الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقيدة السلف بطبيعة الحال بأحسن مما ذكرنا لكم آنفاً، وشرح أولئك عقيدة الخلف وطبعاً أقول أيضاً بأسوأ مما ذكرنا آنفاً، أي نعم. فقال الأمير الكَيِّس الذكي الفطن: هؤلاء قوم أضاعوا ربهم. الحقيقة أنا أعجبت بهذا الكلام تماماً مع أنه ليس بعالم، لكن لما يسمع العامي الذي فطرته سليمة: الله لا هو لا تحت، لا يمين،
لا يسار، لا أمام، لا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه، والله هؤلاء قوم
أضاعوا ربهم.
مداخلة: أخونا يقول: يعني نفهم من شيخنا أن آيات الصفات ليست من المتشابه؟ ..
الشيخ: ليست من المتشابه.
مداخلة: يعني من المحكمة.
الشيخ: المتشابه هو تأويلها بس.
مداخلة: نعم.
الشيخ: نعم.
"الهدى والنور"(314/ 00:00:45).
[791] باب هل عقيدة السلفيين
في الصفات هي عقيدة الصحابة
؟
سؤال: شيخنا هل العقيدة التي يحملها السلفيون هي عقيدة الصحابة، فإن هناك من الناس من يزعم أو يقول: إن كانت هي عقيدة الصحابة فأتونا ولو بصاحبي واحد يقول بصفات نؤمن بالمعنى ونفوض الكيف، فما هو قولكم؟
الشيخ: نحن نعكس السؤال ثم نجيب عن هذا الجواب، هل هناك صحابي تأول تأويل الخلف؟ نريد مثالاً أو مثالين.
مداخلة: يذكرون أحياناً عن ابن عباس رضي الله عنه، أي نعم، أنه تأول آية من كتاب الله تبارك وتعالى.
الشيخ: طيب، إذا تأول ما هو الذي حمله على التأويل؟ وهل كان ذلك هو منهج الصحابة الأولين؟ نحن جواباً عن السؤال الأول نقول: إن السلف الصالح لم يكونوا بحاجة إلى أن يشرحوا ما هو واضح لديهم وضوح الشمس في
رابعة النهار.
المثال السابق يشبه تماماً ما لو قال قائل: أعطونا مثالاً واحداً أن أحد الصحابة قال هذا فاعل وهذا مفعول به وهذا مفعول للتمييز وهذا للحال إلى آخر ما هنالك من مصطلحات وضعت بعد الصحابة وبعد السلف لضبط فهم النصوص على الأسلوب القرآني والعربي الأصيل.
لا نستطيع أن نأتيهم بنص من مثل هذه النصوص التي اصطلح عليها العلماء الذين وضعوا قواعد النحو ووضعوا قواعد الصرف، وكذلك سائر العلوم التي منها أصول الفقه ومنها أصول الحديث إلى آخره.
ذلك لأن الصحابة الأولين كانوا عرباً أقحاحاً فلم يكونوا بحاجة أن يُفسِّروا ما يُفسِّره اليوم السلفيون الذين ينتمون إلى السلف الصالح، ذلك لأنهم يفهمون النصوص المتعلقة بآيات الصفات وأحاديث الصفات، كما فهمها السلف، فالمهم أن الأصل ليس هو التأويل الأصل هو عدم التأويل وهذا الأصل أمر متفق عليه عند جميع العلماء حتى الذين يؤولون أي كلام عربي سواء كان متعلقاً بآيات
الصفات أو أحاديث الصفات أو متعلقاً بأي خبر عربي، كلهم يتفقون فيقولون مثلاً الأصل في كل جملة عربية أَن تُحمل على الحقيقة وليس على المجاز، فإذا تعذرت الحقيقة حينئذٍ يقولون نصير إلى المجاز، فالآن هذه القاعدة المتفق عليها بين السلف والخلف نحن في هذه القاعدة فنقول لهم: العرب الأولون الصحابة الذين قصد السائل فهمهم لتلك النصوص هم ماشون على هذه القاعدة التي عليها الخلف فضلاً عن السلف، فإذاً حينما قال الله عز وجل:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (الفجر:22).
ما الذي يفهمه العربي فيما يتعلق بالملائكة مثلاً من كلمة جاء الملائكة هل يفهم التأويل المعنى المؤَول أم يفهم المعنى الحقيقي؟ لا شك أن الجوب سيكون يفهم المعنى الحقيقي، سنقول له أعطنا نص أن الصحابة فسروا مجيء الملائكة بالمعنى الحقيقي، لن يستطيع أن يصل إلى ذلك أبداً لماذا؟ لأن الأمر واضح لديهم يمشون على قاعدة علمية مجمع عليها -ليس فقط بين السلف بل والخلف أيضاً-، فما كان قولهم عن هذا المثال السهل البسيط هو نفس جوابنا على السؤال الذي أوضحته أو وجهته آنفاً.
الحقيقة والحق نقول أن هؤلاء المعطلة هم يعني متأثرون بعلم المنطق الذي يخرج كثيرًاً أصحابَه من دائرة الاتباع إلى دائرة الابتداع، فحينما يوردون هذا السؤال معنى ذلك أنه ليس هناك ضابط لفهم نصوص الشريعة إطلاقاً لأنه لا يمكننا أن نتصور إلا أن كل من يدعي العلم سواء كان سلفياً أو كان خلفياً لا بد له أن يفسر نصًّا في القرآن أو في السنة على القاعدة المذكورة آنفاً وهي الأصل الحقيقة وليس المجاز، فعندما يأتينا أي خلفي من هؤلاء ويفسر لنا تفسيراً ما لنص ما نقول له ما هو مستندك في هذا التفسير؟ هل عندك نص عن الصحابة عن
التابعين عن تابع التابعين سيضطر أن يعود إلى أصل اللغة وحينئذٍ نقول هذه حجتنا عليكم، لماذا تتأولون النصوص التي لا تعجبكم ظاهرها ولا إشكال فيها إنما جاء الإشكال كما هو الأصل من التكييف من التشبيه.
لهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أصل المعطلة أنهم وقعوا في التشبيه فلما أرادوا الخلاص من التشبيه لجأوا إلى التأويل، فلو أنهم أخذوا بمثل قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:11) وكذلك سورة الصمد: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (الإخلاص:1 - 4) لو أنهم وقفوا عند هذا النص ما احتاجوا إلى التأويل لأن مصيرهم للتأويل هو أنهم فهموا هذه الآيات على مقتضى التشبيه، فإذا قلنا جاء ربك أي كما يليق بجلاله، كذلك الملائكة الملائكة أيضاً خلق من الخلق لكن لا شك ولا ريب أن مجيئهم لا يشبه مجيء البشر بل الجن الذين خُلقوا من نار مجيئهم وذهابهم وإيابهم لا يُشبه بأي وجه من الوجوه مجيء البشر.
فهل نؤول المجيء المتعلق بالجن أو المجيء المتعلق بالملائكة أن نقول أن مجيء كل ذات تتناسب مع تلك الذات. هكذا ينبغي أن تفهم نصوص الكتاب والسنة أي على القاعدة العربية: (الأصل في كل جملة الحقيقة وليس المجاز) فإذا تعذرت الحقيقة صير إلى المجاز، هذا جواب ذلك السؤال.
ثم يخطر في بالي شيء آخر وهو أن هذا السؤال يعني عدم الاعتداد بفهم الأئمة الذين يتظاهرون بالتمسك بعلمهم وبفهمهم، بينما هنا لا يقيمون لفهمهم وزناً إطلاقاً، مع أن الأئمة هم الذين اقتدينا بمنهجهم، وبأسلوبهم في تفسير الآيات وتفسير الأحاديث، لذلك كان كثير من علماء السلف يحذرون عامة الناس أن
يجالسوا أهل الأهواء؛ لأنهم أهل شبهات وطرح إشكالات ومع الأسف لا يستطيع كثير من أهل العلم أن يجيبوا جواباً مقنعاً موافقاً للكتاب والسنة من جهة، ومتابعاً للعقل الصحيح من جهة أخرى، كثير من الناس لا يستطيعون أن يُقدِّموا الحجة والبيان لأولئك الذين تأثروا بالشبهات والإشكالات التي يطرحها أهل الأهواء والبدع لذلك حسموا الباب ونُهُوا عن مخالطة أهل البدع والأهواء.
"الهدى والنور"(738/ 58: 01: 00)