الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُحِبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطِنَة والظَّاهِرَة" (1) وقوله: {مُخْلِصًا} حالٌ من فاعل {أَعْبُدَ} أي حالَ كَوْني مُخْلِصًا لله من الشِّرْك، لأنَّ الإخلاص يعني التَّنْقِيَة من الشِّرك؛ لأنَّ العمل إذا شابه الشِّرْك أفسده وأبطله؛ قال الله تعالى في الحديث القُدُسِيِّ: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِيَ غَيْرِي ترَكْتُهُ وَشِرْكَهُ" (2).
وقوله: {مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} قال رحمه الله: [مِنَ الشِّرْك]، والمراد بـ {الدِّينَ} هنا: العمل الذي يفعله الإنسان لِيُدَان به، وأما عَمَلٌ لا يُؤمِّل أن يُدانَ به فهذا لا يُسَمَّى:(دِينًا) وإن كان عَمَلًا، لا بد أن يكون عامِلًا من أجل أن يُدانَ بهذا العمل.
يقول عز وجل: {مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} ، وتقدَّم كثيرًا أنَّ الدِّينَ يُطْلَق على العمل ويطلق على الجَزَاء، ففي قوله تعالى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]: أي الجزاء؛ وفي قوله: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6]؛ أي: العمل.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ الإنسانَ مأمورٌ بأن يُعْلِنَ ما أمر الله به من عبادَتِهِ؛ لقوله تعالى: {أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} ولهذا فائدتان:
الفائِدَة الأولى: الحَثُّ على اتِّباعِه في هذا.
والفائِدَة الثَّانية: بيانُ اسْتِحْقاق الله سبحانه وتعالى لذلك، وأنه هو المُسْتَحِقُّ أن يُعْبَد وحده {إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا} .
(1) مجموع الفتاوى (10/ 149).
(2)
أخرجه مسلم: كتاب الزهد، باب من أشرك في عمله غير الله، رقم (2985)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنه يَجِبُ في العبادة الإخلاصُ؛ لأنَّه أُمِرَ أن يعبد الله على هذا الوَصْفِ: {مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} .
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ من لم يُخْلِصْ لم يَكُنْ قد أتى بالأَمْر.
ويتفرَّع على هذه القاعدة: أنَّ عَمَلَه يكون مردودًا عليه، فإذا أشرك يكون قد عَمِلَ عملًا ليس عليه أَمْرُ الله ورسولِهِ، وقد قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم:"مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ"(1).
(1) أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، رقم (1718)، من حديث عائشة رضي الله عنها.