الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: بَيان عظَمة الله عز وجل؛ لقوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} .
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن مَن أَشرَك بالله تعالى فإنه لم يُعظِّم الله تعالى حقَّ تَعظيمه، بل بالعَكْس؛ لقوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} .
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: حُسْن التعليم في القُرآن الكريم؛ لأنه لمَّا نفَى عنهم أنهم قدَروا الله تعالى حقَّ قَدْره؛ بيَّن وجه ذلك، فهو عز وجل أَعظَمُ من كل شيء، قال تبارك وتعالى:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنه يَجِب أن يُعظِّم الله تعالى حقَّ تَعظيمه.
ولكن قد يَقول قائِل: إن هذا فيه مَشَقَّة عظيمة؛ لأن الله تعالى أَعظَمُ وأجَلُّ من أن يُحيط به عمَل العَبْد؛ ولهذا لمَّا نزَل قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] صعُب ذلك على الصحابة رضي الله عنهم، فمَن الذي يَستَطيع أن يَتَّقيَ الله تعالى حقَّ تُقاته؟!
فيُقال: إن هذه الآيةَ الكريمةَ مُقيَّدة بقوله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، وإلَّا فمَن الذي يُحصِي أن يُعظِّم الله تعالى حقَّ تَعظيمه على الوجه الذي أَراده الله عز وجل؟! ولكن نَقول: إن تَعظيم الله تعالى حقَّ تَعظيمه يَكون بامتِثال أَمْره، وهذا حاصِل بقَدْر المُستَطاع؛ لقوله تبارك وتعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، ولقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثبات اليَدِ لله تعالى؛ لقوله تعالى: {قَبْضَتُهُ} ، وقوله تعالى:{بِيَمِينِهِ} .
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن الأرض يومَ القيامة يَقبِضها الله عز وجل بيَدِه؛ لقوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن السمواتِ تُطوَى يومَ القيامة؛ لقوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} .
الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: بَيانُ قُدْرة الله عز وجل، حيث يَطوِي هذه السَّمَواتِ على رُكنها كطَيِّ السجِلِّ للكُتُب.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: تَنزيهُ الله تبارك وتعالى عن كل نَقْص وعَيْب؛ لقوله تبارك وتعالى: {سُبْحَانَهُ} .
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: تَنزيهُه عز وجل عن مُماثَلة المَخلوقين؛ لأن مُماثَلة المَخلوقين عَيْب، فإن تَمثيل الكامِل بالناقِص يَجعَله ناقِصًا.
قال الشاعِرُ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ السَّيْفَ يَنْقُصُ قَدْرُهُ
…
إِذَا قِيلَ إِنَّ السَّيْفَ أَمْضَى مِنَ الْعَصَا (1)
فكَيْف إذا قيل: إن السَّيْفَ مِثْل العَصا؟!
فتَمثيل الله عز وجل بالمَخلوق تَنقُّص لله عز وجل؛ ولأنَّ تمَثيل الكامِل بالناقِص يَجعَله ناقِصًا.
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: إثباتُ عُلوِّ الله تعالى؛ لقوله سبحانه وتعالى: {وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
(1) غير منسوب، وممن ذكره ابن كثير في تفسيره (8/ 426).
وعلُوُّ الله سبحانه يَنقَسِم إلى قِسْمين: عُلوُّ ذاتٍ، وعُلوُّ صِفة.
أمَّا عُلوُّ الصِّفة فلم يَختَلِف فيه أحَد من أهل القِبْلة، حتى أهل التَّعطيل يُثبِتون لله تعالى عُلوَّ الصِّفة، لكن على اختِلاف بينهم وبين أهل السُّنَّة في كون هذا الشيءِ عُلُوًّا أو نُزولًا؛ لأنهم يَرَوْن أن من عُلوِّ الله تعالى في صِفَته نفيَ الصِّفات عنه، أمَّا أهل السُّنَّة والجماعة فيَرَوْن أن من عُلوِّه إثباتَ جَميع صِفات الكَمال له على حسَب ما ورَد في الكِتاب والسُّنَّة.
فالخُلاصةُ: أن أهل القِبْلة اتَّفَقوا على إثبات عُلوِّ الصِّفة، لكن اختَلَفوا: كيف يَكون علوُّ الصِّفة؟.
أمَّا عُلوُّ الذاتِ: فقدِ اختَلَفوا اختِلافًا عَظيمًا، حتى قال بعض مَن يَنتَسِب للإسلام: إثبات عُلوِّ الذاتِ كُفْرٌ.
وقال أهل السُّنَّة والجماعة: إثبات عُلوِّ الذات واجِبٌ، ولا بُدَّ أن نُثبِت لله تعالى عُلوَّ الذات كما أَثبَتْنا له عُلوَّ الصِّفات.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: التَّبايُن العَظيم بين الربِّ الخالِق العَظيم وبين الأصنام المَعبودة التي يُشرَك بها مع الله تعالى؛ لقوله تعالى: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي: تَنزيهًا له وتَعاظُمًا ورِفْعةً عمَّا يُشرِك به هؤلاء؛ ولهذا جاء استِفْهام التوبيخ والاحتِقار لهذه الأصنامِ في قوله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 18 - 20]، يَعنِي: أَخبروني مَن الذي لهذه الأَصنامِ بالنِّسبة لآيات الله تعالى العَظيمةِ الكُبرى التي رآها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، أي: بعدَ أن تَقرَّرت هذه الآياتُ الكبيرة أَخبِروني ما لهذه الأصنامِ، {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} ماذا تَكون أمامَ هذه الآياتِ الكبيرة؟ لا شيءَ؛ ولهذا قال تعالى:
{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
وقد بيَّن الله تعالى في القُرآن الكريم انحِطاط رُتْبة هذه الأصنام فقال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل: 17]، وقال تعالى:{أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [المائدة: 76]، والآياتُ في هذا كثيرة تَحُطُّ من قَدْر هذه الأصنامِ، وتُبيِّن أن الربَّ عز وجل مُنزَّهٌ مُتعالٍ عن هذه الأصنامِ.