الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِمَارِ، وَبَقِيَ الْوَكَالَةُ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي الْمُفْتَى بِهِ
بَابُ الصَّرْفِ
عَنْوَنَهُ بِالْبَابِ لَا بِالْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ (هُوَ) لُغَةً الزِّيَادَةُ. وَشَرْعًا (بَيْعُ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ) أَيْ مَا خُلِقَ لِلثَّمَنِيَّةِ وَمِنْهُ الْمَصُوغُ (جِنْسًا بِجِنْسٍ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسٍ) كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (وَيُشْتَرَطُ) عَدَمُ التَّأْجِيلِ وَالْخِيَارِ وَ (التَّمَاثُلُ) -
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا وَمِمَّا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الدُّرَرِ أَنَّ الْإِضَافَةَ تَصِحُّ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ لِلْحَالِ وَفِيمَا كَانَ مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ وَالْإِسْقَاطَاتِ وَالِالْتِزَامَاتِ وَالْوِلَايَاتِ، وَلَا تَصِحُّ فِي كُلِّ مَا أَمْكَنَ تَمْلِيكُهُ لِلْحَالِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِمَارِ) هُوَ الْمُرَاهَنَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَفِيهِ الْمُرَاهَنَةُ، وَالرِّهَانُ الْمُخَاطَرَةُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُخَاطَرَةِ. وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ تَمْلِيكَاتٌ لِلْحَالِ لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهَا بِالْخَطَرِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْقِمَارِ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ الْوَكَالَةُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ التَّحْكِيمُ فَإِنَّهُ الَّذِي فِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَتَعْلِيقُ كَوْنِهِ حُكْمًا بِالْخَطَرِ أَوْ الْإِضَافَةِ إلَى مُسْتَقْبَلٍ صَحِيحٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِلثَّانِي وَالْفَتْوَى عَلَى الثَّانِي اهـ وَهَكَذَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَكَيْفَ يَصِحُّ عَدُّ الْوَكَالَةِ هُنَا وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ فِيمَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ وَكَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا مِمَّا لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ بَلْ قَدَّمْنَا جَوَازَ تَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ فَكَيْفَ لَا تَصِحُّ إضَافَتُهَا، نَعَمْ بَقِيَ فَسْخُ الْإِجَارَةِ عَلَى أَحَدِ التَّصْحِيحَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الصَّرْف]
لَمَّا كَانَ عَقْدًا عَلَى الْأَثْمَانِ وَالثَّمَنُ فِي الْجُمْلَةِ تَبَعٌ لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ أَخَّرَهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: عَنْوَنَهُ بِالْبَابِ) قَالَ فِي الدُّرَرِ عَنْوَنَهُ الْأَكْثَرُونَ بِالْكِتَابِ وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ لِكَوْنِ الصَّرْفِ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيْعِ كَالرِّبَا وَالسَّلَمِ فَالْأَحْسَنُ مَا اُخْتِيرَ هَهُنَا. (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ) هَذَا أَحَدُ مَعَانِيهِ فَفِي الْمِصْبَاحِ صَرَفْته عَنْ وَجْهِهِ صَرْفًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَصَرَفْت الْأَجِيرَ وَالصَّبِيَّ خَلَّيْت سَبِيلَهُ وَصَرَفْت الْمَالَ أَنْفَقْته وَصَرَفْت الذَّهَبَ بِالدَّرَاهِمِ بِعْته، وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْ هَذَا صَيْرَفِيٌّ وَصَيْرَفٌ وَصَرَّافٌ لِلْمُبَالَغَةِ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ الصَّرْفُ فَضْلُ الدَّرَاهِمِ فِي الْجَوْدَةِ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَصَرْفُ الْكَلَامِ زِينَتُهُ، وَصَرَّفْته بِالتَّثْقِيلِ وَاسْمُ الْفَاعِلِ، مُصَرِّفٌ وَالصَّرْفُ التَّوْبَةُ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» وَالْعَدْلُ الْفِدْيَةُ اهـ، زَادَ فِي الْقَامُوسِ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ قَوْلَهُ أَوْ هُوَ النَّافِلَةُ. وَالْعَدْلُ: الْفَرِيضَةُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ الْوَزْنُ. وَالْعَدْلُ الْكَيْلُ، أَوْ هُوَ الِاكْتِسَابُ. وَالْعَدْلُ: الْفِدْيَةُ أَوْ الْحِيلَةُ اهـ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى بَيْعِ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ لَكِنَّهُ فِي الشَّرْعِ أَخَصُّ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَا خُلِقَ لِلثَّمَنِيَّةِ) ذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الْبَحْرِ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا فَسَّرْنَاهُ بِهِ لِيَدْخُلَ فِيهِ بَيْعُ الْمَصُوغِ بِالْمَصُوغِ أَوْ بِالنَّقْدِ، فَإِنَّ الْمَصُوغَ بِسَبَبِ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الصَّنْعَةِ لَمْ يَبْقَ ثَمَنًا صَرِيحًا، وَلِهَذَا يَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ وَمَعَ ذَلِكَ بَيْعُهُ صَرْفٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ التَّأْجِيلِ وَالْخِيَارِ) أَيْ وَعَدَمُ الْخِيَارِ: أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ خِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ كَمَا يَأْتِي. وَلَا يُقَالُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَفْسُدُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْأَجَلِ؛ لِأَنَّ
أَيْ التَّسَاوِي وَزْنًا (وَالتَّقَابُضُ) بِالْبَرَاجِمِ لَا بِالتَّخْلِيَةِ (قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) وَهُوَ شَرْطُ بَقَائِهِ صَحِيحًا عَلَى الصَّحِيحِ (إنْ اتَّحَدَ جِنْسًا وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَصِيَاغَةً) لِمَا مَرَّ فِي الرِّبَا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَجَانَسَا
ــ
[رد المحتار]
ذَاكَ تَفْرِيعٌ عَلَى هَذَا كَمَا هُوَ الْعَادَةُ مِنْ ذِكْرِ الشُّرُوطِ ثُمَّ التَّفْرِيعُ عَلَيْهَا فَافْهَمْ، نَعَمْ ذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِهِمَا شَرْطَيْنِ عَلَى حِدَةٍ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّقَابُضِ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ أَوْ تَمَامَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَذَلِكَ يُخِلُّ بِتَمَامِ الْقَبْضِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْيِينُ اهـ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ التَّسَاوِي وَزْنًا) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ عَدَدًا بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَالشَّرْطُ التَّسَاوِي فِي الْعِلْمِ لَا بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ فَقَطْ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمَا التَّسَاوِيَ وَكَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا ظَهَرَ التَّسَاوِي فِي الْمَجْلِسِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ، وَنَذْكُرُ قَرِيبًا حُكْمَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ. (قَوْلُهُ: بِالْبَرَاجِمِ) جَمْعُ بُرْجُمَةٍ بِالضَّمِّ: وَهِيَ مَفَاصِلُ الْأَصَابِعِ ح عَنْ جَامِعِ اللُّغَةِ. (قَوْلُهُ: لَا بِالتَّخْلِيَةِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْبَرَاجِمِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّخْلِيَةِ، وَاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ بِالْفِعْلِ لَا خُصُوصِ الْبَرَاجِمِ، حَتَّى لَوْ وَضَعَهُ لَهُ فِي كَفِّهِ أَوْ فِي جَيْبِهِ صَارَ قَابِضًا.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) أَيْ افْتِرَاقِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَبْدَانِهِمَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَاقِدَيْنِ يَعُمُّ الْمَالِكَيْنِ وَالنَّائِبَيْنِ، وَتَقْيِيدُ الْفُرْقَةِ بِالْأَبْدَانِ يُفِيدُ عُمُومَ اعْتِبَارِ الْمَجْلِسِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا إنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَلَوْ سَارَا فَرْسَخًا وَلَمْ يَتَفَرَّقَا، وَقَدْ اعْتَبَرُوا الْمَجْلِسَ فِي مَسْأَلَةٍ هِيَ مَا لَوْ قَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي اشْتَرَيْت الدِّينَارَ مِنْ ابْنِي الصَّغِيرِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَامَ قَبْلَ أَنْ يَزِنَ الْعَشَرَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ التَّفَرُّقِ بِالْأَبْدَانِ نَهْرٌ.
وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ نَادَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ أَوْ مِنْ بَعِيدٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُمَا مُفْتَرِقَانِ بِأَبْدَانِهِمَا، وَتَفَرَّعَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَنْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَلَا هِبَتُهُ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ، فَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ بِدُونِ قَبُولِ الْآخَرِ، فَإِنْ قَبِلَ انْتَقَضَ الصَّرْفُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُنْتَقَضْ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، [تَنْبِيهٌ]
قَبْضُ بَدَلِ الصَّرْفِ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا كَقَبْضِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ إقَالَةِ السَّلَمِ، وَقَدَّمْنَا الْفَرْقَ فِي بَابِهِ. وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ وَجَبَ دَيْنٌ بِعَقْدٍ مُتَأَخِّرٍ عَنْ عَقْدِ الصَّرْفِ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا بِبَدَلِ الصَّرْفِ وَإِنْ تَرَاضَيَا، وَلَوْ قَبَضَ بَدَلَ الصَّرْفِ ثُمَّ انْتَقَضَ الْقَبْضُ فِيهِ لِمَعْنًى أَوْجَبَ انْتِقَاضَهُ يَبْطُلُ الصَّرْفُ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ أَحَدَ بَدَلَيْهِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ وَالْبَدَلُ قَائِمٌ أَوْ ضَمِنَ النَّاقِدُ وَهُوَ هَالِكٌ جَازَ الصَّرْفُ، وَإِنْ اسْتَرَدَّهُ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ ضَمِنَ الْقَابِضُ قِيمَتَهُ وَهُوَ هَالِكٌ بَطَلَ الصَّرْفُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ) وَقِيلَ شَرْطٌ لِانْعِقَادِهِ صَحِيحًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُ الْهِدَايَةِ: فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ، فَلَوْلَا أَنَّهُ مُنْعَقِدٌ لَمَا بَطَلَ بِالِافْتِرَاقِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ. وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْفَسَادُ فِيمَا هُوَ صَرْفٌ يَفْسُدُ فِيمَا لَيْسَ صَرْفًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يَفْسُدُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَصَحِّ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَصِيَاغَةً) قَيَّدَ إسْقَاطَ الصَّفْقَةِ بِالْأَثْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ إنَاءَ نُحَاسٍ بِمِثْلِهِ وَأَحَدُهُمَا أَثْقَلُ مِنْ الْآخَرِ جَازَ مَعَ أَنَّ النُّحَاسَ وَغَيْرَهُ مِمَّا يُوزَنُ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْوَزْنِ فِي النَّقْدَيْنِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فَلَا تَتَغَيَّرُ بِالصَّنْعَةِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَوْزُونًا بِتَعَارُفٍ جَعَلَهُ عَدَدِيًّا لَوْ تُعُورِفَ ذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا، فَإِنَّ الْوَزْنَ فِيهِ بِالْعُرْفِ فَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَوْزُونًا بِتَعَارُفِ عَدَدِيَّتِهِ إذَا صِيغَ وَصُنِعَ كَذَا فِي الْفَتْحِ، حَتَّى لَوْ تَعَارَفُوا بَيْعَ هَذِهِ الْأَوَانِي بِالْوَزْنِ لَا بِالْعَدَدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا إلَّا مُتَسَاوِيًا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ فِي الرِّبَا) أَيْ مِنْ أَنَّ جَيِّدَ مَالِ الرِّبَا وَرَدِيئَهُ سَوَاءٌ، وَتَقَدَّمَ اسْتِثْنَاءُ حُقُوقِ الْعِبَادِ: وَمَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: غَصَبَ قَلْبَ فِضَّةٍ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَصُوغًا مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ الْقِيمَةِ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ حُكْمًا لِلضَّمَانِ
(شُرِطَ التَّقَابُضُ) لِحُرْمَةِ النَّسَاءِ (فَلَوْ بَاعَ) النَّقْدَيْنِ (أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ جُزَافًا أَوْ بِفَضْلٍ وَتَقَابَضَا فِيهِ) أَيْ الْمَجْلِسِ (صَحَّ، وَ) الْعِوَضَانِ (لَا يَتَعَيَّنَانِ) حَتَّى لَوْ اسْتَقْرَضَا فَأَدَّيَا قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا أَوْ أَمْسَكَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْعَقْدِ وَأَدَّيَا مِثْلَهُمَا جَازَ.
(وَيَفْسُدُ) الصَّرْفُ (بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْأَجَلِ) لِإِخْلَالِهِمَا بِالْقَبْضِ (وَيَصِحُّ مَعَ إسْقَاطِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَصَحَّ خِيَارُ رُؤْيَةٍ وَعَيْبٍ فِي مَصُوغٍ لَا نَقْدٍ.
ــ
[رد المحتار]
الْوَاجِبِ بِالْغَصْبِ لَا مَقْصُودًا فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْقَبْضُ اهـ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الرِّبَا؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ مَصُوغًا أَزْيَدُ مِنْ وَزْنِهِ.
(قَوْلُهُ: شُرِطَ التَّقَابُضُ) أَيْ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ لَوْ اشْتَرَى الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ الدَّرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ وَافْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يُجَدِّدَ الْمُودِعُ قَبْضًا فِي الْوَدِيعَةِ بَطَلَ الصَّرْفُ، بِخِلَافِ الْمَغْصُوبَةِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَصْبِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ النَّسَاءِ) بِالْفَتْحِ أَيْ التَّأْخِيرِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بِإِحْدَى عِلَّتَيْ الرِّبَا: أَيْ الْقَدْرِ أَوْ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ بَاعَ النَّقْدَيْنِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا شُرِطَ التَّقَابُضُ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّمَاثُلُ، وَقَيَّدَ بِالنَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ فِضَّةً بِفُلُوسٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ قَبْضُ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لَا قَبْضُهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ. وَنُقِلَ فِي النَّهْرِ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُ أَحَدِهِمَا ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ، وَقَدَّمْنَا ذَلِكَ فِي بَابِ الرِّبَا، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فَرَاجِعْهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَاعَ فُلُوسًا بِمِثْلِهَا أَوْ بِدَرَاهِمَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ بَاعَ الْجِنْسَ بِالْجِنْسِ جُزَافًا حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ يَعْلَمْ التَّسَاوِيَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: جُزَافًا) أَيْ بِدُونِ مَعْرِفَةِ قَدْرٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِفَضْلٍ: أَيْ بِتَحَقُّقِ زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَسَكَتَ عَنْ التَّسَاوِي لِلْعِلْمِ بِصِحَّتِهِ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَالْعِوَضَانِ لَا يَتَعَيَّنَانِ) أَيْ فِي الصَّرْفِ مَا دَامَ صَحِيحًا أَمَّا بَعْدَ فَسَادِهِ فَالصَّحِيحُ التَّعْيِينُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ، وَقَدَّمْنَاهُ عَنْهَا فِي أَوَاخِرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَا تَتَعَيَّنُ فِيهِ النُّقُودُ وَمَا لَا تَتَعَيَّنُ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ اسْتَقْرَضَا إلَخْ) صُورَتُهُ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِعْتُك دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ وَقَبِلَ الْآخَرُ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا شَيْءٌ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ كُلٌّ مِنْهُمَا دِرْهَمًا مِنْ ثَالِثٍ وَتَقَابَضَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الدِّرْهَمَ بِهَذَا الدِّرْهَمِ وَأَمْسَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا دِرْهَمَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَدَفَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا دِرْهَمًا آخَرَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، وَمِثْلُهُ كَمَا فِي الدُّرَرِ مَا لَوْ اُسْتُحِقَّ كُلٌّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ فَأَعْطَى كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بَدَلَ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ جِنْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَأَدَّيَا مِثْلَهُمَا) ضَمِيرُ مِثْلِهِمَا عَائِدٌ عَلَى مَا، وَثَنَّاهُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى
(قَوْلُهُ: وَيَفْسُدُ الصَّرْفُ) أَيْ فَسَادًا مِنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ فَسَادٌ مُقْتَرِنٌ بِالْعَقْدِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: لِإِخْلَالِهِمَا بِالْقَبْضِ) لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ يَمْتَنِعُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ الْقَبْضِ مَا بَقِيَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمِلْكِ وَالْخِيَارُ يَمْنَعُهُ وَالْأَجَلُ يَمْنَعُ الْقَبْضَ الْوَاجِبَ دُرَرٌ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ مَعَ إسْقَاطِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ) هَكَذَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إسْقَاطُهُمَا بِنَقْدِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ لَا بِقَوْلِهِمَا أَسْقَطْنَا الْخِيَارَ وَالْأَجَلَ، إذْ بِدُونِ نَقْدٍ لَا يَكْفِي وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُهُسْتَانِيِّ قَالَ: فَلَوْ تَفَرَّقَا مِنْ غَيْرِ تَقَابُضٍ أَوْ مِنْ أَجَلٍ أَوْ شَرْطِ خِيَارٍ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَلَوْ تَقَابَضَا فِي الصُّوَرِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ انْقَلَبَ صَحِيحًا اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَانِعِ) أَيْ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ دُرَرٌ.
(قَوْلُهُ: فِي مَصُوغٍ لَا نَقْدٍ) فِيهِ أَنَّ النَّقْدَ يَدْخُلُهُ خِيَارُ الْعَيْبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ عَقِبَهُ ظَهَرَ بَعْضُ الثَّمَنِ زُيُوفًا إلَخْ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ فَثَابِتٌ فِيهِ، وَأَمَّا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَثَابِتٌ فِي الْعَيْنِ دُونَ الدَّيْنِ إلَخْ. وَفِي الْفَتْحِ: وَلَيْسَ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِرَدِّهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى مِثْلِهَا، بِخِلَافِ التِّبْرِ وَالْحُلِيِّ وَالْأَوَانِي مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ الْعَقْدُ بِرَدِّهِ لِتَعَيُّنِهِ فِيهِ إلَخْ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ فِي مَصُوغٍ لَا خِيَارِ رُؤْيَةٍ فِي نَقْدٍ