الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تُسْمَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عِنْدَ الثَّانِي
ــ
[رد المحتار]
الْعَيْبِ قَوْلُ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ. اهـ مُلَخَّصًا وَاعْتَرَضَهُمْ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ اشْتِرَاطَ ذِكْرِ السَّبَبِ مُنَافٍ لِتَقْرِيرِ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِقَوْلِ الْأَمَةِ، وَكَذَا قَالَ الْعَتَّابِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ إذْ لَوْ لَزِمَ دَعْوَى الدَّاءِ أَوْ الْحَبَلِ لَمْ يُتَصَوَّرْ أَنْ يَثْبُتَ بِقَوْلِهَا تَوَجُّهُ الْيَمِينِ عَلَى الْبَائِعِ، بَلْ لَا يَرْجِعُ إلَّا إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ أَوْ النِّسَاءِ، وَلِذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فَقِيهُ النَّفْسِ قَاضِي خَانْ. فَظَهَرَ أَنَّ اشْتِرَاطَهُ قَوْلُ مَشَايِخَ آخَرِينَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ خَطَؤُهُمْ اهـ مُلَخَّصًا. وَاعْتِرَاضُهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ قَاضِي خَانْ صَرَّحَ أَوَّلًا بِالِاشْتِرَاطِ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ ابْنِ الْفَضْلِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا بَعْدَ صَفْحَةٍ مَا عَزَاهُ صَاحِبُ الْفَتْحِ إلَى الْخَانِيَّةِ: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْأَمَةِ وَقَوْلِهِمْ وَالْمَرْجِعُ إلَى النِّسَاءِ فِي الْحَبَلِ وَإِلَى الْأَطِبَّاءِ فِي الدَّاءِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ انْقِطَاعِ الدَّمِ لِتَتَوَجَّهَ الْخُصُومَةُ إلَى الْبَائِعِ، فَإِذَا تَوَجَّهَتْ إلَيْهِ بِقَوْلِهَا وَعَيَّنَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ عَنْ حَبَلٍ رَجَعْنَا إلَى النِّسَاءِ الْعَالِمَاتِ بِالْحَبَلِ لِتَتَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ عَيَّنَ أَنَّهُ عَنْ دَاءٍ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَرَأَيْت فِي الْمُحِيطِ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذِكْرِ السَّبَبِ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ تَعْيِينُ الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ الْأَمَةِ لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ قَالُوا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ لَفْظَ قَالُوا يُشِيرُ إلَى الضَّعْفِ وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ عَنْ الرَّئِيسِ الشَّيْخِ قَاسِمٍ أَنَّهُ ذَكَرَ عِبَارَتَيْ الْخَانِيَّةِ وَقَالَ إنَّ الثَّانِيَةَ أَيْ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الْفَتْحِ أَوْجَهُ.
قُلْت: وَهَذَا تَرْجِيحٌ مِنْهُ لِمَا اخْتَارَهُ فِي الْفَتْحِ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ كَلَامُ النَّهْرِ أَيْضًا.
[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]
1
[تَنْبِيهٌ] فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ. أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ فَهِيَ أَنَّهُ بَعْدَ بَيَانِ السَّبَبِ وَالرُّجُوعِ إلَى النِّسَاءِ أَوْ الْأَطِبَّاءِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْآتِي بَيَانُهَا يَسْأَلُ الْقَاضِي الْبَائِعَ، فَإِنْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِيَ رَدَّهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ هِيَ كَذَلِكَ لِلْحَالِ، وَمَا كَانَتْ كَذَلِكَ عِنْدِي تَوَجَّهَتْ الْخُصُومَةُ عَلَى الْبَائِعِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى قِيَامِهِ لِلْحَالِ فَلِلْمُشْتَرِي تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا رُدَّتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الِانْقِطَاعَ لِلْحَالِ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يُسْتَحْلَفُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَيَجِبُ كَوْنُهُ عَلَى الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ انْقِطَاعَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَتَعَقَّبَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَارًّا، إذْ مِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَحِضْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي. اهـ. وَأَمَّا صِفَتُهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْفَتْحِ فَقَالَ بِأَنْ يَدَّعِيَ الِانْقِطَاعَ لِلْحَالِ وَوُجُودَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ، فَإِنْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِهِ رُدَّتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ لِلْحَالِ وَأَنْكَرَ وُجُودَهُ عِنْدَهُ اُسْتُخْبِرَتْ الْجَارِيَةُ، فَإِنْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ، اُتُّجِهَتْ الْخُصُومَةُ فَيُحَلِّفُهُ بِاَللَّهِ مَا وُجِدَ عِنْدَهُ، فَإِنْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِهِ رُدَّتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ اعْتَرَفَ بِوُجُودِهِ عِنْدَهُ وَأَنْكَرَ الِانْقِطَاعَ لِلْحَالِ فَاسْتُخْبِرَتْ فَأَنْكَرَتْ الِانْقِطَاعَ لَا يُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يُسْتَحْلَفُ. اهـ (قَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِهِ أَشْهُرٍ عِنْدَ الثَّانِي) اعْلَمْ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ ذَكَرَ هُنَا أَيْضًا تَبَعًا لِشُرَّاحِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى انْقِطَاعَهُ فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَفِي الْمَدِيدَةِ تُسْمَعُ، وَأَقَلُّهَا ثَلَاثُهُ أَشْهُرٍ عِنْدَ أَبُو يُوسُفَ، وَأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ أَنَّهَا سَنَتَانِ. اهـ، وَفِي رِوَايَةٍ تُسْمَعُ دَعْوَى الْحَبَلِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ بَزَّازِيَّةٌ وَغَيْرُهَا. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ. وَرَجَّحَ فِي الْفَتْحِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ تَقْدِيرِهَا بِشَهْرٍ. وَرَدَّ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ خَبْطٌ عَجِيبٌ وَغَلَطٌ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مَعَ صَرِيحِ النَّقْلِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ، وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ.
قُلْت: وَهُوَ مَدْفُوعٌ، فَقَدْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي انْقِطَاعَ حَيْضِهَا وَأَرَادَ رَدَّهَا بِهَذَا السَّبَبِ لَا يُوجَدُ لِهَذَا رِوَايَةٌ فِي الْمَشَاهِيرِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: وَيَحْتَاجُ بَعْدَ هَذَا إلَى بَيَانِ الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ وَالْكَثِيرَةِ قَالُوا: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كَمَسْأَلَةِ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا انْقَطَعَ الْحَيْضُ، وَالرِّوَايَاتُ فِيهَا مُخْتَلِفَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ الرِّوَايَاتِ
(وَالِاسْتِحَاضَةُ وَالسُّعَالِ الْقَدِيمِ) لَا الْمُعْتَادُ (وَالدَّيْنِ) الَّذِي يُطَالَبُ بِهِ فِي الْحَالِ لَا الْمُؤَجَّلُ لِعِتْقِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ كَمَا نَقَلَهُ مِسْكِينٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ، لَكِنْ عَمَّمَ الْكَمَالُ وَعَلَّلَهُ بِنُقْصَانِ وَلَائِهِ وَمِيرَاثِهِ (وَالشَّعْرِ وَالْمَاءِ فِي الْعَيْنِ وَكَذَا كُلُّ مَرَضٍ فِيهَا) فَهُوَ عَيْبٌ مِعْرَاجٌ كَسَبَلٍ وَحَوْضٍ وَكَثْرَةِ دَمْعٍ (وَالثُّؤْلُولِ) بِمُثَلَّثَةٍ كَزُنْبُورٍ بُثْرٌ صِغَارٌ صُلْبٌ مُسْتَدِيرٌ عَلَى صُوَرٍ شَتَّى جَمْعُهُ ثَآلِيلُ قَامُوسٌ وَقَيَّدَهُ بِالْكَثْرَةِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ (وَكَذَا الْكَيُّ) عَيْبٌ (لَوْ عَنْ دَاءٍ وَإِلَّا لَا) وَقَطْعُ الْأُصْبُعِ عَيْبٌ، وَالْأُصْبُعَانِ عَيْبَانِ، وَالْأَصَابِعُ مَعَ الْكَفِّ عَيْبٌ وَاحِدٌ، وَالْعَسَرُ وَهُوَ مَنْ يَعْمَلُ بِيَسَارِهِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَعْمَلَ بِالْيَمِينِ أَيْضًا كَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -،
ــ
[رد المحتار]
السَّابِقَةَ فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ الْمُدَّةِ إنَّمَا ذَكَرُوهُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ اسْتِبْرَاءِ مُمْتَدَّةِ الطُّهْرِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ صَاحِبُ الْفَتْحِ، وَرَدَّ الْقِيَاسَ بِإِبْدَاءِ الْفَارِقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّهُ نَقْلُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ بِشَهْرٍ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ، وَمَا تَقَدَّمَ هُوَ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ فِي اسْتِبْرَاءِ مُمْتَدَّةِ الطُّهْرِ، وَالرِّوَايَاتُ هُنَاكَ تَسْتَدْعِي ذَلِكَ الِاعْتِبَارَ، فَإِنَّ الْوَطْءَ مَمْنُوعٌ شَرْعًا إلَى الْحَيْضِ لِاحْتِمَالِ الْحَبَلِ فَيَكُونُ مَاؤُهُ سَاقِيًّا زَرْعَ غَيْرِهِ، فَقَدَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ بِسَنَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهُوَ أَقْيَسْ وَقَدَّرَهُ مُحَمَّدٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِيهَا الْحَبَلُ غَالِبًا وَأَبُو يُوسُفَ بِثَلَاثِهِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّهَا عِدَّةُ مَنْ لَا تَحِيضُ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ: شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَالْحُكْمُ هُنَا لَيْسَ إلَّا كَوْنَ الِامْتِدَادِ عَيْبًا فَلَا يُتَّجَهُ إنَاطَتُهُ بِسَنَتَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمُدَدِ، اهـ مُلَخَّصًا فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي مَسْأَلَتِنَا دَعْوَى النَّقْلِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُمْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِبْرَاءِ الْمَذْكُورَةِ أَمَّا مَسْأَلَةُ الْعَيْبِ فَلَا ذِكْرَ لَهَا فِي الْمَشَاهِيرِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَالْإِمَامُ فَقِيهُ النَّفْسِ قَاضِي خَانْ اخْتَارَ تَقْدِيرَ الْمُدَّةِ بِشَهْرٍ لِتَتَوَجَّهَ الْخُصُومَةُ بِالْعَيْبِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ لِلْقَوَابِلِ أَوْ لِلْأَطِبَّاءِ فِي شَهْرٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْأَكْثَرِ، وَرَجَّحَهُ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ، فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ خَبْطٌ عَجِيبٌ هُوَ الْعَجِيبُ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْقِيقَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
(وَقَوْلُهُ وَالِاسْتِحَاضَةِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمُضَافِ الَّذِي هُوَ عَدَمِ ط (قَوْلُهُ وَالسُّعَالِ الْقَدِيمِ) أَيْ إذَا كَانَ عَنْ دَاءٍ، فَأَمَّا الْقَدْرُ الْمُعْتَادُ مِنْهُ فَلَا فَتْحٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَادِثَ غَيْرُ عَيْبٍ وَلَوْ وُجِدَ عِنْدَهُمَا لَكِنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ كَوْنُهُ عَنْ دَاءٍ لَا الْقِدَمَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ: السُّعَالُ عَيْبٌ إنْ فَحُشَ وَإِلَّا فَلَا، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ تَكُونُ مَشْغُولَةً بِهِ وَالْغُرَمَاءُ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْمَوْلَى، وَكَذَا لَوْ فِي رَقَبَتِهِ جِنَايَةٌ. قَالَ فِي السِّرَاجِ؛ لِأَنَّهُ يُدْفَعُ فِيهَا فَتُسْتَحَقُّ رَقَبَتُهُ بِذَلِكَ، وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِيمَا لَوْ حَدَثَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَوْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَبِالْبَيْعِ صَارَ الْبَائِعُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَلَوْ قَضَى الْمَوْلَى الدِّينَ قَبْلَ الرَّدِّ سَقَطَ الرَّدُّ لِزَوَالِ الْمُوجِبِ لَهُ. اهـ وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَهُ الْغَرِيمُ بَزَّازِيَّةٌ وَفِي الْقُنْيَةِ: الدَّيْنُ عَيْبٌ إلَّا إذَا كَانَ يَسِيرًا لَا يُعَدُّ مِثْلُهُ نُقْصَانًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَا الْمُؤَجَّلُ لِعِتْقِهِ) اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى، وَالْمُرَاد الَّذِي تَتَأَخَّرُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ إلَى مَا بَعْدَ عِتْقِهِ كَدَيْنٍ لَزِمَهُ بِالْمُبَايَعَةِ بِلَا إذْنِ الْمَوْلَى (قَوْلُهُ لَكِنْ عَمَّمَ الْكَمَالُ) هُوَ بَحْثٌ مِنْهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ بِنُقْصَانِ وَلَائِهِ وَمِيرَاثِهِ) لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ نُقْصَانِ الْوَلَاءِ إلَّا أَنْ يُرَادَ نُقْصَانُ الْوَلَاءِ بِنُقْصَانِ ثَمَرَتِهِ وَهِيَ الْمِيرَاثُ تَأَمَّلْ. اهـ ح (قَوْلُهُ كَسَبَلٍ) هُوَ دَاءٌ فِي الْعَيْنِ يُشْبِهُ غِشَاوَةً كَأَنَّهَا نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ بِعُرُوقٍ حُمْرٍ. اهـ ح عَنْ جَامِعِ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ وَحَوَصٍ) بِفَتْحَتَيْنِ وَالْحَاءُ وَالصَّادُ مُهْمَلَتَانِ: ضِيقٌ فِي آخِرِ الْعَيْنِ وَبَابُهُ ضَرَبَ ح عَنْ جَامِعِ اللُّغَةِ وَنَحْوُهُ فِي الْقَامُوسِ وَالْمِصْبَاحِ. وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْحَوَلِ (قَوْلُهُ بُثْرٌ) بِضَمِّ الْبَاءِ وَتَسْكِينِ الْمُثَلَّثَةِ يُفَرَّقُ وَبَيْنَهُ بَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ وَيُذَكَّرُ لِكَوْنِهِ اسْمَ جِنْسٍ وَيُؤَنَّثُ نَظَرًا إلَى الْجَمْعِيَّةِ فَإِنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ وَضْعًا جَمْعِيٌّ اسْتِعْمَالًا عَلَى الْمُخْتَارِ ط.
(قَوْلُهُ وَالْأُصْبُعَانِ عَيْبَانِ إلَخْ) أَيْ قَطْعُهُمَا فَلَوْ بَاعَهَا بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ
وَالشَّيْبُ، وَشُرْبُ خَمْرٍ جَهْرًا وَقِمَارٌ إنْ عُدَّ عَيْبًا، وَعَدَمُ خِتَانِهِمَا لَوْ كَبِيرَيْنِ مُوَلَّدَيْنِ وَعَدَمُ نَهْقِ حِمَارٍ، وَقِلَّةُ أَكْلِ دَوَابَّ، وَنِكَاحٌ، وَكَذِبٌ وَنَمِيمَةٌ، وَتَرْكُ صَلَاةٍ، وَلَكِنْ فِي الْقُنْيَةِ تَرْكُهَا فِي الْعَبْدِ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ. وَفِيهَا: لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الدَّارَ مَشْئُومَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَرْغَبُونَ فِيهَا. وَفِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ: وَالْخَالُ عَيْبٌ لَوْ عَلَى الذَّقَنِ أَوْ الشَّفَةِ لَا الْخَدِّ، وَالْعُيُوبُ كَثِيرَةٌ بَرَّأَنَا اللَّهُ مِنْهَا.
ــ
[رد المحتار]
مِنْ عَيْبٍ وَاحِدٍ فِي يَدِهَا فَإِذَا هِيَ مَقْطُوعَةُ أُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ بَرِئَ لَا لَوْ أُصْبُعَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا عَيْبَانِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَصَابِعُ كُلُّهَا مَقْطُوعَةً مَعَ نِصْفِ الْكَفِّ فَهُوَ عَيْبٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ مَقْطُوعَةَ الْكَفِّ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ عَيْبِ الْيَدِ، وَالْعَيْبُ يَكُونُ حَالَ قِيَامِهَا لَا حَالَ عَدَمِهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ فِي يَدِهَا يَبْرَأُ لَوْ مَقْطُوعَةَ الْكَفِّ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا سَيَأْتِي عِنْدَ ذِكْرِ اشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ وَالشَّيْبُ) وَمِثْلُهُ الشَّمَطُ: وَهُوَ اخْتِلَاطُ الْبَيَاضِ بِالسَّوَادِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ فِي أَوَانِهِ لِلْكِبَرِ، وَفِي غَيْرِ أَوَانِهِ لِلدَّاءِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَقُولُ: جَعَلَ الْكِبَرَ هُنَا عَيْبًا لَا فِي عَدَمِ الْحَيْضِ، حَتَّى لَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْحَيْضِ لِلْكِبَرِ لَمْ يُسْمَعْ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى عَدَمِ الْحَيْضِ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ بِحَبَلٍ أَوْ دَاءٍ وَبَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ. اهـ (قَوْلُهُ وَشُرْبُ خَمْرٍ جَهْرًا) أَيْ مَعَ الْإِدْمَانِ، فَلَوْ عَلَى الْكِتْمَانِ أَحْيَانًا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ الثَّمَنَ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا فِي الدِّينِ (قَوْلُهُ إنْ عُدَّ عَيْبًا) كَقِمَارٍ بِنَرْدٍ وَشِطْرَنْجٍ وَنَحْوِهِمَا لَا إنْ كَانَ لَا يُعَدُّ عَيْبًا عُرْفًا كَقِمَارٍ بِجَوْزٍ وَبِطِّيخٍ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ: فَالْمَدَارُ عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ لَوْ كَبِيرَيْنِ مُوَلَّدَيْنِ) بِخِلَافِهِ فِي الصَّغِيرَيْنِ. وَفِي الْجَلِيبِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَا يَكُونُ عَيْبًا مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَهَذَا عِنْدَهُمْ، يُعْفَى عَدَمُ الْخِتَانِ فِي الْجَارِيَةِ الْمُوَلَّدَةِ، أَمَّا عِنْدَنَا عَدَمُ الْخَفْضِ فِي الْجَارِيَةِ لَا يَكُونُ عَيْبًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ نَهْقِ حِمَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ ط (قَوْلُهُ وَقِلَّةُ أَكْلِ دَوَابَّ) احْتِرَازٌ عَنْ الْإِنْسَانِ فَكَثْرَتُهُ فِيهِ عَيْبٌ، وَقِيلَ فِي الْجَارِيَةِ عَيْبٌ لَا الْغُلَامِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إذَا أَفْرَطَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَنِكَاحٌ) أَيْ فِي الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ خَانِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ، وَالْجَارِيَةُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَلَى السَّيِّدِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ فِي الْعِدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَا عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ وَالْإِحْرَامُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِرَضَاعٍ أَوْ صِهْرِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَكَذِبٌ وَنَمِيمَةٌ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُمَا بِالْكَثِيرِ الْمُضِرِّ (قَوْلُهُ وَتَرْكُ صَلَاةٍ) وَكَذَا غَيْرُهَا مِنْ الذُّنُوبِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) يُؤَيِّدُهُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَامِزًا إلَى الْأَصْلِ، الزِّنَا فِي الْقِنِّ لَيْسَ بِعَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ فِسْقٍ فَلَا يُوجِبُ خَلَلًا كَكَوْنِهِ آكِلَ الْحَرَامِ أَوْ تَارِكَ الصَّلَاةِ. اهـ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ إلَخْ) أَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَالْهُتُوعُ عَيْبٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْهَتْعَةِ، وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْضَاءُ تَكُونُ فِي صَدْرِ الْحَيَوَانِ إلَى جَانِبِ نَحْرِهِ يُتَشَاءَمُ بِهِ فَيُوجِبُ نُقْصَانًا فِي الثَّمَنِ بِسَبَبِ تَشَاؤُمِ النَّاسِ. اهـ (قَوْلُهُ لَوْ عَلَى الذَّقَنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَكَذَا الْخَالُ إنْ كَانَ قَبِيحًا مُنَقِّصًا. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْخَالُ وَالثُّؤْلُولُ لَوْ فِي مَوْضِعٍ مُخِلٍّ بِالزِّينَةِ، أَمَّا فِي مَوْضِعٍ لَا يُخِلُّ بِهَا كَتَحْتِ الْإِبْطِ وَالرُّكْبَةُ لَا (قَوْلُهُ وَالْعُيُوبُ كَثِيرَةٌ) مِنْهَا الْأُدْرَةُ فِي الْغُلَامِ وَالْعَفْلَةُ وَهِيَ وَرَمٌ فِي فَرْجِ الْجَارِيَةِ، وَالسِّنُّ السَّاقِطَةُ وَالْخَضْرَاءُ وَالسَّوْدَاءُ ضِرْسًا أَوْ لَا.
وَاخْتُلِفَ فِي الصُّفْرَةِ وَمِنْهَا الظُّفْرُ الْأَسْوَدُ إنْ نَقَصَ الْقِيمَةَ، وَعَدَمُ اسْتِمْسَاكِ الْبَوْلِ، وَالْحَرْنُ فِي الدَّابَّةِ: وَهُوَ أَنْ تَقِفَ وَلَا تَنْقَادَ، وَالْجُمُوحُ: وَهُوَ أَنْ لَا تَقِفَ عِنْدَ الْإِلْجَامِ، وَخَلْعُ الرَّسَنِ وَاللِّجَامِ؛ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى كَرْمًا
(حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) بِغَيْرِ فِعْلِ الْبَائِعِ، فَلَوْ بِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَوَجَبَ الْأَرْشُ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ أَوْ رَدُّهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ مُطْلَقًا، وَلَوْ بَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى حُدُوثِهِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى قِدَمِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَا يَرُدُّ جَبْرًا مَالَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ إلَّا فِي بَلَدِ الْعَقْدِ بَحْرٌ.
ــ
[رد المحتار]
فَوَجَدَ فِيهِ مَمَرًّا أَوْ مَسِيلًا لِلْغَيْرِ أَوْ كَانَ مُرْتَفِعًا لَا يَصِلُ إلَيْهِ الْمَاءُ إلَّا بِالسِّكْرِ أَوْ لَا شِرْبَ لَهُ بَزَّازِيَّةٌ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا اشْتَرَى حَدِيدًا لِيَتَّخِذَ مِنْهُ آلَاتِ النَّجَّارِينَ وَجَعَلَهُ فِي الْكُورِ لِيُجَرِّبَهُ بِالنَّارِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَلَا يَصْلُحُ لِتِلْكَ الْآلَاتِ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّهُ. وَمِنْهُ أَيْضًا بَلُّ الْجُلُودِ أَوْ الْإِبْرَيْسَمِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ آخَرُ يَمْنَعُ الرَّدَّ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ فِعْلِ الْبَائِعِ) وَمِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ فَبَقِيَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمَا إذَا كَانَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِفِعْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَفِي هَذِهِ الثَّلَاثِ لَا يَرُدُّهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ،؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّهُ بِعَيْبَيْنِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِهِ نَاقِصًا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (وَقَوْلُهُ فَلَوْ بِهِ) أَيْ بِفِعْلِ الْبَائِعِ وَمِثْلُهُ الْأَجْنَبِيُّ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَكِنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِيُقَابِلَهُ بِقَوْلِهِ: وَأَمَّا قَبْلَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ) أَيْ حِصَّةِ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ وَامْتَنَعَ الرَّدُّ بَحْرٌ (وَقَوْلُهُ وَوَجَبَ الْأَرْشُ) أَيْ أَرْشُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِفِعْلِ الْبَائِعِ، فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْئَيْنِ: الْأَوَّلِ حِصَّةُ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ مِنْ الثَّمَنِ وَالثَّانِي أَرْشُ الْعَيْبِ الثَّانِي ط وَلَوْ كَانَ الْعَيْبُ الثَّانِي بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ رَجَعَ بِالْأَرْشِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا قَبْلَهُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ حُدُوثُ الْعَيْبِ الثَّانِي بِفِعْلِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي - سَوَاءٌ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا أَوْ لَا - بَيْنَ أَخْذِهِ أَيْ مَعَ طَرْحِ حِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَأَخْذِ كُلِّ الثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ يَأْخُذُهُ وَيَطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةَ جِنَايَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ.
وَلَكِنَّهُ إنْ اخْتَارَ الْأَخْذَ يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ عَلَى الْجَانِي وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيَطْلُبَ النُّقْصَانَ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، وَقَوْلُهُ وَيَطْرَحُ عَنْهُ حِصَّةَ جِنَايَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُطْرَحُ عَنْهُ شَيْءٌ لَوْ النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ ثُمَّ رَأَيْت فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ: وَلَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ قَدْرًا يَطْرَحُ عَنْ الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْبَاقِي أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ أَوْ تَرَكَهُ كَكَوْنِ الْمَبِيعِ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا وَفَاتَ بَعْضٌ مِنْ الْقَدْرِ وَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ وَصْفًا لَا يُطْرَحُ عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ أَخَذَهُ بِكُلِّ ثَمَنِهِ أَوْ تَرَكَهُ، وَالْوَصْفُ مَا يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ بِلَا ذِكْرٍ كَشَجَرٍ وَبِنَاءٍ فِي الْأَرْضِ وَأَطْرَافٍ فِي الْحَيَوَانِ وَجَوْدَةٍ فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ، إذْ الْأَوْصَافُ لَا قِسْطَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا وَرَدَ عَلَيْهَا الْجِنَايَةُ أَوْ الْقَبْضُ، يَعْنِي إذَا قَبَضَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْ الْأَوْصَافِ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. اهـ. (قَوْلُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ رَدَّهُ، وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ أَفَادَهُ ح.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا أَوْ لَا ح وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِفِعْلٍ كَافٍ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالرَّدِّ سَوَاءٌ كَانَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ أَوْ لَا فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ) لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَلَوْ بَرْهَنَ إلَخْ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: أَوَّلًا وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ حُدُوثَهُ إلَخْ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ إلَّا فِي بَلَدِ الْعَقْدِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ نَقَلَهُ إلَى بَيْتِهِ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ تَحْمِيلَهُ بِمَنْزِلَةِ حُدُوثِ عَيْبٍ لِمَا فِيهِ مِنْ مُؤْنَةِ الرَّدِّ إلَى مَوْضِعِ الْعَقْدِ، لَكِنْ هَذَا الْعَيْبُ غَيْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْتَرِي
(رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ) إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ؛ وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَاهُ تَوْلِيَةً أَوْ خَاطَهُ لِطِفْلِهِ زَيْلَعِيٌّ أَوْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ جَوْهَرَةٌ.
ــ
[رد المحتار]
فَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوَّلَ بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ) بِأَنْ يُقَوَّمَ بِلَا عَيْبٍ ثُمَّ مَعَ الْعَيْبِ؛ وَيُنْظَرَ فِي التَّفَاوُتِ، فَإِنْ كَانَ مِقْدَارَ عُشْرِ الْقِيمَةِ رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ حَتَّى، لَوْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَقَدْ نَقَصَهُ الْعَيْبُ عَشَرَةً رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ وَهُوَ دِرْهَمٌ. قَالَ الْبَزَّازِيُّ وَفِي الْمُقَايَضَةِ إنْ كَانَ النُّقْصَانُ عُشْرَ الْقِيمَةِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ مَا جُعِلَ ثَمَنًا يَعْنِي مَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْبَاءُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُقَوِّمُ اثْنَيْنِ يُخْبِرَانِ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، وَالْمُقَوِّمُ الْأَهْلُ فِي كُلِّ حِرْفَةٍ، وَلَوْ زَالَ الْحَادِثُ كَانَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ مَعَ النُّقْصَانِ، وَقِيلَ لَا، وَقِيلَ لَا إنْ كَانَ بَدَلُ النُّقْصَانِ قَائِمًا رُدَّ وَإِلَّا لَا، وَكَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَالْأَوَّلُ بِالْقَوَاعِدِ أَلْيَقُ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ) أَيْ مِنْ الْمَسَائِلِ السِّتِّ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوَّلَ الْبَابِ ط، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهَا وَكَتَبْنَا هُنَاكَ مَسَائِلَ أُخَرَ مِنْهَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَعِيرِ وَغَيْرِهَا. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: ثُمَّ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ الرَّدُّ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي. أَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلٍ مِنْ جِهَتِهِ كَذَلِكَ كَأَنْ قَتَلَ الْمَبِيعَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ، وَكَذَا إذَا قُتِلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي خَطَأً؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَصَلَ الْبَدَلُ إلَيْهِ صَارَ كَأَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ الْقَاتِلِ بِالْبَدَلِ، فَكَانَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ وَلَوْ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِفِعْلٍ غَيْرِ مَضْمُونٍ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّ الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ مَا لَوْ شَرَاهُ تَوْلِيَةً) هَذِهِ إحْدَى مَسْأَلَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ يُسْتَثْنَى مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا بَيْعُ التَّوْلِيَةِ لَوْ بَاعَ شَيْئًا تَوْلِيَةً ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَبِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ لَا رُجُوعَ وَلَا رَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ صَارَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ، وَقَضِيَّةُ التَّوْلِيَةِ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْأَوَّلِ. الثَّانِيَةُ لَوْ قَبَضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ رَبِّ السَّلَمِ. قَالَ الْإِمَامُ: يُخَيَّرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ قَبِلَهُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنْ نُقْصَانِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ غَرِمَ نُقْصَانَ الْعَيْبِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ اعْتِيَاضًا عَنْ الْجُودَةِ فَيَكُونُ رِبًا. اهـ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ أَوْ خَاطَهُ لِطِفْلِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ قَطَعَهُ لِطِفْلِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ لِبَاسًا لِطِفْلِهِ وَخَاطَهُ صَارَ مُمَلِّكًا لَهُ بِالْقَطْعِ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ، فَإِذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ: أَمَّا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا يَرْجِعُ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهُ إلَّا بِقَبْضِهِ فَإِذَا خَاطَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ امْتَنَعَ الرَّدُّ بِالْخِيَاطَةِ فَإِذَا حَصَلَ التَّمْلِيكُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّسْلِيمِ لَا يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ لِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَعِيبًا لَا يَرْجِعُ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَإِلَّا رَجَعَ؛ فَفِي الْأَوَّلِ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ امْتِنَاعِ الرَّدِّ وَفِي الثَّانِي بَعْدَهُ، إذْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَعِيبًا بَعْدَ الْخِيَاطَةِ كَمَا يَأْتِي، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ
وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْخِيَاطَةِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ احْتِرَازِيٌّ فِي الْكَبِيرِ اتِّفَاقِيٌّ فِي الصَّغِيرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ رَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ مِنْهُ مَعِيبًا امْتَنَعَ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي بِالنُّقْصَانِ، بَلْ إمَّا أَنْ يُمْسِكَهُ بِلَا رُجُوعٍ، وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّهُ.
(وَلَهُ الرَّدُّ بِرِضَا الْبَائِعِ) إلَّا لِمَانِعِ عَيْبٍ أَوْ زِيَادَةٍ
ــ
[رد المحتار]
لَا يُقَالُ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَهُ الرَّدُّ بِرِضَا الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ لِبَيَانِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ وَالرَّدِّ بِرِضَا الْبَائِعِ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رِضَا الْبَائِعِ بِالرَّدِّ يُبْطِلُ اخْتِيَارَ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ، فَلِذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مُبْطِلَاتِ الرُّجُوعِ، فَلِلَّهِ دَرُّهُ بِمَا حَوَاهُ دُرُّهُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ الرَّدُّ بِرِضَا الْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّ فِي الرَّدِّ إضْرَارٌ بِالْبَائِعِ لِكَوْنِهِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ سَالِمًا عَنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ، فَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالضَّرَرِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ بِنُقْصَانٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَتْنِ، فَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانٍ لَكَانَ أَوْلَى نَهْرٌ.
قُلْت: وَقَدْ أَفَادَ الشَّارِحُ هَذَا الْمَعْنَى بِذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا، ثُمَّ إنَّ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالضَّرَرِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ كَامِلًا، وَبِهِ صَرَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ حَيْثُ قَالَ غَيْرُ طَالِبٍ: أَيْ الْبَائِعُ لِحِصَّةِ النُّقْصَانِ. اهـ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ حِصَّةِ النُّقْصَانِ الْحَادِثِ فَيَرُدُّ كُلَّ الثَّمَنِ. ثُمَّ رَأَيْتُهُ أَيْضًا فِي حَاشِيَةِ نُوحِ أَفَنْدِي حَيْثُ قَالَ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِرِضَاهُ بِالضَّرَرِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ. اهـ وَلْيَنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْعَيْنِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالسَّرِقَةُ.
[تَنْبِيهٌ] أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ رِضَا الْبَائِعِ إلَى فَرْعٍ فِي الْقُنْيَةِ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ ظَفِرَ الْبَائِعُ بِعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ الرَّدُّ. اهـ يَعْنِي لِعَدَمِ رِضَاهُ بِهِ أَوَّلًا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ وَعَلِمَ الْبَائِعُ بِحُدُوثِ عَيْبٍ آخَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَدَّ عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَوْ رَضِيَ بِالْمَرْدُودِ وَلَا شَيْءَ بِهِ وَإِنْ حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَرْضَى أَنْ يَقْبَلَهُ بِعَيْبِهِ الثَّالِثِ أَيْضًا. اهـ بَحْرٌ: هَذَا، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَعُودُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَانِعِ عَيْبٍ) أَيْ إلَّا لِعَيْبٍ مَانِعٍ مِنْ الرَّدِّ؛ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قَتَلَ آخَرَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَبِلَهُ الْبَائِعُ بِالْجِنَايَتَيْنِ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْجِنَايَةِ الْأُولَى دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَانَ مُخْتَارًا لِلدَّاءِ فِيهِمَا، وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ بِعَدَمِ قَبْضِهِ ثُمَّ وَجَدَ فِيهِ عَيْبًا لَا يَرُدُّهُ وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ، وَإِنَّمَا تَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ كَذَا فِي النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ أَوْ زِيَادَةٍ) أَيْ أَوْ إلَّا لِزِيَادَةٍ مَانِعَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي نَحْوِ الْخِيَاطَةِ ح مَطْلَبٌ فِي أَنْوَاعِ زِيَادَةِ الْبَيْعِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ إمَّا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا نَوْعَانِ: مُتَّصِلَةٌ وَمُنْفَصِلَةٌ. وَالْمُتَّصِلَةُ نَوْعَانِ: مُتَوَلِّدَةٌ كَسِمَنٍ وَجَمَالٍ فَلَا تَمْنَعُ الرَّدَّ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَكَذَا بَعْدَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ قَبُولُهُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ ذَلِكَ، وَغَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ كَغَرْسٍ وَبِنَاءٍ وَصَبْغٍ وَخِيَاطَةٍ فَتَمْنَعُ الرَّدَّ مُطْلَقًا.
وَالْمُنْفَصِلَةُ نَوْعَانِ: مُتَوَلِّدَةٌ كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ وَالْأَرْشِ، فَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَمْنَعُ، فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمَا أَوْ رَضِيَ بِهِمَا بِجَمِيعِ
(كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِهِ) أَيْ بِنُقْصَانِهِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِالْقَطْعِ (فَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ كَذَلِكَ لَهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ.
(وَلَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَنَحَرَ فَوَجَدَ أَمْعَاءَهُ فَاسِدًا لَا) يَرْجِعُ لِإِفْسَادِ مَالِيَّتِهِ (كَمَا) لَا يَرْجِعُ (لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ) كُلَّهُ
ــ
[رد المحتار]
الثَّمَنِ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْعَيْبِ، وَغَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ كَكَسْبٍ وَغَلَّةٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ، فَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ فَإِذَا رَدَّ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي بِلَا ثَمَنٍ عِنْدَهُ وَلَا تَطِيبُ لَهُ: وَعِنْدَهُمَا لِلْبَائِعِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ أَيْضًا وَتَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي الْمُتَّصِلَةِ الْغَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ مُطْلَقًا وَفِي الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ لَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَوَقَعَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ تَمْنَعُ الرَّدَّ، لَكِنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ إنَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ يُخَيَّرُ كَمَا مَرَّ، وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَرُدُّ الْمَبِيعَ وَحْدَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ.
وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ سَهْوٌ، وَإِذْ هَذَا التَّفْصِيلُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ تَمْنَعُ الرَّدَّ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ الرَّدَّ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ، وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ قَوْلَ الْفَتْحِ تَمْنَعُ الرَّدَّ مَعْنَاهُ تَمْنَعُ رَدَّ الْأَصْلِ وَحْدَهُ.
قُلْت: وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَإِنَّ قَوْلَ الْفَتْحِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يُرَدُّ الْمَبِيعُ وَحْدَهُ يُنَافِيهِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَصِيرُ رِبًا لِكَوْنِهِ صَارَ لِلْمُشْتَرِي بِلَا عِوَضٍ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْكَسْبِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَوَلَّدْ مِنْ الْمَبِيعِ بَلْ مِنْ مَنَافِعِهِ، فَلَمْ تَكُنْ مَبِيعَةً فَأَمْكَنَ أَنْ تُسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا، أَمَّا الْوَلَدُ فَإِنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ الْمَبِيعِ فَلَهُ صِفَتُهُ، فَلَوْ سُلِّمَ لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا كَانَ رِبًا، وَنَحْوُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ كَأَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا) تَمْثِيلٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَا لِلزِّيَادَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ تَكْرَارٌ،؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ وَجَوَازَ رَدِّهِ بِرِضَا بَائِعِهِ فِي الثَّوْبِ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَدَّمَهُ وَلَمْ تَظْهَرْ فَائِدَةٌ لِإِفْرَادِ الثَّوْبِ إلَّا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ مَا إذَا خَاطَهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَلَوْ بِرِضَاهُ. اهـ ط (قَوْلُهُ فَقَطَعَهُ) وَوَطْءُ الْجَارِيَةِ كَالْقَطْعِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا نَهْرٌ، وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْجَارِيَةِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ) ذِكْرُ الْفَاءِ يُفِيدُ أَنَّ الْقَطْعَ لَوْ كَانَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ ح، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَاللُّبْسُ وَالرُّكُوبُ وَالْمُدَاوَاةُ رِضًا بِالْعَيْبِ إلَخْ
(قَوْلُهُ فَاسِدًا) الْأَوْلَى فَاسِدَةً (قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ لِإِفْسَادِ مَالِيَّتِهِ) أَشَارَ بِهِ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا قَلْبَهَا، وَهُوَ أَنَّ النَّحْرَ إفْسَادٌ لِلْمَالِيَّةِ لِصَيْرُورَةِ الْمَبِيعِ بِهِ عُرْضَةً لِلنَّتْنِ وَالْفَسَادِ، وَلِذَا لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ بِهِ فَاخْتَلَّ مَعْنَى قِيَامِ الْمَبِيعِ كَمَا فِي النَّهْرِ ح وَعَدَمُ الرُّجُوعِ قَوْلُ الْإِمَامِ، فِي الْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ اشْتَرَى بَعِيرًا فَلَمَّا أَدْخَلَهُ دَارِهِ سَقَطَ فَذَبَحَهُ فَظَهَرَ عَيْبُهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِهِ عِنْدَهُمَا وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ كَمَا لَوْ أَكَلَ طَعَامًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا، وَلَوْ عَلِمَ عَيْبَهُ قَبْلَ الذَّبْحِ فَذَبَحَهُ لَا يَرْجِعُ. اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْوَاقِعَاتِ: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْأَكْلِ فَكَذَا هُنَا. اهـ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَيَجِبُ تَقَيُّدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا نَحَرَهُ وَحَيَاتُهُ مَرْجُوَّةٌ، أَمَّا إذَا أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّحْرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ إفْسَادًا لِلْمَالِيَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَرْجِعُ لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ إلَخْ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ وَالْبَيْعُ مِثَالٌ، فَعَمّ مَا لَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ أَوْ قَبْلَهُ. كَمَا فِي الْفَتْحِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِخَوْفِ تَلَفِهِ أَوْ لَا، حَتَّى لَوْ وَجَدَ السَّمَكَةَ الْمَبِيعَةَ مَعِيبَةً وَغَابَ الْبَائِعُ لَوْ انْتَظَرَهُ لَفَسَدَتْ فَبَاعَهَا لَمْ يَرْجِعْ أَيْضًا بِشَيْءٍ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ نَهْرٌ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ وَنَحْوَهُ مَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ حُدُوثِ عَيْبٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ قَبْلَهُ، إلَّا
أَوْ بَعْضَهُ أَوْ وَهَبَهُ (بَعْد الْقَطْع) لِجَوَازِ رَدِّهِ مَقْطُوعًا لَا مَخِيطًا كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ قَطَعَهُ) الْمُشْتَرِي (وَخَاطَهُ أَوْ صَبَغَهُ) بِأَيِّ صَبْغٍ كَانَ عَيْنِيٌّ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ أَوْ خَبَزَ الدَّقِيقَ أَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى (ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ رَجَعَ بِنُقْصَانِهِ) لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ لِحَقِّ الشَّرْعِ لِحُصُولِ الرِّبَا حَتَّى لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِهِ دُرَرٌ
ــ
[رد المحتار]
إذَا كَانَ بَعْدَ زِيَادَةٍ كَخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا كَمَا يَأْتِي، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ أَخْرَجَ الْمَبِيعَ عَنْ مِلْكِهِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِمِلْكِهِ أَثَرٌ، بِأَنْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ بَعْضَهُ، وَإِنْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا لَا يَخْرُجُهُ عَنْ مِلْكِهِ بِأَنْ آجَرَهُ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ كَانَ طَعَامًا فَطَبَخَهُ أَوْ سَوِيقًا فَلَتَّهُ بِسَمْنٍ أَوْ بَنَى فِي الْعَرْصَةِ أَوْ نَحْوَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ بَحْرٌ، لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَاهُ فَآجَرَهُ فَوَجَدَ عَيْبَهُ فَلَهُ نَقْضُ الْإِجَارَةِ وَرَدُّهُ بِعَيْبِهِ، بِخِلَافِ رَهْنِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ بَعْدَ فَكِّهِ. اهـ، وَالظَّاهِرُ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ عَدَمِ رُجُوعِهِ بِالنُّقْصَانِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ الْمُرَادُ بِهِ إذَا رَضِيَهُ الْبَائِعُ مَعِيبًا، فَحِينَئِذٍ لَا يَرْجِعُ بَلْ يَرُدُّهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْضَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ مَا بَقِيَ لِتَعَيُّبِهِ بِالْقَطْعِ أَوْ الشَّرِكَةِ، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِنُقْصَانِ الْبَاقِي كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْمُحِيطِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُهُسْتَانِيِّ: لَوْ بَاعَ بَعْضَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِالنُّقْصَانِ بِحِصَّةِ مَا بَاعَ، وَكَذَا بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَمْ يَرُدَّهُ عِنْدَهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَثْوَابًا فَبَاعَ بَعْضَهَا فَإِنَّ لَهُ رَدَّ الْبَاقِي كَمَا مَرَّ مَتْنًا قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي قَوْلِهِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ إلَخْ، وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ طَعَامًا وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ رَدِّهِ مَقْطُوعًا لَا مَخِيطًا) يَعْنِي أَنَّ الرَّدَّ بَعْدَ الْقَطْعِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ بِرِضَا الْبَائِعِ، فَلَمَّا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي صَارَ حَابِسًا لِلْمَبِيعِ بِالْبَيْعِ فَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لِكَوْنِهِ صَارَ مُفَوِّتًا لِلرَّدِّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ خَاطَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، ثُمَّ بَاعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الْخِيَاطَةَ مَانِعَةٌ مِنْ الرَّدِّ كَمَا يَأْتِي، فَبَيْعُهُ بَعْدَ امْتِنَاعِ الرَّدِّ لَا تَأْثِيرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ حَابِسًا لَهُ بِالْبَيْعِ كَمَا أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَالْأَصْلُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ أَمْكَنَ الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ الْقَائِمِ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِرِضَاهُ أَوْ بِدُونِهِ، فَإِذَا أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ شُبْهَةٍ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِذَا أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَنَحْوُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ بَنَى عَلَيْهِ مَسْأَلَةَ مَا لَوْ خَاطَ الثَّوْبَ لِطِفْلِهِ وَقَدْ مَرَّتْ (قَوْلُهُ وَخَاطَهُ) أَشَارَ بِهِ مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ إلَى الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ الْغَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ وَقَدَّمْنَا بَيَانَهَا (قَوْلُهُ بِأَيِّ صَبْغٍ كَانَ) وَلَوْ أَسْوَدَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ السَّوَادُ نُقْصَانٌ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ أَخْذُهُ وَهُوَ اخْتِلَافُ زَمَانٍ. اهـ ح (قَوْلُهُ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ بِسَمْنٍ) أَيْ خَلَطَهُ بِهِ، وَمِثْلُهُ أَوْ اتَّخَذَ الزَّيْتَ الْمَبِيعَ صَابُونًا وَهِيَ وَاقِعَةُ الْحَالِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى) أَيْ فِي الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ ط (قَوْلُهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ) أَيْ فِي السَّوِيقِ أَوْ الثَّوْبِ بَعْدَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنَحٌ، قَالَ ح، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَوْ كَانَتْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ مِسْكِينٍ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا وَقْتَ الصَّبْغِ وَاللَّتِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْفَسْخِ فِي الْأَصْلِ دُونَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ، وَلَا وَجْهَ إلَيْهِ مَعَهَا لِحَقِّ الشَّرْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الرِّبَا) فَإِنَّ الزِّيَادَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ فَضْلًا مُسْتَحَقًّا فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ بِلَا مُقَابِلٍ وَهُوَ مَعْنَى الرِّبَا أَوْ شَبَهُهُ، وَلِشُبْهَةِ الرِّبَا حُكْمُ الرِّبَا فَتْحٌ. وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الْوَانِي مِنْ قَوْلِهِ، وَفِيهِ أَنَّ حُرْمَةَ الرِّبَا بِالْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَهُمَا مَفْقُودَانِ هَاهُنَا فَتَأَمَّلْ. اهـ، وَيُوَضِّحُ الدَّفْعَ قَوْلُهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ إنَّهُ كَلَامٌ غَيْرُ مُحَرَّرٍ، فَإِنَّ
ابْنُ كَمَالٍ (كَمَا) يَرْجِعُ (لَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمُمْتَنِعُ رَدَّهُ (فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ) قَبْلَ الرِّضَا بِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً (أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ) الْمُرَادُ هَلَاكُ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَوْ دَبَّرَ أَوْ اسْتَوْلَدَ أَوْ وَقَفَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ
ــ
[رد المحتار]
الرِّبَا لَيْسَ بِمُنْحَصِرٍ عِنْدَهُمْ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ، لِقَوْلِهِمْ إنَّ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ مِنْ الرِّبَا، وَهِيَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ وَحَقِيقَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ هِيَ زِيَادَةُ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ، فَفِيهَا فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ وَهُوَ الرِّبَا كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُمْتَنِعُ رَدُّهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ) أَيْ صُوَرِ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا. وَأَفَادَ أَنَّ امْتِنَاعَ الرَّدِّ سَابِقٌ عَلَى الْبَيْعِ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ فَتَقَرَّرَ بِهَا الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَبْقَى لَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِذَا امْتَنَعَ الرَّدُّ بِالْفَسْخِ، فَلَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ لَمَّا امْتَنَعَ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي بِبَيْعِهِ حَابِسًا لَهُ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ) وَكَذَا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى ح (قَوْلُهُ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً) لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ هُنَا بَعْدَ مُرَاجَعَةِ كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا رَأَيْته فِي حَوَاشِي الْمِنَحِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ ذَكَرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ وَهُوَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا تَعْرِفُهُ قَرِيبًا. أَمَّا هُنَا فَلَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ عَلَى الْبَيْعِ رِضًا بِالْعَيْبِ كَمَا سَيَأْتِي، وَهُنَا وُجِدَ الْبَيْعُ حَقِيقَةً وَلَمْ يَمْتَنِعْ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ لِتَقَرُّرِ الرُّجُوعِ قَبْلَهُ كَمَا عَلِمْته آنِفًا فَكَأَنَّ الشَّارِحَ رَأَى هَذَا الْقَيْدَ فِي حَوَاشِي شَيْخِهِ فَسَبَقَ قَلَمُهُ فَكَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَهِي بِالْمَوْتِ، وَالشَّيْءُ بِانْتِهَائِهِ يَتَقَرَّرُ فَكَانَ بَقَاءُ الْمِلْكِ قَائِمًا وَالرَّدُّ مُتَعَذِّرٌ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلرُّجُوعِ، وَتَمَامُهُ فِي ح عَنْ الْفَتْحِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا: أَيْ مَوْتِ الْعَبْدِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ أَوْ قَبْلَهَا. اهـ، لَكِنْ إذَا كَانَ الْمَوْتُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَأَى الْعَيْبَ وَقَالَ رَضِيت بِهِ أَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ اسْتَخْدَمَهُ مِرَارًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَا امْتَنَعَ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ نُقْصَانِهِ، لَوْ بَقِيَ الْعَبْدُ حَيًّا، فَكَذَا أَوْ مَاتَ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ الْمُرَادُ هَلَاكُ الْمَبِيعِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ قَالَ أَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَكَانَ أَفْوَدَ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي الْفُصُولِ: ذَهَبَ إلَى بَائِعِهِ لِيَرُدَّهُ بِعَيْبِهِ فَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِنَقْصِهِ وَفِي الْقُنْيَةِ: اشْتَرَى جِدَارًا مَائِلًا فَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ حَتَّى سَقَطَ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ. اهـ. وَفِي الْحَاوِي: اشْتَرَى أَثْوَابًا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةَ عَشَرَ ذِرَاعًا فَبَلَغَ بِهَا إلَى بَغْدَادَ فَإِذَا هِيَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَرَجَعَ بِهَا لِيَرُدَّهَا وَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْقِيمَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ فَالْقِيَاسُ فِيهِ أَنْ لَا يَرْجِعَ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ بِفِعْلِهِ فَصَارَ كَالْقَتْلِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنْهَاءُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مَا خُلِقَ فِي الْأَصْلِ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ الْمِلْكُ فِيهِ مُؤَقَّتًا إلَى الْإِعْتَاقِ إنْهَاءً كَالْمَوْتِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَتَقَرَّرُ بِانْتِهَائِهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ وَالرَّدَّ مُتَعَذِّرٌ، وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِمَنْزِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ النَّقْلُ مَعَ بَقَاءِ الْمَحَلِّ بِالْأَمْرِ الْحُكْمِيِّ. اهـ ح (قَوْلُهُ أَوْ وَقَفَ) فَإِذَا وَقَفَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ، وَفِي جَعْلِهَا مَسْجِدًا اخْتِلَافٌ، وَالْمُخْتَارُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَمَا رَجَعَ بِهِ يُسَلَّمُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْوَقْفِ. اهـ نَهْرٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ عِلْمِهِ) ظَرْفٌ لِأَعْتَقَهُ وَمَا بَعْدَهُ. اهـ ح.
(أَوْ كَانَ) الْمَبِيعُ (طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ بَعْضَهُ) أَوْ أَطْعَمَهُ عَبْدَهُ أَوْ مُدَبَّرَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَهُمَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بَحْرٌ
ــ
[رد المحتار]
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَلَاكَ الْمَبِيعِ لَيْسَ كَإِعْتَاقِهِ، فَإِنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ قَبْلَهُ.
وَأَمَّا الْإِعْتَاقُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ فَمَانِعٌ مِنْ الرُّجُوعِ بِنُقْصَانِهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ، وَلَيْسَ إعْتَاقُهُ كَاسْتِهْلَاكِهِ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَهْلَكَهُ فَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا إلَّا فِي الْأَكْلِ عِنْدَهُمَا بَحْرٌ ط
(قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ طَعَامًا فَأَكَلَهُ) احْتَرَزَ بِالْأَكْلِ عَنْ اسْتِهْلَاكِهِ بِغَيْرِهِ، فَفِي الذَّخِيرَةِ، قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا وَأَحْرَقَ الثَّوْبَ أَوْ اسْتَهْلَكَ الطَّعَامَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ بِالنُّقْصَانِ بِلَا خِلَافٍ. اهـ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَرْجِعْ إجْمَاعًا كَمَا فِي السِّرَاجِ لَكِنْ فِي بَيْعِ بَعْضِهِ الْخِلَافُ الْآتِي، وَأَرَادَ بِالطَّعَامِ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ.
مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ فَأَكَلَهُ أَوْ بَعْضَهُ) أَيْ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِيمَا إذَا أَطْعَمَهُ عَبْدَهُ أَوْ مُدَبَّرَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ مُقَيَّدٌ بِمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، فَلَوْ أَخَّرَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ لِيَكُونَ قَيْدًا فِي الْمَسَائِلِ الْعَشَرَةِ لَكَانَ أَوْلَى ح
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي الْفَتْحِ قَالَ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: وَفِي الْكِفَايَةِ كُلُّ تَصَرُّفٍ يُسْقِطُ خِيَارَ الْعَيْبِ إذَا وَجَدَهُ فِي مِلْكِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ؛ لِأَنَّهُ كَالرِّضَا بِهِ.
[تَنْبِيهٌ] وَقَعَ فِي الْمِنَحِ أَوْ أَكَلَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْعَمَهُ عَبْدَهُ أَوْ مُدَبَّرَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ) إنَّمَا يَرْجِعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ بَاقٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ، يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ إنَّمَا أَكَلُوا الطَّعَامَ عَلَى مِلْكِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ، وَإِنْ مَلَكُوا فَكَانَ مِلْكُهُ بَاقِيًا فِي الطَّعَامِ، وَالرَّدُّ مُتَعَذِّرٌ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْإِعْتَاقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْعَمَهُ طِفْلَهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِمَّا سَيَأْتِي حَيْثُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ فِيهِ حَبْسَ الْمَبِيعِ بِالتَّمْلِيكِ مِنْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ. اهـ ح (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَهُمَا) الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ عَدَمُ الرُّجُوعِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ ح.
قُلْت: مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ قَوْلُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارِ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ عَكْسُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَتْنِهِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ، لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَهُ: إنَّ جَعْلَ الْهِدَايَةِ قَوْلَ الْإِمَامِ اسْتِحْسَانًا مَعَ تَأْخِيرِهِ وَجَوَابَهُ عَنْ دَلِيلِهِمَا يُفِيدُ مُخَالَفَتَهُ فِي كَوْنِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. اهـ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا مَشَوْا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَفِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى تَخَرَّقَ مِنْ اللُّبْسِ أَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ لَا يَرْجِعُ عِنْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لَهُمَا. اهـ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ وَلَكِنْ صَحَّحُوا قَوْلَهُمَا بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَلَفْظُ الْفَتْوَى آكَدُ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ وَلَا سِيَّمَا هُوَ أَرْفَقُ بِالنَّاسِ كَمَا يَأْتِي فَلِذَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَتْنِهِ وَهَذَا فِي الْأَكْلِ أَمَّا الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ فَلَا رُجُوعَ فِيهِ إجْمَاعًا كَمَا عَلِمْت، وَيَأْتِي وَجْهُ الْفَرْقِ.
[تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ إلَّا فِي أَكْلِ الطَّعَامِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ أَفَادَهُ ح.
وَعَنْهُمَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اخْتِيَارٌ وَقُهُسْتَانِيُّ وَلَوْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ اتِّفَاقًا ابْنُ كَمَالٍ وَابْنُ مَلَكٍ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: الظَّاهِرُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلِ الْإِطْعَامِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ الْإِمَامِ، فَكَذَا إذَا أَطْعَمَهُ عَبْدَهُ بِالْأَوْلَى تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَعَنْهُمَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ) هَذِهِ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْهُمَا فِي صُورَةِ أَكْلِ الْبَعْضِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْكُلِّ، فَلَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ، هَكَذَا نَقَلَ عَنْهُمَا الْقُدُورِيُّ فِي التَّقْرِيبِ وَتَبِعَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْأُولَى قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَالثَّانِيَةَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَلَا مَا بَقِيَ. فِي الذَّخِيرَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الِاخْتِيَارِ وَالْخُلَاصَةِ، وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْمُجْتَبَى، فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي أَكْلِ الْبَعْضِ. أَمَّا لَوْ بَاعَ بَعْضَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ عِنْدَهُمَا لَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَاعَ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ. وَكَانَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ يُفْتِيَانِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ رِفْقًا بِالنَّاسِ، وَاخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. اهـ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَرْجِعُ بِنَقْصِ مَا بَاعَ وَيَرُدُّ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْمُجْتَبَى وَالْمَوَاهِبِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْبَعْضَ أَوْ أَكَلَهُ يَرُدُّ الْبَاقِيَ وَيَرْجِعُ بِنَقْصِ مَا أَكَلَ لَا بِنَقْصِ مَا بَاعَ. وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ بِالْأَكْلِ تَقَرَّرَ الْعَقْدُ، فَتَقَرَّرَ أَحْكَامُهُ، وَبِالْبَيْعِ يَنْقَطِعُ الْمِلْكُ فَتَنْقَطِعُ أَحْكَامُهُ، قَالَ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى غُلَامَيْنِ فَقَبَضَهُمَا وَبَاعَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِهِمَا عَيْبًا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَاعَ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَذَا هُنَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ لَوْ وَجَدَ بِبَعْضِ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ عَيْبًا لَهُ رَدُّ كُلِّهِ أَوْ أَخْذُهُ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ وَحْدَهُ. إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ كُلُّهُ بَاقِيًا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لَهُ رَدُّ كُلِّهِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا إذَا بَقِيَ كُلُّهُ وَبَيْنَ مَا إذَا تَصَرَّفَ بِبَعْضِهِ بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ. أَوْ يُقَالُ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ غَيْرِ مُحَمَّدٍ تَأَمَّلْ.
[تَنْبِيهٌ] الطَّعَامُ فِي عُرْفِهِمْ الْبُرُّ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا هُوَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: وَلَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ أَوْ فَيْلَقًا فَجَعَلَهُ إبْرَيْسَمًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ رَطْبًا وَانْتَقَصَ وَزْنُهُ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ. اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْأَكْلَ غَيْرُ قَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُحِيطِ، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْقِيَمِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ كَمَا لَا يَرْجِعُ لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ إلَخْ (قَوْلُهُ ابْنُ كَمَالٍ) حَيْثُ قَالَ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي وِعَاءٍ، فَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي الْحَقَائِقِ وَالْخَانِيَّةِ. اهـ.
قُلْت: وَلَفْظُ الْخَانِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِي وِعَاءَيْنِ فَأَكَلَ مَا فِي أَحَدِهِمَا أَوْ بَاعَ ثُمَّ عَلِمَ بِعَيْبٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ بِمَنْزِلِهِ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ، فَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْعَبْدَيْنِ وَالثَّوْبَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ رَدِّ الْمَعِيبِ وَحْدَهُ، نَعَمْ نَقَلَ الْعَلَّامَةُ فِي تَصْحِيحِهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ
وَسَيَجِيءُ. قُلْت: فَعَلَى مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ يَتَرَجَّحُ الْقِيَاسُ قُنْيَةٌ.
(وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ) أَوْ كَاتَبَهُ (أَوْ قَتَلَهُ) أَوْ أَبَقَ أَوْ أَطْعَمَهُ طِفْلَهُ أَوْ امْرَأَتَهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ ضَيْفَهُ مُجْتَبًى بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ، كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ
ــ
[رد المحتار]
إنَّ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوِعَاءِ وَالْأَوْعِيَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْبَعْضَ بِالْعَيْبِ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ. ثُمَّ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَأَرْفَقُ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِهِ اشْتَرَى جَارِيَةً، لَكِنَّ الَّذِي سَيَجِيءُ هُوَ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْوِعَاءِ وَالْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ فَعَلَى مَا فِي الِاخْتِيَارِ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَعَنْهُمَا يَرُدُّ مَا بَقِيَ وَيَرْجِعُ إلَخْ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ قِيَاسٌ لِذِكْرِهِ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ اسْتِحْسَانًا عِنْدَهُمَا.
مَطْلَبٌ يُرَجَّحُ الْقِيَاسُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا اسْتِحْسَانُ، وَالثَّانِيَةَ قِيَاسٌ، فَيَكُونُ تَرْجِيحُ الثَّانِيَةِ كَمَا وَقَعَ فِي الِاخْتِيَارِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ تَرْجِيحِ الْقِيَاسِ عَنْ الِاسْتِحْسَانِ، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ الشَّارِحَ وَافَقَ هُنَا مَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْقِيَاسَ قَوْلُهُمَا فَافْهَمْ، نَعَمْ مَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ خِلَافُ الْمَفْهُومِ مِنْ كَلَامِهِمْ، فَقَدْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا الْأَكْلُ فَعَلَى الْخِلَافِ، عِنْدَهُمَا يَرْجِعُ، وَعِنْدَهُ لَا يَرْجِعُ اسْتِحْسَانًا. وَإِنْ أَكَلَ بَعْضَ الطَّعَامِ ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَكَذَا الْجَوَابُ عِنْدَهُ وَعَنْهُمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الْكُلِّ. وَعَنْهُمَا أَنَّهُ يَرُدُّ مَا بَقِيَ. اهـ. وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: عِنْدَهُمَا يَرْجِعُ اسْتِحْسَانًا، وَعِنْدَهُ لَا يَرْجِعُ إلَخْ فَإِنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ فِي الْهِدَايَةِ جَعَلَ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَهُمَا قِيَاسًا، وَعَدَمَهُ عِنْدَهُ اسْتِحْسَانًا. وَفِي الِاخْتِيَارِ بِالْعَكْسِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَهُمَا قِيلَ إنَّهُ قِيَاسٌ، وَقِيلَ إنَّهُ اسْتِحْسَانٌ، ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِهِمَا بِالرُّجُوعِ بِالنُّقْصَانِ فَفِي صُورَةِ أَكْلِ الْبَعْضِ، عَنْهُمَا رِوَايَتَانِ: الْأُولَى يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْكُلِّ فَلَا يَرُدُّ الْبَاقِيَ، وَالثَّانِيَةُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ فَقَطْ وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا مَا يُفِيدُ أَنَّ إحْدَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ قِيَاسٌ وَالْأُخْرَى اسْتِحْسَانٌ كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ، بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا قِيَاسٌ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالِاسْتِحْسَانُ قَوْلُ الْإِمَامِ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ بِشَيْءٍ أَصْلًا، وَكُلٌّ مِنْهُمَا اسْتِحْسَانٌ عَلَى مَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَالْقِيَاسُ قَوْلُ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ فَتَنَبَّهْ
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ) أَيْ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ حَبَسَ بَدَلَهُ، وَحَبْسُ الْبَدَلِ كَحَبْسِ الْمُبْدَلِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ إنْهَاءٌ لِلْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ ح، عَنْ الْهِدَايَةِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ (قَوْلُهُ أَوْ كَاتَبَهُ) هِيَ بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ مُغْنٍ عَنْ الْكَلَامِ فِيهَا ح (قَوْلُهُ أَوْ قَتَلَهُ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَتْلَ لَمْ يُعْهَدَ شَرْعًا إلَّا مَضْمُونًا، وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْ الْمَوْلَى بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَصَارَ كَالْمُسْتَفِيدِ بِهِ عِوَضًا، وَهُوَ سَلَامَةُ نَفْسِهِ عَنْ الْقَتْلِ إنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ الدِّيَةِ إنْ كَانَ خَطَأً فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ طِفْلَهُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْعِلَّةُ وَهِيَ أَهْلِيَّةُ الْمِلْكِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ تَشْمَلُهُمَا. اهـ ح
(قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) حَيْثُ قَالَ، فَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ قَتَلَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ، وَقَالَ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ: صَوَابُهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ إذْ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذْ بَعْدَهُ
تَبَعًا لِلْعَيْنِيِّ فِي الرَّمْزِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْمَجْمَعِ فِي الْجَمِيعِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَأَقَرَّهُ شُرَّاحُهُ حَتَّى الْعَيْنِيُّ، فَيُفِيدُ الْبَعْدِيَّةَ بِالْأَوْلَوِيَّةِ فَتَنَبَّهْ (لَا) يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ بِفِعْلِهِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ لِلْبَائِعِ أَخَذَهُ مَعِيبًا لَا يَرْجِعُ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَإِلَّا رَجَعَ اخْتِيَارٌ. وَفِيهِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْأَكْلِ وَأَقَرَّهُ الْقُهُسْتَانِيُّ. (شَرَى نَحْوَ بَيْضٍ وَبِطِّيخٍ) كَجَوْزٍ وَقِثَّاءٍ (فَكَسَرَهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا يَنْتَفِعُ بِهِ) وَلَوْ عَلَفًا لِلدَّوَابِّ (فَلَهُ) إنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ (نُقْصَانُهُ) إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِهِ، وَلَوْ عَلِمَ بِعَيْبِهِ قَبْلَ كَسْرِهِ فَلَهُ رَدُّهُ (وَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ أَصْلًا
ــ
[رد المحتار]
لَا يَرْجِعُ إجْمَاعًا، وَلِهَذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَأَكْثَرُ الشُّرَّاحِ، وَكَأَنَّهُ تَبِعَ الْعَيْنِيَّ فِيهِ وَهُوَ سَهْوٌ (قَوْلُهُ فِي الرَّمْزِ) أَيْ شَرْحِ الْكَنْزِ (قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْمَجْمَعْ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ: الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ وَالْكِتَابَةُ وَالْإِبَاقُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ إجْمَاعًا لَوْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، لَا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَبْقَى فَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَالْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ، إذْ الْفَرْقُ وَاضِحٌ وَهُوَ ثُبُوتُ الرُّجُوعِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَعَدَمُهُ فِي هَذِهِ إجْمَاعًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ حَتَّى الْعَيْنِيَّ) أَيْ فِي شَرْحِهِ عَلَى نَظْمِ الْمَجْمَعِ، أَيْ فَنَاقَضَ كَلَامَهُ فِي الرَّمْزِ (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَوِيَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الرُّجُوعُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ يَمْتَنِعُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا دَلِيلُ الرِّضَا، (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) قَدَّمْنَا بَيَانَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ لِجَوَازِ رَدِّهِ مَقْطُوعًا لَا مَخِيطًا وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ بِنَاءَهُ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا ح (قَوْلُهُ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا إلَخْ) لَوْ قَالَ فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مِنْ عَيْبِ الْجَوْزِ قِلَّةَ لُبِّهِ وَسَوَادَهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَصَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ عَيْبٌ لَا فَسَادٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَوَجَدَهُ أَيْ الْمَبِيعَ عَمَّا إذَا كَسَرَ الْبَعْضَ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ أَوْ يَرْجِعُ بِنَقْصِهِ فَقَطْ وَلَا يَقِيسُ الْبَاقِيَ عَلَيْهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَرُدُّ الْبَاقِيَ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ أَنَّ الْبَاقِيَ فَاسِدٌ. اهـ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ إلَخْ أَيْ يَرُدُّ مَا كَسَرَهُ لَوْ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ أَوْ يَرْجِعُ بِنَقْصِهِ فَقَطْ لَوْ يُنْتَفَعُ بِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهُ شَيْئًا) فَلَوْ كَسَرَهُ فَذَاقَهُ ثُمَّ تَنَاوَلَ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِهِ لِرِضَاهُ بِهِ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ بَحْرٌ، وَأَصْلُ الْبَحْثِ لِلزَّيْلَعِيِّ. وَاعْتَرَضَهُ ط بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الطَّعَامِ إذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْأَكْلِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ نُقْصَانُهُ) أَيْ لَهُ نُقْصَانُ عَيْبِهِ لَا رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ عَيْبٌ حَادِثٌ بَحْرٌ وَغَيْرُهُ.
قُلْت: الْكَسْرُ فِي الْجَوْزِ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ، فَهُوَ زِيَادَةٌ لَا عَيْبٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ إلَّا إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِهِ) أَيْ بِأَخْذِهِ مَعِيبًا بِالْكَسْرِ، فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلِمَ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِهِ قَبْلَ كَسْرِهِ: أَيْ وَلَمْ يَكْسِرْهُ. قَالَ فِي النَّهْرِ: فَلَوْ كَسَرَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ لَا يَرُدُّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ رَاضِيًا. اهـ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا فَقَالَ لَا يَرُدُّهُ وَلَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ،؛ لِأَنَّ كَسْرَهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ دَلِيلُ الرِّضَا انْتَهَى، لَكِنَّ الزَّيْلَعِيَّ ذَكَرَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَصْلًا، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ مَحَلَّهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَصْلًا يَرُدُّهُ. وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ أَصْلًا) بِأَنْ كَانَ الْبَيْضُ مُنْتِنًا وَالْقِثَّاءُ مُرًّا وَالْجَوْزُ خَاوِيًا، وَمَا فِي الْعَيْنِيِّ أَوْ مُزَنِّخًا فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُهُ الْفُقَرَاءُ نَهْرٌ.
قُلْت: وَكَذَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِاسْتِخْرَاجِ دُهْنِهِ، لَكِنْ هَذَا لَوْ كَانَ كَثِيرًا، بَلْ قَدْ يُقَالُ وَلَوْ قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ يُبَاعُ
فَلَهُ كُلُّ الثَّمَنِ) لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرُهُ فَاسِدًا جَازَ بِحِصَّتِهِ عِنْدَهُمَا نَهْرٌ. وَفِي الْمُجْتَبَى: لَوْ كَانَ سَمْنًا ذَائِبًا فَأَكَلَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَائِعُهُ بِوُقُوعِ فَأْرَةٍ فِيهِ رَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عِنْدَهُمَا، وَبِهِ يُفْتَى.
(بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ فَرَدَّ) الْمُشْتَرِي الثَّانِيَ (عَلَيْهِ بِعَيْبٍ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ
ــ
[رد المحتار]
لِمَنْ يَسْتَخْرِجُ دُهْنَهُ فَيَكُونُ لَهُ قِيمَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْزَةً أَوْ جَوْزَتَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَلَهُ كُلُّ الثَّمَنِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، فَكَأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلًا قَبْلَ هَذَا صَحِيحٌ فِي الْجَوْزِ الَّذِي لَا قِيمَةَ لِقِشْرِهِ. أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ بِأَنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُبَاعُ فِيهِ قِشْرُهُ يَرْجِعُ بِحِصَّةِ اللُّبِّ فَقَطْ، وَقِيلَ يَرُدُّهُ وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ بِاعْتِبَارِ اللُّبِّ، وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ، وَكَذَا فِي الْبَيْضِ. أَمَّا بَيْضُ النَّعَامَةِ إذَا وُجِدَ فَاسِدًا بَعْدَ الْكَسْرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ بَيْضِ النَّعَامَةِ قَبْلَ الْكَسْرِ بِاعْتِبَارِ الْقِشْرِ وَمَا فِيهِ جَمِيعًا. قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ، بِأَنْ يُقَالَ هَذَا فِي مَوْضِعٍ يُقْصَدُ فِيهِ الِانْتِفَاعُ بِالْقِشْرِ. أَمَّا إذَا كَانَ لَا يُقْصَدُ الِانْتِفَاعُ إلَّا بِالْمُحِّ بِأَنْ كَانَ فِي بَرِّيَّةٍ وَالْقِشْرُ لَا يَنْتَقِلُ كَانَ كَغَيْرِهِ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ: وَلَا يَخْفَى عَلَيْك فَسَادُ هَذَا التَّفْصِيلِ، فَإِنَّ هَذَا الْقِشْرَ مَقْصُودٌ بِالشِّرَاءِ فِي نَفْسِهِ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ، وَمَا ذَكَرَهُ لَا يَنْهَضُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَّفِقُ فِي كَثِيرٍ مِمَّا اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُوجِبًا لِفَسَادِ الْبَيْعِ. اهـ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرُهُ فَاسِدًا جَازَ بِحِصَّتِهِ) أَيْ بِحِصَّةِ الصَّحِيحِ مِنْهُ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ. وَكَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ النِّهَايَةِ: أَمَّا عِنْدَهُ فَلَا يَصِحُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ. وَوَجْهُ الْأَصَحِّ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ فَصَلَ ثَمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْقَسِمُ ثَمَنُهُ عَلَى أَجْزَائِهِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لَا عَلَى قِيمَتِهِ. اهـ أَيْ بِخِلَافِ الْحُرِّ مَعَ الْعَبْدِ.
[تَنْبِيهٌ] عَبَّرَ بِالْأَكْثَرِ تَبَعًا لَلْعَيْنِيّ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ مُخْتَلٌّ، وَالصَّوَابُ تَعْبِيرُ النَّهْرِ وَغَيْرِهِ بِالْكَثِيرِ. قُلْت: وَهُوَ مَدْفُوعٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ فِيمَا يَكُونُ أَكْثَرُهُ فَاسِدًا يَصِحُّ فِيمَا يَكُونُ الْكَثِيرُ مِنْهُ فَاسِدًا بِالْأَوْلَى فَافْهَمْ، نَعَمْ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْكَثِيرِ لِيُفِيدَ صِحَّةَ الْبَيْعِ فِي الْكُلِّ إذَا كَانَ الْفَاسِدُ مِنْهُ قَلِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، إذْ لَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلٍ فَاسِدٍ فَكَانَ كَقَلِيلِ التُّرَابِ فِي الْحِنْطَةِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ أَصْلًا، وَفِي الْقِيَاسِ يَفْسُدُ كَمَا فِي الْفَتْحِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْقَلِيلُ مَا لَا يَخْلُو عَنْهُ الْجَوْزُ عَادَةً كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ فِي الْمِائَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْوَاحِدَ فِي الْعَشَرَةِ كَثِيرٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ. وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: الثَّلَاثَةُ عَفْوٌ يَعْنِي فِي الْمِائَةِ. اهـ وَفِي الْبَحْرِ: الْقَلِيلُ الثَّلَاثَةُ وَمَا دُونَهَا فِي الْمِائَةِ وَالْكَثِيرُ مَا زَادَ. اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَجَعَلَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْخَمْسَةَ وَالسِّتَّةَ فِي الْمِائَةِ مِنْ الْجَوْزِ عَفْوًا. اهـ. مَطْلَبٌ وَجَدَ فِي الْحِنْطَةِ تُرَابًا [فَرْعٌ] اشْتَرَى أَقْفِزَةَ حِنْطَةٍ أَوْ سِمْسِمٍ فَوَجَدَ فِيهِ تُرَابًا، إنْ كَانَ يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ عَادَةً لَا يُرَدُّ، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَهُ رَدُّ كُلِّ الْمَبِيعِ يَرُدُّهُ، وَلَوْ أَرَادَ حَبْسَ الْحِنْطَةِ وَرَدَّ التُّرَابِ أَوْ الْمَعِيبِ مُمَيَّزًا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ مَيَّزَ التُّرَابَ وَأَرَادَ أَنْ يَخْلِطَهُ وَيَرُدَّ إنْ أَمْكَنَهُ الرَّدُّ عَلَى ذَلِكَ الْكَيْلِ رَدَّهُ وَإِلَّا بِأَنْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ الْكَيْلِ شَيْءٌ لَا وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ الْحِنْطَةِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِأَخْذِهَا نَاقِصَةً بَزَّازِيَّةٌ وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ التُّرَابُ عَيْبًا فَلَا رَدَّ، وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَفْحُشْ يُرَدُّ، وَإِنْ فَحُشَ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْحِنْطَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ أَوْ رَدِّهَا وَأَخْذِ كُلِّ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَفِي الْمُجْتَبَى إلَخْ) هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ السَّابِقَةِ ط فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهَا هُنَاكَ
(قَوْلُهُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ) مَعْنَاهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْأَوَّلَ وَيَفْعَلَ مَا يَجِبُ أَنْ يُفْعَلَ عِنْدَ قَصْدِ الرَّدِّ وَلَا يَكُونُ الرَّدُّ عَلَيْهِ رَدًّا عَلَى بَائِعِهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ حَيْثُ يَكُونُ
لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءٍ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ، مَا لَمْ يَحْدُثْ بِهِ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَهُ فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَهَذَا (لَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ) فَلَهُ قَبْلَهُ رَدُّهُ مُطْلَقًا فِي غَيْرِ الْعَقَارِ كَالرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الشَّرْطِ دُرَرٌ.
وَهَذَا إذَا بَاعَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، فَلَوْ بَعْدَهُ فَلَا رَدَّ مُطْلَقًا بَحْرٌ،
ــ
[رد المحتار]
الرَّدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ الْقَضَاءُ رَدًّا عَلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَاحِدٌ، فَإِذَا ارْتَفَعَ رَجَعَ إلَى الْمُوَكِّلِ بَحْرٌ، وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَبِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ إذَا حَكَمَ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ يَكُونُ حُكْمًا عَلَى كُلِّ الْبَاعَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَذَا الْإِطْلَاقُ قَيَّدَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِمَا إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ، أَمَّا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَشْهَدَا أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ إجْمَاعًا، كَذَا فِي الْفَتْحِ تَبَعًا لِلدِّرَايَةِ. اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا،
قُلْت: وَهُوَ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الرَّدِّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَوْ قَالَ بَعْدَ الرَّدِّ لَيْسَ بِهِ عَيْبٌ لَا يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالِاتِّفَاقِ (قَوْلُهُ لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءٍ) شَامِلٌ لِمَا إذَا أَقَرَّ بِالْعَيْبِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي جَبْرًا كَمَا إذَا أَنْكَرَ الْعَيْبَ فَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ مَعَ إنْكَارِهِ الْإِقْرَارَ بِهِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ عَلَى بَائِعِهِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ لِكَوْنِ الْقَضَاءِ فَسْخًا فِيهَا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.
[تَنْبِيهٌ] لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَبُولِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ حَتَّى يَقْضِيَ عَلَيْهِ لِيَتَعَدَّى إلَى بَائِعِهِ بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ) أَيْ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْقَضَاءِ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ فَجُعِلَ الْبَيْعُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَنْكَرَ قِيَامَ الْعَيْبِ لَكِنَّهُ صَارَ مُكَذِّبًا شَرْعًا بِالْقَضَاءِ هِدَايَةٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ فَسْخٌ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ لَا فِي الْأَحْكَامِ الْمَاضِيَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ زَوَائِدَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَرُدُّهَا مَعَ الْأَصْلِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ آخِرَ الْبَابِ أَنَّهُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَخْ، وَيَأْتِي تَمَامُهُ.
مَطْلَبٌ لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَحْدُثْ بِهِ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْبَائِعِ الثَّانِي، قَيْدٌ لِقَوْلِهِ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَقَوْلُهُ فَيَرْجِعُ تَفْرِيغٌ عَلَى مَفْهُومِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ، أَيْ فَإِنْ حَدَثَ عَيْبٌ آخَرُ عِنْدَ الْبَائِعِ الثَّانِي ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَلَا يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ بَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ الرَّدِّ، وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ إرْجَاعِ ضَمِيرِ عِنْدَهُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي أَصْوَبُ مِنْ إرْجَاعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِئَلَّا يُخَالِفَ قَوْلَيْ الْإِمَامِ.
لِمَا فِي الْبَحْرِ: لَوْ بَاعَهُ فَاطَّلَعَ مُشْتَرِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِهِ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ وَيَحْدُثُ عِنْدَهُ عَيْبٌ، وَرَجَعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، فَعِنْدَهُ لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ، كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَمِثْلُهُ فِي الصُّغْرَى. اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ الْقَضَاءِ لِلرَّدِّ. اهـ ح (قَوْلُهُ لَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الْمَبِيعَ ط (قَوْلُهُ فَلَوْ قَبْلَهُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِرِضَا الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوزُ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا فَجُعِلَ فَسْخًا مِنْ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْكُلِّ، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِلثَّانِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ بَيْعًا فِيهِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ فَإِنَّهُ إذَا فَسَخَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِحُكْمِ الْخِيَارِ كَانَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ مُطْلَقًا، وَالْفَسْخُ بِالْخِيَارَيْنِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءٍ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَفِي الْعَقَارِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ،؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بَعْدَمَا بَاعَهُ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فَسْخٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بَيْعٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ. اهـ مِنْ حَاشِيَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي.
(قَوْلُهُ وَهَذَا) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ (قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ مُطْلَقًا)