الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَتَصِحُّ بَعْدَ هَلَاكِهِ بِخِلَافِهِ فِي الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ.
(وَيَصِحُّ الْحَطُّ مِنْ الْمَبِيعِ إنْ) كَانَ الْمَبِيعُ (دَيْنًا وَإِنْ عَيْنًا لَا) يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ وَإِسْقَاطُ الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الدَّيْنِ فَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ فِي بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ لَا فِي بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ اتِّفَاقًا وَلَوْ أَطْلَقَهَا فَقَوْلَانِ وَأَمَّا الْإِبْرَاءُ الْمُضَافُ إلَى الثَّمَنِ فَصَحِيحٌ وَلَوْ بِهِبَةٍ أَوْ حَطٍّ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِمَا دَفَعَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى بَحْرٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْإِطْلَاقِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يَهَبَهُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا لَا يَصِحُّ وَلَوْ عَلَى أَنْ يَحُطَّ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا جَازَ
ــ
[رد المحتار]
ثُمَّ زَادَ الْمُشْتَرِي عَرْضًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ وَهَلَكَ الْعَرْضُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي ثُلُثِهِ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ، وَوَجْهُ الِانْفِسَاخِ أَنَّ الْعَرْضَ مَبِيعٌ وَإِنْ جُعِلَ ثَمَنًا وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُوجِبُ الِانْفِسَاخَ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ بَعْدَ هَلَاكِهِ) لِأَنَّهَا تَثْبُتُ بِمُقَابَلَةِ الثَّمَنِ وَهُوَ قَائِمٌ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي الثَّمَنِ) الْأَوْلَى بِخِلَافِهَا ط. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، أَيْ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ هَلَاكِهِ لَمْ يَبْقَ عَلَى حَالَةٍ يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْحَطِّ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ بِحَالٍ يُمْكِنُ إخْرَاجُ الْبَدَلِ عَمَّا يُقَابِلُهُ، فَيَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ اسْتِنَادًا بَحْرٌ.
[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]
(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ) أَيْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: لَا فِي بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ) لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْإِسْقَاطِ تُسْقِطُ الدَّيْنَ عَنْ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ، مِثَالُ
الْأُولَى: أَسْقَطْت وَحَطَطْت وَأَبْرَأْت بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ،
وَمِثَالُ الثَّانِيَةِ: أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ أَوْ قَبْضٍ أَوْ بَرَّأْتُك عَنْ الِاسْتِيفَاءِ اهـ ح. مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ بَرَاءَةَ الِاسْتِيفَاءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَقَبَضَهُ. (قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا) يَرْجِعُ إلَيْهِمَا ط. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَطْلَقَهَا) كَمَا لَوْ قَالَ أَبْرَأْتُك وَلَمْ يُقَيِّدْ بِشَيْءٍ اهـ، ح. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِبْرَاءُ الْمُضَافُ إلَى الثَّمَنِ إلَخْ) تَابَعَ صَاحِبَ الْبَحْرِ حَيْثُ ذَكَرَ أَوَّلًا صِحَّةَ الْمَبِيعِ لَوْ دَيْنًا لَا عَيْنًا وَعَلَّلَهُ بِمَا مَرَّ، ثُمَّ ذَكَرَ حَطَّ الثَّمَنِ وَهِبَتَهُ وَإِبْرَاءَهُ. وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهُوَ حَطٌّ، وَإِنْ حَطَّ الْبَعْضَ أَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ صَحَّ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَعْضِ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي عَيْنَ الْوَاجِبِ بَلْ مِثْلَهُ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُطَالَبُ بِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ مِثْلَهُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْقَضَاءِ، فَلَا تُفِيدُ الْمُطَالَبَةُ فَقَدْ صَادَفَتْ الْهِبَةُ وَالْحَطُّ دَيْنًا قَائِمًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعَانِ: بَرَاءَةُ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ، وَبَرَاءَةُ إسْقَاطٍ، فَإِذَا أُطْلِقَتْ تُحْمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ، وَفِيهِ لَا يَرْجِعُ وَلَوْ قَالَ وَبَرَاءَةَ إسْقَاطٍ صَحَّ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، أَمَّا الْهِبَةُ وَالْحَطُّ فَإِسْقَاطٌ فَقَطْ، وَإِذَا وَهَبَهُ كُلَّ الدَّيْنِ أَوْ حَطَّ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا هَذَا مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُضَافَ إلَى الثَّمَنِ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ صَحِيحٌ، حَتَّى يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ مَا قَبَضَ، وَسَوَّى بَيْنَ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالْحَطِّ فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى اهـ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي رُجُوعِ الدَّفْعِ بِمَا أَدَّاهُ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ، وَفِي عَدَمِ رُجُوعِهِ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ وَأَنَّ الْخِلَافَ مَعَ الْإِطْلَاقِ، وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ، فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَقَعَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ اهـ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَبِيعَ الدَّيْنُ مِثْلُ الثَّمَنِ فِيمَا ذُكِرَ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ وَكَذَا الثَّمَنُ لَوْ حَطَّ بَعْضَهُ أَوْ وَهَبَهُ، أَوْ أَبْرَأَ عَنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا بَعْدَهُ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِمَا دَفَعَ، لَكِنْ لَوْ الْبَرَاءَةُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ لَا بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ اتِّفَاقًا وَلَوْ أَطْلَقَهَا فَقَوْلَانِ فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى إلَخْ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْإِطْلَاقِ)
لِلُحُوقِ الْحَطِّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ دُونَ الْهِبَةِ (وَالِاسْتِحْقَاقُ) لِبَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ أَوْ شَفِيعٍ (يَتَعَلَّقُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَ) يَتَعَلَّقُ (بِالزِّيَادَةِ) أَيْضًا فَلَوْ رُدَّ بِنَحْوِ عَيْبٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالْكُلِّ (وَلَزِمَ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ) إنْ قَبِلَ الْمَدْيُونُ (إلَّا) فِي سَبْعٍ عَلَى مَا فِي مَدِينَاتِ الْأَشْبَاهِ بَدَلَيْ صَرْفٍ وَسَلَمٍ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ الرُّجُوعُ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِإِطْلَاقِ الْبَرَاءَةِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مِنْ حَمْلِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى بَرَاءَةِ الْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا عَلَى مَعْنَى الْإِسْقَاطِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ وَهَذَا أَكْثَرُ.
(قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ) وَلِأَنَّ وُقُوعَ الْإِبْرَاءِ بَعْدَ الْقَبْضِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَرَاءَةُ الْقَبْضِ، إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِقَرِينَةٍ حَالِيَّةٍ إرَادَةُ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ، وَعَنْ هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى: أَيْ يَتَأَمَّلُ الْمُفْتِي وَيَنْظُرُ مَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ فِي الْحَادِثَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا فَيُفْتِي بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: لِلُحُوقِ الْحَطِّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ) كَأَنَّهُ بَاعَهُ ابْتِدَاءً بِالْقَدْرِ الْبَاقِي بَعْدَ الْحَطِّ ط أَيْ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَكَانَ شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحْقَاقُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا طَلَبُ الْحَقِّ أَوْ ثُبُوتُ الْحَقِّ، وَقَوْلُهُ: لِبَائِعٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَمَعْنَاهُ فِي الْبَائِعِ أَنَّ لَهُ حَقَّ حَبْسِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَمَا زِيدَ فِيهِ، وَمَعْنَاهُ فِي الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ الْمَبِيعُ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَمَا زِيدَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا لَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي، وَمَعْنَاهُ فِي الشَّفِيعِ أَنَّهُ لَوْ زَادَ الْبَائِعُ فِي الْعَقَارِ الْمَبِيعِ، فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْكُلَّ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ رَدَّ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ مُشْتَرٍ أَيْ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ عَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ خِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالْكُلِّ: أَيْ بِالثَّمَنِ وَمَا زِيدَ فِيهِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ إذَا اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَزَادَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ الْعَقْدِ ثَوْبًا آخَرَ ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي أَحَدِ الثِّيَابِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ فِي جَمِيعِهَا وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ هِيَ الْمَعِيبَةُ اهـ.
مَطْلَبٌ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ) الدَّيْنُ مَا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ أَوْ اسْتِهْلَاكٍ، وَمَا صَارَ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا بِاسْتِقْرَاضِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْقَرْضِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ تَعْرِيفُ الْقَرْضِ، وَأَطْلَقَ التَّأْجِيلَ فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْجَهَالَةُ مُتَقَارِبَةً كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ يَصِحُّ لَا إنْ كَانَتْ مُتَفَاحِشَةً كَهُبُوبِ الرِّيحِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ مُتَحَمَّلَةٌ فِي الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ قَبِلَ الْمَدْيُونُ) فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ بَطَلَ التَّأْجِيلُ فَيَكُونُ حَالًّا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ التَّأْجِيلِ بِالشَّرْطِ فَلَوْ قَالَ لِمَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ حَالَّةً إنْ دَفَعْت إلَيَّ غَدًا خَمْسَمِائَةٍ فَالْخَمْسُمِائَةِ الْأُخْرَى مُؤَخَّرَةٌ عَنْك إلَى سَنَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ: أَبْطَلْت الْأَجَلَ أَوْ تَرَكْته صَارَ حَالًّا، بِخِلَافِ بَرِئْت مِنْ الْأَجَلِ أَوْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، وَإِذَا قَضَاهُ قَبْلَ الْحُلُولِ فَاسْتُحِقَّ الْمَقْبُوضُ مِنْ الْقَابِضِ أَوْ وَجَدَهُ زُيُوفًا فَرَدَّهُ أَوْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِقَضَاءٍ عَادَ الْأَجَلُ لَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَدْيُونِهِ شَيْئًا بِالدَّيْنِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا بِالْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ بِهَذَا الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ كَفِيلٌ لَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ اهـ.
بَحْرٌ وَقَوْلُهُ: فِي الْوَجْهَيْنِ: أَيْ فِي الْإِقَالَةِ وَفِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَقَدَّمْنَا فِي الْإِقَالَةِ أَنَّ عَدَمَ عَوْدِ الْكِفَايَةِ فِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ فِيهِ خِلَافٌ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي سَبْعٍ) هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ سِتٌّ فَإِنَّ مَسْأَلَتَيْ الْإِقَالَةِ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ بَدَلَيْ صَرْفٍ وَسَلَمٍ) لِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ لِبَدَلَيْ الصَّرْفِ فِي الْمَجْلِسِ وَاشْتِرَاطِهِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِبَدَلِهِ هُنَا أَمَّا الْمُسْلَمُ فِيهِ فَشَرْطُهُ
وَثَمَنٍ عِنْدَ إقَالَةٍ وَبَعْدَهَا وَمَا أُخِذَ بِهِ الشَّفِيعُ وَدَيْنِ الْمَيِّتُ، وَالسَّابِعُ (الْقَرْضُ) فَلَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ (إلَّا) فِي أَرْبَعٍ
ــ
[رد المحتار]
التَّأْجِيلُ ط. (قَوْلُهُ: وَثَمَنٍ عِنْدَ إقَالَةٍ وَبَعْدَهَا) فِي الْقُنْيَةِ أَجَّلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ سَنَةً عِنْدَ الْإِقَالَةِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَبَطَلَ الْأَجَلُ، وَلَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ أَجَّلَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْأَجَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ الشَّرْطَ اللَّاحِقَ بَعْدَ الْعَقْدِ مُلْتَحِقٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عِنْدَهُ اهـ.
بَحْرٌ وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ الْإِقَالَةِ وَكَتَبْنَا هُنَاكَ أَنَّا قَدَّمْنَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَصْحِيحَ عَدَمِ الْتِحَاقِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ التَّأْجِيلُ بَعْدَهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ سَلَمِ الْجَوْهَرَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْجِيلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَا يَجِبُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الْبِيرِيَّ قَالَ: إنَّ قَوْلَهُ الشَّرْطُ اللَّاحِقُ مُلْتَحِقٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ وَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ، بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ كَمَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ نَقَلَ جَوَازَ تَأْخِيرِ الثَّمَنِ بَعْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ أَيْ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ كَيْفَ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ اهـ. كَلَامُ الْبِيرِيِّ مُلَخَّصًا.
قُلْت: لَكِنْ وَجْهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ، وَقَدْ وَجَّهَ الْخِلَافَ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، قِيلَ يَصِحُّ الْأَجَلُ، وَقِيلَ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَلْتَحِقُ بِالْعَقْدِ، وَهُنَا إذَا الْتَحَقَ بِعَقْدِ الْإِقَالَةِ يَلْزَمُ أَنْ يَزِيدَ الثَّمَنَ فِيهَا بِوَصْفِ التَّأْجِيلِ مَعَ أَنَّ الْإِقَالَةَ إنَّمَا تَصِحُّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِمَا قُلْنَا مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ الِالْتِحَاقِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ) يَعْنِي لَوْ أَجَّلَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ فِي الثَّمَنِ لَمْ يَصِحَّ بَحْرٌ. وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمُؤَجَّلٍ فَإِنَّ الْأَجَلَ لَا يَثْبُتُ فِي أَخْذِ الشَّفِيعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي بَابِهَا. (قَوْلُهُ: وَدَيْنِ الْمَيِّتِ) أَيْ لَوْ مَاتَ الْمَدْيُونُ وَحَلَّ الْمَالُ فَأَجَّلَ الدَّائِنَ وَارِثُهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ، وَفَائِدَةُ التَّأْجِيلِ أَنْ يَتَّجِرَ فَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ نَمَاءِ الْمَالِ، فَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْأَجَلُ تَعَيَّنَ الْمَتْرُوكُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، فَلَا يُفِيدُ التَّأْجِيلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي كُلِّ دَيْنٍ وَذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ فِي الْقَرْضِ بَحْرٌ.
وَفِي الْفَتْحِ مِثْلُ مَا فِي الْقُنْيَةِ لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ تَأْجِيلُ رَبِّ الدَّيْنِ مَالَهُ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ صِفَةُ الدَّيْنِ، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْوَارِثِ، فَلَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ، لَا وَجْهَ أَيْضًا لِثُبُوتِهِ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ عَنْ ذِمَّتِهِ بِالْمَوْتِ وَلَا لِثُبُوتِهِ فِي الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ وَالْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ. وَفِي الْبُرْجَنْدِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ تَأْجِيلَهُ صَحِيحٌ، وَهَكَذَا أَفْتَى الْإِمَامُ قَاضِي خَانَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ هَذَا الدَّيْنُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ، لَكِنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَكُونُ عَيْنًا فَيَصِحُّ التَّأْجِيلُ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ بِيرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ) أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ لَازِمٍ فَلِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ عَنْهُ، لَكِنْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إعَارَةٌ وَصِلَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ حَتَّى يَصِحُّ بِلَفْظَةِ الْإِعَارَةِ وَلَا يَمْلِكُهُ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالْوَصِيِّ وَالصَّبِيِّ، وَمُعَاوَضَةٌ فِي الِانْتِهَاءِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لَا يَلْزَمُ التَّأْجِيلُ فِيهِ كَمَا فِي الْإِعَارَةِ إذْ لَا جَبْرَ فِي التَّبَرُّعِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ نَسِيئَةً وَهُوَ رِبًا اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَصِحُّ عَلَى حَقِيقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِيهِ مُقْتَضَى عَدَمِ اللُّزُومِ وَمُقْتَضَى عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَكَانَ الْأَوَّلُ لَا يُنَافِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ لَا يَلْزَمُ وَجَبَ اعْتِبَارُ عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَلِهَذَا عَلَّلَ فِي الْفَتْحِ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: وَلِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ كَانَ التَّبَرُّعُ مُلْزَمًا عَلَى الْمُتَبَرِّعِ، ثُمَّ لِلْمِثْلِ الْمَرْدُودِ حُكْمُ الْعَيْنِ كَأَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ وَإِلَّا كَانَ تَمْلِيكَ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ بِلَا قَبْضٍ فِي الْمَجْلِسِ وَالتَّأْجِيلُ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ اهـ مُلَخَّصًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ التَّأْجِيلُ فِي الْقَرْضِ بَاطِلٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَرْبَعٍ) أَيْ بَعْدَ مَسْأَلَتَيْ الْحَوَالَةِ وَاحِدَةٌ وَمَسْأَلَتَيْ الْوَصِيَّةِ وَاحِدَةٌ أَيْضًا وَقَدْ نَظَمْت هَذِهِ مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا بِقَوْلِي:
سِتٌّ مِنْ الدُّيُونِ لَيْسَ يَلْتَزِمْ
…
تَأْجِيلُهَا بَدَلُ صَرْفٍ وَسَلَمْ