الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[799] باب معنى التفويض في الأسماء والصفات
[قال الإمام]:
والتفويض بزعمهم إمرار النصوص بدون فهم، مع الإيمان بألفاظها.
"الصحيحة"(2/ 385)
[800] باب بيان خطر التفويض وأنه ليس مذهب السلف
[قال الإمام في مقدمة " مختصر العلو" بعد أن بيِّن وهاء مقولة المخالفين:"مذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أعلم وأحكم"]:
والظن الذي أُتي منه المخالفون هو مما يُكرِّر ذكرّه بعض المؤيدين لمذهب الخلف على مذهب السلف ويتوهم صحته بعض الكتاب الإسلاميين الذين لا علم عندهم بأقوال السلف ويسمونه بـ " التفويض "، وهو مما يكثر الكوثري عزوه إليهم زوراً فيقول في تعليقه على " السيف الصقيل " (ص 13):" الذي كان عليه السلف إجراء ما ورد في الكتاب والسنة المشهورة (!) في صفات الله سبحانه على اللسان مع التنزيه بدون خوض في المعنى ومن غير تعيين المراد ".
وأعاد هذا المعنى في مواضع أخرى منه (ص 131 و145) وجرى على منواله قرينُه المتعاون معه على تحريف نصوص كتاب " الأسماء والصفات " للبيهقي ذاك في التعليق عليه وهذا في التقديم له في كتابه الذي سماه " فرقان القرآن بين صفات الخالق وصفات الأكوان " أعني الشيخ سلامة القضاعي العزامي فقد ذكر نحوه في مواطن منه غير أنه قال: " أكثر السلف على الكف عن بيان المعنى المراد اللائق بالحق تعالى " كذا قال (ص 94).ونحوه (ص 81 و5)
فقد نسب إلى أكثر السلف تنزههم عن بيان المعنى اللائق بالحق تعالى. فهل كان ذلك جهلا منهم بالله أم كتما للعلم؟ فبأيهما أجاب فهو كما قيل: أحلاهما مر. وصدق الله العظيم: {ذلك مبلغهم من العلم} .
وجملة القول في التأويل الذي تمسك به الخلف أنه كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في منتصف قصيدته الرائعة " الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية "المعروفة بالنونية:
هذا وأصل بلية الإسلام
…
من تأويل ذي التحريف والبطلان
ثم أفاض في سرد أضراره نظماً بما لا تجده عند غيره نثراً فراجعه فإنه هام جداًّ. وانظرها مع شرحها للشيخ أحمد بن عيسى المسمى بـ " توضيح المقاصد وتصحيح القواعد بشرح قصيدة ابن القيم "(1)، ثم إن عجبي لا يكاد ينتهي من الكوثري وأمثاله الذين ينسبون السلف الصالح في آيات الصفات إلى التفويض وعدم البحث عن المراد منها كما سبق النقل الصريح بذلك عنه؛ فإنه إن لم يجد في قلبه من التعظيم للسلف وعلمهم ما يزعه عن التلفظ بها بما يمس مقامهم في المعرفة بالله تعالى وصفاته؛ أفلم يقف على ما نقله العلماء عنهم من العبارات المختلفة لفظاً والمتحدة معنى وكلها تلتقي حول شيء واحد وهو إثبات الصفات، مع الرد على المعطلة النافين لها والممثلة المشبهين لها بصفات الخلق؟! وإليك بعض النصوص في ذلك مما ستراه في الكتاب [أي: مختصر العلو] في تراجمهم إن شاء الله تعالى.
1 -
قال الوليد بن مسلم: سألت الأوزاعي ومالك بن أنس وسفيان الثوري
(1) في مجلدين كبيرين وهي من مطبوعات (المكتب الإسلامي). [منه].
والليث بن سعد: عن الأحاديث التي في الصفات؟ فكلهم قالوا لي:
"أمرُّوها كما جاءت بلا تفسير".وفي رواية: "بلا كيف".
2 -
قال ربيعة الرأي ومالك وغيرهما: " الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتوى الحموية "(ص 109 مطبعة السنة المحمدية):
" فقول ربيعة ومالك: الاستواء غير مجهول
…
"موافق لقول الباقين" أمروها كما جاءت بلا كيف " فإنما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم آمنوا باللفظ المجرد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول" ولما قالوا:"أمروها كما جاءت بلا كيف"؛ فإن الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهولاً بمنزلة حروف المعجم".
وأيضا فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبت الصفات.
وأيضا فإن من ينفي الصفات الجزئية - أو الصفات مطلقاً - لا يحتاج إلى أن يقول "بلا كيف" فمن قال: "إن الله ليس على العرش" لا يحتاج أن يقول:
"بلا كيف" فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر فلما قالوا:
"وبلا كيف".
وأيضا فقولهم " أمروها كما جاءت " يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظًا دالة على معاني، فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: " أمروا لفظها مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو أمروا لفظها مع اعتقاد