الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِلَّا كَانَ عَبَثًا (وَكَوْنُ الْمُدَّعَى مِمَّا يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ فَدَعْوَى مَا يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ) عَقْلًا أَوْ عَادَةً (بَاطِلَةٌ) لِتَيَقُّنِ الْكَذِبِ فِي الْمُسْتَحِيلِ الْعَقْلِيِّ كَقَوْلِهِ لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ أَوْ لِمَنْ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ هَذَا ابْنِي، وَظُهُورُهُ فِي الْمُسْتَحِيلِ الْعَادِي كَدَعْوَى مَعْرُوفٍ بِالْفَقْرِ أَمْوَالًا عَظِيمَةً عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ إيَّاهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ غَصَبَهَا مِنْهُ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ سَمَاعِهَا بَحْرٌ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْغَرْسِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ.
(وَحُكْمُهَا وُجُوبُ الْجَوَابِ عَلَى الْخَصْمِ) وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا أَوْ بِنَعَمْ، حَتَّى لَوْ سَكَتَ كَانَ إنْكَارًا فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخْرَسَ اخْتِيَارٌ وَسَنُحَقِّقُهُ.
وَسَبَبُهَا تَعَلُّقُ الْبَقَاءِ الْمُقَدَّرِ بِتَعَاطِي الْمُعَامَلَاتِ (فَلَوْ كَانَ مَا يَدَّعِيهِ مَنْقُولًا فِي يَدِ الْخَصْمِ ذَكَرَ) الْمُدَّعِي (أَنَّهُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مَرْهُونًا فِي يَدِهِ أَوْ مَحْبُوسًا بِالثَّمَنِ فِي يَدِهِ (وَطَلَبَ) الْمُدَّعِي (إحْضَارَهُ إنْ أَمْكَنَ) فَعَلَى الْغَرِيمِ إحْضَارُهُ (لِيُشَارَ إلَيْهِ فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ) وَالِاسْتِحْلَافِ (وَذَكَرَ) الْمُدَّعِي (قِيمَتَهُ إنْ تَعَذَّرَ) إحْضَارُ الْعَيْنِ بِأَنْ كَانَ فِي نَقْلِهَا مُؤْنَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ ابْنُ كَمَالٍ مَعْزِيًّا لِلْخِزَانَةِ (بِهَلَاكِهَا أَوْ غَيْبَتِهَا) لِأَنَّهُ مِثْلُهُ مَعْنًى (وَإِنْ تَعَذَّرَ) إحْضَارُهَا (مَعَ بَقَائِهَا كَرَحًى وَصُبْرَةِ طَعَامٍ) وَقَطِيعِ غَنْمٍ (بَعَثَ الْقَاضِي أَمِينَهُ) لِيُشَارَ إلَيْهَا (وَإِلَّا) تَكُنْ بَاقِيَةً (اكْتَفَى) فِي الدَّعْوَى (بِذِكْرِ الْقِيمَةِ) وَقَالُوا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ عَيْنَ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ قِيمَتَهَا تُسْمَعُ فَيُحَلِّفُ خَصْمَهُ أَوْ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ دُرَرٌ وَابْنُ مَلِكٍ
ــ
[رد المحتار]
مُدَّعًى فِيهِ وَبِهِ وَإِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ الْمُتَفَقِّهَةُ إلَّا أَنَّهُ خَطَأٌ مَشْهُورٌ فَهُوَ خَيْرٌ مِنْ صَوَابٍ مَهْجُورٍ حَمَوِيٌّ ط (قَوْلُهُ وَإِلَّا كَانَ عَبَثًا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُلْزِمَةً، كَمَا إذَا ادَّعَى التَّوْكِيلَ عَلَى مُوَكِّلِهِ الْحَاضِرِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِإِمْكَانِ عَزْلِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ وَظُهُورِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى تَيَقُّنِ (قَوْلِهِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ) قَالَ فِي الْمِنَحِ: لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَنِدْ فِي مَنْعِ دَعْوَى الْمُسْتَحِيلِ الْعَادِي إلَى نَقْلٍ عَنْ الْمَشَايِخِ.
قُلْت: لَكِنْ فِي الْمَذْهَبِ فُرُوعٌ تَشْهَدُ لَهُ مِنْهَا مَا سَيَأْتِي آخِرَ فَصْلِ التَّحَالُفِ.
[حُكْمُ الدَّعْوَى]
(قَوْلُهُ وَسَنُحَقِّقُهُ) عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَضَى بِنُكُولِهِ مَرَّةً.
[سَبَبُ الدَّعْوَى]
(قَوْلُهُ أَنَّهُ فِي يَدِهِ) فَلَوْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ هَذَا التَّارِيخِ بِسَنَةٍ هَلْ يُقْبَلُ وَيُجْبَرُ بِإِحْضَارِهِ، قَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ خُرُوجُهُ مِنْ يَدِهِ فَتَبْقَى وَلَا تَزُولُ بِشَكٍّ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْقُهُسْتَانِيُّ. وَرَدَّهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ بِأَنَّ هَذَا اسْتِصْحَابٌ، وَهُوَ حُجَّةٌ فِي الدَّفْعِ لَا فِي الْإِثْبَاتِ كَمَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُودِعًا، فَإِنْ ادَّعَى عَيْنَ وَدِيعَةٍ لَا يُكَلَّفُ إحْضَارَهَا بَلْ يُكَلَّفُ التَّخْلِيَةَ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ فِي نَقْلِهَا مُؤْنَةٌ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الرَّحَى وَالصُّبْرَةِ فَذِكْرُهُ هُنَا سَهْوٌ. وَقَالَ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ: إلَّا إذَا تَعَسَّرَ بِأَنْ كَانَ فِي نَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَإِنْ قُلْت ذَكَرَهُ فِي الْخِزَانَةِ ح (قَوْلُهُ أَوْ غَيْبَتِهَا) بِأَنْ لَا يَدْرِي مَكَانَهَا ذَكَرَهُ قَاضِي زَادَهْ ح (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْقِيمَةَ وَذَكَرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَذَكَرَ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ) أَيْ تَعَسَّرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا تَكُنْ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَذَكَرَ قِيمَتَهُ إنْ تَعَذَّرَ س.
[فَرْعٌ] وَصَفَ الْمُدَّعِي الْمُدَّعَى فَلَمَّا حَضَرَ خَالَفَ فِي الْبَعْضِ، إنْ تَرَكَ الدَّعْوَى الْأُولَى وَادَّعَى الْحَاضِرُ تُسْمَعُ لِأَنَّهَا دَعْوَى مُبْتَدَأَةٌ وَإِلَّا فَلَا بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ بِذِكْرِ الْقِيمَةِ) لِأَنَّ عَيْنَ الْمُدَّعِي تَعَذَّرَ مُشَاهَدَتُهَا وَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهَا بِالْوَصْفِ، فَاشْتُرِطَ بَيَانُ الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا شَيْءٌ تُعْرَفُ الْعَيْنُ الْهَالِكَةُ بِهِ غَايَةَ الْبَيَانِ. وَفِي شَرْحِ ابْنِ الْكَمَالِ: وَلَا عِبْرَةَ فِي ذَلِكَ لِلتَّوْصِيفِ لِأَنَّهُ لَا يُجْدِي بِدُونِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ وَعِنْدَ ذِكْرِهَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الْهِدَايَةِ اهـ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَفِي قَوْلِهِ وَذَكَرَ قِيمَتَهُ إنْ تَعَذَّرَ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اللَّوْنِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَالسِّنِّ فِي الدَّابَّةِ. وَفِيهِ خِلَافٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. قَالَ السَّيِّدُ أَبُو قَاسِمٍ: إنَّ هَذِهِ التَّعْرِيفَاتِ لِلْمُدَّعِي لَازِمَةٌ إذَا أَرَادَ أَخْذَ عَيْنِهِ أَوْ مِثْلِهِ فِي الْمِثْلِيِّ، أَمَّا إذَا أَرَادَ أَخْذَ قِيمَتِهِ فِي الْقِيَمِيِّ فَيَجِبُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِذِكْرِ الْقِيمَةِ كَمَا فِي مَحَاضِرِ الْخِزَانَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَيْنَ كَذَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ وَالرَّهْنِ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْجِنْسِ وَالْقِيمَةِ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى
وَلِهَذَا لَوْ (ادَّعَى أَعْيَانَا مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَذَكَرَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً كَفَى ذَلِكَ) الْإِجْمَالُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَوْ يَحْلِفُ عَلَى الْكُلِّ مَرَّةً (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ قِيمَةَ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ) لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ دَعْوَى الْغَصْبِ بِلَا بَيَانٍ فَلَأَنْ يَصِحَّ إذَا بَيَّنَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً بِالْأَوْلَى، وَقِيلَ فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ لِيُعْلَمَ كَوْنُهَا نِصَابًا، فَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ عِمَادِيَّةٌ وَهَذَا كُلُّهُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ لَا الدَّيْنِ.
فَلَوْ (ادَّعَى قِيمَةَ شَيْءٍ مُسْتَهْلَكٍ اشْتَرَطَ بَيَانَ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ) فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ لِيَعْلَمَ الْقَاضِي بِمَاذَا يَقْضِي.
(وَاخْتُلِفَ فِي بَيَانِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الدَّابَّةِ) فَشَرَطَهُ أَبُو اللَّيْثِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ فِي الِاخْتِيَارِ، وَشَرَطَ الشَّهِيدُ بَيَانَ السِّنِّ أَيْضًا وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ.
(وَفِي دَعْوَى الْإِيدَاعِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ مَكَانَهُ) أَيْ مَكَانَ الْإِيدَاعِ (سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَمْلٌ أَوْ لَا.) .
(وَفِي الْغَصْبِ أَنَّ لَهُ حَمْلًا وَمُؤْنَةً فَلَا بُدَّ) لِصِحَّةِ الدَّعْوَى (مِنْ بَيَانِهِ وَإِلَّا) حَمْلٌ لَهُ (لَا) وَفِي غَصْبِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ يُبَيِّنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ عَلَى الظَّاهِرِ عِمَادِيَّةٌ.
(وَيُشْتَرَطُ التَّحْدِيدُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ) كَانَ الْعَقَارُ (مَشْهُورًا) خِلَافًا لَهُمَا (إلَّا إذَا عَرَفَ الشُّهُودُ الدَّارَ بِعَيْنِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حُدُودِهَا) كَمَا لَوْ ادَّعَى ثَمَنَ الْعَقَارِ لِأَنَّهُ دَعْوَى لِدَيْنٍ حَقِيقَةً بَحْرٌ (وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ بَلْدَةٍ بِهَا الدَّارُ ثُمَّ الْمَحَلَّةِ ثُمَّ السِّكَّةِ) فَيَبْدَأُ بِالْأَعَمِّ ثُمَّ الْأَخَصِّ فَالْأَخَصِّ
ــ
[رد المحتار]
وَالشَّهَادَةِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ لِلْغَاصِبِ الْمُرْتَهِنِ اهـ.
قُلْت: وَزَادَ فِي الْمِعْرَاجِ دَعْوَى الْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ، قَالَ فَإِنَّهُمَا يَصِحَّانِ فِي الْمَجْهُولِ، وَتَصِحُّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ الْمَجْهُولِ بِلَا خِلَافٍ اهـ فَهِيَ خَمْسَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ لِسَمَاعِهَا فِي الْغَصْبِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْقِيمَةَ: قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَلَوْ قَالَ غَصَبْت مِنِّي عَيْنَ كَذَا وَلَا أَدْرِي قِيمَتَهُ قَالُوا تُسْمَعُ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْقِيمَةَ وَقَالَ: غُصِبَتْ مِنِّي عَيْنُ كَذَا وَلَا أَدْرِي أَهُوَ هَالِكٌ أَوْ قَائِمٌ وَلَا أَدْرِي كَمْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا لَا يَعْلَمُ قِيمَةَ مَالِهِ، فَلَوْ كُلِّفَ بَيَانَ الْقِيمَةِ لَتَضَرَّرَ بِهِ.
أَقُولُ: فَائِدَةُ صِحَّةِ الدَّعْوَى مَعَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ عَلَى الْخَصْمِ إذَا أَنْكَرَ وَالْجَبْرِ عَلَى الْبَيَانِ إذَا أَقَرَّ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَتَأَمَّلْ، فَإِنَّ كَلَامَ الْكَافِي لَا يَكُونُ كَافِيًا إلَّا بِهَذَا التَّحْقِيقِ ح.
(قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ) أَيْ عَلَى الْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ أَوْ يَحْلِفُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ.
(قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) قَالَ الشَّيْخُ عُمَرُ مُؤَلِّفُ النَّهْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ حَاضِرَةً لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ قِيمَتِهَا إلَّا فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ حَمَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ.
(قَوْلُهُ لَا الدَّيْنِ) سَتَأْتِي دَعْوَى الدَّيْنِ فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ اشْتَرَطَ بَيَانَ جِنْسِهِ) أَقُولُ لِي شُبْهَةٌ فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَعْيَانًا مُخْتَلِفَةً فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِذِكْرِ الْقِيمَةِ لِلْكُلِّ جُمْلَةً. وَذَكَرَ فِي الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْأَعْيَانَ قَائِمَةٌ بِيَدِهِ يُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهِ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ بِحَضْرَتِهَا، وَلَوْ قَالَ إنَّهَا هَالِكَةٌ وَبَيَّنَ قِيمَةَ الْكُلِّ جُمْلَةً تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، فَظَهَرَ أَنَّ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي دَعْوَى الْأَعْيَانِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ هَالِكَةً وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِحْضَارِهَا، وَقَدَّمْنَا عَنْ ابْنِ الْكَمَالِ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُهَا بِهَلَاكٍ وَنَحْوِهِ فَذِكْرُ الْقِيمَةِ مُغْنٍ عَنْ التَّوْصِيفِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَعْيَانِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِذِكْرِ الْقِيمَةِ، فَقَوْلُهُ هُنَا اشْتَرَطَ بَيَانَ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ مُشْكِلٌ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ ذِكْرِ الْقِيمَةِ مِنْ بَيَانِ التَّوْصِيفِ لَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَ دَعْوَى الْقِيمَةِ وَدَعْوَى نَفْسِ الْعَيْنِ الْهَالِكَةِ. فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ؟ وَهَذَا كُلُّهُ فِي دَعْوَى الْعَيْنِ لَا الدَّيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ: ادَّعَى ثَمَنَ مَحْدُودٍ لَمْ يَشْتَرِطْ بَيَانَ حُدُودِهِ.
(قَوْلُهُ مِنْ بَيَانِهِ) أَيْ بَيَانِ مَوْضِعِ الْغَصْبِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: وَفِي غَصْبِ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَإِهْلَاكِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ يَوْمَ هَلَاكِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهَا قِيمَةُ أَيِّ الْيَوْمَيْنِ، وَلَوْ ادَّعَى أَلْفَ دِينَارٍ بِسَبَبِ إهْلَاكِ الْأَعْيَانِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَيِّنَ قِيمَتَهَا فِي مَوْضِعِ الْإِهْلَاكِ، وَكَذَا لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْأَعْيَانِ فَإِنَّ مِنْهَا مَا هُوَ قِيَمِيٌّ وَمِنْهَا مَا هُوَ مِثْلِيٌّ اهـ.
(قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ) فِي الْمُغْرِبِ الْعَقَارُ الضَّيْعَةُ،
كَمَا فِي النَّسَبِ (وَيَكْتَفِي بِذِكْرِ ثَلَاثَةٍ) فَلَوْ تَرَكَ الرَّابِعَ صَحَّ، وَإِنْ ذَكَرَهُ وَغَلِطَ فِيهِ لَا مُلْتَقَى لِأَنَّ الْمُدَّعِي يَخْتَلِفُ بِهِ ثُمَّ إنَّمَا يَثْبُتُ الْغَلَطُ بِإِقْرَارِ الشَّاهِدِ فَصُولَيْنِ (وَذِكْرِ أَسْمَاءِ أَصْحَابِهَا) أَيْ الْحُدُودِ (وَأَسْمَاءِ أَنْسَابِهِمْ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ) لِكُلٍّ مِنْهُمْ (إنْ لَمْ يَكُنْ) الرَّجُلُ (مَشْهُورًا) وَإِلَّا اكْتَفَى بِاسْمِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَ) ذِكْرِ (أَنَّهُ) أَيْ الْعَقَارَ (فِي يَدِهِ) لِيَصِيرَ خَصْمًا (وَيَزِيدُ) عَلَيْهِ (بِغَيْرِ حَقٍّ إنْ كَانَ) الْمُدَّعَى
ــ
[رد المحتار]
وَقِيلَ كُلُّ مَالٍ لَهُ أَصْلٌ كَالدَّارِ وَالضَّيْعَةِ اهـ.
وَقَدْ صَرَّحَ مَشَايِخُنَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ بِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالنَّخْلَ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ وَأَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِمَا إذَا بِيعَا بِلَا عَرْصَةٍ، فَإِنْ بِيعَا مَعَهَا وَجَبَتْ تَبَعًا، وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ فَجَعَلَ النَّخِيلَ مِنْ الْعَقَارِ وَنُبِّهَ فَلَمْ يَرْجِعْ كَعَادَتِهِ بَحْرٌ. وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ: وَقَوْلُهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِمَا إلَخْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مُحْتَكَرَةً وَإِلَّا فَالْبِنَاءُ بِالْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ لِمَا لَهُ مِنْ حَقِّ الْقَرَارِ الْتَحَقَ بِالْعَقَارِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي النَّسَبِ) فَإِنَّ ذِكْرَ الِاسْمِ أَعَمُّ مِنْ الِاسْمِ ذِكْرُ اسْمِ الْأَبِ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ ذِكْرِ الِاسْمِ مَعَ اسْمِ الْأَبِ وَاسْمِ الْجَدِّ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكَ) أَيْ الْمُدَّعِي أَوْ الشَّاهِدُ فَحُكْمُهُمَا فِي التَّوَى وَالْغَلَطِ وَاحِدٌ كَمَا صَرَّحَ فِي الْفُصُولَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَغَلِطَ فِيهِ لَا) أَيْ لَا يَصِحُّ، وَنَظِيرُهُ إذَا ادَّعَى شِرَاءَ شَيْءٍ بِثَمَنٍ مَنْقُودٍ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْ بَيَانِ جِنْسِ الثَّمَنِ، وَلَوْ ذَكَرُوهُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ لَمْ تُقْبَلْ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ سَائِحَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَصُولَيْنِ) وَفِيهِ أَيْضًا: أَمَّا لَوْ ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي لَا تُسْمَعُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ أَجَابَ الْمُدَّعِي فَقَدْ صَدَّقَهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ بِهَذِهِ الْحُدُودِ فَيَصِيرُ بِدَعْوَى الْغَلَطِ بَعْدَهُ مُنَاقِضًا؛ أَوْ نَقُولُ تَفْسِيرُ دَعْوَى الْغَلَطِ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدُ الْحُدُودِ لَيْسَ مَا ذَكَرَهُ الشَّاهِدُ أَوْ يَقُولُ صَاحِبُ الْحَدِّ لَيْسَ بِهَذَا الِاسْمِ كُلُّ ذَلِكَ نَفْيٌ وَالشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ لَا تُقْبَلُ اهـ.
وَلِصَاحِبِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَحْثٌ فِيمَا ذُكِرَ كَتَّبْنَاهُ عَلَى هَامِشِ الْبَحْرِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُجِيبَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ لَك فَلَا يَكُونُ مُنَاقِضًا، أَوْ يُجِيبَ ابْتِدَاءً بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا حَدَّدْته فَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ، وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَبِخَطِّ السَّائِحَانِيِّ وَالْمُخَلِّصُ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْمَحْدُودُ لَيْسَ فِي يَدِي فَيَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ الْخَصْمُ بَلْ هُوَ فِي يَدِك وَلَكِنْ حَصَلَ غَلَطٌ فَيُمْنَعُ بِهِ، وَلَوْ تَدَارَكَ الشَّاهِدُ الْغَلَطَ فِي الْمَجْلِسِ يُقْبَلُ أَوْ فِي غَيْرِهِ إذَا وَفَّقَ بَزَّازِيَّةٌ. وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ غَلِطُوا فِي حَدٍّ وَاحِدٍ أَوْ حَدَّيْنِ ثُمَّ تَدَارَكُوا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ يُقْبَلُ عِنْدَ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ يَقُولَ كَانَ اسْمُهُ فُلَانًا ثُمَّ صَارَ اسْمُهُ فُلَانًا أَوْ بَاعَ فُلَانٌ وَاشْتَرَاهُ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ) قَدَّمْنَا قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَنَّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ بِالْمَحْدُودِ فِي هَذَا الصَّكِّ تَصِحُّ، أَمَّا فِي الدَّارِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْدِيدِهِ وَلَوْ مَشْهُورًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَتَمَامُ حَدِّهِ بِذِكْرِ جَدِّ صَاحِبِ الْحَدِّ. وَعِنْدَهُمَا التَّحْدِيدُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الدَّارِ الْمَعْرُوفِ كَدَارِ عُمَرَ بْنِ الْحَارِثِ بِكُوفَةَ، فَعَلَى هَذَا لَوْ ذَكَرَ لَزِيقَ دَارِ فُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَهُوَ مَعْرُوفٌ يَكْفِيهِ إذْ الْحَاجَةُ إلَيْهِمَا لِإِعْلَامِ ذَلِكَ الرَّجُلِ وَهَذَا مِمَّا يُحْفَظُ جِدًّا فَصُولَيْنِ.
[فَرْعٌ] قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ ذَكَرَ لَزِيقَ دَارِ وَرَثَةِ فُلَانٍ لَا يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ إذْ هُوَ بِذِكْرِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، وَقِيلَ يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ اهـ. وَعَلَّلَ لِلْأَوَّلِ قَبْلَهُ بِأَنَّ الْوَرَثَةَ مَجْهُولُونَ مِنْهُمْ ذُو فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ وَذُو رَحِمٍ ثُمَّ رَمَزَ: لَوْ كَتَبَ لَزِيقَ وَرَثَةِ فُلَانٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ قِيلَ يَصِحُّ وَقِيلَ لَا، ثُمَّ رَمَزَ: كَتَبَ لَزِيقَ دَارٍ مِنْ تَرِكَةِ فُلَانٍ يَصِحُّ حَدًّا، وَلَوْ جَعَلَ أَحَدَ حُدُودِهِ أَرْضًا لَا يَدْرِي مَالِكَهَا لَا يَكْفِي.
أَقُولُ: لَوْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى ذِكْرِ صَاحِبِ الْيَدِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَحْثَهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ جَعَلَ أَحَدَ الْحُدُودِ أَرْضُ الْمَمْلَكَةِ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ فِي يَدِ مَنْ لِأَنَّهَا فِي يَدِ السُّلْطَانِ بِوَاسِطَةِ يَدِ نَائِبِهِ وَالطَّرِيقُ يَصْلُحُ حَدًّا بِلَا بَيَانِ طُولِهِ وَعَرْضِهِ إلَّا عَلَى قَوْلٍ وَالنَّهْرُ لَا عِنْدَ
(مَنْقُولًا) لِمَا مَرَّ (وَلَا تَثْبُتُ يَدُهُ فِي الْعَقَارِ بِتَصَادُقِهِمَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ عِلْمِ قَاضٍ) لِاحْتِمَالِ تَزْوِيرِهِمَا بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ لِمُعَايَنَةِ يَدِهِ، ثُمَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ (إذَا ادَّعَى) الْعَقَارَ (مِلْكًا مُطْلَقًا،) .
(أَمَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ وَ) دَعْوَى (الشِّرَاءِ) مِنْ ذِي الْيَدِ (فَلَا) يَفْتَقِرُ لِبَيِّنَةٍ، لِأَنَّ دَعْوَى الْفِعْلِ كَمَا تَصِحُّ عَلَى ذِي الْيَدِ تَصِحُّ عَلَى غَيْرِهِ أَيْضًا بَزَّازِيَّةٌ (وَ) ذَكَرَ (أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ) لِتَوَقُّفِهِ عَلَى طَلَبِهِ وَلِاحْتِمَالِ رَهْنِهِ أَوْ حَبْسِهِ بِالثَّمَنِ وَبِهِ اسْتَغْنَى عَنْ زِيَادَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَافْهَمْ.
(وَلَوْ كَانَ) مَا يَدَّعِيهِ (دَيْنًا) مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ (ذَكَرَ وَصْفَهُ) لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ.
(وَلَا بُدَّ فِي دَعْوَى الْمِثْلِيَّاتِ مِنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ وَسَبَبِ الْوُجُوبِ) فَلَوْ ادَّعَى كُرَّ بُرٍّ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا لَمْ تُسْمَعْ؛ وَإِذَا ذَكَرَ، فَفِي السَّلَمِ إنَّمَا لَهُ الْمُطَالَبَةُ فِي مَكَان عَيَّنَّاهُ، وَفِي نَحْوِ قَرْضٍ وَغَصْبٍ وَاسْتِهْلَاكٍ فِي مَكَانِ الْقَرْضِ وَنَحْوِهِ بَحْرٌ فَلْيُحْفَظْ.
(وَيَسْأَلُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) عَنْ الدَّعْوَى فَيَقُولُ إنَّهُ ادَّعَى عَلَيْكَ كَذَا فَمَاذَا تَقُولُ (بَعْدَ صِحَّتِهَا وَإِلَّا) تَصْدُرُ صَحِيحَةً (لَا) يَسْأَلُ لِعَدَمِ وُجُوبِ جَوَابِهِ (فَإِنْ أَقَرَّ) فِيهَا (أَوْ أَنْكَرَ
ــ
[رد المحتار]
الْبَعْضِ، وَكَذَا السُّوَرُ وَهُوَ رِوَايَةٌ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ يَصْلُحُ وَالْخَنْدَقُ كَنَهْرٍ، وَلَوْ قَالَ لَزِيقُ أَرْضُ فُلَانٍ وَلِفُلَانٍ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَرَاضٍ كَثِيرَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ مُخْتَلِفَةٌ تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ، وَلَوْ ذَكَرَ لَزِيقَ أَرْضُ الْوَقْفِ لَا يَكْفِي، وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ نَحْوِهِ وَيَكُونُ كَذِكْرِ الْوَاقِفِ، وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ التَّعْرِيفُ بِذِكْرِ الْوَاقِفِ مَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ فِي يَدِ مَنْ.
أَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ إلَّا بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ تَضْيِيقٌ بِلَا ضَرُورَةٍ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ مَنْقُولًا) هُوَ تَكْرَارٌ مَعَ مَا مَرَّ س.
(قَوْلُهُ وَلَا تَثْبُتُ يَدُهُ فِي الْعَقَارِ بِتَصَادُقِهِمَا إلَخْ) هَذَا مِمَّا يَقَعُ كَثِيرًا وَيَغْفُلُ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنْ قُضَاةِ زَمَانِنَا حَيْثُ يُكْتَبُ فِي الصُّكُوكِ فَأَقَرَّ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي إنَّهُ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى الْعَقَارِ وَيَشْهَدُ لَهُ شَاهِدَانِ وَلِذَا نَظَمْت ذَلِكَ بِقَوْلِي:
وَالْيَدُ لَا تَثْبُتُ فِي الْعَقَارِ
…
مَعَ التَّصَادُقِ فَلَا تُمَارِ
بَلْ يَلْزَمُ الْبُرْهَانُ إنْ لَمْ يَدَّعِ
…
عَلَيْهِ غَصْبًا أَوْ شِرَاءَ مُدَّعِي
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِرَمْزِ الْخَانِيَّةِ: ادَّعَى شَيْئًا بِيَدِ آخَرَ وَقَالَ هُوَ مِلْكِي وَهَذَا أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِلَا حَقٍّ، قَالُوا لَيْسَ هَذَا دَعْوَى غَصْبٍ عَلَى ذِي الْيَدِ. قَالَ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ: أَقُولُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي فش أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكِي وَفِي يَدِك بِغَيْرِ حَقٍّ يَصِحُّ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ يَوْمَ غَصْبِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ هُنَا أَيْضًا، وَتَمَامُهُ فِيهِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ.
(قَوْلُهُ يُطَالِبُهُ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا، فَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْهِ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ مَا لَمْ يَقُلْ لِلْقَاضِي مُرْهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ، وَقِيلَ يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ قُهُسْتَانِيُّ سَائِحَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ اسْتَغْنَى) أَيْ بِذِكْرِ أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ إذَا كَانَ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ.
(قَوْلُهُ ذَكَرَ وَصْفَهُ) زَادَ فِي الْكَنْزِ وَأَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: هَكَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ. وَأَمَّا أَصْحَابُ الْفَتَاوَى كَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ فَجَعَلُوا اشْتِرَاطَهُ قَوْلًا ضَعِيفًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَفْظَ وَأُطَالِبُهُ بِهِ بَلْ هُوَ أَوْ مَا يُفِيدُهُ مِنْ قَوْلِهِ مُرْهُ لِيُعْطِيَنِي حَقِّي كَمَا فِي الْعُمْدَةِ اهـ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرُهُ، لِمَا قَالُوا أَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى.
(قَوْلُهُ مِنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ) كَحِنْطَةٍ وَالنَّوْعِ كَمَسْقِيَّةٍ وَالصِّفَةِ كَجَيِّدَةٍ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُسْمَعْ) وَيَذْكُرُ فِي السَّلَمِ شَرَائِطَهُ مِنْ أَعْلَامِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَغَيْرِهِ مِنْ نَوْعِهِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ بِالْوَزْنِ إنْ كَانَ وَزْنِيًّا وَانْتِقَادٍ بِالْمَجْلِسِ حَتَّى يَصِحَّ، وَلَوْ قَالَ بِسَبَبِ بَيْعٍ صَحِيحٍ جَرَى بَيْنَهُمَا صَحَّتْ الدَّعْوَى بِلَا خِلَافٍ وَعَلَى هَذَا فِي كُلِّ سَبَبٍ لَهُ شَرَائِطُ كَثِيرَةٌ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ بِسَبَبِ كَذَا صَحِيحٌ، وَإِذَا قَلَّتْ الشَّرَائِطُ يَكْتَفِي، وَأَجَابَ
فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي قَضَى عَلَيْهِ) بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي (وَإِلَّا) يُبَرْهِنُ (حَلَّفَهُ) الْحَاكِمُ (بَعْدَ طَلَبِهِ) إذْ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ الْيَمِينَ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى إلَّا عِنْدَ الثَّانِي فِي أَرْبَعٍ عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، قَالَ: وَأَجْمَعُوا عَلَى التَّحْلِيفِ بِلَا طَلَبٍ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ.
(وَإِذَا قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لَا أُقِرَّ وَلَا أُنْكِرُ لَا يُسْتَحْلَفُ بَلْ يُحْبَسُ لِيُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ) دُرَرٌ، وَكَذَا لَوْ لَزِمَ السُّكُوتَ بِلَا آفَةٍ عِنْدَ الثَّانِي خُلَاصَةٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَبِهِ أَفْتَيْت لِمَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الثَّانِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ اهـ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْبَدَائِعِ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ إنْكَارٌ فَيُسْتَحْلَفُ، قَيَّدْنَا بِتَحْلِيفِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُمَا لَوْ (اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ وَيَكُونُ بَرِيئًا فَهُوَ بَاطِلٌ) لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقُّ الْقَاضِي مَعَ طَلَبِ الْخَصْمِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْيَمِينِ وَلَا نُكُولَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي (فَلَوْ بَرْهَنَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حَقِّهِ (يُقْبَلُ وَإِلَّا يُحَلِّفُهُ ثَانِيًا عِنْدَ قَاضٍ) بَزَّازِيَّةٌ
ــ
[رد المحتار]
شَمْسُ الْإِسْلَامِ فِيمَنْ قَالَ كَفَلَ كَفَالَةً صَحِيحَةً أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَالسَّلَمِ لِأَنَّهُ لَعَلَّهُ صَحِيحٌ فِي اعْتِقَادِهِ لَا عِنْدَ الْحَنَفِيِّ الْمُعْتَقِدِ عَدَمَهَا بِلَا قَبُولٍ، فَيَقُولُ كَفَلَ وَقِيلَ الْمَكْفُولُ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَيَذْكُرُ فِي الْقَرْضِ وَأَقْرَضَهُ مَنْ نَالَ نَفْسَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا وَهُوَ سَفِيرٌ لَا يَمْلِكُ الطَّلَبَ وَيَذْكُرُ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَصَرَفَهُ فِي حَوَائِجِهِ لِيَكُونَ دَيْنًا إجْمَاعًا لِأَنَّهُ عِنْدَ الثَّانِي مَوْقُوفٌ عَلَى صَرْفِهِ وَاسْتِهْلَاكِهِ بَزَّازِيَّةٌ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ فَبَرْهَنَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تُقَامُ عَلَى مُقِرٍّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ إلَّا فِي أَرْبَعٍ فَرَاجِعْهُ، وَفِيهِ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ يُقْضَى بِهِ لَا بِهَا، وَأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْجَوَابِ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يُجِيبَ رَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ) وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِيَمِينِهِ، لَكِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ، فَإِنْ وَجَدَهَا أَقَامَهَا وَقُضِيَ لَهُ بِهَا دُرَرٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ فِي أَرْبَعٍ) فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا رَضِيت بِالْعَيْبِ، وَالشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا أَبْطَلْت شُفْعَتَك، وَالْمَرْأَةُ إذَا طَلَبَتْ فَرْضَ النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ تَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا خَلَفَ لَك زَوْجُك شَيْئًا وَلَا أَعْطَاك النَّفَقَةَ، وَالرَّابِعُ يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا بَايَعْت ح كَذَا فِي الْهَامِشِ: وَفِيهِ: فَرْعٌ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِي عَلَيْك مِائَةُ دِينَارٍ وَقَدْ مَاتَ أَبِي قَبْلَ اسْتِيفَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا وَصَارَتْ مِيرَاثًا لِي بِمَوْتِهِ وَطَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ الْمِائَةِ دِينَارًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ كَانَ لِأَبِيك عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا أَنَّنِي أَدَّيْت مِنْهَا ثَمَانِينَ دِينَارًا إلَى أَبِيك فِي حَيَاتِهِ وَقَدْ أَقَرَّ أَبُوك بِالْقَبْضِ بِبَلْدَةِ سَمَرْقَنْدَ فِي بَيْتِي فِي يَوْمِ كَذَا بِأَلْفَاظٍ فَارِسِيَّةٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّك مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاك إقْرَارَ أَبِي بِقَبْضِ ثَمَانِينَ دِينَارًا مِنْك، لِمَا أَنَّ أَبِي كَانَ غَائِبًا عَنْ بَلْدَةِ سَمَرْقَنْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي ادَّعَيْت إقْرَارَهُ فِيهِ وَكَانَ بِبَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً هَلْ تَنْدَفِعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي؟ فَقِيلَ لَا إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْبَةُ أَبِي الْمُدَّعِي عَنْ سَمَرْقَنْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي شَهِدَ شُهُودُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ بِسَمَرْقَنْدَ وَكَوْنُهُ بِبَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ ظَاهِرًا مُسْتَفِيضًا يَعْرِفُهُ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ وَكُلُّ عَالِمٍ وَجَاهِلٍ، فَحِينَئِذٍ الْقَاضِي يَدْفَعُ بِبَيِّنَتِهِ بَيِّنَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ فَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ مِنْ الْبَابِ التَّاسِعِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَأَجْمَعُوا) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا فِي دَعْوَى الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا.
وَصُورَةُ التَّحْلِيفِ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْت مِنْ الدُّيُونِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك عَنْهُ وَلَا قَبَضَهُ لَك قَابِضٌ بِأَمْرِك وَلَا أَبْرَأْته مِنْهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَلَا أَحَلْت بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَحَدًا وَلَا عِنْدَك بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ، كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ ح وَيَحْلِفُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ مِنْ الْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ نُقِلَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ. قَالَ فِي الْهَامِشِ: قَوْلُهُ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْبَدَائِعِ: الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ السُّكُوتِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْمَجْمَعِ، وَلَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ فَالْقَاضِي لَا يَسْتَحْلِفُهُ. قَالَ الشَّارِحُ: بَلْ يَحْبِسُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ. وَقَالَا يُسْتَحْلَفُ: وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ إنْكَارٌ وَهُوَ تَصْحِيحٌ لِقَوْلِهِمَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَإِنَّ الْأَشْبَهَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ ح
إلَّا إذَا كَانَ حَلِفُهُ الْأَوَّلُ عِنْدَهُ فَيَكْفِي دُرَرٌ. وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ التَّحْلِيفَ حَقُّ الْقَاضِي، فَمَا لَمْ يَكُنْ بِاسْتِحْلَافِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ.
(وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ حَلَفَ فَالْخَصْمُ ضَامِنٌ) لِلْمَالِ (وَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعِي (لَمْ يَضْمَنْ) الْخَصْمُ لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرَ الشَّرْعِ.
(وَالْيَمِينُ لَا تُرَدُّ عَلَى مُدَّعٍ) لِحَدِيثِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» وَحَدِيثُ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ضَعِيفٌ، بَلْ رَدَّهُ ابْنُ مَعِينٍ، بَلْ أَنْكَرَهُ الرَّاوِي عَيْنِيٌّ. .
(بَرْهَنَ) الْمُدَّعِي (عَلَى دَعْوَاهُ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الدَّعْوَى أَوْ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ صَادِقُونَ أَوْ مُحِقُّونَ فِي الشَّهَادَةِ لَا يُجِيبُهُ) الْقَاضِي إلَى طَلَبِهِ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَا يَحْلِفُ مَرَّتَيْنِ فَكَيْفَ الشَّاهِدُ لِأَنَّ لَفْظَ أَشْهَدُ عِنْدَنَا يَمِينٌ، وَلَا يُكَرَّرُ الْيَمِينُ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِإِكْرَامِ الشُّهُودِ وَلِذَا لَوْ (عَلِمَ الشَّاهِدُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُهُ) وَيَعْمَلُ بِالْمَنْسُوخِ (لَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَزَّازِيَّةٌ.
(وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ لَهُ سَبَبٌ (أَحَقُّ مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ) لِأَنَّهُ الْمُدَّعِي وَالْبَيِّنَةُ لَهُ بِالْحَدِيثِ، بِخِلَافِ الْمُقَيَّدِ بِسَبَبٍ كَنِتَاجٍ وَنِكَاحٍ فَالْبَيِّنَةُ لِذِي الْيَدِ إجْمَاعًا كَمَا سَيَجِيءُ.
(وَقَضَى) الْقَاضِي (عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ مَرَّةً) لَوْ نُكُولَهُ (فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي) حَقِيقَةً (بِقَوْلِهِ لَا أَحْلِفُ) أَوْ حُكْمًا كَأَنْ (سَكَتَ) وَعُلِمَ أَنَّهُ (مِنْ غَيْرِ آفَةٍ) كَخَرَسٍ وَطَرَشٍ فِي الصَّحِيحِ سِرَاجٌ وَعَرْضُ الْيَمِينِ ثَلَاثًا ثُمَّ الْقَضَاءُ أَحْوَطُ.
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي أَنَّ الْحَلِفَ الْأَوَّلَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ.
(قَوْلُهُ حَلِفُهُ الْأَوَّلُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ قَاضٍ فَيَكْفِي: أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّحْلِيفِ ثَانِيًا. هَذَا، وَلَا مَوْقِعَ لِلِاسْتِثْنَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى ح اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عِنْدَهُ قَبْلَ تَقَلُّدِهِ الْقَضَاءَ تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ، وَقَوْلُهُ حَلِفُهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّ الْفَاءِ وَالْهَاءِ.
(قَوْلُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُغَايِرُ الْمُتَقَدِّمَةَ فِي الْمَتْنِ، فَإِنَّ تِلْكَ فِيمَا إذَا حَلَفَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ وَهَذِهِ فِيمَا إذَا حَلَفَ عِنْدَ الْقَاضِي بِاسْتِحْلَافِ الْمُدَّعِي لَا الْقَاضِي ح.
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ اصْطَلَحَا) وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ قُبَيْلَ الرَّهْنِ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ قَالَ لِآخَرَ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ إنْ حَلَفْت إنَّهَا لَك أَدَّيْتهَا إلَيْك فَحَلَفَ فَأَدَّاهَا إلَيْهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إنْ كَانَ أَدَّاهَا إلَيْهِ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلِلْمُؤَدِّي أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَدَّى لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّرْطَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ حُكْمِ الشَّرْعِ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ دُونَ الْمُدَّعِي اهـ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّ الشُّهُودَ إلَخْ) أَيْ أَوْ طَلَبَ تَحْلِيفَ الشُّهُودِ عَلَى أَنَّهُمْ صَادِقُونَ.
(قَوْلُهُ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ) قَيَّدَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لِمَا سَيَأْتِي وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ الْخَارِجِ مُسَاوٍ أَوْ أَسْبَقُ. أَمَّا إذَا كَانَ تَارِيخُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقَ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى الْخَارِجُ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ وَذُو الْيَدِ الشِّرَاءَ مِنْ فُلَانٍ وَبَرْهَنَا وَأَرَّخَا وَتَارِيخُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقُ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلْخَارِجِ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُقَيَّدِ) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَامَتْ عَلَى مَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْيَدُ فَاسْتَوَيَا وَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ بِالْيَدِ فَيُقْضَى لَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَدَلِيلُهُ مِنْ السُّنَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى نَاقَةً فِي يَدِ رَجُلٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا نَاقَتُهُ نَتَجَتْهَا وَأَقَامَ الَّذِي بِيَدِهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا نَاقَتُهُ نَتَجَتْهَا، فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ» وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مَشْهُورٌ بَحْرٌ؛ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ وَنِكَاحٍ) أَيْ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةٍ فَتَهَاتَرَا تَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِمَا لِأَنَّ الْمَحَلَّ لَا يَقْبَلُ الِاشْتِرَاطَ، وَإِذَا تَهَاتَرَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا حَيْثُ لَا مُرَجِّحَ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ. أَمَّا لَوْ كَانَ التَّهَاتُرُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَمْ يُؤَرِّخَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالنِّكَاحِ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَيَرِثَانِ مِيرَاثَ زَوْجٍ وَاحِدٍ بَحْرٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ كَذَا فِي الْهَامِشِ
(قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ وَعَرْضُ الْيَمِينِ) هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ أَحْوَطُ خَبَرٌ عَنْهُ (قَوْلُهُ أَحْوَطُ) أَيْ نَدْبًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ التَّكْرَارَ حَتْمٌ حَتَّى لَوْ قَضَى
(وَهَلْ يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ عَلَى فَوْرِ النُّكُولِ، خِلَافٌ) دُرَرٌ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَرْجِيحًا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. قُلْت: قَدَّمْنَا أَنَّهُ يُفْتَرَضُ الْقَضَاءُ فَوْرًا إلَّا فِي ثَلَاثٍ.
(قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَالْقَضَاءُ عَلَى حَالِهِ) مَاضٍ دُرَرٌ فَبَلَغَتْ طُرُقُ الْقَضَاءِ ثَلَاثًا، وَعَدَّهَا فِي الْأَشْبَاهِ سَبْعًا: بَيِّنَةٌ، وَإِقْرَارٌ، وَيَمِينٌ، وَنُكُولٌ عَنْهُ، وَقَسَامَةٌ، وَعِلْمُ قَاضٍ عَلَى الْمَرْجُوحِ، وَالسَّابِعُ قَرِينَةٌ قَاطِعَةٌ كَأَنْ ظَهَرَ مِنْ دَارٍ خَالِيَةٍ إنْسَانٌ خَائِفٌ بِسِكِّينٍ مُتَلَوِّثٍ بِدَمٍ فَدَخَلُوهَا فَوْرًا فَرَأَوْا مَذْبُوحًا لِحِينِهِ أُخِذَ بِهِ إذْ لَا يَمْتَرِي أَحَدٌ أَنَّهُ قَاتِلُهُ. .
(شَكَّ فِيمَا يُدَّعَى عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُرْضِيَ خَصْمَهُ وَلَا يَحْلِفُ) تَحَرُّزًا عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ (وَإِنْ أَبَى خَصْمُهُ إلَّا حَلَّفَهُ، إنْ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ حَلَفَ وَإِلَّا) بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ مُحِقٌّ (لَا) يَحْلِفُ بَزَّازِيَّةٌ.
(وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا) الْمُدَّعِي وَإِنْ قَالَ قَبْلَ الْيَمِينِ لَا بَيِّنَةَ لِي سِرَاجٌ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ الْمُحِيطِ (بَعْدَ يَمِينِ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تُقْبَلُ الْبُنَيَّةُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ خَانِيَةٌ (عِنْدَ الْعَامَّةِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِ شُرَيْحٍ: الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَحَقُّ أَنْ تُرَدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ كَالْحَلِفِ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَإِذَا جَاءَ الْأَصْلُ انْتَهَى حُكْمُ الْخَلْفِ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا بَحْرٌ.
(وَيَظْهَرُ كَذِبُهُ بِإِقَامَتِهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ (لَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ الْمَالَ (بِلَا سَبَبٍ فَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَامَهَا حَتَّى يَحْنَثَ فِي يَمِينِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى طَلَاقُ الْخَانِيَّةِ
ــ
[رد المحتار]
الْقَاضِي بِالنُّكُولِ مَرَّةً لَا يَنْفُذُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْفُذُ س
(قَوْلُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ) الْأَوْلَى يُفْتَرَضُ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ: تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْزِلُ مُنْكِرًا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إلَى أَنْ يُجِيبَ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا لَزِمَ السُّكُوتَ ابْتِدَاءً وَلَمْ يُجِبْ عِنْدَ الدَّعْوَى بِجَوَابٍ، وَهَذَا فِيمَا إذَا أَجَابَ بِالْإِنْكَارِ ثُمَّ لَزِمَ السُّكُوتَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ قَدَّمْنَا) أَيْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ ح.
(قَوْلُهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ) أَمَّا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَهُ فَتُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ ثَلَاثًا) بَيِّنَةٌ وَإِقْرَارٌ وَنُكُولٌ. (قَوْلُهُ وَالسَّابِعُ إلَخْ) بَحَثَ فِي هَذِهِ السَّابِعَةِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ وَقَالَ إنَّهُ غَرِيبٌ لَا يُقْبَلُ مَا لَمْ يَعْضُدْهُ نَقْلٌ مِنْ كِتَابٍ مُعْتَمَدٍ. وَذُكِرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ مَدَارَهَا عَلَى ابْنِ الْغَرْسِ، لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْغَرْسِ: فَقَدْ قَالُوا لَوْ ظَهَرَ إنْسَانٌ إلَخْ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ) لَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ بَلْ حَكَى قَوْلَيْنِ ح. (قَوْلُهُ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِأَنَّ حُكْمَ الْيَمِينِ انْقِطَاعُ الْخُصُومَةِ لِلْحَالِ إلَى غَايَةِ إحْضَارِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ انْقِطَاعُهَا مُطْلَقًا ط (قَوْلُهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ) كَأَنَّ فَائِدَتَهَا لِتَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ وَهُوَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ، بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ شَيْخُنَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي نَحْوِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ.
(قَوْلُهُ خَانِيَةٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْقَضَاءَ بِالنُّكُولِ لَا يَمْنَعُ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا يُبْطِلُهُ، لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَ الْبَائِعُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ عِنْدَهُ فَاسْتُحْلِفَ فَنَكَلَ فَقَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ وَأَلْزَمَهُ الْعَبْدَ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ قَدْ كُنْت تَبَرَّأْت إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْعَيْبِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ ثَبَتَتْ بَيِّنَتُهُ اهـ. أَقُولُ: إنْ كَانَ مَبْنَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ هُوَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ نُكُولَهُ عَنْ الْحَلِفِ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْعَيْبَ عِنْدَهُ فَإِقَامَتُهُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّهُ تَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْعَيْبِ مُؤَكِّدٌ لِمَا أَقَرَّ بِهِ فِي ضِمْنِ نُكُولِهِ، أَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَقَضَى عَلَيْهِ بِهِ يَكُونُ إقْرَارًا بِهِ وَحُكْمًا بِهِ، فَإِذَا بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَضَاهُ إيَّاهُ يَكُونُ تَنَاقُضًا وَنَقْضًا لِلْحُكْمِ فَبَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقٌ فَكَيْفَ تَصِحُّ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْبَحْرِ فِي إقَامَةِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا، وَظَاهِرُ مَا كَتَبْنَاهُ فِي هَامِشِ الْبَحْرِ عَنْ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ.
(قَوْلُهُ طَلَاقُ الْخَانِيَّةِ) الَّذِي نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ طَلَاقِ الْخَانِيَّةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّة مِنْ الْحِنْثِ مُطْلَقٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالسَّبَبِ وَعَدَمِهِ، وَمَا فِي الدُّرَرِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ مُطْلَقًا جَعَلُوهُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَاَلَّذِي جَعَلُوا الْفَتْوَى عَلَيْهِ هُوَ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ
خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الدُّرَرِ.
(وَإِنْ) ادَّعَاهُ (بِسَبَبٍ فَحَلَفَ) أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ (ثُمَّ أَقَامَهَا) الْمُدَّعِي عَلَى السَّبَبِ (لَا) يَظْهَرُ كَذِبُهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ وَجَدَ الْقَرْضَ ثُمَّ وَجَدَ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْإِيفَاءَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَصُولَيْنِ وَسِرَاجٌ وَشُمُنِّيٌّ وَغَيْرُهُمْ.
(وَلَا تَحْلِيفَ فِي نِكَاحٍ) أَنْكَرَهُ هُوَ أَوْ هِيَ (وَرَجْعَةٍ) جَحَدَهَا هُوَ أَوْ هِيَ بَعْدَ عِدَّةٍ (وَفَيْءِ إيلَاءٍ) أَنْكَرَهُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْمُدَّةِ (وَاسْتِيلَادٍ) تَدَّعِيهِ الْأَمَةُ، وَلَا يَتَأَتَّى عَكْسُهُ لِثُبُوتِهِ بِإِقْرَارِهِ (وَرِقٍّ وَنَسَبٍ) بِأَنْ ادَّعَى عَلَى مَجْهُولٍ أَنَّهُ قِنُّهُ أَوْ ابْنُهُ وَبِالْعَكْسِ (وَوَلَاءٍ) عَتَاقَةً أَوْ مُوَالَاةً ادَّعَاهُ الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلُ (وَحَدٍّ وَلِعَانٍ) وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يُحَلَّفُ الْمُنْكِرُ (فِي الْأَشْيَاءِ) السَّبْعَةِ، وَمَنْ عَدَّهَا سِتَّةً أَلْحَقَ أُمُومَةَ الْوَلَدِ بِالنَّسَبِ أَوْ الرِّقِّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ التَّحْلِيفُ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَمِنْهَا حَدُّ قَذْفٍ وَلِعَانٍ فَلَا يَمِينَ إجْمَاعًا، لَا إذَا تَضَمَّنَ حَقًّا بِأَنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِزِنَا نَفْسِهِ فَلِلْعَبْدِ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْعِتْقُ لَا الزِّنَا.
(وَ) كَذَا (يُسْتَحْلَفُ السَّارِقُ) لِأَجْلِ الْمَالِ (فَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ وَلَمْ يُقْطَعْ) وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا قُطِعَ، وَقَالُوا: يُسْتَحْلَفُ
ــ
[رد المحتار]
أَبِي يُوسُف، وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، فَعِبَارَةُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُحَرَّرَةٍ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الدُّرَرِ) حَيْثُ قَالَ وَهَلْ يَظْهَرُ كَذِبُ الْمُنْكِرِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ حَتَّى لَا يُعَاقَبَ عُقُوبَةَ شَاهِدِ الزُّورِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي) سَيُعِيدُ الشَّارِحُ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ أَوْ الْإِيفَاءَ) بَحَثَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّابِتِ أَنْ يَبْقَى عَلَى ثُبُوتِهِ وَقَدْ حَكَمْتُمْ لِمَنْ شُهِدَ لَهُ بِشَيْءٍ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَإِذَا وُجِدَ السَّبَبُ ثَبَتَ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ اهـ ط. أَقُولُ: وَجَوَابُهُ أَنَّ إثْبَاتَ كَوْنِ الشَّيْءِ لَهُ يُفِيدُ مِلْكِيَّتَهُ لَهُ فِي الزَّمَنِ السَّابِقِ وَاسْتِصْحَابُ هَذَا الثَّابِتِ يَصْلُحُ لِدَفْعِ مَنْ يُعَارِضُهُ فِي الْمِلْكِيَّةِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا لَهُ، وَقَدْ قَالُوا الِاسْتِصْحَابُ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلْإِثْبَاتِ، وَإِذَا أَثْبَتْنَا الْحِنْثَ بِكَوْنِ الْأَصْلِ بَقَاءَ الْقَرْضِ يَكُونُ مِنْ الْإِثْبَاتِ بِالِاسْتِصْحَابِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلَا تَحْلِيفَ) أَيْ فِي تِسْعَةٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ عِدَّةٍ) قَيْدٌ لِلثَّانِي كَمَا فِي الدُّرَرِ.
(قَوْلُهُ تَدَّعِيهِ الْأَمَةُ) بِأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا وَقَدْ مَاتَ أَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ وَأَنْكَرَهُ الْمَوْلَى ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَأَتَّى إلَخْ) وَقَلَبَ الْعِبَارَةَ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ.
(قَوْلُهُ وَنَسَبٍ) وَفِي الْمَنْظُومَةِ وَوِلَادٍ. قَالَ فِي الْحَقَائِقِ: لَمْ يَقُلْ وَنَسَبٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحْلَفُ فِي النَّسَبِ الْمُجَرَّدِ عِنْدَهُمَا إذَا كَانَ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ كَالْأَبِ وَالِابْنِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْأَبِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ وَوَلَاءٍ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى عَلَى مَعْرُوفِ الرِّقِّ أَنَّهُ مُعْتَقُهُ أَوْ مَوْلَاهُ (قَوْلُهُ فِي الْأَشْيَاءِ السَّبْعَةِ) أَيْ السَّبْعَةِ الْأُولَى مِنْ التِّسْعَةِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهُوَ قَوْلُهُمَا، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْإِمَامِ س. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ عِنْدَهُمَا.
(قَوْلُهُ وَكَذَا يُسْتَحْلَفُ السَّارِقُ) وَكَذَا يَحْلِفُ فِي النِّكَاحِ إنْ ادَّعَتْ هِيَ الْمَالَ: أَيْ إنْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ وَغَرَضُهَا الْمَالُ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ يَحْلِفُ، فَإِنْ نَكَلَ يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَلَا يَثْبُتُ الْحِلُّ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِالْبَدَلِ لَا الْحِلِّ. وَفِي النَّسَبِ إذَا ادَّعَى حَقًّا مَالًا كَانَ كَالْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ أَوْ غَيْرَ مَالٍ كَحَقِّ الْحَضَانَةِ فِي اللَّقِيطِ وَالْعِتْقِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَامْتِنَاعِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْحَقُّ، وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَعَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا مُنْكِرُ الْعُقُودِ إلَخْ ابْنُ كَمَالٍ وَإِنْكَارُ الْقَوَدِ سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ. وَفِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ، فَيَلْغُزُ أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَأْخُذُ نَفَقَةً غَيْرَ مُعْتَدَّةٍ وَلَا حَائِضَةٍ وَلَا نُفَسَاءَ وَلَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا. وَفِيهِ وَيَلْغُزُ أَيُّ شَخْصٍ أَخَذَ الْإِرْثَ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى إرْثًا بِسَبَبِ إخْوَةٍ فَأَنْكَرَ إخْوَتُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَحْلِيفَ فِيهَا عِنْدَ الْإِمَامِ مَا لَمْ يَدَّعِ مَعَهَا مَالًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وِفَاقًا سَائِحَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُقْطَعْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ قَطْعُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ بَدَلٌ كَمَا فِي قَوَدِ الطَّرَفِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّكُولَ فِي قَطْعِ الطَّرَفِ وَالنُّكُولَ فِي السَّرِقَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَّحِدَا فِي إيجَابِ الْقَطْعِ وَعَدَمِهِ. وَيُمْكِنُ
فِي التَّعْزِيرِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الدُّرَرِ. وَفِي الْفُصُولِ: ادَّعَى نِكَاحَهَا فَحِيلَةُ دَفْعِ يَمِينِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فَلَا تَحْلِفُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا اسْتِحْلَافَ فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً.
(النِّيَابَةُ تَجْرِي فِي الِاسْتِحْلَافِ لَا الْحَلِفِ) وَفَرَّعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (فَالْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَأَبُو الصَّغِيرِ يَمْلِكُ الِاسْتِحْلَافَ) فَلَهُ طَلَبُ يَمِينِ خَصْمِهِ (وَلَا يَحْلِفُ) أَحَدٌ مِنْهُمْ (إلَّا إذَا) ادَّعَى عَلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ (صَحَّ إقْرَارُهُ) عَلَى الْأَصِيلِ فَيُسْتَحْلَفُ حِينَئِذٍ، كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ صَحِيحٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ، فَكَذَا نُكُولُهُ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: كُلُّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ فَإِذَا أَنْكَرَهُ يُسْتَحْلَفُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ ذَكَرَهَا، وَالصَّوَابُ فِي أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ لِمَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ؛ وَزَادَ سِتَّةً أُخْرَى فِي الْبَحْرِ، وَزَادَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِابْنِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْلَا خَشْيَةُ التَّطْوِيلِ لَأَوْرَدْتهَا كُلَّهَا.
(التَّحْلِيفُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ يَكُونُ عَلَى الْبَتَاتِ) أَيْ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (وَ) التَّحْلِيفُ (عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ) يَكُونُ (عَلَى الْعِلْمِ) أَيْ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِمَا فَعَلَ غَيْرُهُ ظَاهِرًا، اللَّهُمَّ (إلَّا إذَا كَانَ) فِعْلُ الْغَيْرِ (شَيْئًا يَتَّصِلُ بِهِ) أَيْ بِالْحَالِفِ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ ادَّعَى) مُشْتَرِي الْعَبْدِ (سَرِقَةَ الْعَبْدِ أَوْ إبَاقَهُ) وَأَثْبَت ذَلِكَ (يَحْلِفُ) الْبَائِعُ.
ــ
[رد المحتار]
الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوَدَ الطَّرَفِ حَقُّ الْعَبْدِ فَيَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ كَالْأَمْوَالِ، بِخِلَافِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّهُ خَالِصُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ فَظَهَرَ الْفَرْقُ فَلْيُتَأَمَّلْ يَعْقُوبِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ فِي التَّعْزِيرِ) لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ الْعَبْدِ وَلِهَذَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ إسْقَاطَهُ بِالْعَفْوِ س (قَوْلُهُ فَحِيلَةُ دَفْعِ يَمِينِهَا) أَيْ دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهَا كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ أَنْ تَتَزَوَّجَ) أَيْ بِآخَرَ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ فِي إحْدَى وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً) تَقَدَّمَتْ فِي الْوَقْفِ س وَذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ هُنَا، وَذَكَرَ فِي الْهَامِشِ عَنْ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ. كَانَ الْإِمَامُ الثَّانِي وَغَيْرُهُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ يَحْلِفُ فِي كُلِّ سَبَبٍ لَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَزِمَهُ، كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ أَوْ مَوْلَاهُ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ أَوْ نَحْوُهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ حَقًّا فِي ذِمَّتِهِ كَالْإِرْثِ بِجِهَةٍ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ، وَإِنْ نَكَلَ يُقْضَى بِالْمَالِ إنْ ثَبَتَ الْمَالُ، وَدَعْوَى الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ كَدَعْوَى الْإِرْثِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ: وَهُوَ أَنَّ الْوَارِثَ لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ عَنْ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَدَفَعَ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِهِ إلَى ثُلُثِ مُدَّعِي الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ ثُمَّ جَاءَ الْمُوَرِّثُ حَيًّا لَا يَضْمَنُ الْوَارِثُ النَّاكِلُ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي فِي الْيَمِينِ.
(قَوْلُهُ لَا الْحَلِفِ) يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْأَخْرَسَ الْأَصَمَّ الْأَعْمَى يَحْلِفُ وَلِيُّهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَفَرَّعَ عَلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ وَلَا يَحْلِفُ إلَخْ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصِيلِ) أَيْ الْوَكِيلِ فَقَطْ كَذَا فِي الْهَامِشِ. (قَوْلُهُ فَيُسْتَحْلَفُ إلَخْ) بَقِيَ هَلْ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الْعِلْمِ أَوْ عَلَى الْبَتَاتِ؟ ذُكِرَ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ نُورِ الْعَيْنِ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَعِيبٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ اهـ فَتَأَمَّلْهُ كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ. (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ فِي أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ) أَيْ بِضَمِّ الثَّلَاثَةِ إلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ، لَكِنْ الْأَوْلَى مِنْهَا مَذْكُورَةٌ فِي الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ لِابْنِ الْمُصَنِّفِ) وَهُوَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ عَبْدُ الْقَادِرِ وَهُوَ صَاحِبُ تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ وَأَخُوهُ الشَّيْخُ صَالِحٌ صَاحِبُ الزَّوَاهِرِ كَذَا يُفْهَمُ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ.
(قَوْلُهُ سَرِقَةَ الْعَبْدِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مُشْتَرِيَ الْعَبْدِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ سَارِقٌ أَوْ آبِقٌ وَأَثْبَتَ إبَاقَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَبَقَ أَوْ سَرَقَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَأَرَادَ التَّحْلِيفَ يَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ بِاَللَّهِ مَا سَرَقَ فِي يَدِك وَهَذَا تَحْلِيفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ دُرَرٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ أَوْ إبَاقَهُ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِبَاقِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْمُشْتَرِي الْإِبَاقَ الْكَائِنَ عِنْدَهُ، إذْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْإِبَاقَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْمُعَاوَدَةِ بِأَنْ يُثْبِتَ وُجُودَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كِلَاهُمَا فِي صِغَرِهِ أَوْ كِبَرِهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي مَحَلِّهِ أَبُو السُّعُودِ. وَفِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ، قَوْلُهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ مَا أَبَقَ.
(عَلَى الْبَتَاتِ) مَعَ أَنَّهُ فِعْلُ الْغَيْرِ وَإِنَّمَا صَحَّ بِاعْتِبَارِ وُجُوبِ تَسْلِيمِهِ سَلِيمًا فَرَجَعَ إلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَحَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ لِأَنَّهَا آكَدُ وَلِذَا تُعْتَبَرُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ دُرَرٌ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْهُ: هَذَا إذَا قَالَ الْمُنْكِرُ لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ، وَلَوْ ادَّعَى الْعِلْمَ حَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ كَمُودِعٍ ادَّعَى قَبْضَ رَبِّهَا وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ عَلَى الْعِلْمِ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا ادَّعَى) بَكْرٌ (سَبْقَ الشِّرَاءِ) لَهُ عَلَى شِرَاءِ زَيْدٍ وَلَا بَيِّنَةَ (يُحَلِّفُ خَصْمَهُ) وَهُوَ بَكْرٌ (عَلَى الْعِلْمِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ قَبْلَهُ لِمَا مَرَّ.
(كَذَا إذَا ادَّعَى دَيْنًا أَوْ عَيْنًا عَلَى وَارِثٍ إذَا عَلِمَ الْقَاضِي كَوْنَهُ مِيرَاثًا أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي أَوْ بَرْهَنَ الْخَصْمُ عَلَيْهِ) فَيَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ.
(وَلَوْ ادَّعَى مَعًا) أَيْ الدَّيْنَ وَالْعَيْنَ (الْوَارِثُ) عَلَى غَيْرِهِ (يَحْلِفُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى الْبَتَاتِ) كَمَوْهُوبٍ وَشِرَاءٍ دُرَرٌ.
(وَ) يَحْلِفُ (جَاحِدُ الْقَوَدِ) إجْمَاعًا (فَإِنْ نَكَلَ، فَإِنْ كَانَ فِي النَّفْسِ حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَفِيمَا دُونَهُ يُقْتَصُّ) لِأَنَّ الْأَطْرَافَ خُلِقَتْ وِقَايَةً لِلنَّفْسِ كَالْمَالِ فَيَجْرِي فِيهَا الِابْتِذَالُ
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا عَلَيْك الرَّدُّ فَإِنَّ فِي الْحَلِفِ عَلَى السَّبَبِ يَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ أَوْ قَدْ يُبَرَّأُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَيْبِ اهـ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَتَاتِ) كُلُّ مَوْضِعٍ وَجَبَ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْعِلْمِ فَحَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ كَفَى وَسَقَطَتْ عَنْهُ وَعَلَى عَكْسِهِ لَا، وَلَا يُقْضَى بِنُكُولِهِ عَلَى مَا لَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا آكَدُ) أَيْ لِأَنَّ يَمِينَ الْبَتَاتِ آكَدُ مِنْ يَمِينِ الْعِلْمِ اهـ ح.
(قَوْلُهُ وَلِذَا تُعْتَبَرُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلِكَوْنِ يَمِينِ الْبَتَاتِ آكَدَ مِنْ يَمِينِ الْعِلْمِ تُعْتَبَرُ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِي فِعْلِ غَيْرِهِ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِعْلُ نَفْسِهِ وَفِعْلُ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ) يَعْنِي: أَنَّ يَمِينَ الْعِلْمِ لَا تَكْفِي فِي فِعْلِ نَفْسِهِ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَجِبُ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْبَتَاتِ فَحَلَفَ عَلَى الْعِلْمِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا حَتَّى لَا يُقْضَى عَلَيْهِ وَلَا يَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْهُ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَجَبَ الْيَمِينُ فِيهِ عَلَى الْعِلْمِ فَحَلَفَ عَلَى الْبَتَاتِ يُعْتَبَرُ الْيَمِينُ حَتَّى يَسْقُطَ الْيَمِينُ عَنْهُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ لِأَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْبَتَاتِ آكَدُ فَيُعْتَبَرُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ اهـ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَبْلَ هَذَا الْفَرْعِ مُشْكِلٌ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَجْهُ إشْكَالِهِ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ إلَى الْبَتِّ وَيَزُولُ الْإِشْكَالُ بِأَنَّهُ مُسْقِطٌ لِلْيَمِينِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فَاعْتُبِرَ فَيَكُونُ قَضَاءً بَعْدَ نُكُولٍ عَنْ يَمِينٍ مُسْقِطٍ لِلْحَلِفِ عَنْهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَلِهَذَا يَحْلِفُ ثَانِيًا لِعَدَمِ سُقُوطِ الْحَلِفِ عَنْهُ بِهَا فَنُكُولُهُ عَنْهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ وَالِاحْتِرَازِ بِهِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ تَأَمَّلْ اهـ. وَاسْتَشْكَلَ فِي السَّعْدِيَّةِ الْفَرْعَيْنِ وَلَمْ يُجِبْ عَلَى الثَّانِي، وَأَجَابَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نُكُولُهُ لِعِلْمِهِ بِعَدَمِ فَائِدَةِ الْيَمِينِ عَلَى الْعِلْمِ فَلَا يَحْلِفُ حَذَرًا عَنْ التَّكْرَارِ اهـ وَهُوَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ بَكْرٌ) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَيْ خَصْمُ بَكْرٍ وَهُوَ زَيْدٌ.
أَقُولُ: تَبِعَ الشَّارِحُ فِي هَذَا الْمُصَنِّفَ وَصَاحِبَ الدُّرَرِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: صَوَابُهُ زَيْدٌ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْكِرُ وَالْيَمِينُ عَلَيْهِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنْ يَحْلِفَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ لَا لِلْمَفْعُولِ؛ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّحْلِيفِ لَهُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ وَهُوَ بَكْرٌ تَفْسِيرًا لِلضَّمِيرِ فِي خَصْمِهِ لَكِنْ فِيهِ رَكَاكَةٌ س. وَقَالَ فِي الْهَامِشِ: قَوْلُهُ وَهُوَ بَكْرٌ رَاجِعٌ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ لَا لِلْمُضَافِ، وَلَوْ قَالَ وَهُوَ زَيْدٌ لَكَانَ أَوْلَى ح.
(قَوْلُهُ إذَا عَلِمَ الْقَاضِي) يَنْبَغِي أَنْ يُخَصِّصَ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ بِصُورَةِ الْعَيْنِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ، فَإِنَّ جَرَيَانَ ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ مُشْكِلٌ عَزْمِيٌّ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ تَفْصِيلًا فِي دَعْوَى الدَّيْنِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ (قَوْلُهُ كَوْنُهُ مِيرَاثًا) أَيْ كَوْنُ الْمُوَرِّثِ مَاتَ وَتَرَكَهُ (قَوْلُهُ أَوْ بَرْهَنَ الْخَصْمُ) وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ) أَيْ الْوَارِثُ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْعِلْمِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي حَقِيقَةَ الْحَالِ وَلَا إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ وَلَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ بِاَللَّهِ مَا عَلَيْك تَسْلِيمُ هَذِهِ إلَى الْمُدَّعِي عِمَادِيَّةٌ عَزْمِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَمَوْهُوبٍ) يَعْنِي لَوْ وَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ عَبْدًا فَقَبَضَهُ أَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا فَجَاءَ رَجُلٌ وَزَعَمَ
خِلَافًا لَهُمَا.
(قَالَ الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ) فِي الْمِصْرِ (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ لَمْ يَحْلِفْ) خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ حَاضِرَةً فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ لَمْ يَحْلِفْ اتِّفَاقًا، وَلَوْ غَائِبَةً عَنْ الْمِصْرِ حَلَفَ اتِّفَاقًا ابْنُ مَلَكٍ، وَقَدَّرَ فِي الْمُجْتَبَى الْغَيْبَةَ بِمُدَّةِ السَّفَرِ (وَيَأْخُذُ الْقَاضِي) فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ فِيمَا لَا يَسْقُطُ بِشُبْهَةٍ (كَفِيلًا ثِقَةً) يَأْمَنُ هُرُوبَهُ بَحْرٌ فَلْيُحْفَظْ (مِنْ خَصْمِهِ) وَلَوْ وَجِيهًا وَالْمَالُ حَقِيرًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ عَيْنِيٌّ (بِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فِي الصَّحِيحِ، وَعَنْ الثَّانِي إلَى مَجْلِسِهِ الثَّانِي وَصُحِّحَ (فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ) إعْطَاءِ (ذَلِكَ) الْكَفِيلِ (لَازَمَهُ) بِنَفْسِهِ أَوْ أَمِينِهِ مِقْدَارَ (مُدَّةِ التَّكْفِيلِ) لِئَلَّا يَغِيبَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْخَصْمُ (غَرِيبًا)
ــ
[رد المحتار]
أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتَاتِ ح.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ الْأَرْشُ فِيهِمَا لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ فِيهِ شُبْهَةٌ عِنْدَهُمَا فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْقِصَاصُ مِنَحٌ.
(قَوْلُهُ حَاضِرَةٌ فِي الْمِصْرِ) أَطْلَقَ حُضُورَهَا فَشَمِلَ حُضُورَهَا فِي الْمِصْرِ بِصِفَةِ الْمَرَضِ، وَظَاهِرُ مَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ الِاسْتِحْلَافُ يَجْرِي فِي الدَّعَاوَى الصَّحِيحَةِ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَقُولُ الْمُدَّعِي لَا شُهُودَ لِي أَوْ شُهُودِي غُيَّبٌ أَوْ فِي الْمِصْرِ اهـ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ الْقَاضِي) أَيْ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَفِي الصُّغْرَى: هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي عَالِمًا بِذَلِكَ، أَمَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَالْقَاضِي يَطْلُبُ رَوَاهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ) قَيَّدَ بِهَا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي أَوْ شُهُودِي غُيَّبٌ لَا يَكْفُلُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ يُؤْمَنُ هُرُوبُهُ) بِأَنْ يَكُونَ لَهُ دَارٌ مَعْرُوفَةٌ وَحَانُوتٌ مَعْرُوفٌ لَا يَسْكُنُ فِي بَيْتٍ بِكِرَاءٍ وَيَتْرُكُهُ وَيَهْرُبُ مِنْهُ مِنَحٌ وَهَذَا شَيْءٌ يُحْفَظُ جِدًّا بَحْرٌ عَنْ الصُّغْرَى. قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَقِيهُ ثِقَةً بِوَظَائِفِهِ فِي الْأَوْقَافِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِلْكٌ فِي دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ لِأَنَّهُ لَا يَتْرُكُهَا وَيَهْرُبُ اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ كَفَالَةِ الصُّغْرَى: لِقَاضِي أَوْ رَسُولِهِ إذَا أَخَذَ كَفِيلًا مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِ الْمُدَّعِي أَوْ لَا بِأَمْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يُضِفْ الْكَفَالَةَ إلَى الْمُدَّعِي بِأَنْ قَالَ أَعْطِ كَفِيلًا بِنَفْسِك وَلَمْ يَقُلْ لِلطَّالِبِ تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَى الْقَاضِي أَوْ رَسُولِهِ، حَتَّى لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ الْكَفِيلَ يَبْرَأُ، وَلَوْ سَلَّمَ إلَى الْمُدَّعِي فَلَا، وَإِنْ أَضَافَ إلَى الْمُدَّعِي كَانَ الْجَوَابُ عَلَى الْعَكْسِ اهـ، وَفِيهِ عَنْهَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي وَضْعَ الْمَنْقُولِ عِنْدَ عَدْلٍ وَلَمْ يَكْتَفِ بِكَفِيلِ النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَدْلًا لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي، وَلَوْ فَاسِقًا يُجِيبُهُ. وَفِي الْعَقَارِ لَا يُجِيبُهُ إلَّا فِي الشَّجَرِ الَّذِي عَلَيْهِ الثَّمَرُ لِأَنَّ الثَّمَرَ نَقْلِيٌّ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّجَرَ مِنْ الْعَقَارِ وَقَدَّمْنَا خِلَافَهُ. وَفِي أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ مِنْ الْعَقَارِ.
(قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: ادَّعَى الْقَاتِلُ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً حَاضِرَةً عَلَى الْعَفْوِ أُجِّلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ يُقْضَى بِالْقِصَاصِ قِيَاسًا كَالْأَمْوَالِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُؤَجَّلُ اسْتِعْظَامًا لِأَمْرِ الدَّمِ اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ قَضَاءِ الصُّغْرَى أَنَّ فَائِدَةَ الْكَفَالَةِ بِالثَّلَاثِ أَوْ نَحْوِهَا لَا لِبَرَاءَةِ الْكَفِيلِ بَعْدَهَا فَإِنَّ الْكَفِيلَ إلَى شَهْرٍ لَا يَبْرَأُ بَعْدَهُ، لَكِنَّ التَّكْفِيلَ إلَى شَهْرٍ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى الْكَفِيلِ فَلَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ، لَكِنْ لَوْ عَجَّلَ لَا يَصِحُّ وَهُنَا لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى الْمُدَّعِي فَلَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِالتَّسْلِيمِ لِلْحَالِ إذْ قَدْ يَعْجِزُ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ، وَإِذَا أَحْضَرَهَا يَعْجِزُ عَنْ إقَامَتِهَا وَإِنَّمَا يُسَلَّمُ إلَى الْمُدَّعِي بَعْدَ وُجُودِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، حَتَّى لَوْ أَحْضَرَ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الْوَقْتِ يُطَالِبُ الْكَفِيلَ.
(قَوْلُهُ إلَى مَجْلِسِهِ) أَيْ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ لَازَمَهُ) أَيْ دَارَ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ فَلَا يُلَازِمُهُ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ. وَفِي الصُّغْرَى: وَلَا يُلَازِمُهُ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ بُنِيَ لِلذِّكْرِ بِهِ يُفْتَى. ثُمَّ قَالَ: وَيَبْعَثُ مَعَهُ أَمِينًا يَدُورُ مَعَهُ. وَرَأَيْت فِي زِيَادَاتِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ لِلْمَطْلُوبِ أَنْ لَا يَرْضَى بِالْأَمِينِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءُ التَّوْكِيلِ بِلَا رِضَا الْخَصْمِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا وَتَمَامُهُ فِيهِ
أَيْ مُسَافِرًا (فَ) يُلَازَمُ أَوْ يُكَفَّلُ (إلَى انْتِهَاءِ مَجْلِسِ الْقَاضِي) دَفْعًا لِلضَّرَرِ، حَتَّى لَوْ عَلِمَ وَقْتَ سَفَرِهِ يَكْفُلُهُ إلَيْهِ وَيَنْظُرُ فِي زِيِّهِ أَوْ يَسْتَخْبِرُ رُفَقَاءَهُ لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعِي بَزَّازِيَّةٌ.
(قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي وَطَلَبَ يَمِينَهُ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي ثُمَّ بَرْهَنَ) عَلَى دَعْوَاهُ بَعْدَ الْيَمِينِ (قُبِلَ ذَلِكَ) الْبُرْهَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ (مِنْهُ) وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي كُلُّ بَيِّنَةٍ أَتَى بِهَا فَهِيَ شُهُودُ زُورٍ أَوْ قَالَ إذَا حَلَفْت فَأَنْتِ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ فَحَلَفَ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْحَقِّ قُبِلَ خَانِيَةٌ، وَبِهِ جَزَمَ فِي السِّرَاجِ كَمَا مَرَّ (وَقِيلَ لَا) يُقْبَلُ قَائِلُهُ مُحَمَّدٌ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ، وَعَكْسُهُ ابْنُ مَلَكٍ، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ قَالَ لَا دَفْعَ لِي ثُمَّ أَتَى بِدَفْعٍ، أَوْ قَالَ الشَّاهِدُ: لَا شَهَادَةَ لِي ثُمَّ شَهِدَ. وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ لِجَوَازِ النِّسْيَانِ ثُمَّ التَّذَكُّرِ كَمَا فِي الدُّرَرِ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ. .
(ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيصَالَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي) ذَلِكَ (وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ) عَلَى مُدَّعَاهُ (فَطَلَبَ يَمِينَهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي اجْعَلْ حَقِّي فِي الْخَتْمِ ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي لَهُ ذَلِكَ) قُنْيَةٌ.
(وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى) لِحَدِيثِ «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِيَذَرْ» وَهُوَ قَوْلُ وَاَللَّهِ خِزَانَةٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَّفَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ يَمِينًا، وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا بَحْرٌ.
(لَا بِطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ) وَإِنْ أَلَحَّ الْخَصْمُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى تَتَارْخَانِيَّةٌ، لِأَنَّ التَّحْلِيفَ بِهَا حَرَامٌ خَانِيَةٌ (وَقِيلَ إنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ فُوِّضَ إلَى الْقَاضِي) اتِّبَاعًا لِلْبَعْضِ (فَلَوْ حَلَّفَهُ) الْقَاضِي (بِهِ فَنَكَلَ فَقَضَى عَلَيْهِ) بِالْمَالِ (لَمْ يَنْفُذْ) قَضَاؤُهُ (عَلَى) قَوْلِ (الْأَكْثَرِ) كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْلِيفِ بِهِمَا فَيُعْتَبَرُ نُكُولُهُ وَيُقْضَى بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ بَحْرٌ، وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ.
قُلْت: وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا مَالَ عَلَيْهِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى الْمَالِ، إنْ شَهِدُوا عَلَى السَّبَبِ كَالْإِقْرَاضِ لَا يُفَرَّقُ، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ يُفَرَّقُ لِأَنَّ السَّبَبَ لَا يَسْتَلْزِمُ قِيَامَ الدَّيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ الْمَالِ لَا يَحْنَثُ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، كَذَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ أَيْ مُسَافِرًا) تَفْسِيرٌ مُرَادٌ.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ عَلِمَ) بِأَنْ قَالَ أَخْرُجُ غَدًا مَثَلًا (قَوْلُهُ يَكْفُلُهُ) أَيْ إلَى وَقْتِ سَفَرِهِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ إلَخْ، لَكِنْ هُنَاكَ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعِي وَكَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَ يَمِينٍ.
(قَوْلُهُ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي) أَيْ مُدَّعِي الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ) أَيْ لِمُدَّعِي الْإِيصَالِ. (قَوْلُهُ فَطَلَبَ يَمِينَهُ) أَيْ يَمِينَ الدَّائِنِ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي) أَيْ مُدَّعِي الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ اجْعَلْ حَقِّي فِي الْخَتْمِ) أَيْ الصَّكِّ، وَمَعْنَاهُ اُكْتُبْ لِي الصَّكَّ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي مَدَنِيٌّ، أَوْ الْمُرَادُ إحْضَارُ نَفْسِ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ مَخْتُومٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَفِي حَاشِيَةِ الْفَتَّالِ عَنْ الْفَتَاوَى الْأَنْقِرَوِيَّةِ: يَعْنِي أَحْضِرْ حَقِّي ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي، وَمِثْلُهُ بِخَطٍّ لِلسَّائِحَانِيِّ، وَمِثْلُهُ فِي الْحَامِدِيَّةِ.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَّفَهُ بِغَيْرِهِ) كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا) فِيهِ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي التَّغْلِيظِ وَيَجْتَنِبُ الْعَطْفَ كَيْ لَا تَتَكَرَّرَ الْيَمِينُ كَمَا يَأْتِي، وَصَاحِبُ الْبَحْرِ نَفْسُهُ صَرَّحَ بِهِ، وَقَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ: وَالْقَسَمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَالْحَقِّ أَوْ بِصِفَةٍ يُحْلَفُ بِهَا مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى كَعِزَّةِ اللَّهِ وَجَلَالِ اللَّهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ يَمِينًا اهـ شَيْخُنَا. وَالْعَجَبُ مِنْ صَاحِبِ الْمِنَحِ حَيْثُ نَقَلَهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ وَكَذَا الشَّارِحُ، ثُمَّ رَأَيْت مِثْلَ مَا قَدَّمْته مَنْقُولًا عَنْ الْمَقْدِسِيَّ وَكَتَبْته فِي هَامِشِ الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ) تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِعَدَمِ اعْتِبَارِ نُكُولِهِ فَإِذَا طَلَبَ حَلِفَهُ بِهِ رُبَّمَا يَمْتَنِعُ وَيُقِرُّ بِالْمُدَّعَى دُرَرُ الْبِحَارِ.
(قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ) لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْكَمَالِ: فَإِنْ أَلَحَّ الْخَصْمُ قِيلَ صَحَّ بِهِمَا فِي زَمَانِنَا لَكِنْ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا، وَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لَا يَنْفُذُ انْتَهَتْ، وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَشَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالتَّحْلِيفِ بِهِمَا يَقُولُ إنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَلَكِنْ يُعْرَضُ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَمْتَنِعُ، فَإِنَّ مَنْ لَهُ أَدْنَى دِيَانَةٍ لَا يَحْلِفُ بِهِمَا كَاذِبًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى طَلَاقِ الزَّوْجَةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ أَوْ إمْسَاكِهِمَا بِالْحَرَامِ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يُتَسَاهَلُ بِهِ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا تَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ امْتَنَعَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ.
(وَيُغَلَّظُ بِذِكْرِ أَوْصَافِهِ تَعَالَى) وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِفَاسِقٍ وَمَالٍ خَطِيرٍ (وَالِاخْتِيَارُ) فِيهِ وَ (فِي صِفَتِهِ إلَى الْقَاضِي) وَيُجْتَنَبُ الْعَطْفُ كَيْ لَا تَتَكَرَّرَ الْيَمِينُ (فَلَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَنَكَلَ عَنْ التَّغْلِيظِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ) أَيْ بِالنُّكُولِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ وَقَدْ حَصَلَ زَيْلَعِيٌّ.
(لَا) يُسْتَحَبُّ التَّغْلِيظُ عَلَى الْمُسْلِمِ (بِزَمَانٍ وَ) لَا بِ (مَكَان) كَذَا فِي الْحَاوِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ.
(وَيُسْتَحْلَفُ الْيَهُودِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، وَالنَّصْرَانِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى، وَالْمَجُوسِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ) فَيُغَلَّظُ عَلَى كُلٍّ بِمُعْتَقَدِهِ، فَلَوْ اكْتَفَى بِاَللَّهِ كَالْمُسْلِمِ كَفَى اخْتِيَارٌ.
(وَالْوَثَنِيُّ بِاَللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِهِ وَإِنْ عَبَدَ غَيْرَهُ، وَجَزَمَ ابْنُ الْكَمَالِ بِأَنَّ الدَّهْرِيَّةَ لَا يَعْتَقِدُونَهُ تَعَالَى.
قُلْت: وَعَلَيْهِ فَبِمَاذَا يَحْلِفُونَ.
وَبَقِيَ تَحْلِيفُ الْأَخْرَسِ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي عَلَيْك عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ إنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا فَإِذَا أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ أَيْ نَعَمْ صَارَ حَالِفًا، وَلَوْ أَصَمَّ أَيْضًا كَتَبَ لَهُ لِيُجِيبَ بِخَطِّهِ إنْ عَرَفَهُ وَإِلَّا فَبِإِشَارَتِهِ، وَلَوْ أَعْمَى أَيْضًا فَأَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ مَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ.
(وَلَا يَحْلِفُونَ فِي بُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ) لِكَرَاهَةِ دُخُولِهَا بَحْرٌ.
(وَيُحَلِّفُ الْقَاضِي) فِي دَعْوَى سَبَبٍ يَرْتَفِعُ (عَلَى الْحَاصِلِ) أَيْ عَلَى صُورَةِ إنْكَارِ الْمُنْكِرِ، وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (أَيْ بِاَللَّهِ
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: فَكَيْفَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي تَكْلِيفُهُ الْإِتْيَانَ بِمَا هُوَ مَنْهِيٌّ شَرْعًا وَلَعَلَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ يَقُولُ النَّهْيُ عَنْهُ تَنْزِيهِيٌّ سَعْدِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَا تَحْلِيفَ فِي طَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَيُغَلِّظُ إلَخْ) أَيْ يُؤَكِّدُ الْيَمِينَ بِذِكْرِ أَوْصَافِ اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الَّذِي يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ مَا لِفُلَانٍ هَذَا عَلَيْك وَلَا قِبَلَك هَذَا الْمَالُ الَّذِي ادَّعَاهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِأَنَّ أَحْوَالَ النَّاسِ شَتَّى، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْتَنِعُ عَنْ الْيَمِينِ بِالتَّغْلِيظِ وَيَحْتَالُ عِنْدَ عَدَمِهِ فَيُغَلَّظُ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَمْتَنِعُ بِذَلِكَ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ زَيْلَعِيٌّ) عِبَارَتُهُ: وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْعَطْفِ فَأَتَى بِوَاحِدَةٍ وَنَكَلَ عَنْ الْبَاقِي لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ أَتَى بِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: لَا يَجُوزُ التَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ.
(قَوْلُهُ فَيُغَلِّظُ عَلَى كُلٍّ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ. فَإِنْ قُلْت: إذَا حَلَفَ الْكَافِرُ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَنَكَلَ عَمَّا ذُكِرَ هَلْ يَكْفِيهِ أَمْ لَا؟ قُلْت: لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ إنَّهُ يُغَلَّظُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ فَيَكْتَفِي بِاَللَّهِ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ عَنْ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ اهـ.
(قَوْلُهُ صَارَ حَالِفًا) وَلَا يَقُولُ بِاَللَّهِ إنَّهُ كَانَ كَذَا لِأَنَّهُ إذَا قَالَ نَعَمْ يَكُونُ إقْرَارًا لَا يَمِينًا كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ س (قَوْلُهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ مَنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي) وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: الْحَلِفُ لَا يَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ أَبُو السُّعُودِ.
(قَوْلُهُ وَيُحَلِّفُ الْقَاضِي إلَخْ) قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: النَّوْعُ الثَّالِثُ فِي مَوَاضِعِ التَّحْلِيفِ عَلَى الْحَاصِلِ وَالتَّحْلِيفُ عَلَى السَّبَبِ جَمْعٌ. ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إمَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي دَيْنًا أَوْ مِلْكًا فِي عَيْنٍ أَوْ حَقًّا فِي عَيْنٍ، وَكُلٌّ مِنْهَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ مُطْلَقًا أَوْ بِنَاءً عَلَى سَبَبٍ، فَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ يُحَلَّفُ عَلَى الْحَاصِلِ مَا لَهُ قِبَلَك مَا ادَّعَاهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى مِلْكًا فِي عَيْنٍ حَاضِرٍ أَوْ حَقًّا فِي عَيْنٍ حَاضِرٍ ادَّعَاهُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ سَبَبًا يُحَلَّفُ عَلَى الْحَاصِلِ مَا هَذَا لِفُلَانٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ، وَلَوْ ادَّعَاهُ بِنَاءً عَلَى سَبَبٍ بِأَنْ ادَّعَى دَيْنًا بِسَبَبِ قَرْضٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ ادَّعَى مِلْكًا بِسَبَبِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ ادَّعَى غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً يُحَلَّفُ عَلَى الْحَاصِلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا عَلَى السَّبَبِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَقْرَضْت مَا غَصَبْت مَا أَوْدَعَك مَا شَرِبْت مِنْهُ كَافِي. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُحَلَّفُ عَلَى السَّبَبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا عِنْدَ تَعْرِيضِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ أَيُّهَا الْقَاضِي قَدْ يَبِيعُ الْإِنْسَانُ شَيْئًا ثُمَّ يُقْبَلُ فَحِينَئِذٍ يُحَلِّفُ الْقَاضِي عَلَى الْحَاصِلِ مِنَحٌ. وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَنْكَرَ السَّبَبَ يُحَلَّفُ عَلَى السَّبَبِ وَلَوْ قَالَ مَا عَلَيَّ مَا يَدَّعِيهِ يُحَلَّفُ عَلَى الْحَاصِلِ قَاضِي خَانْ وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَقَاوِيلِ عِنْدِي وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقُضَاةِ، بِقَوْلِ
مَا بَيْنَكُمَا نِكَاحٌ قَائِمٌ وَ) مَا بَيْنَكُمَا (بَيْعٌ قَائِمٌ وَمَا يَجِبُ عَلَيْك رَدُّهُ) لَوْ قَائِمًا أَوْ بَدَلِهِ لَوْ هَالِكًا (وَمَا هِيَ بَائِنٌ مِنْك) وَقَوْلُهُ (الْآنَ) مُتَعَلِّقٌ بِالْجَمِيعِ مِسْكِينٌ (فِي دَعْوَى نِكَاحٍ وَبَيْعٍ وَغَصْبٍ وَطَلَاقٍ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ لَا عَلَى السَّبَبِ أَيْ بِاَللَّهِ مَا نَكَحْت وَمَا بِعْت خِلَافًا لِلثَّانِي نَظَرًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ طَلَاقِهِ وَإِقَالَتِهِ (إلَّا إذَا لَزِمَ) مِنْ الْحَلِفِ عَلَى الْحَاصِلِ (تَرْكُ النَّظَرِ لِلْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ) بِالْإِجْمَاعِ (عَلَى السَّبَبِ) أَيْ عَلَى صُورَةِ دَعْوَى الْمُدَّعِي (كَدَعْوَى شُفْعَةٍ بِالْجِوَارِ وَنَفَقَةٍ مَبْتُوتَةٍ وَالْخَصْمُ لَا يَرَاهُمَا) لِكَوْنِهِ شَافِعِيًّا لِصِدْقِ حَلِفِهِ عَلَى الْحَاصِلِ فِي مُعْتَقَدِهِ فَيَتَضَرَّرُ الْمُدَّعِي. قُلْت: وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِمَذْهَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَذْهَبُ الْمُدَّعِي
ــ
[رد المحتار]
الْحَقِيرِ: وَكَذَا فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ اهـ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَكُمَا نِكَاحٌ قَائِمٌ) إدْخَالُ النِّكَاحِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يُحَلَّفُ فِيهَا عَلَى الْحَاصِلِ عِنْدَهُمَا غَفْلَةٌ مِنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالشَّارِحِينَ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَا يَقُولُ بِالتَّحْلِيفِ فِي النِّكَاحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِمَامَ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِمَا لَا عَلَى قَوْلِهِ كَتَفْرِيعِهِ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى قَوْلِهِمَا بَحْرٌ. وَنُقِلَ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعَ النِّكَاحِ دَعْوَى الْمَالِ.
(قَوْلُهُ بَيْعٌ قَائِمٌ) هَذَا، وَالْحَقُّ مَا فِي الْخِزَانَةِ مِنْ التَّفْصِيلِ. قَالَ الْمُشْتَرِي: إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ فَإِنْ ذَكَرَ نَقْدَ الثَّمَنِ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا هَذَا الْعَبْدُ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ بِالسَّبَبِ الَّذِي ادَّعَى وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا بِعْته، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمُشْتَرِي نَقْدَ الثَّمَنِ يُقَالُ لَهُ أَحْضِرْ الثَّمَنَ، فَإِذَا أَحْضَرَهُ اسْتَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ مَا يَمْلِكُ قَبْضَ هَذَا الثَّمَنِ وَتَسْلِيمَ هَذَا الْعَبْدِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ادَّعَى، وَإِنْ شَاءَ حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَك وَبَيْنَ هَذَا شِرَاءٌ قَائِمٌ السَّاعَةَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَعْوَى الشِّرَاءِ مَعَ نَقْدِ الثَّمَنِ دَعْوَى الْمَبِيعِ مِلْكًا مُطْلَقًا وَلَيْسَتْ بِدَعْوَى الْعَقْدِ وَلِهَذَا تَصِحُّ مَعَ جَهَالَةِ الثَّمَنِ مَعْنًى، وَلَيْسَتْ بِدَعْوَى الْعَقْدِ وَلِهَذَا تَصِحُّ مَعَ جَهَالَةِ الْمَبِيعِ فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ اهـ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ لَوْ قَائِمًا إلَخْ) زَادَهُ لِمَا فِي الْبَحْرِ، وَفِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَمَا يَجِبُ عَلَيْك رَدُّهُ قُصُورٌ، وَالصَّوَابُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ: وَمَا يَجِبُ عَلَيْك رَدُّهُ وَلَا مِثْلِهِ وَلَا بَدَلِهِ وَلَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ اهـ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ وَمَا هِيَ بَائِنٌ مِنْك الْآنَ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْبَائِنِ. وَأَمَّا الرَّجْعِيُّ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا هِيَ طَالِقٌ فِي النِّكَاحِ الَّذِي بَيْنَكُمَا. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا فِي النِّكَاحِ الَّذِي بَيْنَكُمَا اهـ.
وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَا جُمْلَةً مِمَّا يُحَلَّفُ فِيهِ عَلَى الْحَاصِلِ فَرَاجِعْهُ وَقَالَ بَعْدَهَا: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ تَكَرَّرَ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ صُوَرِ التَّحْلِيفِ تَكْرَارٌ لَا فِي لَفْظِ الْيَمِينِ خُصُوصًا فِي تَحْلِيفِ مُدَّعِي دَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّهَا تَصِلُ إلَى خَمْسَةٍ، وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ إلَى أَرْبَعَةٍ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ إنَّ الْيَمِينَ تَتَكَرَّرُ بِتَكْرَارِ حَرْفِ الْعَطْفِ مَعَ قَوْلِهِ لَا كَقَوْلِهِ لَا آكُلُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا، وَمَعَ قَوْلِهِمْ هُنَا فِي تَغْلِيظِ الْيَمِينِ يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْعَطْفِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا عَطَفَ صَارَتْ أَيْمَانًا، وَلَمْ أَرَ عَنْهُ جَوَابًا بَلْ وَلَا مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ اهـ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ إذَا تَأَمَّلَ الْمُتَأَمِّلُ وَحَّدَ التَّكْرَارَ لِتَكْرَارِ الْمُدَّعِي فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا وَاحِدًا فِي اللَّفْظِ لَكِنَّهُ مُدَّعٍ لِأَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ ضِمْنًا فَيَحْلِفُ الْخَصْمُ عَلَيْهَا احْتِيَاطًا (قَوْلُهُ نَظَرًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا عَلَى السَّبَبِ.
(قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ شَافِعِيًّا) لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يُحَلِّفُ عَلَى الْحَاصِلِ مُعْتَقِدًا مَذْهَبَهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا شُفْعَةً فَيُضَيِّعُ النَّفْعَ فَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا أَبَانَهَا وَاشْتَرَى ظَهَرَ النَّفْعُ وَرِعَايَةُ جَانِبِ الْمُدَّعِي أَوْلَى، لِأَنَّ السَّبَبَ إذَا ثَبَتَ ثَبَتَ الْحَقُّ وَاحْتِمَالُ سُقُوطِهِ بِعَارِضٍ مُتَوَهَّمٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ حَتَّى
فَفِيهِ خِلَافٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ الْقَاضِي هَلْ تَعْتَقِدُ وُجُوبَ شُفْعَةِ الْجِوَارِ أَوْ لَا، وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ.
(وَكَذَا) أَيْ يَحْلِفُ عَلَى السَّبَبِ إجْمَاعًا (فِي سَبَبٍ لَا يَرْتَفِعُ) بِرَافِعٍ بَعْدَ ثُبُوتِهِ (كَعَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدَّعِي) عَلَى مَوْلَاهُ (عِتْقَهُ) لِعَدَمِ تَكَرُّرِ رِقِّهِ (وَ) أَمَّا (فِي الْأَمَةِ) وَلَوْ مُسْلِمَةً (وَالْعَبْدِ الْكَافِرِ) فَلِتَكَرُّرِ رَقِّهِمَا بِاللَّحَاقِ حَلَفَ مَوْلَاهُمَا (عَلَى الْحَاصِلِ) وَالْحَاصِلُ اعْتِبَارُ الْحَاصِلِ إلَّا لِضَرَرِ مُدَّعٍ وَسَبَبٍ غَيْرِ مُتَكَرِّرٍ.
(وَصَحَّ فِدَاءُ الْيَمِينِ وَالصُّلْحِ مِنْهُ) لِحَدِيثِ «ذُبُّوا عَنْ أَعْرَاضِكُمْ بِأَمْوَالِكُمْ» وَقَالَ الشَّهِيدُ: الِاحْتِرَازُ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ وَاجِبٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَيْ ثَابِتٌ بِدَلِيلِ جَوَازِ الْحَلِفِ صَادِقًا.
(وَلَا يَحْلِفُ) الْمُنْكِرُ (بَعْدَهُ) أَبَدًا لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ (وَ) قَيَّدَ بِالْفِدَاءِ أَوْ الصُّلْحِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ (لَوْ أَسْقَطَهُ) أَيْ الْيَمِينَ (قَصْدًا بِأَنْ قَالَ بَرِئْت مِنْ الْحَلِفِ أَوْ تَرَكْته عَلَيْهِ أَوْ وَهَبْته لَا يَصِحُّ وَلَهُ التَّحْلِيفُ) بِخِلَافِ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْمَالِ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ لِلْحَاكِمِ بَزَّازِيَّةٌ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى يَمِينَهُ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ رُكْنِ الْبَيْعِ دُرَرٌ. .
[فَرْعٌ] اسْتَحْلَفَ خَصْمَهُ فَقَالَ حَلَّفْتنِي مَرَّةً، إنَّ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ وَبَرْهَنَ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ دُرَرٌ. قُلْت: وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ قَالَ: إنِّي قَدْ حَلَفْت بِالطَّلَاقِ إنِّي لَا أَحْلِفُ فَيُحَرَّرُ.
ــ
[رد المحتار]
يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى الْعَارِضِ اهـ (قَوْلُهُ فَفِيهِ خِلَافٌ) قِيلَ لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ لِمَذْهَبِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَسْأَلَهُ) أَيْ يَسْأَلَ الْمُدَّعِي.
(قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ تَبَعًا لِلْبَحْرِ، وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي قُضَاةِ زَمَانِنَا الْمَأْمُورِينَ بِالْحُكْمِ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ.
(قَوْلُهُ وَالصُّلْحُ مِنْهُ) أَيْ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّانِيَ بِأَقَلَّ مِنْ الْمُدَّعَى، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ يَكُونُ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ح.
(قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ) ضَبَطَهَا الْمُؤَلِّفُ رحمه الله بِتَشْدِيدِ اللَّامِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ) أَيْ حَقَّهُ فِي الْخُصُومَةِ، وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ خُصُومَتَهُ بِأَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ مَدَنِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبَرْهَنَ قُبِلَ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حِينَ أَرَادَ الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ إنَّهُ حَلَّفَنِي عَلَى هَذَا الْمَالِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَوْ أَبْرَأَنِي عَنْهُ إنْ بَرْهَنَ قُبِلَ وَانْدَفَعَ عَنْهُ الدَّعْوَى وَإِلَّا قَالَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ: انْقَلَبَ الْمُدَّعِي مُدَّعًى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ انْدَفَعَ الدَّعْوَى وَإِنْ حَلَفَ لَزِمَ الْمَالُ لِأَنَّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ إقْرَارٌ بِوُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ عَنْ دَعْوَى الْمَالِ اهـ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ: أَيْ وَإِلَّا يُبَرْهِنُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ: أَيْ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَاسْتَحْلَفَهُ أَيْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي جَازَ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي. قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: أَرَادَ تَحْلِيفَهُ فَبَرْهَنَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ حَلَّفَنِي عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضِي كَذَا يُقْبَلُ، وَلَوْلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ يَدَّعِي بَقَاءَ حَقِّهِ فِي الْيَمِينِ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ إنْ لَمْ يُبَرْهِنْ إذْ الْمُدَّعِي بِدَعْوَاهُ اسْتَحَقَّ الْجَوَابَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَالْجَوَابُ إمَّا إقْرَارٌ أَوْ إنْكَارٌ، وَقَوْلُهُ أَبْرَأَنِي إلَخْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ فَلَا يُسْمَعُ وَيُقَالُ لَهُ أَجِبْ خَصْمَك ثُمَّ ادَّعِ مَا شِئْت، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي عَنْ هَذَا الْأَلْفِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، إذْ دَعْوَى الْبَرَاءَةِ عَنْ الْمَالِ إقْرَارٌ بِوُجُوبِهِ وَالْإِقْرَارُ جَوَابٌ وَدَعْوَى الْإِبْرَاءِ مُسْقِطٌ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الصَّوَابُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَى الْبَرَاءَةِ كَمَا يَحْلِفُ عَلَى دَعْوَى التَّحْلِيفِ وَإِلَيْهِ مَالَ مِنَحٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ قُضَاةِ زَمَانِنَا اهـ. وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَاسْتَحْلَفَهُ: أَيْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي جَازَ انْتَهَتْ، وَبِهِ عُلِمَ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِيهَامِ فَتَنَبَّهْ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ أَرَ إلَخْ) وَجَدْت فِي هَامِشِ نُسْخَةِ شَيْخِنَا بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَا نَصُّهَا: قَدْ رَأَيْتهَا فِي أَوَاخِرِ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ كِتَابِ الشَّهَادَةِ مِنْ فَتَاوَى الْكَرْنِيشِيِّ مَعْزِيًّا لِأَوَّلِ قَضَاءِ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. وَعِبَارَتُهُ: رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَعْوَى وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَلَمَّا عَرَضَ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَيْهِ قَالَ: إنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنِّي لَا أَحْلِفُ أَبَدًا وَالْآنَ لَا أَحْلِفُ حَتَّى لَا يَقَعَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلَاثًا ثُمَّ يَحْكُمُ بِالنُّكُولِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ بِهَذَا الْيَمِينِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيُحَرَّرُ) أَقُولُ سَبَقَ عَنْ الْعِنَايَةِ أَنَّ الْقَاضِي لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِأَحَدِهِمَا فِي الِاسْتِحْلَافِ عَلَى الْحَاصِلِ أَوْ عَلَى السَّبَبِ، فَمُرَاعَاةُ