المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قُلْت: وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَانَتْ قِيمَةُ ثَوْبِي - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: قُلْت: وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَانَتْ قِيمَةُ ثَوْبِي

قُلْت: وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ كَانَتْ قِيمَةُ ثَوْبِي مِائَةً وَقَالَ الْغَاصِبُ لَمْ أَدْرِ وَلَكِنَّهَا لَا تَبْلُغُ مِائَةً صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَأُلْزِمَ بِبَيَانِهِ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ يَحْلِفُ عَلَى الزِّيَادَةِ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ وَلَوْ ظَهَرَ خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ قِيمَتِهِ فَلْيُحْفَظْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

مُنَاسَبَتُهُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إمَّا مُنْكِرٌ أَوْ مُقِرٌّ وَهُوَ أَقْرَبُ لِغَلَبَةِ الصِّدْقِ (هُوَ) لُغَةً الْإِثْبَاتُ يُقَالُ: قَرَّ الشَّيْءُ إذَا ثَبَتَ وَشَرْعًا (إخْبَارٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ) لِلْغَيْرِ (مِنْ وَجْهِ، إنْشَاءٌ مِنْ وَجْهٍ)

قُيِّدَ بِعَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِنَفْسِهِ يَكُونُ دَعْوَى لَا إقْرَارًا.

ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الشَّبَهَيْنِ فَقَالَ (فَا) لِوَجْهِ (الْأَوَّلُ) وَهُوَ الْإِخْبَارُ (صَحَّ إقْرَارُهُ بِمَالٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ) وَمَتَى أَقَرَّ بِمِلْكِ الْغَيْرِ (يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ) إلَى الْمُقَرِّ لَهُ (إذَا مَلَكَهُ)

ــ

[رد المحتار]

قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَا تُرَدُّ يَمِينٌ عَلَى مُدَّعٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ) سَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَكَتَبَ الْمُحَشِّي هُنَاكَ عَلَى قَوْلِهِ فَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ فَقَالَ: الظَّاهِرُ أَنَّ فِي النُّسْخَةِ خَلَلًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ فَمَا تِلْكَ الزِّيَادَةُ الَّتِي يَحْلِفُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى نَفْيِهَا، وَفِي ظَنِّي أَنَّ أَصْلَ النُّسْخَةِ: فَإِنْ بَيَّنَ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مِمَّا بَيَّنَهُ، وَأَقَلُّ مِمَّا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ هَذَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَارِبَ الْبَيَانَ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ قِيمَةَ فَرَسٍ بِدِرْهَمٍ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ اهـ. وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ هُنَاكَ وَلَوْ حَلَفَ الْمَالِكُ أَيْضًا عَلَى الزِّيَادَةِ أَخَذَهَا لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُهُ فَلْيُرَاجَعْ اهـ (قَوْلُهُ يَحْلِفُ عَلَى الزِّيَادَةِ) أَيْ الَّتِي يَدَّعِيهَا الْمَالِكُ (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ أَيْ أَخْذِ قِيمَتِهِ.

[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

ِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَقْرَبُ) أَيْ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ: إخْبَارٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ) لَعَلَّهُ يَنْتَقِضُ بِالْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ بِالْإِبْرَاءِ وَإِسْقَاطُ الدَّيْنِ وَنَحْوُهُ كَإِسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ سَعْدِيَّةٌ وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ إخْبَارٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ، وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُطَالَبَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْشَاءً مِنْ وَجْهٍ) هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ: إنْشَاءً وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي، لَكِنَّ الْمَذْكُورَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الأسروشنية.

قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ: لَا وَاسْتَدَلَّ بِمَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: الْمَرِيضُ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ إذَا أَقَرَّ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ يَصِحُّ بِلَا إجَازَةِ الْوَارِثِ، وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَا يَنْفُذُ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ. وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ إذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا يَكُونُ تَبَرُّعًا مِنْهُ فَلَا يَصِحُّ وَذَكَرَ الْجُرْجَانِيُّ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ، وَاسْتَدَلَّ بِمَسَائِلَ مِنْهَا إنْ أَقَرَّ فِي الْمَرَضِ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ لَمْ يَصِحَّ اهـ مُلَخَّصًا فَظَهَرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْبَحْرِ جَمْعٌ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ ثُبُوتُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الْفَرِيقَانِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِنَفْسِهِ) أَيْ عَلَى الْغَيْرِ وَلَوْ لِلْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ فَهُوَ شَهَادَةٌ (قَوْلُهُ لَا إقْرَارًا) وَلَا يَنْتَقِضُ بِإِقْرَارِ الْوَكِيلِ وَالْوَلِيِّ وَنَحْوِهِمَا لِنِيَابَتِهِمْ مَنَابَ الْمُنَوِّبَاتِ شَرْعًا شَرْحُ مُلْتَقًى (قَوْلُهُ صَحَّ إقْرَارُهُ بِمَالٍ إلَخْ) وَيُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى الْبَيَانِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقِيمَةٍ مَجْهُولَةٍ وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ يَحْلِفُ عَلَى مَا يَدَّعِي الْمَالِكُ مِنْ الزِّيَادَةِ، فَإِنْ حَلَفَ وَلَمْ يُثْبِتْ مَا ادَّعَاهُ الْمَالِكُ يَحْلِفُ أَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ، وَيَأْخُذُ مِنْ الْغَاصِبِ مِائَةً، فَإِذَا أَخَذَ ثُمَّ ظَهَرَ الثَّوْبُ خُيِّرَ الْغَاصِبُ بَيْنَ أَخْذِهِ أَوْ رَدِّهِ، وَأَخْذِ الْقِيمَةِ.

ص: 588

بُرْهَةً مِنْ الزَّمَانِ لِنَفَاذِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَمَا صَحَّ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمِلْكِ وَفِي الْأَشْبَاهِ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ثُمَّ شَرَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ أَوْ بِوَقْفِيَّةِ دَارٍ ثُمَّ شَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا صَارَتْ وَقْفًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِزَعْمِهِ (وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ مُكْرَهًا) وَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَصَحَّ لِعَدَمِ التَّخَلُّفِ (وَصَحَّ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ، وَالْمُسْلِمِ بِخَمْرٍ وَبِنِصْفِ دَارِهِ مُشَاعًا وَالْمَرْأَةِ بِالزَّوْجِيَّةِ مِنْ شُهُودٍ) وَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَمَا صَحَّ (وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ) بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ (بِشَيْءٍ) مُعَيَّنٍ (بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ) لَهُ بِذَلِكَ بِهِ يُفْتَى لِأَنَّهُ إخْبَارٌ يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ كَاذِبًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ. نَعَمْ لَوْ سَلَّمَهُ بِرِضَاهُ كَانَ ابْتِدَاءَ هِبَةٍ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ بَزَّازِيَّةٌ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) فِي دَعْوَاهُ (هُوَ مِلْكِي) وَأَقَرَّ لِي بِهِ أَوْ يَقُولَ لِي عَلَيْهِ كَذَا وَهَكَذَا أَقَرَّ بِهِ فَتَسْمَعَ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ. ثُمَّ لَوْ أَنْكَرَ الْإِقْرَارَ هَلْ يَحْلِفُ؟ الْفَتْوَى أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى الْإِقْرَارِ، بَلْ عَلَى الْمَالِ وَأُمَّا دَعْوَى الْإِقْرَارِ فِي الدَّفْعِ فَتُسْمَعُ عِنْدَ الْعَامَّةِ (وَ) الْوَجْهُ (الثَّانِي) وَهُوَ الْإِنْشَاءُ (لَوْ رَدَّ) الْمُقَرُّ لَهُ (إقْرَارَهُ

ــ

[رد المحتار]

وَحُكِيَ عَنْ الْحَاكِمِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْعَيْنِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَحْلِيفِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَأَخْذِ الْمِائَةِ بِقِيمَتِهَا مِنْ الْغَاصِبِ هَذَا بِالْإِنْكَارِ يَصِحُّ، وَكَانَ يَقُولُ: الصَّحِيحُ فِي الْجَوَابِ أَنْ يُجْبَرَ الْغَاصِبُ عَلَى الْبَيَانِ، فَإِنْ أَبَى يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي أَكَانَ قِيمَتُهُ مِائَةً فَإِنْ قَالَ لَا يَقُولُ: أَكَانَ خَمْسِينَ فَإِنْ قَالَ لَا يَقُولُ لَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَا لَا تَنْقُصُ عَنْهُ قِيمَتُهُ عُرْفًا وَعَادَةً فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ إقْرَارِ التَّتَارْخَانِيَّة

(قَوْلُهُ بُرْهَةً) أَيْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ) لِاقْتِصَارِ إقْرَارِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ مُكْرَهًا) لِقِيَامِ دَلِيلِ الْكَذِبِ وَهُوَ الْإِكْرَاهُ، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ، فَيَجُوزُ تَخَلُّفُ مَدْلُولِهِ الْوَضْعِيِّ عَنْهُ مِنَحٌ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّخَلُّفِ) أَيْ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَخَلُّفِ الْمَدْلُولِ الْوَضْعِيِّ لِلْإِنْشَاءِ عَنْهُ كَذَا فِي الْهَامِشِ أَيْ فَإِنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يَتَخَلَّفُ مَدْلُولُهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْلِمُ بِخَمْرٍ) حَتَّى يُؤْمَرَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا مُبْتَدَئًا لَمَا صَحَّ، وَفِي الدُّرَرِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخَمْرَ قَائِمَةٌ لَا مُسْتَهْلَكَةٌ؛ إذْ لَا يَجِبُ بَدَلُهَا لِلْمُسْلِمِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَبِنِصْفِ دَارِهِ) أَيْ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا سَبَبٌ لِلُزُومِ الْمُقَرِّ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ. وَقَدْ عَلَّلَ وُجُوبَ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ بِالْإِقْرَارِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ أُطَالِبُهُ بِمَا لَا سَبَبَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ أَوْ لُزُومِهِ بِإِقْرَارِهِ وَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ مِنَحٌ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الدَّعْوَى بِالشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ، بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ لَا بِالْإِقْرَارِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ فَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ لَا مَحَلَّ لَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمْ يَحِلَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَوْ أَنْكَرَ إلَخْ) وَفِي دَعْوَى الدَّيْنِ لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ اسْتِيفَاءَهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ فِي طُرُقِ الِاسْتِحْقَاقِ؛ إذْ الدَّيْنُ يُقْضَى بِمِثْلِهِ فَفِي الْحَاصِلِ هَذَا دَعْوَى الدَّيْنِ لِنَفْسِهِ فَكَانَ دَعْوَى الْإِقْرَارِ فِي طُرُقِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا تُسْمَعُ ط جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَفَتَاوَى قُدُورِيٍّ كَذَا فِي الْهَامِشِ وَالطَّاءُ لِلْمُحِيطِ، وَالذَّالُ لِلذَّخِيرَةِ وَمِثْلُ مَا هُوَ الْمَسْطُورُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَزَادَ فِيهَا وَقِيلَ يُسْمَعُ لِأَنَّهُ فِي الْحَاصِلِ يَدْفَعُ أَدَاءَ الدَّيْنِ عَنْ نَفْسِهِ، فَكَانَ فِي طَرَفٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ.

وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بَرْهَنَ الْمَطْلُوبُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي، بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمُدَّعَى أَوْ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ لَهُ أَوْ مَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ تَنْدَفِعُ الدَّعْوَى إنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لِإِنْسَانٍ مَعْرُوفٍ وَكَذَا لَوْ ادَّعَاهُ بِالْإِرْثِ، فَبَرْهَنَ الْمَطْلُوبُ عَلَى إقْرَارِ الْمُوَرِّثِ كَمَا ذَكَرْنَا وَتَمَامُهُ فِيهَا كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا دَعْوَى الْإِقْرَارِ) أَيْ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مِلْكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَمَّا دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالِاسْتِيفَاءِ فَقِيلَ: لَا تُسْمَعُ قَالَ فِي الْهَامِشِ: وَاخْتَلَفُوا أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ فِي طُرُقِ الدَّفْعِ، حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ تُقْبَلُ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُقْبَلُ

ص: 589

ثُمَّ قَبِلَ لَا يَصِحُّ) وَلَوْ كَانَ إخْبَارًا لَصَحَّ. وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبُولِ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلَوْ أَعَادَ الْمُقِرُّ إقْرَارَهُ فَصَدَّقَهُ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ آخَرُ ثُمَّ لَوْ أَنْكَرَ إقْرَارَهُ الثَّانِيَ لَا يَحْلِفُ وَلَا تُقْبَلُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ قَالَ الْبَدِيعُ: وَالْأَشْبَهُ قَبُولُهَا وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَأَقَرَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ (وَالْمِلْكُ الثَّابِتُ بِهِ) بِالْإِقْرَارِ (لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الزَّوَائِدِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فَلَا يَمْلِكُهَا الْمُقَرُّ لَهُ) وَلَوْ إخْبَارًا لَمَلَكَهَا

(أَقَرَّ حُرٌّ مُكَلَّفٌ) يَقْظَانَ طَائِعًا (أَوْ عَبْدٌ) أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَعْتُوهٌ (مَأْذُونٌ) لَهُمْ إنْ أَقَرُّوا بِتِجَارَةٍ كَإِقْرَارِ مَحْجُورٍ بِحَدٍّ وَقَوَدٍ وَإِلَّا فَبَعْدَ عِتْقِهِ، وَنَائِمٌ وَمُغْمًى عَلَيْهِ كَمَجْنُونٍ وَسَيَجِيءُ السَّكْرَانُ وَمَرَّ الْمُكْرَهُ (بِحَقٍّ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ) صَحَّ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَضُرُّ إلَّا إذَا بَيَّنَ سَبَبًا تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ. وَأَمَّا جَهَالَةُ الْمُقِرِّ فَتَضُرُّ كَقَوْلِهِ لَكَ عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لِجَهَالَةِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ إلَّا إذَا جَمَعَ -

ــ

[رد المحتار]

وَعَامَّتُهُمْ هَا هُنَا عَلَى أَنَّهَا تُقْبَلُ دُرَرٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَصِحُّ) مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِثْلُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ لَهُمَا مِثْلُ الشِّرَاءِ وَالنِّكَاحِ فَلَا وَهُوَ إطْلَاقٌ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ، وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ مُصِرًّا عَلَى إقْرَارِهِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ مُصِرٌّ حَمَوِيٌّ. وَبِخَطِّ السَّائِحَانِيِّ عَنْ الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ لِآخَرَ: كُنْتُ بِعْتُكَ الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ أَشْتَرِهِ مِنْك فَسَكَتَ الْبَائِعُ، حَتَّى قَالَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ بَلَى اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ بِأَلْفٍ، فَهُوَ الْجَائِزُ وَكَذَا النِّكَاحُ وَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ لَهُمَا جَمِيعًا فِيهِ حَقٌّ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ الْحَقُّ لِوَاحِدٍ مِثْلُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لَا يَنْفَعُهُ إقْرَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْتَدُّ) لِأَنَّهُ صَارَ مِلْكَهُ، وَنَفْيُ الْمَالِكِ مِلْكَهُ عَنْ نَفْسِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُنَازِعِ لَا يَصِحُّ.

نَعَمْ لَوْ تَصَادَقَا عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ صَحَّ لِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ طَلَبَ رِبْحَ مَالٍ ادَّعَاهُ عَلَى آخَرَ فَصَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَوْفَاهُ ثُمَّ ظَهَرَ عَدَمُهُ بِتَصَادُقِهِمَا فَانْظُرْ كَيْفَ التَّصَادُقُ اللَّاحِقُ نَقَضَ السَّابِقَ، مَعَ أَنَّ رِبْحَهُ طَيِّبٌ حَلَالٌ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ قَالَ الْبَدِيعُ) هُوَ شَيْخُ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ: الزَّوَائِدُ الْمُسْتَهْلَكَةُ) يُفِيدُ بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي الزَّوَائِدِ الْغَيْرِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ رَجُلٌ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ وَوَلَدُهَا أَقَرَّ أَنَّ الْجَارِيَةَ لِفُلَانٍ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْوَلَدُ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى جَارِيَةٍ أَنَّهَا لَهُ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادَهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ: هَذَا الْعَبْدُ ابْنُ أَمَتِكَ وَهَذَا الْجَدْيُ مِنْ شَاتِك لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْعَبْدِ وَكَذَا بِالْجَدْيِ فَلْيُحَرَّرْ حَمَوِيٌّ س وَقُيِّدَ بِالْمُسْتَهْلِكَةِ فِي الأسروشنية وَنَقَلَهُ عَنْهَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْلِكُهَا) شَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ بِاسْتِيلَادِهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَلَوْ أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ لَا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ بِالْبَيِّنَةِ يَسْتَحِقُّهَا مِنْ الْأَصْلِ وَلِذَا قُلْنَا إنَّ الْبَاعَةَ يَتَرَاجَعُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ حَيْثُ يَتَرَاجَعُونَ ف ثُمَّ الْحُكْمُ بِأَمَةٍ حُكْمٌ بِوَلَدِهَا، وَكَذَا الْحَيَوَانُ؛ إذْ الْحُكْمُ حُجَّةٌ كَامِلَةٌ، بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْوَلَدَ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ نَاقِصَةٌ وَهَذَا لَوْ الْوَلَدُ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَوْ فِي مِلْكٍ آخَرَ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ نُورُ الْعَيْنِ فِي آخِرِ السَّابِقِ فَفِيهِ مُخَالَفَةُ الْمَفْهُومِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ

(قَوْلُهُ أَقَرَّ حُرٌّ مُكَلَّفٌ) اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَهُ التَّكْلِيفُ وَالطَّوْعُ مُطْلَقًا وَالْحُرِّيَّةُ لِلتَّنْفِيذِ لِلْحَالِ لَا مُطْلَقًا. فَصَحَّ إقْرَارُ الْعَبْدِ لِلْحَالِ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، وَيُؤَخَّرُ مَا فِيهِ تُهْمَةٌ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالْمَأْذُونُ بِمَا كَانَ مِنْ التِّجَارَةِ لِلْحَالِ وَتَأَخَّرَ بِمَا لَيْسَ مِنْهَا إلَى الْعِتْقِ كَإِقْرَارِهِ بِجِنَايَةٍ وَمَهْرِ مَوْطُوءَةٍ بِلَا إذْنٍ، وَالصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ كَالْعَبْدِ فِيمَا كَانَ مِنْ التِّجَارَةِ لَا فِيمَا لَيْسَ مِنْهَا كَالْكَفَالَةِ، وَإِقْرَارُ السَّكْرَانِ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ صَحِيحٌ إلَّا فِي حَدِّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ مِمَّا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ، وَإِنْ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ لَا مِنَحٌ وَانْظُرْ الْعَزْمِيَّةَ (قَوْلُهُ إنْ أَقَرُّوا بِتِجَارَةٍ) جَوَابُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي صَحَّ أَيْ صَحَّ لِلْحَالِ زَادَ الشُّمُنِّيُّ أَوْ مَا كَانَ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ كَالدَّيْنِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْغَصْبِ دُونَ مَا لَيْسَ مِنْهَا كَالْمَهْرِ وَالْجِنَايَةِ وَالْكَفَالَةِ لِدُخُولِ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ تَحْتَ الْإِذْنِ دُونَ غَيْرِهِ اهـ فَتَّالٌ (قَوْلُهُ وَقَوَدٍ) أَيْ مِمَّا لَا تُهْمَةَ فِيهِ فَيَصِحُّ لِلْحَالِ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِمَّا فِيهِ تُهْمَةٌ (قَوْلُهُ تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ) لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ كَذَا بِشَيْءٍ أَوْ آجَرَ فُلَانًا شَيْئًا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يُجْبَرُ الْمُقِرُّ عَلَى تَسْلِيمِ شَيْءٍ دُرَرٌ

ص: 590

بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ فَيَصِحُّ وَكَذَا تَضُرُّ جَهَالَةُ الْمُقَرِّ لَهُ إنْ فَحُشَتْ كَلِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ عَلَيَّ كَذَا وَإِلَّا لَا كَلِأَحَدِ هَذَيْنِ عَلَيَّ كَذَا فَيَصِحُّ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ لِجَهَالَةِ الْمُدَّعِي بَحْرٌ وَنَقَلَهُ فِي الدُّرَرِ لَكِنْ بِاخْتِصَارِ مَحَلٍّ كَمَا بَيَّنَهُ عَزْمِي زَادَهُ (وَلَزِمَهُ بَيَانُ مَا جُهِلَ) كَشَيْءٍ وَحَقٍّ (بِذِي قِيمَةٍ) كَفَلْسٍ وَجَوْزَةٍ لَا بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ وَصَبِيٍّ حُرٍّ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ فَلَا يَصِحُّ

(وَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ حَلِفِهِ) لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ (إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ) وَلَا بَيِّنَةَ (وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ فِي عَلَيَّ مَالٌ وَمِنْ النِّصَابِ) أَيْ نِصَابِ الزَّكَاةِ فِي الْأَصَحِّ اخْتِيَارٌ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُقِرُّ فَقِيرًا فَنِصَابُ السَّرِقَةِ وَصُحِّحَ

ــ

[رد المحتار]

كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ بَيْنَ نَفْسِهِ وَعَبْدِهِ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ هَذَا فِي حُكْمِ الْمَعْلُومِ لِأَنَّ مَا عَلَى عَبْدِهِ يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي الْمَعْنَى لَكِنْ إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ أَمَّا مَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِيهِ فَإِذَا جَمَعَهُ مَعَ نَفْسِهِ كَانَ كَقَوْلِهِ لَك عَلَيَّ أَوْ عَلَى زَيْدٍ فَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يَصِحُّ، ذَكَرَهُ الْحَمَوِيُّ عَلَى الْأَشْبَاهِ فَتَّالٌ (قَوْلُهُ: عَلَيَّ كَذَا) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ) زَادَ الزَّيْلَعِيُّ وَيُؤْمَرُ بِالتَّذَكُّرِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ نَسِيَ صَاحِبَ الْحَقِّ، وَزَادَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا ادَّعَى، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يَسْتَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ، بَعْضُهُمْ قَالُوا: نَعَمْ. وَيَبْدَأُ الْقَاضِي بِيَمِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ يُقْرِعُ: وَإِذَا حَلَفَ لِكُلٍّ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْآخَرِ فَقَطْ، وَإِنْ نَكَلَ لَهُمَا يُقْضَى بِهِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، سَوَاءٌ نَكَلَ لَهُمَا جُمْلَةً بِأَنْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ بِأَنْ حَلَّفَهُ لِكُلٍّ عَلَى حِدَةٍ، وَإِنْ حَلَفَ فَقَدْ بَرِئَ عَنْ دَعْوَةِ كُلٍّ فَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَصْطَلِحَا وَأَخَذَ الْعَبْدَ مِنْهُ لَهُمَا ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَمَا قَبْلَ الْحَلِفِ ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ: لَا يَجُوزُ اصْطِلَاحُهُمَا بَعْدَ الْحَلِفِ قَالُوا: وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ.

[فَرْعٌ]

لَمْ يَذْكُرْ الْإِقْرَارَ الْعَامَّ وَذَكَرَهُ فِي الْمِنَحِ وَصَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْعَامِّ كَمَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مَتَاعٍ أَوْ جَمِيعِ مَا يُعْرَفُ بِي أَوْ جَمِيعِ مَا يُنْسَبُ إلَيَّ لِفُلَانٍ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي عَيْنٍ أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْإِقْرَارِ أَوْ لَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقَرُّ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي يَدِهِ وَقْتَهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَكِنَّهُ يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَاسْتَشْكَلَ الْمُصَنِّفُ بِنَاءً عَلَى هَذَا قَوْلَ الْعِمَادِيِّ وَقَاضِي خَانْ: الْإِقْرَارُ لِلْغَائِبِ يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّصْدِيقِ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ. وَبَحَثَ فِي الْجَوَابِ الرَّمْلِيُّ.

ثُمَّ أَجَابَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ اللُّزُومَ غَيْرُ الصِّحَّةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَوَقُّفِ الْعَمَلِ مَعَ صِحَّتِهِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَالْمُتَوَقِّفُ لُزُومُهُ لَا صِحَّتُهُ فَالْإِقْرَارُ لِلْغَائِبِ لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى صَحَّ إقْرَارُهُ لِغَيْرِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ جَانِبِ الْمُقَرِّ لَهُ حَتَّى صَحَّ رَدُّهُ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ لِلْحَاضِرِ فَيَلْزَمُ مِنْ جَانِبِ الْمُقِرِّ حَتَّى لَا يَصِحَّ إقْرَارُهُ لِغَيْرِهِ بِهِ قَبْلَ رَدِّهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَانِبِ الْمُقَرِّ لَهُ فَيَصِحُّ رَدُّهُ وَأَمَّا الصِّحَّةُ فَلَا شُبْهَةَ فِيهَا فِي الْجَانِبَيْنِ بِدُونِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ عَزْمِي زَادَهُ) وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ مِنْ الْجَبْرِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا جَهِلَ الْمُقَرَّ بِهِ لَا الْمُقَرَّ لَهُ لِقَوْلِ الْكَافِي لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لِلْمَجْهُولِ وَهُوَ لَا يُفِيدُ وَفَائِدَةُ الْجَبْرِ عَلَى الْبَيَانِ إنَّمَا تَكُونُ لِصَاحِبِ الْحَقِّ، وَهُوَ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ: كَشَيْءٍ وَحَقٍّ) وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ حَقَّ الْإِسْلَامِ لَا يَصِحُّ إنْ قَالَهُ مَفْصُولًا، وَإِنْ مَوْصُولًا يَصِحُّ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَكِفَايَةٌ

(قَوْلُهُ فِي عَلَيَّ مَالٌ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ وَمِنْ النِّصَابِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ دِرْهَمٍ وَكَذَا الْمَعْطُوفَاتُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إنَّ الْمُقِرَّ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَوْلَهُ يُبْنَى عَلَى حَالِ الْمُقِرِّ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، فَإِنَّ الْقَلِيلَ عِنْدَ الْفَقِيرِ عَظِيمٌ، وَأَضْعَافُ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَنِيِّ لَيْسَ بِعَظِيمٍ، وَهُوَ فِي الشَّرْحِ مُتَعَارِضٌ فَإِنَّ الْمِائَتَيْنِ فِي الزَّكَاةِ عَظِيمٌ، وَفِي السَّرِقَةِ وَالْمَهْرِ الْعَشَرَةُ عَظِيمَةٌ فَيَرْجِعُ إلَى حَالِهِ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَحَوَاشِي الْهِدَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَذَكَرَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ. وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا رُوِيَ

ص: 591

(فِي: مَالٌ عَظِيمٌ) لَوْ بَيَّنَهُ (مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ) لِأَنَّهَا أَدْنَى نِصَابٍ يُؤْخَذُ مِنْ جِنْسِهِ (وَمِنْ قَدْرِ النِّصَابِ قِيمَةً فِي غَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ مِنْ ثَلَاثَةِ نُصُبٍ فِي أَمْوَالٍ عِظَامٍ) وَلَوْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ اُعْتُبِرَ قِيمَتُهَا كَمَا مَرَّ (وَفِي دَرَاهِمَ ثَلَاثَةٍ وَ) فِي (دَرَاهِمَ) أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ ثِيَابٍ (كَثِيرَةٍ عَشَرَةٌ) لِأَنَّهَا نِهَايَةُ اسْمِ الْجَمْعِ (وَكَذَا دِرْهَمًا دِرْهَمٌ) عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ خَفَضَهُ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَفِي دُرَيْهِمٍ أَوْ دِرْهَمٍ عَظِيمُ دِرْهَمٍ وَالْمُعْتَبَرُ الْوَزْنُ الْمُعْتَادُ إلَّا بِحُجَّةٍ زَيْلَعِيٌّ (وَكَذَا كَذَا) دِرْهَمًا (أَحَدَ عَشَرَ وَكَذَا وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) لِأَنَّ نَظِيرَهُ بِالْوَاوِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ (وَلَوْ ثَلَّثَ بِلَا وَاوٍ فَأَحَدَ عَشَرَ) إذْ لَا نَظِيرَ لَهُ فَحُمِلَ عَلَى التَّكْرَارِ (وَمَعَهَا فَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَإِنْ رَبَّعَ) مَعَ الْوَاوِ (زِيدَ أَلْفٌ) وَلَوْ خَمَّسَ زِيدَ عَشَرَةُ آلَافٍ وَلَوْ سَدَّسَ زِيدَ مِائَةُ أَلْفٍ وَلَوْ سَبَّعَ زِيدَ أَلْفُ أَلْفٍ وَهَكَذَا يُعْتَبَرُ نَظِيرُهُ أَبَدًا

(وَلَوْ) قَالَ لَهُ (عَلَيَّ أَوْ) لَهُ (قِبَلِي) فَهُوَ (إقْرَارٌ بِدَيْنٍ) لِأَنَّ عَلَيَّ لِلْإِيجَابِ وَقِبَلِي لِلضَّمَانِ غَالِبًا (وَصُدِّقَ إنْ وَصَلَ بِهِ هُوَ وَدِيعَةً) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ مَجَازًا (وَإِنْ فَصَلَ لَا) يُصَدَّقُ لِتَقَرُّرِهِ بِالسُّكُوتِ

ــ

[رد المحتار]

عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ حَالُ الْمُقِرِّ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ اهـ (قَوْلُهُ: فِي مَالٌ عَظِيمٌ) بِرَفْعِ: " مَالٌ وَعَظِيمٌ "(قَوْلُهُ لَوْ بَيَّنَهُ) بِأَنْ قَالَ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ قَالَ مِنْ الْفِضَّةِ (قَوْلُهُ وَمِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ) أَيْ وَلَا يَصْدُقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ لَوْ قَالَ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ وَمِنْ قَدْرِ النِّصَابِ قِيمَةً) بِنَصْبِ " قِيمَةً "(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَلَاثَةِ نُصُبٍ) مِنْ أَيِّ جِنْسٍ سَمَّاهُ تَحْقِيقًا لِأَدْنَى الْجَمْعِ حَتَّى لَوْ قَالَ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَكَذَا فِي كُلِّ جِنْسٍ يُرِيدُهُ حَتَّى لَوْ قَالَ مِنْ الْإِبِلِ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ كِفَايَةً (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ قِيمَتُهَا) وَيُعْتَبَرُ الْأَدْنَى فِي ذَلِكَ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ زَيْلَعِيٌّ أَيْ أَدْنَى النُّصُبِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ أَبُو السُّعُودِ

(قَوْلُهُ اسْمُ الْجَمْعِ) يَعْنِي يُقَالُ: عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ يُقَالُ أَحَدَ عَشَرَ فَيَكُونُ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ س (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا يَجِبُ دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) لِأَنَّ مَا فِي الْمُتُونُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفَتَاوَى شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. وَفِي التَّتِمَّةِ وَالذَّخِيرَةِ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْعَدَدِ، وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ؛ إذْ الْوَاحِدُ لَا يُعَدُّ، حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ شَيْءٌ، وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ قِيلَ: يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ غَيْرِ مُرَكَّبٍ يُذْكَرُ بَعْدَهُ الدِّرْهَمُ بِالنَّصْبِ عِشْرُونَ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا كَذَا دِرْهَمًا) أَيْ بِالنَّصْبِ وَبِالْخَفْضِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَفِي كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَكَذَا كَذَا دِينَارًا عَلَيْهِ مِنْ كُلٍّ أَحَدَ عَشَرَ، وَفِي كَذَا كَذَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا، وَيُقْسَمُ سِتَّةٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَمْسَةٌ مِنْ الدَّنَانِيرِ احْتِيَاطًا، وَلَا يُعْكَسُ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ أَقَلُّ مَالِيَّةً وَالْقِيَاسُ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ مِنْ كُلٍّ لَكِنْ لَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَسْرِ غَايَةُ الْبَيَانِ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ ثَلَّثَ) بِأَنْ قَالَ كَذَا كَذَا كَذَا دِرْهَمًا (قَوْلُهُ: إذْ لَا نَظِيرَ لَهُ) وَمَا قِيلَ نَظِيرُهُ مِائَةُ أَلْفِ أَلْفٍ فَسَهْوٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي نَصْبِ الدِّرْهَمِ وَتَمْيِيزُ هَذَا الْعَدَدِ مَجْرُورٌ، وَلْيُنْظَرْ هَلْ إذَا جَرَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَوْ خَمَّسَ زَيْدَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يُضَمُّ الْأَلْفُ إلَى عَشَرَةِ آلَافٍ (قَوْلُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ) هَذَا حَكَاهُ الْعَيْنِيُّ بِلَفْظِ: يَنْبَغِي، لَكِنَّهُ غَلَطٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْعَشَرَةَ آلَافٍ تَتَرَكَّبُ مَعَ الْأَلْفِ بِلَا وَاوٍ فَيُقَالُ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا فَتُهْدَرُ الْوَاوُ الَّتِي تُعْتَبَرُ مَعَهُ مَا أَمْكَنَ، وَهُنَا مُمْكِنٌ فَيُقَالُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا نَعَمْ قَوْلُهُ: وَلَوْ سَدَّسَ إلَخْ مُسْتَقِيمٌ سَائِحَانِيٌّ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَكَذَا لَوْ سَبَّعَ زِيدَ قَبْلَهُ أَلْفٌ وَمَا ذَكَرَهُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ زِيدَ عَشَرَةُ آلَافٍ) فِيهِ أَنَّهُ يُضَمُّ الْأَلْفُ إلَى الْعَشَرَةِ آلَافٍ، فَيُقَالُ: أَحَدَ عَشَرَ وَالْقِيَاسُ لُزُومُ مِائَةِ أَلْفٍ وَعَشَرَةِ آلَافٍ إلَخْ اهـ لِأَنَّ " أَحَدٌ وَعِشْرُونَ " أَلْفًا أَقَلُّ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ، وَقَدْ أَمْكَنَ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ فَلَا يَجِبُ الْأَكْثَرُ وَيَلْزَمُ أَيْضًا اخْتِلَالُ الْمَسَائِلِ الَّتِي بَعْدَهُ كُلِّهَا فَيُقَالُ لَوْ خَمَّسَ زِيدَ مِائَةُ أَلْفٍ وَلَوْ سَدَّسَ زِيدَ أَلْفُ أَلْفٍ وَهَكَذَا بِخِلَافِهِ عَلَى مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: زِيدَ مِائَةُ أَلْفٍ) فَيُقَالُ مِائَةُ أَلْفٍ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ

(قَوْلُهُ أَوْ قِبَلِي) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقِبَلِي

ص: 592

(عِنْدِي أَوْ مَعِي أَوْ فِي بَيْتِي أَوْ) فِي (كِيسِي أَوْ) فِي (صُنْدُوقِي) إقْرَارًا بِالْأَمَانَةِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ (جَمِيعُ مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُهُ لَهُ) أَوْ لَهُ مِنْ مَالِي أَوْ مِنْ دَرَاهِمِي كَذَا فَهُوَ (هِبَةٌ لَا إقْرَارٌ) وَلَوْ عَبَّرَ بِفِي مَالِي أَوْ بِفِي دَرَاهِمِي كَانَ إقْرَارًا بِالشَّرِكَةِ (فَلَا بُدَّ) لِصِحَّةِ الْهِبَةِ (مِنْ التَّسْلِيمِ) بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ. وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ كَانَ هِبَةً وَلَا يَرِدُ مَا فِي بَيْتِي لِأَنَّهَا إضَافَةُ نِسْبَةٍ لَا مِلْكٍ، وَلَا الْأَرْضُ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِطِفْلِي فُلَانٍ فَإِنَّهُ هِبَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، فَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ -

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: عِنْدِي أَوْ مَعِي) كَأَنَّهُ فِي عُرْفِهِمْ كَذَلِكَ أَمَّا الْعُرْفُ الْيَوْمَ فِي عِنْدِي وَمَعِي لِلدَّيْنِ لَكِنْ ذَكَرُوا عِلَّةً أُخْرَى تُفِيدُ عَدَمَ اعْتِبَارِ عُرْفِنَا. قَالَ السَّائِحَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمَقْدِسِيَّ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ مَحَلُّ الْعَيْنِ لَا الدَّيْنِ؛ إذْ مَحَلُّهُ الذِّمَّةُ، وَالْعَيْنُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً وَأَمَانَةً وَالْأَمَانَةُ أَدْنَى، فَحُمِلَ عَلَيْهَا وَالْعُرْفُ يَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ: لَوْ قَالَ عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِيعَةُ دَيْنٍ أَوْ دَيْنُ وَدِيعَةٍ لَا تَثْبُتُ الْأَمَانَةُ مَعَ أَنَّهَا أَقَلُّهُمَا، أُجِيبَ: بِأَنَّ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ إذَا كَانَ لِلْأَمَانَةِ، وَالْآخَرُ لِلدَّيْنِ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فِي الْإِقْرَارِ يَتَرَجَّحُ الدَّيْنُ اهـ أَيْ بِخِلَافِ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ الْمُحْتَمِلِ لِمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ بِالشَّرِكَةِ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ ثُمَّ إنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا فَوَدِيعَةٌ وَإِلَّا فَشَرِكَةٌ سَائِحَانِيٌّ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ أَوْ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ) فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ إقْرَارًا لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: مَتَى أَضَافَ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَأْتِ بِلَفْظِ فِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: الْمُقَرَّ بِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ كَانَ هِبَةً) لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْإِضَافَةِ تُنَافِي حَمْلَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ، فَيُجْعَلُ إنْشَاءً فَيَكُونُ هِبَةً فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ مِنَحٌ إذَا قَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ، وَأَوْصَيْت أَنَّ لِفُلَانِ فِي مَالِي أَلْفًا فَالْأُولَى وَصِيَّةٌ، وَالْأُخْرَى إقْرَارٌ.

وَفِي الْأَصْلِ: إذَا قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ سُدُسُ دَارِي لِفُلَانٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ سُدُسٌ فِي دَارِي فَإِقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ جَعَلَ لَهُ سُدُسَ دَارٍ جَمِيعًا مُضَافٌ إلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّمْلِيكِ، وَفِي الثَّانِي: جَعَلَ دَارَ نَفْسِهِ ظَرْفًا لِلسُّدُسِ الَّذِي كَانَ لِفُلَانٍ وَإِنَّمَا تَكُونُ دَارُهُ ظَرْفًا لِذَلِكَ السُّدُسِ إذَا كَانَ السُّدُسُ مَمْلُوكًا لِفُلَانٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ إقْرَارًا. أَمَّا لَوْ كَانَ إنْشَاءً لَا يَكُونُ ظَرْفًا لِأَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا لَهُ، فَلَا يَكُونُ الْبَعْضُ ظَرْفًا لِلْبَعْضِ، وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي فَهُوَ وَصِيَّةٌ اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ قَالَ: فِي مَالِي فَهُوَ إقْرَارٌ اهـ. مِنْ النِّهَايَةِ أَوَّلَ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَهُوَ هِبَةٌ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمِنَحِ وَسَيَأْتِي فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْهِبَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ أَنَّهُ إقْرَارٌ وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ وَأَوْضَحْنَاهُ ثَمَّةَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) أَيْ عَلَى مَنْطُوقِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَلَا الْأَرْضُ: أَيْ لَا يَرِدُ عَلَى مَفْهُومِهِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُضِفْهُ كَانَ إقْرَارًا، وَقَوْلُهُ لِلْإِضَافَةِ تَقْدِيرًا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا الْأَرْضُ (قَوْلُهُ مَا فِي بَيْتِي) وَكَذَا مَا فِي مَنْزِلِي وَيَدْخُلُ فِيهِ الدَّوَابُّ الَّتِي يَبْعَثُهَا بِالنَّهَارِ لِلْمُسَاوَمِ إلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَكَذَا الْعَبِيدُ كَذَلِكَ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إضَافَةُ) أَيْ فَإِنَّهُ أَضَافَ الظَّرْفَ لَا الْمَظْرُوفَ الْمُقَرَّ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا الْأَرْضُ) لَا وُرُودَ لَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ إذْ الْإِضَافَةُ فِيهَا إلَى مِلْكِهِ. نَعَمْ نَقَلَهَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا تَمْلِيكٌ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْمُنْتَقَى نَظِيرَتُهَا عَلَى أَنَّهَا إقْرَارٌ، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْقُنْيَةِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: إقْرَارُ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ تَمْلِيكٌ إنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ فِي الْإِقْرَارِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِقْرَارٌ كَمَا فِي: سُدُسُ دَارِي وَسُدُسُ هَذِهِ الدَّارِ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْهَا مَا يُخَالِفُهُ.

ثُمَّ قَالَ قُلْت: بَعْضُ هَذِهِ الْفُرُوعِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَعَدَمِهَا فَيُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ الصَّغِيرِ يَصِحُّ فِيهَا الْهِبَةُ بِدُونِ الْقَبْضِ: لِأَنَّ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ قَبْضٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالتَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ كَانَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّغِيرِ شَيْءٌ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالتَّمْلِيكِ فِي حَقِّهِ أَيْضًا لِافْتِقَارِهِ إلَى الْقَبْضِ مُفْرَزًا اهـ.

ص: 593

مُفْرَزًا لِلْإِضَافَةِ تَقْدِيرًا بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَقَرَّ لِآخَرَ بِمُعَيَّنٍ وَلَمْ يُضِفْهُ لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُومِ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارًا أَوْ تَمْلِيكًا يَنْبَغِي الثَّانِي فَيُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ التَّمْلِيكِ فَرَاجِعْهُ.

(قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ أَتَزِنُهُ أَوْ أَتَنْقُدُهُ أَوْ أَجِّلْنِي بِهِ أَوْ قَضَيْتُكَ إيَّاهُ أَوْ أَبْرَأْتَنِي مِنْهُ أَوْ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَيَّ أَوْ وَهَبْتَهُ لِي أَوْ أَحَلْتُك بِهِ عَلَى زَيْدٍ) وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ بِهَا) -

ــ

[رد المحتار]

ثُمَّ قَالَ: وَهُنَا مَسْأَلَةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَهِيَ مَا إذَا أَقَرَّ لِآخَرَ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُخْتَصَرًا.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ اخْتَلَفَ النَّقْلُ فِي قَوْلِهِ: الْأَرْضُ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِطِفْلِي هَلْ هُوَ إقْرَارٌ أَوْ هِبَةٌ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، فَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ الْقَبْضِ وَعَدَمِهِ، وَكَانَ مُرَادُ الشَّارِحِ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرًا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ بِأَنْ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهَا تَمْلِيكٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةً بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهَا مِلْكُهُ، فَتَكُونُ فِيهَا الْإِضَافَةُ تَقْدِيرًا وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّهَا إقْرَارٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ: وَلَا الْأَرْضُ أَيْ وَلَا تَرِدُ مَسْأَلَةُ الْأَرْضِ الَّتِي إلَخْ عَلَى الْأَصْلِ السَّابِقِ فَإِنَّهَا هِبَةٌ أَيْ لَوْ كَانَتْ مَعْلُومَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ لِلْإِضَافَةِ تَقْدِيرًا لَكِنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ كَمَا اقْتَضَاهُ الْأَصْلُ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ دَفْعُ الْوُرُودِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُفْرِزًا لِلْإِضَافَةِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ يُوجَدُ هُنَا بَيْنَ قَوْلِهِ مُفْرِزًا وَقَوْلِهِ: لِلْإِضَافَةِ بَيَاضٌ وَفِي بَعْضِهَا لَفْظُ اهـ، وَقَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّ قَوْلَهُ لِلْإِضَافَةِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا الْأَرْضُ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارًا) أَقُولُ: الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ أَوْ الْمَوْهُوبَ إلَى نَفْسِهِ كَانَ هِبَةً، وَإِلَّا يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ وَالْهِبَةَ، فَيُعْمَلُ بِالْقَرَائِنِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا عَنْ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ إقْرَارٌ فِي الْحَالَتَيْنِ وَرُبَّمَا يُوَفَّقُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ، بِأَنَّ الْمِلْكَ إذَا كَانَ ظَاهِرًا لِلْمِلْكِ، فَهُوَ تَمْلِيكٌ، وَإِلَّا فَهُوَ إقْرَارٌ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ، وَتَمْلِيكٌ إنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَيْهِ فَتَأَمَّلْ فَإِنَّا نَجِدُ فِي الْحَوَادِثِ مَا يَقْتَضِيهِ رَمْلِيٌّ، وَقَالَ السَّائِحَانِيُّ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ أَقْوَالَ الْمَذْهَبِ كَثِيرَةٌ وَالْمَشْهُورُ هُوَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَالْأَصْلِ إلَخْ. وَفِي الْمِنَحِ عَنْ السَّعْدِيِّ: أَنَّ إقْرَارَ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِعَيْنِ مَالِهِ تَمْلِيكٌ إنْ أَضَافَ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ فَانْظُرْ لِقَوْلِهِ بِعَيْنِ مَالِهِ وَلِقَوْلِهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَهُوَ يُشِيرُ إلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ مَا يُعْهَدُ بَلْ الْعِبْرَةُ لِلَّفْظِ اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ مَا فِي بَيْتِي وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ جَمِيعُ مَا يُعْرَفُ بِي أَوْ جَمِيعُ مَا يُنْسَبُ إلَيَّ لِفُلَانٍ قَالَ الْإِسْكَافُ إقْرَارٌ اهـ فَإِنَّ مَا فِي بَيْتِهِ وَمَا يُعْرَفُ بِهِ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ يَكُونُ مَعْلُومًا لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، أَنَّهُ مِلْكُهُ فَإِنَّ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إقْرَارٌ وَأَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ وَبِهِ تَأَيَّدَ بَحْثُ السَّائِحَانِيِّ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ بِالْهِبَةِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ فِيهَا بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْإِقْرَارِ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِطِفْلِهِ وَلِذَا ذَكَرَهَا فِي الْمُنْتَقَى فِي جَانِبِ غَيْرِ الطِّفْلِ مُضَافَةً لِلْمُقِرِّ حَيْثُ قَالَ: إذَا قَالَ أَرْضِي هَذِهِ وَذَكَرَ حُدُودَهَا لِفُلَانٍ أَوْ قَالَ الْأَرْضُ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِوَلَدِي فُلَانٍ وَهُوَ صَغِيرٌ كَانَ جَائِزًا، وَيَكُونُ تَمْلِيكًا فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ بِهَا) وَكَذَا لَا أَقْضِيكَهَا أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَقْضِيكَهَا وَلَا أُعْطِيكَهَا فَإِقْرَارٌ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا أُعْطِيكَهَا لَا يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ: أَحِلْ غُرَمَاءَكَ عَلَيَّ أَوْ بَعْضَهُمْ أَوْ مَنْ شِئْتَ أَوْ مَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ فَإِقْرَارٌ بِهَا مَقْدِسِيٌّ وَفِيهِ قَالَ أَعْطِنِي الْأَلْفَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ: اصْبِرْ أَوْ سَوْفَ تَأْخُذُهَا لَا وَقَوْلُهُ: أَتَزِنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ إقْرَارٌ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَوْلُهُ عِنْدَ دَعْوَى الْمَالِ مَا قَبَضْتُ مِنْكَ بِغَيْرِ حَقٍّ، لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَلَوْ قَالَ بِأَيِّ سَبَبٍ دَفَعْتَهُ إلَيَّ قَالُوا يَكُونُ إقْرَارًا وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ قَدَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَطَالَبَهُ بِهِ، فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَا لَهُ عَلَيَّ الْيَوْمَ شَيْءٌ وَهَذَا الْحَلِفُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا وَقَالَ الْفَقِيهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ مَنْ

ص: 594

لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَيْهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ عَزْمِي زَادَهُ، فَكَانَ جَوَابًا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ، فَإِنْ كَانَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ: أَمَّا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِهْزَاءَ لَمْ يُصَدَّقْ (وَبِلَا ضَمِيرٍ) مِثْلُ اتَّزَنَ إلَخْ وَكَذَا نَتَحَاسَبُ أَوْ مَا اسْتَقْرَضْتُ مِنْ أَحَدٍ سِوَاكَ أَوْ غَيْرِكَ أَوْ قَبْلَك أَوْ بَعْدَك (لَا) يَكُونُ إقْرَارًا لِعَدَمِ انْصِرَافِهِ إلَى الْمَذْكُورِ فَكَانَ كَلَامًا مُبْتَدَأً، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا لَا ابْتِدَاءً يُجْعَلُ جَوَابًا، وَمَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ لَا لِلْبِنَاءِ أَوْ يَصْلُحُ لَهُمَا يُجْعَلُ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَلْزَمَهُ الْمَالُ بِالشَّكِّ اخْتِيَارٌ وَهَذَا إذَا كَانَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا فَلَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ كَقَوْلِهِ: نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا مُطْلَقًا حَتَّى لَوْ قَالَ أَعْطِنِي ثَوْبَ عَبْدِي هَذَا، أَوْ افْتَحْ لِي بَابَ دَارِي هَذِهِ أَوْ جَصِّصْ لِي دَارِي هَذِهِ أَوْ أَسْرِجْ دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَهَا أَوْ لِجَامَهَا فَقَالَ نَعَمْ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْعَبْدِ وَالدَّارِ وَالدَّابَّةِ كَافِي

(قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ بَلَى فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ بِهَا وَإِنْ قَالَ نَعَمْ لَا) وَقِيلَ نَعَمْ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى دَقَائِقِ الْعَرَبِيَّةِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ بَلَى جَوَابُ الِاسْتِفْهَامِ الْمَنْفِيِّ بِالْإِثْبَاتِ وَنَعَمْ جَوَابُهُ بِالنَّفْيِ (وَالْإِيمَاءُ بِالرَّأْسِ) مِنْ النَّاطِقِ (لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِمَالٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَإِجَارَةٍ وَهِبَةٍ بِخِلَافِ إفْتَاءٍ وَنَسَبٍ وَإِسْلَامٍ وَكُفْرٍ) وَأَمَانِ كَافِرٍ وَإِشَارَةِ مُحْرِمٍ لِصَيْدٍ وَالشَّيْخِ بِرَأْسِهِ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَالطَّلَاقِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِثَلَاثٍ إشَارَةً الْأَشْبَاهُ وَيُزَادُ الْيَمِينُ كَحَلِفِهِ لَا يَسْتَخْدِمُ فُلَانًا أَوْ لَا يُظْهِرُ سِرَّهُ أَوْ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَشَارَ حَنِثَ عِمَادِيَّةٌ فَتَحَرَّرَ بُطْلَانُ إشَارَةِ النَّاطِقِ إلَّا فِي تِسْعٍ فَلْيُحْفَظْ

(وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ حُلُولَهُ) لَزِمَهُ الدَّيْنُ (حَالًّا) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه مُؤَجَّلًا بِيَمِينِهِ (كَإِقْرَارِهِ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ أَنَّهُ لِرَجُلٍ وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ) فَلَا يُصَدَّقُ فِي تَأْجِيلِ إجَارَةٍ لِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا حُجَّةٍ (وَ) حِينَئِذٍ (يُسْتَحْلَفُ الْمُقَرُّ لَهُ فِيهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِالدَّرَاهِمِ السُّودِ فَكَذَّبَهُ فِي صِفَتِهَا) حَيْثُ (يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ فَقَطْ) لِأَنَّ السُّودَ نَوْعٌ، وَالْأَجَلُ عَارِضٌ لِثُبُوتِهِ بِالشَّرْطِ وَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ فِي النَّوْعِ وَلِلْمُنْكِرِ فِي الْعَوَارِضِ (كَإِقْرَارِ الْكَفِيلِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي الْأَجَلِ لِثُبُوتِهِ فِي كَفَالَةِ الْمُؤَجَّلِ بِلَا شَرْطٍ (وَشِرَاؤُهُ) أَمَةً -

ــ

[رد المحتار]

جَعَلَهُ إقْرَارًا سَائِحَانِيٌّ وَفِي الْعَيْنِيِّ عَنْ الْكَافِي زِيَادَةٌ، وَنَقَلَهُ الْفَتَّالُ وَذَكَرَ فِي الْمِنَحِ جُمْلَةً مِنْهَا فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ لِرُجُوعِ الضَّمِيرِ إلَيْهَا) فَكَأَنَّهُ قَالَ أَتَزِنُ الْأَلْفَ الَّتِي لَك عَلَيَّ (قَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِهْزَاءِ) أَيْ بِالْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ إلَى الْمَذْكُورِ) أَيْ انْصِرَافًا مُتَعَيِّنًا، وَإِلَّا فَهُوَ مُحْتَمَلٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَصْلُحُ إلَخْ) كَالْأَلْفَاظِ الْمَارَّةِ، وَعِبَارَةُ الْكَافِي بَعْدَ هَذَا كَمَا فِي الْمِنَحِ فَإِنْ ذَكَرَ الضَّمِيرَ صَلُحَ جَوَابًا لَا ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا أَوْ يَصْلُحُ جَوَابًا وَابْتِدَاءً فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ جَوَابًا) وَمِنْهُ مَا إذَا تَقَاضَاهُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ قَضَيْتُكَهَا أَوْ أَبْرَأْتَنِي (قَوْلُهُ لَا لِلْبِنَاءِ) أَيْ عَلَى كَلَامٍ سَابِقٍ بِأَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ ذِكْرِ الضَّمِيرِ وَعَدَمِهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ قَبْلُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ ذِكْرُ الضَّمِيرِ كَقَوْلِهِ نَعَمْ هُوَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ كَمَا مُثِّلَ

(قَوْلُهُ: لَا يَسْتَخْدِمُ فُلَانًا) أَيْ فَأَشَارَ إلَى خِدْمَتِهِ كَذَا فِي الْهَامِشِ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي تِسْعٍ) يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ تَعْدِيلُ الشَّاهِدِ مِنْ الْعَالِمِ بِالْإِشَارَةِ فَإِنَّهَا تَكْفِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الشَّهَادَاتِ فَتَّالٌ.

[فَرْعٌ ذَكَرَهُ فِي الْهَامِشِ]

ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ الِاقْتِسَامِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يُقْبَلُ، وَلَا يَكُونُ الِاقْتِسَامُ إبْرَاءً عَنْ الدَّيْنِ لِأَنَّ حَقَّهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالْغَيْرِ، فَلَمْ يَكُنْ الرِّضَا بِالْقِسْمَةِ إقْرَارًا بِعَدَمِ التَّعَلُّقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ حَيْثُ لَا تُسْمَعُ، لِأَنَّ حَقَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ صُورَةً وَمَعْنًى فَانْتَظَمَتْ الْقِسْمَةُ بِانْقِطَاعِ حَقِّهِ عَنْ التَّرِكَةِ صُورَةً وَمَعْنًى؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَدْعِي عَدَمَ اخْتِصَاصِهِ بِهِ بَزَّازِيَّةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ بِلَا شَرْطٍ) فَالْأَجَلُ فِيهَا نَوْعٌ فَكَانَتْ الْكَفَالَةُ الْمُؤَجَّلَةُ أَحَدَ نَوْعَيْ الْكَفَالَةِ، فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ لَا يُجْعَلُ إقْرَارًا بِالنَّوْعِ الْآخَرِ غَايَةُ الْبَيَانِ وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْكَفَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لَك مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ (قَوْلُهُ وَشِرَاؤُهُ أَمَةً

ص: 595

(مُتَنَقِّبَةً إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ كَثَوْبٍ فِي جِرَابٍ كَذَا الِاسْتِيَامُ وَالِاسْتِيدَاعُ) وَقَبُولُ الْوَدِيعَةِ بَحْرٌ (وَالْإِعَارَةُ وَالِاسْتِيهَابُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَلَوْ مِنْ وَكِيلٍ) فَكُلُّ ذَلِكَ إقْرَارٌ بِمِلْكِ ذِي الْيَدِ فَيُمْنَعُ دَعْوَاهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ لِلتَّنَاقُضِ بِخِلَافِ إبْرَائِهِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى ثُمَّ الدَّعْوَى بِهِمَا لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ قُبَيْلَ الْإِقْرَارِ وَصَحَّحَهُ فِي الْجَامِعِ خِلَافًا -

ــ

[رد المحتار]

مُتَنَقِّبَةً إلَخْ) وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَلَّلَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَالضَّابِطُ أَنَّ الشَّيْءَ إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ كَالْجَارِيَةِ الْقَائِمَةِ الْمُتَنَقِّبَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهَا فَيُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ كَثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ جَارِيَةٍ قَاعِدَةٍ عَلَى رَأْسِهَا غِطَاءٌ لَا يُرَى مِنْهَا شَيْءٌ يُقْبَلُ وَلِهَذَا اخْتَلَفَتْ أَقَاوِيلُ الْعُلَمَاءِ اهـ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الثَّوْبَ فِي الْجِرَابِ كَهُوَ فِي الْمِنْدِيلِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: كَثَوْبٍ) أَيْ كَشِرَاءِ ثَوْبٍ فِي جِرَابٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الِاسْتِيَامُ) اُنْظُرْ جَامِعَ الْفُصُولَيْنِ، وَنُورَ الْعَيْنِ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَحَاشِيَةَ الْفَتَّالِ.

[فَرْعٌ ذَكَرَهُ فِي الْهَامِشِ]

رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنْ حَلَفْتَ أَنَّهَا مَالُك عَلَيَّ دَفَعْتُهَا إلَيْكَ، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي، وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ قَالُوا: إنْ أَدَّى الدَّرَاهِمَ بِحُكْمِ الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلِلدَّافِعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَالْإِعَارَةُ) الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الِاسْتِعَارَةُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْعَاشِرِ كَذَا فِي الْهَامِشِ. [فَرْعٌ]

فِي الْهَامِشِ: شَرَاهُ فَشَهِدَ رَجُلٌ عَلَى ذَلِكَ وَخَتَمَ، فَهُوَ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ يُرِيدُ بِهِ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ بِالشِّرَاءِ أَيْ كَتَبَ الشَّهَادَةَ فِي صَكِّ الشَّهَادَةِ، وَخَتَمَ عَلَى صَكِّ الشَّهَادَةِ ثُمَّ ادَّعَاهُ صَحَّ دَعْوَاهُ، وَلَمْ تَكُنْ كِتَابَةُ الشَّهَادَةِ إقْرَارًا بِأَنَّهُ لِلْبَائِعِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَبِيعُ مَالَ غَيْرِهِ كَمَالِ نَفْسِهِ، وَالشَّهَادَةُ بِالْبَيْعِ لَا تَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمَذْكُورِ مَتْنًا مِنْ قَوْلِهِ وَكَذَا إلَخْ سِوَى الْإِجَارَةِ، وَإِلَى الْمَذْكُورِ شَرْحًا فَجَمِيعُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِيهَا، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْجَامِعِ إلَخْ رَاجِعٌ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ فَقَطْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِكَوْنِهِ إقْرَارًا مُنْلَا خُسْرو. وَفِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ لِعَبْدِ الْبَرِّ خِلَافُهُ.

ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ رِوَايَةَ الْجَامِعِ أَنَّ الِاسْتِيَامَ وَالِاسْتِئْجَارَ وَالِاسْتِعَارَةَ وَنَحْوَهَا إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْمُسَاوَمِ مِنْهُ، وَالْمُسْتَأْجَرِ مِنْهُ، وَرِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا بِالْمِلْكِيَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَحَكَى فِيهَا اتِّفَاقَ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمُسَاوِمِ وَنَحْوِهِ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ يَنْبَغِي صِحَّةُ دَعْوَاهُ مِلْكًا لِمَا سَاوَمَ فِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ اهـ، وَإِنَّمَا جَزَمْنَا هُنَا بِكَوْنِهِ إقْرَارًا أَخْذًا بِرِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ اهـ. قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ إنْ أَبْدَى عُذْرًا يُفْتَى بِمَا فِي الزِّيَادَاتِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِيَامَ وَنَحْوَهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، قَالَ الْأَنْقِرَوِيُّ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَصْحِيحِ مَا فِي الزِّيَادَاتِ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي الْجَامِعِ) أَيْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْجَامِعِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَالضَّمِيرُ فِي صَحَّحَهُ لِكَوْنِهِ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: كَوْنُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إقْرَارًا بِعَدَمِ الْمِلْكِ لِلْمُبَاشِرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ يُفِيدُ الْمِلْكَ لِذِي الْيَدِ وَعَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الصُّغْرَى: وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ صَحَّحَ رِوَايَةَ إفَادَتِهِ الْمِلْكَ فَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ لِلرِّوَايَتَيْنِ، وَيُبْتَنَى عَلَى عَدَمِ إفَادَتِهِ مِلْكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَازُ دَعْوَى الْمُقِرِّ بِهَا لِغَيْرِهِ اهـ وَنَقَلَ السَّائِحَانِيُّ عَنْ الْأَنْقِرْوِيِّ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى تَصْحِيحِ مَا فِي الزِّيَادَاتِ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ اهـ.

قُلْت: فَيُفْتَى بِهِ لِتَرَجُّحِهِ لِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ.

ص: 596

لِتَصْحِيحِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَوَفَّقَ شَارِحُهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّهُ إنْ قَالَ: بِعْنِي هَذَا كَانَ إقْرَارًا وَإِنْ قَالَ: أَتَبِيعُ لِي هَذَا لَا يُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ كِتَابَتِهِ وَخَتْمِهِ عَلَى صَكِّ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِعَدَمِ مِلْكِهِ (وَ) لَهُ عَلَيَّ (مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ كُلُّهَا دَرَاهِمُ) وَكَذَا الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ اسْتِحْسَانًا (وَفِي: مِائَةٌ وَثَوْبٌ، وَمِائَةٌ وَثَوْبَانِ يُفَسِّرُ الْمِائَةَ) لِأَنَّهَا مُبْهَمَةٌ (وَفِي: مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ كُلُّهَا ثِيَابٌ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه.

قُلْنَا: الْأَثْوَابُ لَمْ تُذْكَرْ بِحَرْفِ الْعَطْفِ فَانْصَرَفَ التَّفْسِيرُ إلَيْهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ

(وَالْإِقْرَارُ بِدَابَّةٍ فِي إصْطَبْلٍ تَلْزَمُهُ) الدَّابَّةُ (فَقَطْ) وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا يَصْلُحُ ظَرْفًا إنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ لَزِمَاهُ، وَإِلَّا لَزِمَ الْمَظْرُوفَ فَقَطْ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَزِمَ الْأَوَّلَ فَقَطْ كَقَوْلِهِ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ.

قُلْت: وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: دَابَّةٌ فِي خَيْمَةٍ

ــ

[رد المحتار]

تَتِمَّةٌ]

الِاشْتِرَاءُ مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ إقْرَارًا بِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمُدَّعِي كَالِاشْتِرَاءِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ بَرْهَنَ يَكُونُ دَفْعًا، قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الصُّغْرَى أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاسْتِيدَاعُ، وَكَذَا الِاسْتِيعَابُ وَنَحْوُهُ كَالِاسْتِشْرَاءِ. [مُهِمَّةٌ]

قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَمِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ هُنَا أَنَّ الْمُسَاوَمَةَ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْبَائِعِ أَوْ بِعَدَمِ كَوْنِهِ مِلْكًا ضِمْنًا لَا قَصْدًا، وَلَيْسَ كَالْإِقْرَارِ صَرِيحًا بِأَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ، وَالتَّفَاوُتُ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا وَصَلَ إلَى يَدِهِ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ إلَى الْبَائِعِ فِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ الصَّرِيحِ، وَلَا يُؤْمَرُ فِي فَصْلِ الْمُسَاوَمَةِ، وَبَيَانُهُ اشْتَرَى مَتَاعًا مِنْ إنْسَانٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ إنَّ أَبَا الْمُشْتَرِي اسْتَحَقَّهُ بِالْبُرْهَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَهُ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ، وَوَرِثَهُ الِابْنُ الْمُشْتَرِي لَا يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ إلَى الْبَائِعِ، وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَيَكُونُ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي هَذَا بِالْإِرْثِ وَلَوْ أَقَرَّ عِنْدَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ أَبُوهُ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَوَرِثَهُ الِابْنُ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهِ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْقَضَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا يُوجِبُ فَسْخَ الْبَيْعِ قَبْلَ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ اهـ ذَكَرَهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى، وَفِيهِ فُرُوعٌ جَمَّةٌ كُلُّهَا مُهِمَّةٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ لِتَصْحِيحِ الْوَهْبَانِيَّةِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِيَامِ (قَوْلُهُ: لَا) بَلْ يَكُونُ اسْتِفْهَامًا وَطَلَبَ إشْهَادٍ عَلَى إقْرَارِهِ بِإِرَادَةِ بَيْعِ مِلْكِ الْقَائِلِ فَيَلْزَمُهُ بَعْدَ ذَلِكَ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ) أَيْ فَمَا هُنَا أَوْلَى أَوْ مُسَاوٍ. قَالَ فِي الْهَامِشِ: وَإِنْ رَأْي الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَوْلَى، فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا رَأْي الرَّاهِنَ يَبِيعُ الرَّهْنَ، فَسَكَتَ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ. وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا: الْمُرْتَهِنُ إذَا سَكَتَ كَانَ رِضًا بِالْبَيْعِ، وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ خَانِيَّةٌ مِنْ كِتَابِ الْمَأْذُونِ (قَوْلُهُ: وَالْمَوْزُونُ) كَقَوْلِهِ مِائَةٌ وَقَفِيزٌ كَذَا أَوْ رِطْلٌ كَذَا وَلَوْ قَالَ لَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ وَثَوْبٌ، فَعَلَيْهِ نِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَكَذَا نِصْفُ هَذَا الْعَبْدِ، وَهَذِهِ الْجَارِيَةُ، لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ وَقَعَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ، فَيَنْصَرِفُ النِّصْفُ إلَى الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بَعْضُهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَنِصْفِ هَذَا الدِّينَارِ وَدِرْهَمٍ يَجِبُ الدِّرْهَمُ كُلُّهُ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَعَلَى تَقْدِيرِ خَفْضِ الدِّرْهَمِ مُشْكِلٌ.

وَأَقُولُ: لَا إشْكَالَ عَلَى لُغَةِ الْجِوَارِ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الطَّلَبَةِ عَدَمُ الْتِزَامِ الْإِعْرَابِ سَائِحَانِيٌّ أَيْ فَضْلًا عَنْ الْعَوَّامِ، وَلَكِنَّ الْأَحْوَطَ الِاسْتِفْسَارُ، فَإِنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَعَلَّهُ قَصَدَ الْجَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كُلُّهَا ثِيَابٌ) لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَأَرْدَفَهُمَا بِالتَّفْسِيرِ فَصُرِفَ إلَيْهِمَا لِعَدَمِ الْعَاطِفِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ بِحَرْفِ الْعَطْفِ) : بِأَنْ يَقُولَ مِائَةٌ وَأَثْوَابٌ ثَلَاثَةٌ كَمَا فِي مِائَةٍ وَثَوْبٍ

(قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ) كَتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَعِنْدَهُ لَزِمَاهُ جَمِيعًا لِأَنَّ غَصْبَ غَيْرِ الْمَنْقُولِ مُتَصَوَّرٌ عِنْدَهُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فِي خَيْمَةٍ) فِيهِ أَنَّ الْخَيْمَةَ لَا تُسَمَّى ظَرْفًا حَقِيقَةً، وَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُهُ ظَرْفًا

ص: 597

لَزِمَاهُ وَلَوْ قَالَ ثَوْبٌ فِي دِرْهَمٍ لَزِمَهُ الثَّوْبُ وَلَمْ أَرَهُ فَيُحَرَّرُ (وَبِخَاتَمٍ) تَلْزَمُهُ (حَلْقَتُهُ وَفَصُّهُ) جَمِيعًا (وَبِسَيْفٍ جَفْنُهُ وَحَمَائِلُهُ وَنَصْلُهُ وَبِحَجْلَةٍ) بِحَاءٍ فَجِيمٍ بَيْتٌ مُزَيَّنٌ بِسُتُورٍ وَسُرَرٍ (الْعِيدَانُ وَالْكِسْوَةُ وَبِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ أَوْ بِطَعَامٍ فِي جَوَالِقَ أَوْ) فِي (سَفِينَةٍ أَوْ ثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ) فِي (ثَوْبٍ يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ كَالْمَظْرُوفِ) لِمَا قَدَّمْنَاهُ (وَمِنْ قَوْصَرَّةٍ) مَثَلًا (لَا) تَلْزَمُهُ الْقَوْصَرَّةُ وَنَحْوُهَا (كَثَوْبٍ فِي عَشَرَةٍ وَطَعَامٍ فِي بَيْتٍ) فَيَلْزَمُهُ الْمَظْرُوفُ فَقَطْ لِمَا مَرَّ؛ إذْ الْعَشَرَةُ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِوَاحِدٍ عَادَةً (وَبِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَعَنَى) مَعْنَى عَلَى أَوْ (الضَّرْبَ خَمْسَةً) لِمَا مَرَّ وَأَلْزَمَهُ زُفَرُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ (وَعَشَرَةٍ إنْ عَنَى مَعَ) كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ

ــ

[رد المحتار]

حَقِيقَةً كَمَا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ لَزِمَاهُ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْغَصْبِ إخْبَارٌ عَنْ نَقْلِهِ. وَنَقْلُ الْمَظْرُوفِ حَالَ كَوْنِهِ مَظْرُوفًا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِنَقْلِ الظَّرْفِ، فَصَارَ إقْرَارًا بِغَصْبِهِمَا ضَرُورَةً، وَرَجَعَ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ هَكَذَا قَرَّرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهَا هُنَا وَفِيمَا بَعْدَهُ وَظَاهِرُهُ قَصْرُهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ، وَيُؤَيِّدُهُ فِي الْخَانِيَّةِ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ أَوْ عَبْدٌ صَحَّ، وَيُقْضَى بِقِيمَةٍ وَسَطٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْقَوْلُ لَهُ فِي الْقِيمَةِ اهـ وَفِي الْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اهـ وَلَعَلَّهُ قَوْلُ الْإِمَامِ.

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا هُنَا قَاصِرٌ عَلَى الْغَصْبِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقِيمَةُ أَوْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ: إنْ أَضَافَ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى فِعْلٍ بِأَنْ قَالَ غَصَبْتُ مِنْهُ تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَهُ التَّمْرُ وَالْقَوْصَرَّةُ وَالْإِبِلُ ذَكَرَهُ ابْتِدَاءً وَقَالَ عَلَى تَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ فَعَلَيْهِ التَّمْرُ دُونَ الْقَوْصَرَّةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَوْلٌ وَالْقَوْلُ بِتَمْيِيزِهِ الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُ لَهُ زَعْفَرَانًا فِي سَلَّةٍ اهـ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ التَّمْرُ قِيمَتُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الثَّوْبُ) هُوَ ظَاهِرٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مَتْنًا وَهُوَ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ فَإِنَّ مَا هُنَا أَوْلَى وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُكَ كَذَا فِي كَذَا وَالثَّانِي لَا يَكُونُ وِعَاءً لِلْأَوَّلِ لَزِمَاهُ، وَفِيهَا وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الدِّرْهَمُ فَقَطْ، وَإِنْ صَلُحَ الْقَفِيزُ ظَرْفًا بَيَانُهُ مَا قَالَهُ خُوَاهَرْ زَادَهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ فِي الذِّمَّةِ، وَمَا فِيهَا لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مَظْرُوفًا فِي شَيْءٍ آخَرَ اهـ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا فِي الْإِقْرَارِ ابْتِدَاءً، أَمَّا فِي الْغَصْبِ فَيَلْزَمُهُ الظَّرْفُ أَيْضًا كَمَا فِي غَصَبْتُهُ دِرْهَمًا فِي كِيسٍ، بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَيُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ دِرْهَمٌ فِي ثَوْبٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ جَفْنُهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ غِمْدُهُ (قَوْلُهُ: وَحَمَائِلُهُ) أَيْ عَلَّاقَتُهُ.

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَإِنَّمَا وَاحِدُهَا مَحْمَلٌ عَيْنِيٌّ (قَوْلُهُ فِي قَوْصَرَّةٍ) بِالتَّشْدِيدِ وَقَدْ تُخَفَّفَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَطَعَامٍ فِي بَيْتٍ) الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الظَّرْفَ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ ظَرْفًا حَقِيقَةً يُنْظَرُ. فَإِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ لَزِمَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَقْلُهُ لَزِمَهُ الْمَظْرُوفُ خَاصَّةً عِنْدَهُمَا لِأَنَّ الْغَصْبَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ الْمَظْرُوفَ لَا يُصَدَّقُ، لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبٍ تَامٍّ؛ إذْ هُوَ مُطْلَقٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَزِمَاهُ جَمِيعًا لِأَنَّ غَصْبَ الْمَنْقُولِ مُتَصَوَّرٌ عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْ يَجْعَلَ ظَرْفًا حَقِيقَةً لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِمْ: دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا مِنَحٌ كَذَا فِي هَامِشٍ (قَوْلُهُ لَا تَكُونُ ظَرْفًا) خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَلُفَّ الثَّوْبَ النَّفِيسَ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ مِنَحٌ، كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: خَمْسَةٌ) لِأَنَّ أَثَرَ الضَّرْبِ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ لَا فِي تَكْثِيرِ الْمَالِ دُرَرٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ إنْ عَنَى بِعَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ الضَّرْبَ فَقَطْ أَوْ الضَّرْبَ بِمَعْنَى تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ فَعَشَرَةٌ وَإِنْ نَوَى بِالضَّرْبِ تَكْثِيرَ الْعَيْنِ لَزِمَهُ مِائَةٌ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَشَرَةٌ إنْ عَنَى مَعَ) وَفِي الْبَيَانِيَّةِ عَلَى دِرْهَمٍ

ص: 598

(وَمِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عُشْرِ تِسْعَةٍ) لِدُخُولِ الْغَايَةِ الْأُولَى ضَرُورَةً؛ إذْ لَا وُجُودَ لِمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ بِدُونِهِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَمَا بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ فَلِذَا قَالَ (وَ) فِي لَهُ (كُرُّ حِنْطَةٍ إلَى كُرِّ شَعِيرٍ لَزِمَاهُ) جَمِيعًا (إلَّا قَفِيزًا) ؛ لِأَنَّهُ الْغَايَةُ الثَّانِيَةُ (وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَلْزَمُهُ الدَّرَاهِمُ وَتِسْعَةُ دَنَانِيرَ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه لِمَا مَرَّ نِهَايَةٌ (وَفِي) لَهُ (مِنْ دَارِي مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ لَهُ مَا بَيْنَهُمَا) فَقَطْ لِمَا مَرَّ

(وَصَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْحَمْلِ الْمُحْتَمَلِ وُجُودُهُ وَقْتَهُ) أَيْ وَقْتَ الْإِقْرَارِ بِأَنْ تَلِدَ لِدُونِ نِصْفِ حَوْلٍ لَوْ مُزَوَّجَةً أَوْ لِدُونِ حَوْلَيْنِ لَوْ مُعْتَدَّةً لِثُبُوتِ نَسَبِهِ (وَلَوْ) الْحَمْلُ (غَيْرَ آدَمِيٍّ) وَيُقَدَّرُ بِأَدْنَى مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ زَيْلَعِيٌّ.

لَكِنْ فِي الْجَوْهَرَةِ أَقَلُّ مُدَّةِ حَمْلِ الشَّاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَأَقَلُّهَا لِبَقِيَّةِ الدَّوَابِّ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (وَ) صَحَّ (لَهُ إنْ بَيَّنَ) الْمُقِرُّ (سَبَبًا صَالِحًا) يُتَصَوَّرُ لِلْمَحَلِّ (كَالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ) كَقَوْلِهِ: مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فُلَانٌ يَجُوزُ، وَإِلَّا -

ــ

[رد المحتار]

مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَاهُ وَكَذَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَا دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ أَوْ وَدِرْهَمٌ بِخِلَافِ دِرْهَمٍ عَلَى دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لِأَنَّ الثَّانِيَ تَأْكِيدٌ وَلَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي قَفِيزِ بُرٍّ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ، وَبَطَلَ الْقَفِيزُ كَعَكْسِهِ وَكَذَا لَهُ فَرْقُ زَيْتٍ فِي عَشَرَةِ مَخَاتِيمَ، حِنْطَةٌ وَدِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ وَدِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ لِلْبَدَلِيَّةِ اهـ مُلَخَّصًا.

وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَنَيِّفٌ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي النَّيِّفِ، وَفِي قَرِيبٍ مِنْ أَلْفٍ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِمِائَةٍ، وَالْقَوْلُ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ وَفِي الْهَامِشِ: لَوْ قَالَ أَرَدْتُ خَمْسَمِائَةٍ مَعَ خَمْسِمِائَةٍ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ قَالَ تَعَالَى - {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: 29]- قِيلَ مَعَ عِبَادِي فَإِذَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ، وَلَوْ مَجَازًا وَنَوَاهُ صَحَّ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ دُرَرٌ اهـ (قَوْلُهُ تِسْعَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَا: يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَقَالَ زُفَرُ ثَمَانِيَةٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ الْأَوَّلَ وَالْآخَرَ حَدًّا، وَالْحَدُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ، وَلَهُمَا أَنَّ الْغَايَةَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً؛ إذْ الْمَعْدُومُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا لِلْمَوْجُودِ وَوُجُودُهُ يُوجِبُهُ فَتَدْخُلُ الْغَايَتَانِ، وَلَهُ أَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ، لِأَنَّ الْحَدَّ يُغَايِرُ الْمَحْدُودَ لَكِنْ هُنَا لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ الْأُولَى، لِأَنَّ الدِّرْهَمَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْأُولَى فَدَخَلَتْ الْآيَةُ الْأُولَى ضَرُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ فِي الثَّانِيَةِ دُرَرٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ) أَيْ الْغَايَةُ الثَّانِيَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا قَفِيزًا) مِنْ شَعِيرٍ وَعِنْدَهُمَا كَرَّانِ مِنَحٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْغَايَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَدْخُلُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَايَةِ الثَّانِيَةِ الْمُتَمِّمُ لِلْمَذْكُورِ، فَالْغَايَةُ فِي إلَى عَشَرَةٍ وَفِي إلَى أَلْفٍ الْفَرْدُ الْأَخِيرُ، وَهَكَذَا عَلَى مَا يَظْهَرُ لِي. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: ذَكَرَ الْأَتْقَانِيُّ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى دِينَارٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الدِّينَارُ. وَفِي الْأَشْبَاهِ عَلَيَّ مِنْ شَاةٍ إلَى بَقَرَةٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا وَرَأَيْتُهُ مَعْزِيًّا لِشَرْحِهَا. قَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُمَا عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَدِرْهَمَانِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) مِنْ أَنَّ الْغَايَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَدْخُلُ، وَأَنَّ الْأُولَى تَدْخُلُ لِلضَّرُورَةِ أَيْ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا تَأَمَّلْ وَعَلَّلَ لَهُ فِي الْبُرْهَانِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِقِيَامِهِمَا بِأَنْفُسِهِمَا

(قَوْلُهُ وَصَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْحَمْلِ) سَوَاءٌ كَانَ حَمْلَ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِأَنْ يَقُولَ حَمْلُ أَمَتِي أَوْ حَمْلُ شَاتِي لِفُلَانٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ سَبَبًا لِأَنَّ لِتَصْحِيحِهِ وَجْهًا، وَهُوَ الْوَصِيَّةُ مِنْ غَيْرِهِ كَأَنْ أَوْصَى رَجُلٌ بِحَمْلِ شَاةٍ مَثَلًا لِآخَرَ وَمَاتَ فَأَقَرَّ ابْنُهُ بِذَلِكَ فَحَمَلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْمُحْتَمَلِ) أَيْ وَالْمُتَيَقَّنِ بِالْأَوْلَى وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُتَيَقَّنِ وُجُودُهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ) فَيَكُونُ حُكْمًا بِوُجُودِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْجَوْهَرَةِ) الِاسْتِدْرَاكُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَصَحَّ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ

ص: 599

فَلَا كَمَا يَأْتِي (فَإِنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ) مُذْ أَقَرَّ (فَلَهُ مَا أَقَرَّ، وَإِنْ وَلَدَتْ حَيَّيْنِ فَلَهُمَا) نِصْفَيْنِ، وَلَوْ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَكَذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ (وَإِنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا فَ) يُرَدُّ (لِوَرَثَةِ) ذَلِكَ (الْمُوصِي وَالْمُورِثِ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْجَنِينِ (وَإِنْ فَسَّرَهُ بِ) مَا لَا يُتَصَوَّرُ كَهِبَةٍ أَوْ (بَيْعٍ أَوْ إقْرَاضٍ أَوْ أَبْهَمَ الْإِقْرَارَ) وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبًا (لَغَا) وَحَمَلَ مُحَمَّدٌ الْمُبْهَمَ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِحِ، وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ

(وَ) أَمَّا (الْإِقْرَارُ لِلرَّضِيعِ) فَإِنَّهُ (صَحِيحٌ وَإِنْ بَيَّنَ) الْمُقِرُّ (سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ مِنْهُ حَقِيقَةً كَالْإِقْرَاضِ) أَوْ ثَمَنَ مَبِيعٍ لِأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ فِي الْجُمْلَةِ أَشْبَاهٌ.

(أَقَرَّ بِشَيْءٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ) ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (لَزِمَهُ بِلَا خِيَارٍ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ، فَلَا يَقْبَلُ الْخِيَارَ (وَإِنْ) وَصَلْيَةٌ (صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) فِي الْخِيَارِ لَمْ يُعْتَبَرْ تَصْدِيقُهُ (إلَّا إذَا أَقَرَّ بِعَقْدِ) بَيْعٍ (وَقَعَ بِالْخِيَارِ لَهُ) فَيَصِحُّ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ إذَا صَدَّقَهُ أَوْ بِرَهْنٍ فَلِذَا قَالَ (إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُنْكِرُ الْقَوْلِ لَهُ (كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ بِسَبَبِ كَفَالَةٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي مُدَّةٍ، وَلَوْ) الْمُدَّةُ (طَوِيلَةً) أَوْ قَصِيرَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذَا صَدَّقَهُ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عَقْدٌ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا مَرَّ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ لَا تَقْبَلُ الْخِيَارَ زَيْلَعِيٌّ

(الْأَمْرُ بِكِتَابَةِ الْإِقْرَارِ إقْرَارٌ حُكْمًا) فَإِنَّهُ كَمَا يَكُونُ بِاللِّسَانِ يَكُونُ بِالْبَنَانِ فَلَوْ قَالَ لِلصَّكَّاكِ: اُكْتُبْ خَطَّ إقْرَارِي بِأَلْفٍ عَلَيَّ أَوْ اُكْتُبْ بَيْعَ دَارِي أَوْ طَلَاقَ امْرَأَتِي صَحَّ كَتَبَ أَمْ لَمْ يَكْتُبْ وَحَلَّ لِلصَّكَّاكِ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ خَانِيَّةٌ وَقَدَّمْنَا فِي الشَّهَادَاتِ عَدَمَ اعْتِبَارِ مُشَابَهَةِ الْخَطَّيْنِ

ــ

[رد المحتار]

الْمُحْتَمَلِ وُجُودُهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِدُونِ نِصْفِ حَوْلٍ أَوْ لِسَنَتَيْنِ، وَأَبُوهُ مَيِّتٌ؛ إذْ لَوْ جَاءَتْ بِهِ لِسَنَتَيْنِ وَأَبُوهُ حَيٌّ وَوَطْءُ الْأُمِّ لَهُ حَلَالٌ فَالْإِقْرَارُ بِالْحَمْلِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ بِالْعُلُوقِ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ فَلَا يَثْبُتُ الْوُجُودُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَا حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا بَيَانِيَّةٌ وَكِفَايَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ) فَإِنَّهُ فِيهِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ صَحِيحٌ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُقَرِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ لَكِنَّ بُطْلَانَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِبْطَالِ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ سَائِحَانِيٌّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَمْلِ سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ بِأَنْ يَعْقِدَ مَعَ وَلِيِّهِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ لَا يَلِي عَلَيْهِ أَحَدٌ

(قَوْلُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ) يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ لِأَنَّ أَنَّ وَصْلِيَّةٌ فَلَا جَوَابَ لَهَا ح (قَوْلُهُ أَوْ قَصِيرَةً) الْأَوْلَى حَذْفُهَا كَمَا لَا يَخْفَى ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ) لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُقَرَّ بِهِ قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ

(قَوْلُهُ بِكِتَابَةِ الْإِقْرَارِ) بِخِلَافِ أَمْرِهِ بِكِتَابَةِ الْإِجَارَةِ، وَأَشْهَدَ وَلَمْ يَجُزْ عَنْهُ لَا تَنْعَقِدُ أَشْبَاهٌ (قَوْلُهُ يَكُونُ بِالْبَنَانِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالنُّونِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْبَنَانِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَتَبَ أَمْ لَمْ يَكْتُبْ، وَبِدَلِيلِ مَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ بِالْبَنَانِ كَمَا يَكُونُ بِاللِّسَانِ رَجُلٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ ذِكْرَ حَقٍّ بِحَضْرَةِ قَوْمٍ أَوْ أَمْلَى عَلَى إنْسَانٍ لِيَكْتُبَ، ثُمَّ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَذَا لِفُلَانٍ كَانَ إقْرَارًا اهـ فَإِنَّ ظَاهِرَ التَّرْكِيبِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى مِثَالٌ لِلْإِقْرَارِ بِالْبَنَانِ، وَالثَّانِيَةَ لِلْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ فَتَأَمَّلْ ح. [فَرْعٌ]

ادَّعَى الْمَدْيُونُ أَنَّ الدَّائِنَ كَتَبَ عَلَى قِرْطَاسٍ بِخَطِّهِ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَبْرَأْتُهُ عَنْهُ صَحَّ

ص: 600

(أَحَدُ الْوَرَثَةِ

ــ

[رد المحتار]

وَسَقَطَ الدَّيْنُ، لِأَنَّ الْكِتَابَةَ الْمَرْسُومَةَ الْمُعَنْوَنَةَ كَالنُّطْقِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَلَا دَعْوَى الْإِبْرَاءِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْكِتَابَةُ بِطَلَبِ الدَّائِنِ أَوْ لَا بِطَلَبِهِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ آخِرِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْ الدَّعْوَى، وَفِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ إذَا كَتَبَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ قَالَ الْقَاضِي النَّسَفِيُّ: إنْ كَتَبَ مُصَدَّرًا يَعْنِي كَتَبَ فِي صَدْرِهِ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ لَهُ عَلَيَّ كَذَا أَوْ أَمَّا بَعْدُ فَلِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَشْهَدَ عَلَيَّ بِهِ، وَالْعَامَّةُ عَلَى خِلَافِهِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ، وَلَوْ كَتَبَ وَقَرَأَهُ عِنْدَ الشُّهُودِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمْ وَلَوْ كَتَبَ عِنْدَهُمْ وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِيهِ إنْ عَلِمُوا بِمَا فِيهِ كَانَ إقْرَارًا وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ الْقَاضِي ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخْرَجَ خَطًّا وَقَالَ إنَّهُ خَطُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ فَأَنْكَرَ كَوْنَهُ خَطَّهُ، فَاسْتَكْتَبَ، وَكَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا خَطُّ كَاتِبٍ وَاحِدٍ، لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فِي الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ: هَذَا خَطِّي، وَأَنَا حَرَّرْتُهُ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى هَذَا الْمَالِ وَثَمَّةَ لَا يَجِبُ كَذَا هُنَا إلَّا فِي دَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ اهـ وَقَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي، وَفِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَقَالَ السَّائِحَانِيُّ وَفِي الْمَقْدِسِيَّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفًا أَوْ وَجَدْتُ فِي ذِكْرِي أَوْ فِي حِسَابِي أَوْ بِخَطِّي أَوْ قَالَ كَتَبْت بِيَدِي أَنَّ لَهُ عَلَيَّ كَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ قَالُوا فِي دَفْتَرِ الْبَيَّاعِ إنَّ مَا وُجِدَ فِيهِ بِخَطِّ الْبَيَّاعِ فَهُوَ لَازِمٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا مَا عَلَى النَّاسِ لَهُ وَمَا لِلنَّاسِ عَلَيْهِ صِيَانَةً عَنْ النِّسْيَانِ، وَالْبِنَاءُ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ وَاجِبٌ اهـ.

فَقَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ أَئِمَّتِنَا لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ يَجْرِي عَلَى عُمُومِهِ، وَاسْتِثْنَاءُ دَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ لَا يَظْهَرُ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يُعْزَى إلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ، وَأَنْ يُقَيَّدَ بِكَوْنِهِ فِيمَا عَلَيْهِ، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ رَدَّ الطَّرَسُوسِيِّ الْعَمَلَ بِهِ مُؤَيَّدٌ بِالذَّهَبِ فَلَيْسَ إلَى غَيْرِهِ نَذْهَبُ. وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

(قَوْلُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ) وَإِنْ صَدَّقُوا جَمِيعًا لَكِنْ عَلَى التَّفَاوُتِ كَرَجُلٍ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ وَثَلَاثَةِ آلَافٍ فَاقْتَسَمُوهَا وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ أَلْفًا، فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى أَبِيهِمْ ثَلَاثَةَ آلَافٍ فَصَدَّقَهُ الْأَكْبَرُ فِي الْكُلِّ وَالْأَوْسَطُ فِي الْأَلْفَيْنِ وَالْأَصْغَرُ فِي الْأَلْفِ أَخَذَ مِنْ الْأَكْبَرِ أَلْفًا وَمِنْ الْأَوْسَطِ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْأَلْفِ، وَمِنْ الْأَصْغَرِ ثُلُثَ أَلْفٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْغَرِ وَالْأَكْبَرِ كَذَلِكَ، وَالْأَوْسَطُ يَأْخُذُ الْأَلْفَ وَوَجْهُ كُلٍّ فِي الْكَافِي.

[تَنْبِيهٌ]

لَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي كُلُّ مَا يُوجَدُ فِي تَذْكِرَةِ الْمُدَّعِي بِخَطِّهِ فَقَدْ الْتَزَمْتُهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ،

ص: 601

أَقَرَّ بِالدَّيْنِ) الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى مُوَرِّثِهِ وَجَحَدَهُ الْبَاقُونَ (يَلْزَمُهُ) الدَّيْنُ (كُلُّهُ) يَعْنِي إنْ وَفَّى مَا وَرِثَهُ بِهِ بُرْهَانٌ وَشَرْحُ مَجْمَعٍ (وَقِيلَ حِصَّتُهُ) وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَلَوْ شَهِدَ هَذَا الْمُقِرُّ مَعَ آخَرَ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ قُبِلَتْ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ قَيَّدَهُ بِشَرْطٍ لَا يُلَائِمُهُ فَإِنَّهُ ثَبَتَ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَنْ قَالَ: كُلُّ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيَّ فُلَانٌ فَأَنَا مُقِرٌّ بِهِ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّهُ يُشْبِهُ وَعْدًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ.

فِي: رَجُلٌ كَانَ يَسْتَدِينُ مِنْ زَيْدٍ وَيَدْفَعُ لَهُ ثُمَّ تَحَاسَبَا عَلَى مَبْلَغِ دَيْنٍ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ الرَّجُلِ، وَأَقَرَّ الرَّجُلُ بِأَنَّ ذَلِكَ آخِرُ كُلِّ قَبْضٍ وَحِسَابٍ، ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ يُرِيدُ نَقْضَ ذَلِكَ وَإِعَادَةَ الْحِسَابِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟

الْجَوَابُ: نَعَمْ لِقَوْلِ الدُّرَرِ لَا عُذْرَ لِمَنْ أَقَرَّ سَائِحَانِيٌّ وَفِيهَا فِي شَرِيكَيْ تِجَارَةٍ حَسَبَ لَهُمَا جَمَاعَةٌ الدَّفَاتِرَ فَتَرَاضَيَا وَانْفَصَلَ الْمَجْلِسُ وَقَدْ ظَنَّا صَوَابَ الْجَمَاعَةِ فِي الْحِسَابِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ فِي الْحِسَابِ لَدَى جَمَاعَةٍ أُخْرَى، فَهَلْ يَرْجِعُ لِلصَّوَابِ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ لِقَوْلِ الْأَشْبَاهِ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ.

فِي شَرِيكَيْ عِنَانٍ تَحَاسَبَا ثُمَّ افْتَرَقَا بِلَا إبْرَاءٍ أَوْ بَقِيَا عَلَى الشَّرِكَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ أَوْصَلَ لِشَرِيكِهِ أَشْيَاءَ مِنْ الشَّرِكَةِ غَيْرَ مَا تَحَاسَبَا عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَلَا بَيِّنَةَ، فَطَلَبَ الْمُدَّعِي يَمِينَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ؟

الْجَوَابُ نَعَمْ اهـ (قَوْلُهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ) سَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا قُبَيْلَ بَابِ الْعِتْقِ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ حِصَّتُهُ) عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ، وَسَيَجِيءُ أَيْضًا وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ وِفَاقًا، وَفِي مَجْمُوعَةِ مُنْلَا عَلِيٍّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ وَالثَّلَاثِينَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِذَا مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَ كُلُّ ابْنٍ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا رحمهم الله. لَنَا أَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ شَائِعٍ فِي الْكُلِّ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي يَدِهِ وَثُلُثَاهُ فِي يَدِ شَرِيكَيْهِ، فَمَا كَانَ إقْرَارًا فِيمَا فِي يَدِهِ يُقْبَلُ، وَمَا كَانَ إقْرَارًا فِي يَدِ غَيْرِهِ لَا يُقْبَلُ فَوَجَبَ أَنْ يُسْلَمَ إلَيْهِ أَيْ إلَى الْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ هَذَا الْمُقِرُّ مَعَ آخَرَ) وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ح: يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ مَاتَ مُوَرِّثُكَ فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ يَسْأَلُهُ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ، فَلَوْ أَقَرَّ وَكَذَّبَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُقْضَ بِإِقْرَارِهِ حَتَّى شَهِدَ هَذَا الْمُقِرُّ وَأَجْنَبِيٌّ مَعَهُ يُقْبَلُ وَيُقْضَى عَلَى الْجَمِيعِ وَشَهَادَتُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَقَرَّ الْوَارِثُ أَوْ نَكَلَ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُؤْخَذُ كُلُّ الدَّيْنِ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى إرْثِهِ وَقَالَ ث: هُوَ الْقِيَاسُ وَلَكِنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدِي أَنْ يَلْزَمَهُ مَا يَخُصُّهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَابَعَهُمْ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْدَلُ وَأَبْعَدُ مِنْ الضَّرَرِ بِهِ، وَلَوْ بَرْهَنَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ وِفَاقًا انْتَهَى. بَقِيَ مَا لَوْ بَرْهَنَا عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِدَيْنِهِ بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ: فَهَلْ لِلدَّائِنِ أَخْذُهُ كُلِّهِ مِنْ حِصَّةِ الْحَاضِرِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوَاهُ: وَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ؟ نَعَمْ: فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَأْخُذُ مِنْهُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ اهـ مُلَخَّصًا.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا: وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ الطَّالِبُ عَلَى هَذَا الْمُقِرِّ: تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ كَمَا فِي وَكِيلٍ قَبَضَ الْعَيْنَ

ص: 602

بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ بَلْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ فَلْتُحْفَظْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ دُرَرٌ.

(أَشْهَدَ عَلَى أَلْفٍ فِي مَجْلِسٍ وَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ آخَرَيْنِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) بِلَا بَيَانِ السَّبَبِ (لَزِمَ) الْمَالَانِ (أَلْفَانِ) كَمَا اخْتَلَفَ السَّبَبُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اتَّحَدَ السَّبَبُ أَوْ الشُّهُودُ أَوْ أَشْهَدَ عَلَى صَكٍّ وَاحِدٍ أَوْ أَقَرَّ عِنْدَ الشُّهُودِ ثُمَّ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ بِعَكْسِهِ ابْنُ مَلَكٍ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعَرَّفَ أَوْ الْمُنَكَّرَ إذَا أُعِيدَ مُعَرَّفًا كَانَ الثَّانِي عَيْنَ الْأَوَّلِ أَوْ مُنَكَّرًا فَغَيْرَهُ وَلَوْ نَسِيَ الشُّهُودُ أَفِي مَوْطِنٍ أَوْ مَوْطِنَيْنِ فَهُمَا مَالَانِ مَا لَمْ يُعْلَمْ اتِّحَادُهُ وَقِيلَ وَاحِدٌ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةُ. (أَقَرَّ

ــ

[رد المحتار]

لَوْ أَقَرَّ مَنْ عِنْدَهُ الْعَيْنُ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِهَا لَا يَكْفِي إقْرَارُهُ، وَيُكَلَّفُ الْوَكِيلُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ قَبْضُ ذَلِكَ فَكَذَا هُنَا اهـ (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ) وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ فِي نَصِيبِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ مَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ الْمَغْرَمِ عَنْهُ بَاقَانِيٌّ وَدُرَرٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ

(قَوْلُهُ أَشْهَدَ عَلَى أَلْفٍ إلَخْ) نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ رِوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ لَيْسَ مَا فِي الْمَتْنِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إحْدَاهُمَا أَنْ يَلْزَمَهُ الْمَالَانِ إنْ أَشْهَدَ فِي الْمَجْلِسِ الثَّانِي عَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَإِنْ أَشْهَدَ غَيْرَهُمَا كَانَ الْمَالُ وَاحِدًا وَأَحْرَاهُمَا أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ عَلَى كُلِّ إقْرَارٍ شَاهِدَيْنِ يَلْزَمُهُ الْمَالَانِ جَمِيعًا سَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ الثَّانِي الْأَوَّلَيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا اهـ فَلُزُومُ الْمَالَيْنِ إنْ أَشْهَدَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ آخَرَيْنِ لَيْسَ وَاحِدًا مِمَّا ذُكِرَ وَنُقِلَ فِي الدُّرَرِ عَنْ الْإِمَامِ الْأُولَى وَأَبْدَلَ الثَّانِيَةَ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُتَابَعَةً لَهُ وَاعْتَرَضَهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ بِمَا ذَكَرْنَا وَأَنَّهُ ابْتِدَاعُ قَوْلٍ ثَالِثٍ غَيْرِ مُسْنَدٍ إلَى أَحَدٍ وَلَا مَسْطُورٍ فِي الْكُتُبِ (قَوْلُهُ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَشْهَدَ أَوَّلًا وَاحِدًا وَثَانِيًا آخَرَ فِي مَوْطِنٍ أَوْ مَوْطِنَيْنِ فَالْمَالُ وَاحِدٌ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَوْ أَشْهَد عَلَى الْأَوَّلِ وَاحِدًا وَعَلَى الثَّانِي أَكْثَرَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَالْمَالُ وَاحِدٌ عِنْدَهُمَا وَكَذَا عِنْدَهُ عَلَى الظَّاهِرِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ لَزِمَ أَلْفَانِ) وَاعْلَمْ أَنَّ تَكْرَارَ الْإِقْرَارِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِسَبَبٍ أَوْ مُطْلَقًا. وَالْأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا بِسَبَبٍ مُتَّحِدٍ، فَيَلْزَمُ مَالٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ أَوْ بِسَبَبٍ مُخْتَلِفٍ فَمَالَانِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَإِمَّا بِصَكٍّ أَوَّلًا وَالْأَوَّلُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا بِصَكٍّ وَاحِدٍ فَالْمَالُ وَاحِدٌ مُطْلَقًا، أَوْ بِصَكَّيْنِ فَمَالَانِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ يَلْزَمُ مَالَانِ عِنْدَهُ وَوَاحِدٌ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِي مَوْطِنَيْنِ، فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى الثَّانِي شُهُودَ الْأَوَّلِ فَمَالٌ وَاحِدٌ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمَطْلُوبُ هُمَا مَالَانِ وَإِنْ أَشْهَدَ غَيْرَهُمَا فَمَالَانِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَنْهُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ، وَهُوَ إنْ اتَّحَدَ الْمَشْهُودُ فَمَالَانِ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَوَاحِدٌ عِنْدَهُمَا. وَأَمَّا عِنْدَهُ فَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِهِ مَالَانِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ مَالٌ وَاحِدٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ السَّرَخْسِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيُّ مَالَانِ وَعَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ وَاحِدٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَكُلُّ ذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ الشَّرْحِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ رِوَايَةٌ مَنْقُولَةٌ وَأَنَّ اعْتِرَاضَ الْعَزْمِيَّةِ عَلَى الدُّرَرِ مَرْدُودٌ حَيْثُ جَعَلَهُ قَوْلًا مُبْتَدَعًا غَيْرَ مَسْطُورٍ فِي الْكُتُبِ مُسْتَنِدًا إلَى أَنَّهُ فِي الْخَانِيَّةِ حَكَى فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ الْأُولَى لُزُومُ مَالَيْنِ إنْ اتَّحَدَ الشُّهُودُ، وَإِلَّا فَمَالٌ

الثَّانِيَةُ لُزُومُ مَالَيْنِ إنْ أَشْهَدَ عَلَى كُلِّ إقْرَارٍ شَاهِدَيْنِ اتَّحَدَا أَوْ لَا وَقَدْ أَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ) وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فِي الْبَزَّازِيَّةِ جَعَلَ الصِّفَةَ كَالسَّبَبِ حَيْثُ قَالَ: إنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ بِيضٍ ثُمَّ بِأَلْفٍ سُودٍ فَمَالَانِ وَلَوْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ اخْتِلَافَ السَّبَبِ، وَزَعَمَ الْمُقِرُّ اتِّحَادَهُ أَوْ الصَّكَّ أَوْ الْوَصْفَ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ وَلَوْ اتَّحَدَ السَّبَبُ وَالْمَالُ الثَّانِي أَكْثَرُ يَجِبُ الْمَالَانِ، وَعِنْدَهُمَا يَلْزَم الْأَكْثَرُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ اتَّحَدَ السَّبَبُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ثَمَنُ هَذَا الْعَبْدِ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَهُ كَذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ أَوْ الشُّهُودُ) هَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ السَّرَخْسِيُّ كَمَا عَلِمْتَهُ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ عِنْدَ الْقَاضِي) وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي فِي مَجْلِسٍ ط (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعَرَّفَ) كَالْإِقْرَارِ بِسَبَبٍ مُتَّحِدٍ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُنَكَّرَ) كَالسَّبَبَيْنِ وَكَالْمُطْلَقِ عَنْ السَّبَبِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَسِيَ الشُّهُودُ) فِي صُورَةِ تَعَدُّدِ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ) وَنَقَلَهَا فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ أَقَرَّ) أَيْ بِدَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا

ص: 603

ثُمَّ ادَّعَى) الْمُقِرُّ (أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي الْإِقْرَارِ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ) عِنْدَ الثَّانِي وَبِهِ يُفْتَى دُرَرٌ (وَكَذَا) الْحُكْمُ يَجْرِي (لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُقِرِّ) فَيَحْلِفُ (وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْيَمِينُ عَلَيْهِمْ) بِالْعِلْمِ أَنَّا لَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.

ــ

[رد المحتار]

فِي آخِرِ الْكَنْزِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَى) ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَنْزِ فِي شَتَّى الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفْتَى) وَهُوَ الْمُخْتَارُ بَزَّازِيَّةٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا ادَّعَى الْإِقْرَارَ كَاذِبًا يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ، أَوْ وَارِثُهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ مُضْطَرًّا إلَى الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ أَوْ لَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي فِي مَسَائِلَ شَتَّى قُبَيْلَ كِتَابِ الصُّلْحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَقَرَّ بِمَالٍ فِي صَكٍّ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ قَرْضٌ، وَبَعْضَهُ رِبًا إلَخْ حَيْثُ نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُفْتَى بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ: مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ أَنَّ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ كَاذِبًا فِي صُورَةٍ يُوجَدُ فِيهَا اضْطِرَارُ الْمُقِرِّ إلَى الْكَذِبِ فِي الْإِقْرَارِ كَالصُّورَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَنَحْوِهَا، كَذَا فِي حَاشِيَةِ مِسْكِينٍ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدٍ أَبِي السُّعُودِ الْمِصْرِيِّ، وَفِي أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْحَمْلُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ هُنَاكَ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ فَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الرُّجُوعِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ مُطْلَقًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ لَا يَحْلِفُ بَزَّازِيَّةٌ وَالْأَصَحُّ التَّحْلِيفُ حَامِدِيَّةٌ عَنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَقَرَّ فَمَاتَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: إنَّهُ أَقَرَّ كَاذِبًا فَلَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ وَالْمُقَرُّ لَهُ عَالِمٌ بِهِ لَيْسَ لَهُمْ تَحْلِيفُهُ؛ إذْ وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُمْ بِمَالِ الْمُقِرِّ فَصَحَّ الْإِقْرَارُ وَحَيْثُ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ صَارَ حَقًّا لِلْمُقَرِّ لَهُ ص.

أَقَرَّ وَمَاتَ فَقَالَ وَرَثَتُهُ: إنَّهُ أَقَرَّ تَلْجِئَةً حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ بِاَللَّهِ لَقَدْ أَقَرَّ لَك إقْرَارًا صَحِيحًا ط.

وَارِثٌ ادَّعَى أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَقَرَّ تَلْجِئَةً قَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ كَاذِبًا لَا يُقْبَلُ قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ يَقُولُ الْحَقِيرُ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّحِدَ حُكْمُ الْمَسْأَلَتَيْنِ ظَاهِرًا؛ إذْ الْإِقْرَارُ كَاذِبًا مَوْجُودٌ فِي التَّلْجِئَةِ أَيْضًا، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّ التَّلْجِئَةَ أَنْ يُظْهِرَ أَحَدُ شَخْصَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا فِي الْعَلَنِ خِلَافَ مَا تَوَاضَعَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ فَفِي دَعْوَى التَّلْجِئَةِ يَدَّعِي الْوَارِثُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِعْلًا لَهُ وَهُوَ تَوَاضُعُهُ مَعَ الْمُقِرِّ فِي السِّرِّ، فَلِذَا يَحْلِفُ بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِقْرَارِ كَاذِبًا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أُوتِيَ فَهْمًا صَافِيًا اهـ مِنْ أَوَاخِرِ الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ كَاذِبًا إنَّمَا تُسْمَعُ إذَا لَمْ يَكُنْ إبْرَاءً عَامًّا فَلَوْ كَانَ لَا تُسْمَعُ لَكِنْ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ نُجَيْمٍ رِسَالَةٌ فِي:

امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ فِي صِحَّتِهَا لِبِنْتِهَا فُلَانَةَ بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ وَقَعَ بَيْنَهُمَا تَبَارُؤٌ عَامٌّ ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى الْوَصِيُّ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ، فَأَفْتَى بِسَمَاعِ دَعْوَاهُ وَتَحْلِيفِ الْبِنْتِ، وَعَدَمُ صِحَّةِ الْحُكْمِ قَبْلَ التَّحْلِيفِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِخِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ وَأَنَّ الْإِبْرَاءَ هُنَا لَا يُمْنَعُ، لِأَنَّ الْوَصِيَّ: يَدَّعِي عَدَمَ لُزُومِ شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ الْمُقِرُّ الْمَالَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي اسْتِرْجَاعَ الْمَالِ، وَالْبَرَاءَةُ مَانِعَةٌ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا فِي الْأُولَى فَإِنَّهُ لَمْ يَدَّعِ اسْتِرْجَاعَ شَيْءٍ وَإِنَّمَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فَافْتَرَقَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 604