الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأبرياء بما ليس فيهم مُذكِّراً لهم بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (الحجرات:6).
"مختصر العلو"(ص82 - 83)
[1014] باب منه
[قال الإمام]:
من الأحاديث التي يُضعِّفها هذا الرجل "أي: حسن السقاف" ويضعِّفها بعض أذنابه في العصر الحاضر وبعضهم له بعض الرسائل والكتابات حديث الجارية، حديث الجارية حديث صرح بصحته نحو عشرة من أئمة الحديث، وتداولته كتب السنة كموطأ الإمام مالك وهو أقدم الأئمة المعروفين اليوم في رواية الحديث، رواه الإمام مالك في الموطأ، رواه الإمام أحمد في المسند، رواه الإمام مسلم وأبو عوانة وابن حبان وابن خزيمة، كلهم في صحاحهم مع ذلك الشيخ زاهد الكوثري يضعفه؛ لأنه يحمل العقيدة الصحيحة حيث في هذا الحديث والحديث طويل وأيضاً لا أريد أن آخذ من وقتكم الشيء الكثير، في آخره: أن راوي الحديث وهو معاوية بن الحكم السلمي قال: يا رسول الله! إني لي جارية ترعى غنماً لي في أحد، فسطا الذئب يوماً على غنمي، وأنا بشر أغضب كما يغضب البشر، فصككتها صكة، أي: سيد ضرب الجارية بكف على خدها، وندم.
قال: يا رسول الله! وعلي عتق رقبة كأنه يستشير الرسول عليه السلام، هل يصح له أن يفي بنذره حيث عليه عتق رقبة مؤمنة، قال: ائت بها، فسألها عليه السلام، قال لها: أين الله؟ قالت: في السماء. قال لها: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. فالتفت إلى سيدها وقال: اعتقها؛ فإنها مؤمنة.
شهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لهذه الجارية على إيمانها حينما أحسنت الجواب على سؤالَي رسولها، السؤال الأول: أين الله؟ قالت: في السماء. السؤال الثاني: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: اعتقها؛ فإنها مؤمنة.
الآن الذي لم يجرب يجرب، اعملوها تجربة، شوفوا شيخ كبير صغير دكتور من الدكاترة الشريعة وغير الشريعة، اسألوهم سؤال رسول الله للجارية: أين الله؟ حينئذ تعلمون أنكم تعيشون في مجتمع جاهلي، مجتمع إسلامي لكن جاهلي عقيدة وفكراً، إلى اليوم تسمعون الله موجود في كل الوجود، الله موجود في كل مكان، أما الجارية، جارية وحينما يقال جارية وراعية غنم لا يعني أنها مثقفة، لكنها مثقفة من مدرسة غير مدارسنا اليوم، هي فتاة عاشت في مدرسة شملت المجتمع الإسلامي كله حتى شملت الراعي مع الغنم، فهي تعلم العقيدة الصحيحة التي لا يعلمها اليوم كبار شيوخ الأزهر فضلاً عن جامعات أخرى، إذا سُئلت أين الله، أجابت في السماء؛ لأنها أولاً تقرأ كل ليلة، لا تنام إلا بعد أن تقرأ سورة تبارك وفيها:{أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ، أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (الملك:16، 17).
هي تقرأ ولكنها تفهم، ثم هي تفهم لكن تفهم الفهم السلفي؛ لأنها تعيش في الجيل الأول:«خير الناس قرني» قبل أن يدخل علم الكلام في عقيدة المسلمين، فتؤل لهم النصوص على طريقة القاديانية الذين أولوا:{وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (الأحزاب:40)، أي: زينة النبيين.
كذلك: {أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ} تأول المتأولة من الماتريدية والأشاعرة، {أَأَمِنتُمْ مَنْ في السَّمَاءِ} أي: الملائكة، أي: عذابه.
لماذا هذا التأويل؛ لأنهم لا يؤمنون بعلو الله عز وجل على عرشه،
ولم لا تكون هذه الجارية على هذه العقيدة الصحيحة وهي تسمع مثل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمان» .. «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» .
قولوا الآن: هنا الملائكة، هو الله عز وجل أرحم الراحمين، هذه الجارية أجابت بهذا الجواب الصحيح؛ لأنها تخرَّجت من مدرسة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي جارية وراعية غنم، فبعد أن أقول عن الصحابة وعن كبارهم هذا الحديث الصحيح أنكره زاهد الكوثري، فقلنا لأبو غدة تلميذه: لماذا تنكر علي هذا الأسلوب (1)، صحيح رواه البخاري ومسلم، ولا تنكر على شيخك إنكاره للأحاديث الصحيحة وبخاصة هذا الحديث الذي يتبنى عقيدة السلف قاطبة، لا فرق بين مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل، كلهم على هذه العقيدة الصحيحة أن الله عز وجل على العرش استوى، لكن هذا الحديث لأنه صريح سين وجيم، الرسول يسأل أين الله؟ هي تجيب: في السماء، هم يقولون: لا يجوز أن تسأل أين الله؛ لأنهم يفهمون من السؤال أن لله مكاناً، وأرجو من إخواننا الحاضرين أن يتنبهوا أننا حينما نعتقد نحن معشر السلف وأتباع السلف، وتبعاً للسلف الذين كانوا يعتقدون بأن الله على العرش استوى استواء يليق بجلاله وعظمته، كما جاء عن الإمام مالك أنه سأله سائل: يا مالك! الرحمن على العرش استوى؟ كيف استوى؟
قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة أخرجوا الرجل فإنه مبتدع.
(1) أي في تعليقه على " شرح الطحاوية".