الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(صفة اليد)
[919] باب الرد على من أنكر صفة اليد لله تعالى
[قال الإمام]:
الأحباش (1) ينكرون في جملة ما ينكرون اليد التي وصف الله عز وجل نفسه بها، يقولون: اليد جارحة .. ! سبحان الله، وهم يتكلمون عن أنفسهم، فكيف يقولون في اليد التي ذكرها الله إنها جارحة؟ هؤلاء من أجهل الناس إن لم يكونوا من أضل الناس؛ ذلك لأنهم يقيسون الغائب على الشاهد، بل يقيسون غيب الغيوب وهو الله تبارك وتعالى على أنفسهم، هذا في منتهى الحماقة إن لم يكن في منتهى الضلال، نحن نجاريهم جدلاً لا عقيدةً وحاشى أن نشاركهم في عقيدتهم، نقول لهم: الله ذات متصف بصفات الكمال، هل تقولون معنا؟ لا بد أن يقولوا معنا: نعم أو يقولوا: لا، فإن قالوا: لا فذاك هو الذي يدل على ضلالهم ويؤكد ما هم فيه فلا كلام لنا معهم؛ لأن الكلام حينئذ يكون مع الزنادقة، والمفروض الآن أننا نتكلم مع مسلمين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلون وو إلى آخره .. فإذا قالوا نحن معكم بأن الله عز وجل له كل صفات الكمال، فإذا قالوا هذه الكلمة فقد تناقضوا حينما قالوا الله ذات وله صفات، وأنت أيها المتكلم بكلام علماء الكلام حينما تقول اليد جارحة هذه جارحة بالنسبة لذاتك، فهل
(1) أتباع عبد الله الهرري الحبشي.
ذاتك كذات الله أو ذات الله كذاتك؟ ستقول حاشى لله، ذاته ليست كالذوات، وبالتالي صفاته ليست كسائر صفات المخلوقات، إذاً انتهت المشكلة يا جماعة .. يقال في الذات ما يقال في الصفات، يقال في الصفات ما يقال في الذات إيجاباً وسلباً الله ذات له كل صفات الكمال ومنزه عن كل صفات النقص، ذلك قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:11) فهو سميع وبصير صدق الله، لكن سمعه ليس كسمعنا، بصره ليس كبصرنا، لا بد لهؤلاء المجادلين بالباطل والمتسترين بكلام ظاهره حق وباطنه باطل، لا بد لهؤلاء أن ينكروا كل صفات الله عز وجل، لماذا؟ لأن وصف الله بهذه الصفات في الغالب فيها اشتراك لفظي ليس حقيقي معنوي، الله عز وجل قال عن آدم {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (الإنسان:2) وَوَصْفُه نفسَه بأنه سميع بصير، إذاً انتهى الوقت؟
إذاً ننهي هذا الكلام فنقول: إذا كان الله عز وجل قال: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:11) ووصف آدم عليه السلام بأنه جعله سميعاً بصيراً، فعلى طريقة هؤلاء الأحباش وأمثالهم من المعطلة لا بد من أحد شيئين: إما أن نقول إن الله ليس كما قال: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:11)؛ لأنه قال في آدم: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (الإنسان:2) أو أن نقول لا هو كما وصف به نفسه لكن قوله في آدم {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (الإنسان:2) ليس كذلك فلا بد من تعطيل أحد الوصفين إما ما كان منهما متعلقاً بالله عز وجل وهذا كفر، وإما ما كان متعلقاً بوصف الله لآدم عليه السلام بأنه جعله سميعاً بصيراً إنكار أيضاً هذا فهو كفر فهم دائرون ما بين كفر وكفر وذلك عاقبة من لا يتبع السلف الصالح، ولذلك قيل:
وكل خير في اتباع من سلف
…
وكل شر في ابتداع من خلف