الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذِهِ مَسَائِلُ شَتَّى أَيْ مُتَفَرِّقَةٌ وَجَاءُوا شَتَّى أَيْ مُتَفَرِّقِينَ (يَمْنَعُ صَاحِبَ سُفْلٍ عَلَيْهِ عُلْوٌ) أَيْ طَبَقَةٌ (لِآخَرَ مِنْ أَنْ يَتِدَ) أَيْ يَدُقَّ الْوَتَدَ (فِي سُفْلِهِ) وَهُوَ الْبَيْتُ التَّحْتَانِيُّ (أَوْ يَنْقُبُ كَوَّةً) بِفَتْحٍ أَوْ ضَمٍّ الطَّاقَةُ وَكَذَا بِالْعَكْسِ دَعْوَى الْمَجْمَعِ (بِلَا رِضَا الْآخَرِ) وَهَذَا عِنْدَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ بَحْرٌ وَقَالَا لِكُلٍّ فِعْلُ مَا لَا يَضُرُّ وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ بِلَا صُنْعِ رَبِّهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبِنَاءِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي وَلِذِي الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ ثُمَّ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ إنْ بَنَى بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ قَاضٍ وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بَنَى وَتَمَامُهُ فِي الْعَيْنِيِّ.
ــ
[رد المحتار]
[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]
هَذِهِ مَسَائِلُ شَتَّى قَدَّرَ الشَّارِحُ لَفْظَ هَذِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَسَائِلَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَشَتَّى صِفَةٌ لِمَسَائِلَ.
(قَوْلُهُ أَيْ مُتَفَرِّقَةٌ) وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 4] أَيْ لَمُخْتَلِفٌ فِي الْجَزَاءِ تَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ سُفْلٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا ضِدُّ الْعُلْوِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ اللَّامِ فِيهِمَا ط عَنْ الْحَمَوِيِّ.
(قَوْلُهُ مِنْ أَنْ يَتِدَ) أَصْلُهُ يُوتِدُ حُذِفَتْ الْوَاوُ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَالْوَتَدُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبِنَايَةِ كَالْخَازُوقِ الْقِطْعَةُ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ الْحَدِيدِ يُدَقُّ فِي الْحَائِطِ لِيُعَلَّقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ يُرْبَطَ بِهِ. وَفِي الْبَحْرِ أَيْضًا: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى مَنْعِهِ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ وَوَضْعِ الْجُذُوعِ وَهَدْمِ سُفْلِهِ وَقَيَّدَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الْجِدَارِ احْتِرَازًا عَنْ تَصَرُّفِهِ فِي سَاحَةِ السُّفْلِ فَذَكَرَ قَاضِي خَانُ لَوْ حَفَرَ صَاحِبُ السُّفْلِ فِي سَاحَتِهِ بِئْرًا وَمَا أَشْبَهَهُ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَإِنْ تَضَرَّرَ صَاحِبُ الْعُلْوِ وَعِنْدَهُمَا الْحُكْمُ مَعْلُولٌ بِعِلَّةِ الضَّرَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِفَتْحٍ أَوْ ضَمٍّ) أَيْ مَعَ تَشْدِيدِ الْوَاوِ وَيُجْمَعُ الْأَوَّلُ عَلَى كَوَّاتٍ كَحَبَّةٍ وَحَبَّاتٍ وَالثَّانِي عَلَى كُوَاءٍ بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ كَمُدْيَةٍ وَمُدًى ط وَالْكَوَّةُ ثُقْبُ الْبَيْتِ وَتُسْتَعَارُ لِمَفَاتِيحِ الْمَاءِ إلَى الْمَزَارِعِ وَالْجَدَاوِلِ بَحْرٌ عَنْ الْمُغْرِبِ، وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يُفْتَحُ فِي حَائِطِ الْبَيْتِ لِأَجْلِ الضَّوْءِ أَوْ مَا يُخْرَقُ فِيهِ بِلَا نَفَاذٍ لِأَجْلِ وَضْعِ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ الطَّاقَةُ) تَفْسِيرٌ لِلْكَوَّةِ لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ الطَّاقُ مَا عُطِفَ مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي اللُّغَةِ بِالتَّاءِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا بِالْعَكْسِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ ذُو السُّفْلِ يُمْنَعُ ذُو الْعُلْوِ وَعِبَارَةُ الْمَجْمَعِ وَكُلٌّ مِنْ صَاحِبِ عُلْوٍ وَسُفْلٍ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ وَأَجَازَهُ إنْ لَمْ يُضِرَّ بِهِ وَفِي الْعَيْنِيِّ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْعُلْوِ شَيْئًا أَوْ بَيْتًا أَوْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعًا أَوْ يُحْدِثَ كَنِيفًا اهـ، وَكَذَا جَعَلَهُ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى الْخِلَافِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ قِسْمَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِ فَقِيلَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ مَا بَدَا لَهُ مَا لَمْ يُضِرَّ بِالسُّفْلِ وَقِيلَ وَإِنْ أَضَرَّ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا أَشْكَلَ أَنَّهُ يَضُرُّ أَوْ لَا لَا يَمْلِكُ وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ يَمْلِكُ.
(قَوْلُهُ وَقَالَا إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ قِيلَ مَا حَكَى عَنْهُمَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ مَا فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ لَا مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ وَهُوَ مَا فِيهِ شَكٌّ فَمَا لَا شَكَّ فِي عَدَمِ ضَرَرِهِ كَوَضْعِ مِسْمَارٍ صَغِيرٍ أَوْ وَسَطٍ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَمَا فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ كَفَتْحِ الْبَابِ يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ اتِّفَاقًا وَمَا يُشَكُّ فِي التَّضَرُّرِ بِهِ كَدَقِّ الْوَتَدِ فِي الْجِدَارِ أَوْ السَّقْفِ فَعِنْدَهُمَا لَا يُمْنَعُ وَعِنْدَهُ يُمْنَعُ اهـ وَفِي قِسْمَةِ الْمُنْيَةِ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَشْكَلَ فَعِنْدَهُ يُمْنَعُ وَعِنْدَهُمَا لَا اهـ وَكَذَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَرِيبًا أَنَّهُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى.
مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ انْهَدَمَ الْمُشْتَرَكُ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءَ وَأَبَى الْآخَرُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ إلَخْ) أَيْ بِنَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ هَدَمَهُ فَقَدْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ هَدْمُهُ فَلَوْ هَدَمَهُ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ، لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَى حَقِّ صَاحِبِ الْعُلْوِ وَهُوَ قَرَارُ الْعُلْوِ.
(قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْعَيْنِيِّ) حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا انْهَدَمَتْ فَبَنَاهَا أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ، لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ إذَا هُوَ لَيْسَ بِمُضْطَرٍّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْسِمَ عَرْصَتَهَا، وَيَبْنِيَ فِي نَصِيبِهِ وَصَاحِبُ الْعُلْوِ لَيْسَ كَذَلِكَ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ الدَّارُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَعَلَى هَذَا إذَا انْهَدَمَ بَعْضُ الدَّارِ أَوْ بَعْضُ الْحَمَّامِ فَأَصْلَحَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إذْ لَا يُمْكِنُهُ قِسْمَةُ بَعْضِهِ، وَلَوْ انْهَدَمَ كُلُّهُ فَعَلَى التَّفْصِيلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
الَّذِي ذَكَرْنَاهُ اهـ أَيْ إنْ أَمْكَنَهُ قِسْمَةُ الْعَرْصَةِ لِيَبْنِيَ فِي نَصِيبِهِ لَا يَكُونُ مُضْطَرًّا وَإِلَّا كَانَ مُضْطَرًّا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا انْهَدَمَ كُلُّ الدَّارِ وَالْحَمَّامِ فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ قِسْمَةُ الْعَرْصَةِ فَيَبْنِي فِي نَصِيبِهِ لَا يَكُونُ مُضْطَرًّا فَلَوْ عَمَّرَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا إذَا أَمْكَنَهُ إعَادَةُ الْعَرْصَةِ دَارًا أَوْ حَمَّامًا كَمَا كَانَتْ لَا مُطْلَقُ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ الْعَرْصَةِ فَهُوَ مُضْطَرٌّ وَإِنْ انْهَدَمَ بَعْضُ الْحَمَّامِ أَوْ بَعْضُ الدَّارِ فَهُوَ مُضْطَرٌّ أَيْضًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ صَغِيرَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا، فَإِنَّهُ يَقْسِمُهَا فَإِنْ خَرَجَ الْمُنْهَدِمُ فِي نَصِيبِهِ بَنَاهُ أَوْ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ يَفْعَلُ بِهِ شَرِيكُهُ مَا أَرَادَ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ ضَابِطًا فَقَالَ كُلُّ مَنْ أُجْبِرَ أَنْ يَفْعَلَ مَعَ شَرِيكِهِ، فَإِذَا فَعَلَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ أَمْرِ الْآخَرِ لَمْ يَرْجِعْ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُجْبِرَ مِثْلُ كَرْيِ الْأَنْهَارِ وَإِصْلَاحِ السَّفِينَةِ الْمَعِيبَةِ وَفِدَاءِ الْعَبْدِ الْجَانِي وَإِنْ لَمْ يُجْبِرْ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا كَمَسْأَلَةِ انْهِدَامِ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ اهـ وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى الدَّابَّةِ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَرْجِعْ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِهِ إلَى الْقَاضِي لِيُجْبِرَ بِخِلَافِ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ لَا يُجْبِرُ شَرِيكَهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ فَكَانَ مُضْطَرًّا اهـ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِيهِ وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ إنْ بَنَى السُّفْلَ بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ بِهِ يُفْتَى، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الرُّجُوعِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ يَوْمَ الْبِنَاءِ لَا يَوْمَ الرُّجُوعِ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ وَمِمَّا قَبْلَهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُضْطَرَّ بِأَنْ أَمْكَنَهُ الْقِسْمَةُ فَعَمَّرَ بِلَا أَمْرٍ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ مَعَهُ كَكَرْيِ النَّهْرِ وَنَحْوِهِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ شَرِيكُهُ لَا يُجْبَرُ كَمَسْأَلَةِ السُّفْلِ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بَلْ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ إنْ بَنَى بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ الْبِنَاءِ وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا آخِرَ الشَّرِكَةِ وَكُنْتُ نَظَمْتُ ذَلِكَ بِقَوْلِي.
وَإِنْ يُعَمِّرْ الشَّرِيكُ الْمُشْتَرَكْ
…
بِدُونِ إذْنٍ لِلرُّجُوعِ مَا مَلَكْ
إنْ لَمْ يَكُنْ لِذَاكَ مُضْطَرًّا بِأَنْ
…
أَمْكَنَهُ قِسْمَةُ ذَلِكَ السَّكَنْ
أَمَّا إذَا اُضْطُرَّ لِذَا وَكَانَ مَنْ
…
أَبَى عَلَى التَّعْمِيرِ يُجْبَرُ فَإِنْ
بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ قَاضٍ يَرْجِعُ
…
وَفِعْلُهُ بِدُونِ ذَا تَبَرُّعُ
ثُمَّ إذَا اُضْطُرَّ وَلَا جَبْرَ كَمَا
…
فِي السُّفْلِ وَالْجِدَارِ يَرْجِعُ بِمَا
أَنْفَقَهُ إنْ كَانَ بِالْإِذْنِ بَنَى
…
لِذَا وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَا.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ إذَا بَنَى السُّفْلَ، فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ السُّفْلِ مِنْ السُّكْنَى حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا وَكَذَا حَائِطٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ لَهُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ فَبَنَى أَحَدُهُمَا فَلَهُ مَنْعُ الْآخَرِ مِنْ وَضْعِ الْخَشَبِ حَتَّى يُعْطِيَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْعُلْوِ حَقٌّ فِي مِلْكِ الْآخَرِ لِذِي الْعُلْوِ حَقُّ قَرَارِهِ وَلِذِي السُّفْلِ حَقُّ دَفْعِ الْمَطَرِ وَالشَّمْسِ عَنْ السُّفْلِ اهـ ثُمَّ نَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا لَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ وَذُو الْعُلْوِ عُلْوَهُ أُخِذَ ذُو السُّفْلِ بِبِنَاءِ سُفْلِهِ إذْ فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقًّا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ عَلَى ذِي الْعُلْوِ وَظَاهِرُ الْفَتْحِ خِلَافُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَنَى ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ وَطَلَبَ مِنْ ذِي الْعُلْوِ بِنَاءَ عُلْوِهِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ اهـ أَيْ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ هَدَمَ عُلْوَهُ فَيُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ بَعْدَمَا بَنَى ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ لَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا أُجْبِرَ لِأَنَّ لِذِي السُّفْلِ حَقًّا فِي الْعُلْوِ كَمَا عَلِمْتَ وَأَمَّا لَوْ انْهَدَمَ الْعُلْوُ بِلَا صُنْعِهِ فَلَا يُجْبَرُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِيمَا لَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ سَقْفُ السُّفْلِ وَجُذُوعُهُ وَهَرَادِيهِ وَبِوَارِيهِ وَطِينُهُ لِذِي السُّفْلِ قَالَ: ذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ أَنَّ الْهَرَادِيَّ مَا يُوضَعُ فَوْقَ السَّقْفِ مِنْ قَصَبٍ أَوْ عَرِيشٍ اهـ.
(زَائِغَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ) أَيْ سِكَّةٌ طَوِيلَةٌ (يَتَشَعَّبُ عَنْهَا) سِكَّةٌ (مِثْلُهَا) لَكِنْ (غَيْرُ نَافِذَةٍ) إلَى مَحَلٍّ آخَرَ (يُمْنَعُ أَهْلُ الْأُولَى عَنْ فَتْحِ بَابٍ) لِلْمُرُورِ لَا لِلِاسْتِضَاءَةِ وَالرِّيحِ عَيْنِيٌّ -
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: لَكِنْ فِي الْمُغْرِبِ عَنْ اللَّيْثِ الْهُرْدِيَّةُ قُضْبَانٌ تُضَمُّ مَلْوِيَّةً بِطَاقَاتٍ مِنْ الْكَرْمِ يُرْسَلُ عَلَيْهَا قُضْبَانُ الْكَرْمِ اهـ فَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى فِي عُرْفِنَا سَقَّالَةً هَذَا وَذَكَرَ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَنَّ تَطْيِينَ سَقْفِ السُّفْلِ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا ذُو الْعُلْوِ فَلِعَدَمِ وُجُوبِ إصْلَاحِ مِلْكِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ وَإِنْ تَلِفَ الطِّينُ بِالسَّكَنِ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا إلَّا إذَا تَعَدَّى بِإِزَالَتِهِ فَيَضْمَنُهُ، وَأَمَّا ذُو السُّفْلِ فَلِعَدَمِ إجْبَارِهِ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ فَإِنْ شَاءَ طَيَّنَهُ وَرَفَعَ ضَرَرَهُ وَكَفَّ الْمَاءَ عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ تَحَمَّلَ ضَرَرَهُ.
[تَتِمَّةٌ] فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ جِدَارٌ بَيْنَهُمَا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُمُولَةٌ فَوَهَى الْحَائِطُ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا رَفْعَهُ لِيُصْلِحَهُ وَأَبَى الْآخَرُ، يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مُرِيدُ الْإِصْلَاحِ لِلْآخَرِ ارْفَعْ حُمُولَتَكَ بِأُسْطُوَانَاتٍ وَعُمُدٍ وَيُعْلِمَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ رَفْعَهُ فِي وَقْتِ كَذَا وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَوْ فَعَلَهُ وَإِلَّا فَلَهُ رَفْعُ الْجِدَارِ فَلَوْ سَقَطَتْ حُمُولَتُهُ لَمْ يَضْمَنْ اهـ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا إذَا احْتَاجَ السُّفْلُ إلَى الْعِمَارَةِ فَتَعْلِيقُ الْعُلْوِ عَلَى صَاحِبِهِ وَهَذِهِ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ لَمْ أَجِدْ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ زَائِغَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ) وَفِي التَّهْذِيبِ: الزَّائِغَةُ الطَّرِيقُ الَّذِي حَادَ عَنْ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ اهـ مِنْ زَاغَتْ الشَّمْسُ إذَا مَالَتْ وَالْمُسْتَطِيلَةُ الطَّوِيلَةُ مِنْ اسْتَطَالَ بِمَعْنَى طَالَ أَفَادَ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ مِثْلُهَا) أَيْ طَوِيلَةٌ احْتِرَازًا عَنْ الْمُسْتَدِيرَةِ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ لَكِنْ غَيْرُ نَافِذَةٍ) أَفَادَ أَنَّ الْأُولَى نَافِذَةٌ وَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ أَطْلَقَهَا أَيْ الْأُولَى تَبَعًا لِأَكْثَرِ الْكُتُبِ، وَقَيَّدَهَا فِي النِّهَايَةِ تَبَعًا لِلْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ والتمرتاشي بِغَيْرِ النَّافِذَةِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ مِثْلُهَا غَيْرُ نَافِذَةٍ اهـ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَيْرَ نَافِذَةٍ بَيَانٌ لِوَجْهِ الْمُمَاثَلَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُتَبَادِرُ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي الطُّولِ وَغَيْرَ نَافِذَةٍ حَالٌ لِبَيَانِ قَيْدٍ زَائِدٍ فِيهَا عَلَى الْأُولَى، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا تَكُونَ الثَّانِيَةُ مُقَيَّدَةً بِكَوْنِهَا طَوِيلَةً، فَيَشْمَلُ الْمُسْتَدِيرَةَ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَاسْتَظْهَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إطْلَاقَ الْأُولَى إذْ لَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهَا نَافِذَةً أَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ لِامْتِنَاعِ مُرُورِ أَهْلِهَا فِي الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمُتَشَعِّبَةِ كَمَا يَأْتِي. قُلْتُ: لَكِنْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ فِي الْأُولَى بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا تَعْرِفُهُ.
(قَوْلُهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ) مُتَعَلِّقٌ بِنَافِذَةٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الطَّرِيقُ الْعَامُّ أَوْ مَا يُتَوَصَّلُ مِنْهُ إلَيْهِ احْتِرَازًا عَنْ النَّافِذَةِ إلَى سِكَّةٍ أُخْرَى غَيْرِ نَافِذَةٍ.
مَطْلَبٌ فِي فَتْحِ بَابٍ آخَرَ لِلدَّارِ
(قَوْلُهُ عَنْ فَتْحِ بَابٍ لِلْمُرُورِ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ لَا يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ بَلْ مِنْ الْمُرُورِ لِأَنَّ لَهُ رَفْعَ كُلِّ جِدَارِهِ فَكَذَا لَهُ رَفْعُ بَعْضِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْفَتْحِ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَةِ بِنَصِّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ بَعْدَ الْفَتْحِ لَا يُمْكِنُ إذْ تَمَكُّنُ مُرَاقَبَتِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا فِي الْخُرُوجِ لِيَخْرُجَ وَلِأَنَّهُ عَسَاهُ يَدَّعِي بَعْدَ تَرْكِيبِ الْبَابِ وَطُولِ الزَّمَانِ حَقًّا فِي الْمُرُورِ وَيَسْتَدِلُّ عَلَيْهِ بِتَرْكِيبِ الْبَابِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا لِلِاسْتِضَاءَةِ وَالرِّيحِ) قَالَ الْعَيْنِيُّ بَعْدَ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَلَكِنْ هَذَا فِيمَا إذَا أَرَادَ بِفَتْحِ الْبَابِ الْمُرُورَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا أَرَادَ بِهِ الِاسْتِضَاءَةَ وَالرِّيحَ دُونَ الْمُرُورِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ كَذَا نَقَلَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ اهـ
(فِي الْقُصْوَى) الْغَيْرِ النَّافِذَةِ عَلَى الصَّحِيحِ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْمُرُورِ بِخِلَافِ النَّافِذَةِ (وَفِي زَائِغَةٍ مُسْتَدِيرَةٍ لُزِقَ) أَيْ اتَّصَلَ (طَرَفَاهَا) أَيْ نِهَايَةُ سَعَةِ اعْوِجَاجِهَا بِالْمُسْتَطِيلَةِ (لَا) يُمْنَعُ لِأَنَّهَا كَسَاحَةٍ مُشْتَرَكَةٍ فِي دَارٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ مُرَبَّعَةً فَإِنَّهَا كَسِكَّةٍ فِي سِكَّةٍ وَلِذَا يُمْكِنُهُمْ نَصْبُ الْبَوَّابَةِ ابْنُ كَمَالٍ بِهَذِهِ الصُّورَةِ.
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: هَذَا إذَا كَانَ الْبَابُ عَالِيًا لَا يَصْلُحُ لِلْمُرُورِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ التَّعْلِيلُ الْمَارُّ وَإِلَّا كَانَ قَوْلَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ بِعَيْنِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصَحِّ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُهُ وَهُوَ مَسْأَلَةُ الطَّاقَةِ الْآتِيَةِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ فِي الْقُصْوَى) أَيْ الْبُعْدَى وَهِيَ الْمُتَشَعِّبَةُ مِنْ الْأُولَى الْغَيْرِ النَّافِذَةِ أَمَّا النَّافِذَةُ فَلَا مَنْعَ مِنْ الْفَتْحِ فِيهَا لِأَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ حَقَّ الْمُرُورِ فِيهَا.
(قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) مُقَابِلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْفَتْحِ بَلْ مِنْ الْمُرُورِ.
(قَوْلُهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْمُرُورِ) أَيْ لَا حَقَّ لِأَهْلِ الزَّائِغَةِ الْأُولَى فِي الْمُرُورِ فِي الزَّائِغَةِ الْقُصْوَى، بَلْ هُوَ لِأَهْلِهَا عَلَى الْخُصُوصِ، وَلِذَا لَوْ بِيعَتْ دَارٌ فِي الْقُصْوَى لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الْأُولَى شُفْعَةٌ فِيهَا كَذَا فِي الْفَتْحِ: أَيْ لَا شُفْعَةَ لَهُمْ بِحَقِّ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ إذْ لَوْ كَانَ جَارًا مُلَاصِقًا كَانَ لَهُ الشُّفْعَةُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ ثُمَّ قَالَ فِي الْفَتْحِ بِخِلَافِ أَهْلِ الْقُصْوَى، فَإِنَّ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي الْأُولَى لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُرُورِ فِيهَا اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: هَذَا إذَا فَتَحَ فِي جَانِبٍ يَدْخُلُ مِنْهُ إلَيْهَا، أَمَّا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ غَيْرِ النَّافِذِ فَلَا اهـ وَفِيهِ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ يُفِيدُهَا التَّعْلِيلُ أَيْضًا، وَهِيَ أَنَّ الزَّائِغَةَ الْأُولَى إذَا كَانَتْ غَيْرَ نَافِذَةٍ وَأَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ الْقُصْوَى فَتْحَ بَابٍ فِي الْأُولَى لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ دَارُهُ مُتَّصِلَةً بِرُكْنِ الْأُولَى، وَكَانَتْ مِنْ جَانِبِ الدُّخُولِ إلَى الْقُصْوَى أَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ الْجَانِبِ الثَّانِي فَلَا، إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمُرُورِ فِي الْجَانِبِ الثَّانِي، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى نَافِذَةً فَإِنَّ لَهُ الْمُرُورَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَيَكُونُ لَهُ فَتْحُ الْبَابِ مِنْ الْجَانِبِ الثَّانِي أَيْضًا، وَبِهِ يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِ الْأُولَى نَافِذَةً أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّمْلِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الْأُولَى نَافِذَةً وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ نَافِذَةٍ يُدَّعَى تَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ.
[تَنْبِيهٌ] يُعْلَمُ مِمَّا هُنَا أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ فَتْحَ بَابٍ أَسْفَلَ مِنْ بَابِهِ وَالسِّكَّةُ غَيْرُ نَافِذَةٍ يُمْنَعُ مِنْهُ وَقِيلَ لَا وَفِي كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ وَالْفَتْوَى قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْمُتُونُ عَلَى الْمَنْعِ فَلْيَكُنْ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَفِي زَائِغَةٍ مُسْتَدِيرَةٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ يَتَشَعَّبُ عَنْهَا مِثْلُهَا، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا الطَّوِيلَةُ وَيُقَابِلُهَا الْمُسْتَدِيرَةُ وَفِي حَاشِيَةِ الْوَانِيِّ عَلَى الدُّرَرِ هَذَا إذَا كَانَتْ أَيْ الْمُسْتَدِيرَةُ مِثْلَ نِصْفِ دَائِرَةٍ أَوْ أَقَلَّ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يُفْتَحُ فِيهَا الْبَابُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأُولَى تَصِيرُ سَاحَةً مُشْتَرَكَةً بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ دَاخِلُهَا أَوْسَعَ مِنْ مَدْخَلِهَا يَصِيرُ مَوْضِعًا آخَرَ غَيْرَ تَابِعٍ لِلْأَوَّلِ كَذَا قِيلَ اهـ وَقَائِلُهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَمُنْلَا مِسْكِينٌ وَرَدَّهُ ابْنُ كَمَالٍ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا كَسَاحَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ لِكُلٍّ حَقَّ الْمُرُورِ إذْ هِيَ سَاحَةٌ مُشْتَرَكَةٌ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ فِيهَا اعْوِجَاجًا وَلِهَذَا يَشْتَرِكُونَ فِي الشُّفْعَةِ إذَا بِيعَتْ دَارٌ مِنْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِذَا يُمْكِنُهُمْ نَصْبُ الْبَوَّابَةِ) لَمْ أَرَ فِيمَا عِنْدِي مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ لَفْظَ الْبَوَّابَةِ وَهِيَ فِي عُرْفِ النَّاسِ الْيَوْمُ اسْمُ الْبَابِ الْكَبِيرِ الَّذِي يُنْصَبُ فِي رَأْسِ السِّكَّةِ أَوْ الْمَحَلَّةِ مَثَلًا وَعِبَارَةُ ابْنِ كَمَالٍ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ وَلِذَا يُمْكِنُهُمْ نَصْبُ الدَّرْبِ، وَفِي الْقَامُوسِ، الدَّرْبُ بَابُ السِّكَّةِ الْوَاسِعُ وَالْبَابُ الْأَكْبَرُ جَمْعُهُ دِرَابٌ.
(قَوْلُهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ) اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ فِي كَيْفِيَّةِ رَقْمِهَا وَلْنُصَوِّرْهَا بِصُورَةٍ جَامِعَةٍ لِلْمُسْتَطِيلَةِ الْمُتَشَعِّبِ عَنْهَا مُسْتَطِيلَةٌ مِثْلُهَا نَافِذَةً وَغَيْرَ نَافِذَةٍ وَمُسْتَدِيرَةٌ وَمُرَبَّعَةٌ هَكَذَا:
(وَلَا يُمْنَعُ الشَّخْصُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ إلَّا إذَا كَانَ الضَّرَرُ) بِجَارِهِ ضَرَرًا -
ــ
[رد المحتار]
فَالدَّارُ الثَّالِثَةُ الَّتِي فِي رُكْنِ الْمُتَشَعِّبَةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ لَوْ كَانَ بَابُهَا فِي الطَّوِيلَةِ يُمْنَعُ صَاحِبُهَا عَنْ فَتْحِ الْبَابِ فِي الْمُتَشَعِّبَةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِيهَا وَلَوْ كَانَ بَابُهَا فِي الْمُتَشَعِّبَةِ لَا يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ بَابٍ فِي الْأُولَى الطَّوِيلَةِ وَأَمَّا الدَّارُ الرَّابِعَةُ الَّتِي فِي الرُّكْنِ الثَّانِي لَوْ كَانَ بَابُهَا فِي الطَّوِيلَةِ يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِهِ فِي الْمُتَشَعِّبَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْمُتَشَعِّبَةِ يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِهِ فِي الطَّوِيلَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ لَكِنْ هَذَا إذَا كَانَتْ الطَّوِيلَةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ بِخِلَافِ النَّافِذَةِ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُرُورِ حِينَئِذٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا قُلْنَا فِيمَا مَرَّ. وَأَمَّا الدَّارُ الْخَامِسَةُ الَّتِي فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُتَشَعِّبَةِ الثَّانِيَةِ النَّافِذَةِ فَلِصَاحِبِهَا فَتْحُ بَابٍ فِيهَا وَفِي الطَّوِيلَةِ بِخِلَافِ الدَّارِ السَّادِسَةِ الَّتِي فِي الرُّكْنِ الثَّانِي مِنْ الْمُتَشَعِّبَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ بَابُهُ فِيهَا يُمْنَعُ مِنْ الْفَتْحِ فِي الطَّوِيلَةِ لَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ لَا لَوْ نَافِذَةً لِمَا عَلِمْتَ.
مَطْلَبٌ اقْتَسَمُوا دَارًا وَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ فَتْحَ بَابٍ لَهُمْ ذَلِكَ.
[تَتِمَّةٌ] فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ اقْتَسَمُوهَا وَأَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمْ فَتْحَ بَابٍ وَحْدَهُ لَيْسَ لِأَهْلِ السِّكَّةِ مَنْعُهُمْ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَرَادُوا فَتْحَ الْأَبْوَابِ فِيمَا قَبْلَ الْبَابِ الْقَدِيمِ لَا فِيمَا بَعْدَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ التَّعْوِيلِ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ نَعَمْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الْمُصَحَّحِ أَيْضًا لَا تَفْصِيلَ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُنْيَةِ دَارٌ لِرَجُلٍ بَابُهَا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَاشْتَرَى بِجَنْبِهَا دَارًا بَابُهَا فِي سِكَّةٍ أُخْرَى لَهُ فَتْحُ بَابٍ لَهَا فِي دَارِهِ الْأُولَى لَا فِي السِّكَّةِ الْأُولَى وَبِهِ أَفْتَى أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ وَقَالَ أَبُو نُصَيْرٍ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ أَهْلَ السِّكَّةِ شُرَكَاءُ فِيهَا بِدَلِيلِ ثُبُوتِ حَقِّ الشُّفْعَةِ لِلْكُلِّ اهـ مُلَخَّصًا.
قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُمْنَعُ الشَّخْصُ إلَخْ) هَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُخَالِفُ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّ الْمَنْعَ فِيهَا مِنْ تَصَرُّفِ ذِي السُّفْلِ مُطْلَقٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ مُضِرًّا ضَرَرًا بَيِّنًا أَوْلَى وَهُنَا الْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِالضَّرَرِ الْبَيِّنِ وَلَا سِيَّمَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْآتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مُطْلَقًا نَعَمْ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ الْمَنْعُ فِي الضَّرَرِ الْبَيِّنِ وَالْمُشْكِلِ تَنْدَفِعُ الْمُخَالَفَةُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ لَيْسَتْ مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَإِنَّ مَا هُنَا فِي تَصَرُّفِ الشَّخْصِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ الَّذِي لَا حَقَّ لِلْجَارِ فِيهِ وَمَا مَرَّ فِي تَصَرُّفِهِ فِيمَا فِيهِ حَقٌّ لِلْجَارِ، فَإِنَّ السُّفْلَ وَإِنْ كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِهِ إلَّا أَنَّ لِذِي الْعُلْوِ حَقًّا فِيهِ فَلِذَا أَطْلَقَ الْمَنْعَ فِيهِ وَلِذَا لَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْلِ
(بَيِّنًا) فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بَزَّازِيَّةٌ، وَاخْتَارَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ، حَتَّى يَمْنَعُ الْجَارَ مِنْ فَتْحِ الطَّاقَةِ، وَهَذَا جَوَابُ الْمَشَايِخِ اسْتِحْسَانًا، وَجَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا وَبِهِ أَفْتَى طَائِفَةٌ، كَالْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ وَابْنِ الشِّحْنَةِ وَوَالِدِهِ وَرَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ وَفِي قِسْمَةِ الْمُجْتَبَى وَبِهِ يُفْتَى، وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّةَ فَقَالَ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ قُلْتُ: وَحَيْثُ تَعَارَضَ مَتْنُهُ وَشَرْحُهُ فَالْعَمَلُ عَلَى الْمُتُونِ كَمَا تَقَرَّرَ مِرَارًا فَتَدَبَّرْ. قُلْتُ: وَبَقِيَ مَا لَوْ أَشْكَلَ هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا، وَقَدْ حَرَّرَ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ الْمَنْعَ -
ــ
[رد المحتار]
سُفْلَهُ يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَاغْتَنِمْهُ.
(قَوْلُهُ بَيِّنًا) أَيْ ظَاهِرًا وَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا.
(قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ) حَيْثُ قَالَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ وَلَوْ أَضَرَّ بِغَيْرِهِ لَكِنْ تُرِكَ الْقِيَاسُ فِي مَحَلٍّ يُضِرُّ بِغَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا وَقِيلَ بِالْمَنْعِ وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.
قُلْتُ: قَوْلُهُ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ تُرِكَ الْقِيَاسُ فَلَيْسَ قَوْلًا ثَالِثًا، نَعَمْ وَقَعَ فِي الْخَيْرِيَّةِ: وَقِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا إلَخْ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِالْمَنْعِ سَوَاءٌ كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا أَوْ لَا لَكِنْ عَزَا فِي الْخَيْرِيَّةِ ذَلِكَ إلَى التَّتَارْخَانِيَّة وَالْعِمَادِيَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ كَمَا رَأَيْتَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ مُطْلَقًا سَبْقُ قَلَمٍ؛ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْفَتْحِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَفْعَلَ الْمَالِكُ مَا بَدَا لَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَكِنْ تُرِكَ الْقِيَاسُ فِي مَوْضِعٍ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا فَاحِشًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْبَيِّنِ وَهُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ، أَوْ يَخْرُجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ مَا يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الْأَصْلِيَّةَ كَسَدِّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ وَاخْتَارُوا الْفَتْوَى عَلَيْهِ فَأَمَّا التَّوَسُّعُ إلَى مَنْعِ كُلِّ ضَرَرٍ مَا فَيَسُدُّ بَابَ انْتِفَاعِ الْإِنْسَانِ بِمِلْكِهِ كَمَا ذَكَرْنَا قَرِيبًا اهـ مُلَخَّصًا فَانْظُرْ كَيْفَ جَعَلَ الْمُفْتَى بِهِ الْقِيَاسَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الضَّرَرُ بَيِّنًا لَا مُطْلَقًا، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ لَهُ شَجَرَةٌ مَمْلُوكَةٌ يَسْتَظِلُّ بِهَا جَارُهُ وَأَرَادَ قَطْعَهَا أَنْ يُمْنَعَ لِتَضَرُّرِ الْجَارِ بِهِ كَمَا قَرَّرَهُ فِي الْفَتْحِ قَبْلَهُ.
قُلْتُ: وَأَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَنَّ سَدَّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ مَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الْكِتَابَةِ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لِلْمَكَانِ كَوَّتَانِ مَثَلًا فَسَدَّ الْجَارُ ضَوْءَ إحْدَاهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ لَا يُمْنَعُ إذَا كَانَ يُمْكِنُ الْكِتَابَةُ بِضَوْءِ الْأُخْرَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَوْءَ الْبَابِ لَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِغَلْقِهِ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا حَرَّرْتُهُ فِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ. وَفِي الْبَحْرِ: وَذَكَرَ الرَّازِيّ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْسَانِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِي دَارِهِ تَنُّورًا لِلْخَبْزِ الدَّائِمِ كَمَا يَكُونُ فِي الدَّكَاكِينِ أَوْ رَحَى لِلطَّحْنِ أَوْ مِدَقَّاتٍ لِلْقَصَّارِينَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يُضِرُّ بِجِيرَانِهِ ضَرَرًا فَاحِشًا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَأْتِي مِنْهُ الدُّخَانُ الْكَثِيرُ، وَالرَّحَى وَالدَّقُّ يُوهِنُ الْبِنَاءَ، بِخِلَافِ الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ إلَّا بِالنَّدَاوَةِ وَيُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بِأَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ، بِخِلَافِ التَّنُّورِ الْمُعْتَادِ فِي الْبُيُوتِ اهـ وَصَحَّحَ النَّسَفِيُّ فِي حَمَّامٍ أَنَّ الضَّرَرَ لَوْ فَاحِشًا يُمْنَعُ وَإِلَّا فَلَا وَتَمَامُهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ حَتَّى يَمْنَعُ الْجَارَ مِنْ فَتْحِ الطَّاقَةِ) أَيْ يَكُونُ فِيهَا ضَرَرٌ بَيِّنٌ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ لَمَّا سُئِلَ هَلْ يُمْنَعُ الْجَارُ أَنْ يَفْتَحَ كَوَّةً يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ وَعِيَالِهِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ اهـ، وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُضْمِرَاتِ شَرْحُ الْقُدُورِيِّ: إذَا كَانَتْ الْكَوَّةُ لِلنَّظَرِ وَكَانَتْ السَّاحَةُ مَحَلَّ الْجُلُوسِ لِلنِّسَاءِ يُمْنَعُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَأَقُولُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ حَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ الضَّرَرَ الْبَيِّنَ لِوُجُودِهَا فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ) حَيْثُ قَالَ وَالْوَجْهُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
(قَوْلُهُ ثَمَّةَ) أَيْ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ فِي الْمِنَحِ.
(قَوْلُهُ فَالْعَمَلُ عَلَى الْمُتُونِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا لَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَتْنٍ مَعَ شَرْحٍ بَلْ هَذَا فِي نَحْوِ الْمُتُونِ الْقَدِيمَةِ ط أَيْ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِهَا وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ
قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ أَنَّهُ لَا يَتِدُ إذَا أَضَرَّ وَكَذَا إنْ أَشْكَلَ عَلَى الْمُخْتَارِ لِلْفَتْوَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، قَالَ الْمُحَشِّي فَكَذَا تَصَرُّفُهُ فِي مِلْكِهِ إنْ أَضَرَّ أَوْ أَشْكَلَ (يُمْنَعُ وَإِنْ لَمْ يُضِرَّ لَمْ يُمْنَعْ) قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ، فَلْيُغْتَنَمْ فَإِنَّهُ مِنْ خَوَاصِّ كِتَابِي انْتَهَى.
(ادَّعَى) عَلَى آخَرَ (هِبَةً) مَعَ قَبْضٍ (فِي وَقْتٍ فَسُئِلَ) الْمُدَّعِي (بَيِّنَةً فَقَالَ) قَدْ (جَحَدَنِيهَا) أَيْ الْهِبَةَ (فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ) أَيْ جَحَدَنِيهَا.
ــ
[رد المحتار]
الشَّارِحِ الْمَيْلُ إلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَتْنِهِ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِدَفْعِ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ عَنْ الْجَارِ الْمَأْمُورِ بِإِكْرَامِهِ، وَلِذَا كَانَ هُوَ الِاسْتِحْسَانَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ مَشَايِخُ الْمَذْهَبِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُعْتَمَدَانِ يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا بِمَا ذَكَرْنَا وَالْآخَرُ بِكَوْنِهِ أَصْلَ الْمَذْهَبِ.
(قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ السُّفْلِ إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ مَعَ أَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ وَذَلِكَ أَنَّكَ عَلِمْتَ أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ فِي مَسْأَلَتِنَا عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، وَخَالَفَ الْمَشَايِخُ أَصْلَ الْمَذْهَبِ فِيمَا إذَا كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْبَيِّنِ مُخْرِجٌ لِلْمُشْكِلِ فَالْقَوْلُ بِمَنْعِ الْمُشْكِلِ مُخَالِفٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْمُشْكِلِ فِي مَسْأَلَةِ السُّفْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْمُتُونَ الْمَوْضُوعَةَ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ مَاشِيَةٌ عَلَى مَنْعِ التَّصَرُّفِ فِيهَا عَكْسَ مَسْأَلَتِنَا.
وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْمُخْتَارَ تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِالْمُضِرِّ أَوْ الْمُشْكِلِ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِيمَا لِلْجَارِ فِيهِ حَقٌّ وَهُوَ صَاحِبُ الْعُلْوِ فَالْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ جَوَازِ التَّصَرُّفِ إلَّا بِإِذْنِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْجَوَازُ لِكَوْنِهِ تَصَرُّفًا فِي خَالِصِ حَقِّهِ فَإِلْحَاقُ الْمُشْكِلِ فِيهَا بِالْمُشْكِلِ فِي الْأُولَى غَيْرُ صَحِيحٍ فَافْهَمْ وَهَذَا آخِرُ مَا حَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِخَطِّهِ مِنْ هَذَا الْجُزْءِ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَجْزَاءِ فَتَمَّمَهَا بِنَفْسِهِ قَبْلَ حُلُولِ رَمْسِهِ، فَبَادَرَ نَجْلُهُ السَّعِيدُ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ عَلَاءُ الدِّينِ إلَى تَكْمِلَةِ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ بِتَجْرِيدِ الْهَوَامِشِ الَّتِي بِخَطِّ وَالِدِهِ وَغَيْرِهَا عَلَى الشَّرْحِ فَقَالَ:
(بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم) بِالْمَيْلِ لِبَابِكَ يُجْبَرُ ثَلْمُ الْقُلُوبِ، وَبِالتَّرَقُّبِ لِهُبُوبِ نَسَمَاتِ مِنَحِكَ يُضْرَبُ عَلَى صَفَحَاتِ ثُقَبِ الْغُيُوبِ، يَا مَنْ بَصُرَ بِعَظِيمِ قُدْرَتِهِ الْعِبَادَ وَقَهَرَهُمْ بِهَا فَلَا يَكُونُ إلَّا مَا أَرَادَ، فَنَحْمَدُهُ بِالْحَمْدِ اللَّائِقِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى آلَائِهِ بِالشُّكْرِ الْفَائِقِ وَنُصَلِّي وَنُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ الْمُكَمِّلِ لِأُمَّتِهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ لَهِجَ بِدَعْوَتِهِ. وَبَعْدُ فَإِنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ وَالْعَلَّامَةَ الْكَامِلَ، وَحِيدَ الدَّهْرِ، وَفَرِيدَ الْعَصْرِ، سَيِّدَ الزَّمَانِ، وَسَعْدَ الْأَقْرَانِ، يَعْسُوبَ الْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ، وَمَرْجِعَ الْجَهَابِذَةِ الْفَاضِلِينَ، وَمُؤَلِّفَ هَذِهِ الْحَاشِيَةِ الْمَرْحُومَ سَيِّدِي وَأُسْتَاذِي وَوَالِدِي السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ أَفَنْدِي عَابِدِينَ، سَقَى اللَّهُ ثَرَاهُ صَوْبَ الْغُفْرَانِ، وَجَمَعَنَا وَإِيَّاهُ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ، وَأَسْكَنَنَا بُحْبُوحَةَ جَنَّتِهِ لَمَّا وَصَلَ إلَى هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ الْكِتَابِ اشْتَاقَ إلَى مُشَاهَدَةِ رَبِّ الْأَرْبَابِ، فَنَزَلَ حِيَاضَ الْمَنُونِ، وَآثَرَ الْجَدَثَ الَّذِي لَيْسَ بِمَسْكُونٍ.
وَكَانَ رحمه الله بَدَأَ أَوَّلًا فِي التَّأْلِيفِ مِنْ الْإِجَارَةِ إلَى الْآخِرِ، ثُمَّ مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَى انْتِهَاءِ هَذَا التَّحْرِيرِ الْفَاخِرِ وَتَرَكَ عَلَى نُسْخَتِهِ الدُّرَّ بَعْضَ تَعْلِيقَاتٍ وَتَحْرِيرَاتٍ وَاعْتِرَاضَاتٍ قَدْ كَادَ تَدَاوُلُ الْأَيْدِي أَنْ يُذْهِبَهَا لِعَدَمِ مَنْ يُذْهِبُهَا مَذْهَبَهَا، فَأَرَدْت أَنْ أُجَرِّدَ مَا كَتَبَهُ وَالِدِي عَلَى نُسْخَتِهِ، وَأُلْحِقَهُ بِمُسْوَدَّتِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ خَوْفَ الْغَلَطِ وَنَسَبْتِهِ إلَيْهِ، وَإِنْ رَأَيْتُ حَاشِيَةً لَيْسَتْ مِنْ خَطِّهِ أُنَبِّهُ عَلَيْهَا بِقَوْلِي كَذَا أَوْ ذَكَرَ أَوْ فِي أَوْ قَالَهُ فِي الْهَامِشِ لِعِلْمِي بِأَنَّهُ أَقَرَّهَا وَإِلَّا شَطَبْتُ عَلَيْهَا، وَمَعَ هَذَا يَلْزَمُ التَّنْبِيهُ كَمَا تَرَى، وَاَللَّهُ يَعْلَمُ وَيَرَى، وَمِنْهُ أَطْلُبُ الْإِعَانَةَ وَالتَّوْفِيقَ لِأَقْوَمِ طَرِيقٍ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِهِ وَرَضِيَ عَنْهُ آمِينَ.
(قَوْلُهُ ادَّعَى عَلَى آخَرَ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانُ: ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ
وَمُفَادُهُ الِاكْتِفَاءُ بِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ وَهُوَ مُخْتَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ، وَاخْتَارَ الْخُجَنْدِيُّ أَنَّهُ يَكْفِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا مِنْ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ وَذَاكَ دَافِعٌ، وَالظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ بَزَّازِيَّةٌ (فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى الشِّرَاءِ بَعْدَ وَقْتِهَا) أَيْ وَقْتَ الْهِبَةِ (تُقْبَلُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَقَبْلَهُ لَا) لِوُضُوحِ التَّوْفِيقِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَظُهُورِ التَّنَاقُضِ فِي الثَّانِي، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُمَا تَارِيخًا أَوْ ذَكَرَ لِأَحَدِهِمَا تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِتَأْخِيرِ الشِّرَاءِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْكَلَامَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ الثَّانِي فَقَطْ خِلَافٌ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الثَّانِي بَحْرٌ لِأَنَّ بِهِ التَّنَاقُضَ وَالتَّنَاقُضُ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ وَبِقَوْلِ الْمُتَنَاقِضِ تَرَكْتُ الْأَوَّلَ وَادَّعَى بِكَذَا أَوْ بِتَكْذِيبِ الْحَاكِمِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (كَمَا لَوْ ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهَا) أَيْ الدَّارَ مَثَلًا (وَقْفٌ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ) أَوْ ادَّعَاهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا (لِنَفْسِهِ) لَمْ تُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ، وَقِيلَ تُقْبَلُ إنْ وَفَّقَ بِأَنْ قَالَ كَانَ لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَيْتُهُ دُرَرٌ فِي أَوَاخِرِ الدَّعْوَى.
قَالَ (وَلَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ) لِنَفْسِهِ (أَوَّلًا ثُمَّ) ادَّعَى (الْوَقْفَ)
ــ
[رد المحتار]
أَخَذَ مِنْهُ مَالًا وَبَيَّنَ الْمَالَ وَوَصْفَهُ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَخَذَ فُلَانٌ آخَرُ هَذَا الْمَالَ الْمُسَمَّى فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إبْطَالًا لِدَعْوَى الْأَوَّلِ. لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ أَخَذَهُ مِنِّي فُلَانٌ آخَرُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيَّ وَأَخَذَهُ مِنِّي هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ ح.
(قَوْلُهُ بِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ) نَقَلَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّ التَّوْفِيقَ بِالْفِعْلِ شَرْطٌ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَجَوَابُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مُخْتَارُ إلَخْ) قَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ فِي فَصْلِ الْفُضُولِيِّ بِأَنْ لَا يَكُونَ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ مِنْ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ) وَهِيَ كِفَايَةُ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ مُطْلَقًا، وَعَدَمُ كِفَايَتِهِ مُطْلَقًا، وَكِفَايَتُهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا مِنْ الْمُدَّعِي، وَكِفَايَتُهُ إنْ اتَّحَدَ وَجْهُ التَّوْفِيقِ لَا إنْ تَعَدَّدَتْ وُجُوهُهُ ح كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ وَقْتِهَا) ظَرْفٌ لِلشِّرَاءِ كَقَبْلَهُ ح.
(قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) يَعْنِي مَا إذَا قَالَ جَحَدَنِيهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ ح.
(قَوْلُهُ فِي الثَّانِي) لِأَنَّهُ يَدَّعِي الشِّرَاءَ بَعْدَ الْهِبَةِ وَشُهُودَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِهِ قَبْلَهَا وَهُوَ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا، وَمُرَادُهُمْ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَالْمُدَّعِي لَا تَنَاقُضَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مَا ادَّعَى الشِّرَاءَ سَابِقًا عَلَى الْهِبَةِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الثَّانِي إلَخْ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ بِهِ التَّنَاقُضُ مِنَحٌ. وَفِي النَّهْرِ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ: وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي اشْتِرَاطُهُمَا عِنْدَ الْحَاكِمِ إذْ مِنْ شَرَائِطِ الدَّعْوَى كَوْنُهَا لَدَيْهِ اهـ وَفِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ: يَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي بَلْ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا، لِأَنَّ الَّذِي حَصَلَ سَابِقًا عَلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ لِيَتَرَتَّبَ عَلَى مَا عِنْدَهُ حُصُولُ التَّنَاقُضِ، وَالثَّابِتُ بِالْبَيَانِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ فَكَأَنَّهُمَا فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي، فَاَلَّذِي شَرَطَ كَوْنَهُمَا فِي مَجْلِسِهِ يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ فِي السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِتَكْذِيبِ الْحَاكِمِ) كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ كَفَلَ لَهُ عَنْ مَدْيُونِهِ بِأَلْفٍ فَأَنْكَرَ الْكَفَالَةَ وَبَرْهَنَ الدَّائِنُ أَنَّهُ كَفَلَ عَنْ مَدْيُونِهِ وَحَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ وَأَخَذَ الْمَكْفُولُ مِنْهُ الْمَالَ ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ ادَّعَى عَلَى الْمَدْيُونِ أَنَّهُ كَفَلَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ يُقْبَلُ عِنْدَنَا وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ بِمَا كَفَلَ، لِأَنَّهُ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بِالْقَضَاءِ كَذَا فِي الْمِنَحِ ح.
(قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَى، وَهِيَ إذَا قَالَ تَرَكْتُ أَحَدَ الْكَلَامَيْنِ يُقْبَلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: ادَّعَاهُ مُطْلَقًا فَدَفَعَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّكَ كُنْتَ ادَّعَيْتَهُ قَبْلَ هَذَا مُقَيَّدًا وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي أَدَّعِيهِ الْآنَ بِذَلِكَ السَّبَبِ وَتَرَكْتُ الْمُطْلَقَ يُقْبَلُ وَيَبْطُلُ الدَّفْعُ اهـ فَإِنَّ الْمَتْرُوكَ الثَّانِيَةُ لَا الْأُولَى وَمَعَ هَذَا نَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ النَّهْرِ هُنَاكَ. وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ الْقَوْلُ تَوْفِيقٌ بَيْنَ الدَّعْوَتَيْنِ تَأَمَّلْ. وَذَكَرَ سَيِّدِي الْوَالِدُ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ تَأْيِيدَ مَا فِي النَّهْرِ. وَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى مِلْكًا بِسَبَبٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدَ شُهُودُهُ بِذَلِكَ ذُكِرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. قَالَ مَوْلَانَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: قَالَ جَدِّي شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا تُقْبَلُ
عَلَيْهِ (تُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِغَيْرِهِ) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ.
(وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْتَ مِنِّي هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَأَنْكَرَ) الْآخَرُ الشِّرَاءَ جَازَ (لِلْبَائِعِ أَنْ يَطَأَهَا إنْ تَرَكَ) الْبَائِعُ (الْخُصُومَةَ) وَاقْتَرَنَ تَرْكُهُ بِفِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْفَسْخِ كَإِمْسَاكِهَا وَنَقْلِهَا لِمَنْزِلِهِ، لَمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ (جُحُودَ) جَمِيعِ الْعُقُودِ (مَا عَدَا النِّكَاحَ فَسْخٌ) فَلِلْبَائِعِ رَدُّهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِتَمَامِ الْفَسْخِ بِالتَّرَاضِي عَيْنِيٌّ، أَمَّا النِّكَاحُ فَلَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ أَصْلًا (فَ) لِذَا (لَوْ جَحَدَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ ادَّعَاهُ وَبَرْهَنَ) عَلَى النِّكَاحِ (يُقْبَلُ) بُرْهَانُهُ (بِخِلَافِ الْبَيْعِ) فَإِنَّهُ إذَا أَنْكَرَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ لَا يُقْبَلُ لِانْفِسَاخِهِ بِالْإِنْكَارِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ.
(أَقَرَّ بِقَبْضِ عَشَرَةِ) دَرَاهِمَ (ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا زُيُوفٌ) أَوْ نَبَهْرَجَةٌ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ يَعُمُّهَا، بِخِلَافِ السَّتُّوقَةِ لِغَلَبَةِ غِشِّهَا (وَ) لِذَا (لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ لَا) يُصَدَّقُ (إنْ) كَانَ الْبَيَانُ (مَفْصُولًا وَصُدِّقَ لَوْ) بَيَّنَ (مَوْصُولًا) نِهَايَةٌ فَالتَّفْصِيلُ فِي الْمَفْصُولِ لَا فِي الْمَوْصُولِ (وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْجِيَادِ لَمْ يُصَدَّقْ مُطْلَقًا) وَلَوْ مَوْصُولًا لِلتَّنَاقُضِ (وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ أَوْ) قَبَضَ (الثَّمَنَ أَوْ اسْتَوْفَى) حَقَّهُ (صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ الزِّيَافَةَ لَوْ) بَيَّنَ (مَوْصُولًا وَإِلَّا لَا) لِأَنَّ قَوْلَهُ جِيَادٌ مُفَسِّرٌ فَلَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ أَوْ نَصٌّ فَيَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ ابْنُ كَمَالٍ.
، (أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَهُ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا) وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ (قُبِلَ) بُرْهَانُهُ قُنْيَةٌ عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ وَسَيَجِيءُ فِي الْإِقْرَارِ.
(قَالَ لِآخَرَ: لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ) دِرْهَمٍ (فَرَدَّهُ) الْمُقَرُّ لَهُ (ثُمَّ صَدَّقَهُ) -
ــ
[رد المحتار]
بَيِّنَتُهُ وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ حَتَّى لَوْ قَالَ أَرَدْتُ بِهَذَا الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ الْمِلْكَ بِذَلِكَ السَّبَبِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِ) كَذَا فِي الْمِنَحِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَحْرِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَاعِدَةِ إعَادَةِ النَّكِرَةِ مَعْرِفَةً فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ الْوَقْفَ الْمَارَّ قِيلَ وَعَلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ التَّوْفِيقُ لِأَنَّهُ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ وَيُمْكِنُ جَرَيَانُهُ عَلَى مَذْهَبِ الثَّانِي الْقَائِلِ بِصِحَّةِ وَقْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ مَا فِيهِ. وَفِي الْبَحْرِ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ: وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ تُسْمَعُ لِصِحَّةِ الْإِضَافَةِ بِالْأَخَصِّيَّةِ انْتِفَاعًا.
(قَوْلُهُ أَنْ يَطَأَهَا) أَيْ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ عَنْ الْجَلَبِيِّ بَحْثًا.
(قَوْلُهُ فَلِلْبَائِعِ رَدُّهَا) قَيَّدَهُ فِي النِّهَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي، إذْ لَوْ كَانَ قَبْلَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِهِ لِاحْتِمَالِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَاعْتُبِرَ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ ثَالِثٍ، وَقَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا قَبْلَهُ فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ الرَّدَّ مُطْلَقًا بِكَوْنِهِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْكِتَابِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ أَقَرَّ إلَخْ) لِلْإِمَامِ الطَّرَسُوسِيِّ تَحْقِيقٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرَاجِعْهُ فِي أَنْفَعْ الْوَسَائِلِ.
(قَوْلُهُ زُيُوفٌ) مَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ نَبَهْرَجَةٌ) مَا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ: قَالَ فِي الْقَامُوسِ فِي فَصْلِ النُّونِ: النَّبَهْرَجُ الزَّيْفُ الرَّدِيءُ اهـ وَفِي الْمُغْرِبِ: النَّبَهْرَجُ الدِّرْهَمُ الَّذِي فِضَّتُهُ رَدِيئَةٌ، وَقِيلَ الَّذِي الْغَلَبَةُ فِيهِ لِلْفِضَّةِ، وَقَدْ اُسْتُعِيرَ لِكُلِّ رَدِيءٍ بَاطِلٍ، وَمِنْهُ بُهْرِجَ دَمُهُ: إذَا أُهْدِرَ وَأُبْطِلَ وَعَنْ اللِّحْيَانِيِّ دِرْهَمٌ نَبَهْرَجٌ وَلَمْ أَجِدْهُ بِالنُّونِ إلَّا لَهُ اهـ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْقَامُوسِ مَعَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ.
(قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوْفَى) الِاسْتِيفَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ قَبْضِ الْحَقِّ بِالتَّمَامِ سَعْدِيَّةٌ وَابْنُ كَمَالٍ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ) رَاجِعٌ لِلْأُولَى وَهِيَ قَبْضُ الْحَقِّ أَوْ الثَّمَنِ، وَالظَّاهِرُ مَا احْتَمَلَ غَيْرَ الْمُرَادِ احْتِمَالًا بَعِيدًا، وَالنَّصُّ يَحْتَمِلُهُ احْتِمَالًا أَبْعَدَ دُونَ الْمُفَسَّرِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْمُرَادِ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ أَوْ نَصٌّ) رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوْفَى.
. (قَوْلُهُ قُبِلَ بُرْهَانُهُ) لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ وَإِنْ تَنَاقَضَ قُنْيَةٌ.
(قَوْلُهُ فَرَدَّهُ إلَخْ) حَاصِلُ مَسَائِلِ رَدِّ الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَرُدَّهُ مُطْلَقًا أَوْ يَرُدَّ الْجِهَةَ الَّتِي عَيَّنَهَا الْمُقِرُّ وَيُحَوِّلَهَا إلَى أُخْرَى أَوْ يَرُدَّهُ لِنَفْسِهِ وَيُحَوِّلَهُ إلَى غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ بَطَلَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ وَجَبَ الْمَالُ كَقَوْلِهِ لَهُ أَلْفٌ بَدَلُ قَرْضٍ فَقَالَ بَدَلُ غَصْبٍ وَإِلَّا بَطَلَ كَقَوْلِهِ ثَمَنُ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ
فِي مَجْلِسِهِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِلْمُقَرِّ لَهُ إلَّا بِحُجَّةٍ أَوْ إقْرَارٍ ثَانِيًا، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَا فِيهِ الْحَقُّ لِوَاحِدٍ. .
(وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَا كَانَ لَكَ عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى) أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ (أَلْفٍ وَبَرْهَنَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى الْقَضَاءِ) أَيْ الْإِيفَاءِ (أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ) أَيْ الْحُكْمِ بِالْمَالِ إذْ الدَّفْعُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي صَحِيحٌ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ -
ــ
[رد المحتار]
وَقَالَ قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ وَلَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ صَدَّقَهُ فِي الْجِهَةِ أَوْ كَذَّبَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّالِثَ، نَحْوَ مَا كَانَتْ لِي قَطُّ لَكِنَّهَا لِفُلَانٍ فَإِنْ صَدَّقَهُ فُلَانٌ تَحَوَّلَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ أَوْ وَلَاءٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ رِقٍّ لَمْ يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ فَيُقَالُ الْإِقْرَارُ يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ إلَّا فِي هَذِهِ ذَكَرَ مَجْمُوعَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ، وَفِيهِ اخْتِصَارٌ أَوْضَحْتُهُ فِي حَاشِيَتِهِ.
(قَوْلُهُ فِي مَجْلِسِهِ) وَفِي غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ إلَّا بِحُجَّةٍ) كَيْفَ تُقْبَلُ حُجَّتُهُ وَهُوَ مُتَنَاقِضٌ فِي دَعْوَاهُ تَأَمَّلْ فِي جَوَابِهِ سَعْدِيَّةٌ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا، وَنَقَلَ خِلَافَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: فِي يَدِهِ عَبْدٌ فَقَالَ لِرَجُلٍ هُوَ عَبْدُكَ فَرَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ قَالَ بَلْ هُوَ عَبْدِي وَقَالَ الْمُقِرُّ هُوَ عَبْدِي فَهُوَ لِذِي الْيَدِ الْمُقِرِّ، وَلَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ لِآخَرَ هُوَ عَبْدُكَ فَقَالَ بَلْ هُوَ عَبْدُكَ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ بَلْ هُوَ عَبْدِي وَبَرْهَنَ وَلَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ اهـ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْحُجَّةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي سَمَاعَ الدَّعْوَى اهـ.
(قَوْلُهُ لِوَاحِدٍ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْتَ وَأَنْكَرَ لَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُ لِأَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْفَسْخِ فَلَا يَنْفَرِدُ بِالْعَقْدِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ حَقُّهُمَا فَبَقِيَ الْعَقْدُ فَعُمِلَ التَّصْدِيقُ، أَمَّا الْمُقَرُّ لَهُ فَيَنْفَرِدُ بِرَدِّ الْإِقْرَارِ فَافْتَرَقَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَكُونُ الْحَقُّ لَهُمَا جَمِيعًا إذَا رَجَعَ الْمُنْكِرُ إلَى التَّصْدِيقِ قَبْلَ أَنْ يُصَدِّقَهُ الْآخَرُ عَلَى إنْكَارِهِ فَهُوَ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَكُونُ فِيهِ الْحَقُّ لِوَاحِدٍ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِقْرَارِ لَا يَنْفَعُهُ إقْرَارُهُ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ بَحْرٌ س.
(قَوْلُهُ مَا كَانَ لَكَ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ كَانَ وَانْظُرْ مَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا عِنْدَ وَاقِعَةِ سَمَرْقَنْدَ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْحَالِ.
(قَوْلُهُ قَطُّ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُؤَكِّدَ النَّفْيَ بِكَلِمَةِ قَطُّ أَوْ لَا بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ عَلَيَّ إلَخْ) الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَلْفٍ لَهُ عَلَيْهِ فَافْهَمْ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى أَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْقَضَاءِ) أَيْ الْإِيفَاءِ قَيَّدَ بِدَعْوَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ: إذْ لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَمْ يُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ، وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ تُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ، وَإِنْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَا يُقْبَلْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُخَمَّسَةِ) كَأَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ ارْتَهَنْته أَوْ غَصَبْتُهُ مِنْهُ أَوْ قَالَ أَخَذْتُ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً مِنْ فُلَانٍ أَوْ هَذَا الْكَرْمَ مُعَامَلَةً مِنْهُ سُمِّيَتْ مُخَمَّسَةً لِأَنَّ فِيهَا خَمْسَةَ أَقْوَالٍ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَذِهِ مُخَمَّسَةُ كِتَابِ الدَّعْوَى لِأَنَّ صُوَرَهَا خَمْسَةٌ: وَدِيعَةٌ وَإِجَارَةٌ وَإِعَارَةٌ وَرَهْنٌ وَغَصْبٌ، أَوْ لِأَنَّ فِيهَا خَمْسَةَ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ: الْأَوَّلُ مَا فِي الْكِتَابِ، وَهُوَ أَنَّهُ تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَثْبَتَتْ أَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ بِيَدِ خُصُومَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ. الثَّانِي قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُخْتَارَاتِ، الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ صَالِحًا فَكَمَا قَالَ الْإِمَامُ، وَإِنْ مَعْرُوفًا بِالْجَبْرِ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْفَعُ مَالَهُ إلَى مُسَافِرٍ يَرُدُّهُ إيَّاهُ وَيُشْهِدُ فَيَحْتَالُ لِإِبْطَالِ حَقِّ غَيْرِهِ فَإِذَا اتَّهَمَهُ بِهِ الْقَاضِي لَا يَقْبَلُهُ.
الثَّالِثُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنَّ الشُّهُودَ إذَا قَالُوا نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ فَقَطْ لَا تَنْدَفِعُ، فَعِنْدَهُ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِالْوَجْهِ وَالِاسْمِ وَالنَّسَبِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ تَعْوِيلُ الْأَئِمَّةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ: لَوْ قَالُوا نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ لَا بِوَجْهِهِ لَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ وَفِيهِ قَوْلَانِ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ
كَمَا سَيَجِيءُ (قَبْلَ) بُرْهَانِهِ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ. لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ قَدْ يُقْضَى وَيُبْرَأُ مِنْهُ دَفْعًا لِلْخُصُومَةِ، وَسَيَجِيءُ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي أَنَا مُبْطِلٌ فِي الدَّعْوَى أَوْ شُهُودِي كَذَبَةٌ أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ صَحَّ الدَّفْعُ إلَى آخِرِهِ، وَذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ قُبَيْلَ الْإِقْرَارِ فِي فَصْلِ الِاسْتِشْرَاءِ.
(كَمَا) يُقْبَلُ (لَوْ ادَّعَى الْقِصَاصَ عَلَى آخَرَ فَأَنْكَرَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي) عَلَى الْقِصَاصِ (ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْعَفْوِ أَوْ) عَلَى (الصُّلْحِ عَنْهُ عَلَى مَالٍ وَكَذَا فِي دَعْوَى الرِّقِّ) بِأَنْ ادَّعَى عُبُودِيَّةَ شَخْصٍ فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي ثُمَّ بَرْهَنَ الْعَبْدُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَعْتَقَهُ يُقْبَلُ إنْ لَمْ يُصَالِحْهُ؛ وَلَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ ثُمَّ صَالَحَهُ قَبْلَ بُرْهَانِهِ عَلَى الْإِيفَاءِ بَحْرٌ. وَفِيهِ: بَرْهَنَ أَنَّ لَهُ أَرْبَعَمِائَةٍ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِلْمُنْكِرِ ثَلَثَمِائَةٍ سَقَطَ عَنْ الْمُنْكِرِ ثَلَاثُمِائَةٍ، وَقِيلَ لَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مُلْتَقَطٌ، وَكَأَنَّهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَاحِدًا فَذِمَّتُهُ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ فِي زَعْمِهِ فَأَيْنَ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ؟ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (وَإِنْ زَادَ) كَلِمَةَ (وَلَا أَعْرِفُكَ وَنَحْوَهُ) كَمَا رَأَيْتُكَ (لَا) يُقْبَلُ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ، وَقِيلَ يُقْبَلُ لِأَنَّ الْمُحْتَجِبَ أَوْ الْمُخَدَّرَةَ قَدْ يَتَأَذَّى بِالشَّغَبِ عَلَى بَابِهِ فَيَأْمُرُ بِإِرْضَاءِ الْخَصْمِ وَلَا يَعْرِفُهُ ثُمَّ يَعْرِفُهُ، حَتَّى لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْمَلُ بِنَفْسِهِ لَا يُقْبَلُ، نَعَمْ لَوْ ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْوُصُولِ أَوْ الْإِيصَالِ صَحَّ دُرَرٌ فِي آخِرِ الدَّعْوَى لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ.
(أَقَرَّ بِبَيْعِ عَبْدِهِ) مِنْ فُلَانٍ (ثُمَّ جَحَدَهُ صَحَّ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ بَاطِلٌ إقْرَارُ بَزَّازِيَّةٍ.
(ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ بَاعَهُ
ــ
[رد المحتار]
وَنَسَبِهِ وَتَكْفِي مَعْرِفَةُ الْوَجْهِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا أَوْدَعَهُ رَجُلٌ لَا نَعْرِفُهُ لَا تَنْدَفِعُ.
الرَّابِعُ قَوْلُ ابْن شُبْرُمَةَ إنَّهَا لَا تَنْدَفِعُ عَنْهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إثْبَاتُ الْمِلْكِ لِعَدَمِ الْخَصْمِ عَنْهُ وَدَفَعَ الْخُصُومَةَ بِنَاءً عَلَيْهِ. قُلْنَا مُقْتَضَى الْبَيِّنَةِ شَيْئَانِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْغَائِبِ وَلَا خَصْمَ فِيهِ فَلَمْ يَثْبُتْ وَدَفْعُ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي وَهُوَ خَصْمٌ فِيهِ فَثَبَتَ وَهُوَ كَالْوَكِيلِ بِنَقْلِ الْمَرْأَةِ وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الطَّلَاقِ.
الْخَامِسُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى تَنْدَفِعُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ لِإِقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ وَقُلْنَا إنَّهُ صَارَ خَصْمًا بِظَاهِرِ يَدِهِ، فَهُوَ بِإِقْرَارِهِ يُرِيدُ أَنْ يُحَوِّلَ حَقًّا مُسْتَحَقًّا عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ، كَمَا لَوْ ادَّعَى تَحَوُّلَ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّتِهِ إلَى ذِمَّةِ غَيْرِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) فِي فَصْلِ رَفْعِ الدَّعَاوَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى ح.
(قَوْلُهُ قُبِلَ بُرْهَانُهُ) اُنْظُرْ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى إيفَاءِ الْبَعْضِ فَقَدْ صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى.
(قَوْلُهُ فِي فَصْلِ الِاسْتِشْرَاءِ) وَفِيهِ فَوَائِدُ جَمَّةٌ فَرَاجِعْهُ. وَالِاسْتِشْرَاءُ: طَلَبُ شِرَاءِ شَيْءٍ.
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُصَالِحْهُ) مَحَلُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقُيِّدَ بِكَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يُصَالِحْ لِسُكُوتِهِ عَنْهُ وَالْأَصْلُ الْعَدَمُ. أَمَّا إذَا أَنْكَرَ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ ح.
(قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْمِنَحِ.
(قَوْلُهُ فَأَيْنَ) الْوَاقِعُ فِي الْمِنَحِ فَأَنَّى؟
(قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا لَكَ عَلَى شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ) ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُحْتَجِبَ) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمُحْتَجِبُ: مَنْ لَا يَتَوَلَّى الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ، وَقِيلَ مَنْ لَا يَرَاهُ كُلُّ أَحَدٍ لِعَظَمَتِهِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَرَّعَ هَذَا عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ فِي النِّهَايَةِ تَبَعًا لِقَاضِي خَانَ. وَفِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَبْنَى إمْكَانِ التَّوْفِيقِ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ لَا يَتَوَلَّى الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ لَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ انْتَهَى، وَدَفْعُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ فِي تَنَاقُضِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا الْمُدَّعِي بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى إلَخْ) قَالَ فِي الدُّرَرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ لِلْمُدَّعِي لَا أَعْرِفُكَ فَلَمَّا ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَةِ ادَّعَى الْإِيصَالَ لَا تُسْمَعُ، وَلَوْ ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعِي بِالْوُصُولِ أَوْ الْإِيصَالِ تُسْمَعُ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ الْمُتَنَاقِضَ هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْنِ وَهُنَا لَمْ يَجْمَعْ وَلِهَذَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي عِيَانًا لَمْ يَكُنْ مُتَنَاقِضًا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ انْتَهَى وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِمَّا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ إقْرَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَوَابُهُ الْمُدَّعِي إلَّا أَنْ يُقْرَأَ الْمُدَّعِي بِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْبَيْعِ إقْرَارٌ بِرُكْنَيْهِ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ
أَمَتَهُ) مِنْهُ (فَقَالَ) الْآخَرُ (لَمْ أَبِعْهَا مِنْك قَطُّ فَبَرْهَنَ) الْمُدَّعِي (عَلَى الشِّرَاءِ) مِنْهُ (فَوَجَدَ) الْمُدَّعِي (بِهَا عَيْبًا) وَأَرَادَ رَدَّهَا (فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ أَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بَرِئَ إلَيْهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ) بَيِّنَةُ الْبَائِعِ لِلتَّنَاقُضِ، وَعَنْ الثَّانِي تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِبَيْعِ وَكِيلِهِ وَإِبْرَائِهِ عَنْ الْعَيْبِ، وَمِنْهُ وَاقِعَةُ سَمَرْقَنْدَ: ادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِكَذَا وَطَالَبَتْهُ بِالْمَهْرِ فَأَنْكَرَ فَبَرْهَنَتْ فَادَّعَى أَنَّهُ خَلَعَهَا عَلَى الْمَهْرِ تُقْبَلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ زَوَّجَهُ أَبُوهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَلَمْ يَعْلَمْ خُلَاصَةٌ.
(يَبْطُلُ) جَمِيعُ (صَكٍّ) أَيْ مَكْتُوبٍ (كَتَبَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي آخِرِهِ) وَقَالَا آخِرُهُ فَقَطْ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ رَاجِحٌ عَلَى قَوْلِهِ فَتْحٌ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْفُرْجَةَ كَفَاصِلِ السُّكُوتِ وَعَلَى انْصِرَافِهِ لِلْكُلِّ فِي جُمَلٍ عُطِفَتْ بِوَاوٍ وَأُعْقِبَتْ بِشَرْطٍ، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا وَأَخَوَاتِهَا فَلِلْأَخِيرِ إلَّا لِقَرِينَةٍ كَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِينَارًا إلَّا دِرْهَمًا فَلِلْأَوَّلِ اسْتِحْسَانًا وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ بَعْدَ جُمْلَتَيْنِ إيقَاعِيَّتَيْنِ فَإِلَيْهِمَا اتِّفَاقًا وَبَعْدَ طَلَاقَيْنِ مُعَلَّقَيْنِ أَوْ طَلَاقٍ مُعَلَّقٍ وَعِتْقٍ مُعَلَّقٍ فَإِلَيْهِمَا عِنْدَ الثَّالِثِ وَلِلْأَخِيرِ عِنْدَ الثَّانِي، وَلَوْ بِلَا عَطْفٍ -
ــ
[رد المحتار]
بِالْبَيْعِ بِلَا مَالٍ تَأَمَّلْ. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ وَلَمْ يُسَمِّيَا الثَّمَنَ وَلَمْ يَشْهَدَا بِقَبْضِ الثَّمَنِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ قَالَا أَقَرَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ وَاسْتَوْفَى الثَّمَنَ وَلَمْ يُسَمِّيَا الثَّمَنَ جَازَ. وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: شَهِدَا أَنَّهُ بَاعَ وَقَبَضَ الثَّمَنَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا الثَّمَنَ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ بَاعَهُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ اهـ وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: شَهِدُوا عَلَى الْبَيْعِ بِلَا بَيَانِ الثَّمَنِ، إنْ شَهِدُوا عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ تُقْبَلْ، وَكَذَا لَوْ بَيَّنَ أَحَدُهُمَا وَسَكَتَ الْآخَرُ اهـ نُورُ الْعَيْنِ فِي أَوَائِلِ الْفَصْلِ السَّادِسِ، وَانْظُرْ مَا سَنَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ وَفِي بَابِ الِاخْتِلَافِ فِيهَا.
(قَوْلُهُ أَمَتَهُ مِنْهُ) لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ مِنْهُ لِأَنَّ ضَمِيرَ بَاعَهُ يُغْنِي عَنْهُ ح.
(قَوْلُهُ أَيْ الْمُشْتَرِي) الْأَصْوَبُ أَيْ الْبَائِعُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ لِلتَّنَاقُضِ) لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَرَاءَةِ تَغْيِيرٌ لِلْعَقْدِ مِنْ اقْتِضَاءِ وَصْفِ السَّلَامَةِ إلَى غَيْرِهِ فَيَقْتَضِي وُجُودَ الْعَقْدِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ لِأَنَّ الْبَاطِلَ قَدْ يُقْضَى وَيُبْرَأُ مِنْهُ دَفْعًا لِلدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْكُلِّ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ بِبَيْعِ وَكِيلِهِ) أَيْ وَكِيلِ الْبَائِعِ.
(قَوْلُهُ وَإِبْرَائِهِ عَنْ الْعَيْبِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ وَهُوَ ضَمِيرُ الْوَكِيلِ وَالْفَاعِلُ الْمُشْتَرِي إلَخْ وَعَلَى مَا قُلْنَا مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ وَالضَّمِيرُ لِوَكِيلِهِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَحْرِ، فَقَوْلُهُ أَوَّلًا لَمْ أَبِعْهَا مِنْك قَطُّ أَيْ مُبَاشَرَةً، وَقَوْلُهُ أَنَّهُ بَرِيءٌ إلَيْهِ: أَيْ إلَى وَكِيلِهِ.
(قَوْلُهُ فَأَنْكَرَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا نِكَاحَ بَيْنَنَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ قَالَ لَا نِكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ فَلَمَّا بَرْهَنَتْ عَلَى النِّكَاحِ بَرْهَنَ هُوَ عَلَى الْخُلْعِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَلَوْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا نِكَاحٌ قَطُّ أَوْ قَالَ: لَمْ أَتَزَوَّجْهَا قَطُّ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا وَسِيلَةَ الْعَيْبِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ عَنْ الْعَيْبِ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ بِالْبَيْعِ فَكَذَا الْخُلْعُ يَقْتَضِي سَابِقَةَ النِّكَاحِ فَيَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ اهـ.
(قَوْلُهُ رَاجِحٌ عَلَى قَوْلِهِ) إذَا الْأَصْلُ فِي الْجُمَلِ الِاسْتِقْلَالُ وَالصَّكُّ يُكْتَبُ لِلِاسْتِيثَاقِ، فَلَوْ انْصَرَفَ إلَى الْكُلِّ كَانَ مُبْطِلًا لَهُ فَيَكُونُ ضِدَّ مَا قَصَدُوهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيهِ ضَرُورَةً كَذَا فِي التَّبْيِينِ ح.
(قَوْلُهُ فِي جُمَلٍ) أَيْ قَوْلِيَّةٍ وَإِلَّا نَافَى مَا قَبْلَهُ. وَفِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَشِيئَةَ إذَا ذُكِرَتْ بَعْدَ جُمَلٍ مُتَعَاطِفَةٍ بِالْوَاوِ كَقَوْلِهِ عَبْدُهُ حُرٌّ وَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَعَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ فَبَطَلَ الْكُلُّ، فَمَشَى أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى حُكْمِهِ وَهُمَا أَخْرَجَا صُورَةَ، كَتْبِ الصَّكِّ مِنْ عُمُومِهِ بِعَارِضٍ اقْتَضَى تَخْصِيصَ الصَّكِّ مِنْ عُمُومِ حُكْمِ الشَّرْطِ الْمُتَعَقِّبِ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً لِلْعَادَةِ وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ الْحَادِثُ، وَلِذَا كَانَ قَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانًا رَاجِحًا عَلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمَشِيئَةِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ بِشَرْطٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الشَّرْطُ هُوَ الْمَشِيئَةُ أَوْ غَيْرُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ ح، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْإِقْرَارِ لِمَا سَيَأْتِي بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ تَأَمَّلْ،.
(قَوْلُهُ إيقَاعِيَّتَيْنِ) أَيْ مُنَجَّزَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا تَعْلِيقٌ بِقَرِينَةِ الْمُقَابَلَةِ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذَا حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ح