الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(51)
يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} اذهَبوا فانظُروا: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ} أي: قَرينُه {فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} في عُقْرها في وسَطِها، فقال له:{تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} [الصافات: 51 - 56] إلخ.
فهم يَرَوْنهم ويَتَحدَّثون معهم؛ لأن في هذا أَكبَرَ إغاظةٍ لهم، وهذا ألَمٌ قَلْبيٌّ أشَدُّ من الألَم البدَني، نَسأَل الله تعالى العافيةَ.
وهل يَشفَعون لهم؟
أَقول: لا؛ لأن الكُفَّار لا يُشفَع لهم؛ لأنه لا شَفاعةَ إلَّا بإِذْن الله تعالى ولا أَذِنَ الله تعالى ولا يَرضَى، أمَّا غير الكُفَّار فيَشفَعون لهم بإِذْن الله تعالى.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أن الجَزاء من جِنْس العمَل؛ لقوله سبحانه وتعالى: {سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا} .
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات الكَسْب للعَبْد، فيَكون فيه رَدٌّ على الجَبْرية الذين يَقولون: إن الإنسان مُجبَرٌ على عمَله، فنَقول لهم: بل الإنسان غير مُجبَر، وعمَلُه مِن كَسْبه.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَوبيخ هؤلاء المُعذَّبين حيث نزَل بهم ما كانوا به يَستَهزِئون، وقد قال الله تعالى: إنه يُقال لهم: {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} [الطور: 15].
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: لأنهم كانوا في الدنيا يَسخَرون بمَن جاء بهذا النَّبأِ، ويَقولون: إنه سِحْر. فيُوبَّخون يوم القيامة، ويُقال لهم:{أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ} .
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن الاستِهْزاء بالله تعالى وآياتِه سببٌ للعَذاب، وهو كُفْر مُخرِجٌ
عن المِلَّة؛ لقول الله عز وجل: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66].
وعلى هذا يَنبَغي أن يَلحَق هذا بالنِّكاح والطلاق والرجعة والعِتق؛ لأن هَزْله جِدٌّ، وهو أَمْرٌ لا خِلافَ فيه بين العُلماءِ أن مَن قال قولًا يَستَهزِئ به في دِين الله تعالى فإنه يَكفُر.