الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1013] باب الرد على من ضعَّف حديث الجارية
[قال الإمام معلقًا على حديث الجارية:]
وهذا الحديث صحيح بلا ريب، لا يشك في ذلك إلا جاهل أو مغرض من ذوي الأهواء الذين كلما جاءهم نص عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخالف ما هم عليه من الضلال، حاولوا الخلاص منه بتأويله بل تعطيله، فإن لم يمكنهم ذلك؛ حاولوا الطعن في ثبوته، كهذا الحديث، فإنه مع صحة إسناده وتصحيح أئمة الحديث إياه دون خلاف بينهم أعلمه، منهم الإمام مسلم حيث أخرجه في " صحيحه " وكذا أبو عوانة في "مستخرجه عليه "، والبيهقي في " الأسماء " حيث قال عقبة (ص422):" وهذا صحيح،، قد أخرجه مسلم".
ومع ذلك نرى الكوثري الهالك في تعصبه يحاول التشكيك في صحته بادعاء الاضطراب فيه، فقد علق على هذا الحديث فيما سوده على كتاب " الأسماء " بقوله (ص 441 - 442):
" انفرد عطاء بن يسار برواية حديث القوم (كذا قال عليه ما يستحق) عن معاوية بن الحكم، وقد وقع في لفظ له كما في " كتاب العلو" للذهبي (!) ما يدل على أن حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع الجارية لم يكن إلا بالإشارة، وسبك الراوي ما فهم من الإشارة في لفظ اختاره (!) فلفظ عطاء الذي يدل على ما قلنا هو: (حدثني صاحب الجارية نفسه، الحديث) وفيه: فمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده إليها مستفهماً: من في السماء؟ قالت: الله، قال: فمن أنا، فقالت: رسول الله، قال: أعتقها فإنها مسلمة. وهذا من الدليل على أن "أين الله" لم يكن لفظ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (!) وقد فعلت الرواية بالمعنى في الحديث ما تراه من الاضطراب".
كذا قال، عامله الله بعدله، وأنت إذا تذكرت ما بيَّناه لك من صحة الحديث، وإذا علمت أن حديث عطاء عن صاحب الجارية نفسه لا يصح من قِبل إسناده لأنه من رواية سعيد ابن زيد، فهو وإن كان في نفسه صدوقاً، فليس قوي الحفظ، ولذلك ضعَّفه جمع، بل كان يحيى ابن سعيد يضعفه جداً، وقد أشار الحافظ في " التقريب " إلى هذا فقال:" صدوق له أوهام ".
زد على هذا أن ما جاء في روايته من ذكر اليد والاستفهام، هو مما تفرد به دون كل من روى هذا الحديث من الرواة الحفاظ ومن دونهم، فتفرده بذلك يعدُّه أهل العلم بالحديث منكراً بلا ريب.
فتأمل عصمني الله وإياك من الهوى، كيف اعتمد هذا الرجل " الكوثري" على هذه الرواية المنكرة، وليس هذا فقط، بل ضرب بها الرواية الثابتة المتفق على صحتها بين المحدثين، واعتبر الرواية المنكرة دليلاً على ضعف واضطراب الرواية الصحيحة، فماذا يقول المؤمن عن هذا الرجل الذي يستغل علمه واطلاعه - عامله الله بما يستحق - لتشكيك المسلمين في أحاديث نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم إنه لم يكتف بهذا التضليل بل أخذ ينسب إلى الراوي (وهو ثقة أياً كان هذا الراوي؛ لأن كل رواة هذا الحديث ثقات) أخذ ينسب إليه الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يعلم؛ لأن معنى كلامه السابق أن الراوي اختار أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال للجارية: {أين الله} والواقع عند الكوثري أنه لم يقل ذلك، وإنما الراوي وضعه من عنده مكان رواية سعيد بن زيد «فمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يده إليها مستفهماً: من في السماء؟».
فأنا من واجبي أن أحذر المسلمين من هذا الكوثري وأمثاله الذين يتهمون