الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَكَفَالَةُ النَّفْسِ تَنْعَقِدُ بِكَفَلْت بِنَفْسِهِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ بَدَنِهِ) كَالطَّلَاقِ، وَقَدَّمْنَا ثَمَّةَ أَنَّهُمْ لَوْ تَعَارَفُوا إطْلَاقَ الْيَدِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ فَكَذَا فِي الْكَفَالَةِ فَتْحٌ
(وَ) بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَكَفَلْت (بِنِصْفِهِ أَوْ رُبْعِهِ)
(وَ) تَنْعَقِدُ (بِضَمِنَتِهِ أَوْ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ)
ــ
[رد المحتار]
[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]
(قَوْلُهُ: وَكَفَالَةُ النَّفْسِ تَنْعَقِدُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكَنْزِ: وَتَصِحُّ بِالنَّفْسِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ.
قَالَ فِي النَّهْرِ أَيْ بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا ثُمَّ كَفِيلًا أَوْ كَانَ لِلْكَفِيلِ كَفِيلٌ وَيَجُوزُ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى النَّفْسِ بِأَنْ يَكْفُلَ وَاحِدٌ نُفُوسًا وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ اهـ، وَقَدَّمْنَا عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ صِحَّةَ كَفَالَةِ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: تَكَفَّلْت بِنَفْسِهِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا وَيَكُونُ بِمَعْنَى عَالٍ فَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَمِنْهُ - {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37]- وَبِمَعْنَى ضَمِنَ وَالْتَزَمَ فَيَتَعَدَّى بِالْحَرْفِ وَاسْتِعْمَالُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَهُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ مُؤَوَّلٌ رَمْلِيٌّ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ بَدَنِهِ) أَيْ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ مِنْ أَعْضَائِهِ عَنْ جُمْلَةِ الْبَدَنِ كَرَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَرَقَبَتِهِ وَعُنُقِهِ وَبَدَنِهِ وَرُوحِهِ، وَذَكَرُوا فِي الطَّلَاقِ الْفَرْجَ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ هُنَا قَالُوا: وَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْكَفَالَةِ إذَا كَانَتْ امْرَأَةً، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَهْرٌ، وَتَمَامُهُ فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَبِجُزْءٍ شَائِعٍ إلَخْ) لِأَنَّ النَّفْسَ الْوَاحِدَةَ فِي حَقِّ الْكَفَالَةِ لَا تَتَجَزَّأُ فَذِكْرُ بَعْضِهَا شَائِعًا كَذِكْرِ كُلِّهَا، وَلَوْ أَضَافَ الْكَفِيلُ الْجُزْءَ إلَى نَفْسِهِ تَكَفَّلْ لَكَ نِصْفِي أَوْ ثُلُثِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ، لَكِنْ لَوْ قِيلَ إنْ ذَكَرَ بَعْضَ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ نَهْرٌ
(قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ بِضَمِنْته إلَخْ) أَمَّا ضَمِنْتُهُ فَلِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْكَفَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا لِلتَّسْلِيمِ، وَالْعَقْدُ يَنْعَقِدُ بِالتَّصْرِيحِ بِمُوجِبِهِ كَالْبَيْعِ يَنْعَقِدُ بِالتَّمْلِيكِ، وَأَمَّا عَلَيَّ فَلِأَنَّهُ صِيغَةُ الْتِزَامٍ، وَمَنْ هُنَا أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْتَزَمْت بِمَا عَلَى فُلَانٍ كَانَ كَفَالَةً وَإِلَى بِمَعْنَاهُ هُنَا وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَلْفَاظَ الْكَفَالَةِ كُلُّ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْعُهْدَةِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى: هَذَا إلَيَّ أَوْ وَأَنَا كَفِيلٌ بِهِ أَوْ قَبِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ كَانَ كُلُّهُ كَفَالَةً بِالنَّفْسِ لَا كَفَالَةً بِالْمَالِ اهـ تَتَارْخَانِيَّةٌ.
وَفِي الْحَاكِمِ: وَقَوْلُهُ ضَمِنْت وَكَفَلْت وَهُوَ إلَيَّ وَهُوَ عَلَيَّ سَوَاءٌ كُلُّهُ وَهُوَ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ اهـ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي بَابِ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ إذَا قَالَ إنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ أَنْ يُوفِيَك مَالَك فَهُوَ عَلَيَّ فَهُوَ جَائِزٌ اهـ، فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا هُوَ إلَيَّ هُوَ عَلَيَّ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ كَانَ الضَّمِيرُ لِلرَّجُلِ الْمَكْفُولِ بِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الضَّمِيرُ لِلْمَالِ فَهُوَ كَفَالَةُ مَالٍ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْأَلْفَاظِ.
فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة أَيْضًا عَنْ الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ لِرَبِّ الْمَالِ أَنَا ضَامِنٌ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَهَذَا ضَمَانٌ صَحِيحٌ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ عَبْدًا وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَقَالَ خَلِّهِ فَأَنَا ضَامِنٌ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ ضَامِنٌ يَأْخُذُ مِنْهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ بِالْبَيِّنَةِ اهـ.
فَقَدْ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ مَا مَرَّ أَوَّلًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ كَفَالَةُ نَفْسٍ لَا كَفَالَةُ مَالٍ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ كَفَالَةَ مَالٍ أَصْلًا، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَا بِهِ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ إلَخْ أَيْ بِالرَّجُلِ كَانَ كَفَالَةَ نَفْسٍ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى مِنْ كَفَالَةِ الْمَالِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْمَالِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا تَوَجَّهَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ عَلَى الْمَالِ فَإِنَّهَا تَكُونُ كَفَالَةَ مَالٍ؛ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ بِهِ فَلَا يُرَادُ بِهَا الْأَدْنَى وَهُوَ كَفَالَةُ النَّفْسِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْمَالِ أَوْ بِضَمِيرِهِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا نَقَلَهُ الشَّلَبِيُّ عَنْ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلشَّيْخِ أَبِي نَصْرٍ الْأَقْطَعِ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ يَصِحُّ الضَّمَانُ بِهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ضَمَانِ النَّفْسِ وَضَمَانِ الْمَالِ اهـ أَيْ إذَا قَالَ ضَمِنْت زَيْدًا أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ أَوْ هُوَ عَلَيَّ أَوْ إلَيَّ يَكُونُ كَفَالَةَ نَفْسٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ.
وَإِذَا قَالَ: ضَمِنْت لَكَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ أَوْ أَنَا كَفِيلٌ بِهِ إلَخْ فَهُوَ كَفَالَةُ مَالٍ قَطْعًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَكْفُولُ بِهِ أَنَّهُ كَفَالَةُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ أَصْلًا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ
أَوْ عِنْدِي (أَوْ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ) أَيْ كَفِيلٌ (أَوْ قَبِيلٌ بِهِ) أَيْ بِفُلَانٍ، أَوْ غَرِيمٌ، أَوْ حَمِيلٌ بِمَعْنَى مَحْمُولٍ بَدَائِعُ
(وَ) تَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ (أَنَا ضَامِنٌ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ) حَتَّى (تَلْتَقِيَا) وَيَكُونُ كَفِيلًا إلَى الْغَايَةِ
ــ
[رد المحتار]
لَا تَحْرِيرَ فِيمَا قَالَهُ الشَّلَبِيُّ بَعْدَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْأَقْطَعِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ إذَا أُطْلِقَتْ تُحْمَلُ عَلَى الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ، وَإِذَا كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ عَلَى الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ تَتَمَحَّضُ حِينَئِذٍ لِلْكَفَالَةِ بِهِ اهـ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمَكْفُولُ بِهِ بِأَنْ قَالَ أَنَا ضَامِنٌ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِنَفْسٍ وَلَا مَالٍ لَا تَصِحُّ أَصْلًا كَمَا يَأْتِي، فَقَوْلُهُ: تُحْمَلُ عَلَى الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ كَمَا تَعْرِفُهُ، نَعَمْ لَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِهِمَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يُعْمَلُ بِهَا كَمَا إذَا قَالَ قَائِلٌ اضْمَنْ لِي هَذَا الرَّجُلَ فَقَالَ الْآخَرُ أَنَا ضَامِنٌ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى كَفَالَةِ النَّفْسِ، وَإِنْ قَالَ اضْمَنْ لِي مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَقَالَ أَنَا ضَامِنٌ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ مُعَادٌ فِي السُّؤَالِ فَافْهَمْ، وَاغْنَمْ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
مَطْلَبُ لَفْظِ عِنْدِي يَكُونُ كَفَالَةً بِالنَّفْسِ، وَيَكُونُ كَفَالَةً بِالْمَالِ
(قَوْلُهُ: أَوْ عِنْدِي) فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة: لَك عِنْدِي هَذَا الرَّجُلُ أَوْ قَالَ دَعْهُ إلَيَّ كَانَتْ كَفَالَةً اهـ يَعْنِي بِالنَّفْسِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا إلَخْ عَنْ الْخَانِيَّةِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ فَعِنْدِي لَك هَذَا الْمَالُ لَزِمَهُ؛ لِأَنَّ عِنْدِي إذَا اُسْتُعْمِلَ فِي الدَّيْنِ يُرَادُ بِهِ الْوُجُوبُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إلَيَّ هَذَا الْمَالُ اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ أَيْضًا بِأَنَّ عِنْدِي يَكُونُ كَفَالَةَ نَفْسٍ وَكَفَالَةَ مَالٍ بِحَسَبِ مَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ اللَّفْظُ، وَبِهِ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْحَامِدِيَّةِ.
وَأَمَّا مَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ: وَبِمَا لَك عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ عِنْدِي كَعَلَيَّ فِي التَّعْلِيقِ فَقَطْ وَلَا تُفِيدُ كَفَالَةٌ بِالْمَالِ بَلْ بِالنَّفْسِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ: لَوْ قَالَ لَا تُطَالِبْ فُلَانًا مَالَك عِنْدِي لَا يَكُونُ كَفِيلًا، فَقَدْ رَدَّهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالتَّعْلِيقِ، وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا، وَكَذَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِمْ: إنَّ مُطْلَقَ لَفْظِ عِنْدِي لِلْوَدِيعَةِ لَكِنَّهُ بِقَرِينَةِ الدَّيْنِ يَكُونُ كَفَالَةً.
وَفِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ الْعُرْفُ.
قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ سَأَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى فَقَالَ عِنْدِي كَانَ إقْرَارًا اهـ.
(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى مَحْمُولٍ) كَذَا عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ إلَى الْبَدَائِعِ أَيْضًا.
قَالَ ط: الْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِكَفَالَتِهِ
(قَوْلُهُ: وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ أَنَا ضَامِنٌ حَتَّى تَجْتَمِعَا إلَخْ) أَقُولُ: اشْتَبَهَ هُنَا عَلَى الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَةٌ بِمَسْأَلَةٍ بِسَبَبِ سَقْطٍ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الْخَانِيَّةِ الَّتِي نَقَلَ عَنْهَا فِي شَرْحِهِ فَإِنْ قَالَ فِيهِ: فِي الْخَانِيَّةِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ قَالَ هُوَ عَلَيَّ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ حَتَّى تَلْتَقِيَا لَا يَكُونُ كَفَالَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَضْمُونَ أَنَّهُ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ اهـ مَعَ أَنَّ عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ قَالَ هُوَ عَلَيَّ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُوَافِيَك بِهِ أَوْ أَلْقَاك بِهِ كَانَتْ كَفَالَةً بِالنَّفْسِ، وَلَوْ قَالَ: أَنَا ضَامِنٌ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ حَتَّى تَلْتَقِيَا لَا يَكُونُ كَفَالَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَضْمُونَ أَنَّهُ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ اهـ كَلَامُ الْخَانِيَّةِ.
وَفِي السِّرَاجِ: لَوْ قَالَ هُوَ عَلَيَّ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ تَلْتَقِيَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ هُوَ عَلَيَّ ضَمَانٌ مُضَافٌ إلَى الْعَيْنِ وَجَعَلَ الِالْتِقَاءَ غَايَةً لَهُ اهـ يَعْنِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي هُوَ عَلَيَّ عَائِدٍ إلَى عَيْنِ الشَّخْصِ الْمَكْفُولِ بِهِ فَيَكُونُ كَفَالَةَ نَفْسٍ إلَى الْتِقَائِهِ مَعَ غَرِيمِهِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنَا ضَامِنٌ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ حَتَّى تَلْتَقِيَا فَلَا يَصِحُّ أَصْلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنَا ضَامِنٌ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ الْمَضْمُونُ بِهِ هَلْ هُوَ النَّفْسُ أَوْ الْمَالُ، فَقَدْ ظَهَرَ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَكَانَ الصَّوَابُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ هُوَ عَلَيَّ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ تَلْتَقِيَا لَا بِأَنَا ضَامِنٌ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ تَلْتَقِيَا لِعَدَمِ بَيَانِ الْمَضْمُونِ بِهِ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.
ثُمَّ إنَّ الْمَسْأَلَةَ مَذْكُورَةٌ فِي كَافِي الْحَاكِمِ الَّذِي جَمَعَ فِيهِ كُتُبَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الْعُمْدَةُ فِي نَقْلِ نَصِّ الْمَذْهَبِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ قَالَ أَنَا بِهِ قَبِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ قَالَ ضَمِينٌ فَهُوَ كَفِيلٌ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أُوَافِيَك بِهِ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَلْقَاك
تَتَارْخَانِيَّةٌ.
(وَقِيلَ لَا) تَنْعَقِدُ (لِعَدَمِ بَيَانِ الْمَضْمُونِ بِهِ) أَهُوَ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ، كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ الثَّانِي. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَذْهَبَ، لَكِنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الطَّالِبُ ضَمِنْت بِالْمَالِ، وَقَالَ الضَّامِنُ إنَّمَا ضَمِنْت بِنَفْسِهِ لَا يَصِحُّ. ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ ضَمِنَ بِالنَّفْسِ أَنْ يُؤَاخَذَ بِإِقْرَارِهِ فَرَاجِعْهُ (كَمَا) لَا تَنْعَقِدُ (فِي) قَوْلِهِ (أَنَا ضَامِنٌ) أَوْ كَفِيلٌ (لِمَعْرِفَتِهِ) عَلَى الْمَذْهَبِ، خِلَافًا لِلثَّانِي بِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُطَالَبَةَ بَلْ الْمَعْرِفَةَ.
وَاخْتُلِفَ فِي أَنَا ضَامِنٌ لِتَعْرِيفِهِ أَوْ عَلَى تَعْرِيفِهِ وَالْوَجْهُ اللُّزُومُ فَتْحٌ، كَأَنَا ضَامِنٌ لِوَجْهِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ سِرَاجٌ، وَفِي مَعْرِفَةِ فُلَانٍ عَلَيَّ يَلْزَمُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ خَانِيَّةٌ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَفِيلًا نَهْرٌ.
ــ
[رد المحتار]
بِهِ أَوْ قَالَ هُوَ عَلَيَّ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ حَتَّى تُوَافِيَا أَوْ حَتَّى تَلْتَقِيَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هُوَ عَلَيَّ، وَقَالَ أَنَا ضَامِنٌ لَكَ حَتَّى تَجْتَمِعَا أَوْ تَلْتَقِيَا فَهُوَ بَاطِلٌ اهـ وَلَمْ يَذْكُرُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُ فِيهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ الصَّاحِبِينَ فَقَطْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُمَا، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْخَانِيَّةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ وَلَا لِلتَّمْرِيضِ، بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِكَوْنِ ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْهُ، وَكَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ كَمَا عَلِمْت، وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ نَصٌّ لِلْإِمَامِ فَالْعَمَلُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الثِّقَاتُ عَنْ أَصْحَابِهِ كَمَا عُلِمَ فِي مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ: تَتَارْخَانِيَّةٌ) عِبَارَتُهَا هُوَ عَلَيَّ حَتَّى تَجْتَمِعَا فَهُوَ كَفِيلٌ إلَى الْغَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اهـ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ.
وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي مَتْنِهِ، فَإِنَّ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي مَتْنِهِ لَا تَنْعَقِدُ فِيهَا الْكَفَالَةُ أَصْلًا كَمَا عَلِمْته آنِفًا.
(قَوْلُهُ: كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ) قَدْ أَسْمَعْنَاك عِبَارَةَ الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَذْهَبُ) الضَّمِيرُ فِي أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الثَّانِي، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ لَا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلٌ آخَرُ بَلْ هُمَا مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا تَصِحُّ فِيهَا الْكَفَالَةُ، وَالْأُخْرَى لَا تَصِحُّ بِلَا ذِكْرِ خِلَافٍ فِيهِمَا كَمَا حَرَّرْنَاهُ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ اسْتَنْبَطَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فِي شَرْحِهِ إنَّهُ لَيْسَ الْمَذْهَبُ مَعَ أَنَّهُ فِي فَتَاوِيهِ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَا ذَكَرَ.
وَوَجْهُ الِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ الطَّالِبَ وَالضَّامِنَ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يُعْلَمْ الْمَضْمُونُ بِهِ هَلْ هُوَ نَفْسٌ أَوْ مَالٌ، فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا مُسَلَّمٌ إذَا كَانَ الطَّالِبُ يَدَّعِي كَفَالَةَ النَّفْسِ أَيْضًا، أَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ كَفَالَةَ الْمَالِ فَقَطْ فَلَا إذْ الْإِقْرَارُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَلَا يُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ بِلَا دَعْوَى، أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ زَادَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ: وَبِهِ يُفْتَى.
وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
مَطْلَبُ لَوْ قَالَ أَنَا أَعْرِفُهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُطَالَبَةَ بَلْ الْمَعْرِفَةَ) فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنَا ضَامِنٌ لَكَ عَلَى أَنْ أُوقِفَك عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَنْ أَدُلَّك عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَنْزِلِهِ فَتْحٌ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنَا أَعْرِفُهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا كَمَا فِي السِّرَاجِ.
(قَوْلُهُ: وَالْوَجْهُ اللُّزُومُ) لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مُتَعَدٍّ إلَى اثْنَيْنِ، فَقَدْ الْتَزَمَ أَنْ يَعْرِفَهُ الْغَرِيمُ، بِخِلَافِ مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي إلَّا مَعْرِفَةَ الْكَفِيلِ لِلْمَطْلُوبِ فَتْحٌ، فَصَارَ مَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَا ضَامِنٌ لَأَنْ أُعَرِّفَك غَرِيمَك وَتَعْرِيفُهُ بِإِحْضَارِهِ لِلطَّالِبِ وَإِلَّا فَهُوَ مَعْرُوفٌ لَهُ، وَمَعْنَى الثَّانِي أَنَا ضَامِنٌ لَأَنْ أُعَرِّفَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إحْضَارُهُ لَهُ لَكِنْ مَا يَأْتِي عَنْ الْخَانِيَّةِ يُفِيدُ لُزُومَ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا.
قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ صَارَ كَالْتِزَامِهِ الدَّلَالَةَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا نَهْرٌ: أَيْ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ هُوَ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَاذْهَبْ إلَيْهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ أَوْ السَّفَرُ إلَيْهِ إذَا غَابَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِ كَفَالَةِ النَّفْسِ.
[تَتِمَّةٌ] قَدَّمْنَا أَنَّ أَلْفَاظَ الْكَفَالَةِ كُلُّ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْعُهْدَةِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْفَتْحِ عَلَيَّ أَنْ أُوَافِيَك بِهِ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَلْقَاك بِهِ أَوْ دَعْهُ إلَيَّ.
ثُمَّ قَالَ: وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: لَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي