الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيُبَاعُ دُودُ الْقَزِّ) أَيْ الْإِبْرَيْسَمُ (وَبَيْضُهُ) أَيْ بِزْرُهُ، وَهُوَ بِزْرُ الْفَيْلَقِ الَّذِي فِيهِ الدُّودُ (وَالنَّحْلُ) الْمُحْرَزُ، وَهُوَ دُودُ الْعَسَلِ، وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ، وَبِهِ يُفْتَى عَيْنِيٌّ وَابْنُ مَلَكٍ وَخُلَاصَةٌ وَغَيْرُهَا. وَجَوَّزَ أَبُو اللَّيْثِ بَيْعَ الْعَلَقِ، وَبِهِ يُفْتَى لِلْحَاجَةِ مُجْتَبَى (بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْهَوَامِّ) فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَحَيَّاتٍ وَضَبٍّ وَمَا فِي بَحْرٍ كَسَرَطَانٍ، إلَّا السَّمَكَ وَمَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ أَوْ عَظْمِهِ.
ــ
[رد المحتار]
[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]
ِ (قَوْلُهُ أَيْ الْإِبْرَيْسَمُ) فِي الْمِصْبَاحِ: الْقَزُّ مُعَرَّبٌ. قَالَ اللَّيْثُ: هُوَ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ الْإِبْرَيْسَمُ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَزُّ وَالْإِبْرَيْسَمُ مِثْلُ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ اهـ. وَأَمَّا الْخَزُّ فَاسْمُ دَابَّةٍ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الثَّوْبِ الْمُتَّخَذِ مِنْ وَبَرِهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ بِزْرَهُ) أَيْ الْبِزْرُ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الدُّودُ قُهُسْتَانِيٌّ، وَهُوَ بِالزَّايِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: بَذَرْت الْحَبَّ بَذْرًا أَيْ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ مِنْ بَابِ قَتَلَ: إذَا أَلْقَيْتُهُ فِي الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ. وَالْبُذُورُ: الْمَبْذُورُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: الْبَذْرُ فِي الْحُبُوبِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. وَالْبِزْرُ: أَيْ بِالزَّايِ فِي الرَّيَاحِينِ وَالْبُقُولِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الِاسْتِعْمَالِ. وَنُقِلَ عَنْ الْخَلِيلِ كُلُّ حَبٍّ يُبْذَرُ فَهُوَ بَذْرٌ وَبِزْرٌ ثُمَّ قَالَ فِي اجْتِمَاعِ الْبَاءِ مَعَ الزَّايِ الْبِزْرُ مِنْ الْبَقْلِ وَنَحْوِهِ بِالْكَسْرِ، وَالْفَتْحُ لُغَةٌ، وَقَوْلُهُمْ لِبَيْضِ الدُّودِ بِزْرُ الْقَزِّ مَجَازٌ عَلَى التَّشْبِيهِ بِبِزْرِ الْبَقْلِ لِصِغَرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ بِزْرُ الْفَيْلَقِ) هُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالشَّرَانِقِ (قَوْلُهُ الْمُحْرَزُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ مَجْمُوعًا؛ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً وَشَرْعًا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُؤْكَلُ كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الثَّلَاثِ.
وَأَمَّا اقْتِصَارُ صَاحِبِ الْكَنْزِ عَلَى جَوَازِ الْأَوَّلَيْنِ دُونَ النَّخْلِ فَلَعَلَّ وَجْهَهُ كَمَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ إحْرَازَهُ مُتَعَسَّرٌ فَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ قَوْلُهُمَا، وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ بَيْعُهُ لَيْلًا لَا نَهَارًا لِتَفَرُّقِهِ حَالَ النَّهَارِ فِي الْمَرَاعِي. وَأَمَّا اعْتِذَارُ الْبَحْرِ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ بَيْعُ الْعَلَقِ) فِي الْمِصْبَاحِ: الْعَلَقُ شَيْءٌ أَسْوَدُ شَبِيهُ الدُّودِ يَكُونُ فِي الْمَاءِ يَعْلَقُ بِأَفْوَاهِ الْإِبِلِ عِنْدَ الشُّرْبِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى لِلْحَاجَةِ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا اشْتَرَى الْعَلَقَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ " مرعل " يَجُوزُ، وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ لِتَمَوُّلِ النَّاسِ لَهُ اهـ.
أَقُولُ: الْعَلَقُ فِي زَمَانِنَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلتَّدَاوِي بِمَصِّهِ الدَّمَ، وَحَيْثُ كَانَ مُتَمَوَّلًا لِمُجَرَّدِ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ فَإِنَّ تَمَوُّلُهَا الْآنَ أَعْظَمُ إذْ هِيَ مِنْ أَعَزِّ الْأَمْوَالِ، وَيُبَاعُ مِنْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ قَنَاطِيرُ بِثَمَنٍ عَظِيمٍ، وَلَعَلَّهَا هِيَ الْمُرَادَةُ بِالْعَلَقِ فِي عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ، فَتَكُونُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ بَيْعِ الْمَيْتَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهِ لِلتَّدَاوِي لَا يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِهِ كَمَا فِي لَبَنِ الْمَرْأَةِ وَكَالِاحْتِيَاجِ إلَى الْخَرْزِ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُسَوَّغُ بَيْعُهُ كَمَا يَأْتِي، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَلَقٌ خَاصٌّ مُتَمَوَّلٌ عِنْدَ النَّاسِ وَذَلِكَ مُتَحَقَّقٌ فِي دُودِ الْقِرْمِزِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دُودِ الْقَزِّ وَبَيْضِهِ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَالِ وَدُودُ الْقَزِّ فِي الْمَآلِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ مِنْ الْهَوَامِّ) جَمْعُ هَامَّةٍ مِثْلُ دَابَّةٍ وَدَوَابَّ: وَهِيَ مَا لَهُ سُمٌّ يَقْتُلُ كَالْحَيَّةِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُؤْذِي وَلَا يَقْتُلُ كَالْحَشَرَاتِ مِصْبَاحٌ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْمُؤْذِيَ وَغَيْرَهُ مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) وَبَيْعُهَا بَاطِلٌ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ ط (قَوْلُهُ كَحَيَّاتٍ) فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ: يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَّاتِ إذَا كَانَ يُنْتَفَعُ بِهَا لِلْأَدْوِيَةِ، وَمَا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ أَوْ عَظْمِهِ أَيْ مِنْ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ أَوْ غَيْرِهَا.
قَالَ فِي الْحَاوِي: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْهَوَامِّ كَالْحَيَّةٍ وَالْفَأْرِ وَالْوَزَغَةِ وَالضَّبِّ وَالسُّلَحْفَاةِ وَالْقُنْفُذِ وَكُلِّ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَا بِجِلْدِهِ وَبَيْعُ غَيْرِ السَّمَكِ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ، إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَالسَّقَنْقُورِ وَجُلُودِ الْخَزِّ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ، وَإِلَّا فَلَا كَالضُّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ وَيَبْطُلُ بَيْعُ الْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَسَائِرِ الْهَوَامِّ وَالْحَشَرَاتِ، وَلَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهَا. وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَازِي وَالشَّاهِينَ وَالصَّقْرِ وَأَمْثَالِهَا وَالْهِرَّةِ، وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهَا، لَا بَيْعُ الْحِدَأَةِ وَالرَّخَمَةِ وَأَمْثَالِهِمَا. وَيَجُوزُ بَيْعُ رِيشِهَا، اهـ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ:
وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ يَدُورُ مَعَ حِلِّ الِانْتِفَاعِ مُجْتَبًى، وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ وَسَيَجِيءُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.
[فَرْعٌ] إنَّمَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ فِي الْقَزِّ إذَا كَانَ الْبَيْضُ مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ مِنْهُمَا وَهُوَ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا لَا أَثْلَاثًا، فَلَوْ دَفَعَ بِزْرَ الْقَزِّ أَوْ بَقَرَةً أَوْ دَجَاجًا لِآخَرَ بِالْعَلَفِ مُنَاصَفَةً فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ لِحُدُوثِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَلَفِ وَأَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ عَيْنِيٌّ مُلَخَّصًا، وَمِثْلُهُ دَفْعُ الْبَيْضِ كَمَا لَا يَخْفَى
(وَالْآبِقِ) وَلَوْ لِطِفْلِهِ أَوْ لِيَتِيمٍ فِي حِجْرِهِ، وَلَوْ وَهَبَهُ لَهُمَا صَحَّ عَيْنِيٌّ؛
ــ
[رد المحتار]
بَيْعُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ عِنْدَنَا جَائِزٌ، وَكَذَا السِّنَّوْرُ، وَسِبَاعُ الْوَحْشِ وَالطَّيْرُ جَائِزٌ مُعَلَّمًا أَوْ غَيْرَ مُعَلَّمٍ، وَبَيْعُ الْفِيلِ جَائِزٌ. وَفِي الْقِرْدِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ وَنَقَلَ السَّائِحَانِيُّ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ: وَيَجُوزُ بَيْعُ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ سِوَى الْخِنْزِيرِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ اهـ وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ إلَخْ) وَيُرَدُّ عَلَيْهِ شَعْرُ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَمَا يَأْتِي. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ حِلَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَالْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِهَا (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ) حَيْثُ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَلْيَكُنْ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا) الضَّمِيرُ عَائِدٌ إلَى الْقَزِّ الْخَارِجِ مِنْ الْبَيْضِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا إذَا كَانَ الْبَيْضُ مِنْهُمَا كَذَلِكَ فَلَوْ كَانَ ثُلُثُهُ مِنْ وَاحِدٍ وَالثُّلُثَانِ مِنْ آخَرَ يَكُونُ الْقَزُّ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا اعْتِبَارًا بِأَصْلِ الْمِلْكِ، كَمَا لَوْ زَرَعَا أَرْضًا بِبَذْرٍ مِنْهُمَا فَالْخَارِجُ عَلَى قَدْرِ الْبَذْرِ وَإِنْ شَرَطَا خِلَافَهُ (قَوْلُهُ بِالْعَلَفِ مُنَاصَفَةً) مُتَعَلِّقٌ بِدَفَعَ: أَيْ دَفَعَ ذَلِكَ لِيَكُونَ الْخَارِجُ مِنْ الْبِزْرِ وَالْبَقَرَةِ وَالدَّجَاجِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً بِشَرْطِ أَنْ يُعْلَفَ ذَلِكَ مِنْ وَرَقِ التُّوتِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ) أَيْ الْخَارِجُ: وَهُوَ الْقَزُّ وَاللَّبَنُ وَالسَّمْنُ وَالْبَيْضُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ، فَإِنَّ اسْتَهْلَكَهُ الْعَامِلُ ضَمِنَهُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَلَفِ) أَيْ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا (قَوْلُهُ وَأَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ) الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الْأَجْرَ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِجَهَالَةِ التَّسْمِيَةِ، وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ فِي إجَارَاتِ تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ دَفْعُ الْبَيْضِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالْمُتَعَارَفُ فِي أَرْيَافِ مِصْرَ دَفْعُ الْبَيْضِ لِيَكُونَ الْخَارِجُ مِنْهُ بِالنِّصْفِ مَثَلًا، وَهُوَ عَلَى وِزَانِ دَفْعِ الْقَزِّ بِالنِّصْفِ، فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَيْضِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ اهـ. قُلْت: وَيُتَعَارَفُ الْآنَ دَفْعُ الْمُهْرِ أَوْ الْعِجْلِ أَوْ الْجَحْشِ لِيُرَبِّيَهُ بِنِصْفِهِ فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِ الدَّافِعِ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَقِيمَةُ عَلَفِهِ: وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَبِيعَهُ نِصْفَ الْمُهْرِ بِثَمَنٍ يَسِيرٍ فَيَصِيرَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا. وَيُتَعَارَفُ أَيْضًا مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ. وَهُوَ دَفْعُ الْأَرْضِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَغْرِسَهَا وَتَكُونَ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَالثَّمَرُ وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ وَلِلْآخَرِ قِيمَةُ غَرْسِهِ يَوْمَ غَرَسَهُ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْآبِقِ) أَيْ الْمُطْلَقِ وَهُوَ الَّذِي أَبَقَ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ: وَلَمْ يَزْعُمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ عِنْدَهُ فَهَذَا بَيْعُهُ فَاسِدٌ أَوْ بَاطِلٌ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ، أَمَّا لَوْ أَبَقَ مِنْ يَدِ غَاصِبِهِ وَبَاعَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ أَوْ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ وَبَاعَهُ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ كَمَا يَأْتِي. وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، فَفِي النَّهْرِ أَنَّ بَيْعَهُ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا، وَعَلَّلَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ تَسْلِيمَهُ فِعْلُ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ. وَفِي النَّهْرِ أَيْضًا: خَرَجَ بِالْآبِقِ الْمُرْسَلُ فِي حَاجَةِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ وَقْتَ الْعَقْدِ حُكْمًا، إذْ الظَّاهِرُ عَوْدُهُ (قَوْلُهُ، وَلَوْ وَهَبَهُ لَهُمَا صَحَّ) وَالْفَرْقُ أَنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ عَقِبَ الْبَيْعِ وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْيَدِ يَصْلُحُ لِقَبْضِ الْهِبَةِ لَا لِقَبْضِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ قَبْضٌ بِإِزَاءِ مَالٍ مَقْبُوضٍ مِنْ مَالِ الِابْنِ
وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ تَحْرِيفٌ نَهْرٌ (إلَّا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ) أَيْ الْآبِقَ (عِنْدَهُ) فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِعَدَمِ الْمَانِعِ وَهَلْ يَصِيرُ قَابِضًا إنْ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يُشْهِدْ؟ نَعَمْ وَإِنْ أَشْهَدَ لَا؛ لِأَنَّهُ قَبْضُ أَمَانَةٍ فَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى عِنَايَةٌ،
ــ
[رد المحتار]
وَهَذَا قَبْضٌ لَيْسَ بِإِزَائِهِ مَالٌ مِنْ الْوَلَدِ فَكَفَتْ تِلْكَ الْيَدُ لَهُ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ عَادَ إلَى مِلْكِ الصَّغِيرِ هَكَذَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ بَحْرٌ.
وَفِيهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ تَقْيِيدُ صِحَّةِ الْهِبَةِ بِمَا دَامَ الْعَبْدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ تَحْرِيفٌ نَهْرٌ) اُعْتُرِضَ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ مَا فِي الْأَشْبَاهِ مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا، وَهَذَا نَصُّهُ: بَيْعُ الْآبِقِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ وَلَوْ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ فِي النَّهْرِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَشْبَاهِ، بَلْ حَكَمَ بِالتَّحْرِيفِ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْخَانِيَّةِ الْمَنْقُولُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ جَوَازُ بَيْعِ الْآبِقِ لِطِفْلِهِ لَا هِبَتُهُ لَهُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ النُّسَخُ الْأُخْرَى. قُلْت: الَّذِي رَأَيْته فِي الْأَشْبَاهِ وَلِوَلَدٍ بِدُونِ لَوْ وَعَلَيْهَا كَتَبَ الْحَمَوِيُّ. وَاعْتَرَضَهَا بِمَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ وَلَمَّا كَانَ مَا فِي الْأَشْبَاهِ مَعْزِيًّا إلَى الْخَانِيَّةِ وَرَدَ عَلَيْهَا مَا وَرَدَ عَلَى الْخَانِيَّةِ فَسَاغَ ذِكْرُهَا بَدَلَ الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ تَدَاوُلًا فِي أَيْدِي الطَّلَبَةِ مِنْ الْخَانِيَّةِ فَافْهَمْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْبَحْرِ هُنَا تَنَاقُضًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ نُسْخَةَ الْخَانِيَّةِ الْمُحَرَّفَةَ وَقَالَ: إنَّهُ عَكْسُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُونَ. ثُمَّ قَالَ: إنَّ الْحَقَّ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ، لِمَا فِي الْمِعْرَاجِ: لَوْ بَاعَهُ لِطِفْلِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ وَهَبَهُ لَهُ جَازَ إلَخْ.
وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَالْحَقُّ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ إلَّا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عَبْدُهُ) مُفَادُهُ أَنَّ النَّظَرَ لِزَعْمِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْآبِقَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ التَّسْلِيمَ حَاصِلُ فَانْتَفَى الْمَانِعُ وَهُوَ عَدَمُ قُدْرَةِ الْبَائِعِ عَلَى التَّسْلِيمِ عَقِبَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ عِنْدَهُ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَخْذِ إلَّا بِخُصُومَةٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَمَا فِي السِّرَاجِ نَهْرٌ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ اتِّفَاقًا. وَأَجَابَ بِحَمْلِ مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهِ إلَّا بِخُصُومَةٍ اهـ. قُلْت: رَاجَعْت عِبَارَةَ السِّرَاجِ فَلَمْ أَرَ فِيهَا قَوْلَهُ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ، وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ أَيْ فِي حَالِ إبَاقِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذْهُ أَحَدٌ، أَمَّا إذَا أَخَذَهُ أَحَدٌ فَلَا يَجُوزُ لِمَا عَلِمْته مِنْ تَعْلِيلِ الْفَتْحِ السَّابِقِ وَقَدْ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْفَتْحِ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْأَخْذُ لَهُ مُعْتَرَفًا بِأَخْذِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَصِيرُ قَابِضًا إلَخْ) أَيْ لَوْ اشْتَرَاهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عِنْدَهُ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا فِي الْحَالِ، حَتَّى لَوْ رَجَعَ فَوَجَدَهُ هَلَكَ بَعْدَ وَقْتِ الْبَيْعِ يَتِمُّ الْقَبْضُ وَالْبَيْعُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إنْ قَبَضَهُ) أَيْ قَبَضَ الْآبِقَ حِينَ وَجَدَهُ لِنَفْسِهِ لَا لِيَرُدَّهُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَشْهَدْ: أَيْ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهُ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ) أَيْ يَصِيرُ قَابِضًا؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ هَذَا قَبْضُ غَصْبٍ وَهُوَ قَبْضُ ضَمَانٍ كَقَبْضِ الْبَيْعِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَشْهَدَ لَا إلَخْ) أَيْ لَا يَصِيرُ قَابِضًا؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ هَذَا قَبْضُ أَمَانَةٍ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى سَيِّدِهِ لَا يَضْمَنُهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الضَّمَانِ) أَيْ عَنْ قَبْضِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ اهـ.
وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إذَا اشْتَرَى مَا هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ لَا يَكُونُ قَابِضًا إلَّا إذَا ذَهَبَ إلَى الْعَيْنِ إلَى مَكَان يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهَا
وَإِلَّا إذَا أَبَقَ مِنْ الْغَاصِبِ فَبَاعَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّسْلِيمِ ذَخِيرَةٌ (وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ عَادَ) وَسَلَّمَهُ (يَتِمُّ الْبَيْعُ) عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ، وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ (وَقِيلَ لَا) يَتِمُّ (عَلَى) الْقَوْلِ بِبُطْلَانِهِ وَهُوَ (الْأَظْهَرُ) مِنْ الرِّوَايَةِ وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْبَلْخِيّ وَغَيْرُهُ بَحْرٌ وَابْنُ كَمَالٍ
. (وَلَبَنِ امْرَأَةٍ) وَلَوْ (فِي وِعَاءٍ وَلَوْ أَمَةً) عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ آدَمِيٍّ وَالرِّقُّ مُخْتَصٌّ بِالْحَيِّ وَلَا حَيَاةَ فِي اللَّبَنِ فَلَا يُحِلُّهُ الرِّقُّ
(وَشَعْرِ الْخِنْزِيرِ) لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ
ــ
[رد المحتار]
فَيَصِيرُ الْآنَ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ، فَإِذَا هَلَكَ بَعْدَهُ هَلَكَ مِنْ مَالِهِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْعَيْنِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ رَاضِيًا بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي دَلَالَةً اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا إذَا أَبَقَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلَّا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ ذَخِيرَةٌ) قَالَ فِيهَا: وَالْأَصْلُ أَنَّ الْإِبَاقَ إنَّمَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ إذَا كَانَ التَّسْلِيمُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ بِأَنْ أَبَقَ مِنْ يَدِ الْمَالِكِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمَالِكُ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا يَجُوزُ الْبَيْعُ.
اهـ (قَوْلُهُ يَتِمُّ الْبَيْعُ) هُوَ رِوَايَةُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِقِيَامِ الْمِلْكِ وَالْمَالِيَّةِ فِي الْآبِقِ، وَلِذَا صَحَّ عِتْقُهُ وَبِهِ أَخَذَ الْكَرْخِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمَشَايِخِ حَتَّى أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَقَدْ وُجِدَتْ قَبْلَ الْفَسْخِ، بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ بَعْدَ أَنْ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ أَوْ تَخَاصَمَا فَلَا يَعُودُ صَحِيحًا اتِّفَاقًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَقُّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ بِنَاءٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهُ بَاطِلٌ أَوْ فَاسِدٌ وَأَنَّكَ عَلِمْتَ أَنَّ ارْتِفَاعَ الْمُفْسِدِ فِي الْفَاسِدِ يَرُدُّهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَائِمٌ مَعَ الْفَسَادِ وَمَعَ الْبُطْلَانِ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا بِصِفَةِ الْبُطْلَانِ بَلْ مَعْدُومًا، فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ عَدَمُ قُدْرَةِ التَّسْلِيمِ، وَوَجْهُ الْفَسَادِ قِيَامُ الْمَالِيَّةِ وَالْمِلْكِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ وَالْوَجْهُ عِنْدِي أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ مُفْسِدٌ لَا مُبْطِلٌ وَأَطَالَ فِي تَحْقِيقِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ الرِّوَايَةِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَوَّلُوا تِلْكَ الرِّوَايَةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا انْعِقَادُ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي الْآنَ اهـ. قُلْت: وَهَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ بَعْدَ بَيْعٍ بَاطِلٍ أَوْ فَاسِدٍ إلَّا بَعْدَ مُتَارَكَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْبَلْخِيّ) الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَهُوَ مُخْتَارُ مَشَايِخِ بَلْخٍ وَالثَّلْجِيُّ بِالثَّاءِ وَالْجِيمِ ط.
قُلْت: وَالْأَوَّلُ هُوَ أَبُو مُطِيعٍ الْبَلْخِيّ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ تُوُفِّيَ سَنَةَ " 197 " وَالثَّانِي هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ تُوُفِّيَ وَهُوَ سَاجِدٌ سَنَةَ " 236 ".
(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي وِعَاءٍ) أَتَى بِلَوْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ، وَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ تَقَدَّمَ دَفْعُهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الضَّرْعَ خَاصٌّ بِذَوَاتِ الْأَرْبَعِ كَالثَّدْيِ لِلْمَرْأَةِ، فَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّقْيِيدِ لِيَعُمَّ مَا قَبْلَ الِانْفِصَالِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ جَوَازُ بَيْعِ لَبَنِ الْأَمَةِ لِجَوَازِ إيرَادِ الْبَيْعِ عَلَى نَفْسِهَا فَكَذَا عَلَى جُزْئِهَا قُلْنَا: الرِّقُّ حِلُّ نَفْسِهَا فَأَمَّا اللَّبَنُ فَلَا رِقَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَحَلٍّ تَتَحَقَّقُ فِيهِ الْقُوَّةُ الَّتِي هِيَ ضِدُّهُ وَهُوَ الْحَيُّ، وَلَا حَيَاةَ فِي اللَّبَنِ فَلَا يَكُونُ مَحَلًّا لِلْعِتْقِ، وَلَا لِلرِّقِّ فَكَذَا الْبَيْعُ. وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّدَاوِي بِهِ فِي الْعَيْنِ الرَّمْدَاءِ. وَفِيهِ قَوْلَانِ: قِيلَ بِالْمَنْعِ، وَقِيلَ بِالْجَوَازِ إذَا عُلِمَ فِيهِ الشِّفَاءُ كَمَا فِي الْفَتْحِ هُنَا.
مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِلَبَنِ الْبِنْتِ لِلرَّمَدِ قَوْلَانِ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّ أَهْلَ الطِّبِّ يُثْبِتُونَ نَفْعًا لِلَبَنِ الْبِنْتِ لِلْعَيْنِ وَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُحَرَّمِ لِلتَّدَاوِي كَالْخَمْرِ، وَاخْتَارَ فِي النِّهَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ الْجَوَازَ إذَا عُلِمَ فِيهِ الشِّفَاءُ وَلَمْ يَجِدْ دَوَاءً غَيْرَهُ بَحْرٌ، وَسَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - تَمَامُهُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبُيُوعِ، وَكَذَا فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ.
(قَوْلُهُ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ) أَيْ عَيْنِ الْخِنْزِيرِ أَيْ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ. وَأَوْرَدَ
فَيَبْطُلُ بَيْعُهُ ابْنُ كَمَالٍ (وَ) إنْ (جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ) لِضَرُورَةِ الْخَرْزِ؛ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ بِلَا ثَمَنٍ جَازَ الشِّرَاءُ لِلضَّرُورَةِ وَكُرِهَ الْبَيْعُ فَلَا يَطِيبُ ثَمَنُهُ وَيُفْسِدُ الْمَاءَ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، قِيلَ هَذَا فِي الْمَنْتُوفِ، أَمَّا الْمَجْزُوزُ فَطَاهِرٌ عِنَايَةٌ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُكْرَهُ الْخَرْزُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ، وَلِذَا لَمْ يَلْبَسْ السَّلَفُ مِثْلَ هَذَا الْخُفِّ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ
ــ
[رد المحتار]
فِي الْفَتْحِ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ بَيْعَ السِّرْقِينِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ أَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: بَلْ الصَّحِيحُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْعَذِرَةِ الْخَالِصَةِ جَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكَرَاهِيَةِ. اهـ أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا خَالِصَةً كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ بَيْعُهُ) نَقَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَيْضًا عَنْ الْبُرْهَانِ، وَفِيهِ تَوَرُّكٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَيْثُ عَدَّهُ فِي الْفَاسِدِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى قَالَ مُحَمَّدٌ بِطَهَارَتِهِ لِضَرُورَةِ الْخَرْزِ بِهِ لِلنِّعَالِ وَالْأَخْفَافِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لِضَرُورَةِ الْخَرْزِ) فَإِنَّ فِي مَبْدَإِ شَعْرِهِ صَلَابَةً قَدْرَ أُصْبُعٍ وَبَعْدَهُ لِينٌ يَصْلُحُ لِوَصْلِ الْخَيْطِ بِهِ قُهُسْتَانِيٌّ ط (قَوْلُهُ وَكَرِهَ الْبَيْعَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلْبَائِعِ زَيْلَعِيٌّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ. وَفِيهِ أَنَّ جَوَازَ إقْدَامِ الْمُشْتَرِي عَلَى الشِّرَاءِ لِلضَّرُورَةِ لَا يُفِيدُ صِحَّةَ الْبَيْعِ، كَمَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى دَفْعِ مَرْشُوَّةٍ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ وَحَرُمَ عَلَى الْقَابِضِ، وَكَذَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى شِرَاءِ مَالِهِ مِنْ غَاصِبٍ مُتَغَلِّبٍ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ صِحَّةَ الْبَيْعِ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فَلَا يَطِيبُ ثَمَنُهُ) مُقْتَضَى مَا بَحَثْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الضَّرُورَةِ لَا يَتَعَدَّاهَا وَهِيَ فِي الْخَرْزِ فَتَكُونُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَقَطْ كَذَلِكَ، وَمَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ جَوَازِ صَلَاةِ الْخَرَّازِينَ مَعَ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ فِي حَقِّهِمْ. أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا وَهُوَ الْوَجْهُ فَإِنَّ الضَّرُورَةَ لَمْ تَدْعُهُمْ إلَى أَنْ يَعْلَقَ بِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ وَيَجْتَمِعَ فِي ثِيَابِهِمْ هَذَا الْمِقْدَارُ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَيَفْسُدُ الْمَاءُ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ عِنْدَهُ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الِانْتِفَاعِ بِهِ دَلِيلُ طَهَارَتِهِ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ عَدَمَ تَقْيِيدِ حِلِّ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِالضَّرُورَةِ وَيُفِيدُ جَوَازَ بَيْعِهِ؛ وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَطِيبَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ قِيلَ هَذَا) أَيْ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي نَجَاسَتِهِ وَطَهَارَتِهِ وَأَشَارَ بِقِيلِ إلَى ضَعْفِهِ إذْ الْمَنْتُوفُ يُفْسِدُ الْمَاءَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْخِنْزِيرِ لِاتِّصَالِ اللَّحْمِ النَّجِسِ بِمَحَلِّ النَّتْفِ مِنْهُ، وَلَوْ قِيلَ إنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَجْزُوزِ، أَمَّا الْمَنْتُوفُ فَغَيْرُ طَاهِرٍ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ (قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَجَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُبِيحُ لَحْمَهُ فَالشَّعْرُ أَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ نَجِسٌ) فِيهِ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُنَافِي حِلَّ الِانْتِفَاعِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا عَلِمْت، لَكِنْ عَلَّلَ الزَّيْلَعِيُّ لِلْكَرَاهَةِ بِأَنَّ الْخَرْزَ يَتَأَتَّى بِغَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ؛ وَحَيْثُ تَأَتَّى بِغَيْرِهِ فَلَا ضَرُورَةَ فَلَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِالنَّجِسِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فَرْدٌ تَحَمَّلَ مَشَقَّةً فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُلْزِمَ الْعُمُومُ حَرَجًا مِثْلَهُ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَأَتِّي الْخَرْزِ بِغَيْرِهِ مِنْ شَخْصٍ حَمَّلَ نَفْسَهُ مَشَقَّةً فِي ذَلِكَ لَا تَزُولُ بِهِ ضَرُورَةَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ مِنْ عَامَّةِ
وَلَعَلَّ هَذَا فِي زَمَانِهِمْ، وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى
(وَجِلْدِ مَيْتَةٍ قَبْلَ الدَّبْغِ) لَوْ بِالْعَرْضِ، وَلَوْ بِالثَّمَنِ فَبَاطِلٌ، وَلَمْ يُفَصِّلْهُ هَهُنَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا سَبَقَ قَالَهُ الْوَانِيُّ فَلْيُحْفَظْ (وَبَعْدَهُ) أَيْ الدَّبْغِ (يُبَاعُ) إلَّا جِلْدَ إنْسَانٍ وَخِنْزِيرٍ وَحَيَّةٍ (وَيُنْتَفَعُ بِهِ) لِطَهَارَتِهِ حِينَئِذٍ (لِغَيْرِ الْأَكْلِ) وَلَوْ جِلْدَ مَأْكُولٍ عَلَى الصَّحِيحِ سِرَاجٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3]- وَهَذَا جُزْؤُهَا.
وَفِي الْمَجْمَعِ: وَنُجِيزُ بَيْعَ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ وَالِانْتِفَاعَ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ بِخِلَافِ الْوَدَكِ (كَمَا يُنْتَفَعُ بِمَا لَا تَحُلُّهُ حَيَاةٌ مِنْهَا) كَعَصَبِهَا وَصُوفِهَا كَمَا مَرَّ فِي الطَّهَارَةِ.
(وَ) فَسَدَ (شِرَاءُ مَا بَاعَ
ــ
[رد المحتار]
النَّاسِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ هَذَا) أَيْ حِلَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِضَرُورَةِ الْخَرْزِ (قَوْلُهُ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْمَخَارِزِ وَالْإِبَرِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مَنْعُ الِانْتِفَاعِ بِهِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ بِأَنْ أَمْكَنَ الْخَرْزُ بِغَيْرِهِ ط.
(قَوْلُهُ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً فَبَاعَ لَحْمَهَا أَوْ جِلْدَهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ إلَّا الْخِنْزِيرَ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَوْ بِالْعَرْضِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ بَيْعَهُ فَاسِدٌ لَوْ بِيعَ بِالْعَرْضِ. وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَوْلَيْنِ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِهِ. قُلْت: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ يَصْلُحُ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ مَالًا فِي الْجُمْلَةِ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ لَا بِحَتْفِ أَنْفِهَا، مَعَ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ عَلَّلَ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِهِ بِأَنَّ نَجَاسَتَهُ مِنْ الرُّطُوبَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَصَارَ حُكْمَ الْمَيْتَةِ. زَادَ فِي الْفَتْحِ: فَيَكُونُ نَجِسَ الْعَيْنِ، بِخِلَافِ الثَّوْبِ أَوْ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ لِعُرُوضِ نَجَاسَتِهِ، وَهَذَا يُفِيدُ بُطْلَانَ بَيْعِهِ مُطْلَقًا، وَلِذَا ذَكَرَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة عَنْ الْبُرْهَانِ أَنَّ الْأَظْهَرَ الْبُطْلَانُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ اعْتِمَادًا عَلَى مَا سَبَقَ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَبَطَلَ بَيْعُ مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ إلَّا جِلْدَ إنْسَانٍ إلَخْ) فَلَا يُبَاعُ وَإِنْ دُبِغَ لِكَرَامَتِهِ، وَفِي الْبَاقِي لِإِهَانَتِهِ وَلِعَدَمِ عَمَلِ الدِّبَاغَةِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ بِالْجِلْدِ بَعْدَ دَبْغِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ جِلْدَ مَأْكُولٍ عَلَى الصَّحِيحِ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ كَجِلْدِ الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ، أَمَّا جِلْدُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ كَالْحِمَارِ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الدَّبْغَ فِيهِ لَيْسَ بِأَقْوَى مِنْ الذَّكَاةِ وَذَكَاتُهُ لَا تُبِيحُهُ فَكَذَا دَبْغُهُ أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ ط (قَوْلُهُ وَنُجِيزُ بَيْعَ الدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ) عِبَارَةُ الْمَجْمَعِ: النَّجِسِ، لَكِنَّ مُرَادَهُ الْمُتَنَجِّسُ: أَيْ مَا عَرَضَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ، وَأَشَارَ بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ الْمُسْنَدِ لِضَمِيرِ الْجَمَاعَةِ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ كَمَا هُوَ اصْطِلَاحُهُ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ) كَالِاسْتِصْبَاحِ وَالدِّبَاغَةِ وَغَيْرِهِمَا ابْنُ مَلَكٍ، وَقَيَّدُوا الِاسْتِصْبَاحَ بِغَيْرِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوَدَكِ) أَيْ دُهْنِ الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا فَلَا يَكُونُ مَالًا ابْنُ مَلَكٍ: أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اتِّفَاقًا، وَكَذَا الِانْتِفَاعُ بِهِ لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ قَالَ: لَا، هُوَ حَرَامٌ» الْحَدِيثَ (قَوْلُهُ كَعَصَبِهَا وَصُوفِهَا) أَدْخَلَتْ الْكَافُ عَظْمَهَا وَشَعْرَهَا وَرِيشَهَا وَمِنْقَارَهَا وَظِلْفَهَا وَحَافِرَهَا فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ طَاهِرَةٌ لَا تَحُلُّهَا الْحَيَاةُ فَلَا يَحُلُّهَا الْمَوْتُ، وَيَجُوزُ بَيْعُ عَظْمِ الْفِيلِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ وَالْمُقَاتَلَةِ مِنَحٌ مُلَخَّصًا ط.
(قَوْلُهُ وَفَسَدَ شِرَاءُ مَا بَاعَ إلَخْ) أَيْ لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ زَيْلَعِيٌّ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا هِدَايَةٌ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَقَبَضَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ مِنْ بَائِعِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَالْمَقْصُودُ بَيَانُ الْفَسَادِ بِالشِّرَاءِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْبَحْرِ
بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ) مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَلَوْ حُكْمًا كَوَارِثِهِ (بِالْأَقَلِّ) مِنْ قَدْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (قَبْلَ نَقْدِ) كُلِّ (الثَّمَنِ) الْأَوَّلِ. صُورَتُهُ: بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ثُمَّ شَرَاهُ بِخَمْسَةٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ رَخُصَ السِّعْرُ لِلرِّبَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَشِرَاءُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ) كَابْنِهِ وَأَبِيهِ (كَشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ) فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا خِلَافًا لَهُمَا فِي غَيْرِ عَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ (وَلَا بُدَّ) لِعَدَمِ الْجَوَازِ (مِنْ اتِّحَادِ جِنْسِ الثَّمَنِ) وَكَوْنِ الْمَبِيعِ بِحَالِهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ) جِنْسُ الثَّمَنِ أَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ (جَازَ مُطْلَقًا)
ــ
[رد المحتار]
وَشَمِلَ شِرَاءَ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ) تَنَازَعَ فِيهِ كُلٌّ مِنْ شِرَاءُ وَبَاعَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَطْلَقَ فِيمَا بَاعَ فَشَمِلَ مَا بَاعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَمَا بَاعَهُ أَصَالَةً أَوْ وَكَالَةً كَمَا شَمِلَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْبَائِعَ اهـ. فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شَيْئًا أَصَالَةً بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَكَالَةً عَنْ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ شِرَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ لَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ وَكِيلِهِ بِإِذْنِهِ كَبَيْعِهِ بِنَفْسِهِ.
وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ أَصِيلٌ فِي حَقِّ الْحُقُوقِ، فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءُ الْبَائِعِ مِنْ وَجْهٍ وَلَا لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَاقِعٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ الْحُقُوقُ فَكَانَ هَذَا شِرَاءَ مَا بَاعَ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ، كَذَا يُفَادُ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ أَيْضًا (قَوْلُهُ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ) مُتَعَلِّقٌ بِشِرَاءُ، وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ سَبَبِ الْمِلْكِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ زَيْلَعِيٌّ، وَلَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بِحُكْمِ مِلْكٍ جَدِيدٍ كَإِقَالَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ فَشِرَاءُ الْبَائِعِ مِنْهُ بِالْأَقَلِّ جَائِزٌ لَا إنْ عَادَ إلَيْهِ بِمَا هُوَ فَسْخٌ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بَحْرٌ عَنْ السِّرَاجِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حُكْمًا) تَعْمِيمٌ لِقَوْلِهِ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ كَوَارِثِهِ) أَيْ وَارِثِ الْمُشْتَرِي: أَيْ فَلَوْ اشْتَرَى مِنْ وَارِثِ مُشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ الْمُوَرِّثُ لَمْ يَجُزْ لِقِيَامِ الْوَارِثِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى وَارِثُ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ بِهِ مُوَرِّثُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ كَانَ مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ وَارِثَ الْبَائِعِ إنَّمَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا يُوَرَّثُ.
وَهَذَا مِمَّا لَا يُوَرَّثُ، وَوَارِثُ الْمُشْتَرِي قَامَ مَقَامَهُ فِي مِلْكِ الْعَيْنِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قَدْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ) وَكَالْقَدْرِ الْوَصْفُ، كَمَا لَوْ بَاعَ بِأَلْفِ سَنَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِهِ إلَى سَنَتَيْنِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ نَقْدِ كُلِّ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ بَعْدَهُ لَا فَسَادَ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ النَّقْدِ، وَإِنْ بَقِيَ دِرْهَمٌ. وَفِي الْقُنْيَةِ: لَوْ قَبَضَ نِصْفَ الثَّمَنِ ثُمَّ اشْتَرَى النِّصْفَ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ بَحْرٌ قُلْت: وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ إدْخَالَ الشَّارِحِ لَفْظَةَ كُلِّ لَا مَحَلَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ أَنَّ قَبْلَ نَقْدِ الْبَعْضِ لَا يَفْسُدُ وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَقْدَ كُلِّ الثَّمَنِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الشِّرَاءِ لَا لِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّهُ يَفْسُدُ قَبْلَ نَقْدِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ. فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ رَخُصَ السِّعْرُ) ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ السِّعْرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ كَمَا فِي حَقِّ الْغَاصِبِ وَغَيْرِهِ فَعَادَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ كَمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَيَظْهَرُ الرِّبْحُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لِلرِّبَا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ: أَيْ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ عَيْنُ مَالِهِ بِالصِّفَةِ الَّتِي خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ وَصَارَ بَعْضُ الثَّمَنِ قِصَاصًا بِبَعْضٍ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهِ فَضْلًا بِلَا عِوَضٍ فَكَانَ ذَلِكَ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ حَرَامٌ بِالنَّصِّ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ كَابْنِهِ وَأَبِيهِ) وَكَعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ هَؤُلَاءِ كَشِرَاءِ الْبَائِعِ بِنَفْسِهِ لِاتِّصَالِ مَنَافِعِ الْمَالِ بَيْنَهُمْ، وَهُوَ نَظِيرُ الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ إذَا عَقَدَ مَعَ هَؤُلَاءِ زَيْلَعِيٌّ: أَيْ نَظِيرُ مَا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْ ابْنِهِ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ شِرَاءُ هَؤُلَاءِ بِالْأَقَلِّ لِأَنْفُسِهِمْ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَوْا بِالْوَكَالَةِ عَنْ الْبَائِعِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ كَانُوا أَجَانِبَ عَنْهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِوَكِيلِهِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ عَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ) فَشِرَاؤُهُمَا مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، وَلَهُ فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ حَقُّ الْمِلْكِ فَكَانَ تَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِهِ (قَوْلُهُ جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يَظْهَرُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ. اهـ مِنَحٌ؛ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ انْتَقَصَ يَكُونُ النُّقْصَانُ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ النُّقْصَانُ