المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب خيار العيب - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌ باب خيار العيب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ‌

‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

هُوَ لُغَةً مَا يَخْلُو عَنْهُ أَصْلُ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ.

ــ

[رد المحتار]

[بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ تَقَدَّمَ وَجْهُ تَرْتِيبِ الْخِيَارَاتِ، وَالْإِضَافَةُ فِيهِ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ، وَالْعَيْبُ وَالْعَيْبَةُ وَالْعَابُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُقَالُ عَابَ الْمَتَاعُ: أَيْ صَارَ ذَا عَيْبٍ وَعَابَهُ زَيْدٌ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى فَهُوَ مَعِيبٌ وَمَعْيُوبٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصْلِ ` اهـ فَتْحٌ. ثُمَّ إنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ يَثْبُتُ بِلَا شَرْطٍ، وَلَا يَتَوَقَّتُ، وَلَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي، وَيُورَثُ، وَيَثْبُتُ فِي الشِّرَاءِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَفِي الْإِجَارَةِ وَلَوْ حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَفِي الْقِسْمَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ الْمَالِ وَبَسْطُ ذَلِكَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ مَا يَخْلُو عَنْهُ أَصْلُ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ) زَادَ فِي الْفَتْحِ مِمَّا يُعَدُّ بِهِ نَاقِصًا. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْقُصُهُ لَا يُعَدُّ عَيْبًا. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَالْفِطْرَةُ الْخِلْقَةُ الَّتِي هِيَ أَسَاسُ الْأَصْلِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ وَأَشَارَ إلَيْهَا فَوَجَدَهَا الْمُشْتَرِي رَدِيئَةً لَمْ يَكُنْ عَلِمَهَا لَيْسَ لَهُ خِيَارُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ تُخْلَقُ جَيِّدَةً

ص: 3

وَشَرْعًا مَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ

ــ

[رد المحتار]

وَرَدِيئَةً وَوَسَطًا، وَالْعَيْبُ مَا يَخْلُو عَنْهُ أَصْلُ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ عَنْ الْآفَاتِ الْعَارِضَةِ لَهَا، فَالْحِنْطَةُ الْمُصَابَةُ بِهَوَاءٍ مَنَعَهَا تَمَامَ بُلُوغِهَا الْإِدْرَاكَ حَتَّى صَارَتْ رَقِيقَةَ الْحَبِّ مَعِيبَةً كَالْعَفَنِ وَالْبَلَلِ وَالسُّوسِ. اهـ

قُلْت: وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَا يُرَدُّ الْبُرُّ بِرَدَاءَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَيْبٍ وَيُرَدُّ الْمُسَوِّسُ وَالْعَفِنُ، وَكَذَا لَا يُرَدُّ إنَاءُ فِضَّةٍ بِرَدَاءَتِهِ بِلَا غِشٍّ، وَكَذَا الْأَمَةُ لَا تُرَدُّ بِقُبْحِ الْوَجْهِ وَسَوَادِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُحْتَرِقَةَ الْوَجْهِ لَا يَسْتَبِينُ لَهَا قُبْحٌ وَلَا جَمَالٌ فَلَهُ رَدُّهَا. اهـ وَفِيهِ وَاقِعَةٌ، شَرَى فَرَسًا فَوَجَدَهُ كَبِيرَ السِّنِّ، قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا إذَا شَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ صَغِيرُ السِّنِّ، لِمَا مَرَّ مِنْ مَسْأَلَةِ حِمَارٍ وَجَدَهُ بَطِيءَ السَّيْرِ. اهـ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا مَا أَفَادَهُ إلَخْ) أَيْ الْمُرَادُ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ بِالْعَيْبِ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ مَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ أَيْ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، قَالَ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِتَضَرُّرِ الْمُشْتَرِي وَمَا يُوجِبُ نُقْصَانَ الثَّمَنِ يُتَضَرَّرُ بِهِ. اهـ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ: وَمَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ فِي عَادَةِ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ؛ لِأَنَّ التَّضَرُّرَ بِنُقْصَانِ الْمَالِيَّةِ وَذَلِكَ بِانْتِقَاصِ الْقِيمَةِ. اهـ وَمُفَادُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ بِحَيْثُ لَا يُؤَدِّي نُقْصَانُهَا بِالْعَيْبِ إلَى نُقْصَانِ الثَّمَنِ بِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّمَنَ لَمَّا كَانَ فِي الْغَالِبِ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ عَبَّرُوا بِهِ تَأَمَّلْ. وَالضَّابِطُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ الْمُنْقِصُ لِلْقِيمَةِ أَوْ مَا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ فِي أَمْثَالِ الْمَبِيعِ عَدَمَهُ، فَأَخْرَجُوا بِفَوَاتِ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ مَا لَوْ بَانَ فَوَاتُ قِطْعَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قُطِعَ مِنْ أُذُنِ الشَّاةِ مَا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ فَلَهُ رَدُّهَا، وَبِالْغَالِبِ مَا لَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ ثَيِّبًا مَعَ أَنَّ الثِّيَابَةَ تَنْقُصُ الْقِيمَةَ لَكِنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ عَدَمَ الثِّيَابَةَ. اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ لِلْمُتَأَمِّلِ. اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: وَجَدَ الشَّاةَ مَقْطُوعَةَ الْأُذُنِ إنْ اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ لَهُ الرَّدُّ، وَكَذَا كُلُّ مَا يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ وَإِنْ لِغَيْرِهَا فَلَا مَا لَمْ يَعُدَّهُ النَّاسُ عَيْبًا، وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ لَوْ فِي زَمَانِهَا وَكَانَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يُضَحِّيَ. اهـ. وَكَذَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: اشْتَرَى شَجَرَةً لِيَتَّخِذَ مِنْهَا الْبَابَ فَوَجَدَهَا بَعْدَ الْقَطْعِ لَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ رَجَعَ بِالنَّقْصِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ الشَّجَرَةَ كَمَا هِيَ اهـ فَقَدْ اُعْتُبِرَ عَدَمُ غَرَضِ الْمُشْتَرِي عَيْبًا مُوجِبًا لِلرَّدِّ وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنَّقْصِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ.

وَفِيهَا أَيْضًا: اشْتَرَى ثَوْبًا أَوْ خُفًّا أَوْ قَلَنْسُوَةً فَوَجَدَهُ صَغِيرًا لَهُ الرَّدُّ. اهـ أَيْ لَا يَصْلُحُ لِغَرَضِهِ: وَفِيهَا: لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بَطِيئَةَ السَّيْرِ لَا يَرُدُّ إلَّا إذَا شَرَطَ أَنَّهَا عَجُولٌ. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ بُطْءَ السَّيْرِ لَيْسَ الْغَالِبُ عَدَمَهُ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْبُطْءِ وَالْعَجَلَةِ يَكُونُ فِي أَصْلِ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ. وَفِيهَا: اشْتَرَى دَابَّةً فَوَجَدَهَا كَبِيرَةَ السِّنِّ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا إذَا شَرَطَ صِغَرَهَا وَسَيَأْتِي أَنَّ الثُّيُوبَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ إلَّا إذَا شَرَطَ عَدَمَهَا أَيْ فَلَهُ الرَّدُّ لِفَقْدِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ، وَبِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفُرُوعِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي ضَابِطِ الْعَيْبِ مَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ عِنْدَ التُّجَّارِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ وَغَيْرُ مَانِعٍ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الشَّجَرَةِ وَالثَّوْبِ وَالْخُفِّ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَشَاةِ الْأُضْحِيَّةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِهَذَا الْمُشْتَرِي يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَنْقُصُ الثَّمَنُ مُطْلَقًا. وَأَمَّا الثَّانِي؛ فَلِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَسْأَلَةُ الدَّابَّةِ وَالْأَمَةِ الثَّيِّبِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْقُصُ الثَّمَنَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ

ص: 4

(مَنْ وَجَدَ بِمَشْرِيِّهِ مَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ) وَلَوْ يَسِيرًا جَوْهَرَةٌ (عِنْدَ التُّجَّارِ)

الْمُرَادُ أَرْبَابُ الْمَعْرِفَةِ بِكُلِّ تِجَارَةٍ وَصَنْعَةٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّهُ)

ــ

[رد المحتار]

عَيْبٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الضَّابِطِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا حَصْرَ الْعَيْبِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ، وَمَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى عَيْبًا، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ، لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا: رَجُلٌ بَاعَ سُكْنَى لَهُ فِي حَانُوتٍ لِغَيْرِهِ فَأَخْبَرَ الْمُشْتَرِي أَنَّ أُجْرَةَ الْحَانُوتِ كَذَا فَظَهَرَ أَنَّهَا أَكْثَرُ قَالُوا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِهَذَا السَّبَبِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ. اهـ

قُلْت: الْمُرَادُ بِالسُّكْنَى مَا يَبْنِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْحَانُوتِ وَيُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْكَدَكِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبُيُوعِ، لَكِنَّهُ الْيَوْمَ تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ بِكَثْرَةِ أُجْرَةِ الْحَانُوتِ وَقِلَّتِهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَيْبًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَنْ وَجَدَ بِمَشْرِيِّهِ إلَخْ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ بِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَحْرٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَهُ وَزَالَ ثُمَّ عَادَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ كَانَ بِهِ عَرَجٌ فَبَرِئَ بِمُعَالَجَةِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَادَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَرُدُّهُ، وَقِيلَ يَرُدُّهُ إنْ عَادَ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ.

[تَنْبِيهٌ] لَا بُدَّ فِي الْعَيْبِ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ مِنْ إزَالَتِهِ بِلَا مَشَقَّةٍ فَخَرَجَ إحْرَامُ الْجَارِيَةِ، وَنَجَاسَةُ ثَوْبٍ لَا يَنْقُصُ بِالْغَسْلِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ تَحْلِيلِهَا وَغَسْلِهِ، وَأَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ خَاصًّا أَوْ عَامًّا وَلَمْ يَزُلْ قَبْلَ الْفَسْخِ كَبَيَاضٍ انْجَلَى وَحُمَّى زَالَتْ نَهْرٌ، فَالْقُيُودُ خَمْسَةٌ، وَجَعَلَهَا فِي الْبَحْرِ سِتَّةً فَقَالَ: الثَّانِي أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَيْعِ. الثَّالِثُ أَنْ لَا يَعْلَمَ بِهِ عِنْدَ الْقَبْضِ وَهِيَ فِي الْهِدَايَةِ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ مُجَرَّدَ الرُّؤْيَةِ رِضًا وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ: وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ. اهـ وَكَذَا قَوْلُ الْمَجْمَعِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ. اهـ

قُلْت: صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّ قَبْضَ الْمَبِيعِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ رِضًا بِالْعَيْبِ، فَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمَجْمَعِ لَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ،؛ لِأَنَّ ذَاكَ جَعَلَ نَفْسَ الْقَبْضِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ رِضًا وَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ صَادِقٌ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِهِ عَيْبٌ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، فَقَوْلُهُ: وَقَبَضَهُ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَهُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ كَانَ قَبْضُهُ رِضًا، فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ، أَوْ أَرَادَ بِهِ مَا لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ.

[تَتِمَّةٌ]

فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَيْبٌ ثُمَّ عَلِمَ يَنْظُرُ، إنْ كَانَ عَيْبًا بَيِّنًا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ كَالْغُدَّةِ وَنَحْوِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ، وَإِنْ خَفِيَ فَلَهُ الرَّدُّ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ. اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ: إنْ اخْتَلَفَ التُّجَّارُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ عَيْبٌ وَبَعْضُهُمْ لَا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْبًا بَيِّنًا عِنْدَ الْكُلِّ. اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ يَسِيرًا) فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْيَسِيرُ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ، وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يُقَوَّمَ سَلِيمًا بِأَلْفٍ وَمَعَ الْعَيْبِ بِأَقَلَّ، وَقَوَّمَهُ آخَرُ مَعَ الْعَيْبِ بِأَلْفٍ أَيْضًا. وَالْفَاحِشُ مَا لَوْ قُوِّمَ سَلِيمًا بِأَلْفٍ وَكُلٌّ قَوَّمُوهُ مَعَ الْعَيْبِ بِأَقَلَّ. اهـ (قَوْلُهُ بِكُلِّ تِجَارَةٍ) الْأَوْلَى مِنْ كُلِّ تِجَارَةٍ. قَالَ ح: يَعْنِي أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ تِجَارَةٍ أَهْلُهَا وَفِي كُلِّ صَنْعَةٍ أَهْلُهَا (قَوْلُهُ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّهُ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا رَدَّهُ فَوْرًا أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. وَنَقَلَ ابْنُ الشِّحْنَةِ

ص: 5

مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ إمْسَاكُهُ كَحَلَالَيْنِ أَحْرَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا. وَفِي الْمُحِيطِ: وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ شَرَى شَيْئًا بِأَلْفٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثُ آلَافٍ لَمْ يَرُدَّهُ بِعَيْبٍ لِلْإِضْرَارِ بِيَتِيمٍ وَمُوَكِّلٍ وَمَوْلًى، بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ أَشْبَاهٌ. وَفِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ كَوَارِثٍ اشْتَرَى مِنْ التَّرِكَةِ كَفَنًا وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا، وَلَوْ تَبَرَّعَ بِالْكَفَنِ أَجْنَبِيٌّ لَا يَرْجِعُ،

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الْخَانِيَّةِ: لَوْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَقَالَ أَبْطَلْت الْبَيْعَ بَطَلَ لَوْ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَوْ فِي غَيْبَتِهِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا. اهـ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ رَدَّهُ بَعْدَ قَبْضِهِ لَا يَنْفَسِخُ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ أَوْ بِحُكْمٍ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَقَوْلُهُ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ الرِّضَا بِالْفِعْلِ كَتَسَلُّمِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي حِينَ طَلَبِهِ الرَّدَّ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُقَرَّرِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الرِّضَا يَثْبُتُ تَارَةً بِالْقَوْلِ وَتَارَةً بِالْفِعْلِ؛ وَقَدَّمَ فِي بَيْعِ التَّعَاطِي: لَوْ رَدَّهَا بِخِيَارِ عَيْبٍ، وَالْبَائِعُ مُتَيَقِّنٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ فَأَخَذَهَا وَرَضِيَ فَهِيَ بَيْعٌ بِالتَّعَاطِي كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْمَعْنَى يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. اهـ. وَأَمَّا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يَرُدُّ الْمَبِيعَ إلَى مَنْزِلِ الْبَائِعِ وَيَقُولُ دُونَكَ دَابَّتَك لَا أُرِيدُهَا فَلَيْسَ بِرَدٍّ، وَتَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ تَعَهَّدَهَا الْبَائِعُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ بَيْنَهُمَا فَسْخٌ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ إمْسَاكُهُ) قَيْدٌ لِلتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالرَّدِّ، فَإِذَا وُجِدَ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ تَعَيَّنَ الْأَخْذُ، لَكِنْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ، وَفِي بَعْضِهَا لَا يَرْجِعُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا، وَكَذَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ.

وَمِمَّا يَمْنَعُ الرَّدَّ مَا فِي الذَّخِيرَةِ: اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَرَأَى عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَى الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ، إذْ لَوْ رَدَّهُ يَرُدُّهُ الْآخَرُ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ جِهَتِهِ. اهـ، وَلَوْ وَهَبَهُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ثُمَّ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا، قِيلَ: لَا يَرُدُّ، وَقِيلَ: يَرُدُّ، وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ يَرُدُّهُ اتِّفَاقًا خَانِيَّةٌ، ثُمَّ جَزَمَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي، وَجَزَمَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِالْأَوَّلِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ اشْتَرَيَا جَارِيَةً فَوَجَدَا بِهَا عَيْبًا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ رَدُّهَا عِنْدَهُ وَلَهُ رَدُّ حِصَّتِهِ عِنْدَهُمَا.

(قَوْلُهُ كَحَلَالَيْنِ أَحْرَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا) يَعْنِي إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الْحَلَّالَيْنِ مِنْ الْآخَرِ صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا اُمْتُنِعَ رَدُّهُ وَرَجَعَ بِالنُّقْصَانِ. اهـ ح عَنْ الْبَحْرِ، فَالْمُرَادُ بِتَعَيُّنِ إمْسَاكِهِ عَدَمُ رَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ، فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ إرْسَالِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي تَرْكُهَا يَكُونُ مُضِرًّا. اهـ ط (قَوْلُهُ الْإِضْرَارُ إلَخْ) قُلْت: قَدْ يَكُونُ الْعَيْبُ مَرَضًا يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ فَيَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى مَقْدِسِيٌّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا قِيمَتُهُ زَائِدَةٌ عَلَى ثَمَنِهِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الْعَيْبِ فِيهِ، وَمِثْلُهُ لَا يَكُونُ عَيْبُهُ مُفْضِيًا إلَى الْهَلَاكِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ) أَيْ حَيْثُ يَكُونُ لَهُمْ الرَّدُّ لِعَدَمِ تَمَامِ الصَّفْقَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ) عِبَارَةُ النَّهْرِ وَفِي مَهْرِ فَتْحِ الْقَدِيرِ: لَوْ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ خَمْرًا وَقَبَضَهَا وَبِهَا عَيْبٌ ثُمَّ أَسْلَمَ سَقَطَ خِيَارُ الرَّدِّ. اهـ. وَفِي الْمُحِيطِ: وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ إلَخْ ثُمَّ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. اهـ أَيْ مَسْأَلَةِ مَهْرِ الْفَتْحِ وَمَسْأَلَةِ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ كَوَارِثٍ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ اشْتَرَى مِنْ التَّرِكَةِ) أَيْ بِثَمَنٍ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ عَلَى بَائِعِهِ قَالَ فِي السِّرَاجِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَى الثَّوْبَ مَلَكَهُ

ص: 6

وَهَذِهِ إحْدَى سِتِّ مَسَائِلَ لَا رُجُوعَ فِيهَا بِالنُّقْصَانِ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَذَكَرْنَا فِي شَرْحِنَا لِلْمُلْتَقَى مَعْزِيًّا لِلْقُنْيَةِ أَنَّهُ قَدْ يُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ (كَالْإِبَاقِ) إذَا أَبَقَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ فِي الْبَلْدَةِ

ــ

[رد المحتار]

وَبِالتَّكْفِينِ يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَزَوَالُ الْمِلْكِ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ يُسْقِطُ الْأَرْشَ. وَأَمَّا مَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ مِقْدَارَ الْكَفَنِ لَا يَمْلِكُهُ الْوَارِثُ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِذَا اشْتَرَاهُ وَكَفَّنَ بِهِ لَمْ يَنْتَقِلْ بِالتَّكْفِينِ عَنْ الْمِلْكِ الَّذِي أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ، وَقَدْ تَعَذَّرَ فِيهِ الرَّدُّ فَرَجَعَ بِالْأَرْشِ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ إحْدَى سِتِّ مَسَائِلَ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِي مَسَائِلَ، ثُمَّ نَقَلَ سِتَّ مَسَائِلَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَيْسَ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ لَوْ بَاعَ الْوَارِثُ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَمَاتَ الْمُشْتَرِي وَوَرِثَهُ الْبَائِعُ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا رُدَّ إلَى الْوَارِثِ الْآخَرِ إنْ كَانَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهُ لَا يَرُدُّهُ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فَافْهَمْ.

وَزَادَ فِي الْبَحْرِ مَسْأَلَةً أُخْرَى عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ اشْتَرَى الْمَوْلَى مِنْ مُكَاتَبِهِ فَوَجَدَ عَيْبًا لَا يَرُدُّ وَلَا يَرْجِعُ وَلَا يُخَاصِمُ بَائِعَهُ لِكَوْنِهِ عَبْدَهُ. اهـ وَسَيَأْتِي مَسَائِلُ أُخَرُ فِي الشَّرْحِ وَالْمَتْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ إلَخْ. وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مَسْأَلَةً أُخْرَى عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ خَرَقَ ثَوْبًا، وَهِيَ مَا لَوْ شَرَى حِيَاصَةَ فِضَّةٍ مُمَوَّهَةً بِالذَّهَبِ بِوَزْنِهَا فِضَّةً فَزَالَ تَمْوِيهُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَا رُجُوعَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِتَعَيُّبِهَا بِزَوَالِ التَّمْوِيهِ وَلَا بِالنُّقْصَانِ لِلُزُومِ الرِّبَا. وَمِنْهَا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: كُلُّ تَصَرُّفٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَالرُّجُوعَ بِالنَّقْصِ (قَوْلُهُ مَعْزِيًّا لِلْقُنْيَةِ) قَالَ فِيهَا: وَفِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: بَاعَ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ وَوَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ ثَمَنِهِ فَقَالَ الْوَكِيلُ: قَبَضْته فَضَاعَ أَوْ دَفَعْته إلَى الْآمِرِ وَجَحَدَ الْآمِرُ كُلَّهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ، فَلَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَدَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقَبْضِ فِي زَعْمِهِ، لَا عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا هُوَ أَمِينٌ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ، وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ رضي الله عنه: وَعُرِفَ بِهِ أَنَّهُ إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ الْوَكِيلَ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْآمِرِ دُونَ الْقَابِضِ. اهـ ح (قَوْلُهُ كَالْإِبَاقِ) بِالْكَسْرِ اسْمٌ، يُقَالُ أَبِقَ أَبَقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَقَتَلَ وَضَرَبَ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الثَّعَالِبِيِّ: الْآبِقُ الْهَارِبُ مِنْ غَيْرِ ظُلْمِ السَّيِّدِ، فَلَوْ مِنْ ظُلْمِهِ سُمِّيَ هَارِبًا فَعَلَى هَذَا: الْإِبَاقُ عَيْبٌ لَا الْهَرَبُ، أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا لَوْ كَانَ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ مُودَعِهِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ مِنْهُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَمَا إذَا كَانَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ أَوْ لَا، خَرَجَ مِنْ الْبَلْدَةِ أَوْ لَا. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْبَلْدَةَ لَوْ كَبِيرَةً كَالْقَاهِرَةِ كَانَ عَيْبًا وَإِلَّا لَا بِأَنْ كَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ أَهْلُهَا أَوْ بُيُوتُهَا فَلَا يَكُونُ عَيْبًا نَهْرٌ، وَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ بِأَنْ يُوجَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَعِنْدَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ إلَّا إذَا أَبِقَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ) وَكَذَا لَوْ أَبِقَ مِنْ الْغَاصِبِ إلَى الْمَوْلَى أَوْ إلَى غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ بَيْتَ الْمَالِكِ، أَوْ لَمْ يَقْوَ عَلَى الرُّجُوعِ. إلَيْهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فِي الْبَلْدَةِ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: لَوْ أَبَقَ مِنْ قَرْيَةِ

ص: 7

وَلَمْ يَخْتَفِ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ.

وَاخْتُلِفَ فِي الثَّوْرِ، وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ عَيْبٌ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ قَبْلَ عَوْدِهِ مِنْ الْإِبَاقِ ابْنُ مَلَكٍ قُنْيَةٌ (وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةِ) إلَّا إذَا سَرَقَ شَيْئًا لِلْأَكْلِ مِنْ الْمَوْلَى أَوْ يَسِيرًا كَفَلْسٍ أَوْ فَلْسَيْنِ؛ وَلَوْ سَرَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا فَقُطِعَ رَجَعَ بِرُبُعِ الثَّمَنِ لِقَطْعِهِ بِالسَّرِقَتَيْنِ جَمِيعًا؛ وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ثَمَنِهِ عَيْنِيٌّ (وَكُلُّهَا تَخْتَلِفُ صِغَرًا) أَيْ مِنْ التَّمْيِيزِ وَقَدَّرُوهُ بِخَمْسِ سِنِينَ، أَوْ أَنْ يَأْكُلَ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ فَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَلْبَسْ وَحْدَهُ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا ابْنُ مَلَكٍ (وَكِبَرًا) ؛ لِأَنَّهَا فِي الصِّغَرِ

ــ

[رد المحتار]

الْمُشْتَرِي إلَى قَرْيَةِ الْبَائِعِ يَكُونُ عَيْبًا.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْتَفِ) فَلَوْ اخْتَفَى عِنْدَ الْبَائِعِ يَكُونُ عَيْبًا؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ التَّمَرُّدِ (قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ عَيْبٌ) وَقِيلَ لَا مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنْ دَامَ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ فَعَيْبٌ لَا لَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرَ الثَّوْرِ مِنْ الْبَهَائِمِ كَالثَّوْرِ ط (قَوْلُهُ قَبْلَ عَوْدِهِ مِنْ الْإِبَاقِ) وَمِثْلُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، فَإِنْ مَاتَ آبِقًا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ بَحْرٌ. وَيَرُدُّهُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ زَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ نَقَصَتْ، أَوْ فِي مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ لَوْ اخْتَلَفَ عَنْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ ابْنُ مَلَكٍ قُنْيَةٌ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقُنْيَةٌ بِزِيَادَةِ وَاوِ الْعَطْفِ وَهِيَ أَحْسَنُ، وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَالسَّرِقَةُ) سَوَاءٌ أَوْجَبَتْ قَطْعًا أَوْ لَا كَالنَّبَّاشِ وَالطَّرَّارِ وَأَسْبَابُهَا فِي حُكْمِهَا، كَمَا إذَا نَقَبَ الْبَيْتَ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَعُمُّ الْكُبْرَى كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ح عَنْ النَّهْرِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا سَرَقَ شَيْئًا لِلْأَكْلِ مِنْ الْمَوْلَى) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَيْبًا، بِخِلَافِ مَا إذَا سَرَقَ لِيَمْنَعَهُ أَوْ سَرَقَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْلَى لِيَأْكُلَهُ فَإِنَّهُ عَيْبٌ فِيهِمَا بَحْرٌ فَافْهَمْ، وَظَاهِرُهُ قَصْرُ ذَلِكَ عَلَى الْمَأْكُولِ، وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الْبَزَّازِيَّةِ: وَسَرِقَةُ النَّقْدِ مُطْلَقًا عَيْبٌ وَسَرِقَةُ الْمَأْكُولَاتِ لِلْأَكْلِ مِنْ الْمَوْلَى لَا يَكُونُ عَيْبًا. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ الْمَوْلَى زِيَادَةً عَلَى مَا يَأْكُلُهُ عُرْفًا يَكُونُ عَيْبًا (قَوْلُهُ أَوْ يَسِيرًا كَفَلْسٍ أَوْ فَلْسَيْنِ) جَزَمَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهَا قُوَيْلَةٌ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِطْلَاقُ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ فِيهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَرَقَ إلَخْ) سَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَوَاخِرَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُتِلَ الْمَقْبُوضُ أَوْ قُطِعَ إلَخْ، وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ بَعْدَمَا سَرَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِرُبُعِ الثَّمَنِ) سَوَاءٌ كَانَتْ السَّرِقَةُ مُتَكَرِّرَةً عِنْدَهُمَا، أَوْ اتَّحَدَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَتَكَرَّرَتْ عِنْدَ الْآخَرِ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ.

وَوَجْهُ الرُّجُوعِ بِالرُّبُعِ أَنَّ دِيَةَ الْيَدِ فِي الْحُرِّ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ، وَفِي الرَّقِيقِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَقَدْ تَلِفَ هَذَا النِّصْفُ بِسَبَبَيْنِ: تَحَقَّقَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْآخَرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَنْتَصِفُ الْمُوجَبُ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ النِّصْفِ وَهُوَ الرُّبُعُ، وَأَطْلَقَ فِيهِ فَشَمَلَ مَا إذَا طَلَبَ رَبُّ الْمَالِ الْمَسْرُوقَ فِي السَّرِقَتَيْنِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْقِيمَةِ لَا الثَّمَنِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الثَّمَنَ قَدْرُ الْقِيمَةِ ط (قَوْلُهُ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ ثَمَنِهِ) أَيْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ رُبُعَ الثَّمَنِ سَقَطَ عَنْ الْبَائِعِ بِالسَّرِقَةِ الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَنْ يَأْكُلَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفَسَّرَهُ أَيْ التَّمْيِيزَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ابْنَ سَبْعٍ؛ لِأَنَّهُمْ قَدَّرُوهُ بِذَلِكَ فِي الْحَضَانَةِ، لَكِنْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِتَقْدِيرِهِ بِخَمْسِ سِنِينَ فَمَا فَوْقَهَا، وَمَا دُونَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عَيْبًا. اهـ

قُلْت: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْإِدْرَاكِ وَهُنَاكَ عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ النِّسَاءِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ) لَمْ أَرَ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى مَا هُنَا إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا التَّقْدِيرَ الْأَوَّلَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْبَوْلُ فِي الْفِرَاشِ، وَالثَّانِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَالسَّرِقَةُ، وَظَاهِرُ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْعُيُوبَ الثَّلَاثَةَ

ص: 8

لِقُصُورِ عَقْلٍ وَضَعْفِ مَثَانَةٍ عَيْبٌ، وَفِي الْكِبَرِ لِسُوءِ اخْتِيَارٍ وَدَاءٍ بَاطِنٍ عَيْبٌ آخَرُ، فَعِنْدَ اتِّحَادِ الْحَالَةِ بِأَنْ ثَبَتَ إبَاقُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ ثُمَّ مُشْتَرِيهِ كِلَاهُمَا فِي صِغَرِهِ أَوْ كِبَرِهِ لَهُ الرَّدُّ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ، وَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ لَا لِكَوْنِهِ عَيْبًا حَادِثًا كَعَبْدٍ حُمَّ عِنْدَ بَائِعِهِ ثُمَّ حُمَّ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ، إنْ مِنْ نَوْعِهِ لَهُ رَدُّهُ وَإِلَّا لَا عَيْنِيٌّ.

بَقِيَ لَوْ وَجَدَهُ يَبُولُ ثُمَّ تَعَيَّبَ حَتَّى رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ ثُمَّ بَلَغَ هَلْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ النُّقْصَانَ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْعَيْبِ بِالْبُلُوغِ يَنْبَغِي نَعَمْ فَتْحٌ.

(وَالْجُنُونِ) هُوَ اخْتِلَافُ الْقُوَّةِ الَّتِي بِهَا إدْرَاكُ الْكُلِّيَّاتِ تَلْوِيحٌ، وَبِهِ عُلِمَ تَعْرِيفُ الْعَقْلِ أَنَّهُ الْقُوَّةُ الْمَذْكُورَةُ، وَمَعْدِنُهُ الْقَلْبُ وَشُعَاعُهُ فِي الدِّمَاغِ دُرَرٌ (وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِمَا) لِاتِّحَادِ سَبَبِهِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ، وَقِيلَ يَخْتَلِفُ عَيْنِيٌّ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ لِقُصُورِ عَقْلٍ) يَرْجِعُ إلَى الْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَهُ لِسُوءِ اخْتِيَارٍ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا أَيْضًا ط (قَوْلُهُ فَعِنْدَ اتِّحَادِ الْحَالَةِ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى اخْتِلَافِهَا صِغَرًا وَكِبَرًا (قَوْلُهُ بِأَنْ ثَبَتَ إبَاقُهُ) أَيْ أَوْ بَوْلُهُ أَوْ سَرِقَتُهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ) أَوْ عِنْدَ بَائِعِ بَائِعِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مُشْتَرِيهِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَعُدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يُرَدُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ مِنْ نَوْعِهِ) بِأَنْ حُمَّ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يُحَمُّ فِيهِ عِنْدَ الْبَائِعِ كَمَا فِي النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ لَوْ وَجَدَهُ يَبُولُ) أَيْ وَهُوَ صَغِيرٌ وَثَبَتَ بَوْلُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ حَتَّى رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ) أَيْ نُقْصَانِ الْبَوْلِ،؛ لِأَنَّهُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ امْتَنَعَ الرَّدُّ، فَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ غَيْرُ قَيْدٍ، بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَرَادَ الرَّدَّ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَنْ الْعَيْبِ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: اشْتَرَى جَارِيَةً وَادَّعَى أَنَّهَا لَا تَحِيضُ وَاسْتَرَدَّ بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَّ حَاضَتْ، قَالُوا: إنْ كَانَ الْبَائِعُ أَعْطَاهُ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ. اهـ وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ تَقْيِيدُ الشَّارِحِ ذَلِكَ بِمَا إذَا زَالَ الْعَيْبُ بِلَا عِلَاجِهِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي نَعَمْ) نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ عَنْ وَالِدِ صَاحِبِ الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ، وَأَنَّهُ قَالَ لَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَأَنَّهُ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِمَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً ذَاتَ زَوْجٍ كَانَ لَهُ رَدُّهَا، وَلَوْ تَعَيَّبَتْ بِعَيْبٍ آخَرَ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ؛ فَلَوْ أَبَانَهَا زَوْجُهَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ النُّقْصَانَ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْعَيْبِ، فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَالثَّانِيَةُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ مَرِيضًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ تَعَيَّبَ بِعَيْبٍ آخَرَ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ، فَإِذَا رَجَعَ ثُمَّ بَرِئَ بِالْمُدَاوَاةِ لَا يَسْتَرِدُّ وَإِلَّا اسْتَرَدَّ، وَالْبُلُوغُ هُنَا لَا بِالْمُدَاوَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَرِدَّ. اهـ

(قَوْلُهُ تَلْوِيحٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي التَّلْوِيحِ: الْجُنُونُ اخْتِلَالُ الْقُوَّةِ الْمُمَيِّزَةِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْحَسَنَةِ وَالْقَبِيحَةِ الْمُدْرِكَةِ لِلْعَوَاقِبِ انْتَهَى. وَالْأَخْصَرُ اخْتِلَالُ الْقُوَّةِ الَّتِي بِهَا إدْرَاكُ الْكُلِّيَّاتِ. اهـ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْأَخْصَرُ إلَى أَنَّ الْمُؤَدَّى وَاحِدٌ، فَمَا عَزَاهُ الشَّارِحُ إلَى التَّلْوِيحِ نُقِلَ بِالْمَعْنَى فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ وَمَعْدِنُهُ الْقَلْبُ إلَخْ) سُئِلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَنْ مَعْدِنِ الْعَقْلِ، فَقَالَ: الْقَلْبُ، وَإِشْرَاقُهُ إلَى الدِّمَاغِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الْحُكَمَاءُ، وَقَوْلُهُ عَلِيٌّ أَعْلَى عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مِنْ بِشَرْحِ بَدْءِ الْأَمَالِي لِلْقَارِيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِمَا) فَلَوْ جُنَّ فِي الصِّغَرِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَاوَدَهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الصِّغَرِ أَوْ فِي الْكِبَرِ يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ سَبَبَ الْجُنُونِ فِي حَالَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ مُتَّحِدٌ، وَهُوَ فَسَادُ الْبَاطِنِ: أَيْ بَاطِنِ الدِّمَاغِ.

وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالْجُنُونُ عَيْبٌ أَبَدًا، لَا مَا قِيلَ إنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ الْمُعَاوَدَةُ لِلْجُنُونِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَيُرَدُّ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إزَالَتِهِ بِإِزَالَةِ سَبَبِهِ، وَإِنْ كَانَ قَلَّمَا يَزُولُ، فَإِذَا لَمْ يُعَاوِدْهُ جَازَ كَوْنُ الْبَيْعِ صَدَرَ بَعْدَ الْإِزَالَةِ، فَلَا يُرَدُّ بِلَا تَحَقُّقِ قِيَامِ الْعَيْبِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُعَاوَدَةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَاخْتَارَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَخْتَلِفُ) فَيَكُونُ مِثْلَ مَا مَرَّ مِنْ الْإِبَاقِ

ص: 9

وَمِقْدَارُهُ فَوْقَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَاوَدَتِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ إلَّا فِي ثَلَاثٍ: زِنَا الْجَارِيَةِ، وَالتَّوَلُّدُ مِنْ الزِّنَا، وَالْوِلَادَةُ فَتْحٌ.

قُلْت: لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوِلَادَةُ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ تُوجِبَ نُقْصَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَاعْتَمَدَهُ فِي النَّهْرِ. وَفِيهِ: الْحَبَلُ عَيْبٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ لَا فِي الْبَهَائِمِ وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ وَالْعَمَى وَالْعَوَرُ وَالْحَوَلُ وَالصَّمَمُ وَالْخَرَسُ وَالْقُرُوحُ وَالْأَمْرَاضُ عُيُوبٌ، وَكَذَا الْأَدَرُ وَهُوَ انْتِفَاخُ الْأُنْثَيَيْنِ وَالْعِنِّينُ وَالْخَصِيُّ عَيْبٌ، وَإِنْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ خَصِيٌّ فَوَجَدَهُ فَحْلًا

ــ

[رد المحتار]

وَنَحْوِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِهِ فِي الصِّغَرِ أَوْ فِي الْكِبَرِ وَهَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ (قَوْلُهُ وَمِقْدَارُهُ فَوْقَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) جَزَمَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَقِيلَ هُوَ عَيْبٌ وَلَوْ سَاعَةً، وَقِيلَ الْمُطْبَقُ نَهْرٌ، وَالْمُطْبَقُ بِفَتْحِ الْبَاءِ بَحْرٌ، وَمَرَّ تَعْرِيفُهُ فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ مُقَابِلَهُ غَلَطٌ (قَوْلُهُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُعَاوَدَةِ الْجُنُونِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْهُ، وَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمُعَاوَدَةِ مُطْلَقًا. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ: الْأَصْلُ أَنَّ الْمُعَاوَدَةَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْوُجُودِ عِنْدَ الْبَائِعِ شَرْطٌ لِلرَّدِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالتَّوَلُّدُ مِنْ الزِّنَا) بِأَنْ يَكُونَ الرَّقِيقُ مُتَوَلِّدًا مِنْ الزِّنَا، لَكِنْ هَذَا مِمَّا لَا تُمْكِنُ مُعَاوَدَتُهُ ط (قَوْلُهُ وَالْوِلَادَةُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْبَائِعِ لَا مِنْ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ آخَرَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ لَمْ تَلِدْ ثَانِيًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ عَيْبٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّ الضَّعْفَ الَّذِي حَصَلَ بِالْوِلَادَةِ لَا يَزُولُ أَبَدًا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ لَا تُرَدُّ. اهـ وَقَوْلُهُ لَا مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهَا. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَلِدْ لَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُوهِمُ الرَّدَّ بَعْدَ وِلَادَتِهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِامْتِنَاعِهِ بِتَعَيُّبِهَا عِنْدَهُ بِالْوِلَادَةِ ثَانِيًا مَعَ الْعَيْبِ السَّابِقِ بِهَا. اهـ.

قُلْت: هَذَا مُسَلَّمٌ إنْ حَصَلَ بِالْوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ عَيْبٌ زَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَتْحٌ) صَوَابُهُ بَحْرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَتْحِ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا الْأَخِيرَةَ (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ فِي النَّهْرِ) حَيْثُ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ رِوَايَةَ الْبُيُوعِ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى إزَالَةِ الضَّعْفِ الْحَاصِلِ بِالْوِلَادَةِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ النِّهَايَةِ: الْوِلَادَةُ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ تُوجِبَ نُقْصَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ. اهـ كَلَامُ النَّهْرِ.

أَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَكَذَا فِي غَيْرِهَا نَقْلًا عَنْهَا مَا نَصُّهُ: اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا ثُمَّ ظَهَرَ وِلَادَتُهَا عِنْدَ الْبَائِعِ لَا مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فِي رِوَايَةِ الْمُضَارَبَةِ عَيْبٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ التَّكَسُّرَ الْحَاصِلَ بِالْوِلَادَةِ لَا يَزُولُ أَبَدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي رِوَايَةٍ إنْ نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ عَيْبٌ، وَفِي الْبَهَائِمِ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ تُوجِبَ نُقْصَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ فَقَوْلُهُ. وَفِي الْبَهَائِمِ كَأَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ صَاحِبِ النَّهْرِ، وَفِي النِّهَايَةِ فَظَنَّهُ تَصْحِيحًا لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ مِنْ الْكَاتِبِ بَنَى عَلَيْهِ مَا زَعَمَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ تَصْحِيحٍ، بَلْ التَّصْحِيحُ الثَّانِي لِوِلَادَةِ الْبَهِيمَةِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ الْحَبَلُ عَيْبٌ إلَخْ) نَصَّ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ فَصَارَ الْحَبَلُ فِي حُكْمِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَا عَرَفْته، وَعَلَّلَهُ فِي السِّرَاجِ بِأَنَّ الْجَارِيَةَ تُرَادُ لِلْوَطْءِ وَالتَّزْوِيجِ، وَالْحَبَلُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا فِي الْبَهَائِمِ فَهُوَ زِيَادَةٌ فِيهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْأَدَرُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ مَعَ الْقَصْرِ، أَمَّا مَمْدُودُ الْهَمْزَةِ فَهُوَ مَنْ بِهِ الْأَدَرُ وَفِعْلُهُ كَفَرِحَ وَالِاسْمُ الْأُدْرَةُ بِالضَّمِّ، وَقَوْلُهُ الْأُنْثَيَيْنِ غَيْرُ شَرْطٍ بَلْ انْتِفَاخُ أَحَدِهِمَا كَافٍ فِيمَا يَظْهَرُ ط (قَوْلُهُ وَالْعِنِّينُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْيَاءَ زَائِدَةٌ مِنْ النُّسَّاخِ وَالْأَصْلُ وَالْعَنَنُ بِنُونَيْنِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَالْخِصِيُّ بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ وَالْعُنَّةُ عَيْبٌ وَكَذَا الْخَصْيُ وَالْأُدْرَةُ (قَوْلُهُ عَيْبٌ) مَصْدَرٌ يَصْدُقُ بِالْمُتَعَدِّدِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُنَافِي جَعْلَهُ خَبَرًا عَنْ شَيْئَيْنِ، وَعَلَى

ص: 10

فَلَا خِيَارَ لَهُ جَوْهَرَةٌ

(وَالْبَخَرِ) نَتْنُ الْفَمِ (وَالدَّفَرِ) نَتْنُ الْإِبْطِ، وَكَذَا نَتْنُ الْأَنْفِ بَزَّازِيَّةٌ (وَالزِّنَا وَالتَّوَلُّدِ مِنْهُ) كُلُّهَا عَيْبٌ (فِيهَا) لَا فِيهِ وَلَوْ أَمْرَدَ فِي الْأَصَحِّ خُلَاصَةٌ (إلَّا أَنْ يَفْحُشَ الْأَوَّلَانِ فِيهِ) بِحَيْثُ يَمْنَعُ الْقُرْبَ مِنْ الْمَوْلَى (أَوْ يَكُونُ الزِّنَا عَادَةً لَهُ) بِأَنْ يَتَكَرَّرَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ، وَاللُّوَاطَةُ بِهَا عَيْبٌ مُطْلَقًا، وَبِهِ إنْ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْأُبْنَةِ، وَإِنْ بِأَجْرٍ لَا قُنْيَةٌ. وَفِيهَا: شَرَى حِمَارًا تَعْلُوهُ الْحُمُرُ إنْ طَاوَعَ فَعَيْبٌ وَإِلَّا لَا، وَأَمَّا التَّخَنُّثُ بِلِينِ صَوْتٍ وَتَكَسُّرِ مَشْيٍ فَإِنْ كَثُرَ رُدَّ، لَا إنْ قَلَّ بَزَّازِيَّةٌ (وَالْكُفْرِ) بِأَقْسَامِهِ وَكَذَا الرَّفْضُ وَالِاعْتِزَالُ بَحْرٌ بَحْثًا

ــ

[رد المحتار]

كَوْنِ النُّسْخَةِ الْعِنِّينُ وَالْخَصِيُّ بِالتَّشْدِيدِ فِيهِمَا يَكُونُ التَّقْدِيرُ ذَوَا عَيْبٍ (قَوْلُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْخِصَاءَ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي الْعَبْدِ عَيْبٌ فَكَأَنَّهُ شَرَطَ الْعَيْبَ فَبَانَ سَلِيمًا. وَقَالَ الثَّانِي: الْخَصِيُّ أَفْضَلُ لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِيهِ فَيُخَيَّرُ بَزَّازِيَّةٌ، وَجَزَمَ فِي الْفَتْحِ بِقَوْلِ الثَّانِي، وَمُقْتَضَاهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ شَرَى الْجَارِيَةَ عَلَى أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ؛ لِأَنَّ الْغِنَاءَ عَيْبٌ شَرْعًا كَالْخِصَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَبِيلَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ

(قَوْلُهُ وَالْبَخَرِ) بِالْمُوَحَّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ حَدِّ تَعِبَ. أَمَّا بِالْجِيمِ فَانْتِفَاخُ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ، وَهُوَ عَيْبٌ فِي الْغُلَامِ أَيْضًا. وَفِي الْفَتْحِ: الْبَخَرُ الَّذِي هُوَ الْعَيْبُ النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ دُونَ مَا يَكُونُ لِقَلَحٍ فِي الْأَسْنَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَزُولُ بِتَنْظِيفِهَا. اهـ نَهْرٌ: وَالْقَلَحُ بِالْقَافِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مُحَرَّكًا: صُفْرَةُ الْأَسْنَانِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قِيلَ إنَّهُ بِالْفَاءِ وَالْجِيمِ: وَهُوَ تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ وَالدَّفَرُ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَسُكُونِهَا أَيْضًا، أَمَّا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَبِفَتْحِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ، وَهُوَ حِدَّةٌ مِنْ طِيبٍ أَوْ نَتْنٍ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: مِنْهُ قَوْلُهُمْ مِسْكٌ أَذْفَرُ وَإِبْطٌ ذَفَرٌ، وَهُوَ مُرَادُ الْفُقَهَاءِ مِنْ قَوْلِهِمْ: الذَّفَرُ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ. اهـ وَأَصْلُهُ فِي الْمُغْرِبِ إلَّا أَنَّ كَوْنَهُ مُرَادَ الْفُقَهَاءِ لَا غَيْرُ فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ عَيْبًا شِدَّتُهُ، فَالْأَوْلَى كَوْنُهُ بِالْمُهْمَلَةِ فَتَدَبَّرْ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا نَتْنُ الْأَنْفِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَالُ فِيهِ ذَفَرٌ بِالْمُعْجَمَةِ وَنَتْنُ رِيحِ الْإِبْطِ بِهَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ كُلُّهَا عَيْبٌ فِيهَا لَا فِيهِ) أَيْ فِي الْجَارِيَةِ لَا فِي الْغُلَامِ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ يُرَادُ مِنْهَا الِاسْتِفْرَاشُ، وَهَذِهِ الْمَعَانِي تَمْنَعُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْغُلَامِ؛ لِأَنَّهُ لِلِاسْتِخْدَامِ، وَكَذَا التَّوَلُّدُ مِنْ الزِّنَا؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُعَيَّرُ بِالْأُمِّ الَّتِي هِيَ وَلَدُ الزِّنَا كَمَا فِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ خُلَاصَةٌ) نَصُّ عِبَارَتِهَا: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَمْرَدَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ. اهـ، وَبِهِ سَقَطَ مَا فِي حَاشِيَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي وَالْوَانِي أَنَّهُ فِي الْخُلَاصَةِ جَعَلَ الْبَخَرَ فِي الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ عَيْبًا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَتَكَرَّرَ) ؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَهُنَّ مُخِلٌّ بِالْخِدْمَةِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَاللُّوَاطَةُ بِهَا) أَيْ بِالْمَرْأَةِ بِأَنْ كَانَتْ تَطْلُبُ مِنْ النَّاسِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَيْبٌ مُطْلَقًا) أَيْ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ الْفِرَاشَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ إنْ مَجَّانًا) الظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا تَكَرَّرَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْأُبْنَةِ) فِي الْقَامُوسِ: الْأُبْنَةُ بِالضَّمِّ الْعُقْدَةُ فِي الْعُودِ، وَالْعَيْبُ. اهـ وَالْمُرَادُ هُنَا عَيْبٌ خَاصٌّ، وَهُوَ دَاءٌ فِي الدُّبُرِ تَنْفَعُهُ اللِّوَاطَةُ (قَوْلُهُ وَالْكُفْرِ) ؛ لِأَنَّ طَبْعَ الْمُسْلِمِ يَنْفِرُ عَنْ صُحْبَتِهِ وَلِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَرْفَهُ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ فَتَخْتَلُّ الرَّغْبَةُ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ فَوَجَدَهُ مُسْلِمًا لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ زَوَالُ الْعَيْبِ هِدَايَةٌ. زَادَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي كَافِرًا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ كَذَا بِخَطِّ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيَّ. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ خَيْرٌ مَحْضٌ وَإِنْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْكَافِرُ عَدَمَهُ (قَوْلُهُ بَحْرٌ بَحْثًا) حَيْثُ قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ وَجَدَهُ خَارِجًا عَنْ مَذْهَبِ السُّنَّةِ كَالْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْكَافِرِ،؛ لِأَنَّ السُّنِّيَّ يَنْفِرُ عَنْ صُحْبَتِهِ وَرُبَّمَا قَتَلَهُ الرَّافِضِيُّ؛ لِأَنَّ الرَّافِضَةَ يَسْتَحِلُّونَ قَتْلَنَا. اهـ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الصَّحِيحَ فِي الْمُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِمْ وَإِنْ سَبُّوا الصَّحَابَةَ أَوْ اسْتَحَلُّوا قَتْلَنَا بِشُبْهَةِ دَلِيلٍ كَالْخَوَارِجِ الَّذِينَ اسْتَحَلُّوا قَتْلَ الصَّحَابَةِ، بِخِلَافِ الْغُلَاةِ مِنْهُمْ كَالْقَائِلِينَ بِالنُّبُوَّةِ لِعَلِيٍّ وَالْقَاذِفِينَ لِلصِّدِّيقَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ شُبْهَةُ دَلِيلٍ فَهُمْ كُفَّارٌ كَالْفَلَاسِفَةِ كَمَا بَسَطْنَاهُ فِي كِتَابِنَا [تَنْبِيهِ الْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ عَلَى حُكْمِ شَاتِمِ خَيْرِ الْأَنَامِ] وَقَدَّمْنَا بَعْضَهُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مُرَادَ الْبَحْرِ غَيْرُ الْكَافِرِ مِنْهُمْ وَلِذَا شَبَّهَهُ بِالْكَافِرِ، وَبِهِ سَقَطَ اعْتِرَاضُ

ص: 11

عَيْبٌ (فِيهِمَا) وَلَوْ الْمُشْتَرِي ذِمِّيًّا سِرَاجٌ (وَعَدَمِ الْحَيْضِ) لِبِنْتِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَعِنْدَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَيُعْرَفُ بِقَوْلِهَا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ نُكُولُ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ مُلْتَقًى.

ــ

[رد المحتار]

النَّهْرِ بِأَنَّ الرَّافِضِيَّ السَّابَّ لِلشَّيْخَيْنِ دَاخِلٌ فِي الْكَافِرِ، وَكَذَا مَا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ مُرَادَ الْبَحْرِ الْمُفَضِّلُ لَا السَّابُّ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ عَيْبٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ (قَوْلُهُ وَلَوْ الْمُشْتَرِي ذِمِّيًّا سِرَاجٌ) عِبَارَةُ السِّرَاجِ عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ الْكُفْرُ عَيْبٌ، وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ. قَالَ الْبَحْرُ: وَهُوَ غَرِيبٌ فِي الذِّمِّيِّ. اهـ وَكَذَا قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِ السِّرَاجِ، كَيْفَ وَلَا نَفْعَ لِلذِّمِّيِّ بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ. اهـ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ مَشْرِيُّ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ إبْقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ فَإِذَا ظَهَرَ كَافِرًا يَكُونُ عَدَمُ الرَّدِّ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ فَهُوَ أَنْفَعُ لَهُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَكَيْفَ يَكُونُ كُفْرُهُ عَيْبًا فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ دُونَ إسْلَامِهِ، وَهَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ فَافْهَمْ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ نَفْعٌ مَحْضٌ شَرْعًا وَعَقْلًا فَلَا يَكُونُ عَيْبًا فِي حَقِّ أَحَدٍ أَصْلًا، بِخِلَافِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ أَقْبَحُ الْعُيُوبِ شَرْعًا وَعَقْلًا فَهُوَ عَيْبٌ مَحْضٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ، وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ بَعْدَمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ:

أَقُولُ: لَيْسَ بِغَرِيبٍ، لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْعَيْبَ مَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ عِنْدَ التُّجَّارِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكُفْرَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَنْفِرُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ لَا يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ لِعَدَمِ الرَّغْبَةِ فِيهِ مِنْ الْكُلِّ وَهُوَ أَقْبَحُ الْعُيُوبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَنْفِرُ عَنْ صُحْبَتِهِ وَلَا يَصْلُحُ لِلْإِعْتَاقِ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ فَتَخْتَلُّ الرَّغْبَةُ. اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهَا لَوْ ظَهَرَتْ مُغَنِّيَةً لَهُ الرَّدُّ مَعَ أَنَّ بَعْضَ الْفَسَقَةِ يَرْغَبُ فِيهَا وَيَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ شَرْعًا، وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ الْأَمْرَدُ أَبْخَرَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ مَعَ أَنَّهُ عَيْبٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفَسَقَةِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ شَرْعًا،؛ لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالِاسْتِخْدَامِ وَإِنْ أَخَلَّ بِغَرَضِ الْمُشْتَرِي الْفَاسِقِ، نَعَمْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: يَهُودِيٌّ بَاعَ يَهُودِيًّا زَيْتًا وَقَعَتْ فِيهِ قَطَرَاتُ خَمْرٍ جَازَ الْبَيْعُ، وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِعَيْبٍ عِنْدَهُمْ. اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ الْحَيْضِ) ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الدَّمِ وَاسْتِمْرَارَهُ عَلَامَةُ الدَّاءِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ مُرَكَّبٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ، فَإِذَا لَمْ تَحِضْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِدَاءٍ فِيهَا وَذَلِكَ الدَّاءُ هُوَ الْعَيْبُ، وَكَذَا الِاسْتِحَاضَةُ لِدَاءٍ فِيهَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَ) وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى ط فَانْقِطَاعُ الْحَيْضِ لَا يَكُونُ عَيْبًا إلَّا إذَا كَانَ فِي أَوَانِهِ، أَمَّا انْقِطَاعُهُ فِي سِنِّ الصِّغَرِ أَوْ الْإِيَاسِ فَلَا اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إذَا اشْتَرَاهَا عَالِمًا بِذَلِكَ. وَفِي الْمُحِيطِ: اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا تَحِيضُ فَوَجَدَهَا لَا تَحِيضُ إنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَحِيضُ بِسَبَبِ الْإِيَاسِ فَلَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلْحَبَلِ وَالْآيِسَةُ لَا تَحْبَلُ. اهـ.

قُلْت: مَا فِي الْمُحِيطِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ اشْتَرَطَ حَيْضَهَا كَانَ فَوَاتَ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ؛ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ وَجَدَ الدَّابَّةَ كَبِيرَةَ السِّنِّ لَا تُرَدُّ إلَّا إذَا شَرَطَ صِغَرَهَا فَتَدَبَّرْ. وَفِي الْقُنْيَةِ: وَجَدَهَا تَحِيضُ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً فَلَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ وَيُعْرَفُ بِقَوْلِهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْأَمَةِ فَتُرَدُّ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ نُكُولُ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى. وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِأَنَّهُ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا إلَّا إذَا ذَكَرَ سَبَبَهُ وَهُوَ الدَّاءُ أَوْ الْحَبَلُ فَمَا لَمْ يَذْكُرْ أَحَدَهُمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهَا وَيَسْتَحْلِفُ الْبَائِعَ مَعَ ذَلِكَ فَتُرَدُّ بِنُكُولِهِ لَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَكَذَا قَبْلَهُ فِي الصَّحِيحِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تُرَدُّ بِلَا يَمِينِ الْبَائِعِ. قَالُوا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمَةِ فِيهِ كَمَا فِي الْكَافِي، وَالْمَرْجِعُ فِي الْحَبَلِ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ، وَفِي الدَّاءِ إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ، وَاشْتُرِطَ لِثُبُوتِ

ص: 12