الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآية (2)
* قَالَ اللهُ عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر: 2].
ثم قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ} لمَّا بيَّن أنَّ تنزيل الكتاب من الله بيَّنَ إلى مَن أنزل؛ فقال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ} يا محمدُ، {أَنْزَلْنَا} ضميرُ جَمْع، لكنه إذا كان عائدًا إلى الله فليس للجَمْع قطعًا بل هو للتَّعْظيم، وقد اشتبه على النصرانِيِّ مثلُ هذا الجمع، وقال: إنَّ الله ثالثُ ثلاثةٍ؛ لأنَّ الله تعالى يذكر الضَّميرَ عائدًا إليه بصيغة الجمع، وأقل الجمع ثلاثة!
فنقول في الرَّدِّ عليه: إنَّ هذا من زَيْغِ النَّصارى؛ {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5]، فاتبعوا المتشابِهَ من القرآن، ولو أنهم ردوا هذا المتشابِهَ إلى المُحْكَم لعلموا أنهم مُخْطِئون غايَةَ الخطأ، وذلك أنَّ الله صرَّح في آياتٍ كثيرة بأنه إلهٌ واحِدٌ، فقال:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163].
وهذا نصٌّ صريح مُحْكَم، وأما (نا) التي هي ضمير جَمْع فإنها في اللُّغَة العَربيَّة التي نزل بها القرآن صالِحةٌ للجمع وللمُعَظِّم نَفْسَه.
إِذَنْ: هي من المتشابِهِ؛ لأنَّ اللَّفْظ إذا احتمل مَعْنَيينِ فإنه يقال فيه متشابِهٌ، والمتشابه يجب أن يُرَدَّ إلى المُحْكَمِ.
وقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ} : {إلَيْكَ} هذا الغاية، والخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم.
وقوله: {الْكِتَابَ} أي: المكتوبَ، وهو القرآن، وسبق وَجْهُ كَوْنِه كتابًا.
وقوله: {بِالْحَقِّ} مُتَعَلِّق بـ (أنْزَل)، {بِالْحَقِّ} الباء هنا للمُلابَسَة وللتَّعْدِيَة، يعني أنَّ الكتاب نفسه نزل حقًّا من عند الله لا مِن عند غيره، أنزلناه بالحَقِّ يعني: بالتَّأكيد أنَّنا أنزلناه إليك من عندنا.
وقلنا أيضًا: (للتَّعْدِية) بمعنى: أنَّ الكتابَ نزَلَ بالحَقِّ، أي: إنَّ ما اشتملَ عليه القرآنُ فهو حَقٌّ.
فعلى الوجه الأول يكونُ المرادُ بقوله: {بِالْحَقِّ} تأكيدًا أنه نزل من الله؛ وعلى الوَجْه الثاني: يكون المعنى: أنَّ كُلَّ ما اشتمل عليه القرآن من أخبارٍ وأوامِرَ ونواهٍ وغيرِها، فهو حَقٌّ.
إذن: قوله: {بِالْحَقِّ} له معنيان:
المعنى الأول: أنَّ القرآنَ نزَلَ مِن عند اللهِ حقًّا لا باطلًا.
المعنى الثاني: أنَّ ما اشتَمَل عليه القرآنُ فهو حَقٌّ؛ أوامر، نواهٍ، أخبار، قَصص؛ كلُّها حَقٌّ.
قال المُفَسِّر رحمه الله: [{الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} مُتَعَلِّقٌ بأنزل]، ولم يقل: مُتَعَلِّق بأَنْزَلنا؛ لأنَّ المُتَعَلِّق إنما يتعلَّق بالفعل، أما (نا) فهي ضمير، خارجة عن الفعل.
قال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} الفاءُ للتَّفْريع، وعلامة فاء التَّفْريع أنَّ