الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (72)
* قَالَ اللهُ عز وجل: {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 72].
قوله تعالى: {قِيلَ} فِعْل ماضٍ مَبنيٌّ لما لَمْ يُسمَّ فاعِله، وقال بعض العُلماء رحمه الله: إنه أَبهَم الفاعِل ليُفيد أن كل الكون يَقول لهم هذا، {قِيلَ} يَعنِي: من قِبَل المَلائِكة، من قِبَل أهل الجَنَّة، من قِبَل كلِّ مَن شهِد.
وقوله تعالى: {ادْخُلُوا} فِعْل أَمْر للإهانة، وليس للإكرام؛ لأن مَن قيل له: ادخُلِ النار. فإنه ليس بمُكرَم - أَعوذ بالله -، ولكنه مُهان.
وقوله تعالى: {أَبْوَابَ جَهَنَّمَ} سبَقَ لنا أنها بنَصِّ القرآن سبعةُ أَبواب.
وقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا} حال من الواو في قوله تعالى: {ادْخُلُوا} ، يَعنِي: حال كونكم خالِدين فيها؛ قال المُفسِّر رحمه الله: [مُقدِّرين الخلود] يَعنِي: مَعناها: أن الحال مُقدَّرة؛ لأن الخُلود يَأتي بعد الدُّخول، يَدخُلون أوَّلًا ثُمَّ يُخلَّدون ثانيًا، فالحال إذا لم تَكُن مُصاحِبة تَكون حالًا مُقدَّرة.
والخُلود في الأصل: المُكْثُ الطويل، وقيل: المُكثُ الدائِم، فعلى القول الأوَّلِ يَكون ذِكْر التأبيد بعد الخُلود تَأسيسًا، وعلى القول الثاني - أن الخُلود هو البَقاء الدائِم - يَكون ذِكْر التَّأبيد بعد الخُلود تَوْكيدًا، وأيًّا كان فإن الله تعالى قد صرَّح في ثلاث آيات
من القُرآن: أن خُلود أهل النار فيها أَبَديٌّ.
أمَّا أهل الكبائِر فدُخولُهم بلا خُلود، وأمَّا أهل النار - الذين هُمْ أهل النار - فإنه دُخول بخُلود، وتَقدَّم أن بعض العُلَماء رحمهم الله يَقول: الخُلود هو المُكْث الدائِم، وبعضهم يَقول: هو المُكْث غير الدائِم، ولكن على هذا القولِ يَكون هذا الخُلودُ مُقيَّدًا بالآيات الأخرى الدالَّةِ على الدوام.
مَسأَلةٌ: في قوله تبارك وتعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 106، 107] هل استَثْنى الله تعالى خُلودهم بالمَشيئة؟
الجَوابُ: أن قوله تعالى: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} عائِد على دوام السمَوات والأرض، يَعنِي: إلَّا ما شاء ربُّك ممَّا فوقَ ذلك؛ لأن دوامَ السمَواتِ والأرض مُؤقَّت، لكن عذاب هؤلاء غيرُ مُؤقَّت؛ فقوله تعالى:{خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} ممَّا فوق ذلك إلى ما لا نِهايةَ له، فقوله:{خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} مَعناها: خالِدين فيها مُدَّةَ دوام السماء والأرض {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} يَعني: إلَّا الذي زاد على مُدَّة دوام السموات والأرض، وهو ما شاء الله تعالى؛ وهذا إذا جعَلنا الاستِثْناء مُتَّصِلًا؛ أمَّا إن جعَلْناه مُنقَطِعًا وصار مَعنَى {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} ، لكن ما شاء الله فلا حدَّ له؛ فالمَعنَى واضِح.
وقوله تبارك وتعالى: {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} : (بِئْس) فِعْل ماضٍ جامِدٌ لا يَتَصرَّف، وهو مُحتاج إلى فاعِل وإلى مَخصوص، ففاعِله {مَثْوَى} ، ومَخصوصه مَحذوف، قدَّره المُفسِّر رحمه الله بقوله:[جَهنَّم]؛ والمَثوَى: المَأوَى.