الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[821] باب بيان انحراف المعتزلة في الأسماء والصفات واتِّباع الأشاعرة والماتريدية لهم
[تكلم الشيخ على الفرق الإسلامية إلى أن قال]: إذا استثنينا
…
الفرق المعروفة بالانحراف عن الشريعة كالشيعة مثلاً والزيدية والخوارج، وحصرنا كلامنا على من يُسمَّون أو يتسمون بأهل السنة والجماعة اليوم هم ثلاثة مذاهب فيما يتعلق بالعقائد وأربعة مذاهب فيما يتعلق بالفقه.
أما المذاهب الثلاثة الأولى: فهي الماتريدية، والأشاعرة وأهل الحديث، فهذه فرق ثلاث تتعلق في العقيدة فقط في أهل السنة والجماعة.
أما المذاهب الأربعة فمعروفة لدى الجميع في الفقهيات الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، إذا رجعنا إلى المذاهب الثلاثة الأولى الماتريدية والأشاعرة نجد في هذين المذهبين الشيء الكثير مما هو من مذاهب وآراء وأفكار المعتزلة، ومع ذلك فهي موجودة ومبثوثة في المذهب الأشعري، والمذهب الماتريدي، أهم ما يتعلق بهذا الذي أقوله أنه موجود من الاعتزال شيء في المذهبين المذكورين: الماتريدي والأشعري أهم ما يمكن ذكره الآن أصل من الأصول وقاعدة من القواعد هي: أن الحديث الصحيح لا تثبت به عقيدة، هذا رأي المعتزلة، لكن الأشاعرة والماتريدية يتبنون هذا الرأي، هذا كقاعدة وأصل.
والشيء الثاني: أن المعتزلة عُرِفُوا عند أهل السنة حقاً بأنهم يتأولون آيات الصفات، وأحاديث الصفات، والتأويل أخو التعطيل، والمقصود بالتعطيل: إنكار الشيء إنكار الحقيقة، فحينما تكون هناك آية، أو يكون هناك حديث نبوي
صحيح، وله دلالة واضحة صريحة، فيُعطلِّون هذه الدلالة ويأتون بمعنى غير متبادر للذهن لذاك النص القرآني أو الحديث النبوي، فهذا معناه: أنه ما اتبعوا الكتاب ولا السنة، لكنهم لا نستطيع أن نقول: ما اتبعوا الكتاب والسنة إنكاراً لهما، وإنما دوراناً عليهما، وخروجاً عن دلالتهما الصريحة باسم التأويل ولذلك قلت التأويل أخو التعطيل.
نحن نضرب مثلاً عادياً: إذا قال الرجل العربي: جاء الملك فما يتبادر إلى ذهنه إلى ذهن المخاطبين بكلامه أنه يعني جاء خادم الملك هو قال جاء الملك، فالسامعون لا يفهمون من كلامه أنه يعني: جاء خادم الملك، بل ولا يفهمون منه أنه جاء وزير الملك، فلو أن رجلاً عربياً تكلم بهذه اللفظة العربية، بهذه الجملة العربية جاء الملك فأحد السامعين قال: يعني: خادم الملك، هذا عطل كلام هذا المتكلم
…
فما بالكم إذا كان الكلام المُعطَّل هو كلام الرب تبارك وتعالى؟! فيأتي المعتزلة ويتبعهم في ذلك الماتريدية والأشاعرة، فيتأولون بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بمثل هذا التأويل الذي قلنا عنه بحق: إنه أخو التعطيل.
في الآية الكريمة: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (الفجر:22) جاء ربك، ولا تشبيه مثلما قلنا آنفاً جاء الملك، لا، ما جاء الملك، من أتى؟ خادم الملك، وزير الملك، في فرق بين خادم الملك ووزيره طبعاً، مع ذلك فإذا فُسِّر بوزير الملك يكون عاطل باطل، وإذا فُسِّر بخادم الملك فهو أعطل، نعم.
فقولهم في تفسير قول ربنا عز وجل: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} (الفجر:22).
جاء ربك أي: أمْر ربك، أو خلق من خلق ربك، أو كذا يمكن، أما لا به، ولا بروحه، ومن أين جاءتهم هذه المشكلة؟ أو من أين جاء هذا التعطيل؟! من قياس الخالق على المخلوق، من قياس الغائب على الشاهد.
يقولون: لا يجوز وصف الله بالحركة، نحن ما نصف الله بالحركة؛ لأنه ما وصف بذلك لا هو وصف بذلك نفسه، ولا وصفه بذلك نبيه؛ لكن وصف نفسه بأنه جاء أي: يوم القيامة، فنحن نقول جاء، وما نقول إنه جاء يعني: تحرك هم يأبون أن يؤمنوا بصريح القرآن، كذلك مثلاً فيما يتعلق بهذا المعنى: الحديث المعروف والمشهور بل هو عندنا حديث متواتر؛ لكثرة طرقه الصحيحة: «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا» أهل السنة حقاً وهم أهل الحديث: يؤمنون بالآية السابقة الذكر على ظاهرها، جاء ربك: ربك جاء، وينزل ربنا: ينزل ربنا، أما المعتزلة وتبعهم الأشاعرة في جملة ما تابعوهم عليه: لا، ربنا لا ينزل كما قالوا: لا يجيء، قالوا أيضاً لا ينزل، إذاً: ما معنى ينزل ربنا أي: رحمته هذا تأويل، هذا التأويل هو تعطيل، يلزم من هذا التعطيل إنكار حقائق شرعية متعلقة بالصفات الإلهية، ربنا عز وجل حينما يصف نفسه في كتابه، أو على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فإنما ذلك ليُعَرِّف عباده به تبارك وتعالى؛ لأنه غائب عنا، ولا يمكننا أن نراه إلا يوم القيامة إن شاء الله، فحينما نأتي إلى آيات الصفات وأحاديث الصفات، فنأتي لها بمعاني غير المعاني الظاهرة الجلية من النصوص القرآنية أو الحديثية، فمعنى ذلك أننا أنكرنا هذه الصفات الإلهية، جاء ربك ما جاء ربك، ينزل ربنا لا ينزل ربنا سبحان الله، لو كان هناك نص أنه لا يجيء ولا ينزل، كنا (سنؤمن)، لكن النصوص على خلاف ذلك، فكيف نصف ربنا بما لم يصف نفسه به، وننزهه عما وصف نفسه به، هذا هو التعطيل، وهذا مما وقعت فيه كما قلنا بعض المذاهب الإسلامية