المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الشهادة على الشهادة - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌باب الشهادة على الشهادة

‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

(هِيَ مَقْبُولَةٌ) وَإِنْ كَثُرَتْ اسْتِحْسَانًا فِي كُلِّ حَقٍّ عَلَى الصَّحِيحِ (إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ) لِسُقُوطِهِمَا بِالشُّبْهَةِ وَجَازَ الْإِشْهَادُ مُطْلَقًا، لَكِنْ لَا تُقْبَلُ إلَّا (بِشَرْطِ تَعَذُّرِ حُضُورِ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ) أَيْ مَوْتِ الْأَصْلِ، وَمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ قَضَاءِ النِّهَايَةِ فِيهِ كَلَامٌ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ عَنْهَا، وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ مَا هُنَا (أَوْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ) وَاكْتَفَى الثَّانِي بِغَيْبَتِهِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ أَنْ يَبِيتَ بِأَهْلِهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَالسِّرَاجِيَّةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (أَوْ كَوْنِ الْمَرْأَةِ مُخَدَّرَةً) لَا تُخَالِطُ الرِّجَالَ وَإِنْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ وَحَمَّامٍ قُنْيَةٌ. وَفِيهَا لَا يَجُوزُ الْإِشْهَادُ لِسُلْطَانٍ وَأَمِيرٍ، وَهَلْ يَجُوزُ لِمَحْبُوسٍ إنْ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ الْخُصُومَةُ، نَعَمْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْوَكَالَةِ وَقَوْلُهُ (عِنْدَ الشَّهَادَةِ) عِنْدَ الْقَاضِي قَيْدٌ لِلْكُلِّ لِإِطْلَاقِ جَوَازِ الْإِشْهَادِ لَا الْأَدَاءِ

ــ

[رد المحتار]

[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرَتْ) أَعْنِي الشَّهَادَةَ عَلَى شَهَادَةِ الْفُرُوعِ ثُمَّ وَثُمَّ، لَكِنَّ فِيهَا شُبْهَةَ الْبَدَلِيَّةِ لِأَنَّ الْبَدَلَ مَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ، وَهَذِهِ كَذَلِكَ وَلِذَا لَا تُقْبَلُ فِيمَا يَسْقُطُ بِالشُّبُهَاتِ كَشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ دُرَرٌ، كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ إلَّا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ) أَيْ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَنَّ قَاضِيَ بَلَدِ كَذَا ضَرَبَ فُلَانًا حَدًّا فِي قَذْفٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ حَتَّى تُرَدَّ شَهَادَتُهُ بَحْرٌ عَنْ الْمَبْسُوطِ. وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهَا تُقْبَلُ فِي التَّعْزِيرِ، وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِشَرْطِ تَعَذُّرِ حُضُورِ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرَضِ مَا لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ الْحُضُورَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّفَرِ الْغَيْبَةُ مُدَّتَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَشَايِخِ وَأَفْصَحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْهِدَايَةِ، لَا مُجَاوَزَةُ الْبُيُوتِ وَإِنْ أَطْلَقَهُ كَالْمَرَضِ فِي الْكَنْزِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعَذُّرِ، وَلَكِنْ مَا ذَكَرْنَا هُوَ الْمُرَادُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْعَجْزُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ وَمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ) عِبَارَتُهُ لَكِنْ فِي قَضَاءِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ: الْأَصْلُ إذَا مَاتَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَرْعِهِ فَتُشْتَرَطُ حَيَاةُ الْأَصْلِ اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ فِيهِ كَلَامٌ) وَيُؤَيِّدُ كَلَامَ الْقُهُسْتَانِيِّ قَوْلُهُ الْآتِي وَبِخُرُوجِ أَصْلِهِ عَنْ أَهْلِهَا.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ عَنْهَا) لَيْسَ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ذَلِكَ، وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ مَا هُنَا) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: لَكِنْ نَقَلَ الْبُرْجَنْدِيُّ وَالْقُهُسْتَانِيُّ كَلَامَهُمَا عَنْ الْخُلَاصَةِ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَالسِّرَاجِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ مَتَى خَرَجَ الْأَصْلُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ خَرِسَ أَوْ فَسَقَ أَوْ عَمِيَ أَوْ جُنَّ أَوْ ارْتَدَّ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ اهـ فَتَنَبَّهْ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ) عِبَارَتُهُ وَتُقْبَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ، وَذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَيْضًا أَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَفِي الْبَحْرِ قَالُوا: الْأَوَّلُ أَحْسَنُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْحَاوِي، وَالثَّانِي أَرْفَقُ إلَخْ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ، حَتَّى رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي زَاوِيَةِ الْمَسْجِدِ وَالْفَرْعُ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى مِنْ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مِنَحٌ وَبَحْرٌ.

(قَوْلُهُ أَوْ كَوْنِ الْمَرْأَةِ مُخَدَّرَةً) قَالَ الْبَزْدَوِيُّ: هِيَ مَنْ لَا تَكُونُ بَرَزَتْ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَلَا يَرَاهَا غَيْرُ الْمَحَارِمِ مِنْ الرِّجَالِ، أَمَّا الَّتِي جَلَسَتْ عَلَى الْمِنَصَّةِ فَرَآهَا رِجَالٌ أَجَانِبُ كَمَا هُوَ عَادَةُ بَعْضِ الْبِلَادِ لَا تَكُونُ مُخَدَّرَةً حَمَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ فِي الْوَكَالَةِ) وَذَكَرَهُ هُنَا أَيْضًا.

(قَوْلُهُ عِنْدَ الْقَاضِي) قَالَهُ فِي الْمِنَحِ.

(قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِ جَوَازِ الْإِشْهَادِ) يَعْنِي يَجُوزُ أَنْ يُشْهِدَ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ سَقِيمٌ وَنَحْوُهُ، وَلَكِنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا وَمَا ذَكَرَ مَوْجُودٌ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَالْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأُصُولِ عُذْرٌ، حَتَّى

ص: 499

كَمَا مَرَّ (وَ) بِشَرْطِ (شَهَادَةِ عَدَدٍ) نِصَابٍ وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، وَمَا فِي الْحَاوِي غَلَطٌ بَحْرٌ (عَنْ كُلِّ أَصْلٍ) وَلَوْ امْرَأَةً (لَا تَغَايُرِ فَرْعَيْ هَذَا وَذَاكَ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.

(وَ) كَيْفِيَّتُهَا أَنْ (يَقُولَ الْأَصْلُ مُخَاطِبًا لِلْفَرْعِ) وَلَوْ ابْنَهُ بَحْرٌ (اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا) وَيَكْفِي سُكُوتُ الْفَرْعِ، وَلَوْ رَدَّهُ ارْتَدَّ قُنْيَةٌ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَةِ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ عِنْدَهُ حَاوِي (وَيَقُولُ الْفَرْعُ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ بِكَذَا وَقَالَ لِي اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِذَلِكَ) هَذَا أَوْسَطُ الْعِبَارَاتِ وَفِيهِ خَمْسُ شِينَاتٍ، وَالْأَقْصَرُ أَنْ يَقُولَ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا وَيَقُولَ الْفَرْعُ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَكَذَا فَتْوَى السَّرَخْسِيِّ وَغَيْرِهِ ابْنُ كَمَالٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ.

ــ

[رد المحتار]

لَوْ حَلَّ بِهِمْ الْعُذْرُ يَشْهَدُ الْفُرُوعُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ.

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَجَازَ الْإِشْهَادُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ وَمَا فِي الْحَاوِي غَلَطٌ) مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ عَلَى الشَّهَادَةِ. وَفِي الْهَامِشِ: وَلَوْ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ وَأَحَدُهُمَا يَشْهَدُ بِنَفْسِهِ أَيْضًا لَمْ يَجُزْ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ عَنْ كُلِّ أَصْلٍ) فَلَوْ شَهِدَ عَشَرَةٌ عَلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ تُقْبَلُ وَلَكِنْ لَا يَقْضِي حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدٌ آخَرُ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِشَهَادَتِهِمْ شَهَادَةُ وَاحِدٍ بَحْرٌ عَنْ الْخِزَانَةِ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى شَهَادَةِ نَفْسِهِ وَآخَرَانِ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ يَصِحُّ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَذَاكَ) يَعْنِي بِأَنْ يَكُونَ لِكُلِّ شَاهِدٍ شَاهِدَانِ مُتَغَايِرَانِ بَلْ يَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى كُلِّ أَصْلٍ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ ابْنَهُ) كَمَا يَأْتِي مَتْنًا.

(قَوْلُهُ إنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ أَشْهَدُ لِأَنَّهُ بِدُونِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِنْ سَمِعَهَا مِنْهُ لِأَنَّهُ كَالنَّائِبِ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّحْمِيلِ وَالتَّوْكِيلِ، وَبِقَوْلِهِ عَلَى شَهَادَتِي لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْهَدْ عَلَيَّ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِ الْحَقِّ الْمَشْهُودِ بِهِ فَيَكُونُ أَمْرًا بِالْكَذِبِ، وَبِعَلَى، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ بِشَهَادَتِي لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا بِأَنْ يَشْهَدَ مِثْلَ شَهَادَتِهِ بِالْكَذِبِ وَبِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُمَا الْقَاضِي عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ سُكُوتُ الْفَرْعِ) أَيْ عِنْدَ تَحْمِيلِهِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ لَا أَقْبَلُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ شَاهِدًا حَتَّى لَوْ شَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ اهـ.

(قَوْلُهُ حَاوِي) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ، وَفِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، الْفَرْعُ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْأَصْلَ بِعَدَالَةٍ وَلَا غَيْرِهَا فَهُوَ مُسِيءٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ بِتَرْكِهِ الِاحْتِيَاطَ اهـ. وَقَالُوا الْإِسَاءَةُ أَفْحَشُ مِنْ الْكَرَاهَةِ اهـ. لَكِنْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَنَارِ أَنَّهَا دُونَهَا، وَرَأَيْتُ مِثْلَهُ فِي التَّقْرِيرِ شَرْحُ الْبَزْدَوِيِّ وَالتَّحْقِيقُ وَغَيْرُهُمَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَنَّ فُلَانًا إلَخْ) وَيَذْكُرُ اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ هَذَا أَوْسَطُ الْعِبَارَاتِ) وَالْأَطْوَلُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ عِنْدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَأَمَرَنِي أَنْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَأَنَا الْآنَ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ فَفِيهِ ثَمَانِ شِينَاتٍ.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَتْوَى السَّرَخْسِيِّ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ وَأُسْتَاذِهِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ، وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: وَحَكَى أَنَّ فُقَهَاءَ زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ خَالَفُوهُ وَاشْتَرَطُوا زِيَادَةً طَوِيلَةً فَأَخْرَجَ أَبُو جَعْفَرٍ الرِّوَايَةَ مِنْ السِّيَرِ الْكَبِيرِ فَانْقَادُوا لَهُ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: فَلَوْ اعْتَمَدَ أَحَدٌ عَلَى هَذَا كَانَ أَسْهَلَ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَيْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ كَلَامِ الْقُدُورِيِّ الْمُشْتَمِلَ عَلَى خَمْسِ شِينَاتٍ حَيْثُ حَكَاهُ، وَذَكَرَ أَنَّ ثَمَّ أَطْوَلَ مِنْهُ وَأَقْصَرَ. ثُمَّ قَالَ: وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا.

وَذَكَرَ أَبُو نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ شَارِحُ الْقُدُورِيِّ أَقْصَرَ آخَرَ بِثَلَاثِ شِينَاتٍ وَهُوَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا أَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ عِنْدَهُ بِكَذَا، ثُمَّ قَالَ: وَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ أَوْلَى وَأَحْوَطُ.

ثُمَّ حَكَى خِلَافًا فِي أَنَّ قَوْلَهُ وَقَالَ لِي اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي شَرْطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُلْهُ احْتَمَلَ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَشْهَدَ مِثْلَ شَهَادَتِهِ وَهُوَ كَذِبٌ وَأَنَّهُ أَمَرَهُ عَلَى وَجْهِ التَّحَمُّلِ فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ لِأَنَّ أَمْرَ الشَّاهِدِ مَحْمُولٌ عَلَى

ص: 500

(وَيَكْفِي تَعْدِيلُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ) إنْ عُرِفَ الْفُرُوعُ بِالْعَدَالَةِ وَإِلَّا لَزِمَ تَعْدِيلُ الْكُلِّ (كَ) مَا يَكْفِي تَعْدِيلُ (أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ صَاحِبَهُ) فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يُتَّهَمُ بِمِثْلِهِ (وَإِنْ سَكَتَ) الْفَرْعُ (عَنْهُ نَظَرَ) الْقَاضِي (فِي حَالِهِ) وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أَعْرِفُ عَلَى الصَّحِيحِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَيْسَ بِعَدْلٍ عَلَى مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ فَتَنَبَّهْ.

(وَتَبْطُلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ) بِأُمُورٍ بِنَهْيِهِمْ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ خُلَاصَةٌ وَسَيَجِيءُ مَتْنًا مَا يُخَالِفُهُ، وَبِخُرُوجِ أَصْلِهِ عَنْ أَهْلِيَّتِهَا كَفِسْقٍ وَخَرَسٍ وَعَمًى وَ (بِإِنْكَارِ أَصْلِهِ الشَّهَادَةَ) كَقَوْلِهِمْ

ــ

[رد المحتار]

الصِّحَّةِ مَا أَمْكَنَ اهـ. وَالْوَجْهُ فِي شُهُودِ الزَّمَانِ الْقَوْلُ بِقَوْلِهِمَا وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ الْعَارِفُ الْمُتَدَيِّنُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ خُصُوصًا الْمُتَّخِذَ بِهَا مَكْسَبَةً لِلدَّرَاهِمِ اهـ مَا فِي الْفَتْحِ بِاخْتِصَارٍ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اخْتَارَ مَا اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَشَرْحِ الْقُدُورِيِّ مِنْ لُزُومِ خَمْسِ شِينَاتٍ فِي الْأَدَاءِ، وَهُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْمُتُونِ كَالْقُدُورِيِّ وَالْكَنْزِ وَالْغُرَرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْإِصْلَاحِ وَمَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّزْكِيَةِ هِدَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ تَعْدِيلُ الْكُلِّ) هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ إلَّا بِالْعَدَالَةِ، فَإِذَا لَمْ يَعْرِفُوهَا لَمْ يَنْقُلُوا الشَّهَادَةَ فَلَا تُقْبَلُ. وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ عَلَيْهِمْ النَّقْلُ دُونَ التَّعْدِيلِ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ فَيَتَعَرَّفُ الْقَاضِي الْعَدَالَةَ، كَمَا إذَا شَهِدُوا بِأَنْفُسِهِمْ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْبَحْرِ: وَقَوْلُهُ وَإِلَّا صَادِقٌ بِصُوَرٍ

الْأُولَى أَنْ يَسْكُتُوا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا أَفْصَحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ.

الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولُوا لَا نُخْبِرُك فَجَعَلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ عَدَمَ الْقَبُولِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقِيَ مَسْتُورًا، إذْ يُحْتَمَلُ الْجَرْحُ وَالتَّوَقُّفُ فَلَا يَثْبُتُ الْجَرْحُ بِالشَّكِّ. وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ جَرْحٌ لِلْأُصُولِ، وَاسْتَشْهَدَ الْخَصَّافُ بِأَنَّهُمَا لَوْ قَالَا: إنَّا نَتَّهِمُهُ فِي الشَّهَادَةِ لَمْ يَقْبَلْ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ، وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ هُوَ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْخَانِيَّةِ اهـ مُلَخَّصًا، وَحَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ الْأُولَى فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ، تَكْرَارٌ مَعَ مَا فِي الْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يُتَّهَمُ بِمِثْلِهِ) كَذَا عَلَّلَ فِي الْبَحْرِ، وَفِيهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: وَكَذَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ فَعَدَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ يَجُوزُ لِمَا قُلْنَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً مِنْ حَيْثُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ وَلَكِنَّ الْعَدْلَ لَا يُتَّهَمُ بِمِثْلِهِ كَمَا لَا يُتَّهَمُ فِي شَهَادَةِ نَفْسِهِ اهـ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ بِمِثْلِ مَا ذَكَرْتُ مِنْ الشُّبْهَةِ.

وَحَاصِلُ مَا فِي الْفَتْحِ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ حَيْثُ كَانَ بِتَعْدِيلِهِ رَفِيقُهُ يُثْبِتُ الْقَضَاءَ بِشَهَادَتِهِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ شَهَادَةَ نَفْسِهِ تَتَضَمَّنُ مِثْلَ هَذِهِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ الْقَضَاءُ بِهَا، فَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ الشَّرْعُ مَعَ عَدَالَتِهِ ذَلِكَ مَانِعًا كَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ فِي حَالِهِ) فَيَسْأَلُهُ عَنْ عَدَالَتِهِ فَإِذَا ظَهَرَتْ قَبِلَهُ وَإِلَّا لَا مِنَحٌ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ) عِبَارَتُهُ. وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْفَرْعُ: إنَّ الْأَصْلَ لَيْسَ بِعَدْلٍ أَوْ لَا أَعْرِفُهُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَمَا قَالَ الْخَصَّافُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ كَمَا فِي الْمُحِيطِ اهـ. فَتَأَمَّلْ النَّقْلَ مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ عَنْ الْمُحِيطِ) ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة خِلَافَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا، وَكَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُمَا لَوْ قَالَا نَتَّهِمُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَظَاهِرُ اسْتِشْهَادِ الْخَصَّافِ بِهِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهِدَا عَنْ أَصْلٍ، وَقَالَا: لَا خَيْرَ فِيهِ وَزَكَّاهُ غَيْرُهُمَا لَا يُقْبَلُ، وَإِنْ جَرَحَهُ أَحَدُهُمَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِأُمُورٍ) عَدَّ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ حُضُورَ الْأَصْلِ قَبْلَ الْقَضَاءِ مُسْتَدِلًّا بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ أَنَّ فُرُوعًا شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ الْأُصُولِ ثُمَّ حَضَرَ الْأُصُولُ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يُقْضَى بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ اهـ.

لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يُقْضَى دُونَ أَنْ يَقُولَ بَطَلَ الْإِشْهَادُ أَنَّ الْأُصُولَ لَوْ غَابُوا بَعْدَ ذَلِكَ قُضِيَ بِشَهَادَتِهِمْ اهـ. فَلِهَذَا تَرَكَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ مَا يُخَالِفُهُ) وَهُوَ خِلَافُ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ وَبِإِنْكَارِ أَصْلِهِ الشَّهَادَةَ) هَكَذَا

ص: 501

مَا لَنَا شَهَادَةٌ أَوْ لَمْ نُشْهِدْهُمْ أَوْ أَشْهَدْنَاهُمْ وَغَلِطْنَا، وَلَوْ سُئِلُوا فَسَكَتُوا قُبِلَتْ خُلَاصَةٌ.

(شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَى فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةِ وَقَالَا أَخْبَرَانَا بِمَعْرِفَتِهَا وَجَاءَ الْمُدَّعِي بِامْرَأَةٍ لَمْ يَعْرِفَا أَنَّهَا هِيَ قِيلَ لَهُ هَاتِ شَاهِدَيْنِ أَنَّهَا هِيَ فُلَانَةُ) وَلَوْ مُقِرَّةً (وَمِثْلُهُ الْكِتَابُ الْحُكْمِيُّ) وَهُوَ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي لِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ، فَلَوْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِرَجُلٍ لَمْ يَعْرِفَاهُ كُلِّفَ إثْبَاتَ أَنَّهُ هُوَ وَلَوْ مُقِرًّا لِاحْتِمَالِ التَّزْوِيرِ بَحْرٌ، وَيَلْزَمُ مُدَّعِيَ الِاشْتِرَاكِ الْبَيَانُ كَمَا بَسَطَهُ قَاضِي خَانَ (وَلَوْ قَالَا فِيهِمَا التَّمِيمِيَّةُ لَمْ تَجُزْ حَتَّى يَنْسُبَاهَا إلَى فَخِذِهَا) كَجَدِّهَا، وَيَكْفِي نِسْبَتُهَا لِزَوْجِهَا، وَالْمَقْصُودُ الْإِعْلَامُ (أَشْهَدَهُ عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ) أَيْ نَهْيُهُ، فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ دُرَرٌ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، لَكِنَّهُ قَدَّمَ تَرْجِيحَ خِلَافِهِ عَنْ الْخُلَاصَةِ.

(كَافِرَانِ شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ لِكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ لَمْ تُقْبَلْ كَذَا شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْقَضَاءِ لِكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ؛ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ رَجُلٍ عَلَى شَهَادَةِ أَبِيهِ وَعَلَى قَضَاءِ أَبِيهِ) فِي الصَّحِيحِ دُرَرٌ خِلَافًا لِلْمُلْتَقَطِ.

(مَنْ ظَهَرَ أَنَّهُ

ــ

[رد المحتار]

وَقَعَ التَّعْبِيرُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ. وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْفَاضِلِ جَوِي زَادَةْ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْإِشْهَادِ، لِأَنَّ إنْكَارَ الشَّهَادَةِ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا قَالَ لِي شَهَادَةٌ عَلَى هَذِهِ الْحَادِثَةِ لَكِنْ لَمْ أُشْهِدْهُمْ، بِخِلَافِ إنْكَارِ الْإِشْهَادِ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ هَذَا وَيَشْمَلُ إنْكَارَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ إنْكَارَهَا يَسْتَلْزِمُ إنْكَارَهُ فَإِنْكَارُ الْإِشْهَادِ نَوْعَانِ صَرِيحٌ وَضِمْنِيٌّ، وَلِذَا عَبَّرَ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْبَحْرِ بِالْإِشْهَادِ، وَبِهِ انْدَفَعَ اعْتِرَاضُ الدُّرَرِ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ، وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ هُنَا أَوْ لَمْ نُشْهِدْهُمْ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ إنْكَارِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَنَا شَهَادَةٌ وَلَمْ نُشْهِدْهُمْ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ مَا لَنَا شَهَادَةٌ) يَعْنِي ثُمَّ غَابُوا أَوْ مَرِضُوا ثُمَّ جَاءَ الْفُرُوعُ فَشَهِدُوا لَا تُقْبَلُ.

(قَوْلُهُ وَغَلِطْنَا) هُوَ فِي مَعْنَى إنْكَارِ الشَّهَادَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ قِيلَ لَهُ هَاتِ إلَخْ) فَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا مَرَّ شَهَادَةٌ قَاصِرَةٌ يُتِمُّهَا غَيْرُهُمْ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مُقِرَّةً) فَلَعَلَّهَا غَيْرُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْرِيفِهَا بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنَحٌ.

(قَوْلُهُ إلَى الْقَاضِي) فَإِنْ كَتَبَ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا مِنْ الْمَالِ عَلَى فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّةِ وَأَحْضَرَ الْمُدَّعِي امْرَأَةً عِنْدَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَنْسُوبَةَ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ آخَرَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّهَا الْمَنْسُوبَةُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ مَدَنِيٌّ.

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ التَّزْوِيرِ) أَيْ بِأَنْ يَتَوَاطَأَ الْمُدَّعِي مَعَ ذَلِكَ الرَّجُلِ.

(قَوْلُهُ الْبَيَانُ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ غَيْرَهُ يُشَارِكُهُ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ كَانَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ: أَيْ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي أَثْبِتْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَثْبَتَ تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ كَمَا لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِمُشَارِكٍ لَهُ فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ يَكُونُ خَصْمًا.

(قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ وَكِتَابِ الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ إلَى فَخْذِهَا) بِسُكُونِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا، يُرِيدُ بِهِ الْقَبِيلَةَ الْخَاصَّةَ الَّتِي لَيْسَ دُونَهَا أَخَصُّ مِنْهَا وَهَذَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ لِلُّغَوِيِّينَ وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ.

وَفِي الْجَمْهَرَةِ: جَعَلَ الْفَخْذَ دُونَ الْقَبِيلَةِ وَفَوْقَ الْبَطْنِ، وَجَعَلَهُ فِي دِيوَانٍ أَقَلَّ مِنْ الْبَطْنِ وَكَذَا صَاحِبُ الْكَشَّافِ. قَالَ: الْعَرَبُ عَلَى سِتِّ طَبَقَاتٍ، الشَّعْبُ كَمُضَرَ وَرَبِيعَةَ وَحِمْيَرَ، سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّ الْقَبَائِلَ تَنْشَعِبُ عَنْهَا، وَالْقَبِيلَةُ كَكِنَانَةَ، وَالْعِمَارَةُ كَقُرَيْشٍ، وَالْبَطْنُ كَقُصَيٍّ، وَالْفَخْذُ كَهَاشِمٍ، وَالْفَصِيلَةُ كَالْعَبَّاسِ وَكُلُّ وَاحِدٍ يَجْمَعُ مَا بَعْدَهُ، فَالشَّعْبُ يَجْمَعُ الْقَبَائِلَ، وَالْعِمَارَةُ تَجْمَعُ الْبُطُونَ وَهَكَذَا، وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ الِاكْتِفَاءُ بِالْفَخْذِ مَا لَمْ يَنْسُبْهَا إلَى الْفَصِيلَةِ، وَالْعِمَارَةُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَالشَّعْبُ بِفَتْحِ الشِّينِ فَتْحٌ مُلَخَّصًا.

(قَوْلُهُ كَجَدِّهَا) الْأَنْسَبُ أَوْ جَدِّهَا.

(قَوْلُهُ وَالْمَقْصُودُ الْإِعْلَامُ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّعْرِيفِ أَنْ يُنْسَبَ إلَى أَنْ يَعْرِفَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَعْرِفُهُ وَإِنْ نَسَبَهُ إلَى مِائَةِ جَدٍّ بَلْ لِيَثْبُتَ الِاخْتِصَاصُ وَيَزُولَ الِاشْتِرَاكُ، فَإِنَّهُ قَلَّمَا يَتَّفِقُ اثْنَانِ فِي اسْمِهِمَا وَاسْمِ أَبِيهِمَا وَجَدِّهِمَا أَوْ صِنَاعَتِهِمَا وَلَقَبِهِمَا، فَمَا ذُكِرَ عَنْ قَاضِي خَانَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْرِفْ مَعَ ذِكْرِ الْجَدِّ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ، الْأَوْجَهُ مِنْهُ مَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ التَّعْرِيفِ ذِكْرُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي اللَّقَبِ

ص: 502

شَهِدَ بِزُورٍ) بِأَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَدَّعِ سَهْوًا أَوْ غَلَطًا كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّفْيِ (عُزِّرَ بِالتَّشْهِيرِ) وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى سِرَاجِيَّةٌ، وَزَادَ ضَرَبَهُ وَحَبَسَهُ مَجْمَعٌ. وَفِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَحِّمَ وَجْهَهُ إذَا رَآهُ سِيَاسَةً، وَقِيلَ إنْ رَجَعَ مُصِرًّا ضُرِبَ إجْمَاعًا، وَإِنْ تَائِبًا لَمْ يُعَزَّرْ إجْمَاعًا، وَتَفْوِيضُ مُدَّةِ تَوْبَتِهِ لِرَأْيِ الْقَاضِي عَلَى الصَّحِيحِ لَوْ فَاسِقًا، وَلَوْ عَدْلًا أَوْ مَسْتُورًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا.

قُلْتُ: وَعَنْ الثَّانِي تُقْبَلُ، وَبِهِ يُفْتَى عَيْنِيٌّ وَغَيْرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ــ

[رد المحتار]

مَعَ الِاسْمِ هَلْ هُمَا وَاحِدٌ أَوْ لَا اهـ. وَالْمُرَادُ بِالثَّلَاثَةِ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ أَوْ صِنَاعَتُهُ أَوْ فَخِذُهُ فَإِنَّهُ يَكْفِي عَنْ الْجَدِّ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

فَفِي الْهِدَايَةِ: ثُمَّ التَّعْرِيفُ وَإِنْ كَانَ يَتِمُّ بِذِكْرِ الْجَدِّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ فَذِكْرُ الْفَخْذِ يَقُومُ مَقَامَ الْجَدِّ لِأَنَّهُ اسْمُ الْجَدِّ الْأَعْلَى أَيْ فِي ذَلِكَ الْفَخْذِ الْخَاصِّ، فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْجَدِّ الْأَدْنَى وَفِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ وَفِي الْعَجَمِ ذِكْرُ الصِّنَاعَةِ بِمَنْزِلَةِ الْفَخْذِ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ الْإِعْلَامِ رَفْعُ الِاشْتِرَاكِ، لِأَنَّ الْإِعْلَامَ بِأَنْ يُعْرَفَ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا مَرَّ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالِاسْمِ الْمُجَرَّدِ مَشْهُورًا كَشُهْرَةِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ يَكْفِي عَنْ ذِكْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَلَوْ كَنَّى بِلَا تَسْمِيَةٍ لَمْ تُقْبَلْ إلَّا إذَا كَانَ مَشْهُورًا كَالْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ شَهِدَ بِزُورٍ) وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِيهَا سَوَاءٌ بَحْرٌ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَيَّدَ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهِ إلَّا بِإِقْرَارِهِ. وَزَادَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنْ يَشْهَدَ بِمَوْتِ وَاحِدٍ فَيَجِيءَ حَيًّا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبَحَثَ فِيهِ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ.

وَاعْتَرَضَ بِالْإِقْرَارِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ بِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ بِدُونِهِ، كَمَا إذَا شَهِدَ بِمَوْتِ زَيْدٍ أَوْ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ ثُمَّ ظَهَرَ زَيْدٌ حَيًّا أَوْ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَمَضَى ثَلَاثُونَ يَوْمًا لَيْسَ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ. وَأَجَابَ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ إمَّا لِنُدْرَتِهِ وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَا مَحِيصَ لَهُ أَنْ يَقُولَ كَذَبْتُ أَوْ ظَنَنْتُ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَعْنَى كَذَبْتُ لِإِقْرَارِهِ بِالشَّهَادَةِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. وَفِي الْيَعْقُوبِيَّةِ أَيْضًا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِإِقْرَارٍ عَلَى الْحَصْرِ الْإِضَافِيِّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لَا يُعْلَمُ بِالْبَيِّنَةِ. وَأَجَابَ ابْنُ الْكَمَالِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمَوْتِ تَجُوزُ بِالتَّسَامُعِ وَكَذَا بِالنَّسَبِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ رَأَيْتُ قَتِيلًا سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ إنَّهُ عَمْرُو بْنُ زَيْدٍ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَالْأَمْرُ فِيهِ أَوْسَعُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ) أَيْ إثْبَاتُ تَزْوِيرِهِ، أَمَّا إثْبَاتُ إقْرَارِهِ فَمُمْكِنٌ كَمَا لَا يَخْفَى تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَزَادَ ضَرْبَهُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَرَجَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَوْلَهُمَا وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ.

(قَوْلُهُ أَنْ يُسَحِّمَ) السُّحْمُ بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ السَّوْدَوَانِيُّ كَذَا فِي الْهَامِشِ.

(قَوْلُهُ إذَا رَآهُ سِيَاسَةً) قَدَّمَ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ مَا يُخَالِفُ هَذَا حَيْثُ قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ فِي حُكْمِ السِّيَاسَةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَفْعَلُهَا وَلَمْ يَقُولُوا الْقَاضِي فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ بِالسِّيَاسَةِ وَلَا الْعَمَلُ بِهَا فَلْيُحَرَّرْ فَتَّالٌ.

(قَوْلُهُ مُصِرًّا) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ إنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ رَجَعَ عَلَى سَبِيلِ الْإِصْرَارِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ نَعَمْ شَهِدْتُ فِي هَذِهِ بِالزُّورِ وَلَا أَرْجِعُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ بِالضَّرْبِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ رَجَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبَةِ لَا يُعَزَّرُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ، وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فَجَوَابُهُ فِي التَّائِبِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْزِيرِ الِانْزِجَارُ وَقَدْ انْزَجَرَ بِدَاعِي اللَّهِ تَعَالَى. وَجَوَابُهُمَا فِيمَنْ لَمْ يَتُبْ وَلَا يُخَالِفْ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ.

(قَوْلُهُ أَبَدًا) لِأَنَّ عَدَالَتَهُ لَا تُعْتَمَدُ مُنْلَا عَلِيٍّ.

(قَوْلُهُ تُقْبَلُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ مَرَّةً كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَالْأَقْلَفُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: الْمَعْرُوفُ بِالْعَدَالَةِ إذَا شَهِدَ بِزُورٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ. وَرَوَى الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ تُقْبَلُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ اهـ. وَكَلَامُ الشَّارِحِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا تَأَمَّلْ.

ص: 503