الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّوْتَ الْقَوِيَّ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ بِخِلَافِ الْأَصَمِّ.
(وَيُفْتِي الْقَاضِي) وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (مَنْ لَمْ يُخَاصِمْ إلَيْهِ) ظَهِيرِيَّةٌ وَسَيَتَّضِحُ (وَيَأْخُذُ) الْقَاضِي كَالْمُفْتِي (بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ثُمَّ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ بِقَوْلِ زُفَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ) وَهُوَ الْأَصَحُّ مُنْيَةٌ وَسِرَاجِيَّةٌ وَعِبَارَةُ النَّهْرِ ثُمَّ بِقَوْلِ الْحَسَنِ فَتَنَبَّهْ وَصَحَّحَ فِي الْحَاوِي اعْتِبَارَ قُوَّةِ الْمُدْرِكِ وَالْأَوَّلُ أَضْبَطُ نَهْرٌ (وَلَا يُخَيَّرُ إلَّا إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا) بَلْ الْمُقَلِّدُ مَتَى خَالَفَ
ــ
[رد المحتار]
حَيْثُ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ بِإِشَارَةِ النَّاطِقِ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ وَأَفَادَهُ عُمُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُكْتَفَى بِالْإِشَارَةِ مِنْهُ ط.
(قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) لِأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْمَعُ الْإِقْرَارُ فَيُضِيعُ حُقُوقَ النَّاسِ، بِخِلَافِ الْأَصَمِّ وَهَكَذَا فَصَّلَ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي الْمُفْتِي.
فَإِنْ قُلْت: قَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، بِأَنَّ الْمُفْتِيَ يَقْرَأُ صُورَةَ الِاسْتِفْتَاءِ، وَيَكْتُبُ جَوَابَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى السَّمَاعِ.
قُلْت: الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهَذَا فِي الْقَاضِي مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ جَوَابَ الْخَصْمَيْنِ، فَكَذَا فِي الْمُفْتِي وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ صِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ. فَيُحْتَاطُ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِفْتَاءِ فَإِنَّهُ إفَادَةُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ بِالْإِشَارَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّمَاعُ اهـ مِنَحٌ مُلَخَّصًا.
قُلْت: لَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا كَتَبَ لَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ جَازَ الْعَمَلُ بِفَتْوَاهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَنْصُوبًا لِلْفَتْوَى يَأْتِيهِ عَامَّةُ النَّاسِ وَيَسْأَلُونَهُ مِنْ نِسَاءٍ وَأَعْرَابٍ وَغَيْرِهِمْ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ السَّمْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ كُلَّ سَائِلٍ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ سُؤَالَهُ، وَقَدْ يَحْضُرُ إلَيْهِ الْخَصْمَانِ وَيَتَكَلَّمُ أَحَدُهُمَا بِمَا يَكُونُ فِيهِ الْحَقُّ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَالْمُفْتِي لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْهُ فَيُفْتِيهِ عَلَى مَا سَمِعَ مِنْ بَعْضِ كَلَامِهِ فَيُضِيعُ حَقَّ خَصْمِهِ، وَهَذَا قَدْ شَاهَدْته كَثِيرًا فَلَا يَنْبَغِي التَّرَدُّدُ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُفْتِيًا عَامًّا يَنْتَظِرُ الْقَاضِي جَوَابَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ فَإِنَّ ضَرَرَ مِثْلِ هَذَا أَعْظَمُ مِنْ نَفْعِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]
(قَوْلُهُ: وَيُفْتِي الْقَاضِي إلَخْ) فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا بَأْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ مَنْ لَمْ يُخَاصِمْ إلَيْهِ وَلَا يُفْتِي أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ فِيمَا خُوصِمَ إلَيْهِ اهـ بَحْرٌ وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْقَاضِي هَلْ يُفْتِي فِيهِ أَقَاوِيلُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ فِي الدِّيَانَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ اهـ، وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ لَمْ يُخَاصِمْ إلَيْهِ فَيُوَافِقُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمِنْ ثَمَّ عَوَّلْنَا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ مِنَحٌ، وَقَدْ جَمَعَ الشَّارِحُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ بِهَذَا الْحَمْلِ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ وَأَكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ فِي الْقَضَاءِ لِلْخُصُومِ كَرَاهَةَ أَنْ يَعْلَمَ خَصْمُهُ قَوْلَهُ فَيَتَحَرَّزَ مِنْهُ بِالْبَاطِلِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَسَيَتَّضِحُ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مَسْأَلَةَ التَّسْوِيَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْإِطْلَاقِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَحَدُ أَصْحَابِهِ أَوْ انْفَرَدَ لَكِنْ سَيَأْتِي قُبَيْلَ الْفَصْلِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ لِزِيَادَةِ تَجْرِبَتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) مُقَابِلُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْحَاوِي وَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ مَعَهُ أَحَدُ صَاحِبِيهِ أَخَذَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ خَالَفَاهُ قِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ يُخَيَّرُ إلَّا فِيمَا كَانَ الِاخْتِلَافُ بِحَسَبِ تَغَيُّرِ الزَّمَانِ كَالْحُكْمِ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَفِيمَا أَجْمَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَيْهِ كَالْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ فَيَخْتَارُ قَوْلَهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ النَّهْرِ إلَخْ) أَيْ لِإِفَادَةِ أَنَّ رُتْبَةَ الْحَسَنِ بَعْدَ زُفَرَ، بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ عَطْفَهُ بِالْوَاوِ يُفِيدُ أَنَّهُمَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ هِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْكُتُبِ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الْحَاوِي) أَيْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَهَذَا فِيمَا إذَا خَالَفَ الصَّاحِبَانِ الْإِمَامَ وَالْمُرَادُ بِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ قُوَّةُ الدَّلِيلِ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْمُدْرِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ إدْرَاكِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُؤْخَذُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ أَضْبَطُ) لِأَنَّ مَا فِي الْحَاوِي خَاصٌّ فِيمَنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَصَارَ لَهُ مَلَكَةُ النَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ وَاسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْهَا، وَذَلِكَ هُوَ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ، أَوْ الْمُقَيَّدُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ لِمَنْ هُوَ دُونَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُخَيَّرُ إلَّا إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ مَلَكَةٌ يَقْتَدِرُ بِهَا عَلَى الِاطِّلَاعِ
مُعْتَمَدَ مَذْهَبِهِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَيُنْقَضُ هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا بَسَطَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ وَسَيَجِيءُ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ: اعْلَمْ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَالُوا الرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي فَالْمُرَادُ قَاضٍ لَهُ مَلَكَةُ الِاجْتِهَادِ انْتَهَى وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِنَّمَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ وَفِي الْمُجْتَهَدِ فِيهِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا.
(وَإِذَا اخْتَلَفَ مُفْتِيَانِ) فِي جَوَابِ حَادِثَةٍ (أُخِذَ بِقَوْلِ أَفْقَهِهِمَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَوْرَعَهُمَا) سِرَاجِيَّةٌ وَفِي الْمُلْتَقَطِ وَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ أَمْرٌ وَلَا رَأْيَ لَهُ فِيهِ شَاوَرَ الْعُلَمَاءَ وَنَظَرَ أَحْسَنَ أَقَاوِيلِهِمْ وَقَضَى بِمَا رَآهُ صَوَابًا لَا بِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ أَقْوَى فِي الْفِقْهِ وَوُجُوهِ الِاجْتِهَادِ فَيَجُوزُ تَرْكُ رَأْيِهِ بِرَأْيِهِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا فَعَلَيْهِ تَقْلِيدُهُمْ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى قُوَّةِ الْمُدْرِكِ، وَبِهَذَا رَجَعَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ إلَى مَا فِي الْحَاوِي مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمُفْتِي الْمُجْتَهِدِ لِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ نَعَمْ فِيهِ زِيَادَةُ تَفْصِيلٍ سَكَتَ عَنْهُ الْحَاوِي، فَقَدْ اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ هُوَ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ هُمْ أَصْحَابُ التَّرْجِيحِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ عَلَيْهِ النَّظَرُ فِي الدَّلِيلِ وَتَرْجِيحُ مَا رَجَحَ عِنْدَهُ دَلِيلُهُ، وَنَحْنُ نَتْبَعُ مَا رَجَّحُوهُ وَاعْتَمَدُوهُ كَمَا لَوْ أَفْتَوْا فِي حَيَاتِهِمْ كَمَا حَقَّقَهُ الشَّارِحُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ نَقْلًا عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ، وَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا فَعَلَيْهِ تَقْلِيدُهُمْ وَاتِّبَاعُ رَأْيِهِمْ، فَإِذَا قَضَى بِخِلَافِهِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ لَا يَعْدِلُ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ إلَّا إذَا صَرَّحَ أَحَدٌ مِنْ الْمَشَايِخِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ عَلَيْنَا الْإِفْتَاءَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَإِنْ أَفْتَى الْمَشَايِخُ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ مُحَشِّيهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِمَا مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُفْتِيَ حَقِيقَةً هُوَ الْمُجْتَهِدُ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَنَاقِلٌ لِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ، فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْنَا الْإِفْتَاءُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَإِنْ أَفْتَى الْمَشَايِخُ بِخِلَافِهِ وَنَحْنُ إنَّمَا نَحْكِي فَتْوَاهُمْ لَا غَيْرُ اهـ، وَتَمَامُ أَبْحَاثِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَرَّرْنَاهُ فِي مَنْظُومَتِنَا فِي رَسْمِ الْمُفْتِي وَفِي شَرْحِهَا وَقَدَّمْنَا بَعْضَهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَاَللَّهُ الْهَادِي إلَى الصَّوَابِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: مُعْتَمَدُ مَذْهَبِهِ) أَيْ الَّذِي اعْتَمَدَهُ مَشَايِخُ الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ وَافَقَ قَوْلَ الْإِمَامِ أَوْ خَالَفَهُ كَمَا قَرَرْنَاهُ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ) أَيْ بَعْدَ أَسْطُرٍ عَنْ الْمُلْتَقَطِ وَكَذَا فِي الْفَصْلِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِهِ قُضِيَ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: اعْلَمْ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَالُوا الرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي إلَخْ) أَقُولُ: قَدْ عَدَّ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي فُوِّضَتْ لِرَأْيِ الْقَاضِي إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً زَادَ مُحَشِّيهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً أُخْرَى ذَكَرَهَا الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ، وَلِحَفِيدِ الْمُصَنِّفِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ صَالِحِ بْنِ الْمُصَنِّفِ رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ سَمَّاهَا فَيْضَ الْمُسْتَفِيضِ فِي مَسَائِلِ التَّفْوِيضِ، فَارْجِعْ إلَيْهَا وَلَكِنْ بَعْضُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا يُظْهِرُ تَوَقُّفَ الرَّأْيِ فِيهَا عَلَى الِاجْتِهَادِ الْمُصْطَلَحِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَانْظُرْ مَا نَذْكُرُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِهِ فَيَحْبِسُهُ بِمَا رَأَى.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ إلَخْ) هَذَا فِي الْقَاضِي الْمُجْتَهِدِ أَمَّا الْمُقَلِّدِ فَعَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمُعْتَمَدِ مَذْهَبِهِ عَلِمَ فِيهِ خِلَافًا أَوْ لَا اهـ ط وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ آخَرَ نَفَّذَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِذَا أَشْكَلَ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ اجْتِهَادٌ عَلَى شَيْءٍ، وَبَقِيَتْ الْحَادِثَةُ مُخْتَلِفَةً وَمُشْكِلَةً كَتَبَ إلَى فُقَهَاءِ غَيْرِ مِصْرِهِ فَالْمُشَاوَرَةُ بِالْكِتَابِ سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ فِي الْحَوَادِثِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنْ اتَّفَقَ رَأْيُهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَرَأْيُهُ يُوَافِقُهُمْ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ أَمْضَى ذَلِكَ بِرَأْيِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا نَظَرَ إلَى أَقْرَبِ الْأَقْوَالِ عِنْدَهُ مِنْ الْحَقِّ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَإِلَّا أَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ أَفْقَهُ وَأَوْرَعُ عِنْدَهُ اهـ ط.
(قَوْلُهُ: وَقَضَى بِمَا رَآهُ صَوَابًا) أَيْ بِمَا حَدَثَ لَهُ مِنْ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ بَعْدَ مُشَاوَرَتِهِمْ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَا رَأْيَ لَهُ فِيهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الَّذِي أَفْتَاهُ أَقْوَى مِنْهُ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ رَأْيِ نَفْسِهِ إلَى رَأْيِ ذَلِكَ الْمُفْتِي لَكِنْ هَذَا إذَا اتَّهَمَ رَأْيَ نَفْسِهِ فَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ وَإِنْ شَاوَرَ الْقَاضِي رَجُلًا وَاحِدًا كَفَى، فَإِنْ رَأَى بِخِلَافِ رَأْيِهِ وَذَلِكَ الرَّجُلُ أَفْضَلُ وَأَفْقَهُ عِنْدَهُ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ لَوْ قَضَى بِرَأْيِ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ وَإِنْ لَمْ يَتَّهِمُ الْقَاضِي رَأْيَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ