المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب قال لمديونه إذا مت فأنت بريء] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌[مطلب قال لمديونه إذا مت فأنت بريء]

لَكِنْ تَعَقَّبَهُ فِي النَّهْرِ وَفَرَّقَ بِأَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ لِشُهُودٍ وَمَهْرٍ، وَلَهُ رَجْعَةُ أَمَةٍ عَلَى حُرَّةٍ نَكَحَهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا وَتَبْطُلُ بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ

(وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ) بِمَالٍ دُرَرٌ وَغَيْرُهَا. وَفِي النَّهْرِ الظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ، حَتَّى لَوْ كَانَ عَنْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ كَانَ فِدَاءً فِي حَقِّ الْمُنْكِرِ وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ

(وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ) لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَقَدْ مَرَّ أَيْضًا فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ مَا لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرَّجْعَةَ كَذَلِكَ.

وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ قَاعِدَةً وَاحِدَةً وَالْفُرُوعُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَهَا مُفَرَّعَةٌ عَلَيْهَا وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُمَا قَاعِدَتَانِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، وَالرَّجْعَةُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا فَقَطْ فَلَا بُطْلَانَ فِي كَلَامِهِمْ بَعْدَ فَهْمِ مَرَامِهِمْ، فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنْ تَعَقَّبَهُ فِي النَّهْرِ) حَيْثُ قَالَ: وَحَيْثُ ذَكَرَ الثِّقَاتُ بُطْلَانَهَا بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَمْ يَبْقَ الشَّأْنُ إلَّا فِي السَّبَبِ الدَّاعِي لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النِّكَاحِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ فِي الشَّرْحِ. وَاعْتَرَضَهُ ح بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُخَالَفَتِهَا النِّكَاحَ فِي أَحْكَامٍ أَنْ تُخَالِفَهُ فِي هَذَا الْحُكْمِ اهـ. قُلْت: وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ وَتَبْطُلُ بِالشَّرْطِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ، فَالصَّوَابُ ذِكْرُهُ بِالْفَاءِ لَا بِالْوَاوِ عَلَى أَنَّك قَدْ سَمِعْت الْجَوَابَ الْحَاسِمَ لِمَادَّةِ الْإِشْكَالِ.

[تَنْبِيهٌ] عَلَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ مَا يَجُوزُ أَنْ يُحْلَفَ بِهِ وَلَا يُحْلَفُ بِالرَّجْعَةِ اهـ. وَاعْتَرَضَهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ بِأَنَّ عَدَمَ التَّحْلِيفِ فِي الرَّجْعَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ، وَالْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُمَا أَنَّهُ يَحْلِفُ وَعَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ اهـ. قُلْت: اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فَإِنَّ قَوْلَ الْخُلَاصَةِ لَا يُحْلَفُ بِالرَّجْعَةِ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُرَاجِعَ زَوْجَتِي كَمَا يُقَالُ فَعَلَيَّ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ وَكَأَنَّهُ ظَنَّهُ يُحَلَّفُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَجَعَلَ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ: أَيْ إذَا أَنْكَرَ الرَّجْعَةَ لَا يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي عَلَيْهَا كَبَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ السِّتَّةِ الَّتِي لَا يُحَلَّفُ عَلَيْهَا الْمُنْكِرُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يُحَلَّفُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَعْضِ الظَّنِّ فَاجْتَنِبْهُ

(قَوْلُهُ وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ) كَ صَالَحْتُك عَلَى أَنْ تُسْكِنَنِي فِي الدَّارِ سَنَةً أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ، لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ فَيَكُونُ بَيْعًا عَيْنِيٌّ. وَفِي صُلْحِ الزَّيْلَعِيِّ إنَّمَا يَكُونُ بَيْعًا إذَا كَانَ الْبَدَلُ خِلَافَ جِنْسِ الْمُدَّعَى بِهِ، فَلَوْ عَلَى جِنْسِهِ، فَإِنْ بِأَقَلَّ مِنْهُ فَهُوَ حَطٌّ وَإِبْرَاءٌ، وَإِنْ بِمِثْلِهِ فَقَبْضٌ وَاسْتِيفَاءٌ، وَإِنْ بِأَكْثَرَ فَهُوَ فَضْلٌ وَرِبًا (قَوْلُهُ وَفِي النَّهْرِ الظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ بَيْعًا فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ عَلَى جِنْسِ الْمُدَّعَى بِصُوَرِهِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا، لَكِنْ الْأُولَى مِنْهَا دَاخِلَةٌ فِي الْإِبْرَاءِ الْآتِي، وَالثَّالِثَةُ فَاسِدَةٌ بِدُونِ الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ لِكَوْنِهَا رِبًا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَظْهَرُ عَدَمُ فَسَادِهَا مُطْلَقًا تَأَمَّلْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْإِطْلَاقِ عَدَمُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ عَنْ إقْرَارٍ بِقَرِينَةِ التَّفْرِيغِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ التَّقْيِيدُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الْمُعَاوَضَاتُ الْمَالِيَّةُ وَالصُّلْحُ عَنْ سُكُوتٍ وَإِنْكَارٍ لَيْسَ مِنْهَا، فَجَوَابُهُ مَا عَلِمْته مِنْ أَنَّ الْمُفَرَّعَ عَلَيْهِ قَاعِدَتَانِ لَا وَاحِدَةٌ فَمَا لَمْ يَصْلُحْ فَرْعًا لِلْأُولَى يَكُونُ فَرْعًا لِلثَّانِيَةِ وَلِذَا اقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ فَافْهَمْ

[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

(قَوْلُهُ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ) بِأَنْ قَالَ أَبْرَأْتُك عَنْ دَيْنِي عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ عَيْنِيٌّ. وَفِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ بِأَنْ قَالَ أَبْرَأْت ذِمَّتَك بِشَرْطِ أَنَّ لِي الْخِيَارَ فِي رَدِّ الْإِبْرَاءِ وَتَصْحِيحِهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت، أَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ أَبْرَأْتُك أَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ أَوْ كَفِيلِهِ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا أَوْ مَتَى أَدَّيْت أَوْ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ خَمْسَمِائَةٍ فَأَنْتَ بَرِيءٌ عَنْ الْبَاقِي فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَا إبْرَاءَ اهـ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْكَفَالَةِ إذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ كَإِنْ وَافَيْت بِهِ غَدًا فَأَنْتَ بَرِيءٌ فَوَافَاهُ بِهِ بَرِئَ مِنْ الْمَالِ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَعْضِ. وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ الْأَوْجَهُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لَا تَمْلِيكٌ بَحْرٌ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ) حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا

ص: 244

إلَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مُتَعَارَفًا أَوْ عَلَّقَهُ بِأَمْرٍ كَائِنٍ كَإِنْ أَعْطَيْته شَرِيكِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك وَقَدْ أَعْطَاهُ صَحَّ وَكَذَا بِمَوْتِهِ وَيَكُونُ وَصِيَّةً وَلَوْ لِوَارِثِهِ

ــ

[رد المحتار]

بِالتَّمْلِيكَاتِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ بَحْرٌ عَنْ الْعَيْنِيِّ. وَفِيهِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ لَيْسَ مِنْ مُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَكَوْنُهُ مُعْتَبَرًا بِالتَّمْلِيكَاتِ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى بُطْلَانِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ وَلِذَلِكَ فَرَّعَهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ فِي الْقِسْمِ الْآتِي، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ ح وَهَكَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّ الْإِبْرَاءَ يَصِحُّ تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي آخِرِ كِتَابِ الصُّلْحِ، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ.

هُنَاكَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَصِحُّ تَقْيِيدُهُ لَا تَعْلِيقُهُ اهـ وَأَوْضَحْنَاهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مُتَعَارَفًا كَمَا يَأْتِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ فَلِذَا ذَكَرَهُ هُنَا فَافْهَمْ. وَمِنْ فُرُوعِهِ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ: لَوْ قَالَ لِلْخَصْمِ إنْ حَلَفْت فَأَنْتَ بَرِيءٌ فَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ بِخَطَرٍ وَهِيَ لَا تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ اهـ وَيَصِحُّ تَفْرِيعُ الْإِبْرَاءِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأُولَى أَيْضًا إذَا كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ مُتَعَارَفٍ، وَمِنْهُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْعَزْمِيَّةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مُتَعَارَفًا) كَمَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ مُطَلَّقَتُهُ بِشَرْطِ الْإِمْهَارِ فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ، وَتَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ جَائِزٌ، فَإِنْ قَبِلَ الْإِمْهَارَ وَهَمَّ، بِأَنْ يُمْهِرَهَا فَأَبَتْ وَلَمْ تُزَوِّجْ نَفْسَهَا مِنْهُ لَا يَبْرَأُ لِفَوَاتِ الْإِمْهَارِ الصَّحِيحِ؛ وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ الْمَبْتُوتَةُ بِشَرْطِ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ بِمَهْرٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا مِائَةٌ، فَلَوْ جَدَّدَ لَهَا نِكَاحًا بِدِينَارٍ فَأَبَتْ لَا يَبْرَأُ بِدُونِ الشَّرْطِ. قَالَتْ الْمُسَرَّحَةُ لِزَوْجِهَا: تَزَوَّجْنِي فَقَالَ هَبِي لِي الْمَهْرَ الَّذِي لَك عَلَيَّ فَأَتَزَوَّجُك، فَأَبْرَأَتْهُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ يَبْرَأُ إذَا تَزَوَّجَهَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ دَلَالَةً، وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ التَّعْلِيقَ يَكُونُ بِالدَّلَالَةِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فَلْيُحْفَظْ ذَلِكَ رَمْلِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِالتَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ التَّقْيِيدُ بِالشَّرْطِ بِقَرِينَةِ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِأَمْرٍ كَائِنٍ إلَخْ) مِنْهُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ إنْ كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُك وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَرِئَ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ كَائِنٍ فَتَنَجَّزَ اهـ (قَوْلُهُ كَإِنْ أَعْطَيْته شَرِيكِي إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ بِأَلْفَاظٍ فَارِسِيَّةٍ وَفَسَّرَهُ الْوَانِيُّ بِذَلِكَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرَاءَةِ هُنَا بَرَاءَةُ الْإِسْقَاطِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قَبَضَهُ شَرِيكُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْإِبْرَاءَ عَنْ بَاقِي الدَّيْنِ.

مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ

(قَوْلُهُ وَكَذَا بِمَوْتِهِ إلَخْ) فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ جَازَ وَيَكُونُ وَصِيَّةً، وَلَوْ قَالَ: إنْ مِتَّ أَيْ بِفَتْحِ التَّاءِ لَا يَبْرَأُ وَهُوَ مُخَاطَرَةٌ كَإِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ لَا يَبْرَأُ اهـ. وَفِيهَا: لَوْ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ لِزَوْجِهَا إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَمَهْرِي عَلَيْك صَدَقَةٌ أَوْ أَنْتِ فِي حِلٍّ مِنْهُ فَمَاتَتْ فِيهِ فَمَهْرُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ فَلَا تَصِحُّ اهـ.

ص: 245

عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ

(وَعَزْلُ الْوَكِيلِ وَالِاعْتِكَافُ)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمَوْتَ فِي الْأُولَيَيْنِ مُحَقَّقُ الْوُجُودِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمُخَاطَرَةِ هُوَ الْمَوْتَ مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ تَعْلِيقَهُ بِمَوْتِ نَفْسِهِ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ عَلَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَتَعْلِيقُ الْوَصِيَّةِ صَحِيحٌ كَمَا سَيَأْتِي حَتَّى تَصِحَّ مِنْ الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ إذَا عَتَقْت فَثُلُثُ مَالِي وَصِيَّةٌ كَمَا فِي وَصَايَا الزَّيْلَعِيِّ، بِخِلَافِ تَعْلِيقِهِ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ وَصِيَّةً فَبَقِيَ مَحْضَ إبْرَاءٍ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ هَلْ يَبْقَى الدَّيْنُ إلَى مَوْتِهِ فَكَانَ مُخَاطَرَةً فَلَمْ يَصِحَّ، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْمَهْرِ فِيهَا مُخَاطَرَةٌ مِنْ حَيْثُ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ عَلَى مَوْتِهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ يَكُونُ أَوْ لَا، لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ الْوَصِيَّةَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مُخَاطَرَةٌ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَصِحَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ لَوْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ مَعَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْوَصِيَّةِ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالْعِتْقِ كَمَا عَلِمَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُخَاطَرَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ هَلْ تُجِيزُ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ أَوْ لَا أَوْ هَلْ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا عَنْهَا وَقْتَ الْمَوْتِ حَتَّى تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ أَوْ لَا لَمْ يَبْقَ فَائِدَةٌ لِقَوْلِهَا مِنْ مَرَضِي هَذَا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ صِحَّةُ التَّعْلِيقِ إذَا قَالَتْ إنْ مِتّ بِدُونِ قَوْلِهَا مِنْ مَرَضِي هَذَا وَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ) حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مَسْأَلَةِ الْمَهْرِ السَّابِقَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ أَجَازَتْهُ الْوَرَثَةُ يَصِحُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ كَوْنُهُ وَارِثًا اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الْمَانِعَ كَوْنُهُ مُخَاطَرَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ ط

(قَوْلُهُ وَعَزْلُ الْوَكِيلِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ عَزَلْتُك عَلَى أَنْ تُهْدِيَ إلَيَّ شَيْئًا، أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ عَيْنِيٌّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ، تَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ لَا كَوْنَهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ. وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا خَطَأٌ أَيْضًا وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لَا مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ اهـ مُلَخَّصًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا بَلْ هُوَ مِنْ التَّقْيِيدَاتِ كَمَا مَرَّ فَيَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ فَيَكُونُ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ فَلَمْ يَكُنْ ذِكْرُهُ هُنَا خَطَأً فَافْهَمْ، وَقَيَّدَ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تُخَالِفُهُ حَيْثُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَالِاعْتِكَافُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: عِنْدِي أَنَّ ذِكْرَهُ هُنَا خَطَأٌ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ شَهْرٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ دَخَلَ لَزِمَهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا فَإِذَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: مَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَكَيْفَ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْمَنْذُورِ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَيِّ عِبَادَةٍ كَانَتْ، حَتَّى أَنَّ الْوَقْفَ كَمَا يَأْتِي لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَوْ عَلَّقَ النَّذْرَ بِهِ بِشَرْطٍ صَحَّ التَّعْلِيقُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: الِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ مَشْرُوعَةٌ يَجِبُ بِالنَّذْرِ وَالتَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ وَالشُّرُوعِ فِيهِ.

ثُمَّ قَالَ: وَأَجْمَعُوا أَنَّ النَّذْرَ لَوْ كَانَ مُعَلَّقًا قَالَ إنْ قَدِمَ غَائِبِي أَوْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فُلَانًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا فَعَجَّلَ شَهْرًا قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذَا الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ مِمَّا أَخْطَئُوا فِيهِ وَالْخَطَأُ هُنَا أَقْبَحُ لِكَثْرَةِ الصَّرَائِحِ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِهِ، وَأَنَا مُتَعَجِّبٌ لِكَوْنِهِمْ تَدَاوَلُوا هَذِهِ الْعِبَارَاتِ مُتُونًا وَشُرُوحًا وَفَتَاوَى، وَقَدْ يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مُؤَلِّفًا يَذْكُرُ شَيْئًا خَطَأً فَيَنْقُلُونَهُ بِلَا تَنْبِيهٍ فَيَكْثُرُ النَّاقِلُونَ وَأَصْلُهُ لِوَاحِدٍ مُخْطِئٍ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ نَفْسَ الِاعْتِكَافِ لَا يُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا فِي هِبَةِ النِّهَايَةِ جُمْلَةُ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَعَدَّ مِنْهَا تَعْلِيقَ إيجَابِ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مَا إذَا قَالَ أَوْجَبْت عَلَيَّ الِاعْتِكَافَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَتَدَبَّرْهُ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى رِوَايَةٍ فِي الِاعْتِكَافِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ مَا هُنَا مَذْكُورٌ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى، بَلْ الصَّوَابُ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُمْ فِيمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَا بِمُطْلَقِ شَرْطٍ، وَإِذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الِاعْتِكَافِ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي صَحِيحٌ كَيْفَ يَصِحُّ حَمْلُ

ص: 246

فَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِمَّا يَحْلِفُ بِهِ فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُهُمَا بِالشَّرْطِ، وَهَذَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا بَسَطَهُ فِي النَّهْرِ، وَالصَّحِيحُ إلْحَاقُ الِاعْتِكَافِ بِالنَّذْرِ (وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ لِأَنَّهُمَا إجَارَةٌ (وَالْإِقْرَارُ)

ــ

[رد المحتار]

كَلَامِهِمْ هُنَا عَلَى مَا يُنَاقِضُهُ ثُمَّ يَعْتَرِضُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ أَخْطَئُوا وَتَدَاوَلُوا الْخَطَأَ حَتَّى لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ ثِقَةٌ بِكَلَامِهِمْ الَّذِي يَتَوَافَقُونَ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّا نَرُدُّ عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ كَلَامِهِمْ بِمَا يَتَدَاوَلُونَهُ فَإِنَّهُمْ قُدْوَتُنَا وَعُمْدَتُنَا شَكَرَ اللَّه سَعْيَهُمْ، بَلْ الْوَاجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى وَفْقِ مَرَامِهِمْ، وَذَلِكَ كَمَا مَثَّلَ بِهِ فِي الْحَوَاشِي الْعَزْمِيَّةِ بِقَوْلِهِ فَسَادُ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ، بِأَنْ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ اعْتِكَافُ أَيَّامٍ نَوَيْت أَنْ أَعْتَكِفَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لِأَجْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا أَصُومَ أَوْ أُبَاشِرَ امْرَأَتِي فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ أَنْ أَخْرُجَ عَنْهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت بِحَاجَةٍ أَوْ بِغَيْرِ حَاجَةٍ يَكُونُ الِاعْتِكَافُ فَاسِدًا وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْت أَنْ أَعْتَكِفَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ لَكِنْ هَذَا تَصْوِيرٌ لِنَفْسِ الِاعْتِكَافِ لَا لِإِيجَابِهِ فَيُصَوَّرُ إيجَابُهُ بِأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا بِشَرْطِ أَنْ لَا أَصُومَ إلَخْ أَوْ إنْ رَضِيَ زَيْدٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ مُوجِبٌ أَيْضًا، فَإِذَا شَرَعَ فِيهِ بِالنِّيَّةِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَمْ يَصِحَّ إيجَابُهُ فَافْهَمْ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَلْهَمَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ) هَذَا صَحِيحٌ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ، أَمَّا الِاعْتِكَافُ فَيُحْلَفُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا عَلِمْت أَفَادَهُ ح.

(قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ إلْحَاقُ الِاعْتِكَافِ بِالنَّذْرِ) أَيْ فِي صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ، وَهَذَا التَّصْحِيحُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ النَّهْرِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِلرِّوَايَةِ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ، وَقَدْ عَلِمْت الْجَوَابَ الصَّوَابَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا إجَارَةٌ) فَيَكُونَانِ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ فَيَفْسُدَانِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِالشَّرْطِ، كَمَا لَوْ قَالَ زَارَعْتُكَ أَرْضِي أَوْ سَاقَيْتُك كَرْمِي عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي أَلْفًا أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَبِهِ يُعْلَمُ فَسَادُ مَا يَقَعُ فِي بِلَادِنَا مِنْ الْمُزَارَعَةِ بِشَرْطِ مُؤْنَةِ الْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ وَالْإِقْرَارُ) بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا إنْ أَقْرَضْتنِي كَذَا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ عَيْنِيٌّ. وَفِي الْمَبْسُوطِ: ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَقَالَ إنْ لَمْ آتِك بِهِ غَدًا فَهُوَ عَلَيَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ غَدًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ بِالْخَطَرِ. وَفِيهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ حَلَفَ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ فَحَلَفَ فُلَانٌ وَجَحَدَ الْمُقِرُّ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِشَرْطٍ فِيهِ خَطَرٌ، وَالتَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا اهـ بَحْرٌ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ تَعْلِيقٌ لَا شَرْطٌ، لَكِنْ قَدْ يُطْلَقُ التَّعْلِيقُ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالشَّرْطِ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ ظَاهِرَ الْإِطْلَاقِ دُخُولُ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ مِثْلَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنَا مُقِرٌّ بِطَلَاقِهَا أَوْ بِعِتْقِهِ فَلَا يَقَعُ، بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الْإِنْشَاءِ، وَيَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِنْشَاءِ بِهِ وَقَعَ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يَقَعْ. هَذَا. وَقَدْ حَكَى الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ خِلَافًا فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُعَلَّقَ بَاطِلٌ أَوْ لَا. وَنَقَلَ عَنْ الْمَبْسُوطِ مَا يَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ فَظَاهِرُهُ تَصْحِيحُهُ وَالْحَقُّ تَضْعِيفُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ اهـ مُلَخَّصًا. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ حَيْثُ اعْتَمَدَ عَلَى كَلَامِهِمْ هُنَا كَانَ عَلَيْهِ الْتِزَامُهُ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ وَالِاعْتِكَافِ. قُلْت: إنَّمَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ فِيهِمَا بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ إطْرَادُهُ فِي بَاقِي الْمَسَائِلِ، نَعَمْ فِي كَوْنِ الْإِقْرَارِ مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِبُطْلَانِهِ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِهِ هُنَا بُطْلَانُهُ لِمَا عَلِمْته مِمَّا مَرَّ مِرَارًا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفُرُوعِ بَعْضُهُ مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ وَبَعْضُهُ مِمَّا لَا يَبْطُلُ، فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْلٍ صَرِيحٍ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ اقْتَصَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى ذِكْرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَلْيُرَاجَعْ

ص: 247

إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الْغَدِ أَوْ بِمَوْتِهِ فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ لِلْحَالِ عَيْنِيٌّ (وَالْوَقْفُ وَ) وَالرَّابِعَ عَشَرَ (التَّحْكِيمُ) كَقَوْلِ الْمُحَكِّمَيْنِ إذَا أَهَلَّ الشَّهْرُ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا لِأَنَّهُ صُلْحٌ مَعْنًى، فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ عِنْدَ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ وَبَقِيَ إبْطَالُ الْأَجَلِ. فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الْغَدِ) كَقَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ أَفْطَرَ النَّاسُ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ هُوَ دَعْوَى الْأَجَلِ إلَى الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَدَعْوَاهُ الْأَجَلَ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِحُجَّةٍ زَيْلَعِيٌّ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَوْتِهِ) مَثَّلَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ مِتّ فَهُوَ عَلَيْهِ مَاتَ أَوْ عَاشَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ لِأَنَّ مَوْتَهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ بَلْ مُرَادُهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ لِيَشْهَدُوا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا جَحَدَتْ الْوَرَثَةُ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِلْإِقْرَارِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْوَقْفُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ، فَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا جَزَمَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْإِسْعَافِ حَيْثُ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إذَا كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ إذَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَأَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ يَكُونُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْوَقْفُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ. وَفِيهِ أَيْضًا: وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلَهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَ أَصْلَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا، وَحُكِيَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ رِوَايَةٌ، وَالظَّاهِرُ ضَعْفُهَا لِجَزْمِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِهَا نَهْرٌ، وَصَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَالظَّاهِرُ اعْتِمَادُهَا أَوْ ضَعْفُ مُقَابَلَتِهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلْحِكَايَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَحُكِيَ تَأَمَّلْ، وَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْعَافِ ثَانِيًا أَنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ وَأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ جَوَازُ شَرْطِ اسْتِبْدَالِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ هُنَا أَنَّهُ مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، بَلْ ذُكِرَ فِي الْعَزْمِيَّةِ أَنَّ قَاضِيَ خَانْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.

وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْإِسْعَافِ بِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ لَا يُبْطِلُ عَقْدَ التَّبَرُّعِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبُهُ نَقْضَ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ أَنْ تَبْقَى رَقَبَةُ الْأَرْضِ لَهُ أَوْ أَنْ لَا يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْهَا أَوْ أَنْ يَبِيعَهَا بِلَا اسْتِبْدَالٍ نَقْضٌ لِلتَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صُلْحٌ مَعْنًى) قَالَ فِي الدُّرَرِ فَإِنَّهُ تَوْلِيَةٌ صُورَةً وَصُلْحٌ مَعْنًى، إذْ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صُلْحٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ، وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَوْلِيَةٌ يَصِحُّ فَلَا يَصِحُّ بِالشَّكِّ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ الثَّانِي) وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ كَالْوَكَالَةِ وَالْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ) وَمِثْلُهُ فِي بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ إبْطَالُ الْأَجَلِ) بَقِيَ أَيْضًا تَعَلُّقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْإِقَالَةُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا، وَيَأْتِي مِثَالُهُ، وَالْكِتَابَةُ بِشَرْطٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا، وَالْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ وَالْإِعَارَةِ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ لِلْقَاتِلِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ عَفَوْتُك عَنْ الْقَوَدِ لَا يَصِحُّ لِمَعْنَى التَّمْلِيكِ. قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَعَرْتُك تَبْطُلُ لِأَنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ، وَقِيلَ تَجُوزُ كَالْإِجَارَةِ، وَقِيلَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ؛ وَلَوْ قَالَ أَعَرْتُك غَدًا تَصِحُّ الْعَارِيَّةُ اهـ.

وَبَقِيَ أَيْضًا عَزْلُ الْقَاضِي فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي، وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَنَّ مَا لَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ لَا يُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ) بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا حَلَّ نَجْمٌ وَلَمْ تُؤَدِّ فَالْمَالُ حَالٌّ صَحَّ وَصَارَ حَالًّا هَكَذَا عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ. وَاعْتَرَضَهَا فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَبَقِيَ الْأَجَلُ فَكَيْفَ يَقُولُ صَحَّ. وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ: وَإِبْطَالُ الْأَجَلِ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ؛ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا حَلَّ نَجْمٌ إلَخْ فَجَعَلَهَا مَسْأَلَةً أُخْرَى وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ. وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ الْعِبَارَتَيْنِ مُشْكِلَتَانِ، وَأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَجَلَ يَبْطُلُ، وَأَنَّهُ إذَا عَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ كَعَدَمِ أَدَاءِ نَجْمٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ يَبْطُلُ بِهِ الْأَجَلُ فَيَصِيرُ الْمَالُ حَالًّا اهـ.

ص: 248

وَكَذَا الْحَجْرُ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ.

(وَمَا) يَصِحُّ وَ (لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ) لِعَدَمِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ مَا عَدَّهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْعَيْنِيِّ وَزِدْت ثَمَانِيَةً (الْقَرْضَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ وَالنِّكَاحَ

ــ

[رد المحتار]

وَحَاصِلُهُ أَنَّ لَفْظَ إبْطَالٍ فِي عِبَارَتَيْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ زَائِدٌ وَأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِذِكْرِهِ فِي هَذَا الْقِسْمِ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحَجْرُ) يُوهِمُ أَنَّهُ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي، نَعَمْ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَلَوْ قَالَ لِقِنِّهِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ صَحَّ الْإِذْنُ؛ وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ حَجَرْت عَلَيْك لَا يَصِحُّ، وَالْقَاضِي لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ قَدْ حَجَرْت عَلَيْك إذَا سَفِهْت لَمْ يَكُنْ حُكْمًا بِحَجْرِهِ، وَلَوْ قَالَ لِسَفِيهٍ قَدْ أَذِنْت لَك إذَا صَلَحْت جَازَ اهـ

(قَوْلُهُ وَمَا يَصِحُّ وَلَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ) شُرُوعٌ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْأُولَى وَالْأَصْلُ فِيهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأُصُولِيِّينَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ فِي بَحْثِ الْهَزْلِ مِنْ قِسْمِ الْعَوَارِضِ أَنَّ مَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ، وَمَا لَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ اهـ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ مَا يَصِحُّ أَيْ فِي نَفْسِهِ وَيَلْغُو الشَّرْطُ، وَإِنَّمَا زَادَهُ لِكَوْنِ نَفْيِ الْبُطْلَانِ لَا يَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ لِصِدْقِهِ عَلَى الْفَسَادِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ) أَشَارَ إلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ أَنَّ مَا لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ أَيْ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ، وَذَلِكَ فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ فَيَكُونُ رِبًا وَالرِّبَا لَا يَكُونُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْغَيْرِ الْمَالِيَّةِ وَلَا فِي التَّبَرُّعَاتِ (قَوْلُهُ وَزِدْت ثَمَانِيَةً) هِيَ الْإِبْرَاءُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَالصُّلْحُ عَنْ جِنَايَةِ غَصْبٍ، الْوَدِيعَةٍ، وَعَارِيَّةٍ إذَا ضَمِنَهَا إلَخْ وَالنَّسَبُ وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَأْذُونِ وَالْغَصْبُ وَأَمَانُ الْقِنِّ ط.

قُلْت: وَقَدَّمْنَا أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ تَعْلِيقُهُ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا (قَوْلُهُ الْقَرْضَ) كَ أَقْرَضْتُك هَذِهِ الْمِائَةَ بِشَرْطِ أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَتَعْلِيقُ الْقَرْضِ حَرَامٌ وَالشَّرْطُ لَا يَلْزَمُ. وَاَلَّذِي فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ كَفَالَةِ الْأَصْلِ وَالْقَرْضُ بِالشَّرْطِ حَرَامٌ اهـ نَهْرٌ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالتَّعْلِيقِ الشَّرْطُ. وَفِي صَرْفِ الْبَزَّازِيَّةِ: أَقْرَضَهُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ بِالْعِرَاقِ فَسَدَ اهـ أَيْ فَسَدَ الشَّرْطُ وَإِلَّا خَالَفَ مَا هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ) كَوَهَبْتُكَ هَذِهِ الْمِائَةَ أَوْ تَصَدَّقْت عَلَيْك بِهَا عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سَنَةً نَهْرٌ، فَتَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ كَوَهَبْتُكَ عَلَى أَنْ تُعَوِّضَنِي كَذَا، وَلَوْ مُخَالِفًا تَصِحُّ الْهِبَةُ لَا الشَّرْطُ اهـ. وَفِي حَاشِيَتِهِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ. أَقُولُ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ وَاقِعَةِ الْفَتْوَى: وَهَبَ لِزَوْجَتِهِ بَقَرَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَهُ أَوْلَادٌ مِنْهَا تَهَبُ الْبَقَرَةَ لَهُمْ وَهُوَ صِحَّةُ الْهِبَةِ وَبُطْلَانُ الشَّرْطِ اهـ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَنَّ الْهِبَةَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالنِّكَاحَ) كَتَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَك مَهْرٌ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ يَجُوزُ النِّكَاحُ وَلَا يَصِحُّ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ مَا عَلَّقَ النِّكَاحَ بِالشَّرْطِ بَلْ بَاشَرَ النِّكَاحَ وَشَرَطَ الْخِيَارَ اهـ وَلَيْسَ مِنْهُ إنْ أَجَازَ أَبِي أَوْ رَضِيَ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالنِّكَاحُ لَا يَحْتَمِلُهُ فَلَا يَصِحُّ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَكَلَامُ النَّهْرِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرٍ فَتَدَبَّرْ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: لَوْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا فَقَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ.

قَالَ فِي النَّهْرِ وَهُوَ مُشْكِلٌ. وَالْحَقُّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ اهـ.

ص: 249

وَالطَّلَاقَ وَالْخُلْعَ وَالْعِتْقَ وَالرَّهْنَ وَالْإِيصَاءَ) كَ جَعَلْتُك وَصِيًّا عَلَى أَنْ تَتَزَوَّجَ بِنْتِي (وَالْوَصِيَّةُ وَالشَّرِكَةُ وَ) كَذَا (الْمُضَارَبَةُ وَالْقَضَاءُ وَالْإِمَارَةُ) كَوَلَّيْتُك بَلَدَ كَذَا مُؤَبَّدًا صَحَّ وَبَطَلَ الشَّرْطُ فَلَهُ عَزْلُهُ بِلَا جُنْحَةٍ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ عَزْلِهِ كَمُدَرِّسٍ أَبَّدَهُ السُّلْطَانُ أَنْ يَقُولَ رَجَعْت عَنْ التَّأْبِيدِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا عَنْ أَمَالِي أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ إنَّهُ اسْتِحْسَانٌ (قَوْلُهُ وَالطَّلَاقَ) كَطَلَّقْتُكِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجِي غَيْرِي بَحْرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي غَيْرِي فَكَذَلِكَ، وَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَالْخُلْعَ) كَخَالَعْتُكِ عَلَى أَنَّ لِي الْخِيَارَ مُدَّةً يَرَاهَا بَطَلَ الشَّرْطُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَوَجَبَ الْمَالُ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهَا فَصَحِيحٌ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا مَضَى بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالْعِتْقَ) بِأَنْ قَالَ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ بَحْرٌ، وَقَدَّمْنَا آنِفًا لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ عَتَقَتْ تَزَوَّجَتْ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَالرَّهْنَ) بِأَنْ قَالَ رَهَنْتُك عَبْدِي بِشَرْطِ أَنْ أَسْتَخْدِمَهُ أَوْ عَلَى أَنَّ الرَّهْنَ إنْ ضَاعَ ضَاعَ بِلَا شَيْءٍ أَوْ إنْ لَمْ أُوَفِّ مَتَاعَك لَك إلَى كَذَا فَالرَّهْنُ لَك بِمَالِك بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الرَّهْنُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَجَعَلْتُكَ وَصِيًّا إلَخْ) هَذَا الْمِثَالُ أَحْسَنُ مِمَّا فِي الْبَحْرِ جَعَلْتُك وَصِيًّا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَك مِائَةٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّرْطِ الْفَاسِدِ الَّذِي لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَمَا هُنَا صَحِيحٌ نَهْرٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَهُوَ وَصِيٌّ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالْمِائَةُ لَهُ وَصِيَّةً اهـ.

وَمَعْنَى بُطْلَانِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ يَبْطُلُ جَعْلُهَا شَرْطًا لِلْإِيصَاءِ وَتَبْقَى وَصِيَّةً، إنْ قَبِلَهَا كَانَتْ لَهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ أَيْ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لَمْ يُفْسِدْ عَقْدَ الْإِيصَاءِ (قَوْلُهُ وَالْوَصِيَّةَ) كَأَوْصَيْتُ لَك بِثُلُثِ مَالِي إنْ أَجَازَ فُلَانٌ عَيْنِيٌّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِثَالُ تَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَتَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ إثْبَاتُ الْخِلَافَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ اهـ وَمَعْنَى صِحَّةِ التَّعْلِيقِ أَنَّ الشَّرْطَ إنْ وُجِدَ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ الْمَالُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ بَحْرٌ ثُمَّ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِأُمِّ وَلَدِهِ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ فَقَبِلَتْ ذَلِكَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِزَمَانٍ فَلَهَا الثُّلُثُ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ اهـ مَعَ أَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالشَّرْطِ عَدَمَ تَزَوُّجِهَا عَقِبَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا عَدَمَهُ إلَى الْمَوْتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِزَمَانٍ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ تَزَوُّجِهَا عَقِبَ الِانْقِضَاءِ اهـ. قُلْت: وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ فِيهَا تَحَقَّقَ الشَّرْطُ فَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِتَزَوُّجِهَا بَعْدَهُ، إذْ لَوْ كَانَ الشَّرْطُ عَدَمَ تَزَوُّجِهَا أَبَدًا لَزِمَ أَنْ لَا يُوجَدَ شَرْطُ الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا بِمَوْتِهَا، وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا قَالَ طَلَّقْتُك إنْ لَمْ تَتَزَوَّجِي أَنَّهُ إذَا مَضَى بَعْدَ الْعِدَّةِ زَمَانٌ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ، فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ هَذَا الشَّرْطِ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ مُنَجَّزًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ قَرِيبًا، وَمَرَّ تَحْقِيقُهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي أَوَّلِ بَابِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَالشَّرِكَةَ) فِيهِ أَنَّهَا تَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ مَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الِاشْتِرَاكِ فِي الرِّبْحِ كَاشْتِرَاطِ عَشَرَةٍ لِأَحَدِهِمَا.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الشَّرِكَةُ تَبْطُلُ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ دُونَ بَعْضٍ، حَتَّى لَوْ شَرَطَ التَّفَاضُلَ فِي الْوَضِيعَةِ لَا تَبْطُلُ وَتَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ عَشَرَةٍ لِأَحَدِهِمَا. وَفِيهَا: لَوْ شَرَطَ صَاحِبُ الْأَلْفِ الْعَمَلَ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفَيْنِ وَالرِّبْحَ نِصْفَيْنِ لَمْ يَجُزْ الشَّرْطُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا اهـ. أَمَّا لَوْ لَمْ يَشْرِطْ الْعَمَلَ عَلَى أَفْضَلِهِمَا مَالًا بَلْ تَبَرَّعَ بِهِ. فَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ شَرْطَ الرِّبْحِ صَحِيحٌ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ بِدَلِيلِ مَا فِي بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ: اشْتَرَى حَطَبًا فِي قَرْيَةٍ وَقَالَ مَوْصُولًا بِالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي الشِّرَاءِ: احْمِلْهُ إلَى مَنْزِلِي لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُضَارَبَةُ) كَمَا لَوْ شَرَطَ نَفَقَةَ السَّفَرِ عَلَى الْمُضَارِبِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَجَازَتْ بَزَّازِيَّةٌ.

وَفِيهَا: وَلَوْ شَرَطَ مِنْ الرِّبْحِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَسَدَتْ لَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ بَلْ لِقَطْعِ الشَّرِكَةِ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ رَبُّ الْمَالِ لِلْمُضَارِبِ أَرْضًا يَزْرَعُهَا سَنَةً أَوْ دَارًا لِلسُّكْنَى بَطَلَ الشَّرْطُ وَجَازَتْ، وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارِبِ لِرَبِّ الْمَالِ فَسَدَتْ لِأَنَّهُ جَعَلَ نِصْفَ الرِّبْحِ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ وَأَجَرَهُ الدَّارَ اهـ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهَا تَفْسُدُ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ كَالشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ كَ وَلَّيْتُك بَلْدَةَ كَذَا مُؤَبَّدًا) فَقَوْلُهُ مُؤَبَّدًا شَرْطٌ فَاسِدٌ، لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ

ص: 250

وَاخْتَارَ فِي النَّهْرِ إطْلَاقَ الصِّحَّةِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْتَشِيَ وَلَا يَشْرَبَ الْخَمْرَ وَلَا يَمْتَثِلَ قَوْلَ أَحَدٍ وَلَا يَسْمَعَ خُصُومَةَ زَيْدٍ صَحَّ التَّقْلِيدُ وَالشَّرْطُ (وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ) إلَّا إذَا شُرِطَ فِي الْحَوَالَةِ الْإِعْطَاءُ مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ فَتَفْسُدُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْمُلْتَزَمِ كَمَا عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ لِلْبَزَّازِيَّةِ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمُحْتَالِ وَعْدٌ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَلْيُحَرَّرْ (وَالْوَكَالَةُ

ــ

[رد المحتار]

بِعَارِضِ جُنُونٍ أَوْ عَزْلٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَمِثْلُهُ وَلَّيْتُك عَلَى أَنْ لَا تُعْزَلَ أَبَدًا أَوْ عَلَى أَنْ لَا تَرْكَبَ كَمَا مَثَّلَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ فَهَذَا الشَّرْطُ فَاسِدٌ وَلَا تَبْطُلُ إمْرَتُهُ بِهَذَا (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ فِي النَّهْرِ إطْلَاقَ الصِّحَّةِ) حَيْثُ قَالَ رَادًّا عَلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ. وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ وَلَا دَلِيلَ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّهُ حَيْثُ صَحَّ الْعَزْلُ كَانَ إلْغَاءً لِلتَّأْبِيدِ سَوَاءٌ نَصَّ عَلَى الْغَايَةِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ صَحَّ التَّقْيِيدُ وَالشَّرْطُ) فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ انْعَزَلَ، وَلَا يَبْطُلُ قَضَاؤُهُ فِيمَا مَضَى: وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي فِي خُصُومَةِ زَيْدٍ، وَيَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَفْصِلَ قَضِيَّتَهُ إنْ اعْتَرَاهُ قَضِيَّةٌ بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَفِيهِ عَنْهَا أَيْضًا: لَوْ شَرَطَ فِي التَّقْلِيدِ أَنَّهُ مَتَى فَسَقَ يَنْعَزِلُ انْعَزَلَ اهـ.

قُلْت: وَإِنَّمَا صَحَّ الشَّرْطُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا صَحِيحًا، وَالْقَاضِي وَكِيلٌ عَنْ السُّلْطَانِ فَيَتَقَيَّدُ قَضَاؤُهُ بِمَا قَيَّدَهُ بِهِ حَتَّى يَتَقَيَّدَ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالشَّخْصِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا نَهَاهُ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى مَضَى عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ) بِأَنْ قَالَ كَفَلْت غَرِيمَك عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي كَذَا وَأَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَرْجِعَ عَلَيَّ عِنْدَ التَّوَى نَهْرٌ، يَعْنِي فَتَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ قَالَ كَفَلْت بِهِ عَلَى أَنِّي مَتَى أَوْ كُلَّمَا طُولِبْت بِهِ فَلِي أَجَلُ شَهْرٍ فَإِذَا طَالَبَهُ بِهِ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ الْأُولَى فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ مِنْ وَقْتِ الْمُطَالَبَةِ الْأُولَى لَزِمَ التَّسْلِيمُ وَلَا يَكُونُ لِلْمُطَالَبَةِ الثَّانِيَةِ تَأْجِيلٌ اهـ. وَفِيهِ أَنَّ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ مَقْدِسِيٌّ، وَلَعَلَّهُ أَلْغَى التَّكْرَارَ هُنَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إبْطَالِ مُوجِبِ الْكَفَالَةِ، وَحَيْثُ أَمْكَنَ الْإِعْمَالُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِبْطَالِ تَأَمَّلْ، وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَوَائِلَ الْكَفَالَةِ، وَيَأْتِي تَوْضِيحُهَا هُنَاكَ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا: كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ يَصِحُّ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّوَسُّعِ اهـ فَفِي هَذَا وَفِيمَا قَبْلَهُ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَالشَّرْطُ لِأَنَّهُ شَرْطُ تَأْجِيلٍ أَوْ خِيَارٍ وَكِلَاهُمَا شَرْطٌ صَحِيحٌ، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِهَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ وَيَأْتِي هُنَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْضًا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا شَرَطَ إلَخْ) أَيْ شَرَطَ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمَالَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ.

قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: بِخِلَافِ مَا إذَا الْتَزَمَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْإِعْطَاءَ مِنْ ثَمَنِ دَارِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى بَيْعِ دَارِ نَفْسِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ دَارِهِ، كَمَا إذَا كَانَ قَبُولُهَا بِشَرْطِ الْإِعْطَاءِ عِنْدَ الْحَصَادِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ قَبْلَ الْأَجَلِ اهـ وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ التَّأْجِيلِ إلَى الْحَصَادِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ جَهَالَةً يَسِيرَةً، بِخِلَافِ هُبُوبِ الرِّيحِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ مِنْ الْمُحْتَالِ) صَوَابُهُ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلْيُحَرَّرْ) أَشَارَ إلَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ، فَإِنَّ كَوْنَهُ وَعْدًا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ شَرْطًا مَعَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ، إذْ لَوْ كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاطِ لَمْ يَفْسُدْ الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالشَّرِكَةُ، وَأَيْضًا لَا يَظْهَرُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَيَظْهَرُ لِي الْجَوَابُ بِأَنَّ الْحَوَالَةَ قَدْ تَكُونُ مُقَيَّدَةً كَمَا لَوْ أَحَالَ غَرِيمُهُ بِأَلْفٍ الْوَدِيعَةَ عَلَى الْمُودَعِ تَقَيَّدَتْ بِهَا حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الْأَلْفُ بَرِئَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِهَا، وَهُنَا لَمَّا شَرَطَ الدَّفْعَ مِنْ ثَمَنِ دَارِ الْمُحِيلِ صَارَتْ مُقَيَّدَةً بِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْوَفَاءِ بِذَلِكَ فَسَدَتْ الْحَوَالَةُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ الْمُحَالُ بِهَا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا فِي الْحَوَالَةِ صَحَّتْ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا فِي آخِرِ حَوَالَةِ الْبَزَّازِيَّةِ. أَمَّا لَوْ شَرَطَ الدَّفْعَ مِنْ ثَمَنِ دَارِهِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى بَيْعِ دَارِهِ وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ، وَلَوْ بَاعَ يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ لِتَحَقُّقِ الْوُجُوبِ كَمَا فِي الدُّرَرِ (قَوْلُهُ وَالْوَكَالَةُ)

ص: 251

وَالْإِقَالَةُ وَالْكِتَابَةُ) إلَّا إذَا كَانَ الْفَسَادُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَيْ نَفْسِ الْبَدَلِ كَكِتَابَتِهِ عَلَى خَمْرٍ فَتَفْسُدُ بِهِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ كَمَا حَرَّرَهُ خُسْرو (وَإِذْنُ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ، وَدَعْوَةُ الْوَلَدِ) كَهَذَا الْوَلَدُ مِنِّي إنْ رَضِيَتْ امْرَأَتِي (وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ) وَكَذَا الْإِبْرَاءُ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ اكْتِفَاءً بِالصُّلْحِ دُرَرٌ (وَ) عَنْ (الْجِرَاحَةِ) الَّتِي فِيهَا الْقَوَدُ وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَعَنْ جِنَايَةِ غَصْبٍ الْوَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ إذْ ضَمِنَهَا رَجُلٌ وَشَرَطَ فِيهَا حَوَالَةً أَوْ كَفَالَةً دُرَرٌ،

ــ

[رد المحتار]

كَوَكَّلْتُكَ عَلَى أَنْ تُبْرِئَنِي مِمَّا لَك عَلَيَّ نَهْرٌ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْوَكَالَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ أَيِّ شَرْطٍ كَانَ، وَفِيهَا تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ وَتَعْلِيقُ الْعَزْلِ بِهِ بَاطِلٌ، وَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتِ وَكِيلِي صَحَّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ التَّوْكِيلِ بِالْعَزْلِ، وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا وَكَّلْتُك فَأَنْتِ مَعْزُولٌ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْعَزْلِ بِالشَّرْطِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالْإِقَالَةُ) حَتَّى لَوْ تَقَايَلَا عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ صَحَّتْ وَلَغَا الشَّرْطُ، وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِهَا نَهْرٌ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهَا بِهِ.

وَصُورَةُ التَّعْلِيقِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مَا لَوْ بَاعَ ثَوْرًا مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ اشْتَرَيْته رَخِيصًا فَقَالَ زَيْدٌ إنْ وَجَدْت مُشْتَرِيًا بِالزِّيَادَةِ فَبِعْهُ مِنْهُ فَوَجَدَ فَبَاعَ بِأَزْيَدَ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ الثَّانِي لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْإِقَالَةِ لَا الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَالْكِتَابَةُ) بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُعَامِلَ فُلَانًا أَوْ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ فَتَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ) صُلْبُ الشَّيْءِ: مَا يَقُومُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَقِيَامُ الْبَيْعِ بِأَحَدِ الْعِوَضَيْنِ، فَكُلُّ فَسَادٍ يَكُونُ فِي أَحَدِهِمَا يَكُونُ فَسَادًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كَوْنِ الْفَسَادِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ ط (قَوْلُهُ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ) أَيْ إطْلَاقُ مَنْ قَالَ إنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَالْعِمَادِيِّ والأسروشني فَإِنَّهُمَا قَالَا: وَتَعْلِيقُ الْكِتَابَةِ بِالشَّرْطِ لَا يَجُوزُ وَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمَا ثَانِيًا الْكِتَابَةُ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ وَغَيْرِ مُتَعَارَفٍ تَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ عَلَى كَوْنِ الشَّرْطِ زَائِدًا لَيْسَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ صَاحِبِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَيْهِمَا، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الدُّرَرِ.

وَأَمَّا مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: كَاتَبَهَا وَهِيَ حَامِلٌ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ وَلَدُهَا فِي الْكِتَابَةِ فَسَدَتْ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ اهـ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ حَمْلِهَا وَهُوَ جَزْءٌ مِنْهَا شَرْطٌ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، كَمَا لَوْ بَاعَ أَمَةً إلَّا حَمْلَهَا لِأَنَّهَا أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِذْنُ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ) كَأَذِنْتُ لَك فِي التِّجَارَةِ عَلَى أَنْ تَتَّجِرَ إلَى شَهْرٍ أَوْ عَلَى أَنْ تَتَّجِرَ فِي كَذَا فَيَكُونُ عَامًّا فِي التِّجَارَةِ وَالْأَوْقَاتِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَهَذَا الْوَلَدِ مِنِّي إنْ رَضِيَتْ امْرَأَتِي) تَابَعَ الْبَحْرَ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ فِي الْبَحْرِ اعْتَرَضَ عَلَى الْعَيْنِيِّ مِرَارًا بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَا فِي التَّعْلِيقِ، فَالْأَوْلَى قَوْلُ النَّهْرِ بِشَرْطِ رِضَا زَوْجَتِي. وَقَالَ فِي الْعَزْمِيَّةِ: وَصَوَّرَ ذَلِكَ فِي إيضَاحِ الْكَرْمَانِيِّ بِأَنْ ادَّعَى نَسَبَ التَّوْأَمَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ نِسْبَةُ الْآخَرِ مِنْهُ، أَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرِثَ مِنْهُ يَثْبُتُ نَسَبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ التَّوْأَمَيْنِ وَيَرِثُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ، فَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُ الْآخِرِ لِمَا عُرِفَ، وَشَرْطُ أَنْ لَا يَرِثَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِمُخَالَفَةِ الشَّرْعِ وَالنَّسَبِ وَلَا يَفْسُدُ بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ) بِأَنْ صَالَحَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ عَمْدًا الْقَاتِلَ عَلَى شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ أَوْ يَهْدِيَ إلَيْهِ شَيْئًا فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ، وَيَسْقُطُ الدَّمُ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ فَلَا يَحْتَمِلُ الشَّرْطَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ اكْتِفَاءً بِالصُّلْحِ) إذَا لَيْسَ بَيْنَهُمَا كَثِيرُ فَرْقٍ، فَإِنَّ الْوَلِيَّ إذَا قَالَ لِلْقَاتِلِ عَمْدًا أَبْرَأْت ذِمَّتَك عَلَى أَنْ لَا تُقِيمَ فِي هَذَا الْبَلَدِ مَثَلًا أَوْ صَالَحَ مَعَهُ عَلَيْهِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ وَالصُّلْحُ، وَلَا يُعْتَبَرُ الشَّرْطُ دُرَرٌ (قَوْلُهُ الَّتِي فِيهَا الْقَوَدُ) فِي الْمِصْبَاحِ: الْقَوَدُ الْقِصَاصُ وَبِهِ عَبَّرَ فِي الدُّرَرِ، فَلَا فَرْقَ فِي التَّعْبِيرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ الْقَتْلِ الْخَطَأِ أَوْ الْجِرَاحَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَرْشُ كَانَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ دُرَرٌ: أَيْ لِأَنَّ مُوجِبَ ذَلِكَ الْمَالُ فَكَانَ مُبَادَلَةً لَا إسْقَاطًا (قَوْلُهُ وَعَنْ جِنَايَةِ غَصْبٍ) أَيْ مَغْصُوبٍ، وَقَوْلُهُ

ص: 252

وَالنَّسَبُ، وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَأْذُونِ نَهْرٌ، وَالْغَصْبُ وَأَمَانُ مُقَنٍّ أَشْبَاهٌ (وَعَقْدُ الذِّمَّةِ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَ) تَعْلِيقُهُ (بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَعَزْلُ الْقَاضِي)

ــ

[رد المحتار]

إذَا ضَمِنَهَا: أَيْ مُوجِبَاتِ الصُّلْحِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ دُرَرٌ، وَلَعَلَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ لَوْ أَتْلَفَ مَا غَصَبَهُ أَوْ أَتْلَفَ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً عِنْدَهُ وَأَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يُضَمِّنَهُ ذَلِكَ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ وَضَمِنَ رَجُلٌ مُوجِبَ الصُّلْحِ بِشَرْطِ أَنْ يُحِيلَهُ بِهِ عَلَى آخَرَ أَوْ يَكْفُلَ بِهِ آخَرَ صَحَّ الضَّمَانُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمَانَ كَفَالَةٌ، وَقَدْ مَرَّتْ مَسْأَلَةُ الْكَفَالَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالنَّسَبُ) تَقَدَّمَ تَصْوِيرُهُ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَأْذُونِ) فَلَا يَبْطُلُ بِهِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ، وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْأَشْبَاهِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَالْغَصْبُ) كَذَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ مَعَ ذِكْرِهِمْ مَسْأَلَةَ جِنَايَةِ الْغَصْبِ الْمَارَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ لَا يُقَيَّدُ بِشَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ ضَمَانَ الْغَصْبِ بِشَرْطٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْكَفَالَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَأَمَانُ الْقِنِّ) أَقُولُ: فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ تَعْلِيقُ الْأَمَانِ: بِالشَّرْطِ جَائِزٌ بِدَلِيلِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَمَّنَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَّقَ أَمَانَهُمْ بِكِتْمَانِهِمْ شَيْئًا وَأَبْطَلَ أَمَانَ آلِ أَبِي الْجَعْدِ بِكِتْمَانِهِمْ الْحُلِيِّ» اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْقِنَّ لَيْسَ قَيْدًا حَمَوِيٌّ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ إضَافَةُ الْأَمَانِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَوْ إلَى مَفْعُولِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَمَانُ النَّفْسِ (قَوْلُهُ وَعَقْدُ الذِّمَّةِ) فَإِنَّ الْإِمَامَ إذَا فَتَحَ بَلْدَةً وَأَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَشَرَطُوا مَعَهُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ أَنْ لَا يُعْطُوا الْجِزْيَةَ بِطَرِيقِ الْإِهَانَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْرُوعُ، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَبِخِيَارِ الشَّرْطِ) هَكَذَا عَبَّرَ فِي الْكَنْزِ، وَعَبَّرَ فِي النِّهَايَةِ بِقَوْلِهِ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِالشَّرْطِ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ، وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ بِالْعَيْبِ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّدِّ لَا يَتَعَلَّقُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ عَيْبٍ أَوْ شَرْطٍ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَصِحُّ وَلَا يَفْسُدُ تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَا فِيمَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ. فَكَانَ الْمُنَاسِبُ حَذْفَ لَفْظَةِ تَعْلِيقٍ كَمَا فَعَلَ صَاحِبُ الدُّرَرِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْلِيقِ التَّقْيِيدُ أَوْ أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ صَحَّ تَقْيِيدُهُ كَمَا مَرَّ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ تَعْلِيقَ الرَّدِّ بِأَحَدِ الْخِيَارَيْنِ بِالشَّرْطِ يَصِحُّ تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ إذَا لَا يَظْهَرُ تَصْوِيرُ تَقْيِيدِ التَّعْلِيقِ. ثُمَّ إنَّهُ مَثَّلَ لِلْأَوَّلِ فِي الْبَحْرِ بِمَا إذَا قَالَ إنْ وَجَدْت بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَرُدُّهُ عَلَيْك إنْ شَاءَ فُلَانٌ وَلِلثَّانِي بِمَا إذَا قَالَ مَنْ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ رَدَدْت الْبَيْعَ أَوْ أَسْقَطْت خِيَارِي إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ اهـ تَأَمَّلْ وَفِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قُلْت: هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ إبْطَالِهِ وَإِضَافَتِهِ؟ قُلْت: قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا الْيَوْمَ فَقَدْ أَبْطَلْت خِيَارِي كَانَ بَاطِلًا وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ إنْ لَمْ أَرُدَّهُ الْيَوْمَ فَقَدْ أَبْطَلْت خِيَارِي وَلَمْ يَرُدَّهُ الْيَوْمَ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ قَالَ أَبْطَلْت غَدًا أَوْ قَالَ أَبْطَلْت خِيَارِي إذَا جَاءَ غَدٌ فَجَاءَ غَدٌ ذَكَرَ فِي الْمُلْتَقَى أَنَّهُ يَبْطُلُ خِيَارُهُ. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا كَالْأَوَّلِ لِأَنَّ هَذَا وَقْتٌ يَجِيءُ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ: فَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْإِضَافَةِ فِي الْمُحَقَّقِ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُسَوُّوا بَيْنَهُمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَالَ إنْ لَمْ أَفْسَخْ الْيَوْمَ فَقَدْ رَضِيت أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَقَدْ رَضِيت لَا يَصِحُّ اهـ أَيْ بَلْ يَبْقَى خِيَارُهُ (قَوْلُهُ وَعَزْلُ الْقَاضِي) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِرَجُلٍ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتِ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا أَوْ أَمِيرُهَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَالَ إذَا أَتَاك كِتَابِي هَذَا فَأَنْتَ مَعْزُولٌ يَنْعَزِلُ بِوُصُولِهِ وَقِيلَ لَا اهـ. وَذَكَرَ فِي الدُّرَرِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَالْأُسْرُوشَنِيَّةِ أَنَّ الثَّانِيَ بِهِ يُفْتَى. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْعِمَادِيَّةِ وَالْأُسْرُوشَنِيَّةِ قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَنَحْنُ لَا نُفْتِي بِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ فَتْوَى الْأُوزَجَنْدِيِّ اهـ

ص: 253

كَ عَزَلْتُك إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَيَنْعَزِلُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا كُلَّهَا لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ، فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ. وَبَقِيَ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا كَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ، وَبِالِالْتِزَامَاتِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا كَحَجٍّ وَصَلَاةٍ وَالتَّوْلِيَاتِ كَقَضَاءٍ وَإِمَارَةٍ عَيْنِيٌّ وَزَيْلَعِيٌّ. زَادَ فِي النَّهْرِ: الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ وَتَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ وَالْإِسْلَامَ، وَحَرَّرَ الْمُصَنِّفُ دُخُولَ الْإِسْلَامِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِقْرَارِ،

ــ

[رد المحتار]

وَظَاهِرُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ كَعَزَلْتُكَ إنْ شَاءَ فُلَانٌ) كَذَا مَثَّلَ فِي الْبَحْرِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ. قُلْت: وَالْعَجَبُ أَنَّهُ فِي الْبَحْرِ اعْتَرَضَ عَلَى الْعَيْنِيِّ مِرَارًا بِمِثْلِ هَذَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْطُلْ بِالتَّعْلِيقِ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ بِالْأَوْلَى كَعَزَلْتُكَ عَلَى أَنْ أُوَلِّيَك فِي بَلْدَةِ كَذَا (قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِعَدَمِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ) هَذِهِ الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الثَّالِثَةِ، لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ مَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَحَوَالَةٍ وَكَفَالَةٍ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا) لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا لَدَخَلَ الْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ لِكَوْنِهَا إسْقَاطًا، وَلَكِنْ لَا يُحْلَفُ بِهِمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا الْإِبْرَاءُ عَنْ الْكَفَالَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِمُلَائِمٍ كَمَا مَرَّ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَالتَّوَلِّيَاتِ) فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالْمُلَائِمِ فَقَطْ، وَكَذَا فِي إطْلَاقَاتٍ وَتَحْرِيضَاتٍ كَمَا مَرَّ فِي الْأَصْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَتَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَمَا عَلِمْت فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ. هَذَا وَفِي شُفْعَةِ الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِذَا صَالَحَ مَنْ شُفْعَتُهُ عَلَى عِوَضٍ بَطَلَتْ وَرُدَّ الْعِوَضُ، لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ لَا يَتَعَلَّقُ إسْقَاطُهُ بِالْجَائِزِ مِنْ الشَّرْطِ فَبِالْفَاسِدِ أَوْلَى. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَوْ قَالَ سَلَّمْت الشُّفْعَةَ فِي هَذِهِ الدَّارِ إنْ كُنْت اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِك وَقَدْ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ وَصَحَّ، لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَالطَّلَاقِ فَصَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ اهـ. قَالَ الطُّورِيُّ فِي تَكْمِلَةِ الْبَحْرِ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِحَمْلِ مَا فِي الْهِدَايَةِ عَلَى الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ وَالرِّضَا بِالْمُجَاوَرَةِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ شَرْطٍ وَشَرْطٍ اهـ.

[تَنْبِيهٌ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي التَّسْلِيمِ بَعْدَ وُجُوبِهَا. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْبَيْعِ إنْ اشْتَرَيْت فَقَدْ سَلَّمْتهَا هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ بَحَثَ فِيهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ تَعْلِيقُ الْإِسْقَاطِ قَبْلَ الْوُجُوبِ بِوُجُودِ سَبَبِهِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ الْمَحْضِ يَجُوزُ فِيمَا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ، وَقَوْلِهِمْ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَقَوْلِهِمْ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ سَبَبِهِ صَحَّ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَقَدْ عَلَّقَهُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَكَأَنَّهُ نَجَّزَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ، لَكِنْ أَوْرَدَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إشْكَالًا عَلَى كَوْنِ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ إسْقَاطًا مَحْضًا، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي بَابِ الصُّلْحِ عَنْ الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ إسْقَاطِهِ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ إلَى الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا، وَهَذَا لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ قَالَ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ لَيْسَ بِإِسْقَاطٍ مَحْضٍ وَإِلَّا لَصَحَّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَسَائِرِ الْإِسْقَاطَاتِ اهـ، قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ قَبْلَ الشِّرَاءِ كَالتَّنْجِيزِ قَبْلَهُ وَالْمَسْأَلَةُ تَقَعُ كَثِيرًا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَحَرَّرَ الْمُصَنِّفُ دُخُولَ الْإِسْلَامِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ الْإِسْلَامَ لَا بُدَّ فِيهِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ التَّبَرِّي كَمَا عَلِمْت تَفَاصِيلَهُ فِي الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ. وَيُؤْخَذُ عَدَمُ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِمْ بَعْدَ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ. وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ تَصْدِيقٌ بِالْجِنَانِ وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكَافِرَ الَّذِي يُعَلِّقُ إسْلَامَهُ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ غَالِبًا يَكُونُ شَيْئًا لَا يُرِيدُ

ص: 254