المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ . لَا خَفَاءَ فِي اشْتِرَاكِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ، - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌ ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ . لَا خَفَاءَ فِي اشْتِرَاكِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ،

‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

.

لَا خَفَاءَ فِي اشْتِرَاكِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ الْأَمَانَةُ (هُوَ) لُغَةً: مِنْ الْوَدْعِ أَيْ التَّرْكِ وَشَرْعًا (تَسْلِيطُ الْغَيْرِ عَلَى حِفْظِ مَالِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً) كَأَنْ انْفَتَقَ زِقُّ رَجُلٍ فَأَخَذَهُ رَجُلٌ بِغَيْبَةِ مَالِكِهِ ثُمَّ تَرَكَهُ، ضَمِنَ لِأَنَّهُ بِهَذَا الْأَخْذِ الْتَزَمَ حِفْظَهُ دَلَالَةً بَحْرٌ (الْوَدِيعَةُ مَا تُتْرَكُ عِنْدَ الْأَمِينِ) وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْأَمَانَةِ كَمَا حَقَّقَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.

(وَرُكْنُهَا: الْإِيجَابُ صَرِيحًا) كَأَوْدَعْتُكَ (أَوْ كِنَايَةً) كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ أَعْطِنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَعْطِنِي هَذَا الثَّوْبَ مَثَلًا فَقَالَ: أَعْطَيْتُك كَانَ وَدِيعَةً بَحْرٌ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَحْتَمِلُ الْهِبَةَ لَكِنَّ الْوَدِيعَةَ أَدْنَى، وَهُوَ مُتَيَقَّنٌ فَصَارَ كِنَايَةً (أَوْ فِعْلًا) كَمَا لَوْ وَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يَقُلْ

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ حَيْثُ قَالَ رَامِزًا لِفَتَاوَى الْفَضْلِيِّ: الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، وَبِهِ يُفْتَى، ثُمَّ إذَا هَلَكَتْ أَفْتَيْت بِالرُّجُوعِ لِلْوَاهِبِ هِبَةً فَاسِدَةً لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ؛ إذْ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ فَإِذَا كَانَتْ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَلَاكِ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الرَّدِّ قَبْلَ الْهَلَاكِ اهـ فَتَنَبَّهْ. .

[فُرُوعٌ] سُئِلَ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مَعْرُوفًا، فَهَلْ يَكُونُ رَبُّ الْمَالِ أَحَقَّ بِرَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْجَوَابُ: نَعَمْ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ حَامِدِيَّةٌ، وَفِيهَا عَنْ قَارِئِ الْهِدَايَةِ مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ فِي فَتَاوَاهُ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ خِيَانَةً فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ، وَأَنْكَرَ حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مِقْدَارًا، فَكَذَا الْحُكْمُ لَكِنْ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارَ مَا خَانَ فِيهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي مِقْدَارِهِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَإِقْرَارٍ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ، وَالْبَيَانُ فِي مِقْدَارِهِ إلَى الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ خَصْمُهُ بَيِّنَةً عَلَى أَكْثَرَ اهـ.

[كِتَابُ الْإِيدَاعِ]

(قَوْلُهُ بِغَيْبَةِ إلَخْ) قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لَمْ يَضْمَنْ كَمَا حَقَّقَهُ الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ الْيَعْقُوبِيَّةَ قَالَ فِي الْمِنَحِ: إنَّ الْأَمَانَةَ عِلْمٌ لِمَا هُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ، فَشَمِلَ جَمِيعَ الصُّوَرِ الَّتِي لَا ضَمَانَ فِيهَا كَالْعَارِيَّةِ وَالْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُ بِهَا، الْوَدِيعَةُ مَا وُضِعَ لِلْأَمَانَةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَكَانَا مُتَغَايِرَيْنِ. وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَفِي الْبَحْرِ وَحُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، لِأَنَّهُ فِي الْوَدِيعَةِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا عَادَ إلَى الْوِفَاقِ، وَفِي الْأَمَانَةِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ بَعْدَ الْخِلَافِ.

[نُكْتَةٌ] .

ذَكَرَهَا فِي الْهَامِشِ رُوِيَ: أَنَّ زُلَيْخَا لَمَّا اُبْتُلِيَتْ بِالْفَقْرِ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهَا مِنْ الْحُزْنِ عَلَى يُوسُفَ عليه السلام جَلَسَتْ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فِي زِيِّ الْفُقَرَاءِ فَمَرَّ بِهَا يُوسُفُ عليه السلام فَقَامَتْ تُنَادِي أَيُّهَا الْمَلِكُ، اسْمَعْ كَلَامِي، فَوَقَفَ يُوسُفُ عليه السلام فَقَالَتْ: الْأَمَانَةُ أَقَامَتْ الْمَمْلُوكَ مَقَامَ الْمُلُوكِ، وَالْخِيَانَةُ أَقَامَتْ الْمُلُوكَ مَقَامَ الْمَمْلُوكِ، فَسَأَلَ عَنْهَا، فَقِيلَ: إنَّهَا زُلَيْخَا فَتَزَوَّجَهَا رَحْمَةً عَلَيْهَا اهـ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ كِنَايَةً) الْمُرَادُ بِهَا مَا قَابَلَ الصَّرِيحَ مِثْلُ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ لَا الْبَيَانِيَّةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ إلَخْ) التَّعْلِيلُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُلْ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ: لَا أَقْبَلُ الْوَدِيعَةَ لَا يَضْمَنُ؛ إذْ الْقَبُولُ عُرْفًا لَا يَثْبُتُ عِنْدَ الرَّدِّ صَرِيحًا. قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ: دَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْبَقَّارَ لَا يَصِيرُ مُودَعًا فِي بَقَرَةِ مَنْ بَعَثَهَا إلَيْهِ فَقَالَ الْبَقَّارُ لِلرَّسُولِ: اذْهَبْ بِهَا إلَى رَبِّهَا فَإِنِّي لَا أَقْبَلُهَا فَذَهَبَ بِهَا، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الْبَقَّارُ، وَقَدْ مَرَّ خِلَافُهُ، يَقُولُ الْحَقِيرُ:

ص: 662

شَيْئًا فَهُوَ إيدَاعٌ (وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُودَعِ صَرِيحًا) كَقَبِلْتُ (أَوْ دَلَالَةً) كَمَا لَوْ سَكَتَ عِنْدَ وَضْعِهِ فَإِنَّهُ قَبُولٌ دَلَالَةً كَوَضْعِ ثِيَابِهِ فِي حَمَّامٍ بِمَرْأًى مِنْ الثِّيَابِيِّ، وَكَقَوْلِهِ لِرَبِّ الْخَانِ: أَيْنَ أَرْبِطُهَا فَقَالَ: هُنَاكَ كَانَ إيدَاعًا خَانِيَّةٌ هَذَا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْحِفْظِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأَمَانَةِ فَتَتِمُّ بِالْإِيجَابِ وَحْدَهُ حَتَّى لَوْ قَالَ لِلْغَاصِبِ أَوْدَعْتُك الْمَغْصُوبَ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ اخْتِيَارٌ.

(وَشَرْطُهَا كَوْنُ الْمَالِ قَابِلًا لِإِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ) فَلَوْ أَوْدَعَ الْآبِقَ أَوْ الطَّيْرَ فِي الْهَوَاءِ لَمْ يَضْمَنْ

(وَكَوْنُ الْمُودَعِ مُكَلَّفًا شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْحِفْظِ عَلَيْهِ) فَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا فَاسْتَهْلَكَهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا ضَمِنَ بَعْدَ عِتْقِهِ

(وَهِيَ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: يَنْبَغِي لَا يَنْبَغِي إذْ الرَّسُولُ لَمَّا أَتَى بِهَا إلَيْهِ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الرِّسَالَةِ، وَصَارَ أَجْنَبِيًّا فَلَمَّا قَالَ الْبَقَّارُ رُدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا صَارَ كَأَنَّهُ رَدَّهَا إلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ رَدَّهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَلِذَا يَضْمَنُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ نُورُ الْعَيْنِ وَتَمَامُهُ فِيهِ.

وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ قَالَ لَمْ أَقْبَلْ حَتَّى لَمْ يَصِرْ مُودَعًا وَتَرَكَ الثَّوْبَ رَبُّهُ، وَذَهَبَ فَرَفَعَهُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ وَأَدْخَلَهُ بَيْتَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الْإِيدَاعُ صَارَ غَاصِبًا بِرَفْعِهِ، يَقُولُ الْحَقِيرُ: فِيهِ إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْغَصْبَ إزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ، وَلَمْ تُوجَدْ، وَرَفْعُهُ الثَّوْبَ لِقَصْدِ النَّفْعِ لَا الضَّرَرِ بَلْ تَرْكُ الْمَالِكِ ثَوْبَهُ إيدَاعٌ ثَانٍ، وَرَفْعُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ قَبُولٌ ضِمْنًا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ (قَوْلُهُ شَيْئًا) فَلَوْ قَالَ لَا أَقْبَلُ لَا يَكُونُ مُودَعًا لِأَنَّ الدَّلَالَةَ لَمْ تُوجَدْ بَحْرٌ وَفِيهِ عَنْ الْخُلَاصَةِ لَوْ وَضَعَ كِتَابَهُ عِنْدَ قَوْمٍ، فَذَهَبُوا وَتَرَكُوهُ ضَمِنُوا إذَا ضَاعَ، وَإِنْ قَامُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ضَمِنَ الْأَخِيرُ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ لِلْحِفْظِ فَتَعَيَّنَ لِلضَّمَانِ اهـ فَكُلٌّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِيهِ غَيْرُ صَرِيحٍ كَمَسْأَلَةِ الْخَانِيِّ الْآتِيَةِ قَرِيبًا.

[فَرْعٌ] .

فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ أَدْخَلَ دَابَّتَهُ دَارَ غَيْرِهِ، وَأَخْرَجَهَا رَبُّ الدَّارِ لَمْ يَضْمَنْ، لِأَنَّهَا تَضُرُّ بِالدَّارِ، وَلَوْ وَجَدَ دَابَّةً فِي مَرْبِطِهِ فَأَخْرَجَهَا ضَمِنَ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَكَتَ) أَيْ فَإِنَّهُ قَبُولٌ، وَبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا فِي الْهِنْدِيَّةِ قَالَ وَضَعَ شَيْئًا فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ أَمَرَهُ فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى ضَاعَ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ. وَضَعَ عِنْدَ آخَرَ شَيْئًا، وَقَالَ: احْفَظْ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ الْتِزَامِ الْحِفْظِ اهـ وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِالْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الرِّضَا وَعَدَمِهِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ الثِّيَابِيِّ) وَلَا يَكُونُ الْحَمَّامِيُّ مُودَعًا مَادَامَ الثِّيَابِيُّ حَاضِرًا فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْحَمَّامِيُّ مُودَعٌ بَحْرٌ. وَفِيهِ عَنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ: لَبِسَ ثَوْبًا فَظَنَّ الثِّيَابِيُّ أَنَّهُ ثَوْبُهُ، فَإِذَا هُوَ ثَوْبُ الْغَيْرِ ضَمِنَ هُوَ الْأَصَحُّ أَيْ لِأَنَّهُ بِتَرْكِ السُّؤَالِ وَالتَّفَحُّصِ يَكُونُ مُفَرِّطًا، فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ أَفَادَهُ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ الْقَبُولِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ) قَدْ مَرَّ أَنَّ الْقَبُولَ صَرِيحٌ، وَدَلَالَةٌ فَلَعَلَّهُ هُنَا بِمَعْنَى الرَّدِّ أَمَّا لَوْ سَكَتَ فَهُوَ قَبُولٌ دَلَالَةً تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لِإِثْبَاتِ الْيَدِ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِيهِ تَسَامُحٌ؛ إذْ الْمُرَادُ إثْبَاتُ الْيَدِ بِالْفِعْلِ، وَلَا يَكْفِي قَبُولُ الْإِثْبَاتِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الدُّرَرِ بِقَوْلِهِ وَحِفْظُ شَيْءٍ بِدُونِ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ مُحَالٌ تَأَمَّلْ فَتَّالٌ وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو السُّعُودِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَوْدَعَ صَبِيًّا) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ إيدَاعِ الصَّبِيِّ مَا إذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ مِثْلَهُ: وَهِيَ مِلْكُ غَيْرِهِمَا فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الدَّافِعِ وَالْآخِذِ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ مَدَنِيٌّ وَانْظُرْ حَاشِيَةَ الْفَتَّالِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ بَعْدَ عِتْقِهِ) أَيْ لَوْ بَالِغًا وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ.

[فَرْعٌ] .

قَالَ فِي الْهَامِشِ: لَوْ احْتَاجَ إلَى نَقْلِ الْعِيَالِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِيَالٌ فَسَافَرَ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَهَذَا لَوْ عَيَّنَ الْمَكَانَ فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ بِأَنْ قَالَ: احْفَظْ هَذَا، وَلَمْ يَقُلْ فِي مَكَانِ كَذَا، فَسَافَرَ بِهِ فَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا لَا عِنْدَنَا كَالْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ لَوْ سَافَرَ بِمَالِ الصَّبِيِّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، فَلَوْ كَانَ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَقَدْ أُمِرَ بِالْحِفْظِ مُطْلَقًا، فَلَوْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ السَّفَرِ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهِ فِي الْمِصْرِ الَّذِي أَوْدَعَهُ فِيهِ لَمْ

ص: 663

أَمَانَةٌ) هَذَا حُكْمُهَا مَعَ وُجُوبِ الْحِفْظِ وَالْأَدَاءِ عِنْدَ الطَّلَبِ وَاسْتِحْبَابِ قَبُولِهَا (فَلَا تُضْمَنُ بِالْهَلَاكِ) إلَّا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ بِأَجْرٍ أَشْبَاهٌ مَعْزِيًّا لِلزَّيْلَعِيِّ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ أَمْ لَا، هَلَكَ مَعَهَا شَيْءٌ أَمْ لَا لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيّ:«لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» .

(وَاشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ) كَالْحَمَّامِيِّ وَالْخَانِيِّ (بَاطِلٌ بِهِ يُفْتَى) خُلَاصَةٌ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ.

(وَلِلْمُودَعِ حِفْظُهَا بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ) كَمَالِهٍ (وَهُمْ مَنْ يَسْكُنُ مَعَهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لَا مَنْ يُمَوِّنُهُ) فَلَوْ دَفَعَهَا لِوَلَدِهِ الْمُمَيِّزِ أَوْ زَوْجَتِهِ، وَلَا يَسْكُنُ مَعَهُمَا، وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا لَمْ يَضْمَنْ خُلَاصَةٌ وَكَذَا لَوْ دَفَعَتْهَا لِزَوْجِهَا، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمُسَاكَنَةِ لَا لِلنَّفَقَةِ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرَانِ مَعًا عَيْنِيٌّ.

(وَشَرْطُ كَوْنِهِ) أَيْ مَنْ فِي عِيَالِهِ (أَمِينًا) فَلَوْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ ضَمِنَ خُلَاصَةٌ (وَ) جَازَ (لِمَنْ فِي عِيَالِهِ الدَّفْعُ لِمَنْ فِي عِيَالِهِ وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ الدَّفْعِ إلَى بَعْضِ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَدَفَعَ إنْ وَجَدَ بَدَا مِنْهُ) بِأَنْ كَانَ لَهُ عِيَالٌ غَيْرُهُ ابْنُ مَلَكٍ (ضَمِنَ وَإِلَّا لَا، وَإِنْ حَفِظَهَا بِغَيْرِهِمْ ضَمِنَ) وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ حَفِظَهَا بِمَنْ يَحْفَظُ مَالِهِ كَوَكِيلِهِ وَمَأْذُونِهِ وَشَرِيكِهِ مُفَاوَضَةً وَعِنَانًا جَازَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ابْنُ مَلَكٍ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَغَيْرُهُ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (إلَّا إذَا خَافَ الْحَرْقَ أَوْ الْغَرَقَ) وَكَانَ غَالِبًا مُحِيطًا، فَلَوْ غَيْرَ مُحِيطٍ ضَمِنَ (فَسَلَّمَهَا إلَى جَارِهِ أَوْ) إلَى (فُلْكٍ آخَرَ) إلَّا إذَا أَمْكَنَهُ دَفْعُهَا لِمَنْ فِي عِيَالِهِ

ــ

[رد المحتار]

يَضْمَنْ بِالْإِجْمَاعِ فَلَوْ لَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله ضَمِنَ لَوْ بَعِيدًا، لَا لَوْ قَرِيبًا، وَعَنْ مُحَمَّدٍ ضَمِنَ فِي الْحَالَيْنِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. الْمُودَعُ بِأَجْرٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا لِتَعْيِينِ مَكَانِ الْعَقْدِ لِلْحِفْظِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.

(قَوْلُهُ عِنْدَ الطَّلَبِ) إلَّا فِي مَسَائِلَ سَتَأْتِي (قَوْلُهُ: بِأَجْرٍ) سَيَأْتِي أَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَأَيْضًا قَوْلُ الْمَتْنِ هُنَا: وَاشْتِرَاطُ إلَخْ يَرُدُّ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَعَ الشَّرْطِ فَكَيْفَ مَعَ عَدَمِهِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ، وَاسْتَأْجَرَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إذَا تَلِفَ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى سَائِحَانِيٌّ: وَانْظُرْ حَاشِيَةَ الْفَتَّالِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا مُسْتَأْجَرٌ عَلَى الْحِفْظِ قَصْدًا بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ مُسْتَأْجَرٌ عَلَى الْعَمَلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِلزَّيْلَعِيِّ) وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْكِفَايَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ رَمْلِيٌّ عَلَى الْمِنَحِ (قَوْلُهُ غَيْرِ الْمُغِلِّ) أَيْ الْخَائِنِ كَذَا فِي الْهَامِشِ

(قَوْلُهُ كَالْحَمَّامِيِّ) أَيْ مُعَلِّمِ الْحَمَّامِ، وَأَمَّا مَنْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهُ يَأْخُذُ فِي مُقَابَلَةِ حِفْظِهِ أُجْرَةً يَضْمَنُ، لِأَنَّهُ وَدِيعٌ بِأُجْرَةٍ لَكِنْ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِهِ سَائِحَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ دَفَعَهَا) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ لِوَلَدِهِ الْمُمَيِّزِ) بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْحِفْظِ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ ضَمِنَ) أَيْ بِدَفْعِهَا لَهُ وَكَذَا لَوْ تَرَكَهُ فِي بَيْتِهِ الَّذِي فِيهِ وَدَائِعُ النَّاسِ، وَذَهَبَ فَضَاعَتْ ضَمِنَ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ: فِي عِيَالِهِ) الضَّمِيرُ فِي عِيَالِهِ الْأَخِيرِ يَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْعِيَالِ الْأَوَّلِ وَبِهِ صَرَّحَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْمُودَعِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَقْدِسِيَّ، وَفِيهِ لَا: يُشْتَرَطُ فِي الْأَبَوَيْنِ كَوْنُهُمَا فِي عِيَالِهِ وَبِهِ يُفْتَى، وَلَوْ أَوْدَعَ غَيْرَ عِيَالِهِ، وَأَجَازَ الْمَالِكُ خَرَجَ مِنْ الْبَيْنِ، وَلَوْ وَضَعَ فِي حِرْزِ غَيْرِهِ بِلَا اسْتِئْجَارٍ يَضْمَنُ، وَلَوْ آجَرَ بَيْتًا مِنْ دَارِهِ، وَدَفَعَهَا أَيْ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا غَلَقٌ عَلَى حِدَةٍ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدْخُلُ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ غَيْرِ حِشْمَةٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَفِي سُكُوتِهِمْ عَنْ الدَّفْعِ لِعِيَالِ الْمُودَعِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا اخْتِلَافًا، وَتَرْجِيحَ الضَّمَانِ سَائِحَانِيٌّ وَأَرَادَ بِشَيْخِنَا أَبَا السُّعُودِ.

[فَرْعٌ] .

لَوْ قَالَ ادْفَعْهَا لِمَنْ شِئْت يُوَصِّلُهَا إلَيَّ فَدَفَعَهَا إلَى أَمِينٍ فَضَاعَتْ قِيلَ: يَضْمَنُ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ تَتَارْخَانِيَّةٌ سَائِحَانِيٌّ. [فَرْعٌ] .

حَضَرَتْهَا الْوَفَاةُ فَدَفَعَتْ الْوَدِيعَةَ إلَى جَارَتِهَا فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْجَارَةِ قَالَ الْبَلْخِيّ: إنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهَا عِنْدَ الْوَفَاةِ أَحَدٌ مِمَّنْ يَكُونُ فِي عِيَالِهِ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي دَارِ الْمُودَعِ لَهُ دَفْعُهَا لِأَجْنَبِيٍّ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ وَقَالَ قَبْلَهُ: وَظَاهِرُ الْمُتُونِ أَنَّ كَوْنَ الْغَيْرِ فِي عِيَالِهِ شَرْطٌ وَاخْتَارَهُ فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ غَالِبًا مُحِيطًا) وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ التَّتِمَّةِ: وَسُئِلَ حُمَيْدٍ الْوَبَرِيُّ عَنْ مُودَعٍ وَقَعَ الْحَرِيقُ بِبَيْتِهِ، وَلَمْ يَنْقُلْ

ص: 664

أَوْ أَلْقَاهَا فَوَقَعَتْ فِي الْبَحْرِ ابْتِدَاءً أَوْ بِالتَّدَحْرُجِ ضَمِنَ زَيْلَعِيٌّ (فَإِنْ ادَّعَاهُ) أَيْ الدَّفْعَ لِجَارِهِ أَوْ فُلْكٍ آخَرَ (صُدِّقَ إنْ عُلِمَ وُقُوعُهُ) أَيْ الْحَرْقِ (بِبَيْتِهِ) أَيْ بِدَارِ الْمُودَعِ (وَإِلَّا) يُعْلَمْ وُقُوعُ الْحَرْقِ فِي دَارِهِ (لَا) يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَحَصَلَ بَيْنَ كَلَامَيْ الْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ التَّوْفِيقُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(وَلَوْ مَنَعَهُ الْوَدِيعَةَ ظُلْمًا بَعْدَ طَلَبِهِ) لِرَدِّ وَدِيعَتِهِ فَلَوْ حَمَلَهَا إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ ابْنُ مَلَكٍ بِنَفْسِهِ وَلَوْ حَكَمًا كَوَكِيلِهِ بِخِلَافِ رَسُولِهِ، وَلَوْ بِعَلَامَةٍ مِنْهُ عَلَى الظَّاهِرِ (قَادِرًا عَلَى تَسْلِيمِهَا ضَمِنَ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَاجِزًا أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ بِأَنْ كَانَ مَدْفُونًا مَعَهَا ابْنُ مَلَكٍ (لَا) يَضْمَنُ كَطَلَبِ الظَّالِمِ (فَلَوْ كَانَ الْوَدِيعَةُ سَيْفًا أَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لِيَضْرِبَ بِهِ رَجُلًا فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْ الدَّفْعِ) إلَى أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ تَرَكَ الرَّأْيَ الْأَوَّلَ وَأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ جَوَاهِرُ (كَمَا لَوْ أَوْدَعَتْ) الْمَرْأَةُ (كِتَابًا فِيهِ إقْرَارٌ مِنْهَا لِلزَّوْجِ بِمَالٍ أَوْ بِقَبْضِ مَهْرِهَا مِنْهُ) فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْهَا لِئَلَّا يَذْهَبَ حَقُّ الزَّوْجِ خَانِيَّةٌ.

ــ

[رد المحتار]

الْوَدِيعَةَ إلَى مَكَان آخَرَ إنْ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ فَتَرَكَهَا حَتَّى احْتَرَقَتْ ضَمِنَ اهـ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَرَكَهَا حَتَّى أَكَلَهَا الْعُثُّ كَمَا يَأْتِي فِي النَّظْمِ. ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي حَرِيقٍ وَقَعَ فِي دَارِ الْمُودَعِ فَدَفَعَهَا إلَى أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَضْمَنْ، فَلَوْ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَسْتَرِدَّهَا ضَمِنَ، وَتَمَامُهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ. وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: وَإِذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ لِآخَرَ لِعُذْرٍ، فَلَمْ يَسْتَرِدَّ عَقِبَ زَوَالِهِ، فَهَلَكَتْ عِنْدَ الثَّانِي لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ، وَلَمَّا لَمْ يَضْمَنْ بِهِ لِلْعُذْرِ لَا يَضْمَنُ بِالتَّرْكِ يَدُلُّ عَلَيْهِ لَوْ سَلَّمَهَا إلَى عِيَالِهِ، وَتَرَكَهَا عِنْدَهُمْ لَا يَضْمَنُ لِلْإِذْنِ، وَكَذَا الدَّفْعُ هُنَا مَأْذُونٌ فِيهِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْقَاهَا) أَيْ فِي السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ: كَلَامَيْ الْخُلَاصَةِ إلَخْ) نَصُّ الْخُلَاصَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ وَقَعَ الْحَرِيقُ فِي بَيْتِهِ قُبِلَ، قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا، وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْهِدَايَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِوُقُوعِ الْحَرِيقِ فِي بَيْتِهِ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ، وَمِنْ ثَمَّ عَوَّلْنَا عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ ح.

(قَوْلُهُ: كَوَكِيلِهِ) فِي الْخُلَاصَةِ الْمَالِكُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُودَعُ: لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهَا، وَذَهَبَ إنْ تَرَكَهَا عَنْ رِضًا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ فَقَدْ أَنْشَأَ الْوَدِيعَةَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ غَيْرِ رِضًا يَضْمَنُ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ الْوَدِيعَةَ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ اهـ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِعَدَمِ الدَّفْعِ إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الظَّهِيرِيَّةِ: وَرَسُولُ الْمُودِعِ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ: لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الرَّسُولِ حَتَّى هَلَكَتْ ضَمِنَ، وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَأَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ: إنَّهُ يَضْمَنُ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُودِعَ إذَا صَدَّقَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْوَكَالَةِ: لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ، وَلَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ لِأَنَّ الرَّسُولَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ الْمُرْسِلِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَزَلَ الْوَكِيلَ قَبْلَ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ رَجَعَ عَنْ الرِّسَالَةِ قَبْلَ عِلْمِ الرَّسُولِ صَحَّ، كَذَا فِي فَتَاوَاهُ اهـ مِنَحٌ. قَالَ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ: ظَاهِرُ مَا فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْخُلَاصَةِ وَيَتَرَاءَى لِي التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْوَكِيلُ إنْشَاءَ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْمُودَعِ بَعْدَ مَنْعِهِ لِيَدْفَعَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَمَا فِي الْفُصُولِ وَالتَّجْنِيسِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ لِيُؤَدِّيَ إلَى الْمُودَعِ بِنَفْسِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي جَوَابِهِ: لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا، وَتَمَامُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: كَطَلَبِ الظَّالِمِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالظَّالِمِ هُنَا الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي طَلَبِهِ هُوَ فَمَا بَعْدَهُ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ أَعْنِي قَوْلَهُ فَلَوْ كَانَتْ إلَخْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى الظُّلْمِ.

[فَرْعٌ: ذَكَرَهُ فِي الْهَامِشِ] :.

مَرِضَتْ الدَّابَّةُ الْوَدِيعَةُ فَأَمَرَ الْمُودَعُ إنْسَانًا فَعَالَجَهَا ضَمَّنَ الْمَالِكُ أَيَّهُمَا شَاءَ فَلَوْ

ص: 665

(وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَنْعِ ظُلْمًا (مَوْتُهُ) أَيْ مَوْتُ الْمُودَعِ (مُجْهِلًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) فَتَصِيرُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُهَا فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ: أَنَا عَلِمْتُهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ إنْ فَسَّرَهَا، وَقَالَ: هِيَ كَذَا وَأَنَا عَلِمْتهَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ وَهَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ سَوَاءٌ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا دَلَّ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ لَا يَضْمَنُ، وَالْمُودَعُ إذَا دَلَّ ضَمِنَ خُلَاصَةٌ إلَّا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الْأَخْذِ حَالَ الْأَخْذِ (كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمَانَاتِ) فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ كَشَرِيكٍ وَمُفَاوِضٍ (إلَّا فِي) عَشْرٍ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ.

ــ

[رد المحتار]

ضَمَّنَ الْمُودَعَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعَالِجِ، وَلَوْ ضَمَّنَ الْمُعَالِجَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُودَعِ، عَلِمَ أَنَّهَا لِلْغَيْرِ أَوْ لَا، إلَّا إنْ قَالَ الْمُودَعُ: لَيْسَتْ لِي أَوْ لَمْ آمُرْهُ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَرْجِعُ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

(قَوْلُهُ: الْمُودَعُ) بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: مُجْهِلًا) أَمَّا بِتَجْهِيلِ الْمَالِكِ فَلَا ضَمَانَ وَالْقَوْلُ لِلْمُودَعِ بِيَمِينِهِ بِلَا شُبْهَةٍ، قَالَ الْحَانُوتِيُّ: وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ الزَّائِدُ فِي الرَّهْنِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ اهـ. أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْهُ لِقَوْلِهِمْ: مَا يُضْمَنُ بِهِ الْوَدِيعَةُ يُضْمَنُ بِهِ الرَّهْنُ، فَإِذَا مَاتَ مُجْهِلًا يَضْمَنُ مَا زَادَ وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ رَمْلِيٌّ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى الْمُودِعُ أَوْ الْمُضَارِبُ أَوْ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُسْتَبْضِعُ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ أَمَانَةً إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَلَمْ تُعْرَفْ الْأَمَانَةُ بِعَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ، لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلْوَدِيعَةِ بِالتَّجْهِيلِ، وَمَعْنَى مَوْتِهِ مُجْهِلًا أَنْ لَا يُبَيِّنَ حَالَ الْأَمَانَةِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ. وَقَدْ سُئِلَ الشَّيْخُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ عَمَّا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ عِنْدِي وَرَقَةٌ فِي الْحَانُوتِ لِفُلَانٍ ضَمَّنَهَا دَرَاهِمَ لَا أَعْرِفُ قَدْرَهَا فَمَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ مِنْ التَّجْهِيلِ لِقَوْلِهِ فِي الْبَدَائِعِ: هُوَ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، وَلَمْ تُعْرَفْ الْأَمَانَةُ بِعَيْنِهَا اهـ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ فَتَأَمَّلْ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ إلَّا إذَا عَلِمَ) أَيْ الْمُجْهِلُ وَإِذَا قَالَ الْوَارِثُ رَدَّهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلِفَتْ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يُصَدَّقْ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الْمُودَعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ رَدَدْتهَا يُقْبَلُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَادَّعَى الْمَالِكُ هَلَاكَهَا وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْوَارِثَ كَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْهَلَاكِ إذَا فَسَّرَهَا فَهُوَ مِثْلُهُ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي مَسْأَلَةٍ قَالَ رَبُّهَا مَاتَ الْمُودَع مُجْهِلًا وَقَالَ وَرَثَتُهُ كَانَتْ قَائِمَةً يَوْمَ مَوْتِهِ وَمَعْرُوفَةً ثُمَّ هَلَكَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ صُدِّقَ رَبُّهَا هُوَ الصَّحِيحُ؛ إذْ الْوَدِيعَةُ صَارَتْ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ فِي الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ.

وَلَوْ قَالَ وَرَثَتُهُ: رَدَّهَا فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلِفَتْ فِي حَيَاتِهِ لَا يُصَدَّقُونَ بِلَا بَيِّنَةٍ لِمَوْتِهِ مُجْهِلًا، فَتَقَرَّرَ الضَّمَانُ فِي التَّرِكَةِ، وَلَوْ بَرْهَنُوا أَنَّ الْمُودَعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ رَدَدْتهَا تُقْبَلُ؛ إذْ الثَّابِتُ بِبَيِّنَةٍ كَالثَّابِتِ بِعِيَانٍ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمُودَعُ إذَا دَلَّ ضَمِنَ قَالَ ط عَنْ الْخُلَاصَةِ الْمُودَعُ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا دَلَّ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْأَخْذِ حَالَ الْأَخْذِ، فَإِنْ مَنَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ مَنَعَهُ) أَيْ الْمُودَعُ السَّارِقَ فَأَخَذَ كَرْهًا فُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ سَائِرِ الْأَمَانَاتِ) وَمِنْهَا الرَّهْنُ إذَا مَاتَ الْمُرْتَهِنُ مُجْهِلًا يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّهْنِ فِي تَرِكَتِهِ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ أَيْ يَضْمَنُ الزَّائِدَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الرَّمْلِيِّ، وَكَذَا الْوَكِيلُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَا قَبَضَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا وَبِهِ أَفْتَى الْحَامِدِيُّ بَعْدَ الْخَيْرِيِّ، وَفِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ بِالْمَوْتِ مُجْهِلًا سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِالْمَوْتِ) وَيَكُونُ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ بِيرِيّ عَلَى الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ: وَمُفَاوِضٍ) وَكَمُرْتَهِنٍ أَنْقِرْوِيٌّ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ) وَعِبَارَتُهَا الْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالْأَبُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ ابْنِهِ، وَالْوَارِثُ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَا أُودِعَ عِنْدَ مُوَرِّثِهِ، وَإِذَا مَاتَ مُجْهِلًا لِمَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ أَوْ لِمَا وَضَعَهُ مَالِكُهُ فِي بَيْتِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَإِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مُجْهِلًا لِمَا أَوْدَعَ عِنْدَهُ مَحْجُورٌ اهـ مُلَخَّصًا فَهِيَ سَبْعَةٌ وَذَكَرَ

ص: 666

مِنْهَا (نَاظِرٌ أَوْدَعَ غَلَّاتِ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ مُجْهِلًا) فَلَا يَضْمَنُ، قُيِّدَ بِالْغَلَّةِ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَوْ مَاتَ مُجْهِلًا لِمَالِ الْبَدَلِ ضَمِنَهُ أَشْبَاهٌ أَيْ لِثَمَنِ الْأَرْضِ الْمُسْتَبْدَلَةِ.

قُلْت: فَلِعَيْنِ الْوَقْفِ بِالْأَوْلَى كَالدَّرَاهِمِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَقَرَّهُ ابْنُهُ فِي الزَّوَاهِرِ وَقُيِّدَ مَوْتُهُ بَحْثًا بِالْفَجْأَةِ فَلَوْ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ بَيَانِهَا فَكَانَ مَانِعًا لَهَا ظُلْمًا فَيَضْمَنُ وَرَدَّ مَا بَحَثَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فَتَنَبَّهْ.

(وَ) مِنْهَا (قَاضٍ مَاتَ مُجْهِلًا لِأَمْوَالِ الْيَتَامَى) زَادَ فِي الْأَشْبَاهِ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهَا، وَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ وَضَعَهَا فِي بَيْتِهِ، وَمَاتَ مُجْهِلًا ضَمِنَ لِأَنَّهُ مُودَعٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْدَعَ غَيْرَهُ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةَ إيدَاعِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ فَلْيُحْفَظْ. .

ــ

[رد المحتار]

الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَةً فَهِيَ عَشَرَةٌ

(قَوْلُهُ أَوْدَعَ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ قَبَضَ وَهِيَ أَوْلَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ غَلَّاتِ الْوَقْفِ) أَقُولُ: هَكَذَا وَقَعَ مُطْلَقًا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَقَيَّدَهُ قَاضِي خَانِ بِمُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا أَخَذَ غَلَّاتِ الْمَسْجِدِ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ اهـ.

أَقُولُ: أَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ مُسْتَحَقَّةً لِقَوْمٍ بِالشَّرْطِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا، بِدَلِيلِ اتِّفَاقِ كَلِمَتِهِمْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ وَقْفًا عَلَى أَخَوَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَبَضَ الْآخَرُ غَلَّتَهَا تِسْعَ سِنِينَ، ثُمَّ مَاتَ الْحَاضِرُ وَتَرَكَ وَصِيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ، وَطَالَبَ الْوَصِيَّ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْغَلَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إذَا كَانَ الْحَاضِرُ الَّذِي قَبَضَ الْغَلَّةَ هُوَ الْقَيِّمَ إلَّا أَنَّ الْأَخَوَيْنِ آجَرَا جَمِيعًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ آجَرَ الْحَاضِرُ كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لَهُ فِي الْحُكْمِ، وَلَا يَطِيبُ لَهُ اهـ كَلَامُهُ.

أَقُولُ: وَيَلْحَقُ بِغَلَّةِ الْمَسْجِدِ مَا إذَا شَرَطَ تَرْكَ شَيْءٍ فِي يَدِ النَّاظِرِ لِلْعِمَارَةِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ قَالَ الْحَقِيرُ: وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِمْ غَلَّاتِ الْوَقْفِ وَمَا قُبِضَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ لَيْسَ غَلَّةَ الْوَقْفِ، بَلْ هُوَ مَالُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالشَّرْطِ، قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ، وَغَلَّةُ الْوَقْفِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ مَجْمُوعَةِ مُنْلَا عَلَى آخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ نَقَلَ ذَلِكَ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ وَكِيلِ الْمُتَوَلِّي إذَا مَاتَ مُجْهِلًا هَلْ يَضْمَنُ.

قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ أَنَّ دَعْوَى الْغَلَّةِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ فَرَاجِعْهُ، وَأَشَرْنَا إلَيْهِ ثَمَّ فَرَاجِعْهُ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ، وَيُفِيدُهُ عِبَارَةُ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ الْآتِيَةُ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ ابْنُهُ) الشَّيْخُ صَالِحٌ (قَوْلُهُ بِالْفَجْأَةِ) لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيَانِ فَلَمْ يَكُنْ حَابِسًا ظُلْمًا.

قُلْت: هَذَا مُسَلَّمٌ لَوْ مَاتَ فَجْأَةً عَقِبَ الْقَبْضِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ) مِنْ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَخَّرَ حَتَّى مَاتَ مُجْهِلًا ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبُوا فَإِنْ مَحْمُودًا مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ لَا يَضْمَنُ، وَإِلَّا وَلَمْ يُعْطِهِمْ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ ضَمِنَ.

وَحَاصِلُ الرَّدِّ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مِنْ الضَّمَانِ مُطْلَقًا مَحْمُودًا أَوْ لَا وَأَفْتَى فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة بِضَمَانِ النَّاظِرِ إذَا مَاتَ بَعْدَمَا طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ اسْتِحْقَاقَهُ فَمَنَعَهُ مِنْهُ ظُلْمًا وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ تُضْمَنُ بِالْمَنْعِ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا قَاضٍ) لَوْ قَالَ الْقَاضِي فِي حَيَاتِهِ: ضَاعَ مَالُ الْيَتِيمِ عِنْدِي أَوْ قَالَ أَنْفَقْتهَا عَلَى الْيَتِيمِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا كَانَ ضَامِنًا خَانِيَّةٌ فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ) لَعَلَّ وَجْهَ الضَّمَانِ كَوْنُهَا لَا تَتَخَطَّى الْوَرَثَةَ

ص: 667

(وَ) مِنْهَا (سُلْطَانٌ أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ غَازٍ ثُمَّ مَاتَ مُجْهِلًا) وَلَيْسَ مِنْهَا مَسْأَلَةُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَفِي الشَّرِكَةِ عَنْ وَقْفِ الْخَانِيَّةِ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِمَوْتِهِ مُجْهِلًا وَخِلَافُهُ غَلَطٌ.

قُلْت: وَأَقَرَّهُ مُحَشُّوهَا فَبَقِيَ الْمُسْتَثْنَى تِسْعَةً فَلْيُحْفَظْ وَزَادَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلْوَهْبَانِيَّةِ عَلَى الْعَشَرَةِ تِسْعَةً

الْجَدُّ وَوَصِيُّهُ وَوَصِيُّ الْقَاضِي، وَسِتَّةٌ مِنْ الْمَحْجُورِينَ، لِأَنَّ الْحَجْرَ يَشْمَلُ سَبْعَةً فَإِنَّهُ لِصِغَرٍ وَرِقٍّ وَجُنُونٍ وَغَفْلَةٍ وَدَيْنٍ وَسَفَهٍ وَعَتَهٍ وَالْمَعْتُوهُ كَصَبِيٍّ، وَإِنْ بَلَغَ ثُمَّ مَاتَ لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَهُوَ الصِّبَا فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ مَأْذُونًا لَهُمَا ثُمَّ مَاتَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ ضَمِنَا كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْوَجِيزِ قَالَ فَبَلَغَ تِسْعَةَ عَشَرَ وَنَظَمَ عَاطِفًا عَلَى بَيْتَيْ الْوَهْبَانِيَّةِ بَيْتَيْنِ وَهِيَ:

وَكُلُّ أَمِينٍ مَاتَ وَالْعَيْنُ يَحْصُرُ

وَمَا وُجِدَتْ عَيْنًا فَدَيْنًا تُصَيَّرُ

سِوَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ثُمَّ مُفَاوِضٍ

وَمُودِعِ مَالِ الْغُنْمِ وَهْوَ الْمُؤَمِّرُ

وَصَاحِبِ دَارٍ أَلْقَتْ الرِّيحُ مِثْلَ مَا

لَوْ الْقَاهُ مَلَاكٌ بِهَا لَيْسَ يَشْعُرُ

كَذَا وَالِدٌ جَدٌّ وَقَاضٍ وَصِيُّهُمْ

جَمِيعًا وَمَحْجُورٌ فَوَارِثٌ يُسَطَّرُ

(وَكَذَا لَوْ خَلَطَهَا الْمُودَعُ) بِجِنْسِهَا أَوْ بِغَيْرِهِ (بِمَالِهِ) أَوْ مَالٍ آخَرَ ابْنُ كَمَالٍ (بِغَيْرِ إذْنِ) الْمَالِكِ

ــ

[رد المحتار]

فَالْغُرْمُ بِالْغُنْمِ، وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا وَضَعَ مَالِ الْيَتِيمِ فِي بَيْتِهِ وَمَاتَ مُجْهِلًا يَضْمَنُ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ قَدْ تَكُونُ مُسْتَمَدَّةً مِنْ الْقَاضِي أَوْ الْأَبِ فَضَمَانُهُ بِالْأَوْلَى، وَفِي الْخَيْرِيَّةِ، وَفِي الْوَصِيِّ قَوْلٌ بِالضَّمَانِ سَائِحَانِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ) أَيْ الصَّوَابَ (قَوْلُهُ مُحَشُّوهَا) أَيْ الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ تِسْعَةً) بِإِخْرَاجِ أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَوَصِيُّهُ إلَخْ) دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْأَشْبَاهِ الْوَصِيُّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: حَمَلَهُ عَلَى وَصِيِّ الْأَبِ لِبَيَانِ التَّفْصِيلِ قَصْدًا لِلْإِيضَاحِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَسِتَّةٌ مِنْ الْمَحْجُورِينَ) وَهُمْ مَا عَدَا الصَّغِيرَ وَإِنَّمَا أَسْقَطَهُ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْأَشْبَاهِ، وَمُرَادُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ سَبْعَةً) لِيُنْظَرَ الْخَارِجُ مِنْ السَّبْعَةِ حَتَّى صَارَتْ سِتَّةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لِصِغَرٍ) مَسْأَلَةُ الصَّغِيرِ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي فِي الْأَشْبَاهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: عَدَّهَا هُنَا بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ وَإِنْ بَلَغَ، ثُمَّ مَاتَ لَا يَضْمَنُ تَأَمَّلْ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ مُرَادَهُ مُجَرَّدُ عَدِّ الْمَحْجُورِينَ سَبْعَةً وَأَنَّ مُرَادَهُ بِسِتَّةٍ مِنْهُمْ مَا عَدَا الصَّغِيرَ، لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْأَشْبَاهِ، وَلِذَا قَالَ: وَسِتَّةٌ مِنْ الْمَحْجُورِينَ (قَوْلُهُ وَدَيْنٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ كَصَبِيٍّ) لَعَلَّهُ قَصَدَ بِهَذَا التَّشْبِيهِ الْإِشَارَةَ إلَى مَا يَأْتِي عَنْ الْوَجِيزِ تَأَمَّلْ. قَالَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ أَوْدَعَ صَبِيًّا مَحْجُورًا يَعْقِلُ ابْنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ مُجْهِلًا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَ) أَيْ الصَّبِيُّ.

(قَوْلُهُ يَحْصُرُ) أَيْ يَحْفَظُ، مَفْعُولُهُ " الْعَيْنَ " قَبْلَهُ (قَوْلُهُ تُصَيَّرُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ مُفَاوِضٍ) خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَدَّمَهُ (قَوْلُهُ وَمُودِعِ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَالْمُؤَمِّرُ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ لَوْ الْقَاهُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَوَصْلِهَا بِاللَّامِ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ بِالدَّارِ (قَوْلُهُ: يَشْعُرُ) تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ حَيْثُ قَالَ: بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَاعْتَرَضَهُ الْحَمَوِيُّ بِأَنَّ الصَّوَابَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ إذْ يَسْتَحِيلُ تَجْهِيلُ مَا لَا يَعْلَمُهُ اهـ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ فِي النَّظْمِ: لَيْسَ يَأْمُرُ (قَوْلُهُ كَذَا وَالِدٌ) بِرَفْعِهِ وَتَنْوِينِهِ كَجَدٍّ (قَوْلُهُ وَقَاضٍ) بِحَذْفِ يَائِهِ وَتَنْوِينِهِ (قَوْلُهُ: وَصِيُّهُمْ) بِرَفْعِهِ (قَوْلُهُ وَمَحْجُورٌ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ الْمَحْجُورِ سِتَّةً كَمَا قَدَّمَهُ يَكُنْ الْمَوْجُودُ فِي النَّظْمِ سَبْعَةَ عَشَرَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَوَارِثٌ) إذَا مَاتَ مُجْهِلًا لِمَا أَخْبَرَهُ الْمُوَرِّثُ بِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خَلَطَهَا) وَلَوْ خَلَطَ الْمُتَوَلِّي مَالَهُ بِمَالِ الْوَقْفِ لَمْ يَضْمَنْ وَفِي الْخُلَاصَةِ ضَمِنَ وَطَرِيقُ خُرُوجِهِ مِنْ الضَّمَانِ الصَّرْفُ فِي حَاجَةِ الْمَسْجِدِ، أَوْ الدَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ مُنْتَقَى الْقَاضِي: لَوْ خَلَطَ مَالَ صَبِيٍّ بِمَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا سِمْسَارٌ خَلَطَ مَالَ رَجُلٍ بِمَالٍ آخَرَ، وَلَوْ بِمَالِهِ

ص: 668

(بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ) إلَّا بِكُلْفَةٍ كَحِنْطَةٍ بِشَعِيرٍ وَدَرَاهِمَ جِيَادٍ بِزُيُوفٍ مُجْتَبَى (ضَمِنَهَا) لِاسْتِهْلَاكِهِ بِالْخَلْطِ لَكِنْ لَا يُبَاحُ تَنَاوُلُهَا قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ، وَصَحَّ الْإِبْرَاءُ وَلَوْ خَلَطَهُ بِرَدِيءٍ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ عَيَّبَهُ وَبِعَكْسِهِ شَرِيكٌ لِعَدَمِهِ مُجْتَبًى (وَإِنْ بِإِذْنِهِ اشْتَرَكَا) شَرِكَةَ أَمْلَاكٍ (كَمَا لَوْ اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ) كَأَنْ انْشَقَّ الْكِيسُ لِعَدَمِ التَّعَدِّي وَلَوْ خَلَطَهَا غَيْرُ الْمُودَعِ ضَمِنَ الْخَالِطُ وَلَوْ صَغِيرًا، وَلَا يَضْمَنُ أَبُوهُ خُلَاصَةٌ.

(وَلَوْ أَنْفَقَ بَعْضَهَا فَرْدٌ مِثْلُهُ فَخَلَطَهُ بِالْبَاقِي) خَلْطًا لَا يَتَمَيَّزُ مَعَهُ (ضَمِنَ) الْكُلَّ لِخَلْطِ مَالِهِ بِهَا فَلَوْ تَأَتَّى التَّمْيِيزُ أَوْ أَنْفَقَ، وَلَمْ يَرُدَّ أَوْ أُودِعَ وَدِيعَتَيْنِ فَأَنْفَقَ إحْدَاهُمَا ضَمِنَ مَا أَنْفَقَ فَقَطْ مُجْتَبَى وَهَذَا إذَا لَمْ يَضُرَّهُ التَّبْعِيضُ.

(وَإِذَا تَعَدَّى عَلَيْهَا فَلَبِسَ ثَوْبَهَا أَوْ رَكِبَ دَابَّتَهَا أَوْ أَخَذَ بَعْضَهَا ثُمَّ) رَدَّ عَيْنَهُ إلَى يَدِهِ حَتَّى (زَالَ التَّعَدِّي زَالَ) مَا يُؤَدِّي إلَى (الضَّمَانِ) إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ نِيَّتِهِ الْعَوْدُ إلَيْهِ أَشْبَاهٌ

ــ

[رد المحتار]

ضَمِنَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُتَوَلِّي كَذَلِكَ، وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِمَوْتِهِ مُجْهِلًا، وَلَوْ خَلَطَ بِمَالِهِ ضَمِنَ، يَقُولُ الْحَقِيرُ: وَقَدْ مَرَّ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى أَيْضًا أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ الْيَتِيمِ لَمْ يَضْمَنْ. وَفِي الْوَجِيزِ أَيْضًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا خَلَطَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ بِمَالِهِ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ نُورُ الْعَيْنِ أَوْ آخِرُ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ بِخَطِّ السَّائِحَانِيِّ عَنْ الْخَيْرِيَّةِ، وَفِي الْوَصِيِّ قَوْلٌ بِالضَّمَانِ اهـ: قُلْت: فَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَجَّحَ عَدَمُهُ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مَنْ لَا يَضْمَنُ بِالْخَلْطِ بِمَالِهِ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي وَالسِّمْسَارُ بِمَالِ رَجُلٍ آخَرَ وَالْوَصِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْأَبَ كَذَلِكَ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَا يَصِيرُ الْأَبُ غَاصِبًا بِأَخْذِ مَالِ وَلَدِهِ، وَلَهُ أَخْذُهُ بِلَا شَيْءٍ لَوْ مُحْتَاجًا، وَإِلَّا فَلَوْ أَخَذَهُ لِحِفْظِهِ، فَلَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا أَتْلَفَهُ بِلَا حَاجَةٍ اهـ بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْوَصِيِّ تَأَمَّلْ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَلَدِهِ: الْوَلَدُ الصَّغِيرُ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ (قَوْلُهُ لَا تَتَمَيَّزُ) فَلَوْ كَانَ يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّيْسِيرِ كَخَلْطِ الْجَوْزِ بِاللَّوْزِ وَالدَّرَاهِمِ السُّودِ بِالْبِيضِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ إجْمَاعًا. وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ عَدَمُهُ عَلَى وَجْهِ التَّيْسِيرِ لَا عَدَمُ إمْكَانِهِ مُطْلَقًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِاسْتِهْلَاكِهِ) وَإِذَا ضَمِنَهَا مَلَكَهَا، وَلَا تُبَاحُ لَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ، وَلَا سَبِيلَ لِلْمَالِكِ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ أَبْرَأَهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: خَلَطَهُ) أَيْ الْجَيِّدَ (قَوْلُهُ: شَرِيكٌ) نَقَلَ نَحْوَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُجْتَبَى، وَلَعَلَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْوَدِيعَةِ، أَوْ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْخَلْطَ فِي الْوَدِيعَةِ يُوجِبُ الضَّمَانَ مُطْلَقًا إذَا كَانَ لَا يَتَمَيَّزُ ط (قَوْلُهُ: لِعَدَمِهِ) أَيْ التَّعَيُّبِ الْمَفْهُومِ مِنْ عَيْبِهِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ صُنْعِهِ) فَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ مِنْ مَالِهِمَا جَمِيعًا، وَيُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُودَعِ) سَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مَنْ فِي عِيَالِهِ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ فَرَدَّ مِثْلَهُ) ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي رَجُلٍ أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا وَدَفَعَهَا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ وَرَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا فَضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَوْ قَضَاهَا غَرِيمُهُ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا فَرَدَّهَا عَلَى الْمُودَعِ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: الْكُلَّ) الْبَعْضُ بِالْإِنْفَاقِ وَالْبَعْضُ بِالْخَلْطِ س بَحْرٌ (قَوْلُهُ: التَّمْيِيزُ) أَيْ كَخَلْطِ الدَّرَاهِمِ السُّودِ بِالْبِيضِ أَوْ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ حَقَّ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ مِسْكِينٌ س (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرُدَّ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: أَوْ أُودِعَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: أَوْ أَنْفَقَ وَلَمْ يَرُدَّ كَمَا فِي الْبَحْرِ قَالَ ط وَلَمْ أَرَ فِيمَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِيمَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ هَلْ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ أَوْ مَا أَخَذَ وَنُقْصَانَ مَا بَقِيَ فَيُحَرَّرُ (قَوْلُهُ التَّبْعِيضُ) كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ.

(قَوْلُهُ: أَشْبَاهٌ)

ص: 669

مِنْ شُرُوطِ النِّيَّةِ (بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ) فَلَوْ أَزَالَاهُ لَمْ يَبْرَأْ لِعَمَلِهِمَا لِأَنْفُسِهَا بِخِلَافِ مُودَعٍ وَوَكِيلِ بَيْعٍ أَوْ حِفْظٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ وَمُضَارِبٍ وَمُسْتَبْضِعٍ وَشَرِيكِ عِنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ وَمُسْتَعِيرٍ لِرَهْنٍ أَشْبَاهٌ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْأَمِينَ إذَا تَعَدَّى ثُمَّ أَزَالَهُ لَا يَزُولُ الضَّمَانُ إلَّا فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ لِأَنَّ يَدَهُ كَيَدِ الْمَالِكِ وَلَوْ كَذَّبَهُ فِي عَوْدِهِ لِلْوِفَاقِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَقِيلَ: لِلْمُودِعِ، عِمَادِيَّةٌ (وَ) بِخِلَافِ (إقْرَارِهِ بَعْدَ جُحُودِهِ) أَيْ جُحُودِ الْإِيدَاعِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى هِبَةً أَوْ بَيْعًا لَمْ يَضْمَنْ خُلَاصَةٌ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ (بَعْدَ طَلَبِ) رَبِّهَا (رَدَّهَا) فَلَوْ سَأَلَهُ عَنْ حَالِهَا فَجَحَدَهَا فَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ بَحْرٌ.

وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ (وَنَقَلَهَا مِنْ مَكَانِهَا وَقْتَ الْإِنْكَارِ) أَيْ حَالَ جُحُودِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْقُلْهَا وَقْتَهُ فَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ

ــ

[رد المحتار]

عِبَارَتُهَا أَنَّ الْمُودَعَ إذَا تَعَدَّى ثُمَّ زَالَ التَّعَدِّي وَمَنْ نِيَّتُهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ لَا يَزُولُ التَّعَدِّي اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: مِنْ شُرُوطِ النِّيَّةِ) وَذَكَرَهُ هُنَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ: حَتَّى لَوْ نَزَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ لَيْلًا، وَمِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَلْبَسَهُ نَهَارًا ثُمَّ سُرِقَ لَيْلًا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ وَالْمُسْتَأْجِرِ) مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ أَوْ الْمُسْتَعِيرُ لَوْ نَوَى أَنْ لَا يَرُدَّهَا ثُمَّ نَدِمَ لَوْ كَانَ سَائِرًا عِنْدَ النِّيَّةِ ضَمِنَ لَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ النِّيَّةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ وَاقِفًا إذَا تَرَكَ نِيَّةَ الْخِلَافِ عَادَ أَمِينًا جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَزَالَاهُ) أَيْ التَّعَدِّيَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُودَعٍ إلَخْ) وَلَوْ مَأْمُورًا بِحِفْظٍ شَهْرًا فَمَضَى شَهْرٌ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهَا، ثُمَّ تَرَكَ الِاسْتِعْمَالَ وَعَادَ إلَى الْحِفْظِ ضَمِنَ إذَا عَادَ، وَالْأَمْرُ بِالْحِفْظِ قَدْ زَالَ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ: وَوَكِيلِ) بِأَنْ اسْتَعْمَلَ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ ثُمَّ تَرَكَ وَضَاعَ لَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ أَوْ إجَارَةٍ) بِأَنْ وَكَّلَهُ لِيُؤَجِّرَ أَوْ يَسْتَأْجِرَ لَهُ دَابَّةً فَرَكِبَهَا ثُمَّ تَرَكَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُفَاوَضَةٍ) أَمَّا شَرِيكُ الْمِلْكِ فَإِنَّهُ إذَا تَعَدَّى ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّيَ لَا يَزُولُ الضَّمَانُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، فَلَوْ أَعَارَ دَابَّةَ الشَّرِكَةِ فَتَعَدَّى ثُمَّ أَزَالَ التَّعَدِّيَ لَا يَزُولُ الضَّمَانُ، وَلَوْ كَانَتْ فِي نَوْبَتِهِ عَلَى وَجْهِ الْحِفْظِ فَتَعَدَّى ثُمَّ أَزَالَهُ يَزُولُ الضَّمَانُ، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى سُئِلْت عَنْهَا فَأَجَبْت بِمَا ذَكَرْت وَإِنْ لَمْ أَرَهَا فِي كَلَامِهِمْ لِلْعِلْمِ بِهَا مِمَّا ذُكِرَ؛ إذْ هُوَ مُودَعٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ مُقَرَّرَةٌ مَشْهُورَةٌ عِنْدَهُمْ بِالضَّمَانِ وَيَصِيرُ غَاصِبًا رَمْلِيٌّ عَلَى الْمِنَحِ (قَوْلُهُ: وَمُسْتَعِيرٍ لِرَهْنٍ) أَيْ إذَا اسْتَعَارَ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ أَوْ دَابَّةً فَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهَا ثُمَّ رَهَنَهَا بِمَالٍ مِثْلِ الْقِيمَةِ ثُمَّ قَضَى الْمَالَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ قَدْ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ حِينَ رَهَنَهَا مِنَحٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ: بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَزَالَ) أَيْ التَّعَدِّيَ.

(قَوْلُهُ: فِي عَوْدِهِ لِلْوِفَاقِ إلَخْ) عِبَارَةُ نُورِ الْعَيْنِ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: وَكُلُّ أَمِينٍ خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ عَادَ أَمِينًا كَمَا كَانَ إلَّا الْمُسْتَعِيرَ وَالْمُسْتَأْجِرَ فَإِنَّهُمَا بَقِيَا ضَامِنَيْنِ اهـ وَهِيَ أَوْلَى تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ: لِلْمُودَعِ) بِفَتْحِ الدَّالِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفِي الضَّمَانَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: هِبَةً إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ وَهَبَهَا مِنْهُ أَوْ بَاعَهَا لَهُ (قَوْلُهُ: بَعْدَ طَلَبِ) مُتَعَلِّقٌ بِجُحُودِهِ (قَوْلُهُ: رَبِّهَا) أَفَادَ فِي الْخَانِيَّةِ: أَنَّ طَلَبَ امْرَأَةِ الْغَائِبِ وَجِيرَانِ الْيَتِيمِ مِنْ الْوَصِيِّ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ كَذَلِكَ سَائِحَانِيٌّ وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْإِنْكَارِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِنَقْلِهَا وَهُوَ مُسْتَبْعَدُ الْوُقُوعِ، وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ: وَفِي غَصْبِ الْأَجْنَاسِ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا نَقَلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ حَالَ الْجُحُودِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا وَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ ب قَوْلِهِ مَكَانِهَا. وَفِي الْمُنْتَقَى: لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مِمَّا يُحَوَّلُ يَضْمَنُ بِالْإِنْكَارِ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا، وَذَكَرَ شَيْخُنَا عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ جَحَدَهَا ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ تُحَوَّلْ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَدَائِعِ:

ص: 670

خُلَاصَةٌ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ.

(وَكَانَتْ) الْوَدِيعَةُ (مَنْقُولًا) لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يُضْمَنُ بِالْجُحُودِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي الْأَصَحِّ غَصْبٌ الزَّيْلَعِيُّ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَخَافُ مِنْهُ عَلَيْهَا) فَلَوْ كَانَ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَحْضُرْهَا بَعْدَ جُحُودِهَا) لِأَنَّهُ لَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَحْضَرَهَا فَقَالَ لَهُ رَبُّهَا: دَعْهَا وَدِيعَةً فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُهَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ جَدِيدٌ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ الرَّدُّ اخْتِيَارٌ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ (لِمَالِكِهَا) لِأَنَّهُ لَوْ جَحَدَهَا لِغَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحِفْظِ فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ لَمْ يَبْرَأْ بِإِقْرَارِهِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَمْ يُوجَدْ.

(وَلَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ ادَّعَى رَدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ قُبِلَ) وَبَرِئَ كَمَا لَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ وَقَالَ: غَلِطْت فِي (الْجُحُودِ أَوْ نَسِيت أَوْ ظَنَنْت أَنِّي دَفَعْتهَا) قُبِلَ بُرْهَانُهُ، وَلَوْ ادَّعَى هَلَاكَهَا قَبْلَ جُحُودِهِ حَلَفَ الْمَالِكُ مَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ ضَمِنَهُ، وَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ، وَكَذَا الْعَارِيَّةُ مِنْهَاجٌ وَيَضْمَنُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْجُحُودِ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا فَيَوْمَ الْإِيدَاعِ عِمَادِيَّةٌ بِخِلَافِ مُضَارِبٍ جَحَدَ ثُمَّ اشْتَرَى لَمْ يَضْمَنْ خَانِيَّةٌ

(وَ) الْمُودَعُ (لَهُ السَّفَرُ بِهَا) وَلَوْ لَهَا حِمْلٌ دُرَرٌ (عِنْدَ عَدَمِ نَهْيِ الْمَالِكِ وَ) عَدَمِ (الْخَوْفِ عَلَيْهَا) بِالْإِخْرَاجِ فَلَوْ نَهَاهُ، وَأَخَافَ فَإِنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ السَّفَرِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَإِنْ سَافَرَ بِنَفْسِهِ ضَمِنَ وَبِأَهْلِهِ لَا اخْتِيَارٌ

(وَلَوْ أَوْدَعَا شَيْئًا) مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا

ــ

[رد المحتار]

إنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ بِطَلَبِ الْمَالِكِ فَقَدْ عَزَلَ نَفْسَهُ عَنْ الْحِفْظِ، فَبَقِيَ مَالُ الْغَيْرِ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَكُونُ مَضْمُونًا فَإِذَا هَلَكَ تَقَرَّرَ الضَّمَانُ سَائِحَانِيٌّ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْخَانِيَّةِ ذَكَرَ النَّاطِفِيُّ: إذَا جَحَدَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهَا يَكُونُ ذَلِكَ فَسْخًا لِلْوَدِيعَةِ حَتَّى لَوْ نَقَلَهَا الْمُودَعُ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ حَالَةَ الْجُحُودِ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ بَعْدَ الْجُحُودِ فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ خُلَاصَةٌ) لَمْ يَقْتَصِرْ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى هَذَا بَلْ نَقَلَهُ عَنْ غَصْبِ الْأَجْنَاسِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: وَفِي الْمُنْتَقَى: إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ وَالْعَارِيَّةُ مِمَّا يُحَوَّلُ يَضْمَنُ بِالْجُحُودِ وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهَا اهـ وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَيْ مَا فِي الْأَجْنَاسِ قَوْلٌ لَمْ يَظْهَرْ لِأَصْحَابِ الْمُتُونِ صِحَّتُهُ، فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ فَرَاجِعْ الْمُطَوَّلَاتِ يَظْهَرْ لَك ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ لِمَالِكِهَا) أَوْ وَكِيلِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَحَدَهَا إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَسْتَوْدِعْنِي، ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ لَا يُصَدَّقُ بَحْرٌ، وَكَأَنَّ وَجْهَ الْأَوَّلِ أَنَّ عَلَيَّ: لِلدَّيْنِ فَلَمْ يَكُنْ مُنْكِرًا لِلْوَدِيعَةِ، تَأَمَّلْ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: طَلَبَهَا رَبُّهَا فَقَالَ: اُطْلُبْهَا غَدًا فَقَالَ فِي الْغَدِ: تَلِفَتْ قَبْلَ قَوْلِي: اُطْلُبْهَا غَدًا ضَمِنَ لِتَنَاقُضِهِ لَا بَعْدَهُ طَلَبَهَا فَقَالَ: أَعْطَيْتُكَهَا ثُمَّ قَالَ: لَمْ أُعْطِكَهَا وَلَكِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ وَلَمْ يُصَدَّقْ لِلتَّنَاقُضِ، ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ فِعْلٍ يَغْرَمُ بِهِ الْمُودَعُ يَغْرَمُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَرْهَنَ إلَخْ) هَكَذَا نَقَلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ. وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ سَقْطٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَيِّنَةِ لَا فِي مُجَرَّدِ الدَّعْوَى، حَتَّى يُقَالَ: لَا يُصَدَّقُ، وَقَدْ رَاجَعْت الْخُلَاصَةَ، وَكَتَبْت السَّقْطَ عَلَى هَامِشِ الْبَحْرِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: أَنِّي دَفَعْتهَا) بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنِّي وَكَسْرِ نُونِهَا مُشَدَّدَةً أَيْ عِنْدَ الْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ إنْ عُلِمَ) الْأَصْوَبُ: عُلِمَتْ، أَيْ الْقِسْمَةُ وَنَقَلَ فِي الْمِنَحِ قَبْلَهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ ضَمَانَ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْإِيدَاعِ بِدُونِ تَفْصِيلٍ لَكِنَّهُ مُتَابِعٌ فِي النَّقْلِ عَنْ الْخُلَاصَةِ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، وَفِيمَا نَقَلَهُ سَقْطٌ فَإِنَّ مَا رَأَيْته فِي الْخُلَاصَةِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: فَيَوْمَ) بِنَصْبِهِ مُضَافًا لِلْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ جَحَدَ) أَيْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ لَمْ تَدْفَعْ إلَيَّ شَيْئًا (قَوْلُهُ: اشْتَرَى) يَعْنِي بَعْدَمَا أَقَرَّ وَرَجَعَ عَنْ الْجُحُودِ بِأَنْ قَالَ: بَلَى قَدْ دَفَعْت إلَيَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ جَحْدَ الشِّرَاءِ، فَيَضْمَنُ، وَالْمُبْتَاعُ لَهُ، مِنَحٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَهُ) بِتَسْكِينِ النُّونِ (قَوْلُهُ: وَبِأَهْلِهِ لَا) وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ بِهَا فِي الْبَحْرِ يَضْمَنُ قَالَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا) وَخِلَافُهُمَا

ص: 671

(لَمْ) يَجُزْ أَنْ (يَدْفَعَ الْمُودَعُ إلَى أَحَدِهِمَا حَظَّهُ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ) وَلَوْ دَفَعَ هَلْ يَضْمَنُ فِي الدُّرَرِ نَعَمْ، وَفِي الْبَحْرِ الِاسْتِحْسَانُ لَا، فَكَانَ هُوَ الْمُخْتَارَ.

(فَإِنْ أَوْدَعَ رَجُلٌ عِنْدَ رَجُلَيْنِ مَا يُقْسَمُ اقْتَسَمَاهُ وَحَفِظَ كُلٌّ نِصْفَهُ) كَمُرْتَهِنَيْنِ وَمُسْتَبْضِعَيْنِ وَوَصِيَّيْنِ وَعَدْلَيْ رَهْنٍ وَوَكِيلَيْ شِرَاءٍ (وَلَوْ دَفَعَهُ) أَحَدُهُمَا (إلَى صَاحِبِهِ ضَمِنَ) الدَّافِعُ (بِخِلَافِ مَا لَا يُقْسَمُ) لِجَوَازِ حِفْظِ أَحَدِهِمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ.

(وَلَوْ قَالَ: لَا تَدْفَعْ إلَى عِيَالِك أَوْ احْفَظْ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَدَفَعَهَا إلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ حَفِظَهَا فِي بَيْتٍ آخَرَ مِنْ الدَّارِ فَإِنْ كَانَتْ بُيُوتُ الدَّارِ مُسْتَوِيَةً فِي الْحِفْظِ) أَوْ أَحْرَزَ (لَمْ يَضْمَنْ، وَإِلَّا ضَمِنَ) لِأَنَّ التَّقْيِيدَ مُفِيدٌ.

(وَلَا يَضْمَنُ مُودَعٌ الْمُودَعِ) فَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ فَقَطْ إنْ هَلَكَتْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ وَإِنْ قَبْلَهَا لَا ضَمَانَ، وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ: هَلَكَتْ عِنْدَ الثَّانِي، وَقَالَ: بَلْ رَدَّهَا وَهَلَكَتْ عِنْدِي لَمْ يُصَدَّقْ.

ــ

[رد المحتار]

فِي الْأَوَّلِ قِيَاسٌ عَلَى الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) قَدَّرَهُ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لَمْ يَضْمَنْ، فَلَمْ يَبْقَ الْمُرَادُ بِنَفْيِ الدَّفْعِ إلَّا عَدَمُ الْجَوَازِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ. وَفِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: لَمْ يَدْفَعْ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَأْمُرَهُ الْقَاضِي بِدَفْعِ نَصِيبِهِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَمَّا أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لَا يَكُونُ قِسْمَةً اتِّفَاقًا حَتَّى إذَا هَلَكَ الْبَاقِي رَجَعَ صَاحِبُهُ عَلَى الْآخِذِ بِحِصَّتِهِ، وَإِلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْهَا إذَا ظَفِرَ بِهَا (قَوْلُهُ: الْمُودَعُ) بِفَتْحِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: إلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْمُودِعَيْنِ بِكَسْرِ الدَّالِ (قَوْلُهُ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَقَالَا: لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ طَلَبَ نَصِيبَهُ كَمَا لَوْ حَضَرَا وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إجْمَاعًا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ. وَفِي الدُّرَرِ قِيلَ: الْخِلَافُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيَمِيَّاتِ مَعًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ فَقَطْ اهـ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ غَيْرِ، الصَّحِيحِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، شَيْخُنَا الْقَاضِي عَبْدُ الْمُنْعِمِ مَدَنِيٌّ. قَالَ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْبَيْطَارُ: وَأَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ الْقَوْلَةَ رَجَعَ عَنْهَا الْمُؤَلِّفُ لِأَنَّهُ شَطَبَ عَلَيْهَا شَطْبًا لَا يَظْهَرُ جِدًّا، وَرَأَيْتنِي أَنِّي لَا أَكْتُبُهَا لَكِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِي شَيْءٌ فَأَحْبَبْتُ كِتَابَتَهَا وَالتَّنْبِيهَ عَلَيْهَا فَأَعْلِمْهُ بِالْمُرَاجَعَةِ، وَفِي الْهَامِشِ وَفِي الدُّرَرِ وَالْمُنْتَقَى لَوْ دَفَعَ الْمُودَعُ إلَى الْحَاضِرِ نِصْفَهَا، ثُمَّ هَلَكَ مَا بَقِيَ وَحَضَرَ الْغَائِبُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رحمه الله: إنْ كَانَ الدَّفْعُ بِقَضَاءٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَإِنَّ الَّذِي حَضَرَ يَتْبَعُ الدَّافِعَ بِنِصْفِ مَا دَفَعَ، وَيَرْجِعُ بِهِ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْقَابِضِ نِصْفَ مَا قَبَضَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي فِي الْوَدِيعَةِ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُودَعَ لَوْ دَفَعَ الْكُلَّ لِأَحَدِهِمَا بِلَا قَضَاءٍ، وَضَمَّنَهُ الْآخَرُ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا ضَمِنَهُ عَلَى الْقَابِضِ اهـ (قَوْلُهُ: هُوَ الْمُخْتَارُ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الْأَعْيَانُ بَلْ غَالِبُ الْمُتُونِ عَلَيْهِ مُتَّفِقُونَ، وَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ: اخْتَارَ النَّسَفِيُّ قَوْلَ الْإِمَامِ وَالْمَحْبُوبِيِّ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ، أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ.

(قَوْلُهُ ضَمِنَ الدَّافِعُ) أَيْ النِّصْفَ فَقَطْ كَمَا فِي الْإِصْلَاحِ، وَقَوْلُهُ: الدَّافِعُ أَيْ لَا الْقَابِضُ؛ لِأَنَّهُ مُودَعُ الْمُودَعِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ مِنْهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْوَدِيعَةُ مِمَّا يُحْفَظُ فِي يَدِ مَنْ مَنَعَهُ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ فَرَسًا مَنَعَهُ مِنْ دَفْعِهَا إلَى امْرَأَتِهِ أَوْ عِقْدَ جَوْهَرٍ مَنَعَهُ مِنْ دَفْعِهِ إلَى غُلَامِهِ فَدَفَعَ ضَمِنَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ) كَمَا إذَا كَانَ ظَهْرُ الْبَيْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إلَى السِّكَّةِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: فَقَطْ) أَيْ فِي إيدَاعٍ قَصْدِيٍّ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: دَخَلَ الْحَمَّامَ، وَوَضَعَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ مَعَ ثِيَابِهِ بَيْنَ يَدَيْ الثِّيَابِيِّ قَالَ ح ضَمِنَ لِإِيدَاعِ الْمُودَعِ، وَقَالَ ط: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ ضِمْنِيٌّ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِإِيدَاعٍ قَصْدِيٍّ اهـ.

وَلَوْ أَوْدَعَ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ خَرَجَ الْأَوَّلُ مِنْ الْبَيْنِ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُصَدَّقْ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى

ص: 672

وَفِي الْغَصْبِ مِنْهُ يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ سِرَاجِيَّةٌ. وَفِي الْمُجْتَبَى الْقَصَّارُ إذَا غَلِطَ فَدَفَعَ ثَوْبَ رَجُلٍ لِغَيْرِهِ فَقَطَعَهُ فَكِلَاهُمَا ضَامِنٌ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَصَابَ الْوَدِيعَةَ شَيْءٌ فَأَمَرَ مُودَعٌ رَجُلًا لِيُعَالِجَهَا فَعَطِبَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلِرَبِّهَا تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ لَكِنْ إنْ ضَمَّنَ الْمُعَالِجَ رَجَعَ عَنْ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ اهـ (بِخِلَافِ مُودَعِ الْغَاصِبِ) فَيُضَمِّنُ أَيًّا شَاءَ، وَإِذَا ضَمَّنَ الْمُودَعَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ عَلِمَ عَلَى الظَّاهِرِ دُرَرٌ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْبَاقَانِيُّ وَالْبُرْجُنْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ فَتَنَبَّهْ. .

(مَعَهُ أَلْفٌ ادَّعَى رَجُلَانِ: كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَهُ، أَوْدَعَهُ إيَّاهُ، فَنَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ لَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا وَعَلَيْهِ أَلْفٌ آخَرُ بَيْنَهُمَا) وَلَوْ حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا

ــ

[رد المحتار]

الْبَرَاءَةَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَفِي الْغَصْبِ إلَخْ) أَيْ إذَا غُصِبَتْ مِنْ الْوَدِيعِ فَادَّعَى الْوَدِيعُ الرَّدَّ يُصَدَّقُ إذْ لَمْ يَفْعَلْ الْوَدِيعُ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ، فَهُوَ عَلَى مَا كَانَ أَمِينٌ عِنْدَ الرَّدِّ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، بِخِلَافِ دَفْعِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ سَائِحَانِيٌّ. [فَرْعٌ] .

دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ: ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ بِالرَّيِّ فَمَاتَ الدَّافِعُ فَدَفَعَ الْمُودَعُ الْمَالَ إلَى رَجُلٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ بِالرَّيِّ فَأُخِذَ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ لِأَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ حَيًّا ضَمِنَ الْمُودَعُ، لِأَنَّهُ وَكِيلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ فِي عِيَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ حِينَئِذٍ خَانِيَّةٌ بَرْهَنَ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةً فَقَالَ: دَفَعْتَهُ إلَيَّ لِأَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَدَفَعْتُ يَصِحُّ الدَّفْعُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الدَّعْوَى.

(قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ ضَمِنَ الْمُعَالِجُ رَجَعَ عَلَى الْمُودَعِ، عَلِمَ أَنَّهَا لِلْغَيْرِ أَوْ لَا، إلَّا إنْ قَالَ الْمُودَعُ لَيْسَتْ لِي وَلَمْ أَوْ مَرَّ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَرْجِعُ اهـ تَأَمَّلْ.

[فَرْعٌ] .

وَلَوْ قَالَ وَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيَّ وَقُمْتُ وَنَسِيتُهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ، وَلَوْ قَالَ وَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيَّ فِي دَارِي، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا أَنَّ مِمَّا لَا يُحْفَظُ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ كَسُرَّةِ النَّقْدَيْنِ يُضْمَنُ، وَلَوْ كَانَ مِمَّا تُعَدُّ عَرْصَتُهَا حِصْنًا لَهُ لَا يُضْمَنُ بَزَّازِيَّةٌ وَخُلَاصَةٌ وَفُصُولَيْنِ وَذَخِيرَةٌ وَخَانِيَّةٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ حِفْظُ كُلِّ شَيْءٍ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ تَأَمَّلْ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي السَّرِقَةِ: أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ كُلُّ مَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ، فَهُوَ حِرْزٌ لِكُلِّ الْأَنْوَاعِ، فَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ لُؤْلُؤَةٍ مِنْ إصْطَبْلٍ تَأَمَّلْ. وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ وَالْحِرْزِ فِي الْوَدِيعَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قَطْعِ السَّارِقِ بِتِلْكَ الْحِرْزُ، وَذَلِكَ لَا يَتَفَاوَتُ بِاعْتِبَارِ الْمُحْرَزَاتِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الْمُودَعِ التَّقْصِيرُ فِي الْحِفْظِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَهَا فِي دَارِهِ الْحَصِينَةِ وَخَرَجَ وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ غَيْرَ أَمِينَةٍ يَضْمَنُ، وَلَوْ أَحَدٌ سَرَقَهَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ حِرْزٌ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ لِلتَّقْصِيرِ فِي الْحِفْظِ، وَلَوْ وَضَعَهَا فِي الدَّارِ وَخَرَجَ، وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ أَوْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَغَابَ يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا، وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ فَإِذَا اعْتَبَرْنَا هُنَا الْحِرْزَ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّرِقَةِ لَزِمَ أَنْ لَا يَضْمَنَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا فَيَلْزَمُ مُخَالَفَةُ مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَظَهَرَ يَقِينًا صِحَّةُ مَا قُلْنَا مِنْ الْفَرْقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَبِهِ ظَهَرَ جَوَابُ حَادِثَةٍ: وَهِيَ أَنَّ مُودَعًا وَضَعَ بُقْجَةَ شَالٍ غَالِيَةَ الثَّمَنِ فِي إصْطَبْلِ الْخَيْلِ فَسُرِقَتْ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ قُطِعَ سَارِقُهَا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُودَعِ الْغَاصِبِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مُودَعَ الْغَاصِبِ غَاصِبٌ لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً (قَوْلُهُ دُرَرٌ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: فَنَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ) صُوَرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ: أَقَرَّ لَهُمَا، نَكَلَ لَهُمَا، حَلَفَ لَهُمَا، أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا، وَنَكَلَ لِلْآخَرِ أَوْ حَلَفَ، نَكَلَ لِأَحَدِهِمَا وَحَلَفَ لِلْآخَرِ. سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُودَعَ يَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ كَمَا إذَا ادَّعَى

ص: 673

وَنَكَلَ لِلْآخَرِ فَالْأَلْفُ لِمَنْ نَكَلَ لَهُ.

(دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفًا، وَقَالَ: ادْفَعْهَا الْيَوْمَ إلَى فُلَانٍ فَلَمْ يَدْفَعْهَا حَتَّى ضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ) إذْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.

(كَمَا لَوْ قَالَ: احْمِلْ إلَيَّ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ: أَفْعَلُ، وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ) وَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ التَّخْلِيَةُ عِمَادِيَّةٌ. .

(قَالَ) رَبُّ الْوَدِيعَةِ (لِلْمُودَعِ ادْفَعْ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ: دَفَعْت وَكَذَّبَهُ) فِي الدَّفْعِ (فُلَانٌ) وَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ (صُدِّقَ الْمُودَعُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ سِرَاجِيَّةٌ.

(قَالَ) الْمُودَعُ ابْتِدَاءً (لَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ لَا يَضْمَنُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ قَالَ ذَهَبَتْ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ) فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَا أَدْرِي أَضَاعَتْ أَمْ لَمْ تَضِعْ أَوْ لَا أَدْرِي وَضَعْتهَا أَوْ دَفَنْتهَا فِي دَارِي أَوْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الدَّفْنِ لَكِنَّهُ قَالَ سُرِقَتْ مِنْ الْمَكَانِ الْمَدْفُونِ فِيهِ لَا يَضْمَنُ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ. .

ــ

[رد المحتار]

الرَّدَّ أَوْ الْهَلَاكَ، إمَّا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ أَوْ لِإِنْكَارِهِ الضَّمَانَ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهُمَا، وَإِلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَالْأَوْلَى الْقُرْعَةُ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ نَكَلَ لِلْأَوَّلِ يَحْلِفُ لِلثَّانِي، وَلَا يَقْضِي بِالنُّكُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ بِنَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَنَكَلَ لِلْآخَرِ) فِي التَّحْلِيفِ لِلثَّانِي يَقُولُ: بِاَللَّهِ مَا هَذِهِ الْعَيْنُ لَهُ، وَلَا قِيمَتُهَا لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِهَا لِلْأَوَّلِ ثَبَتَ لَهُ الْحَقُّ فِيهَا، فَلَا يُفِيدُ إقْرَارُهُ فِيهَا لِلثَّانِي، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ لَكَانَ صَادِقًا بَحْرٌ. لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ فَأَرْسَلَ الدَّائِنُ إلَى مَدْيُونِهِ رَجُلًا لِيَقْبِضَهُ فَقَالَ الْمَدْيُونُ دَفَعْتُهُ إلَى الرَّسُولِ وَقَالَ دَفَعْتُهُ إلَى الدَّائِنِ وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ مَعَ يَمِينِهِ. وَاَلَّذِي فِي نُورِ الْعَيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْسِلِ بِيَمِينِهِ، تَأَمَّلْ. قَالَ الدَّائِنُ ابْعَثْ الدَّيْنَ مَعَ فُلَانٍ فَضَاعَ مِنْ يَدِ الرَّسُولِ ضَاعَ مِنْ الْمَدْيُونِ بَزَّازِيَّةٌ

(قَوْلُهُ وَضَاعَتْ) يَعْنِي غَابَتْ وَلَمْ تَظْهَرْ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَضْمَنُ. لَكِنْ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِالضَّمَانِ وَعَزَاهُ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ تَضْيِيعٌ فِي زَمَانِنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَنُورِ الْعَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَهَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةِ الْمِنَحِ، لَكِنَّ لَفْظَةَ (لَا) مُلْحَقَةٌ بَيْنَ الْأَسْطُرِ وَكَأَنَّهَا سَاقِطَةٌ مِنْ النُّسَخِ فَنَقَلَهَا الشَّارِحُ هَكَذَا فَتَنَبَّهْ.

[فَرْعٌ] .

فِي الْهَامِشِ وَفِي النَّوَازِلِ: مَرَّ بِمَالِ الْيَتِيمِ عَلَى ظَالِمٍ، وَخَافَ إنْ لَمْ يُهْدِ إلَيْهِ هَدِيَّةً أَنْ يَأْخُذَهُ كُلَّهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا الْمُضَارِبُ، وَالْمَشَايِخُ أَخَذُوا بِهَذَا الْقَوْلِ أَنْقِرْوِيٌّ. وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى بَابِ الْقَاضِي يَضْمَنُ الْأَعْطَى عَلَى وَجْهِ الرِّشْوَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ أَنْقِرْوِيٌّ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) قَاضِي خَانْ قَالَ: وَضَعْتهَا فِي دَارِي فَنَسِيت الْمَكَانَ لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ قَالَ: وَضَعْتهَا فِي مَكَان حَصِينٍ فَنَسِيت الْمَوْضِعَ ضَمِنَ، لِأَنَّهُ جَهِلَ الْأَمَانَةَ كَمَا لَوْ مَاتَ مُجْهِلًا صَحَّ. وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ كَقَوْلِهِ: ذَهَبَتْ، وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَتْ، وَلَوْ قَالَ دُفِنَتْ فِي دَارِي أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ مَكَانَ الدَّفْنِ وَلَكِنَّهُ قَالَ سُرِقَتْ مِنْ مَكَان دُفِنَتْ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ دَفَنَهَا فِي الْأَرْضِ يَبْرَأُ لَوْ جَعَلَ هُنَالِكَ عَلَامَةً، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الْمَفَازَةِ ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَلَوْ دَفَنَهَا فِي الْكَرْمِ يَبْرَأُ لَوْ حَصِينًا بِأَنْ كَانَ لَهُ بَابٌ مُغْلَقٌ، وَلَوْ وَضَعَهَا بِلَا دَفْنٍ بَرِئَ لَوْ مَوْضِعًا لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ بِلَا إذْنٍ. تَوَجَّهَتْ اللُّصُوصُ نَحْوَهُ فِي مَفَازَةٍ فَدَفَنَهَا حَذَرًا فَلَمَّا رَجَعَ لَمْ يَظْفَرْ بِمَحَلِّ دَفْنِهِ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَجْعَلَ فِيهِ عَلَامَةً، وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ وَكَذَا

ص: 674

فُرُوعٌ] هُدِّدَ الْمُودَعُ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى دَفْعِ بَعْضِ الْمَالِ إنْ خَافَ تَلَفَ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ فَدَفَعَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ خَافَ الْحَبْسَ أَوْ الْقَيْدَ ضَمِنَ، وَإِنْ خَشِيَ أَخْذَ مَالِهِ كُلِّهِ فَهُوَ عُذْرٌ كَمَا لَوْ كَانَ الْجَابِرُ هُوَ الْآخِذَ بِنَفْسِهِ فَلَا ضَمَانَ عِمَادِيَّةٌ.

خِيفَ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْفَسَادُ رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ حَتَّى فَسَدَ فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِلَا أَمْرِ قَاضٍ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ.

قَرَأَ مِنْ مُصْحَفِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الرَّهْنِ فَهَلَكَ حَالَةَ الْقِرَاءَةِ لَا ضَمَانَ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ هَذَا التَّصَرُّفِ صَيْرَفِيَّةٌ قَالَ وَكَذَا لَوْ وَضَعَ السِّرَاجَ عَلَى الْمَنَارَةِ وَفِيهَا أَوْدَعَ صَكًّا وَعَرَفَ أَدَاءُ بَعْضِ الْحَقِّ وَمَاتَ الطَّالِبُ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ الْأَدَاءَ حَبَسَ الْمُودَعُ الصَّكَّ أَبَدًا. وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يَبْرَأُ مَدْيُونُ الْمَيِّتِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ إلَى الْوَارِثِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ. لَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ وَدِيعَةِ الْعَبْدِ. الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ إذَا عَمِلَا.

قُلْت: فَعُلِمَ مِنْهُ أَنْ لَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ فِي الْمُسَقَّفِ إذَا أُحِيلَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّونَ فَلْيُحْفَظُوا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ:

وَدَافِعُ أَلْفٍ مُقْرِضًا وَمُقَارِضًا

وَرِبْحُ الْقِرَاضِ الشَّرْطُ جَازَ وَيُحْذَرُ

وَأَنْ يَدَّعِي ذُو الْمَالِ قَرْضًا وَخَصْمُهُ

قِرَاضًا فَرَبُّ الْمَالِ قَدْ قِيلَ أَجْدَرُ

وَفِي الْعَكْسِ بَعْدَ الرِّبْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ

كَذَلِكَ فِي الْإِبْضَاعِ مَا يَتَغَيَّرُ

وَإِنْ قَالَ قَدْ ضَاعَتْ مِنْ الْبَيْتِ وَحْدَهَا

يَصِحُّ وَيُسْتَحْلَفُ فَقَدْ يُتَصَوَّرُ

أَوْ تَارِكٌ فِي قَوْمٍ لِأَمْرِ صَحِيفَةٍ

فَرَاحُوا وَرَاحَتْ يَضْمَنُ الْمُتَأَخِّرُ

وَتَارِكُ نَشْرِ الصُّوفِ صَيْفًا فَعُثَّ لَهْ

يُضَمَّنْ وَقَرْضُ الْفَأْرِ بِالْعَكْسِ يُؤْثَرُ

إذَا لَمْ يَسُدَّ الثُّقْبَ مِنْ بَعْدِ عِلْمِهِ

وَلَمْ يُعْلَمْ الْمُلَّاكُ مَا هِيَ تُقَرَّرُ

ــ

[رد المحتار]

لَوْ أَمْكَنَهُ الْعَوْدُ قَرِيبًا بَعْدَ زَوَالِ الْخَوْفِ فَلَمْ يَعُدْ ثُمَّ جَاءَ، وَلَمْ يَجِدْهَا لَا لَوْ دَفَنَهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا فَظَاهِرٌ وَضَعَهَا فِي زَمَانِ الْقِنْيَةِ فِي بَيْتٍ خَرَابٍ ضَمِنَ لَوْ وَضَعَهَا عَلَى الْأَرْضِ لَا لَوْ دَفَنَهَا نُورُ الْعَيْنِ.

(قَوْلُهُ مَالُهُ كُلِّهِ) أَمَّا لَوْ خَافَ أَخْذَ مَالَهُ وَيَبْقَى قَدْرُ الْكِفَايَةِ يَضْمَنُ فُصُولَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْفَقَ إلَخْ) وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ حَتَّى هَلَكَتْ يَضْمَنُ، لَكِنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ مُنْلَا عَلَى حَاوِي الزَّاهِدِيِّ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَنَارَةِ) فِيمَا لَوْ كَانَتْ الْمَنَارَةُ وَدِيعَةً (قَوْلُهُ أَبَدًا) أَيْ مَا لَمْ يُقِرَّ الْوَارِثُ بِالْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: إلَى الْوَارِثِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءً كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِمَا دَفَعَهُ أَوْ لَا، وَسَوَاءً كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَيِّدَ عَدَمَ الْبَرَاءَةِ بِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِمَا دَفَعَهُ، وَالْوَارِثُ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِمَا فِي الْمُودَعِ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ لِلْوَارِثِ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَدِيعَةِ الْعَبْدِ) تَاجِرًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا، عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَهَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ كَسْبُ الْعَبْدِ، فَلَوْ عَلِمَ فَلَهُ أَخْذُهَا وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا لِلْمَوْلَى تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: قُلْت) الْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْأَشْبَاهِ قَالَهُ فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ مُقْرِضًا) أَيْ نِصْفَهُ (قَوْلُهُ: وَمُقَارِضًا) أَيْ مُضَارِبًا نِصْفَهُ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: وَرَبِحَ) مَضْبُوطٌ بِالْقَلَمِ بِفَتْحِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ قِرَاضًا) أَيْ مُضَارَبَةً كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيْ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ. قَالَ فِي الْهَامِشِ: وَإِذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ وَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ بَعْدَمَا اخْتَلَفَا فَالْعَامِلُ ضَامِنٌ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ لِابْنِ الشِّحْنَةِ (قَوْلُهُ يَضْمَنُ الْمُتَأَخِّرُ) مَفْهُومُهُ

ص: 675