الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المكر)
[916] باب هل يوصف الله تعالى بالمكر
[سئل الإمام]:
إن الله عزوجل يُخبر عن نفسه فيقول: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (آل عمران54) ، فربما يضيق عقل بعض الناس عن فهم هذه الآية على ظاهرها، وبما أننا لسنا بحاجة للتأويل، فكيف يكون الله خير الماكرين؟!
[فأجاب]: المسألة سهلة بفضل الله، وذلك لأننا نستطيع أن نعرف أن المكر - من حيث هو مكر- لا يوصف دائماً وأبداً بأنه شر، كما إنه لا يوصف دائماً وأبداً بأنه خير، فرُب كافر يمكر بمسلم، لكن هذا المسلم كَيِّسُ فَطنٌ ليس مغفلاً ولا غبيّاً، فهو متنبه لمكر خصمه الكافر، فيعامله على نقيض مَكَرَه هو، بحيث تكون النتيجة أن هذا المسلم بمكره الحسن قضى على الكافر بمكره السيئ، فهل يقال: إن هذا المسلم حينما مكر بالكافر تعاطى أمراً غير مشروع؟ لا أحد يقول هذا.
ومن السهل أن تفهموا هذه الحقيقة من قوله عليه الصلاة والسلام «الحرب خدعة» (1) ، فالذي يقالُ في الخدعة يُقال في المكر تماماً، فمخادعة المسلم لأخيه المسلم حرام، لكن مخادعة المسلم للكافر عدو الله وعدو رسوله هذا ليس حراماً، بل هو واجب، كذلك مكر المسلم بالكافر الذي يريد المكر به -بحيث يبطل هذا
(1)"البخاري"(3030) ،- "مسلم"(1740). [منه].
المسلم مكر الكافر- هذا مكر حسن، وهذا إنسان وذاك إنسان.
فماذا نقول بالنسبة لرب العالمين القادر العليم الحكيم؟
ها هو يبطل مكر الماكرين جميعاً لذلك قال {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} ، فحينما وصف رُّبنا عزوجل نفسًه بهذه الصفة؟ قد لفت نظرنا بأن المكر حتى من البشر ليس دائماً، لأنه قال {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} فهناك ماكر بخير، وماكر بِشَرٍّ، فمن مكر بخير لم يُذم، والله عزوجل كما قال {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} .
وباختصار أقول: كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، فإذا توهم الإنسان أمراً لا يليق بالله، فليعلم رأساً أنه مخطئ، فهذه الآية هي مدح لله عزوجل، وليس فيها أي شيء لا يجوز نسبته إلى الله تبارك وتعالى.
"كيف يجب علينا أن نفسر القرآن"(ص19 - 21).