الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[816] باب هل التأويل من مذهب السلف
؟
سؤال: هناك من يزعم أن التأويل أو التفويض كان من منهج السلف الصالح في العقيدة، هل هذا الأمر صحيح وهل ثبت عن أحد من السلف التأويل أو التفويض، وما حكم من يؤول أو يفوض؟
الشيخ: أولاً: يبدو لي أن هنا كثيراً من الشباب فعلاً متأثر بكتب هذا السقاف الذي سماه بعضهم بحق بالسخاف؛ لأن هذه الشبهات التي تثار في هذا الزمان هو أصلها هذا السقاف الذي يعيش في هذا البلد.
أولاً: علماء السلف القاعدة عندهم هو عدم التأويل وعدم التفويض وإنما تفسير الآيات والأحاديث تفسيراً يدل عليه علمهم باللغة العربية وآدابها، فهم يُفسِّرون مثلاً النزول بالنزول ولا يؤولونه، ويفسرون الاستواء بالاستواء والاستعلاء ولا يؤولونه وإنما يؤول الخلف الذين خالفوا السلف، وهذا طبعاً يحتاج إلى بيان وتفصيل ولي أشرطة كثيرة في هذا المجال خضنا فيها إلى حد كبير في ضرب الأمثلة.
لكني أقول الآن: قد يوجد لبعض السلف تفسير لبعض النصوص من القرآن أو السنة يتوهم هؤلاء المؤولة الذين خالفوا السلف بأنه تأويل، وهو ليس من التأويل بسبيل، فأريد أن أذكر شيئاً هنا حول كلمة التأويل: التأويل له معنيان: أحدهما لغوي، والآخر: عرفي.
أما التأويل بالمعنى اللغوي فهو بمعنى التفسير تماماً والبيان، {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (آل عمران:7) أي: ما يعلم ما يؤَوُل إليه وما يعود إليه، هذا معنى لغوي.
أما التأويل الآخر الذي هو عرفي: أي: اصطلاحي فهو بمعنى إخراج دلالة النص عن الظاهر إلى معنى غير متبادر، هذا التأويل هو يقصد في كلام العلماء الكلام.
على هذا نقول: إذا فسر بعض السلف آية في القرآن الكريم بخلاف ما يفهمه بعض المتأولة، يقولون: هه! أَوَّل، والحقيقة: أن هذا الذي يسمونه تأويلاً أي: إخراج للنص عن معناه الظاهر هو ليس تأويلاً إنما هو تفسير، يعني: مثلاً ما ذُكر في تفسير ابن كثير وغيره عن ابن عباس في تأويل آية: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:4) قال ابن عباس: وهو معكم بعلمه، هذا ليس تأويلاً! هذا تفسير لأنه نظر إلى سياق الآية من أولها إلى آخرها فانتبه إلى أن الله عز وجل يتحدث عن المعية العلمية وليس عن المعية الذاتية التي يظهر من هذه الجملة أن المقصود وهو، أي: بذاته، ليس هذا الذي يتبادر من دراسة الآية من أولها إلى آخرها وإنما المتبادر أنه ربنا عز وجل عني المعية العلمية، فهذا ورد عن ابن عباس، فهم يتشبثون بهذا ويسمونه تأويلاً وهو ليس من التأويل في شيء.
ومثله نصوص كثيرة وكثيرة جداً، مثلاً:{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (طه:46) أيضاً: هذه ليست معية ذاتية وإنما هي معية صفتية .. {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (طه:46) معكما فسرت بما بعدها: أسمع وأرى! هذا ليس تأويلاً بمعنى إخراج اللفظ عن ظاهره، وهكذا الأمثلة كثيرة وكثيرة جداً.
الخلاصة: هؤلاء الذي يزعمون بأن السلف أوَّلُوا: إن كانوا يعنون أنهم جعلوا مذهبهم التأويل كما هو مذهب الخلف فهم يُكَذِّبون أنفسَهم بأنفسِهم؛ لأن الخلف يقولون: مذهب السلف أسلم، ما هو مذهب السلف؟ هو أنهم لا يؤولون، ومذهب الخلف زعموا أنه أعلم وأحكم، لماذا؟ لأنهم يؤولون، فنفس علماء