الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتِّفَاقًا وَقَيَّدْنَا بِالْهِبَةِ لِجَوَازِ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ اثْنَيْنِ اتِّفَاقًا
(وَإِذَا تَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ) دَرَاهِمَ (أَوْ وَهَبَهَا لِفَقِيرَيْنِ صَحَّ) لِأَنَّ الْهِبَةَ لِلْفَقِيرِ صَدَقَةٌ، وَالصَّدَقَةُ يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ - تَعَالَى، وَهُوَ وَاحِدٌ فَلَا شُيُوعَ (لَا لِغَنِيَّيْنِ) لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ فَلَا تَصِحُّ لِلشُّيُوعِ أَيْ لَا تُمْلَكُ حَتَّى لَوْ قَسَّمَهَا وَسَلَّمَهَا صَحَّ.
[فُرُوعٌ] وَهَبَ لِرَجُلَيْنِ دِرْهَمًا إنْ صَحِيحًا صَحَّ، وَإِنْ مَغْشُوشًا لَا لِأَنَّهُ مِمَّا يُقْسَمُ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ.
مَعَهُ دِرْهَمَانِ فَقَالَ لِرَجُلٍ: وَهَبْت لَك أَحَدَهُمَا أَوْ نِصْفَهُمَا إنْ اسْتَوَيَا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ اخْتَلَفَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَشَاعٌ لَا يُقْسَمُ؛ وَلِذَا لَوْ وَهَبَ ثُلُثَهُمَا جَازَ مُطْلَقًا.
تَجُوزُ هِبَةُ حَائِطٍ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ لِجَارٍ، وَهِبَةُ الْبَيْتِ مِنْ الدَّارِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ سَقْفِ الْوَاهِبِ عَلَى الْحَائِطِ وَاخْتِلَاطِ الْبَيْتِ بِحِيطَانِ الدَّارِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ مُجْتَبَى.
بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ
(صَحَّ الرُّجُوعُ فِيهَا بَعْدَ الْقَبْضِ) أَمَّا قَبْلَهُ فَلَمْ تَتِمَّ الْهِبَةُ (مَعَ انْتِفَاعِ مَانِعِهِ) الْآتِي (وَإِنْ كُرِهَ) الرُّجُوعُ (تَحْرِيمًا) وَقِيلَ: تَنْزِيهًا نِهَايَةٌ (وَلَوْ مَعَ إسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الرُّجُوعِ) فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ خَانِيَّةٌ.
وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْ الرُّجُوعِ وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى شَيْءٍ صَحَّ وَكَانَ عِوَضًا عَنْ الْهِبَةِ لَكِنْ سَيَجِيءُ
ــ
[رد المحتار]
لَهُ وِلَايَةٌ تَتِمُّ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) لِتَفْرِيقِ الْقَبْضِ.
(قَوْلُهُ صَدَقَةٌ) اُنْظُرْ مَا نَكْتُبُهُ بَعْدَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ: وَلَوْ قَالَ: وَهَبْت مِنْكُمَا هَذِهِ الدَّارَ، وَالْمَوْهُوبُ لَهُمَا فَقِيرَانِ صَحَّتْ الْهِبَةُ بِالْإِجْمَاعِ تَتَارْخَانِيَّةٌ لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ، وَفِي الْأَصْلِ هِبَةُ الدَّارِ مِنْ رَجُلَيْنِ لَا تَجُوزُ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَكَذَا الصَّدَقَةُ، أَيْ عَلَى غَنِيَّيْنِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَصَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْقِ (قَوْلُهُ لَا لِغَنِيَّيْنِ) هَذَا قَوْلُهُ، وَقَالَا: يَجُوزُ، وَفِي الْأَصْلِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَجُوزُ، وَكَذَا الصَّدَقَةُ عِنْدَهُ فَفِي الصَّدَقَةِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَا تُمْلَكُ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْفَاسِدَةَ تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّمْنَا تَرْجِيحَهُ تَأَمَّلْ،. .
(قَوْلُهُ لَوْ قَسَّمَهَا إلَخْ) قَالَهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: إنْ اسْتَوَيَا) أَيْ وَزْنًا وَجَوْدَةً خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ جَازَ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ التَّفْصِيلَ فِيمَا إذَا قَالَ: نِصْفُهُمَا، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: لَكَ هِبَةٌ لَمْ يَجُزْ كَانَا سَوَاءً أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (قَوْلُهُ: ثُلُثُهُمَا جَازَ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: سَابِقًا أَوْ نِصْفَهُمَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا نِصْفُ كُلٍّ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثُّلُثِ فِي الشِّيَاعِ، بِخِلَافِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) اسْتَوَيَا أَوْ اخْتَلَفَا مِنَحٌ (قَوْلُهُ: تَجُوزُ هِبَةُ حَائِطٍ إلَخْ) وَفِي الذَّخِيرَةِ: هِبَةُ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ جَائِزَةٌ، وَفِي الْفَتَاوَى عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ غَلَّةً وَهِيَ قَائِمَةٌ لَا يَكُونُ قَابِضًا لَهَا حَتَّى يَقْطَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ، وَفِي الشِّرَاءِ إذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا صَارَ قَابِضًا لَهَا مُتَفَرِّقَاتِ التَّتَارْخَانِيَّة وَقَدَّمْنَا نَحْوَهُ عَنْ حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ لِلرَّمْلِيِّ.
[بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ]
فِي الْهَامِشِ: وَلَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: أَسْقَطْت حَقِّي فِي الرُّجُوعِ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِيهِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ سَيَجِيءُ) أَيْ عَنْ الْمُجْتَبَى وَالضَّمِيرُ فِي اشْتِرَاطِهِ لِلْعِوَضِ.
قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَقَدْ يُقَالُ مَا فِي الْجَوَاهِرِ لَمْ يَدْخُلْ فِي كَلَامِ الْمُجْتَبَى إذْ مَا فِي الْجَوَاهِرِ صَلُحَ عَنْ حَقِّ الرُّجُوعِ نَصًّا، وَقَدْ صَحَّ الصُّلْحُ فَلَزِمَ سُقُوطُهُ ضِمْنًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْقَطَهُ قَصْدًا فَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَلَا يَثْبُتُ قَصْدًا، وَلَيْسَ بِحَقٍّ مُجَرَّدٍ حَتَّى يُقَالَ بِمَنْعِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا فِي الْمُجْتَبَى
اشْتِرَاطُهُ فِي الْعَقْدِ
(وَيَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيهَا) حُرُوفُ (دمع خزقه) يَعْنِي الْمَوَانِعَ السَّبْعَةَ الْآتِيَةَ (فَالدَّالُّ الزِّيَادَةُ) فِي نَفْسِ الْعَيْنِ الْمُوجِبَةِ لِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ (الْمُتَّصِلَةِ) وَإِنْ زَالَتْ قَبْلَ الرُّجُوعِ كَأَنْ شَبَّ ثُمَّ شَاخَ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ، وَاعْتَمَدَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ (كَبِنَاءٍ وَغَرْسٍ) إنْ عُدَّا زِيَادَةً فِي كُلِّ الْأَرْضِ وَإِلَّا رَجَعَ وَلَوْ عُدَّا فِي قِطْعَةٍ مِنْهَا امْتَنَعَ فِيهَا فَقَطْ زَيْلَعِيٌّ (وَسَمْنٍ) وَجَمَالٍ وَخِيَاطَةٍ وَصَبْغٍ وَقَصْرِ ثَوْبٍ وَكِبَرِ صَغِيرٍ وَسَمَاعِ أَصَمَّ وَإِبْصَارِ أَعْمَى وَإِسْلَامِ عَبْدٍ وَمُدَاوَاتِهِ وَعَفْوِ جِنَايَةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ وَنَقْطِ مُصْحَفٍ بِإِعْرَابِهِ، وَحَمْلِ تَمْرٍ مِنْ بَغْدَادَ إلَى بَلْخٍ مَثَلًا وَنَحْوِهَا.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْحَبَلُ إنْ زَادَ خَيْرًا مَنَعَ الرُّجُوعَ
ــ
[رد المحتار]
مَسْأَلَةٌ أُخْرَى فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُهُ) أَيْ الْعِوَضِ لَكِنْ سَيَجِيءُ الْبَحْثُ فِي هَذَا الِاشْتِرَاطِ.
(قَوْلُهُ: وَيَمْنَعُ الرُّجُوعَ إلَخْ) هُوَ كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ
وَيَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِي فَضْلِ الْهِبَهْ
…
يَا صَاحِبِي حُرُوفُ دَمْعِ خَزِقَهْ
قَالَ الرَّمْلِيُّ: قَدْ نَظَمَ ذَلِكَ وَالِدِي الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحْيِي الدِّينِ فَقَالَ:
مَنَعَ الرُّجُوعَ مِنْ الْوَاهِبِ سَبْعَةٌ
…
فَزِيَادَةٌ مَوْصُولَةٌ مَوْتٌ عِوَضْ
وَخُرُوجُهَا عَنْ مِلْكِ مَوْهُوبٍ لَهُ
…
زَوْجِيَّةٌ قُرْبُ هَلَاكٍ قَدْ عَرَضْ
(قَوْلُهُ: يَعْنِي: الْمَوَانِعُ) لَا يُقَالُ بَقِيَ مِنْ الْمَوَانِعِ الْفَقْرُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ فِي الْهِبَةِ لِلْفَقِيرِ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَالدَّالُ الزِّيَادَةُ) قُيِّدَ بِهَا؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ كَالْحَبَلِ وَقَطْعِ الثَّوْبِ بِفِعْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ لَا غَيْرُ مَانِعٍ بَحْرٌ وَفِي الْحِيَلِ كَلَامٌ يَأْتِي (قَوْلُهُ: فِي نَفْسِ الْعَيْنِ) خَرَّجَ الزِّيَادَةَ مِنْ حَيْثُ السِّعْرُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: الْقِيمَةِ) خَرَّجَ الزِّيَادَةَ فِي الْعَيْنِ فَقَطْ كَطُولِ الْغُلَامِ وَفِدَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَوْ جَنَى الْمَوْهُوبُ خَطَأً بَحْرٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ كَأَنْ شَبَّ ثُمَّ شَاخَ) فِيهِ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ زَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ؛ وَلِهَذَا سَمَّوْهَا مَوَانِعَ وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ مَانِعُ الزِّيَادَةِ إذَا ارْتَفَعَ كَمَا إذَا بَنَى ثُمَّ هَدَمَ عَادَ حَقُّ الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ الظَّنِّ أَنَّهُ يُنَافِيهِ مَا فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ حِينَ زَادَ لَا يَعُودُ حَقُّ الرُّجُوعِ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا زَادَ وَانْتَقَصَ جَمِيعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ نَفْسُهُ اهـ.
قُلْت: فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِنَاءً فَإِنَّهُ يَعُودُ حَقُّ الرُّجُوعِ، وَالْمَانِعُ مِنْ الرُّجُوعِ الزِّيَادَةُ فِي الْعَيْنِ كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّاقِطَ) تَعْلِيلٌ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ح (قَوْلُهُ وَإِلَّا رَجَعَ) أَيْ إنْ لَمْ يُعَدَّا زِيَادَةً رَجَعَ، قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَهَبَ دَارًا فَبَنَى الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي بَيْتِ الضِّيَافَةِ الَّتِي تُسَمَّى بِالْفَارِسِيَّةِ كاسناه - تَنُّورًا لِلْخُبْزِ، كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا يُعَدُّ نُقْصَانًا لَا زِيَادَةً اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عُدَّا إلَخْ) مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي كُلِّ الْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ: فِي قِطْعَةٍ مِنْهَا بِأَنْ كَانَتْ عَظِيمَةً (قَوْلُهُ وَمُدَاوَاتُهُ) أَيْ لَوْ كَانَ مَرِيضًا مِنْ قَبْلُ فَلَوْ مَرِضَ عِنْدَهُ فَدَاوَاهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَحَمْلِ تَمْرٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ نَقَلَهُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان حَتَّى ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ، وَاحْتَاجَ فِيهِ إلَى مُؤْنَةِ النَّقْلِ.
ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ عِنْدَهُمَا يَنْقَطِعُ الرُّجُوعُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تَحْصُلْ فِي الْعَيْنِ، فَصَارَ كَزِيَادَةِ السِّعْرِ. .
وَلَهُمَا أَنَّ الرُّجُوعَ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْكِرَاءِ وَمُؤْنَةِ النَّقْلِ بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْعَبْدِ، لِأَنَّهَا بِبَدَلٍ، وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ، وَالْمُؤْنَةُ بِلَا بَدَلٍ اهـ.
قُلْت: وَرَأَيْت فِي شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِلسَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْهِبَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَأَخْرَجَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ إلَى مَوْضِعٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى حَمْلِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِيهَا زِيَادَةٌ بِصُنْعِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنَّهَا كَانَتْ مُشْرِفَةً عَلَى الْهَلَاكِ فِي مَضْيَعَةٍ، وَقَدْ أَحْيَاهَا بِالْإِخْرَاجِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ اهـ لَكِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي صُورَةِ مَا إذَا أَلْقَى شَيْئًا، وَقَالَ حِينَ أَلْقَاهَا: مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّاسِعِ وَالتِّسْعِينَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ) أَقُولُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ جَزَمَ بِهِ
وَإِنْ نَقَصَ لَا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الزِّيَادَةِ فَفِي الْمُتَوَلِّدَةِ كَكِبَرٍ الْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ، وَفِي نَحْوِ بِنَاءٍ وَخِيَاطَةٍ وَصَبْغٍ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ خَانِيَّةٌ وَحَاوِي وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَ لَا يَبْنِي فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ (لَا) تُمْنَعُ الزِّيَادَةُ (الْمُنْفَصِلَةُ كَوَلَدٍ وَأَرْشٍ وَعُقْرٍ) وَثَمَرَةٍ فَيَرْجِعُ فِي الْأَصْلِ لَا الزِّيَادَةِ لَكِنْ لَا يَرْجِعُ بِالْأُمِّ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ الْوَلَدُ عَنْهَا كَذَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ لَكِنْ نَقَلَ الْبُرْجَنْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. وَلَوْ حَبَلَتْ وَلَمْ تَلِدْ هَلْ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ؟ قَالَ فِي السِّرَاجِ: لَا وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: نَعَمْ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ مَرِيضٌ مَدْيُونٌ بِمُسْتَغْرِقٍ وَهَبَ أَمَةً فَمَاتَ وَقَدْ وُطِئَتْ يَرُدُّهَا مَعَ عُقْرِهَا هُوَ الْمُخْتَارُ
ــ
[رد المحتار]
فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ لَا) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالْجَوَارِي فِي هَذَا تَخْتَلِفُ فَمِنْهُنَّ مَنْ إذَا حَبِلَتْ اصْفَرَّ لَوْنُهَا وَدَقَّ سَاقُهَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ نَقْصًا فِيهَا لَا يَمْنَعُ الْوَاهِبَ مِنْ الرُّجُوعِ اهـ، وَيَنْبَغِي حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَبَلُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَوْ مِنْهُ لَا رُجُوعَ، لِأَنَّهَا ثَبَتَ لَهَا بِالْحَمْلِ مِنْهُ وَصْفٌ لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ وَهُوَ أَنَّهَا تَأَهَّلَتْ لِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدِهِ كَمَا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ بِالْفِعْلِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَفَقُّهًا، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ إذَا دَبَّرَ الْعَبْدَ الْمَوْهُوبَ انْقَطَعَ الرُّجُوعُ.
ط (قَوْلُهُ كَوَلَدٍ) بِنِكَاحٍ أَوْ سِفَاحٍ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ: قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ) أَقُولُ وَظَاهِرُ الْخَانِيَّةِ اعْتِمَادُ خِلَافِهِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ وَلَدَتْ الْهِبَةُ وَلَدًا كَانَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْأُمِّ فِي الْحَالِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ الْوَلَدُ عَنْهَا ثُمَّ يَرْجِعُ فِي الْأُمِّ دُونَ الْوَلَدِ اهـ وَكَتَبْنَا فِي أَوَّلِ الْعِتْقِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَالْوَلَدُ تَبَعُ الْأُمِّ. . . إلَخْ، مَسْأَلَةَ الْحَبَلِ فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَبِلَتْ) تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ الْحَبَلَ إنْ زَادَ خَيْرًا مَنَعَ وَإِنْ نَقَصَ لَا، فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَلِدْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ ثَبَتَ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ زَالَ الْبِنَاءُ تَأَمَّلْ، (قَوْلُهُ: وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ إلَخْ) وَالتَّوْفِيقُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَعَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ) لِأَنَّهُ نُقْصَانٌ وَقَدَّمَ فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ عَنْ النَّهْرِ أَنَّ الْحَبَلَ عَيْبٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ لَا فِي الْبَهَائِمِ اهـ (قَوْلُهُ: مَرِيضٌ مَدْيُونٌ إلَخْ) .
[فُرُوعٌ] وَهَبَ فِي مَرَضِهِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى مَاتَ بَطَلَتْ الْهِبَةُ، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَصِيَّةً حَتَّى اُعْتُبِرَ فِيهِ الثُّلُثُ فَهُوَ هِبَةٌ حَقِيقَةً، فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ.
وَهَبَ الْمَرِيضُ عَبْدًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، ثُمَّ مَاتَ وَقَدْ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ، وَيَضْمَنُ ثُلُثَيْهِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَالْوَاهِبُ مَدْيُونٌ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ جَازَ وَبَعْدَ مَوْتِ الْوَاهِبِ لَا لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ: وَهِيَ لَا تُعْمَلُ حَالَ قِيَامِ الدَّيْنِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْوَاهِبُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَمَاتَ لَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ لِجَوَازِ الْإِعْتَاقِ وَلِعَدَمِ الْمِلْكِ يَوْمَ الْمَوْتِ بَزَّازِيَّةٌ وَرَأَيْت فِي مَجْمُوعَةِ مُنْلَا عَلِيٍّ الصَّغِيرَة بِخَطِّهِ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ حَاجًّا فَوَقَعَتْ مَسْأَلَةُ الدَّوْرِ بِالْكُوفَةِ، فَتَكَلَّمَ كُلُّ فَرِيقٍ بِنَوْعٍ فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ حِينَ اسْتَقْبَلُوهُ فَقَالَ مِنْ غَيْرِ فِكْرٍ وَلَا رِوَايَةٍ: أَسْقِطُوا السَّهْمَ الدَّائِرَةَ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ.
مِثَالُهُ مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدًا لَهُ مِنْ مَرِيضٍ، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْ الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَا جَمِيعًا وَلَا مَالَ لَهُمَا غَيْرُهُ، فَإِنَّهُ وَقَعَ فِيهِ الدَّوْرُ، حَتَّى رَجَعَ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ زَادَ فِي مَالِهِ وَإِذَا زَادَ فِي مَالِهِ زَادَ فِي ثُلُثِهِ وَإِذَا زَادَ فِي ثُلُثِهِ زَادَ فِيمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ وَإِذَا زَادَ فِيمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ زَادَ فِي ثُلُثِهِ ثُمَّ لَا يَزَالُ كَذَلِكَ فَاحْتِيجَ إلَى تَصْحِيحِ الْحِسَابِ، وَطَرِيقُهُ أَنْ تَطْلُبَ حِسَابًا لَهُ ثُلُثٌ وَأَقَلُّهُ تِسْعَةٌ ثُمَّ تَقُولَ: صَحَّتْ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْهَا وَيَرْجِعُ مِنْ الثَّلَاثَةِ سَهْمٌ إلَى الْوَاهِبِ الْأَوَّلِ فَهَذَا السَّهْمُ هُوَ سَهْمُ الدَّوْرِ فَأَسْقِطْهُ مِنْ الْأَصْلِ بَقِيَ ثَمَانِيَةٌ وَمِنْهَا تَصِحُّ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَسْقِطُوا السَّهْمَ الدَّائِرَ، وَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَالْهِبَةُ الثَّانِيَةُ فِي سَهْمٍ فَيَحْصُلُ لِلْوَاهِبِ الْأَوَّلِ سِتَّةٌ ضِعْفُ مَا صَحَّحْنَاهُ فِي هِبَتِهِ، وَصَحَّحْنَا الْهِبَةَ الثَّانِيَةَ فِي ثُلُثِ مَا أَعْطَيْنَا فَثَبَتَ أَنَّ تَصْحِيحَهُ بِإِسْقَاطِ سَهْمِ الدَّوْرِ وَقِيلَ: دَعْ الدَّوْرَ يَدُورُ فِي الْهَوَاءِ. اهـ مُلَخَّصًا، وَفِيهِ حِكَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فَلْتُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ وُطِئَتْ) أَيْ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ
وَالْمِيمُ مَوْتُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) بَعْدَ التَّسْلِيمِ فَلَوْ قَبْلَهُ بَطَلَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا، وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الْوَارِثِ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ، وَقَدْ نَظَمَ الْمُصَنِّفُ مَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَقَالَ:
كَفَّارَةٌ دِيَهْ خَرَاجْ وَرَابِعٌ
…
ضَمَانٌ لِعِتْقٍ هَكَذَا نَفَقَاتُ
كَذَاهِبَةٍ حُكْمُ الْجَمِيعِ سُقُوطُهَا
…
بِمَوْتٍ لِمَا أَنَّ الْجَمِيعَ صِلَاتُ
(وَالْعَيْنُ الْعِوَضُ) بِشَرْطِ أَنْ يَذْكُرَ لَفْظًا يَعْلَمُ الْوَاهِبُ أَنَّهُ عِوَضُ كُلِّ هِبَتِهِ (فَإِنْ قَالَ: خُذْهُ عِوَضَ هِبَتِك أَوْ بَدَلَهَا) أَوْ فِي مُقَابَلَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (فَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ سَقَطَ الرُّجُوعُ) وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ عِوَضٌ رَجَعَ كُلٌّ بِهِبَتِهِ (وَ) لِذَا (يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرَائِطُ الْهِبَةِ) كَقَبْضٍ وَإِفْرَازٍ وَعَدَمِ شُيُوعٍ، وَلَوْ الْعِوَضُ مُجَانِسًا أَوْ يَسِيرًا، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ
ــ
[رد المحتار]
أَوْ غَيْرِهِ ط.
(قَوْلُهُ: وَالْمِيمُ إلَخْ) لِيَنْظُرَ مَا لَوْ حُكِمَ بِلَحَاقِهِ مُرْتَدًّا أَمَّا إذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ انْتَقَلَ إلَى الْوَرَثَةِ. وَأَمَّا إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ، فَلِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يُوجِبْ حَقَّ الرُّجُوعِ إلَّا لِلْوَاهِبِ، وَالْوَارِثُ لَيْسَ بِوَاهِبٍ دُرَرٌ. قُلْت: مُفَادُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حُكِمَ بِلَحَاقِهِ مُرْتَدًّا، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلْيُرَاجَعْ صَرِيحُ النَّقْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ بَطَلَ) يَعْنِي عَقْدَ الْهِبَةِ، وَالْأَوْلَى بَطَلَتْ أَيْ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ قَبْلَ تَمَامِ الْهِبَةِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ الشَّخْصَانِ لَا بِقَيْدِ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ كَانَ التَّرْكِيبُ يُوهِمُهُ بِأَنْ قَالَ وَارِثُ الْوَاهِبِ: مَا قَبَضْته فِي حَيَاتِهِ، وَإِنَّمَا قَبَضْته بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: بَلْ قَبَضْته فِي حَيَاتِهِ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَارِثِ ط (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ) لِأَنَّ الْقَبْضَ قَدْ عُلِمَ السَّاعَةَ، وَالْمِيرَاثُ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَبْضَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَفَّارَةٌ) سُقُوطُهَا إذَا لَمْ يُوصِ بِهَا وَكَذَا الْخَرَاجُ (قَوْلُهُ دِيَهْ) بِسُكُونِ الْهَاءِ " وَخَرَاجٌ " بِإِسْكَانِ الْجِيمِ، وَلَوْ قَالَ هَكَذَا لَكَانَ مَوْزُونًا.
خَرَاجٌ دِيَاتٌ ثُمَّ كَفَّارَةٌ كَذَا.
(قَوْلُهُ ضَمَانٌ) أَيْ إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مُوسِرًا فَضَمِنَهُ شَرِيكُهُ (قَوْلُهُ: نَفَقَاتٌ) أَيْ غَيْرُ الْمُسْتَدَانَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: صِلَاتٌ) بِكَسْرِ الصَّادِ.
(قَوْلُهُ: وَالْعَيْنُ الْعِوَضُ) وَهَبَ لِرَجُلٍ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ يُعَوِّضَهُ ثَوْبًا إنْ تَقَاضَيَا جَازَ، وَإِلَّا لَا خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: سَقَطَ الرُّجُوعُ) أَيْ رُجُوعُ الْوَاهِبِ وَالْمُعَوَّضِ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ مَفْهُومُ الشَّارِحِ سَائِحَانِيٌّ.
قَالَ فِي الْهَامِشِ: الْمَرْأَةُ إذَا أَرَادَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا الَّذِي طَلَّقَهَا، فَقَالَ الْمُطَلِّقُ: لَا أَتَزَوَّجُك حَتَّى تَهَبِينِي مَالك عَلَيَّ فَوَهَبَتْ مَهْرَهَا الَّذِي عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ أَبَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَالُوا: مَهْرُهَا الَّذِي عَلَيْهِ عَلَى حَالِهِ تَزَوَّجَهَا، أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا، لِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْمَالَ عَلَى نَفْسِهَا عِوَضًا عَنْ النِّكَاحِ، وَفِي النِّكَاحِ الْعِوَضُ لَا يَكُونُ عَلَى الْمَرْأَةِ خَانِيَّةٌ وَأَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ رَجَعَ كُلٌّ) بِرَفْعِ " كُلٌّ " مُنَوَّنًا عِوَضًا عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ، لِأَنَّ التَّمْلِيكَ الْمُطْلَقَ يَحْتَمِلُ الِابْتِدَاءَ، وَيَحْتَمِلُ الْمُجَازَاةَ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالشَّكِّ مُسْتَصْفًى (قَوْلُهُ: بِهِبَتِهِ) هَا هُنَا كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ الْمَعْرُوفَ كَالْمَلْفُوظِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَفِي الْعُرْفِ يَقْصِدُ التَّعْوِيضَ، وَلَا يَذْكُرُ خُذْ بَدَلَ هِبَتِك وَنَحْوَهُ اسْتِحْيَاءً، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلِيَّةَ، وَفِي الْخَانِيَّةِ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ هَدَايَا، وَعَوَّضَتْهُ الْمَرْأَةُ، وَزُفَّتْ إلَيْهِ، ثُمَّ فَارَقَهَا فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ مَا بَعَثَهُ عَارِيَّةً، وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَسْتَرِدَّ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِي مَتَاعِهِ، لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّمْلِيكَ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَرِدَّ مَا بَعَثَتْهُ؛ إذْ تَزْعُمُ أَنَّهُ عِوَضٌ لِلْهِبَةِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ هِبَةً لَمْ يَكُنْ هَذَا عِوَضًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا اسْتِرْدَادُ مَتَاعِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ: إنْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْ أَنَّهُ عِوَضٌ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ، وَلَكِنْ نَوَتْ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا كَانَ ذَلِكَ هِبَةً مِنْهَا، وَبَطَلَتْ نِيَّتُهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَسْأَلَتِنَا اخْتِلَافٌ يَعْقُوبِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَسِيرًا)
بَدَلَ الْهِبَةِ الْعَقْدُ وَهُوَ تَحْرِيفٌ
(وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُعَوَّضَ عَمَّا وَهَبَ لِلصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ) وَلَوْ وُهِبَ الْعَبْدُ التَّاجِرُ ثُمَّ عُوِّضَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ بَحْرٌ
(وَلَا يَصِحُّ تَعْوِيضُ مُسْلِمٍ مِنْ نَصْرَانِيٍّ عَنْ هِبَتِهِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا) إذْ لَا يَصِحُّ تَمْلِيكًا مِنْ الْمُسْلِمِ بَحْرٌ
(وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعِوَضُ بَعْضَ الْمَوْهُوبِ، فَلَوْ عَوَّضَهُ الْبَعْضَ عَنْ الْبَاقِي) لَا يَصِحُّ (فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي الْبَاقِي) وَلَوْ الْمَوْهُوبُ شَيْئَيْنِ فَعَوَّضَهُ أَحَدَهُمَا عَنْ الْآخَرِ إنْ كَانَا فِي عَقْدَيْنِ صَحَّ، وَإِلَّا لَا لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْعَقْدِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ وَالدَّرَاهِمُ تَتَعَيَّنُ فِي هِبَةٍ وَرُجُوعٍ مُجْتَبَى (وَدَقِيقُ الْحِنْطَةِ يَصْلُحُ عِوَضُهَا عَنْهَا) لِحُدُوثِهِ بِالطَّحْنِ وَكَذَا لَوْ صَبَغَ بَعْضَ الثِّيَابِ أَوْ لَتَّ بَعْضَ السَّوِيقِ ثُمَّ عَوَّضَهُ صَحَّ خَانِيَّةٌ.
(وَلَوْ عَوَّضَهُ وَلَدَ إحْدَى جَارِيَتَيْنِ مَوْهُوبَتَيْنِ وَجَدَ) ذَلِكَ الْوَلَدَ (بَعْدَ الْهِبَةِ امْتَنَعَ الرُّجُوعُ)
(وَصَحَّ) الْعِوَضُ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَيَسْقُطُ حَقُّ الْوَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ إذَا قَبَضَهُ) كَبَدَلِ الْخُلْعِ (وَلَوْ) التَّعْوِيضُ بِغَيْرِ إذْنِ (الْمَوْهُوبِ لَهُ) وَلَا رُجُوعَ وَلَوْ بِأَمْرِهِ إلَّا إذَا قَالَ: عَوِّضْ عَنِّي عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ، لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّعْوِيضِ بِخِلَافِ قَضَاءِ الدَّيْنِ (وَ) الْأَصْلُ أَنَّ (كُلَّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ مُثْبِتًا لِلرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ وَمَا لَا فَلَا) إلَّا إذَا شُرِطَ الضَّمَانُ ظَهِيرِيَّةٌ وَحِينَئِذٍ (فَلَوْ أَمَرَ الْمَدْيُونُ رَجُلًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ الْأَصْلِ مَا لَوْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَى بِنَاءِ دَارِي أَوْ قَالَ الْأَسِيرُ اشْتَرِنِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِمَا بِلَا شَرْطِ رُجُوعِ كَفَالَةٍ خَانِيَّةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِمَا لَا بِحَبْسٍ وَلَا بِمُلَازَمَةٍ فَتَأَمَّلْ
(وَإِنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْهِبَةِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْعِوَضِ وَعَكْسُهُ لَا، مَا لَمْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ) لِأَنَّهُ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ أَقَلَّ مِنْ الْمَوْهُوبِ، لِأَنَّ الْعِوَضَ لَيْسَ بِبَدَلٍ حَقِيقَةً وَإِلَّا لَمَا جَازَ بِالْأَقَلِّ لِلرِّبَا
(قَوْلُهُ أَنْ يُعَوَّضَ) وَإِنْ عُوِّضَ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ لِبُطْلَانِ التَّعْوِيضِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ وَلَوْ مِنْ مَالِ الْأَبِ صَحَّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ صِحَّةِ التَّعْوِيضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وُهِبَ الْعَبْدُ) فَوُهِبَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَهَبَ لَهُ شَخْصٌ شَيْئًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ عُوِّضَ) أَيْ عَوَّضَ الْعَبْدَ عَنْ هِبَتِهِ (قَوْلُهُ الرُّجُوعُ) لِعَدَمِ مِلْكِ التَّاجِرِ الْمَأْذُونِ الْهِبَةَ فَلَمْ يَصِحَّ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ بَحْرٌ) لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَهَبَ أَوَّلًا وَلَا آخِرًا فِي التَّعْوِيضِ سَائِحَانِيٌّ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ وَهَبَ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَعُوِّضَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ.
(قَوْلُهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ) مِنْ بِمَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ خَمْرًا) مَفْعُولُ تَعْوِيضٌ.
(قَوْلُهُ فِي هِبَةٍ) يَعْنِي إذَا وَهَبَهُ دَرَاهِمَ تَعَيَّنَتْ فَلَوْ أَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا كَانَ إعْرَاضًا مِنْهُ عَنْهَا فَلَوْ أَتَى بِغَيْرِهَا وَدَفَعَهُ لَهُ فَهُوَ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَإِذَا قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَبْدَلَهَا بِجِنْسِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهَا لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الدَّرَاهِمِ الدَّنَانِيرُ ط (قَوْلُهُ: وَرُجُوعُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَّا إذَا كَانَتْ دَرَاهِمُ الْهِبَةِ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فَلَوْ أَنْفَقَهَا كَانَ إهْلَاكًا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ ط (قَوْلُهُ بِالطَّحْنِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ عَيْنُ الْمَوْهُوبِ أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ عَوَّضَهُ) أَيْ الْبَعْضَ أَيْ جَعَلَهُ عِوَضًا عَنْ الْهِبَةِ لِحُصُولِ الزِّيَادَةِ فَكَأَنَّهُ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ الرُّجُوعُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْوَلَدِ فَصَحَّ الْعِوَضُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ) أَيْ لِلْمُعَوَّضِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ كَانَ شَرِيكَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِهِ أَوْ لَا، لِأَنَّ التَّعْوِيضَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ لِإِنْسَانٍ إلَّا إذَا قَالَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِخِلَافِ الْمَدْيُونِ إذَا أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا رُجُوعَ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ إلَخْ) تَقَدَّمَ قَبْلَ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ أَصْلَانِ آخَرَانِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَمَا لَا فَلَا. .
(قَوْلُهُ: رَجَعَ بِنِصْفِ الْعِوَضِ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَهَذَا أَيْ الرُّجُوعُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ فِيمَا يَحْتَمِلُهَا إذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْهِبَةِ بَطَلَ فِي الْبَاقِي وَيَرْجِعُ بِالْعِوَضِ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ الْبَعْضَ الْمُسْتَحَقَّ، فَبَطَلَ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ هِبَةُ مَشَاعٍ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ لَا) أَيْ إنْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْعِوَضِ لَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْهِبَةِ، لِأَنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ مُقَابِلٌ لِكُلِّ الْهِبَةِ فَإِنَّ الْبَاقِيَ يَصْلُحُ لِلْعِوَضِ ابْتِدَاءً، فَكَانَ إبْقَاءً إلَّا أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ؛ لِأَنَّهُ مَا أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الرُّجُوعِ إلَّا لِيَسْلَمَ لَهُ كُلُّ
يَصْلُحُ عِوَضًا ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً لَكِنَّهُ يُخَيَّرُ لِيُسَلِّمَ الْعِوَضَ، وَمُرَادُهُ: الْعِوَضُ الْغَيْرُ الْمَشْرُوطِ أَمَّا الْمَشْرُوطُ فَمُبَادَلَةٌ كَمَا سَيَجِيءُ فَيُوَزَّعُ الْبَدَلُ عَلَى الْمُبْدَلِ نِهَايَةٌ (كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ كُلَّ الْعِوَضِ حَيْثُ يَرْجِعُ فِي كُلِّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً لَا إنْ كَانَتْ هَالِكَةً) كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ وَقَدْ ازْدَادَتْ الْهِبَةُ لَمْ يَرْجِعْ خُلَاصَةٌ (وَإِنْ اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْهِبَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي جَمِيعِ الْعِوَضِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ) الْعِوَضُ (هَالِكًا وَهُوَ مِثْلِيٌّ وَبِقِيمَتِهِ إنْ قِيَمِيًّا) غَايَةٌ (وَلَوْ عَوَّضَ النِّصْفَ رَجَعَ بِمَا لَمْ يُعَوِّضْ) وَلَا يَضُرُّ الشُّيُوعُ لِأَنَّهُ طَارِئٌ.
[تَنْبِيهٌ] نُقِلَ فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعِوَضِ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْهِبَةِ أَمَّا إذَا عَوَّضَهُ بَعْدَهُ فَلَا، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ غَيْرَهُ، وَفُرُوعُ الْمَذْهَبِ مُطْلَقَةٌ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ
(وَالْخَاءُ خُرُوجُ الْهِبَةِ عَنْ مِلْكِ الْمَوْهُوبِ لَهُ) وَلَوْ بِهِبَةٍ إلَّا إذَا رَجَعَ الثَّانِي فَلِلْأَوَّلِ الرُّجُوعُ سَوَاءٌ كَانَ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا لِمَا سَيَجِيءُ أَنَّ الرُّجُوعَ فَسْخٌ حَتَّى لَوْ عَادَتْ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ بِأَنْ تَصَدَّقَ بِهَا الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ الْأَوَّلُ، وَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ رَجَعَ فِي الْبَاقِي لِعَدَمِ الْمَانِعِ، وَقَيَّدَ الْخُرُوجَ بِقَوْلِهِ (بِالْكُلِّيَّةِ) بِأَنْ يَكُونَ خُرُوجًا عَنْ مِلْكِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ ضَحَّى الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالشَّاةِ الْمَوْهُوبَةِ أَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَا، وَصَارَتْ لَحْمًا لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ) ، وَمِثْلُهُ الْمُتْعَةُ وَالْقِرَانُ وَالنَّذْرُ مُجْتَبَى. وَفِي الْمِنْهَاجِ وَإِنْ وَهَبَ لَهُ ثَوْبًا فَجَعَلَهُ صَدَقَةً لِلَّهِ تَعَالَى فَلَهُ الرُّجُوعُ خِلَافًا لِلثَّانِي (كَمَا لَوْ ذَبَحَهَا مِنْ غَيْرِ تَضْحِيَةٍ) فَلَهُ الرُّجُوعُ اتِّفَاقًا.
[فَرْعٌ] عَبْدٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ جِنَايَةُ خَطَأٍ فَوَهَبَهُ مَوْلَاهُ لِغَرِيمِهِ أَوْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ سَقَطَ الدَّيْنُ وَالْجِنَايَةُ، ثُمَّ لَوْ رَجَعَ
ــ
[رد المحتار]
الْعِوَضِ، وَلَمْ يَسْلَمْ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ (قَوْلُهُ: لِيَسْلَمَ) الْأَوْلَى: لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ الْعِوَضُ (قَوْلُهُ: الْغَيْرُ الْمَشْرُوطُ) أَيْ فِي الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَوَّضَ النِّصْفَ إلَخْ) عَوَّضَهُ فِي بَعْضِ هِبَتِهِ بِأَنْ كَانَتْ أَلْفًا عَوَّضَهُ دِرْهَمًا مِنْهُ، فَهُوَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الدِّرْهَمِ وَيَرْجِعُ فِي الْبَاقِي، وَكَذَا الْبَيْتُ فِي حَقِّ الدَّارِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ الشُّيُوعُ) أَيْ الْحَاصِلُ بِالرُّجُوعِ فِي النِّصْفِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ إلَخْ) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْمِنَحِ أَقُولُ: صَرَّحَ بِهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَنَصُّهُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ الْعِوَضَ الَّذِي يَسْقُطُ بِهِ الرُّجُوعُ مَا شُرِطَ فِي الْعَقْدِ فَأَمَّا إذَا عَوَّضَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَسْقُطْ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنَّمَا تَبَرَّعَ بِهِ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ الرُّجُوعَ، فَيَكُونَ هِبَةَ مُبْتَدَأٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا شُرِطَ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ أَنْ يَصِيرَ حُكْمُ الْعَقْدِ حُكْمَ الْبَيْعِ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ الشُّفْعَةُ وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ، فَدَلَّ أَنَّهُ قَدْ صَارَ عِوَضًا عَنْهَا، وَقَالُوا أَيْضًا: يَجِبُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْعِوَضِ الشَّرَائِطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقَبْضِ، وَعَدَمِ الْإِشَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ. كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ، وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ فَأَمَّا الْعِوَضُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْعَقْدِ، فَهُوَ لِإِسْقَاطِ الرُّجُوعِ، وَلَا يَصِيرُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ لَا ابْتِدَاءً وَلَا انْتِهَاءً، وَإِنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي عِوَضًا عَنْ الْأَوَّلِ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهِ نَصًّا كَهَذَا عِوَضٌ عَنْ هِبَتِك، فَإِنَّ هَذَا عِوَضٌ إذَا وُجِدَ الْقَبْضُ وَيَكُونُ هِبَةً، يَصِحُّ وَيَبْطُلُ فِيمَا تَصِحُّ وَتَبْطُلُ بِهِ الْهِبَةُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُضَفْ إلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً وَيَثْبُتُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَتَيْنِ جَمِيعًا اهـ مَعَ بَعْضِ اخْتِصَارٍ.
وَمُفَادُهُ: أَنَّهُمَا قَوْلَانِ أَوْ رِوَايَتَانِ، الْأَوَّلُ: لُزُومُ اشْتِرَاطِهِ فِي الْعَقْدِ، وَالثَّانِي: لَا بَلْ لُزُومُ الْإِضَافَةِ إلَى الْأَوَّلِ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي سُقُوطِ الرُّجُوعِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ بَيْعًا انْتِهَاءً فَلَا نِزَاعَ فِي لُزُومِ اشْتِرَاطِهِ فِي الْعَقْدِ تَأَمَّلْ (قَوْلَهُ وَفُرُوعُ الْمَذْهَبِ إلَخْ) قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ الِاشْتِرَاطَ بِالنَّظَرِ لِمَا سَبَقَ مِنْ تَوْزِيعِ الْبَدَلِ عَلَى الْمُبْدَلِ لَا مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي الْمُجْتَبَى لَا يُخَالِفُ إطْلَاقَ فُرُوعِ الْمَذْهَبِ فَتَأَمَّلْ. أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) مِنْ دَقِيقِ الْحِنْطَةِ وَوَلَدِ إحْدَى جَارِيَتَيْنِ
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ رُجُوعُ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَسْخٌ) فَإِذَا عَادَ إلَى الْوَاهِبِ الثَّانِي مِلْكُهُ عَادَ بِمَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَرْجِعْ الْأَوَّلُ) لِأَنَّ حَقَّ الرُّجُوعِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي هَذَا الْمِلْكِ دُرَرٌ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ) وَجَازَتْ الْأُضْحِيَّةُ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُجْتَبَى (قَوْلُهُ فَجَعَلَهُ) أَيْ الْمَوْهُوبُ لَهُ.
(قَوْلُهُ عَبْدٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَخْ) صَبِيٌّ لَهُ عَلَى مَمْلُوكٍ وَصِيَّةُ دَيْنٍ، فَوَهَبَ الْوَصِيُّ عَبْدَهُ لِلصَّبِيِّ، ثُمَّ أَرَادَ الْوَصِيُّ الرُّجُوعَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ
صَحَّ اسْتِحْسَانًا، وَلَا يَعُودُ الدَّيْنُ وَالْجِنَايَةُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَرِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ كَمَا لَا يَعُودُ النِّكَاحُ لَوْ وَهَبَهَا لِزَوْجِهَا ثُمَّ رَجَعَ خَانِيَّةٌ
(وَالزَّاي الزَّوْجِيَّةُ وَقْتَ الْهِبَةِ فَلَوْ وَهَبَ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ نَكَحَهَا رَجَعَ وَلَوْ وَهَبَ لِامْرَأَتِهِ لَا) كَعَكْسِهِ.
[فَرْعٌ] لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَوْلَى لِأُمٍّ وَلَدِهِ، وَلَوْ فِي مَرَضِهِ وَلَا تَنْقَلِبُ وَصِيَّةٌ؛ إذْ لَا يَدَ لِلْمَحْجُورِ، أَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ تَصِحُّ لِعِتْقِهَا بِمَوْتِهِ فَيَسْلَمُ لَهَا كَافِي (وَالْقَافُ الْقَرَابَةُ، فَلَوْ وَهَبَ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) نَسَبًا (وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا لَا يَرْجِعُ) شُمُنِّيٌّ (وَلَوْ وَهَبَ لِمَحْرَمٍ بِلَا رَحِمٍ كَأَخِيهِ رَضَاعًا) وَلَوْ ابْنَ عَمِّهِ (وَلِمَحْرَمٍ بِالْمُصَاهَرَةِ كَأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَالرَّبَائِبِ وَأَخَاهُ وَهُوَ عَبْدٌ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِعَبْدِ أَخِيهِ رَجَعَ وَلَوْ كَانَا) أَيْ الْعَبْدُ وَمَوْلَاهُ (ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ فَلَا رُجُوعَ فِيهَا اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْهِبَةَ لِأَيِّهِمَا وَقَعَتْ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ بَحْرٌ.
[فَرْعٌ] .
وَهَبَ لِأَخِيهِ وَأَجْنَبِيٍّ مَا لَا يُقْسَمُ فَقَبَضَاهُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي حَظِّ الْأَجْنَبِيِّ لِعَدَمِ الْمَانِعِ دُرَرٌ
(وَالْهَاءُ هَلَاكُ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ وَلَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْهَلَاكَ (صُدِّقَ بِلَا حَلِفٍ) لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الرَّدَّ (فَإِنْ قَالَ الْوَاهِبُ: هِيَ هَذِهِ) الْعَيْنُ (حَلَفَ) الْمُنْكِرُ (أَنَّهَا لَيْسَتْ هَذِهِ) . خُلَاصَةٌ (كَمَا يَحْلِفُ) الْوَاهِبُ (أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَيْسَ بِأَخِيهِ إذَا ادَّعَى) الْأَخُ (ذَلِكَ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي مُسَبِّبَ النَّسَبِ لَا النَّسَبَ خَانِيَّةٌ
(وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ)
ــ
[رد المحتار]
لَهُ ذَلِكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ: الْمَنْعُ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ: اسْتِحْسَانًا) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ فِي الْهِبَةِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَعَلِّيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إذَا رَجَعَ فِي الْهِبَةِ وَيَعُودُ الدَّيْنُ وَالْجِنَايَةُ، وَأَبُو يُوسُفَ اسْتَفْحَشَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ، وَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ لِصَغِيرٍ فَوَهَبَهُ مَوْلَاهُ مِنْهُ فَقَبِلَ الْوَصِيُّ، وَقَبَضَ فَسَقَطَ الدَّيْنُ، فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ قُلْنَا: لَا يَعُودُ الدَّيْنُ، كَانَ قَبُولُ الْوَصِيِّ الْهِبَةَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا عَلَى الصَّغِيرِ وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ النِّكَاحِ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ إذَا رَجَعَ الْوَاهِبُ يَعُودُ النِّكَاحُ اهـ. .
(قَوْلُهُ كَعَكْسِهِ) أَيْ لَوْ وُهِبَتْ لِرَجُلٍ ثُمَّ نَكَحَهَا رَجَعَتْ وَلَوْ لِزَوْجِهَا.
(قَوْلُهُ: لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ) خَرَجَ مَنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ، وَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ، وَمَنْ كَانَ مَحْرَمًا، وَلَيْسَ بِذِي رَحِمٍ دُرَرٌ. فَالْأُولَى كَابْنِ الْعَمِّ، فَإِذَا كَانَ أَخَاهُ مِنْ الرَّضَاعِ أَيْضًا فَهُوَ خَارِجٌ أَيْضًا وَاحْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ نَسَبًا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ النَّسَبِ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَالثَّانِي كَالْأَخِ رَضَاعًا (قَوْلُهُ مِنْهُ نَسَبًا) الضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِلرَّحِمِ فَخَرَجَ الرَّحِمُ غَيْرُ الْمَحْرَمِ كَابْنِ الْعَمِّ، وَالْمَحْرَمُ غَيْرُ الرَّحِمِ كَالْأَخِ رَضَاعًا، وَالرَّحِمُ الْمَحْرَمُ الَّذِي مَحْرَمِيَّتُهُ لَا مِنْ الرَّحِمِ كَابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ رَضَاعًا وَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ نَسَبًا.
نَعَمْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لَوْ جَعَلَ الضَّمِيرَ لِلْوَاهِبِ لِيَخْرُجَ بِهِ الْأَخِيرُ تَدَبَّرْ، (قَوْلُهُ: وَلَوْ ابْنَ عَمِّهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَخُوهُ رَضَاعًا ابْنَ عَمِّهِ، وَهَذَا خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مِنْهُ أَوْ بِقَوْلِهِ نَسَبًا؛ لِأَنَّ مَحْرَمِيَّتَهُ لَيْسَتْ مِنْ النَّسَبِ بَلْ مِنْ الرَّضَاعِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ وَصْلَهُ بِمَا قَبْلَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِمَحْرَمٍ بِلَا رَحِمٍ لَا يَشْمَلُهُ لِكَوْنِهِ رَحِمًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: بِلَا رَحِمٍ الْبَاءُ فِيهِ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ لِمَحْرَمٍ بِسَبَبٍ غَيْرِ الرَّحِمِ كَالْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: بَعْدَهُ بِالْمُصَاهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَلِمَحْرَمٍ) عَطْفٌ عَلَى لِمَحْرَمٍ فَلَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ بَاقَانِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالرَّبَائِبِ إلَخْ) وَأَزْوَاجِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: رَجَعَ) لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَقَعْ فِيهَا لِلْقَرِيبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَبْدَ أَحَقُّ بِمَا وُهِبَ لَهُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَهَذَا عِنْدَهُ وَقَالَا: يَرْجِعُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ) صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ أُخْتَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدٌ وَأَحَدُ الْوَلَدَيْنِ مَمْلُوكٌ لِلْآخَرِ، أَوْ يَكُونَ لَهُ أَخٌ مِنْ أَبِيهِ وَأَخٌ مِنْ أُمِّهِ، وَأَحَدُهُمَا مَمْلُوكٌ لِلْآخَرِ. .
(قَوْلُهُ: هَلَاكُ الْعَيْنِ) وَكَذَا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ الْفَتَاوَى رَمْلِيٌّ قُلْت: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ اُسْتُهْلِكَ الْبَعْضُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْبَاقِي (قَوْلُهُ: مُسَبِّبَ النَّسَبِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَهُوَ الْمَالُ أَيْ ادَّعَى بِسَبَبِ النَّسَبِ مَالًا لَازِمًا وَكَانَ الْمَقْصُودُ إثْبَاتَهُ دُونَ النَّسَبِ مِنَحٌ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَهَبَ ثَوْبًا لِرَجُلٍ ثُمَّ اخْتَلَسَهُ مِنْهُ، فَاسْتَهْلَكَهُ ضَمِنَ الْوَاهِبُ قِيمَةَ الثَّوْبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ إلَخْ) الْوَاهِبُ إذَا رَجَعَ فِي هِبَتِهِ فِي مَرَضِ الْمَوْهُوبِ
لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَيَضْمَنُ بِمَنْعِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا قَبْلَهُ (وَإِذَا رَجَعَ بِأَحَدِهِمَا) بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا (كَانَ فَسْخًا) لِعَقْدِ الْهِبَةِ (مِنْ الْأَصْلِ وَإِعَادَةً لِمِلْكِهِ) الْقَدِيمِ لَا هِبَةً لِلْوَاهِبِ (فَ) لِهَذَا (لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضُ الْوَاهِبِ)
(وَصَحَّ) الرُّجُوعُ (فِي الشَّائِعِ) وَلَوْ كَانَ هِبَةً لَمَا صَحَّ فِيهِ (وَلِلْوَاهِبِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ مُطْلَقًا) بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا (بِخِلَافِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي فِي وَصْفِ السَّلَامَةِ لَا فِي الْفَسْخِ فَافْتَرَقَا ثُمَّ مُرَادُهُمْ بِالْفَسْخِ مِنْ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَتَرَتَّبَ عَلَى الْعَقْدِ أَثَرٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا بُطْلَانُ أَثَرِهِ أَصْلًا وَإِلَّا لَعَادَ الْمُنْفَصِلُ إلَى مِلْكِ الْوَاهِبِ بِرُجُوعِهِ فُصُولَيْنِ
(اتَّفَقَا) الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ (عَلَى) الرُّجُوعِ فِي (مَوْضِعٍ لَا يَصِحُّ) رُجُوعُهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ (كَالْهِبَةِ لِقَرَابَتِهِ جَازَ) هَذَا الْإِنْفَاقُ مِنْهُمَا جَوْهَرَةٌ.
. وَفِي الْمُجْتَبَى لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةُ فِي الْمَحَارِمِ إلَّا بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ شَيْءٍ يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ إذَا اخْتَصَمَا إلَيْهِ فَهَذَا حُكْمُهُ، وَلَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ لِطِفْلِ الْمَدْيُونِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْبُوضٍ، وَفِي الدُّرَرِ قَضَى بِبُطْلَانِ لَانَ الرُّجُوعِ لِمَانِعٍ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الرُّجُوعُ
(تَلِفَتْ) الْعَيْنُ (الْمَوْهُوبَةُ وَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ وَضَمَّنَ) الْمُسْتَحِقُّ (الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمِنَ) لِأَنَّهَا عَقْدُ تَبَرُّعٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ السَّلَامَةَ (وَالْإِعَارَةُ كَالْهِبَةِ) هُنَا لِأَنَّ قَبْضَ الْمُسْتَعِيرِ كَانَ لِنَفْسِهِ، وَلَا غُرُورَ لِعَدَمِ الْعَقْدِ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ (وَإِذَا وَقَعَتْ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ فَهِيَ هِبَةٌ ابْتِدَاءً فَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي الْعِوَضَيْنِ)
(وَيَبْطُلُ) الْعِوَضُ (بِالشُّيُوعِ) فِيمَا يُقْسَمُ
ــ
[رد المحتار]
لَهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ مَالِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مِنْ الثُّلُثِ، فِيهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي الْقِيَاسِ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِمَنْعِهِ) أَيْ وَقَدْ طَلَبَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى فَلَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ نَفَذَ وَلَوْ مَنَعَهُ فَهَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ لِقِيَامِ مِلْكِهِ فِيهِ وَكَذَا إذَا هَلَكَ بَعْدَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْقَبْضِ غَيْرُ مَضْمُونٍ، وَهَذَا دَوَامٌ عَلَيْهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَإِعَادَةً) بِنَصْبِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى فَسْخًا (قَوْلُهُ: لَا هِبَةَ) أَيْ كَمَا قَالَهُ زُفَرُ رحمه الله. .
(قَوْلُهُ فِي الشَّائِعِ) بِأَنْ رَجَعَ لِبَعْضِ مَا وَهَبَ (قَوْلُهُ: عَلَى بَائِعِهِ) أَيْ بِحُكْمِ خِيَارِ الْعَيْبِ يَعْنِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْهِبَةِ. أَبُو السُّعُودِ، (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ رُجُوعِ الْوَاهِبِ (قَوْلُهُ وَصْفِ السَّلَامَةِ) وَلِهَذَا لَوْ زَالَ الْعَيْبُ امْتَنَعَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ لَعَادَ الْمُنْفَصِلُ) أَيْ الزَّوَائِدُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الْمَوْهُوبِ كَذَا فِي الْهَامِشِ
(قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ) صِفَةٌ لِلْمَوْضِعِ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا هِبَةٌ) أَيْ الْإِقَالَةَ هِبَةٌ أَيْ مُسْتَقِلَّةٌ وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ: اسْتَقَالَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِالصَّدَقَةِ فَأَقَالَهُ لَمْ يَجُزْ، حَتَّى يَقْبِضَ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَفْسَخُهُ الْحَاكِمُ إذَا اخْتَصَمَا إلَيْهِ فَهَذَا حُكْمُهُ وَتَمَامُهُ فِيهَا فَرَاجِعْهَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ شَيْءٍ يَفْسَخُهُ) قِيلَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظَةُ لَا، وَالْأَصْلُ: لَا يَفْسَخُهُ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي الْخَانِيَّةِ اهـ وَبِهِ يَظْهَرُ الْمَعْنَى وَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْهُ تَعْمِيمَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّا لَا رُجُوعَ فِي هِبَتِهِمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَ إلَخْ) سَيَجِيءُ فِي الْوَرَقَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الصِّحَّةُ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ عَادَ الرُّجُوعُ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَاعْتَمَدَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ لَكِنْ فِي كَلَامِهِ هُنَاكَ إشَارَةٌ إلَى اعْتِمَادِ خِلَافِهِ.
قُلْت: وَلَا يَخْفَى مَا فِي إطْلَاقِ الدُّرَرِ فَإِنَّ الْمَانِعَ قَدْ يَكُونُ خُرُوجَ الْهِبَةِ مِنْ مِلْكِهِ ثُمَّ تَعُودُ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ وَقَدْ يَكُونُ لِلزَّوْجِيَّةِ، ثُمَّ تَزُولُ وَفِي ذَلِكَ لَا يَعُودُ الرُّجُوعُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، نَعَمْ صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا إذَا بَنَى فِي الدَّارِ ثُمَّ هَدَمَ الْبِنَاءَ، وَفِيمَا إذَا وَهَبَهَا لِآخَرَ ثُمَّ رَجَعَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ زَوَالُ الْمَانِعِ الْعَارِضِ فَالزَّوْجِيَّةُ، وَإِنْ زَالَتْ لَكِنَّهَا مَانِعٌ مِنْ الْأَصْلِ، وَالْعَوْدُ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ بِمَنْزِلَةِ تَجَدُّدِ مِلْكٍ حَادِثٍ مِنْ جِهَةِ غَيْرِ الْوَاهِبِ، فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ عَيْنٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَوْهُوبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَتْ إلَيْهِ بِمَا هُوَ فَسْخٌ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَدَبَّرْهُ. .
(قَوْلُهُ وَضَمَّنَ) بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْمُسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ، " وَالْمَوْهُوبَ " مَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ التَّقَابُضُ) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ بِالْإِذْنِ سَائِحَانِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْعِوَضَيْنِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّقَابُضُ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ وَكَذَا لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، فَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ، الْقَابِضُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ غَايَةُ