المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب لا عبرة بتاريخ الغيبة] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌[مطلب لا عبرة بتاريخ الغيبة]

بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ بَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ مَحْكُومٌ بِلُزُومِهِ قُبِلَ وَإِلَّا لَا) لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْوَقْفِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ فَتْحٌ وَاعْتَقَدَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ عَلَى خِلَافِ مَا صَوَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ وَسَيَجِيءُ آخِرَ الْكِتَابِ.

(اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى ادَّعَاهُ آخَرُ) أَنَّهُ لَهُ (لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِدُونِ حُضُورِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي) لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ قُضِيَ لَهُ بِحَضْرَتِهِمَا ثُمَّ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ هُوَ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي قُبِلَ وَلَزِمَ الْبَيْعُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

(لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ) بَلْ الْعِبْرَةُ لِتَارِيخِ الْمِلْكِ (فَلَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ) عِنْدَ الدَّعْوَى (غَابَتْ) عَنِّي (هَذِهِ) الدَّابَّةُ (مُنْذُ سُنَّةٍ) فَقَبْلَ الْقَضَاءِ بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْبَرَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْبَائِعَ عَنْ الْقِصَّةِ (فَقَالَ الْبَائِعُ لِي بَيِّنَةٌ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لِي مُنْذُ سَنَتَيْنِ) مَثَلًا وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ (لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ) بَلْ يُقْضَى بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ لِبَقَاءِ دَعْوَاهُ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ خَالٍ عَنْ تَارِيخٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (لِلْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ) عَلَى الْبَائِعِ (عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ) فَلَوْ اسْتَوْلَدَ مُشْتَرَاةً يَعْلَمُ غَصْبَ

ــ

[رد المحتار]

[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

(قَوْلُهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْوَقْفِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْفَتْوَى عَلَى لُزُومِهِ بِدُونِ الْحُكْمِ بِلُزُومِهِ (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ مَا صَوَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ) حَيْثُ قَالَ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ تُقْبَلُ، وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ اهـ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الْوَقْفِ) قَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّ الْأَصَحَّ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ دُونَ الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ بِلَا تَفْصِيلٍ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، فَتُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَتَمَامُ تَحْقِيقِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا) لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي وَالْيَدَ لِلْبَائِعِ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِيهِمَا فَشَرْطُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا حُضُورُهُمَا فَتْحٌ بَقِيَ لَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ لَا بَيِّنَةَ لِي وَاسْتَحْلَفَهُمَا فَحَلَفَ الْبَائِعُ وَنَكَلَ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِالثَّمَنِ فَإِذَا أَدَّاهُ أَخَذَ الْعَبْدَ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُدَّعِي وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي، وَنَكَلَ الْبَائِعُ لَزِمَ الْبَائِعَ كُلُّ قِيمَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ وَيَرْضَى بِالثَّمَنِ بَزَّازِيَّةٌ وَجَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ يُقِرُّ الْقَضَاءَ الْأَوَّلَ وَلَا يَنْقُضُهُ فَتْحٌ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاعَهُ يُقَرِّرُ الْقَضَاءَ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ) حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بِطَلَبِ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ بَرْهَنَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاعَهَا مِنْهُ يَأْخُذُهَا وَتَبْقَى لَهُ وَلَا يَعُودُ الْبَيْعُ الْمُنْتَقَضُ اهـ فَأَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَزِمَ الْبَيْعُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَفْسَخْ الْقَاضِي الْبَيْعَ.

[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

ِ (قَوْلُهُ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخَارِجَ مَعَ ذِي الْيَدِ لَوْ ادَّعَيَا مِلْكًا مُطْلَقًا فَالْخَارِجُ أَوْلَى إلَّا إذَا بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ أَوْ أَرَّخَا الْمِلْكَ وَتَارِيخُ ذِي الْيَد أَسْبَقُ فَهُوَ أَوْلَى، لَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ يُقْضَى لِلْخَارِجِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ يُحْكَمُ لِلْمُؤَرَّخِ خَارِجًا أَوْ ذَا يَدٍ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ، وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ تَارِيخَ الْغَيْبَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، لِأَنَّ قَوْلَ الْخَارِجِ إنَّ هَذَا الْحِمَارَ غَابَ عَنِّي مُنْذُ سَنَةٍ لَيْسَ فِيهِ تَارِيخُ مِلْكٍ فَإِذَا قَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّهُ مِلْكِي مُنْذُ سَنَتَيْنِ مَثَلًا، وَبَرْهَنَ لَا يُحْكَمُ لَهُ لِأَنَّهُ وُجِدَ تَارِيخُ الْمِلْكِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَيُقْضَى بِهِ لِلْخَارِجِ عِنْدَهُمَا كَمَا عَلِمْت وَمِثْلُهُ لَوْ بَرْهَنَ الْخَارِجُ أَنَّهُ لَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ وَذُو الْيَدِ أَنَّهُ بِيَدِهِ مُنْذُ ثَلَاثِ سِنِينَ، فَهُوَ لِلْخَارِجِ لِأَنَّ ذَا الْيَدِ لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى الْمِلْكِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ بَلْ الْعِبْرَةُ لِتَارِيخِ الْمِلْكِ) أَيْ التَّارِيخِ الْمَوْجُودِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَمَا عَلِمْت، وَإِلَّا فَتَارِيخُ الْمِلْكِ هُنَا وُجِدَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَكِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُدَّعِي بَلْ وُجِدَ مِنْهُ تَارِيخُ الْغَيْبَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَقَبْلَ) ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِأَخْبَرَ.

(قَوْلُهُ أَخْبَرَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ) أَيْ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ أَخْبَرَ وَالْبَائِعُ مَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ بَلْ يُقْضَى بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ) لِأَنَّهُ مَا ذَكَرَ تَارِيخَ الْمِلْكِ بَلْ تَارِيخَ الْغَيْبَةِ، فَبَقِيَ دَعْوَاهُ الْمِلْكَ بِلَا تَارِيخٍ وَالْبَائِعُ ذَكَرَ تَارِيخَ الْمِلْكِ وَدَعْوَاهُ

ص: 202

الْبَائِعٍ إيَّاهَا كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا لِانْعِدَامِ الْغُرُورِ، وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ أَقَرَّ بِمِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ لِلْمُسْتَحِقِّ دُرَرٌ.

وَفِي الْقُنْيَةِ: لَوْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَرَجَعَ لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ فَلَوْ وَصَلَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ مَا، أُمِرَ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقِرَّ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ بِخِلَافِ النَّصِّ (لَا يَحْكُمُ) الْقَاضِي (بِسِجِلِّ الِاسْتِحْقَاقِ بِشَهَادَةِ أَنَّهُ كِتَابُ) قَاضِي (كَذَا) لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ فَلَمْ يَجُزْ الِاعْتِمَادُ عَلَى نَفْسِ السِّجِلِّ (بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَنْ مَضْمُونِهِ) لِيَقْضِيَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ (كَذَا) الْحُكْمُ فِي (مَا سِوَى نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَالْوَكَالَةِ) مِنْ مَحَاضِرَ وَسِجِلَّاتٍ وَصُكُوكٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِكُلٍّ مِنْهَا إلْزَامُ الْخَصْمِ بِخِلَافِ نَقْلِ وَكَالَةٍ وَشَهَادَةٍ لِأَنَّهُمَا لِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ لِلْقَاضِي وَلِذَا لَزِمَ إسْلَامُهُمْ وَلَوْ الْخَصْمُ كَافِرًا.

ــ

[رد المحتار]

دَعْوَى الْمُشْتَرِي، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ تَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْهُ، فَصَارَ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ ادَّعَى مِلْكَ بَائِعِهِ بِتَارِيخِ سَنَتَيْنِ إلَّا أَنَّ التَّارِيخَ لَا يُعْتَبَرُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُ ذِكْرِهِ وَبَقِيَتْ الدَّعْوَى فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، فَيُقْضَى بِالدَّابَّةِ دُرَرٌ: أَيْ يُقْضَى بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ.

قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ: قَوْلُهُ: وَيُقْضَى بِهَا لِلْمُؤَرَّخِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، لِأَنَّهُ يُرَجَّحُ الْمُؤَرَّخُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ وَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ وَأَظْهَرُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ. (قَوْلُهُ لِانْعِدَامِ الْغُرُورِ) لِعِلْمِهِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ دُرَرٌ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَزَوَّجَ مَنْ أَخْبَرَتْهُ بِأَنَّهَا حُرَّةٌ عَالِمًا بِكَذِبِهَا فَأَوْلَدَهَا فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ) أَيْ عَلَى بَائِعِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ أَوَّلًا، لِكَوْنِهِ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّفْرِيعِ عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: وَلَكِنْ يَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا أَفَادَهُ السَّائِحَانِيُّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِمِلْكِيَّةِ الْمَبِيعِ لِلْمُسْتَحِقِّ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ لَا بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقَ أَمَّا إذَا كَانَ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ فَلَا عَلَى أَنَّهُ قَدَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْإِقْرَارُ وَالْبَيِّنَةُ يُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الرُّجُوعِ وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ - مِنْ تَوَهُّمِ الْمُنَافَاةِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَرَجَعَ) أَيْ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ بِسَبَبٍ مَا) أَيْ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقِرَّ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَيْ لَمْ يُقِرَّ نَصًّا بِأَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ، فَإِنَّ الشِّرَاءَ وَإِنْ كَانَ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ، لَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ جُعِلَ مُقِرًّا بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ لَكِنَّهُ مُقْتَضَى الشِّرَاءِ، وَقَدْ انْفَسَخَ الشِّرَاءُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَيَنْفَسِخُ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى مَضْمُونِهِ) بِأَنْ يَشْهَدَا أَنَّ قَاضِيَ بَلْدَةِ كَذَا قَضَى عَلَى الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ بِالدَّابَّةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ هَذَا الْبَائِعِ، وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِنْ مَحَاضِرَ) بَيَانٌ لِمَا وَالْمُرَادُ مَضْمُونُ مَا فِي الْمَذْكُورَاتِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى مَضْمُونِ الْمَكْتُوبِ لِمَا فِي الْمِنَحِ وَالْمَحْضَرُ مَا يَكْتُبُهُ الْقَاضِي مِنْ حُضُورِ الْخَصْمَيْنِ وَالتَّدَاعِي وَالشَّهَادَةِ وَالسِّجِلُّ مَا يُكْتَبُ فِيهِ نَحْوُ ذَلِكَ وَهُوَ عِنْدَهُ وَالصَّكُّ مَا يَكْتُبُهُ لِمُشْتَرٍ أَوْ شَفِيعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَقْلِ وَكَالَةٍ) كَمَا إذَا وَكَّلَ الْمُدَّعِي إنْسَانًا بِحَضْرَةِ الْقَاضِي لِيَدَّعِيَ عَلَى شَخْصٍ فِي وِلَايَةِ قَاضٍ آخَرَ وَكَتَبَ الْقَاضِي كِتَابًا يُخْبِرُهُ بِالْوَكَالَةِ ط (قَوْلُهُ وَشَهَادَةٍ) كَمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى خَصْمٍ غَائِبٍ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ بَلْ يَكْتُبُ الشَّهَادَةَ لِيَحْكُمَ بِهَا الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، وَيُسَلِّمُ الْمَكْتُوبَ لِشُهُودِ الطَّرِيقِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي ح (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا لِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ لِلْقَاضِي) أَيْ لِمُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ لَا لِنَقْلِ الْحُكْمِ، فَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ عَلَى مَضْمُونِهِمَا، بَلْ تَكْفِي الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُمَا مِنْ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ تَبَعًا لِلدُّرَرِ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي اشْتِرَاطُ قِرَاءَتِهِ عَلَى الشُّهُودِ أَوْ إعْلَامِهِمْ بِهِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَتِهِمْ بِمَضْمُونِهِ وَإِلَّا فَمَا الْفَائِدَةُ فِي قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِمْ وَلَعَلَّ مَا هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سِوَى شَهَادَتِهِمْ بِأَنَّهُ كِتَابَةٌ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا سَيَأْتِي هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَلِذَا لَزِمَ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ إسْلَامِ شُهُودِهِ وَلَوْ كَانَ لِذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ وَعَلَّلَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِشَهَادَتِهِمْ عَلَى فِعْلِ الْمُسْلِمِ اهـ ط.

ص: 203

(وَلَا رُجُوعَ فِي دَعْوَى حَقٍّ مَجْهُولٍ مِنْ دَارٍ صُولِحَ عَلَى شَيْءٍ) مُعَيَّنٍ (وَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا) لِجَوَازِ دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ (وَلَوْ اسْتَحَقَّ كُلَّهَا رَدَّ كُلَّ الْعِوَضِ) لِدُخُولِ الْمُدَّعِي فِي الْمُسْتَحَقِّ (وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا (صِحَّةُ الصُّلْحِ عَنْ مَجْهُولٍ) عَلَى مَعْلُومٍ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ (وَ) الثَّانِي (عَدَمُ اشْتِرَاطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِصِحَّتِهِ) لِجَهَالَةِ الْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى لَوْ بَرْهَنَ لَمْ يُقْبَلْ مَا لَمْ يَدَّعِ إقْرَارَهُ بِهِ (وَرَجَعَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِحِصَّتِهِ) فِي دَعْوَى كُلِّهَا إنْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْهَا لِفَوَاتِ سَلَامَةِ الْمُبْدَلِ قَيَّدَ بِالْمَجْهُولِ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى قَدْرًا مَعْلُومًا كَرُبْعِهَا لَمْ يَرْجِعْ مَا دَامَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ رَجَعَ بِحِسَابِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ.

[فَرْعٌ] : لَوْ صَالَحَ مِنْ الدَّنَانِيرِ عَلَى دَرَاهِمَ وَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ فَاسْتُحِقَّتْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَجَعَ بِالدِّينَارِ لِأَنَّ هَذَا الصُّلْحَ فِي مَعْنَى الصَّرْفِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْبَدَلُ بَطَلَ الصُّلْحُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ دُرَرٌ وَفِيهَا فُرُوعٌ أُخَرُ فَلْتُنْظَرْ، وَفِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ مُهِمَّةٌ مِنْهَا:

لَوْ مُسْتَحَقًّا ظَهَرَ الْمَبِيعُ

لَهُ عَلَى بَائِعِهِ الرُّجُوعُ

بِالثَّمَنِ الَّذِي لَهُ قَدْ دَفَعَا

إلَّا إذَا الْبَائِعُ هَاهُنَا ادَّعَى

بِأَنَّهُ كَانَ قَدِيمًا اشْتَرَى

ذَلِكَ مِنْ ذَا الْمُشْتَرِي بِلَا مِرَا

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ إلَخْ) أَيْ لَوْ ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ فَصُولِحَ عَلَى شَيْءٍ كَمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُ الدَّارِ لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُ الدَّارِ بِشَيْءٍ مِنْ الْبَدَلِ عَلَى الْمُدَّعِي لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ دَعْوَاهُ فِيمَا بَقِيَ، وَإِنْ قَلَّ دُرَرٌ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ فَاسْتُحِقَّتْ الدَّارُ إلَّا ذِرَاعًا مِنْهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى سَهْمٍ شَائِعٍ كَرُبْعٍ أَوْ نِصْفٍ فَهُوَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَدَّعِ سَهْمًا مِنْهَا لِأَنَّ دَعْوَى حَقٍّ مَجْهُولٍ تَشْمَلُ السَّهْمَ وَالْجُزْءَ. نَعَمْ: لَوْ ادَّعَى سَهْمًا شَائِعًا يَكُونُ اسْتِحْقَاقُ الرُّبْعِ مَثَلًا وَارِدًا عَلَى رُبْعِ ذَلِكَ السَّهْمِ أَيْضًا فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِرُبْعِ بَدَلِ الصُّلْحِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ لِدُخُولِ الْمُدَّعَى فِي الْمُسْتَحَقِّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ فِيهِمَا قَالَ فِي الدُّرَرِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ (قَوْلُهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ إلَخْ) كَذَا ذَكَرَهُ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ) لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ سَاقِطٌ، فَهُوَ مِثْلُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَجْهُولِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا لِمَا ذُكِرَ بِخِلَافِ عِوَضِ الصُّلْحِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَطْلُوبَ التَّسْلِيمِ اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ مَعْلُومًا لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى الْمُنَازَعَةِ (قَوْلُهُ لِصِحَّتِهِ) أَيْ صِحَّةِ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ لِجَهَالَةِ الْمُدَّعَى بِهِ) بَيَانٌ لِوَجْهِ عَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى حَتَّى لَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَدَّعِ إقْرَارَهُ بِهِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْحَقِّ الْمَجْهُولِ وَبَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ يُقْبَلُ أَيْ وَيُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى الْبَيَانِ كَمَا نَقَلَهُ ط عَنْ نُوحٍ (قَوْلُهُ بِحِصَّتِهِ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ شَيْءٌ مِنْهَا لِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَيْهِ ط (قَوْلُهُ لِفَوَاتِ سَلَامَةِ الْمُبْدَلِ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي اُسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُصَالَحِ قَالَ فِي الدُّرَرِ: لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مِائَةٍ وَقَعَ عَنْ كُلِّ الدَّارِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا شَيْءٌ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيُرَدُّ بِحِسَابِهِ مِنْ الْعِوَضِ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا وَرَدَ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى سَهْمٍ شَائِعٍ أَيْضًا كَرُبْعِهَا أَوْ نِصْفِهَا أَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ جَزْءٌ مُعَيَّنٌ مِنْهَا كَذِرَاعٍ مَثَلًا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا فَالصُّلْحُ عَنْ دَعْوَى رُبْعِهَا يَدْخُلُ فِيهِ رُبْعُ ذَلِكَ الْجُزْءِ الْمُسْتَحَقِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ) بِأَنْ ادَّعَى الرُّبْعَ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا الثُّمُنَ فَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ الثُّمُنِ الْمُسْتَحَقِّ ط.

(قَوْلُهُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ) أَيْ بِأَصْلِ الْمُدَّعِي وَهُوَ الدَّنَانِيرُ ط (قَوْلُهُ وَفِيهَا فُرُوعٌ أُخَرُ فَلْتَنْظُرْ) مِنْهَا اسْتِحْقَاقُ بَعْضِ الْمَبِيعِ وَسَيَأْتِي وَمِنْهَا مَسَائِلُ أُخَرُ تَقَدَّمَتْ فِي فَصْلِ الْفُضُولِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا الْبَائِعُ هَاهُنَا ادَّعَى إلَخْ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ فَهُوَ أَيْضًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَزَّازِيَّةٌ. لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا اتَّحَدَ الثَّمَنُ فَلَوْ زَادَ فَلَهُ الرُّجُوعُ

ص: 204

لَوْ اشْتَرَى خَرَابَةً وَأَنْفَقَا

شَيْئًا عَلَى تَعْمِيرِهَا وَطَفِقَا

ذَاكَ يُسَوِّي بَعْدَهَا آكَامَهَا

ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ تَمَامَهَا

فَالْمُشْتَرِي فِي ذَاكَ لَيْسَ رَاجِعًا

عَلَى الَّذِي غَدَا لِتِلْكَ بَائِعًا

وَلَا عَلَى ذَا الْمُسْتَحِقِّ مُطْلَقَا

بِذَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا أَنْفَقَا

وَإِنْ مَبِيعٌ مُسْتَحَقًّا ظَهَرَا

ثُمَّ قَضَى الْقَاضِي عَلَى مَنْ اشْتَرَى

بِهِ فَصَالَحَ الَّذِي ادَّعَاهُ

صُلْحًا عَلَى شَيْءٍ لَهُ أَدَّاهُ

يَرْجِعُ فِي ذَاكَ بِكُلِّ الثَّمَنِ

عَلَى الَّذِي قَدْ بَاعَهُ فَاسْتَبِنِ

وَفِي الْمُنْيَةِ شَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا فَاسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا عَلَى الْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ النَّقْضَ إلَيْهِ

ــ

[رد المحتار]

عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ كَمَا قَالَهُ ط وَكَذَا لَوْ ادَّعَى إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنِّي وَهِيَ حِيلَةٌ لَا مِنْ الْبَائِعِ غَائِلَةُ الرَّدِّ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَبَيَانُهَا أَنْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ بَائِعِي قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ مِنِّي اشْتَرَاهُ مِنِّي فَحِينَئِذٍ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لِمَا قُلْنَا أَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَرْجِعُ بِالثَّمَنِ إنْ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فَظَهَرَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَلَا يَعْمَلُ مَا قَالَهُ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَطَفِقَا ذَاكَ) أَيْ شَرَعَ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ آكَامِهَا) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ جَمْعُ أَكَمَةٍ مُحَرَّكَةٌ التَّلُّ (قَوْلُهُ تَمَامَهَا) أَيْ الْخَرَابَةِ وَمَا بَنَاهُ فِيهَا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) لَمْ يَظْهَرْ لِي الْمُرَادُ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِذَا الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا أَنْفَقَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رَاجِعًا الْمُقَدَّرُ فِي الْمَعْطُوفِ أَوْ الْمَذْكُورِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا الشَّرْطَ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ لَكَانَ أَظْهَرَ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِمَا أَنْفَقَ، وَلَا بِالثَّمَنِ أَمَّا عَلَى الْبَائِعِ فَلَا رُجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ فَقَطْ، وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِمَا أَنْفَقَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ بَنَى فِيهَا أَوْ أُجْرَةُ التَّسْوِيَةِ وَنَحْوُهَا كَمَا يَظْهَرُ مِمَّا يَأْتِي.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إذَا صَارَ الْمَبِيعُ بِحَالٍ لَوْ كَانَ غَصْبًا لَمَلَكَهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ الثَّوْبَ وَخَاطَهُ قَمِيصًا فَاسْتُحِقَّ الْقَمِيصُ أَوْ طَحَنَ الْبُرَّ فَاسْتُحِقَّ الدَّقِيقُ. وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ مَا قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ هَلْ يَمْلِكُ الْأَرْضَ بِقِيمَتِهَا أَمْ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ؟ وَالرَّدُّ إلَى الْمَالِكِ: أَفْتَى الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ بِالثَّانِي، وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ إطْلَاقُهُمْ هُنَا إمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَتُقَيَّدُ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا كَانَ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَقَلَّ وَإِلَّا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ وَارِدًا عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ بِلَا رُجُوعٍ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ أَصْلًا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ قُضِيَ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ فَصَالَحَ عَائِدٌ عَلَى مَنْ اشْتَرَى وَاَلَّذِي ادَّعَاهُ وَهُوَ الْمُسْتَحَقُّ مَفْعُولُ صَالَحَ وَصُلْحًا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ وَضَمِيرٌ لَهُ عَائِدٌ عَلَى الَّذِي (قَوْلُهُ يَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ صَارَ شَارِيًا لِلْمَبِيعِ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَمَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ شَرَى دَارًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ فَاسِدًا كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مُعَلَّلًا بِتَحَقُّقِ الْغُرُورِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبَنَى فِيهَا) أَيْ مِنْ مَالِهِ فَلَوْ بَنَى بِنَقْضِهَا لَمْ يَرْجِعْ بِقِيمَتِهِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا بِمَا أَنْفَقَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ الدَّارُ وَحْدَهَا دُونَ مَا بَنَاهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا) أَيْ يُقَوَّمُ مَبْنِيًّا فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ لَا مَقْلُوعًا وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ مِنْ طِينٍ وَنَحْوِهِ وَلَا بِأُجْرَةِ الْبَانِي وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَائِعِ) ثُمَّ هَذَا الْبَائِعُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ فَقَطْ لَا بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَعِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ إذَا سَلَّمَ النَّقْضَ إلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَ مَا كَلَّفَهُ الْمُسْتَحِقُّ الْهَدْمَ فَهَدَمَهُ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ، ثُمَّ سُلِّمَ نَقْضُهُ إلَى الْبَائِعِ وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ الْبِنَاءَ قَائِمًا فَهَدَمَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى النَّظَرِ.

ص: 205

يَوْمَ تَسْلِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَبِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ بِجَمِيعِ بِنَائِهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَتَى وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَثَلًا حَفَرَ بِئْرًا أَوْ نَقَّى الْبَلُّوعَةَ أَوْ رَمَّ مِنْ الدَّارِ شَيْئًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ لَا بِالنَّفَقَةِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخَرَابَةِ حَتَّى لَوْ كُتِبَ فِي الصَّكِّ فَمَا أَنْفَقَ الْمُشْتَرِي فِيهَا مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ رَمَّ فِيهَا مِنْ مَرَمَّةٍ فَعَلَى الْبَائِعِ يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَطَوَاهَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الطَّيِّ لَا بِقِيمَةِ الْحَفْرِ فَلَوْ شَرَطَاهُ فَسَدَ وَكَذَا لَوْ حَفَرَ سَاقِيَةً إنْ قَنْطَرَ عَلَيْهَا رَجَعَ بِقِيمَةِ بِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ لَا بِنَفَقَةِ حَفْرِ السَّاقِيَةِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ إذَا بَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ فَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ جِصٍّ وَطِينٍ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَعَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى عَامَّةِ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ يَوْمَ تَسْلِيمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَةٍ فَلَوْ سَكَنَ فِيهِ وَانْهَدَمَ بَعْضُهُ أَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ التَّسْلِيمِ كَمَا بَسَطَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَنَقَلْنَاهُ فِي آخِرِ الْمُرَابَحَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ فَبِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ) وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَهُ إمْسَاكُ النَّقْضِ وَالرُّجُوعُ بِنُقْصَانِهِ أَيْضًا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ بِجَمِيعِ بِنَائِهَا) أَيْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْخَرَابَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ وَالْبِنَاءُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَرْجِعُ بِهِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا اُسْتُحِقَّ الْكُلُّ لَا يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي أَنْ يُسَلِّمَ الْبِنَاءَ إلَى الْبَائِعِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْبَائِعِ اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ إلَخْ) أَيْ حُكْمَ الْقَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ: أَيْ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَمَا يَأْتِي لَا بِالنَّفَقَةِ أَيْ لَا بِمَا أَنْفَقَهُ وَهُوَ هُنَا أُجْرَةُ الْحَفْرِ وَالتَّرْمِيمِ بِطِينٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسْتَحَقَّ لِجِهَةِ وَقْفٍ أَوْ مِلْكٍ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ آخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ تُوهِمُ خِلَافَهُ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخَرَابَةِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي النَّظْمِ وَهَذَا تَشْبِيهٌ، لِقَوْلِهِ لَا بِالنَّفَقَةِ إنْ كَانَ لَمْ يَبْنِ فِي الْخَرَابَةِ، وَإِنْ كَانَ بَنَى فِيهَا فَهُوَ تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّتْ إلَخْ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كُتِبَ فِي الصَّكِّ) أَيْ صَكِّ عَقْدِ الْبَيْعِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا بِالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْبَائِعِ) أَيْ إذَا ظَهَرَتْ مُسْتَحِقَّةً ط (قَوْلُهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ ط (وَقَوْلُهُ وَطَوَاهَا) أَيْ بَنَاهَا بِحَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ (قَوْلُهُ لَا بِقِيمَةِ الْحَفْرِ) كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالْأَظْهَرُ التَّعْبِيرُ بِنَفَقَةِ الْحَفْرِ لِأَنَّ الْحَفْرَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ شَرَطَاهُ) أَيْ الرُّجُوعَ بِنَفَقَةِ الْحَفْرِ (قَوْلُهُ بِالْجُمْلَةِ) أَيْ وَأَقُولُ قَوْلًا مُلْتَبِسًا بِالْجُمْلَةِ أَيْ مُشْتَمِلًا عَلَى جُمْلَةِ مَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَنَّ الْبَائِعَ غَاصِبٌ فَلَوْ عَلِمَ لَمْ يَرْجِعْ لِأَنَّهُ مُغْتَرٌّ لَا مَغْرُورٌ بَزَّازِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتهَا مَبْنِيَّةً وَقَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا بَنَيْتهَا فَأَرْجِعُ عَلَيْك فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ، لِأَنَّهُ مُنْكِرُ حَقِّ الرُّجُوعِ، وَلَوْ أَخَذَ دَارًا بِشُفْعَةٍ فَبَنَى ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ لَا بِقِيمَةِ بِنَائِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِرَأْيِهِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَفِيهِ لَوْ أَضَرَّ الزَّرْعَ بِالْأَرْضِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُضَمِّنَهُ لِلنُّقْصَانِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِالثَّمَنِ.

[تَنْبِيهٌ] نَظَمَ فِي الْمُحِبِّيَّةِ مَسْأَلَةً أُخْرَى وَعَزَاهَا شَارِحُهَا سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابْلُسِيُّ إلَى جَامِعِ الْفَتَاوَى وَهِيَ رَجُلٌ اشْتَرَى كَرْمًا فَقَبَضَهُ، وَتَصَرَّفَ فِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ وَبَرْهَنَ وَأَخَذَهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، ثُمَّ طَلَبَ الْغَلَّةَ الَّتِي أَتْلَفَهَا الْمُشْتَرِي هَلْ يَجُوزُ رَدُّهُ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ فِيهِ يُوضَعُ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ الْكَرْمِ مِنْ قَطْعِ الْكَرْمِ وَإِصْلَاحِ السَّوَّاقِي وَبُنْيَانِ الْحِيطَانِ وَمَرَمَّتِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي اهـ وَبِهِ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ أَيْضًا وَعَزَاهُ إلَى جَامِعِ الْفَتَاوَى، وَقَالَ بِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوَاهُ وَأَيْضًا أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي مُفْتِي السَّلْطَنَةِ نَقْلًا عَنْ التَّوْفِيقِ كَمَا فِي صُورَةِ الْمَسَائِلِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَنَقَلَهُ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي فَتَاوَاهُ اهـ.

ص: 206

وَتَمَامُهُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ: وَفِيهِ شَرَى كَرْمًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهُ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ ثَمَرِهِ وَلَوْ شَرَى أَرْضَيْنِ فَاسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا إنْ قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ غَيْرُ الْمُسْتَحَقِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِلَا خِيَارٍ.

وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ الْبَقَرَةُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ ثِيَابُ الْقِنِّ أَوْ بَرْذعَةَ الْحِمَارِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَكُلُّ شَيْءٍ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِيهِ، قُنْيَةٌ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ كَانَ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْبَاعَةِ وَلِكُلٍّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ مِثْلُ قِيمَةِ الْجِصِّ وَالطِّينِ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ مُتَّصِلَةٌ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ تُضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَالْغَلَّةُ مِنْهُمَا، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا اقْتَطَعَ مِنْ الْغَلَّةِ مَا أَنْفَقَهُ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ الْغَلَّةَ إنَّمَا نَمَتْ وَصَلُحَتْ بِإِنْفَاقِهِ كَمَا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الدَّابَّةِ كَمَا يَأْتِي لَكِنْ كَانَ الْأَوْفَقُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ غَرَّ الْمُشْتَرِي فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَلَا صُنْعَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ) صَوَابُهُ السَّادِسَ عَشَرَ (قَوْلُهُ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي) لِعَيْبِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ إلَخْ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَى أَرَضِينَ إلَخْ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ فَلَوْ لَمْ يُمَيَّزْ إلَّا بِضَرَرٍ كَدَارٍ وَكَرْمٍ وَأَرْضٍ وَزَوْجَيْ خُفٍّ وَمِصْرَاعَيْ بَابٍ وَقِنٍّ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلَا كَثَوْبَيْنِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الدَّارِ يَتَعَلَّقُ بَعْضُهَا بِبَعْضِ وَمَنْفَعَةُ الثَّوْبِ لَا تَتَعَلَّقُ بِمَنْفَعَةِ ثَوْبٍ آخَرَ اهـ. وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلِذَا قَالَ بَعْدَهُ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي كَمَا مَرَّ سَوَاءٌ أَوْرَثَ الِاسْتِحْقَاقُ عَيْبًا فِي الْبَاقِي أَوْ لَا لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ وَكَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ قَبْضِهِ، سَوَاءٌ اُسْتُحِقَّ الْمَقْبُوضُ أَوْ غَيْرُهُ يُخَيَّرُ كَمَا مَرَّ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّفَرُّقِ، وَلَوْ قُبِضَ كُلُّهُ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهُ بَطَلَ الْبَيْعُ بِقَدْرِهِ ثُمَّ لَوْ وَرَّثَ الِاسْتِحْقَاقُ عَيْبًا فِيمَا بَقِيَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ وَلَوْ يُوَرِّثُ عَيْبًا فِيهِ كَثَوْبَيْنِ أَوْ قِنَّيْنِ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ كَيْلِيٍّ أَوْ وَزْنِيٍّ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ أَوْ لَا يَضُرُّ تَبْعِيضُهُ فَالْمُشْتَرِي يَأْخُذُ الْبَاقِيَ بِلَا خِيَارٍ اهـ وَتَقَدَّمَ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَ) أَيْ لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ قُنْيَةٌ وَفِيهَا أَيْضًا: اشْتَرَى إبِلًا مَهَازِيلَ فَعَلَفَهَا حَتَّى سَمِنَتْ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَهُ وَبِالْعَلَفِ اهـ وَنُقِلَ فِي الْحَامِدِيَّةِ بَعْدَهُ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ: اشْتَرَى بَقَرَةً وَسَمَّنَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا زَادَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ اهـ هَذَا يُنَاسِبُ مَسْأَلَةَ الْكَرْمِ الْمَارَّةَ آنِفًا لَكِنْ يُفِيدُ أَنْ يَكُونَ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا قُلْنَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ هُنَا أَظْهَرُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّسْمِينِ وَالْبِنَاءِ ظَاهِرٌ مِمَّا مَرَّ فَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ ثِيَابُ الْقِنِّ إلَخْ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَى أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ حَتَّى دَخَلَتْ بِلَا ذِكْرٍ فَاسْتُحِقَّتْ الْأَشْجَارُ قِيلَ: لَا حِصَّةَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ كَثَوْبِ قِنٍّ وَبَرْذَعَةِ حِمَارٍ، فَإِنَّ مَا يَدْخُلُ تَبَعًا لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَقِيلَ الرِّوَايَةُ إنَّهُ يَرْجِعُ بِحِصَّةِ الْأَشْجَارِ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ فِي الْأَرْضِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْأَرْضِ، بِخِلَافِ الثِّيَابِ فَالتَّبَعِيَّةُ هُنَا أَقَلُّ وَلِذَا كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهَا لَوْ كَانَتْ ثِيَابَ مِثْلِهِ. ثُمَّ قَالَ أَقُولُ فِي الشَّجَرِ: وَكُلُّ مَا يَدْخُلُ تَبَعًا إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْدَ الْقَبْضِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ اهـ.

قُلْت: وَيَدُلُّ لَهُ مَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْإِسْبِيجَابِيِّ الْأَوْصَافُ لَا قِسْطَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا وَرَدَ عَلَيْهَا الْقَبْضُ وَالْأَوْصَافُ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ كَبِنَاءٍ وَشَجَرٍ فِي أَرْضٍ وَأَطْرَافٍ فِي حَيَوَانٍ وَجَوْدَةٍ فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَعَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ الْبِنَاءُ وَإِنْ كَانَ تَبَعًا إذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الشِّرَاءِ، لَكِنْ إذَا قُبِضَ يَصِيرُ مَقْصُودًا وَيَصِيرُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَضَعَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَصْلًا كُلُّ شَيْءٍ إذَا بِعْته وَحْدَهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِذَا بِعْته مَعَ غَيْرِهِ

ص: 207

بِلَا إعَادَةِ بَيِّنَةٍ لَكِنْ لَا يَرْجِعُ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ قَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ لَوْ أَبْرَأَ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّمَنِ كَانَ لِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ وُجِدَ الْعَبْدُ حُرًّا فَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ خَانِيَّةٌ لَكِنْ فِي الْفُصُولَيْنِ مَا يُخَالِفُهُ فَتَنَبَّهْ.

وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ بِمَالٍ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ لَمْ يَرْجِعْ الْمُسْتَحِقُّ بِالْمَالِ عَلَى الْمُعْتِقِ وَلَوْ شَرَى دَارًا بِعَبْدٍ وَأُخِذَتْ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الدَّارَ مِنْ الشَّفِيعِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[رد المحتار]

جَازَ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الشَّيْءُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكُلُّ شَيْءٍ إذَا بِعْته وَحْدَهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ فَإِذَا بِعْته مَعَ غَيْرِهِ فَاسْتُحِقَّ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ اهـ.

قُلْت: فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْدَ الْقَبْضِ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَحْدَهُ كَالشِّرْبِ، فَلَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَخْذِ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَالتَّرْكِ، وَإِنْ جَازَ بَيْعُهُ وَحْدَهُ كَالشَّجَرِ وَثَوْبِ الْقِنِّ كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، فَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْبَائِعِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْبَيْعِ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إذَا ذُكِرَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ كَانَا مَبِيعَيْنِ قَصْدًا لَا تَبَعًا، حَتَّى لَوْ فَاتَا قَبْلَ الْقَبْضِ يَأْخُذُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا، وَلَا خِيَارَ لَهُ وَلَوْ احْتَرَقَا أَوْ قَلَعَهُمَا ظَالِمٌ قَبْلَ الْقَبْضِ يَأْخُذُهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ وَلَا يَأْخُذُ بِالْحِصَّةِ، بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْهَلَاكِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بِلَا إعَادَةِ بَيِّنَةٍ) أَيْ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَهَذَا إذَا كَانَ الرُّجُوعُ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي حَكَمَ بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِذَلِكَ فَلَوْ نَسِيَ أَوْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ لَوْ أَبْرَأَ الْأَوَّلَ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ بِأَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَحَكَمَ لِلْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ، ثُمَّ أَبْرَأَهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ أَوَائِلَ الْبَابِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَنَقَلْنَا قَبْلَهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، لِأَنَّهُ لَا ثَمَنَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ وَكَذَا لَا رُجُوعَ لِبَقِيَّةِ الْبَاعَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْفُصُولَيْنِ مَا يُخَالِفُهُ) الَّذِي فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ الْمُبْطِلِ وَالنَّاقِلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ أَوَّلَ الْبَابِ. وَهَذَا لَا يُخَالِفُ الْمَنْقُولَ هُنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ الْمُخَالَفَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ فَلَمْ أَرَ فِيهِ مُخَالَفَةً لِمَا هُنَا أَيْضًا بَلْ فِيهِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ إبْرَاءِ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ وَبَيْنَ إبْرَاءِ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِيَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا وَقَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ الْمُسْتَحِقُّ بِالْمَالِ عَلَى الْمُعْتِقِ) كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَالِ مَا كَانَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ، لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ ظَهَرَ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَاصِبٌ لِلْعَبْدِ وَالْغَاصِبُ يَمْلِكُ كَسْبَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَالُ لِلْمَوْلَى مَعَ الْعَبْدِ فَأَعْتَقَهُ عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمُعْتِقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأُخِذَتْ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ بِعَيْنِهِ إنْ وَصَلَ إلَى الشَّفِيعِ بِجِهَةٍ ط (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الْبَائِعُ الدَّارَ مِنْ الشَّفِيعِ) أَيْ وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ بِمَا دَفَعَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ ط وَالتَّعْلِيلُ بِذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْقُنْيَةِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اسْتِحْقَاقُ بَدَلِ الْمَبِيعِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ قَائِمًا وَبِقِيمَتِهِ هَالِكًا وَفِيهِ أَيْضًا إذَا اُسْتُحِقَّ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ فِي الْمُقَايَضَةِ وَهَلَكَ الْبَدَلُ الْآخَرُ تَجِبُ قِيمَةُ الْهَالِكِ لَا قِيمَةُ الْمُسْتَحَقِّ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ هَذَا يَدُلُّ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى مَا لَوْ بَاعَهُ الْمُقَايِضُ لِغَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَدَلُهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُقَايِضِ لِلثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ، وَمِنْ لَوَازِمِهِ رُجُوعُهُ إلَى مِلْكِهِ فَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ يَرْجِعُ هُوَ بِمَا دَفَعَ لِبَائِعِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَتُسْمَعُ دَعْوَى مَالِكِ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْبَةِ بَائِعِهِ لِدَعْوَاهُ الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ، فَيَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَهُوَ وَاقِعَةِ الْحَالِ فِي مُقَابَضَةِ بَهِيمٍ بِبَهِيمٍ وَتَقَابَضَا

ص: 208