الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْوَكَالَةِ
مُنَاسَبَتُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّاهِدِ وَالْوَكِيلِ سَاعٍ فِي تَحْصِيلِ مُرَادِ غَيْرِهِ (التَّوْكِيلُ صَحِيحٌ) بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، قَالَ تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ} [الكهف: 19] «- وَوَكَّلَ عليه الصلاة والسلام حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ بِشِرَاءِ أُضْحِيَّةٍ» ، وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَهُوَ خَاصٌّ وَعَامٌّ
ــ
[رد المحتار]
[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]
قَوْلُهُ التَّوْكِيلُ صَحِيحٌ) لَمْ يَذْكُرْ مَا يَصِيرُ بِهِ وَكِيلًا وَلَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ، وَحَرَّرْتُهُ فِي بُيُوعِ تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ.
قَالَ مُجَرِّدُ هَذِهِ الْحَوَاشِي: ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله فِي الْحَامِدِيَّةِ فِي الْخِيَارَاتِ سُؤَالًا طَوِيلًا وَذَيَّلَهُ بِالْفَرْقِ، وَهَا أَنَا أَذْكُرُ السُّؤَالَ مِنْ أَصْلِهِ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ.
قَالَ رحمه الله: سُئِلَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ نِصْفَ أَغْنَامٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَرَهَا وَوَكَّلَ زَيْدًا بِقَبْضِهَا وَرَآهَا زَيْدٌ وَيَزْعُمُ الرَّجُلُ أَنَّ لَهُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ إذَا رَآهَا، وَإِنْ رَآهَا وَكِيلُهُ بِالْقَبْضِ فَهَلْ نَظَرُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ مُسْقِطٌ خِيَارَ رُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ؟ الْجَوَابُ نَعَمْ، وَكَفَى رُؤْيَةُ وَكِيلِ قَبْضٍ وَوَكِيلِ شِرَاءٍ لَا رُؤْيَةُ رَسُولِ الْمُشْتَرِي تَنْوِيرٌ مِنْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَنَظَرُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ: أَيْ قَبْضِ الْمَبِيعِ مُسْقِطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِيَارَ رُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ، يَعْنِي كَمَا أَنَّ نَظَرَ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ يُسْقِطُ خِيَارَهُ.
وَقَالَا: هُوَ كَالرَّسُولِ، يَعْنِي: نَظَرُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ كَنَظَرِ الرَّسُولِ فِي أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْخِيَارَ، قَيَّدَ بِالْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالرُّؤْيَةِ لَا تَكُونُ رُؤْيَتُهُ كَرُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ابْنُ مَلَكٍ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ وَأَطَالَ فِيهَا فِي الْبَحْرِ فَرَاجِعْهُ
وَصُورَةُ التَّوْكِيلِ بِالْقَبْضِ كُنْ وَكِيلًا عَنِّي بِقَبْضِ مَا اشْتَرَيْتُهُ وَمَا رَأَيْتُهُ كَذَا فِي الدُّرَرِ.
أَقُولُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ وَهُوَ لَازِمٌ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْمِعْرَاجِ: قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُضِيفُ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالرَّسُولُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُرْسِلِ.
وَفِي الْفَوَائِدِ: صُورَةُ التَّوْكِيلِ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ، كُنْ وَكِيلًا فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ وَكَّلْتُكَ بِقَبْضِهِ.
وَصُورَةُ الرَّسُولِ أَنْ يَقُولَ كُنْ رَسُولًا عَنِّي فِي قَبْضِهِ أَوْ أَرْسَلْتُكَ لِتَقْبِضَهُ أَوْ قُلْ لِفُلَانٍ أَنْ يَدْفَعَ الْمَبِيعَ إلَيْكَ، وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ، بِأَنْ قَالَ اقْبِضْ الْمَبِيعَ فَلَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ، وَكَتَبْتُ فِيمَا عَلَّقْتُهُ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِي الْفَوَائِدِ إلَخْ لَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ، فَالرَّسُولُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى مُرْسِلِهِ، لِمَا مَرَّ عَنْ الدُّرَرِ مِنْ أَنَّهُ مُعَبِّرٌ وَسَفِيرٌ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يُضَيِّفُ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا كَالرَّسُولِ، حَتَّى لَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ، وَمَا فِي الْفَوَائِدِ بَيَانٌ لِمَا يَصِيرُ بِهِ الْوَكِيلُ وَكِيلًا وَالرَّسُولُ رَسُولًا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلًا بِأَلْفَاظِ الْوَكَالَةِ، وَيَصِيرُ رَسُولًا بِأَلْفَاظِ الرِّسَالَةِ وَبِالْأَمْرِ، لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ: افْعَلْ كَذَا وَأَذِنْتُ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا تَوْكِيلٌ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: دَفَعَ لَهُ أَلْفًا وَقَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَا أَوْ بِعْ أَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهَا أَوْ بِعْ وَلَمْ يَقُلْ لِي كَانَ تَوْكِيلًا، وَكَذَا اشْتَرِ بِهَذَا الْأَلْفِ جَارِيَةً، وَأَشَارَ إلَى مَالِ نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ مَشُورَةً وَالشِّرَاءُ لِلْمَأْمُورِ إلَّا إذَا زَادَ، عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ لِأَجْلِ شِرَائِكَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْأَجْرِ لَهُ يَدُلُّ عَلَى الْإِنَابَةِ اهـ.
وَأَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ أَمْرٍ تَوْكِيلًا بَلْ لَا بُدَّ مِمَّا يُفِيدُ كَوْنَ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْآمِرِ فَلْيُحْفَظْ اهـ. هَذَا جَمِيعُ مَا كَتَبَهُ نَقَلْتُهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(قَوْلُهُ وَوَكَّلَ عليه الصلاة والسلام إلَخْ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ فِيهِ مَجْهُولٌ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ حَكِيمٍ وَقَالَ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا
كَأَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ عَمَّ الْكُلَّ حَتَّى الطَّلَاقَ قَالَ الشَّهِيدُ: وَبِهِ يُفْتَى، وَخَصَّهُ أَبُو اللَّيْثِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَوَقْفٍ، وَاعْتَمَدَهُ فِي الْأَشْبَاهِ، وَخَصَّهُ قَاضِي خَانَ بِالْمُعَاوَضَاتِ، فَلَا يَلِي الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَاتِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ وَزَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ، وَسَيَجِيءُ أَنَّ بِهِ يُفْتَى، وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُلْتَقَطِ فَقَالَ: وَأَمَّا الْهِبَاتُ وَالْعَتَاقُ فَلَا يَكُونُ وَكِيلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.
وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ (وَهُوَ إقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَ نَفْسِهِ) تَرَفُّهًا أَوْ عَجْزًا (فِي تَصَرُّفٍ جَائِزٍ مَعْلُومٍ،
ــ
[رد المحتار]
الْوَجْهِ، وَحَبِيبٌ لَمْ يَسْمَعْ عِنْدِي مِنْ حَكِيمٍ إلَّا أَنَّ هَذَا دَاخِلٌ فِي الْإِرْسَالِ عِنْدَنَا فَيَصْدُقُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَيْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ صَحَّ إذَا كَانَ حَبِيبٌ إمَامًا ثِقَةً فَتْحٌ
(قَوْلُهُ كَأَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ) نَقَلَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا عَنْ قَاضِي خَانَ: لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْتِ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ أَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ يَكُونُ وَكِيلًا بِحِفْظٍ لَا غَيْرُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ.
وَاخْتَلَفُوا فِي طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَوَقْفٍ، فَقِيلَ يَمْلِكُ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ تَعْمِيمِ اللَّفْظِ، وَقِيلَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إلَّا إذَا دَلَّ دَلِيلُ سَابِقَةِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ اهـ.
وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ سَابِقًا وَلَاحِقًا فَتَدَبَّرْ، وَلِابْنِ نُجَيْمٍ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا [الْمَسْأَلَةُ الْخَاصَّةُ فِي الْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ] ذَكَرَ فِيهَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَا فِي فَتَاوَى أَبِي جَعْفَرٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ أَمْرُكَ مَلَكَ الْحِفْظَ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَيَمْلِكُ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ، حَتَّى إذَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَازَ حَتَّى يَعْلَمَ خِلَافَهُ مِنْ قَصْدِ الْمُوَكِّلِ.
وَعَنْ الْإِمَامِ تَخْصِيصُهُ بِالْمُعَاوَضَاتِ، وَلَا يَلِي الْعِتْقَ وَالتَّبَرُّعَ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتُ امْرَأَتَكَ وَوَهَبْتُ وَوَقَفْتُ أَرْضَكَ فِي الْأَصَحِّ لَا يَجُوزُ اهـ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ لَا بِالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَاتِ، وَبِهِ يُفْتَى اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ وَكَالَةً عَامَّةً يَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالْوَقْفَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْإِبْرَاءَ وَالْحَطَّ عَنْ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ فَدَخَلَا تَحْتَ قَوْلِ الْبَزَّازِيِّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَرَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى وَهَلْ لَهُ الْإِقْرَاضُ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنَّهُمَا بِالنَّظَرِ إلَى الِابْتِدَاءِ تَبَرُّعٌ، فَإِنَّ الْقَرْضَ عَارِيَّةٌ ابْتِدَاءً، مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ هِبَةٌ ابْتِدَاءً مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَهُمَا الْوَكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ الْعَامِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُمَا إلَّا مَنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَاتِ، وَلِذَا لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا هِبَتُهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَاوَضَةً فِي الِانْتِهَاءِ، وَظَاهِرُ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ وَاقْتِضَاءَهُ وَإِيفَاءَهُ وَالدَّعْوَى بِحُقُوقِ الْمُوَكِّلِ وَسَمَاعَ الدَّعْوَى بِحُقُوقٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْأَقَارِيرَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالدُّيُونِ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَا فِي الْعَامِّ.
فَإِنْ قُلْتَ: لَوْ وَكَّلَهُ بِصِيغَةِ وَكَّلْتُكَ وَكَالَةً مُطْلَقَةً عَامَّةً فَهَلْ يَتَنَاوَلُ الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالتَّبَرُّعَاتِ؟ قُلْتُ: لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْأَلْفَاظِ مَا صَرَّحَ قَاضِي خَانَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَامٌّ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا بِعَدَمِهِ اهـ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي رِسَالَتِهِ مُلَخَّصًا، وَقَدْ سَاقَهَا الْفَتَّالُ فِي حَاشِيَتِهِ بِرُمَّتِهَا (قَوْلُهُ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ) عِبَارَتُهَا نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ: وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَكَّلْتُكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَأَقَمْتُكَ مَقَامَ نَفْسِي لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ عَامَّةً، وَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي يَجُوزُ بِهَا التَّوْكِيلُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً تَتَنَاوَلُ الْبِيَاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةَ.
وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَامَّةً يُنْظَرُ، إنْ كَانَ الرَّجُلُ يَخْتَلِفُ لَيْسَ لَهُ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ
فَلَوْ جُهِلَ ثَبَتَ الْأَدْنَى وَهُوَ الْحِفْظُ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ) أَيْ التَّصَرُّفُ نَظَرًا إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ، وَإِنْ امْتَنَعَ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ بِعَارِضِ النَّهْيِ ابْنُ كَمَالٍ
(فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ مُطْلَقًا وَصَبِيٌّ يَعْقِلُ بِتَصَرُّفٍ) ضَارٍّ (نَحْوَ طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ، وَصَحَّ بِمَا يَنْفَعُهُ) بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ (كَقَبُولِ هِبَةٍ، وَ) صَحَّ (بِمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ ضَرَرٍ وَنَفْعٍ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ إنْ مَأْذُونًا وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ) كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ
(وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ عَبْدٍ مَحْجُورٍ وَصَحَّ لَوْ مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا، وَتَوَقَّفَ تَوْكِيلُ مُرْتَدٍّ، فَإِنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ لَحِقَ أَوْ قُتِلَ لَا) .
خِلَافًا لَهُمَا (وَ) صَحَّ (تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) وَشِرَائِهِمَا كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (وَمُحْرِمٍ حَلَالًا بِبَيْعِ صَيْدٍ وَإِنْ امْتَنَعَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ لِعَارِضِ) النَّهْيِ كَمَا قَدَّمْنَا فَتَنَبَّهْ.
ثُمَّ ذَكَرَ شَرْطَ التَّوْكِيلِ فَقَالَ (إذَا كَانَ الْوَكِيلُ يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ الْآنَ فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ لَا فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْوَكِيلِ فَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَيَقْصِدُهُ تَبَعًا لِلْكَنْزِ.
ثُمَّ ذَكَرَ ضَابِطَ الْمُوَكَّلِ فِيهِ فَقَالَ
ــ
[رد المحتار]
بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ تَاجِرًا تِجَارَةً مَعْرُوفَةً تَنْصَرِفُ إلَيْهَا اهـ.
وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، إذْ صُورَةُ الْبُطْلَانِ لَيْسَتْ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا بَنَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ بَلْ فِي غَيْرِهَا وَهِيَ وَكَّلْتُكَ فِي جَمِيعِ أُمُورِي إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْعُمُومِ، وَلَكِنْ مَبْنَى كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَامٌّ وَلَكِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ مَا فِيهِ مِمَّا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ مِمَّا الْكَلَامُ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ فَلَوْ جَهِلَ) كَمَا لَوْ قَالَ وَكَّلْتُكَ بِمَالِي مِنَحٌ (قَوْلُهُ نَظَرًا إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَتَوْكِيلِ الْمُحْرِمِ حَلَالًا بِبَيْعِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ س.
(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْنُونٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ (قَوْلُهُ بِتَصَرُّفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَوْكِيلٍ (قَوْلُهُ إنْ مَأْذُونًا) أَيْ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ الْمُوَكَّلُ مَأْذُونًا
(قَوْلُهُ تَوْكِيلُ عَبْدٍ) مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (قَوْلُهُ تَوْكِيلُ مُرْتَدٍّ) بِخِلَافِ تَوَكُّلِهِ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ امْتَنَعَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا شِرَاءً فَاسِدًا وَأَعْتَقَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ أَمَرَ الْبَائِعَ بِإِعْتَاقِهِ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَابِضًا اقْتِضَاءً كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ فَتَنَبَّهْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ كَمَا قَدَّمَهُ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ: أَيْ ذَكَرَ شَرْطَ الْمُوَكَّلِ بِهِ وَالْمُوَكِّلَ ثُمَّ ذَكَرَ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَعْقِلُ الْعَقْدَ) أَيْ يَعْقِلُ أَنَّ الْبَيْعَ سَالِبٌ لِلْمَبِيعِ جَالِبٌ لِلثَّمَنِ وَأَنَّ الشِّرَاءَ بِالْعَكْسِ ح.
وَفِي الْبَحْرِ: وَمَا يَرْجِعُ إلَى الْوَكِيلِ فَالْعَقْلُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ لَا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الرِّدَّةِ، فَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ وَلَا يَتَوَقَّفُ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ مِلْكُهُ وَالْعِلْمُ لِلْوَكِيلِ بِالتَّوْكِيلِ، فَلَوْ وَكَّلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ فَتَصَرَّفَ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ بَعْدَ عِلْمِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَلَوْ صَبِيًّا) قَالَ فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ: فَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَصَارَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ فَبَاعَ جَازَ بَيْعُهُ وَلَزِمَتْهُ الْعُهْدَةُ، وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ، فَإِنْ كَانَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لَا تَلْزَمُهُ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ حَتَّى إنَّ الْبَائِعَ يُطَالِبُ الْآمِرَ بِالثَّمَنِ دُونَ الصَّبِيِّ، وَإِنْ وَكَّلَهُ بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ حَالٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَلْزَمَهُ الْعُهْدَةُ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَلْزَمُهُ اهـ فَقَالَ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَالْحُقُوقُ فِيمَا يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ إلَخْ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ مَحْجُورًا) صِفَةٌ لِلصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ فَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَيَقْصِدُهُ) أَيْ الْبَيْعَ احْتِرَازًا عَنْ بَيْعِ الْهَازِلِ وَالْمُكْرَهِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْكَنْزِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ تَابِعًا فِي عَدَمِ الْقَوْلِ لِلْكَنْزِ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مُحْتَرِزًا بِهِ عَنْ بَيْعِ الْهَازِلِ وَالْمُكْرَهِ ح.
(قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ ضَابِطَ الْمُوَكَّلِ فِيهِ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ضَابِطٌ لَا حَدٌّ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ وَيَمْلِكُ تَوْكِيلَ الذِّمِّيِّ بِهِ؛ لِأَنَّ إبْطَالَ الْقَوَاعِدِ بِإِبْطَالِ الطَّرْدِ لَا الْعَكْسُ، وَلَا يُبْطِلُ طَرْدَهُ عَدَمُ تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ مُسْلِمًا بِبَيْعِ خَمْرِهِ، وَهُوَ يَمْلِكُهُ
(بِكُلِّ مَا يُبَاشِرُهُ) الْمُوَكِّلُ (بِنَفْسِهِ) لِنَفْسِهِ فَشَمِلَ الْخُصُومَةَ فَلِذَا قَالَ (فَصَحَّ بِخُصُومَةٍ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ بِرِضَا الْخَصْمِ)
وَجَوَّزَاهُ بِلَا رِضَاهُ، وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ، وَعَلَيْهِ فَتْوَى أَبِي اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْعَتَّابِيُّ.
وَصَحَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى تَفْوِيضُهُ لِلْحَاكِمِ دُرَرٌ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمُوَكِّلُ (مَرِيضًا) لَا يُمْكِنُهُ حُضُورُ مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِقَدَمَيْهِ ابْنُ كَمَالٍ (أَوْ غَائِبًا مُدَّةَ سَفَرٍ أَوْ مُرِيدًا لَهُ) وَيَكْفِي قَوْلُهُ أَنَا أُرِيدُ السَّفَرَ ابْنُ كَمَالٍ (أَوْ مُخَدَّرَةً) لَمْ تُخَالِطْ الرِّجَالَ كَمَا مَرَّ (أَوْ حَائِضًا) أَوْ نُفَسَاءَ (وَالْحَاكِمُ بِالْمَسْجِدِ) إذَا لَمْ يَرْضَ الطَّالِبُ بِالتَّأْخِيرِ بَحْرٌ (أَوْ مَحْبُوسًا مِنْ غَيْرِ حَاكِمِ) هَذِهِ (الْخُصُومَةِ) فَلَوْ مِنْهُ فَلَيْسَ بِعُذْرٍ بَزَّازِيَّةٌ بَحْثًا (أَوْ لَا يُحْسِنُ الدَّعْوَى) خَانِيَّةٌ (لَا) يَكُونُ مِنْ الْأَعْذَارِ (إنْ كَانَ) الْمُوَكِّلُ (شَرِيفًا خَاصَمَ مَنْ دُونَهُ) بَلْ الشَّرِيفُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ بَحْرٌ
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّوَصُّلَ بِهِ بِتَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ بِهِ فَصَدَقَ الضَّابِطُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: كُلُّ عَقْدٍ يَمْلِكُهُ يَمْلِكُ تَوْكِيلَ كُلِّ أَحَدٍ بِهِ بَلْ التَّوَصُّلُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ بِكُلِّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَاتِنِ أَوَّلَ الْبَابِ: التَّوْكِيلُ صَحِيحٌ لِنَفْسِهِ أَخْرَجَ الْوَكِيلَ فَإِنَّهُ لَا يُوَكِّلُ مَعَ أَنَّهُ يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَشَمِلَ الْخُصُومَةَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بِكُلِّ مَا يُبَاشِرُهُ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ بِكُلِّ مَا يُعْقَدُ لِشُمُولِهِ الْعَقْدَ وَغَيْرَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ: أَيْ كَالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَصَحَّ بِخُصُومَةٍ) شَمِلَ بَعْضًا مُعَيَّنًا وَجَمِيعَهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ: وَفِيهِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي، وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي الْخُصُومَةِ لَهُ لَا عَلَيْهِ، فَلَهُ إثْبَاتُ مَا لِلْمُوَكِّلِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّفْعَ لَمْ يُسْمَعْ.
قَالَ: فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَتَخَصَّصُ بِتَخْصِيصِ الْمُوَكِّلِ وَتُعَمَّمُ بِتَعْمِيمِهِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ وَبِخُصُومَتِهِ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُخَاصَمَ بِهِ وَالْمُخَاصَمَ فِيهِ جَازَ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ بِرِضَا الْخَصْمِ) شَمِلَ الطَّالِبَ وَالْمَطْلُوبَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَجَوَّزَاهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي اللُّزُومِ، يَعْنِي هَلْ تَرْتَدُّ الْوَكَالَةُ بِرَدِّ الْخَصْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ نَعَمْ وَعِنْدَهُمَا لَا وَيُجْبَرُ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَتْوَى أَبِي اللَّيْثِ) أَفْتَى الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ تَفْوِيضُهُ لِلْحَاكِمِ) بَحَثَ فِيهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، فَانْظُرْ مَا فِي الْبَحْرِ.
وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: أَيْ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا عَلِمَ مِنْ الْخَصْمِ التَّعَنُّتَ فِي الْإِبَاءِ عَنْ قَبُولِ التَّوْكِيلِ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ عَلِمَ مِنْ الْمُوَكِّلِ قَصْدَ الْإِضْرَارِ لِخَصْمِهِ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ التَّوْكِيلَ إلَّا بِرِضًا اهـ (قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُهُ حُضُورُ مَجْلِسِ الْحُكْمِ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْحُضُورِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ ظَهْرِ إنْسَانٍ، فَإِنْ ازْدَادَ مَرَضُهُ بِذَلِكَ لَزِمَ تَوْكِيلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ قِيلَ عَلَى الْخِلَافِ وَالصَّحِيحُ لُزُومُهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَيَكْفِي قَوْلُهُ أَنَا أُرِيدُ السَّفَرَ) قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَفِي الْمُحِيطِ: وَإِرَادَةُ السَّفَرِ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ دَلِيلِهَا، وَهُوَ إمَّا تَصْدِيقُ الْخَصْمِ بِهَا أَوْ الْقَرِينَةُ الظَّاهِرَةُ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنِّي أُرِيدُ السَّفَرَ لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي حَالِهِ وَفِي عُدَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا تَخْفَى هَيْئَةُ مَنْ يُسَافِرُ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ قَالَ: أَخْرُجُ بِالْقَافِلَةِ الْفُلَانِيَّةِ سَأَلَهُمْ عَنْهُ كَمَا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ.
وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ: وَإِنْ كَذَّبَهُ الْخَصْمُ فِي إرَادَتِهِ السَّفَرَ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ إنَّكَ تُرِيدُ السَّفَرَ اهـ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَرْضَ الطَّالِبُ) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: إنْ كَانَتْ هِيَ طَالِبَةً قُبِلَ مِنْهَا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ، وَإِنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً إنْ أَخَّرَهَا الطَّالِبُ حَتَّى يَخْرُجَ الْقَاضِي مِنْ الْمَسْجِدِ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا التَّوْكِيلُ بِغَيْرِ رِضَا الْخَصْمِ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهَا إلَى التَّوْكِيلِ اهـ (قَوْلُهُ بَزَّازِيَّةٌ بَحْثًا) عِبَارَتُهَا وَكَوْنُهُ مَحْبُوسًا مِنْ الْأَعْذَارِ يَلْزَمُهُ تَوْكِيلُهُ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ مَحْبُوسًا لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ.
قَالَ الْقَاضِي: إنْ فِي سِجْنِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ عُذْرًا؛ لِأَنَّهُ يُخْرِجُهُ حَتَّى يَشْهَدَ ثُمَّ يُعِيدُهُ، وَعَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الدَّعْوَى أَيْضًا كَذَلِكَ بِأَنْ يُجِيبَ عَنْ الدَّعْوَى ثُمَّ يُعَادُ اهـ.
قُلْتُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مَفْهُومُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْ عِنْدِهِ بَلْ وَاقِعَةٌ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَالْمَفَاهِيمُ حُجَّةٌ، بَلْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ مَحْبُوسًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ فِي حَبْسِ هَذَا الْقَاضِي لَا يُقْبَلُ
(وَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الرِّضَا قَبْلَ سَمَاعِ الْحَاكِمِ الدَّعْوَى) لَا بَعْدَهُ قُنْيَةٌ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا مُخَدَّرَةً إنْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ فَالْقَوْلُ لَهَا مُطْلَقًا) وَلَوْ ثَيِّبًا فَيُرْسِلُ أَمِينَهُ لِيُحَلِّفَهَا مَعَ شَاهِدَيْنِ بَحْرٌ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (وَإِنْ مِنْ الْأَوْسَاطِ فَالْقَوْلُ لَهَا لَوْ بِكْرًا، وَإِنْ) هِيَ (مِنْ الْأَسَافِلِ فَلَا فِي الْوَجْهَيْنِ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ بَزَّازِيَّةٌ.
(وَ) صَحَّ (بِإِيفَائِهَا وَ) كَذَا بِ (بِاسْتِيفَائِهَا إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ) بِغَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ مُلْتَقًى (وَحُقُوقِ عَقْدٍ لَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهِ) أَيْ ذَلِكَ الْعَقْدِ (إلَى الْوَكِيلِ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ، عَنْ إقْرَارٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ) مَا دَامَ حَيًّا وَلَوْ غَائِبًا ابْنُ مَلَكٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا)(كَتَسْلِيمِ مَبِيعٍ وَقَبْضِهِ وَقَبْضِ ثَمَنٍ وَرُجُوعٍ بِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ وَخُصُومَةٍ فِي عَيْبٍ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَ حُضُورِ مُوَكِّلِهِ وَغَيْبَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، لَكِنْ فِي الْجَوْهَرَةِ: لَوْ حَضَرَا فَالْعُهْدَةُ عَلَى آخِذِ الثَّمَنِ لَا الْعَاقِدِ فِي أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ، وَلَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ تَتَعَلَّقُ الْحُقُوقُ بِالْمُوَكِّلِ اتِّفَاقًا ابْنُ مَلَكٍ فَلْيُحْفَظْ، فَقَوْلُهُ: لَا بُدَّ، فِيهِ مَا فِيهِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ
ــ
[رد المحتار]
التَّوْكِيلُ بِلَا رِضَاهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ مِنْ السِّجْنِ لِيُخَاصِمَ ثُمَّ يُعِيدُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي وَلَا يُمَكِّنُهُ الْوَالِي مِنْ الْخُرُوجِ لِلْخُصُومَةِ يُقْبَلُ مِنْهُ التَّوْكِيلُ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَيُرْسِلُ أَمِينَهُ) أَيْ الْقَاضِي (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهَا) أَيْ إذَا وَجَبَ عَلَيْهَا يَمِينٌ (قَوْلُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا.
(قَوْلُهُ وَصَحَّ بِإِيفَائِهَا) أَيْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، أَيْ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِإِيفَاءِ جَمِيعِ الْحُقُوقِ وَاسْتِيفَائِهَا إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ فَيَمْلِكُ التَّوْكِيلَ بِهِ، بِخِلَافِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّهَا تَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِيفَاءِ هُنَا دَفْعُ مَا عَلَيْهِ وَبِالِاسْتِيفَاءِ الْقَبْضُ مِنَحٌ (قَوْلُهُ إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَبِإِيفَائِهَا وَاسْتِيفَائِهَا، وَقَوْلُهُ بِغَيْبَةِ مُوَكِّلِهِ قَيْدٌ لِلثَّانِي فَقَطْ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ، وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ بِاسْتِيفَائِهَا: أَيْ وَكَذَا بِإِثْبَاتِهَا بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ هُنَا لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ فَصَحَّ بِخُصُومَةٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالْوَكِيلِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ مَا دَامَ حَيًّا وَلَوْ غَائِبًا) فَإِذَا بَاعَ وَغَابَ لَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ قَبْضُ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَقَوْلُهُ مَا دَامَ حَيًّا عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الصُّغْرَى، وَلَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ: وَشَمِلَ مَا إذَا مَاتَ، لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: إنْ مَاتَ الْوَكِيلُ عَنْ وَصِيٍّ قَالَ الْفَضْلِيُّ تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ إلَى وَصِيِّهِ لَا الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ يُنَصِّبُ وَصِيًّا عِنْدَ الْقَبْضِ وَهُوَ الْمَعْقُولُ.
وَقِيلَ يَنْتَقِلُ إلَى مُوَكِّلِهِ وِلَايَةُ قَبْضِهِ فَيَحْتَاطُ عِنْدَ الْفَتْوَى اهـ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ وَرَقَةٍ وَنِصْفٍ: وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى بِالنَّسِيئَةِ فَمَاتَ الْوَكِيلُ حَلَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ وَيَبْقَى الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَجَزْمُهُ هُنَا يَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ مَا قَالَ إنَّهُ الْمَعْقُولُ، وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِهِ بَعْدَ مَا احْتَطْتُ كَمَا قَالَ فِيمَا سَبَقَ اهـ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ مَحْجُورًا) فَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا كَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورَيْنِ فَإِنَّهُمَا إذَا عَقَدَا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ تَتَعَلَّقُ حُقُوقُ عَقْدِهِمَا بِالْمُوَكِّلِ س.
(قَوْلُهُ كَتَسْلِيمِ مَبِيعٍ) بَيَانٌ لِحُقُوقِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَرُجُوعٍ بِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ) شَامِلٌ لِمَسْأَلَتَيْنِ.
الْأُولَى مَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بَائِعًا وَقَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَكِيلِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا فِي يَدِهِ أَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ.
الثَّانِيَةُ مَا إذَا كَانَ مُشْتَرِيًا فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ دُونَ مُوَكِّلِهِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ إنْ بَاعَهُ مِنْ الْوَكِيلِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ الْوَكِيلِ رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَهُوَ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الثَّمَنِ اهـ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فِي عَيْبٍ) شَامِلٌ لِمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا: أَمَّا إذَا كَانَ بَائِعًا فَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، وَمَا إذَا كَانَ مُشْتَرِيًا فَيَرُدُّهُ الْوَكِيلُ عَلَى بَائِعِهِ، لَكِنْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ فِي يَدِهِ، فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَضَافَ إلَخْ) رَدَّهُ فِي الْبَحْرِ فَرَاجِعْهُ، فَلَا يَرِدُ اعْتِرَاضُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ.
وَهَا هُنَا كَلَامٌ فِي حَاشِيَةِ الْفَتَّالِ وَحَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ فَرَاجِعْهُ وَكَذَا فِي نُورِ الْعَيْنِ فِي أَحْكَامِ
يَكْتَفِي بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ فَافْهَمْ.
(وَشَرْطُ) الْمُوَكِّلِ (عَدَمَ تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِهِ) أَيْ بِالْوَكِيلِ (لَغْوٌ) بَاطِلٌ جَوْهَرَةٌ (وَالْمِلْكُ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً) فِي الْأَصَحِّ (فَلَا يَعْتِقُ قَرِيبُ الْوَكِيلِ بِشِرَائِهِ وَلَا يَفْسُدُ نِكَاحُ زَوْجَتِهِ بِهِ وَ) لَكِنْ (هُمَا) ثَابِتَانِ (عَلَى الْمُوَكِّلِ لَوْ اشْتَرَى وَكِيلُهُ قَرِيبَ مُوَكِّلِهِ وَزَوْجَتَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْعِتْقِ وَالْفَسَادِ الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ (وَفِي كُلِّ عَقْدٍ لَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ) يَعْنِي لَا يَسْتَغْنِي عَنْ الْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ، حَتَّى لَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ ابْنُ كَمَالٍ (كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ أَوْ عَنْ إنْكَارٍ وَعِتْقٍ عَلَى مَالٍ وَكِتَابَةٍ وَهِبَةٍ وَتَصَدُّقٍ وَإِعَارَةٍ وَإِيدَاعٍ وَرَهْنٍ وَإِقْرَاضٍ) وَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ عَيْنِيٌّ (تَتَعَلَّقُ بِمُوَكِّلِهِ) لَا بِهِ لِكَوْنِهِ فِيهَا سَفِيرًا مَحْضًا، حَتَّى لَوْ أَضَافَهُ لِنَفْسِهِ وَقَعَ النِّكَاحُ لَهُ فَكَانَ كَالرَّسُولِ (فَلَا مُطَالَبَةَ عَلَيْهِ) فِي النِّكَاحِ (بِمَهْرٍ وَتَسْلِيمٍ) لِلزَّوْجَةِ (وَلِلْمُشْتَرِي الْإِبَاءُ عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ دَفَعَ) لَهُ (صَحَّ وَلَوْ مَعَ نَهْيِ الْوَكِيلِ) اسْتِحْسَانًا (وَلَا يُطَالِبُهُ الْوَكِيلُ ثَانِيًا) لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، نَعَمْ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْوَكِيلِ لَوْ وَحْدَهُ وَيَضْمَنُهُ لِمُوَكِّلِهِ
ــ
[رد المحتار]
الْوَكَالَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ، وَكَتَبْتُهُ فِي هَامِشِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ يَكْتَفِي) أَيْ مِنْ غَيْرِ لُزُومٍ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ) أَيْ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ حَتَّى لَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ وَقَعَ النِّكَاحُ لَهُ كَمَا ظُنَّ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ بِأَنْ قَالَ: إنَّ فُلَانًا أَمَرَنِي أَنْ أُطَلِّقَ أَوْ أُعْتِقَ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ عُهْدَتَهُمَا عَلَى الْمُوَكِّلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَوْ أَخْرَجَ الْكَلَامَ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ بِأَنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ صَحَّ إلَّا فِي النِّكَاحِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الطَّلَاقِ أَضَافَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَهِيَ لِلْمُوَكِّلِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، فَأَمَّا فِي النِّكَاحِ فَذِمَّةُ الْوَكِيلِ قَابِلَةٌ لِلْمَهْرِ حَتَّى لَوْ كَانَ بِالنِّكَاحِ مِنْ جَانِبِهَا وَأُخْرِجَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَرْأَةِ مَعْنًى فَكَأَنَّهُ قَالَ مَلَّكْتُكَ بُضْعَ مُوَكِّلَتِي اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ مُخْتَلِفٌ، فَفِي وَكِيلِ النِّكَاحِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ، وَفِيمَا عَدَاهُ عَلَى وَجْهِ الْجَوَازِ فَيَجُوزُ عَدَمُهُ اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ الْفَتَّالِ عَنْ الْأَشْبَاهِ: الْوَكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ إذَا أَبْرَأَ وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي الْخِزَانَةِ اهـ.
أَقُولُ: وَظَاهِرُ مَا فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُ الْإِضَافَةُ إلَّا فِي النِّكَاحِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ فَانْظُرْ مَا فِي الدُّرَرِ وَتَدَبَّرْ، وَانْظُرْ مَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ وَرَاجِعْ أَيْمَانَ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ عَنْ إنْكَارِ) هَذَا الصُّلْحِ لَا تَصْلُحُ إضَافَتُهُ إلَى الْوَكِيلِ، بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَدْ عَرَفْتَ اخْتِلَافَ الْإِضَافَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَافْتَرَقَ الصُّلْحَانِ فِي الْإِضَافَةِ ابْنُ كَمَالٍ.
وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ قَالَ لَا فَرْقَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَهِبَةٍ وَتَصَدُّقٍ) اُنْظُرْ مَا حُقُوقُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ سَفِيرًا) السَّفِيرُ الرَّسُولُ وَالْمُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ صِحَاحٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ فَإِنَّهُ يُضِيفُهُمَا إلَى مُوَكِّلِهِ فَإِنَّهُ يَقُولُ خَالَعَكِ مُوَكِّلِي بِكَذَا، وَكَذَا فِي أَمْثَالِهِ ابْنُ مَلَكٍ مَجْمَعٌ (قَوْلُهُ بِمَهْرٍ) أَيْ إذَا كَانَ وَكِيلَ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَتَسْلِيمٍ) أَيْ إذَا كَانَ وَكِيلَهَا (قَوْلُهُ لِلْمُوَكِّلِ) لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْحُقُوقِ لِرُجُوعِهِمَا إلَى الْوَكِيلِ أَصَالَةً (قَوْلُهُ نَعَمْ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ) فَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُوَكِّلِ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِوُصُولِ الْحَقِّ إلَيْهِ بِطَرِيقِ التَّقَاصِّ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِمَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْمُوَكِّلِ دُونَ دَيْنِ الْوَكِيلِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْوَكِيلِ فَقَطْ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بِهِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رضي الله عنه: لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْوَكِيلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ وَدَفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْيَتِيمِ حَيْثُ لَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَى الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّ الْيَتِيمَ لَيْسَ لَهُ قَبْضُ مَالِهِ أَصْلًا فَلَا يَكُونُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الدَّيْنِ