأْمُرُونِّي} بتَقدير (أَن)؛ بنونٍ واحِدة وبنُونين، وبإدغامٍ وفَكٍّ]، هذه على قول:{تَأْمُرُونِّي} .
يَقول المُفَسِّر رحمه الله في الإعراب: إن {غَيْرَ} مَنصوبة بـ {أَعْبُدُ} ، والتقديرُ: أَأَعبُد غير الله تعالى بأَمْركم. هذا مَعنَى الآية.
وقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي} فيها قِراءات:
أوَّلًا: قِراءتها بنون واحِدة: (تَأمُرونِي).
ثانيًا: قِراءتها بنونين بإدغام (تَأمُرونِّي).
ثالثًا: قِراءتها بنُونين بدون إدغام (تَأمُرونَنِي).
فقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} يَعنِي: أَتَأمُرونَني أَعبُد غير الله تعالى.
قوله تعالى: {أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} أيِ: الجاهِلون بحقيقة ما يَجِب لله عز وجل وبحقيقة عِبادة الأصنامِ، ويُحتَمَل أن المَعنى المُراد بقَوْله تعالى:{الْجَاهِلُونَ} أيِ: السُّفَهاء؛ لأن الجَهْل تارةً يُراد به السفَهُ، وتارةً يُراد به عدَم العِلْم، وإذا كان المُراد به السفَهُ فإنه يُسمَّى جهالةً، كما في قوله تعالى:{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: 17].
وقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي} يَشمَل كلَّ ما سِوى الله تعالى من حَيٍّ وميت وصالِحٍ وفاسِد وجَمادٍ وحَيَوان.
قوله تعالى: {أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} : (أيُّ) مُنادى، و {الْجَاهِلُونَ} وَصْف لـ (أَيُّ)؛ ولهذا جاءَتْ مَرفوعةً، والاستِفهام هنا للتَّوْبيخ والإنكار بدليل قوله تعالى:{أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} .