الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[789] باب هل آيات الصفات
وأحاديثها من المتشابهات أم من المحكمات
؟
سؤال: هنا يسأل سائل: هل آيات الصفات والأحاديث من المتشابهات أم من المحكمات كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية
…
الشيخ: هي من جهةٍ من المتشابهات، وذلك فيما يتعلق بالكيفيات، وليست من المتشابهات من حيث أن لها معنًى ظاهرًا كما قلنا آنفًا في قول السلف: أمِرُّوها كما جاءت يعني بالمفهوم العربي والمثال عن مالك سابقًا ذكرناه أيضًا، فهي بهذا الاعتبار أي: بمعنى أن هذه الآيات لها معاني معروفة في اللغة العربية فهي غير متشابهة ..
أما باعتبار الكيفية فهي متشابهة؛ لأنه لا يمكن أن نعرف كيفية ذات الله فبالتالي لا يمكن أن نعرف كيفية صفات الله عز وجل، ولذلك قال بعض أئمة الحديث وهو أبو بكر الخطيب صاحب التاريخ المعروف بتاريخ بغداد: يقال في الصفات ما يقال في الذات سلبًا وإيجابًا، يقال في الصفات ما يقال في الذات، فكما أننا نثبت الذات ولا ننفيها فإن هذا النفي هو الجحد المطلق، كذلك نقول في الصفات: نثبتها ولا ننفيها ولكننا كما لا نكيف الذات لا نكيف الصفات، هذا جواب هذا السؤال.
"فتاوى الإمارات"(2/ 00:58:06)"فتاوى الإمارات"(3/ 00:00:38)
[790] باب منه
السؤال: باب توحيد الأسماء والصفات من الأبواب الدقيقة التي غاصت فيها أفهام عقول كثير من الناس قديماً وحديثاً، فترى كثيراً من الناس يتكلم فيه بغير
علم، وقليلاً منهم من يتكلم فيه بعلم، ومن هؤلاء الذين يتكلمون فيه بغير علم من يقولون بأن آيات الأسماء والصفات من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فما هو قولكم في هذا؟ نرجو التوضيح جزاكم الله خيراً.
الشيخ:
…
هذه المسألة قد صُنِّفت فيها مصنفاتٌ كثيرة منا نحن أهل السنة والجماعة ومن المخالفين لأهل السنة والجماعة، فليس من الممكن الإجابة عن مثل هذا السؤال في دقائق معدودات، ولكني أقول: إن التأويل المنفي بنص القرآن الكريم: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (آل عمران:7) ليس المقصود به مطلقاً والبتة: لا يعلم معناه إلا الله. وهنا يظهر خطأ الذين ينتحون ناحية التفويض في آيات الصفات وأحاديث الصفات، فيقولون: نَكِلُ معانيها إلى الله عز وجل ولا نخوض فيها، ليس لهم حجة في مثل هذه الآية ولا حجة لهم سواها، وإذا كانت حجتهم هي هذه فكما تسمعون، ربنا يقول: لا يعلم تأويلها ولم يقل: لا يعلم معانيها إلا الله، وتأويل الشيء هو معرفة عاقبة أمره وحقيقة أمره.
مداخلة: ما يؤول إليه.
الشيخ: ما يؤول إليه وينتهي إليه، نعم. فنحن حينما نقرأ بعض آيات الصفات أو أحاديث الصفات لا شك ولا ريب نفهم معانيها، كمثل قوله تبارك وتعالى في الآية المذكورة في أماكن عديدة:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5) كما نفهم حديثه عليه السلام المتواتر عنه: «ينزل الله كل ليلة إلى سماء الدنيا» فنفهم معنى الاستواء ونفهم معنى النزول، ولكن حقيقة ذاك الاستواء وذاك النزول لا يعلمه إلا الله، هذا هو المقصود بهذه الآية، وليس المقصود ما يزعم أهل التفويض أننا لا نعرف معاني هذه الآيات. كيف يكون ذلك معقولاً فضلاً عن أن يكون مشروعاً؟
فربنا عز وجل كما قال في القرآن الكريم: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (الأعراف:180) فأسماؤه الحسنى قسم كبير جداً مذكور في القرآن الكريم، وقسم آخر مذكور في أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذه الأسماء بلا شك في الوقت الذي هي أسماء لله هي صفات له.
فإذا قلنا: أن هذه الأسماء كالصفات لا يمكن أن نفهم منها شيئاً، لأن الله يقول:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (آل عمران:7) معناها: عطلنا أسماء الله وعطلنا صفاته تبارك وتعالى، وحينما ندعوه بأسمائه الحسنى ندعوه بأشياء لا نعرف معانيها.
{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ} (البقرة:255) ما معنى الحي؟ ما ندري. القيوم؟ ما ندري، عدد الأسماء التسعة والتسعين وزيادة، فمعنى ما سبق طرحه كسؤال أنهم لا يفقهون شيئاً من معاني هذه الأسماء الكريمة، فهل يقول مسلم بأن الله عز وجل تعرف إلى عباده بأسماء وصفات لا معاني لها مفهومة عندنا؟ حاشا لله تبارك وتعالى، هذا هو التعطيل بعينه الذي صرح عنه الإمام بحق ابن القيم الجوزية رحمه الله حينما قال:"المجسِّم يعبد صنماً والمعطِّل يعبد عدماً"، المعطل يعبد عدماً فعلاً؛ {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (البقرة:255) أيش هذه الأسماء معانيها؟
ما ندري، إما أن ندري وإما ألا ندري، إن كنا ندري فما معنى: لا يعلم تأويله؟ أي: لا يعلم حقائقها، لأننا نعتقد في ذات الله ما نعتقده في صفات الله إثباتاً ونفياً، فحينما نثبت وجود الله نثبت له وجوداً حقيقياً واجب الوجود كما يقول علماء الكلام، وحينما نثبت له تلك الصفات أيضاً نثبتها له ونحن نفرق في المعنى بين صفة وأخرى.
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:11) فنفهم أن السميع غير
البصير والبصير غير القدير وو إلى آخر ما هنالك من صفات.
إذاً هذه الصفات كُلُّها مفهومة والحمد لله، ولكن حقائقها مجهولة لدينا، كالذات. هل نعرف ذات الله: حقيقتها؟ حاشا لله، لكننا نعلم يقيناً أن ذات الله هي التي أوجدت هذه الكائنات وهي متصفة بكل صفات الكمال ومنزهة عن كل صفات النقص.
من أجل ذلك صح عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه حينما جاءه ذاك السائل فقال له: يا مالك! الرحمن على العرش استوى، ما استوى؟ أيش معنى؟ قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه - أي عن الكيف - بدعة، أخرجوا الرجل فإنه مبتدع.
فإذاً الاستواء معلوم، أي: هو الاستعلاء كما ثبت ذلك عن السلف، لكن كيف الاستواء؟ مجهول كما نجهل حقائق الذات والصفات كلها كما ذكرنا، فجهلنا بحقيقة الذات وبحقيقة الصفة لا يحملنا على أن ندعي أننا لا نفهم شيئاً، وعلى قولة إخواننا في حلب:"طاول"، ما نفهم شيئاً لهذه الأسماء إطلاقاً هذا هو الجهل بعينه والمكابرة، لأن الله عز وجل حينما يقول لنا:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:11) ماذا يعني؟ ألا يعني أن نعتقد ما يصف به نفسه؟ لا شك
في ذلك.
وهل يمكن أن نعتقد في الله ما وصف به نفسه بالجهل أم بالعلم؟ لا شك أن الجواب بالعلم وليس بالجهل.
تمام الآية: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى:11) فربنا وصف نفسه بأنه سميع وبصير. هل نستطيع أن نفهم الله بأن نقول: لا ندري ما معنى سميع وما معنى
بصير؟ ذلك هو الجهل، ذلك هو التعطيل الذي سمعتموه آنفاً من ابن القيم: المجسِّم يعبد صنماً والمعطِّل يعبد عدماً.
لقد وصل الأمر بهؤلاء المعطلة إلى أن يقولوا فعلاً: لا وجود لله، هذا الله الذي تعبدون له لا وجود له، لماذا؟ لأن كل موجود لا بد إما أن يكون داخل العالم أو أن يكون خارج العالم، وهم قد وصفوا ربهم بهذه الصفات السلبية الآتية؛ قالوا. وأنا سمعتها من أحد مشائخهم على المنبر يوم الجمعة يُضَلِّل الناس بالرد على السلفيين الذين يقولون:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه:5) استعلى كما قال الإمام مالك وكما قال كل السلف.
فهم يقولون: الله، هكذا يقولون وبئس ما يقولون، الله لا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا يسار، ولا أمام ولا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه. زاد بعض الفلاسفة ما سمعته من شيخي، أنا بريء من قوله، ما سمعت هذا الوصف الأخير قالوا: لا متصلاً به ولا منفصلاً عنه
…
أنا قلت مرة لبعضهم: لو قيل لأفصح العرب بياناً: صف لنا المعدوم الذي لا وجود له لما استطاع أن يصف هذا المعدوم بأكثر مما وصف أولئك معبودهم، حين قالوا: الله لا فوق ولا تحت، لا يمين ولا يسار، لا أمام ولا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه.
قالت الفلاسفة: لا متصلاً به ولا مفصولاً عنه. هذا هو العدم، إذاً لا تستغربوا قول ابن القيم: المعطل يعبد عدماً، لأنه هذا قولهم، وهذا يُذكِّرني بموقف ابن تيمية بالنسبة لمشايخ علماء الكلام لما أقاموا الدعوى عليه أمام أمير دمشق يومئذ، فجمعهم مع ابن تيمية وتناقشوا بينهم، كان الملك عاقلاً لم يكن عالماً لكنه كان عاقلاً كان ذكياً، فسمع مثل هذه العبارات قد تكون هي عينها، لأن الخلف ورثوا عن خلفهم هذه الكلمات وقد يكون معانيها. المهم ابن تيمية رحمه الله شرح هناك