الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرِّبَا حَرَامٌ إلَّا فِي هَذِهِ السِّتِّ مَسَائِلَ.
بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ
أَخَّرَهَا لِتَبَعِيَّتِهَا وَلِتَبَعِيَّتِهِ تَرْتِيبَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (اشْتَرَى بَيْتًا فَوْقَهُ آخَرُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْعُلْوُ) مُثَلَّثُ الْعَيْنِ (وَلَوْ قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ) هُوَ لَهُ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ (مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ (وَكَذَا لَا يَدْخُلُ) الْعُلْوُ (بِشِرَاءِ مَنْزِلٍ) هُوَ مَا لَا إصْطَبْلَ فِيهِ (إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ) أَيْ حُقُوقِهِ كَطَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَعِنْدَ الثَّانِي الْمَرَافِقُ الْمَنَافِعُ أَشْبَاهٌ (أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ
ــ
[رد المحتار]
يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَعَ تَعْلِيلِهِ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَا ثَمَّةَ وَلَمْ يُهَاجِرَا لَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ وَهَذَا يُعْلَمُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ إلَّا فِي هَذِهِ السِّتِّ مَسَائِلَ) أَوَّلُهَا السَّيِّدُ مَعَ عَبْدِهِ وَآخِرُهَا مَنْ أَسْلَمَا وَلَمْ يُهَاجِرَا وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ الْمَسَائِلُ بِالتَّعْرِيفِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ]
بَابُ الْحُقُوقِ جَمْعُ حَقٍّ وَالْحَقُّ خِلَافُ الْبَاطِلِ: وَهُوَ مَصْدَرُ حَقَّ الشَّيْءُ مِنْ بَابَيْ ضَرَبَ وَقَتَلَ إذَا وَجَبَ وَثَبَتَ، وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَرَافِقِ الدَّارِ حُقُوقُهَا اهـ. وَفِي الْبِنَايَةِ: الْحَقُّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الرَّجُلُ وَلَهُ مَعَانٍ أُخَرُ مِنْهَا ضِدُّ الْبَاطِلِ اهـ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. وَفِي النَّهْرِ اعْلَمْ أَنَّ الْحَقَّ فِي الْعَادَةِ يُذْكَرُ فِيمَا هُوَ تَبَعٌ لِلْمَبِيعِ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَلَا يُقْصَدُ إلَّا لِأَجْلِهِ كَالطَّرِيقِ وَالشِّرْبِ لِلْأَرْضِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ
(قَوْلُهُ لِتَبَعِيَّتِهَا) أَيْ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تَوَابِعُ فَيَلِيقُ ذِكْرُهَا بَعْدَ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ بَحْرٌ عَنْ الْمِعْرَاجِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِهَذَا الْبَابِ مُنَاسَبَةٌ خَاصَّةٌ بِالرِّبَا لِأَنَّ فِيهِ بَيَانَ فَضْلٍ هُوَ حَرَامٌ، وَهُنَا بَيَانُ فَضْلٍ عَلَى الْمَبِيعِ هُوَ حَلَالٌ (قَوْلُهُ لِتَبَعِيَّتِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا صَاحِبُ الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ مُثَلَّثُ الْعَيْنِ) وَاللَّامُ سَاكِنَةٌ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّيْءَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْعُلْوُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ جُعِلَ لِيُبَاتَ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزِيدُ لَهُ دِهْلِيزًا فَإِذَا بَاعَ الْبَيْتَ لَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ مَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ الْعُلْوِ صَرِيحًا، لِأَنَّ الْعُلْوَ مِثْلُهُ فِي أَنَّهُ مُسَقَّفٌ يُبَاتُ فِيهِ وَالشَّيْءُ لَا يَسْتَتْبِعُ مِثْلَهُ، بَلْ مَا هُوَ أَدْنَى مِنْهُ فَتْحٌ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِذِكْرِ الْحَقِّ لِأَنَّ حَقَّ الشَّيْءِ تَبَعٌ لَهُ فَهُوَ دُونَهُ وَالْعُلْوُ مِثْلُ الْبَيْتِ لَا دُونَهُ (قَوْلُهُ هُوَ مَا لَا إصْطَبْلَ فِيهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْمَنْزِلُ فَوْقَ الْبَيْتِ وَدُونَ الدَّارِ، وَهُوَ اسْمٌ لِمَكَانٍ يَشْتَمِلُ عَلَى بَيْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يُنْزَلُ فِيهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَهُ مَطْبَخٌ وَمَوْضِعُ قَضَاءِ الْحَاجَةِ، فَيَتَأَتَّى السُّكْنَى بِالْعِيَالِ مَعَ ضَرْبِ قُصُورٍ إذْ لَيْسَ لَهُ صَحْنٌ غَيْرُ مُسَقَّفٍ وَلَا إصْطَبْلُ الدَّوَابِّ، فَيَكُونُ الْبَيْتُ دُونَهُ، وَيَصْلُحُ أَنْ يَسْتَتْبِعَهُ فَلِشَبَهِهِ بِالدَّارِ يَدْخُلُ الْعُلْوُ فِيهِ تَبَعًا عِنْدَ ذِكْرِ التَّوَابِعِ غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَى التَّنْصِيصِ عَلَى اسْمِهِ الْخَاصِّ، وَلِشَبَهِهِ بِالْبَيْتِ لَا يَدْخُلُ بِلَا ذِكْرِ زِيَادَةٍ اهـ أَيْ زِيَادَةِ ذِكْرِ التَّوَابِعِ أَيْ قَوْلُهُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ أَيْ حُقُوقِهِ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ أَنَّ الْحُقُوقَ عِبَارَةٌ عَنْ مَسِيلٍ وَطَرِيقٍ وَغَيْرِهِ وِفَاقًا، وَالْمَرَافِقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عِبَارَةٌ عَنْ مَنَافِعِ الدَّارِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمَرَافِقُ هِيَ الْحُقُوقُ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ أَيْ بِمَرَافِقِهِ نَهْرٌ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمَرَافِقُ أَعَمُّ لِأَنَّهَا تَوَابِعُ الدَّارِ مِمَّا يَرْتَفِقُ بِهِ كَالْمُتَوَضَّأِ وَالْمَطْبَخِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَقَدَّمَ قَبْلَهُ أَنَّ حَقَّ الشَّيْءِ تَابِعٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ كَالطَّرِيقِ وَالشِّرْبِ اهـ فَهُوَ أَخَصُّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَطَرِيقٍ) أَيْ طَرِيقٍ خَاصٍّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ) أَيْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ أَوْ خَارِجٌ بِأَوْ دُونَ الْوَاوِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا كَمَا ذَكَرَهُ الصَّيْرَفِيُّ، وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِحَقٍّ مُقَدَّرٍ لَا لِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَإِنَّ الصِّفَةَ لَا تُوصَفُ وَلَا لِكُلٍّ عَلَى رَأْيٍ كَمَا تَقَرَّرَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ طَعْنُ أَبِي يُوسُفَ عَلَى مُحَمَّدٍ
وَيَدْخُلُ) الْعُلْوُ (بِشِرَاءِ دَارٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا) وَلَوْ الْأَبْنِيَةُ بِتُرَابٍ أَوْ بِخِيَامٍ أَوْ قِبَابٍ وَهَذَا التَّفْصِيلُ عُرْفُ الْكُوفَةِ وَفِي عُرْفِنَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ بِلَا ذِكْرٍ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا فَتْحٌ وَكَافِي سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ بَيْتًا فَوْقَهُ عُلْوٌ أَوْ غَيْرُهُ إلَّا دَارَ الْمَلِكِ فَتُسَمَّى سَرَاي نَهْرٌ (كَ) مَا يَدْخُلُ فِي شِرَاءِ الدَّارِ (الْكَنِيفُ وَبِئْرُ الْمَاءِ وَالْأَشْجَارُ الَّتِي فِي صَحْنِهَا وَ) كَذَا (الْبُسْتَانُ الدَّاخِلُ) وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ (لَا) الْبُسْتَانُ (الْخَارِجُ إلَّا إذَا كَانَ أَصْغَرَ مِنْهَا) فَيَدْخُلُ تَبَعًا وَلَوْ مِثْلَهَا أَوْ أَكْبَرَ فَلَا إلَّا بِالشَّرْطِ زَيْلَعِيٌّ وَعَيْنِيٌّ.
(وَالظُّلَّةُ لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ) لِبِنَائِهَا عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَتْ حُكْمَهُ (إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ وَنَحْوِهِ) مِمَّا مَرَّ وَقَالَا إنَّ مَفْتَحَهَا فِي الدَّارِ تَدْخُلُ كَالْعُلْوِ (وَيَدْخُلُ الْبَابُ الْأَعْظَمُ فِي بَيْعِ بَيْتٍ أَوْ دَارٍ مَعَ ذِكْرِ الْمَرَافِقِ) لِأَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِهَا خَانِيَّةٌ (لَا) يَدْخُلُ (الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ
ــ
[رد المحتار]
بِدُخُولِ الْأَمْتِعَةِ فِيهَا وَطَعَنَ زُفَرُ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ وَالْحَشَرَاتِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِشِرَاءِ دَارٍ) هِيَ اسْمٌ لِسَاحَةٍ أُدِيرَ عَلَيْهَا الْحُدُودُ تَشْتَمِلُ عَلَى بُيُوتٍ وَإِصْطَبْلٍ وَصَحْنٍ غَيْرِ مُسَقَّفٍ وَعُلْوٍ، فَيُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ الصَّحْنِ لِلِاسْتِرْوَاحِ وَمَنَافِعِ الْأَبْنِيَةِ لِلْإِسْكَانِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ بَيْتًا إلَخْ) عِبَارَةُ النَّهْرِ قَالُوا هَذَا فِي عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَيَدْخُلُ الْعُلْوُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ بَيْتًا فَوْقَهُ عُلْوٌ وَمَنْزِلًا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْكَنٍ يُسَمَّى خَانَهُ فِي الْعَجَمِ، وَلَوْ عُلْوًا سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا كَالْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا دَارَ الْمَلِكِ فَتُسَمَّى سَرَاي اهـ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَتْحِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَلَوْ عُلْوًا صَوَابُهُ وَلَهُ عُلْوٌ كَمَا فِي عِبَارَةِ الْفَتْحِ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَلَا يَخْلُو عَنْ عُلْوٍ. مَطْلَبٌ الْأَحْكَامُ تُبْتَنَى عَلَى الْعُرْفِ
قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَسْكَنٍ فِي عُرْفِ الْعَجَمِ يُسَمَّى خَانَهُ إلَّا دَارَ الْمَلِكِ تُسَمَّى سَرَاي، وَالْخَانَهْ لَا يَخْلُو عَنْ عُلْوٍ فَلِذَا دَخَلَ الْعُلْوُ فِي الْكُلِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ يَقَعُ عِنْدَهُمْ بِلَفْظِ خَانَهُ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَافِي وَفِي عُرْفِنَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ بَاعَ بِاسْمِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَنْزِلِ أَوْ الدَّارِ وَالْأَحْكَامُ تُبْتَنَى عَلَى الْعُرْفِ، فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ وَفِي كُلِّ عَصْرٍ عُرْفُ أَهْلِهِ اهـ.
قُلْت: وَحَيْثُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَلَا كَلَامَ سَوَاءٌ كَانَ بِاسْمِ خَانَهُ أَوْ غَيْرِهِ، وَفِي عُرْفِنَا لَوْ بَاعَ بَيْتًا مِنْ دَارٍ، أَوْ بَاعَ دُكَّانًا أَوْ إصْطَبْلًا أَوْ نَحْوَهُ لَا يَدْخُلُ عُلْوُ الْمَبْنَى فَوْقَهُ مَا لَمْ يَكُنْ بَابُ الْعُلْوِ مِنْ دَاخِلِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ إلَّا دَارَ الْمَلِكِ) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي كَلَامِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ (قَوْلُهُ الْكَنِيفُ) أَيْ وَلَوْ خَارِجًا مَبْنِيًّا عَلَى الظُّلَّةِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الدَّارِ بَحْرٌ وَهُوَ الْمُسْتَرَاحُ، وَبَعْضُهُمْ يُعَبِّرُ عَنْهُ بِبَيْتِ الْمَاءِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَالْأَشْجَارُ) أَيْ دُونَ أَثْمَارِهَا إلَّا بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ مَا يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا، وَفِيهِ بَيَانُ مَسَائِلَ يُحْتَاجُ إلَى مُرَاجَعَتِهَا هُنَا (قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ تَبَعًا) قَيَّدَهُ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ بِمَا إذَا كَانَ مَفْتَحُهُ فِيهَا
(قَوْلُهُ وَالظُّلَّةُ لَا تَدْخُلُ) فِي الْمُغْرِبِ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ ظُلَّةُ الدَّارِ يُرِيدُونَ السُّدَّةَ الَّتِي فَوْقَ الْبَابِ، وَادَّعَى فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ أَنَّ هَذَا وَهْمٌ بَلْ هِيَ السَّابَاطُ الَّذِي أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى الدَّارِ وَالْآخَرُ عَلَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى الْأُسْطُوَانَاتِ الَّتِي فِي السِّكَّةِ، وَعَلَيْهِ جَرَى فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ الْبَابُ الْأَعْظَمُ) أَيْ إذَا كَانَ لَهُ بَابٌ أَعْظَمُ وَدَاخِلُهُ بَابٌ آخَرُ دُونَهُ، وَقَوْلُهُ مَعَ ذِكْرِ الْمَرَافِقِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بِدُونِهِ وَهُوَ خَفِيٌّ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِثْلُ الطَّرِيقِ إلَى سِكَّةٍ كَمَا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ بَاعَ بَيْتًا مِنْ دَارٍ فَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بَابُ الْبَيْتِ فَقَطْ دُونَ بَابِ الدَّارِ الْأَعْظَمِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ دَارًا دَاخِلَ دَارٍ أُخْرَى لَا يَدْخُلُ بَابُ الدَّارِ الْأُخْرَى أَيْضًا بِدُونِ ذِكْرِ الْمَرَافِقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْبَابَانِ لِلْمَبِيعِ وَحْدَهُ، وَكَانَ يُتَوَصَّلُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَعَ ذِكْرِ
وَالشِّرْبُ إلَّا بِنَحْوِ كُلِّ حَقٍّ)
ــ
[رد المحتار]
الْمَرَافِقِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ وَكَذَا الطَّرِيقُ إلَخْ وَبِهِ يُسْتَغْنَى عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَنْ اشْتَرَى بَيْتًا فِي دَارٍ أَوْ مَنْزِلًا أَوْ مَسْكَنًا لَمْ يَكُنْ لَهُ الطَّرِيقُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَكَذَا الشِّرْبُ وَالْمَسِيلُ، لِأَنَّهُ خَارِجَ الْحُدُودِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ التَّوَابِعِ فَيَدْخُلُ بِذِكْرِ التَّوَابِعِ اهـ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَفِي الْمُحِيطِ: الْمُرَادُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ فَأَمَّا طَرِيقُهَا إلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَوْ إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ، فَيَدْخُلُ وَكَذَا مَا كَانَ لَهُ مِنْ حَقِّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ وَإِلْقَاءِ الثَّلْجِ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ خَاصَّةً اهـ فَلَا يَدْخُلُ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: إذَا كَانَ طَرِيقُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَوْ مَسِيلِ مَائِهَا فِي دَارٍ أُخْرَى لَا يَدْخُلُ بِلَا ذِكْرِ الْحُقُوقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ اهـ.
وَصُورَتُهُ: إذَا كَانَتْ دَارٌ دَاخِلَ دَارٍ أُخْرَى لِلْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ فَبَاعَ الدَّاخِلَةَ فَطَرِيقُهَا فِي الدَّارِ الْخَارِجَةِ لَيْسَ مِنْ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ بَلْ مِنْ حُقُوقِهَا فَلَا يَدْخُلُ فِيهَا بِلَا ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَنَحْوِهَا، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ بَيْتٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ دَارٍ فَإِنَّ طَرِيقَهُ فِي الدَّارِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ بَلْ خَارِجٌ عَنْ حُدُودِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ فَمَا أَوْرَدَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ تَعْلِيلَ فَخْرِ الْإِسْلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي فِي هَذِهِ الدَّارِ يَدْخُلُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْهِدَايَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَفِي الذَّخِيرَةِ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ إنَّمَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ الَّذِي يَكُونُ وَقْتَ الْبَيْعِ لَا الطَّرِيقُ الَّذِي كَانَ قَبْلَهُ، حَتَّى إنَّ مَنْ سَدَّ طَرِيقَ مَنْزِلِهِ وَجَعَلَ لَهُ طَرِيقًا آخَرَ وَبَاعَ الْمَنْزِلَ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ الطَّرِيقُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ اهـ وَفِي الْفَتْحِ عَنْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ لِلدَّارِ الْمَبِيعَةِ طَرِيقٌ فِي دَارٍ أُخْرَى فَالْمُشْتَرِي لَا يَسْتَحِقُّ الطَّرِيقَ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا جُذُوعٌ لِدَارٍ أُخْرَى، فَإِنْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ أُمِرَ بِرَفْعِهَا، وَإِنْ لِغَيْرِهِ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ وَلَوْ ظَهَرَ فِيهَا طَرِيقٌ أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ لِدَارٍ أُخْرَى لِلْبَائِعِ فَلَا طَرِيقَ لَهُ فِي الْمَبِيعَةِ اهـ.
وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ عَنْ النَّوَازِلِ: لَهُ دَارَيْنِ مَسِيلُ الْأُولَى عَلَى سَطْحِ الثَّانِيَةِ فَبَاعَ الثَّانِيَةَ بِكُلِّ حَقٍّ لَهَا ثُمَّ بَاعَ الْأُولَى مِنْ آخَرَ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مَنْعُ الثَّانِي مِنْ التَّسْيِيلِ عَلَى سَطْحِهِ إلَّا إذَا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ الْمَسِيلَ وَقْتَ الْبَيْعِ اهـ مُلَخَّصًا قَالَ: وَمَا وَقَعَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ عَنْ النَّوَازِلِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَوَّلِ مَنْعُ الثَّانِي سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ الَّذِي فِي النَّوَازِلِ مَا قَدَّمْنَاهُ وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَبِهِ عُلِمَ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى لَهُ كَرْمَانِ طَرِيقُ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي فَبَاعَ لِبِنْتِهِ الثَّانِيَ عَلَى أَنَّ لَهُ الْمُرُورَ فِيهِ كَمَا كَانَ فَبَاعَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ مَنْعُ الْأَبِ.
[تَتِمَّةٌ] جَرَى الْعُرْفُ فِي بِلَادِ الشَّامِ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الدَّارِ مَيَازِيبُ مُرَكَّبَةٌ عَلَى سَطْحِهَا أَوْ بِرْكَةُ مَاءٍ فِي صَحْنِهَا أَوْ نَهْرُ كَنِيفٍ تَحْتَ أَرْضِهَا وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَالِحِ دُخُولُ حَقِّ التَّسْيِيلِ فِي الْمَيَازِيبِ، وَفِي النَّهْرِ الْمَذْكُورِ، وَدُخُولُ شِرْبِ الْبِرْكَةِ الْجَارِي إلَيْهَا وَقْتَ الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى ذَلِكَ، وَلَا سِيَّمَا مَاءُ الْبِرْكَةِ فَإِنَّهُ مَقْصُودٌ بِالشِّرَاءِ حَتَّى إنَّ الدَّارَ بِدُونِهِ يَنْقُصُ ثَمَنُهَا نَقْصًا كَثِيرًا وَقَدْ مَرَّ آنِفًا عَنْ الْكَافِي أَنَّ الْأَحْكَامَ تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ وَعَصْرٍ عُرْفُ أَهْلِهِ، وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي فَصْلِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ، وَأَيَّدْنَاهُ بِمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ الدَّارِ مُتَّصِلًا بِهَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا تَبَعًا بِلَا ذِكْرٍ، وَمَا لَا فَلَا يَدْخُلُ بِلَا ذِكْرٍ إلَى مَا جَرَى الْعُرْفُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْمُشْتَرِي، فَيَدْخُلُ الْمِفْتَاحُ اسْتِحْسَانًا لِلْعُرْفِ بِعَدَمِ مَنْعِهِ، بِخِلَافِ الْقُفْلِ وَمِفْتَاحِهِ وَالسُّلَّمِ مِنْ خَشَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْبَحْرِ أَنَّ السُّلَّمَ الْغَيْرَ الْمُتَّصِلِ يَدْخُلُ فِي عُرْفِ مِصْرَ الْقَاهِرَةِ لِأَنَّ بُيُوتَهُمْ طَبَقَاتٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِدُونِهِ، وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي رِسَالَتِنَا " نَشْرُ الْعَرْفِ " وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَالشِّرْبُ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ الْحَظُّ مِنْ الْمَاءِ