الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ
هَاهُنَا أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَالْبَيْعِ
ــ
[رد المحتار]
[مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ]
لَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ بِفَصْلٍ وَلَا بَابٍ لِدُخُولِهِ فِي بَابِ الْمُتَفَرِّقَاتِ، وَ " مَا " اسْمُ مَوْصُولٍ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْبَيْعُ إلَخْ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَيَانُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ. وَالتَّعْلِيقُ: رَبْطُ حُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُولِ مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَمِثَالُ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِعْتُك بِشَرْطِ كَذَا، وَمِثَالُ التَّعْلِيقِ بِعْتُك إنْ رَضِيَ فُلَانٌ. وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ عَنْ قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ: الْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ أَنَّ التَّعْلِيقَ دَاخِلٌ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ بِإِنْ وَنَحْوِهَا، وَالشَّرْطَ مَا جُزِمَ فِيهِ بِأَصْلِ الْفِعْلِ: أَوْ يُقَالُ التَّعْلِيقُ تَرْتِيبُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ بِإِنْ أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَالشَّرْطُ الْتِزَامٌ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ اهـ (قَوْلُهُ هَاهُنَا أَصْلَانِ إلَخْ) الَّذِي تَحَصَّلَ مِنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ أَنَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَيَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ أَيْضًا لِدُخُولِهِ فِي التَّمْلِيكَاتِ لِأَنَّهَا أَعَمُّ، وَمَا لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ إنْ كَانَ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ أَوْ التَّقْيِيدَاتِ يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ وَالِالْتِزَامَاتِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْمُلَائِمِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْإِطْلَاقَاتِ وَالْوِلَايَاتِ وَالتَّحْرِيرَاتِ يَصِحُّ بِالْمُلَائِمِ فَقَطْ، وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا يَبْطُلُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ، فَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ التَّعْلِيقُ بِهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَاعِدَةً ثَانِيَةً مَعْطُوفَةً عَلَى الْأُولَى عَلَى تَقْرِيرِ مَا أُخْرَى: أَيْ وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136]- {وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [آل عمران: 199]- أَيْ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ فَيَكُونُ مَا فِي الْمَتْنِ قَاعِدَتَيْنِ الْأُولَى مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ وَالثَّانِيَةَ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ وَبِدُونِ هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ قَاعِدَةً وَاحِدَةً أُرِيدَ بِهَا مَا اجْتَمَعَ فِيهِ الْأَمْرَانِ.
وَذَلِكَ خَاصٌّ بِالتَّمْلِيكَاتِ الَّتِي هِيَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَدَّ مِنْ ذَلِكَ الرَّجْعَةَ وَالْإِبْرَاءَ وَعَزْلَ الْوَكِيلِ وَالِاعْتِكَافَ وَالْإِقْرَارَ وَالْوَقْفَ وَالتَّحْكِيمَ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَمْلِيكُ مَالٍ بِمَالٍ مَعَ أَنَّ السَّبْعَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَاعِدَةً وَاحِدَةً هِيَ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَالْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ كَمَا قُلْنَا، فَإِنَّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، أَوْ قَاعِدَتَيْنِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْأَصْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. وَعَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ مَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَهُمَا مَعًا، وَمِنْهُ مَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ مَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ: ثُمَّ الشَّيْخُ ذَكَرَ هُنَا مَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَمَا لَا يَبْطُلُ بِهَا وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ إلَخْ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ هَاهُنَا أَرْبَعَةَ قَوَاعِدَ الْأُولَى مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ. الثَّانِيَةَ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَهَاتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ هُنَا. وَالثَّالِثَةَ عَكْسُ الْأُولَى وَهِيَ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ إلَخْ. وَالرَّابِعَةَ عَكْسُ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَبَقِيَ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ إلَخْ.
وَالْأُولَى دَاخِلَةٌ تَحْتَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ كُلَّ مَا بَطَلَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ وَلَا عَكْسَ؛ فَالْفُرُوعُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كُلُّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الثَّانِيَةِ وَبَعْضُهَا تَحْتَ الْأُولَى لِخُرُوجِ الرَّجْعَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَنَحْوِهِمَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَمَا خَرَجَ عَنْهَا دَخَلَ تَحْتَ الثَّالِثَةِ؛ وَالرَّابِعَةُ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الثَّالِثَةِ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ تَعْلِيقَةُ لَا يُبْطِلُهُ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ وَلَا عَكْسَ كَمَا سَتَعْرِفُهُ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ بُطْلَانَ نَفْسِ التَّعْلِيقِ مَعَ صِحَّةِ الْمُعَلَّقِ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ
وَمَا لَا فَلَا كَالْقَرْضِ، ثَانِيهِمَا أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ أَوْ التَّقْيِيدَاتِ كَرَجْعَةٍ يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَإِلَّا صَحَّ، لَكِنْ فِي إسْقَاطَاتٍ وَالْتِزَامَاتٍ يَحْلِفُ بِهِمَا كَحَجٍّ وَطَلَاقٍ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَفِي إطْلَاقَاتٍ وَوِلَايَاتٍ وَتَحْرِيضَاتٍ بِالْمُلَائِمِ بَزَّازِيَّةٌ، فَالْأَوَّلُ
ــ
[رد المحتار]
يَفْسُدُ بِالتَّعْلِيقِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَفْسُدُ بِهِ، فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ فَإِنَّ بِهِ يَنْدَفِعُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَوْهَامِ كَمَا يَظْهَرُ لَك فِي تَقْدِيرِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ وَمَا لَا فَلَا) أَيْ وَمَا لَا يَكُونُ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ بِأَنْ كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ عَلَى مَالٍ وَنَحْوِهَا أَوْ كَانَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَقَوْلُهُ كَالْقَرْضِ هُوَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً مُبَادَلَةٌ انْتِهَاءً فَيَصْلُحُ مِثَالًا لِلشَّيْئَيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَفْسُدْ ذَلِكَ لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ مِنْ بَابِ الرِّبَا وَهُوَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ لَا غَيْرُ، لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ وَحَقِيقَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَمَا مَرَّ هِيَ زِيَادَةُ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ فَيَكُونُ فِيهَا فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ وَهُوَ الرِّبَا، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْغَيْرِ الْمَالِيَّةِ وَلَا فِي التَّبَرُّعَاتِ بَلْ يَفْسُدُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ.
(قَوْلُهُ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ) كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَاسْتِئْجَارٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَنِكَاحٍ وَإِقْرَارٍ وَإِبْرَاءٍ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ أَوْ التَّقْيِيدَاتِ) كَرَجْعَةٍ وَكَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَحَجْرِ الْعَبْدِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ فِي الْوَكَالَةِ وَالْإِذْنِ لِلْعَبْدِ إطْلَاقًا عَمَّا كَانَا مَمْنُوعَيْنِ عَنْهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمُوَكِّلِ وَالْمُولِي، وَفِي الْعَزْلِ وَالْحَجْرِ تَقْيِيدٌ لِذَلِكَ الْإِطْلَاقِ، وَكَذَا فِي الرَّجْعَةِ تَقْيِيدٌ لِلْمَرْأَةِ عَمَّا أَطْلَقَ لَهَا بِالطَّلَاقِ مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ (قَوْلُهُ يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ) أَيْ الْمَحْضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ التَّعْلِيقِ بِشَرْطٍ كَائِنٍ فَإِنَّهُ تَنْجِيزٌ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ السَّمَاءُ فَوْقَنَا وَالْأَرْضُ تَحْتَنَا تَطْلُقُ لِلْحَالِ، وَلَوْ عَلَّقَ الْبَرَاءَةَ بِشَرْطٍ كَائِنٍ يَصِحُّ، وَلَوْ قَالَ لِلْخَاطِبِ زَوَّجْت بِنْتِي مِنْ فُلَانٍ فَكَذَّبَهُ فَقَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ زَوَّجْتهَا مِنْهُ فَقَدْ زَوَّجْتهَا مِنْك فَقَبِلَ الْخَاطِبُ وَظَهَرَ كَذِبُ الْأَبِ انْعَقَدَ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ) أَيْ أَنْ لَا يَكُنْ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ وَالتَّقْيِيدَاتِ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ أَوْ الِالْتِزَامَاتِ أَوْ الْإِطْلَاقَاتِ أَوْ الْوِلَايَاتِ أَوْ التَّحْرِيضَاتِ صَحَّ التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي إسْقَاطَاتٍ) أَيْ مَحْضَةٍ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بَحْرٌ، احْتِرَازًا عَنْ الْإِبْرَاءِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا لَكِنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ كَمَا يَأْتِي فَهُوَ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ (قَوْلُهُ يَحْلِفُ بِهِمَا) الضَّمِيرُ الْمُثَنَّى عَائِدٌ إلَى إسْقَاطَاتٍ وَالْتِزَامَاتٍ، وَقَوْلُهُ كَحَجٍّ وَطَلَاقٍ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ، أَوْ غَيْرِ مُلَائِمٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ مَا لَا يَحْلِفُ بِهِ مِنْ النَّوْعَيْنِ وَلَا أَمْثِلَتُهُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ. وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ كَالتَّمْلِيكَاتِ يَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ وَأَنَّ مِنْ الْأَوْلَى تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إذَا عُلِّقَ بِشَرْطٍ غَيْرِ كَائِنٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ.
وَيَبْقَى عَلَى شُفْعَتِهِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ؛ وَمِنْ الثَّانِي مَا إذَا الْتَزَمَ مَا لَا يَلْزَمُهُ شَرْعًا، وَكَمَا لَوْ اسْتَأْذَنَ جَارَهُ لِهَدْمِ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا فَأَذِنَ بِشَرْطِ مَنْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ بِنَصْبِ خَشَبَاتٍ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْهَدَمَ مَنْزِلُ الْجَارِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حِفْظُ دَارِ شَرِيكِهِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ فَفِيهِ الْتِزَامُ الْحِفْظِ كَأَنَّهُ قَالَ اهْدِمْ الْجِدَارَ بِشَرْطِ نَصْبِ الْخَشَبَاتِ فَلَا يَصِحُّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفِي إطْلَاقَاتٍ) كَالْإِذْنِ بِالتِّجَارَةِ وَوِلَايَاتٍ كَالْقَضَاءِ وَالْإِمَارَةِ وَتَحْرِيضَاتٍ نَحْوَ «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» اهـ ح (قَوْلُهُ بِالْمُلَائِمِ) أَيْ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ الْمُلَائِمِ، وَفَسَّرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِمَا يُؤَكِّدُ مُوجِبَ الْعَقْدِ اهـ مِثْلُ إنْ وَصَلْت إلَى بَلْدَةِ كَذَا فَقَدْ وَلَّيْتُك قَضَاءَهَا أَوْ إمَارَتَهَا أَوْ إنْ قَتَلْت قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ، بِخِلَافِ نَحْوِ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ (قَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ حَاصِلَ الْأَصْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الشَّرْحِ أَنَّ مِنْ الْمَسَائِلِ مَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَمَا يَصِحُّ بِالشَّرْطِ وَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ، فَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْفَاسِدُ مِنْهَا قِسْمَانِ وَالصَّحِيحُ قِسْمَانِ، فَقَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَرَادَ بِهِ الْفَاسِدَ مِنْهَا بِقِسْمَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ.
وَأَمَّا مَا يَصِحُّ
أَرْبَعَةَ عَشَرَ عَلَى مَا فِي الدُّرَرِ وَالْكَنْزِ وَإِجَارَةِ الْوِقَايَةِ (الْبَيْعُ) إنْ عَلَّقَهُ بِكَلِمَةِ إنْ لَا بِعَلَى عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ
(وَالْقِسْمَةُ) لِلْمُثْلَى، أَمَّا قِسْمَةُ الْقِيَمِيِّ فَتَصِحُّ بِخِيَارِ شَرْطٍ وَرُؤْيَةٍ
ــ
[رد المحتار]
فَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ الْقِسْمَ الْأَوَّلَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَمَا لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ بَعْدَهُ الْقِسْمَ الْآخَرَ بِقَوْلِهِ وَبَقِيَ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُرَادَ بِالْأَوَّلِ فَالْأَصْلُ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَصْلَيْنِ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ أَنَّ الصُّوَرَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ لَيْسَتْ كُلُّهَا مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ بَلْ بَعْضُهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الدُّرَرِ إلَخْ) أَيْ كَوْنُهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدُ وَيَأْتِي تَمَامُهُ. ثُمَّ إنَّ الْمَذْكُورَ فِي إجَارَةِ الْوِقَايَةِ مَا يَصِحُّ مُضَافًا وَهُوَ مَا سَيَأْتِي آخِرًا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ الْبَيْعُ) صُورَةُ الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ قَوْلُهُ بِعْته بِشَرْطِ اسْتِخْدَامِهِ شَهْرًا وَتَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ كَقَوْلِهِ بِعْته إنْ كَانَ زَيْدٌ حَاضِرًا، وَفِي إطْلَاقِ الْبُطْلَانِ عَلَى الْبَيْعِ بِشَرْطٍ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْفَاسِدِ لَا الْبَاطِلِ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ إنْ عَلَّقَهُ بِكَلِمَةِ إنْ) إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ بِعْت مِنْك هَذَا إنْ رَضِيَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ وَقَّتَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ إلَى أَجْنَبِيٍّ وَهُوَ جَائِزٌ بَحْرٌ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَهَذَا شَرْطٌ صَحِيحٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ أَوْ يُلَائِمُهُ أَوْ فِيهِ أَثَرٌ أَوْ جَرَى التَّعَامُلُ بِهِ كَشَرْطِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ أَوْ التَّأْجِيلِ أَوْ الْخِيَارِ أَوْ حِذَاءِ النَّعْلِ لَا يَفْسُدُ وَيَصِحُّ الشَّرْطُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ فَسَدَ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَقَوْلُ الْعَاقِدِ بِشَرْطِ كَذَا بِمَنْزِلَةِ عَلَى، وَلَا بُدَّ بِأَنْ لَا يَقْرُنَ الشَّرْطَ بِالْوَاوِ وَإِلَّا جَازَ وَيُجْعَلُ مُشَاوَرَةً وَأَنْ يَكُونَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ؛ حَتَّى لَوْ أَلْحَقَاهُ بِهِ لَمْ يَلْتَحِقْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ مَكِّيٌّ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ: اشْتَرَى حَطَبًا فِي قَرْيَةٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَقَالَ مَوْصُولًا بِالشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي الشِّرَاءِ احْمِلْهُ إلَى مَنْزِلِي لَا يَفْسُدُ، أَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ تَمَامِهَا إنَّ الْجُرْفَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ اهـ ط وَتَقَدَّمَ آخِرَ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا ذَكَرَهَا فِي الْأَشْبَاهِ وَأَوْضَحْنَاهَا هُنَاكَ
(قَوْلُهُ وَالْقِسْمَةُ) مِنْ صُوَرِ فَسَادِهَا بِالشَّرْطِ مَا إذَا اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الصَّامِتَ وَلِلْآخَرِ الْعُرُوضَ، أَوْ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرَ دَارِهِ بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى شَرْطِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَمَّا لَوْ اقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ شَيْئًا مَعْلُومًا فَهُوَ جَائِزٌ كَالْبَيْعِ، وَكَذَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً بَحْرٌ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَصُورَةُ تَعْلِيقِهَا أَنْ يَقْتَسِمُوا دَارًا وَشَرَطُوا رِضَا فُلَانٍ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِيهَا مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فَهِيَ كَالْبَيْعِ عَيْنِيٌّ، وَمَرَّ جَوَازُ تَعْلِيقِ الْبَيْعِ بِرِضَا فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ شَرْطُ خِيَارٍ إذَا وَقَّتَهُ، وَلَكِنْ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: خِيَارُ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ فِي قِسْمَةٍ لَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَيْهَا وَهِيَ قِسْمَةُ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ، لَا فِيمَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا كَالْمِثْلِيِّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ بَحْرٌ مُلَخَّصًا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَعْلِيقَ الْقِسْمَةِ عَلَى رِضَا فُلَانٍ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَمُؤَقَّتًا يَصِحُّ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ عَلَى أَنَّهُ خِيَارُ شَرْطٍ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا يَصِحُّ فِي الْبَيْعِ، فَكَلَامُ الْعَيْنِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُؤَقَّتِ أَوْ عَلَى الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْقِسْمَةَ الَّتِي يُجْبَرُ الْآبِي عَلَيْهَا لَا تَخْتَصُّ بِالْمِثْلِيِّ لِأَنَّهَا تَكُونُ فِي الْعُرُوضِ الْمُتَّحَدِ جِنْسُهَا إلَّا الرَّقِيقَ وَالْجَوَاهِرَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا كَقِسْمَةِ الْأَجْنَاسِ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ وَكَدُورٍ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ دَارٍ وَضَيْعَةٍ فَيُقْسَمُ كُلٌّ مِنْهَا وَحْدَهُ لَا بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ إلَّا بِالتَّرَاضِي كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ أَمَّا قِسْمَةُ الْقِيَمِيِّ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ قِسْمَةَ الْمِثْلِيِّ لَا تَصِحُّ بِالشَّرْطِ مُطْلَقًا، أَمَّا قِسْمَةُ الْقِيَمِيِّ فَتَصِحُّ إنْ عُلِّقَتْ بِخِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ وَإِلَّا فَلَا، لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ الِافْتِرَاقَ بَيْنَ الْجَبْرِ وَعَدَمِهِ لَا بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ فَافْهَمْ. وَأَيْضًا فَالْكَلَامُ فِي الشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا مَرَّ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ لَيْسَ شَرْطًا فَاسِدًا فَلَا حَاجَةَ
(وَالْإِجَارَةُ) إلَّا فِي قَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُك دَارِي بِكَذَا فَيَصِحُّ بِهِ يُفْتَى عِمَادِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ لِغَاصِبِ دَارِهِ فَرِّغْهَا وَإِلَّا فَأُجْرَتُهَا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا جَازَ كَمَا سَيَجِيءُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ التَّفْرِيغِ
(وَالْإِجَازَةُ) بِالزَّايِ، فَقَوْلُ الْبِكْرِ أَجَزْت النِّكَاحَ إنْ رَضِيَتْ أُمِّي مُبْطِلٌ لِلْإِجَازَةِ بَزَّازِيَّةٌ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ إذَا انْعَقَدَ مَوْقُوفًا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ إجَازَتِهِ بِالشَّرْطِ بَحْرٌ، فَقَصْرُهَا عَلَى الْبَيْعِ قُصُورٌ كَمَا وَقَعَ فِي الْمِنَحِ
(وَالرَّجْعَةُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّمَا ذَكَرْتهَا تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَغَيْرِهِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي بَحْرِهِ وَهُوَ خَطَأٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ اعْتِبَارًا لَهَا بِأَصْلِهَا وَهُوَ النِّكَاحُ وَأَطَالَ الْكَلَامَ،
ــ
[رد المحتار]
إلَى التَّنْبِيهِ عَلَى صِحَّتِهِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ) أَيْ كَأَنْ آجَرَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ يُهْدِيَ إلَيْهِ أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ عَيْنِيٌّ، وَمِنْ ذَلِكَ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا بِكَذَا عَلَى أَنْ يَعْمُرَهُ وَيَحْسِبَ مَا أَنْفَقَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَهُ مَا أَنْفَقَ وَأَجْرُ مِثْلِ قِيَامِهِ عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ؛ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهَا تَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَبِالتَّعْلِيقِ لِأَنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ بِهِ يُفْتَى) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ وَقْتٌ يَجِيءُ لَا مَحَالَةَ فَلَمْ يَكُنْ تَعْلِيقًا بِخَطَرٍ، أَوْ هُوَ إضَافَةٌ لَا تَعْلِيقٌ وَالْإِجَارَةُ تَقْبَلُ الْإِضَافَةَ كَمَا سَيَأْتِي، وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ التَّفْرِيغِ) وَلَعَلَّ وَجْهَ صِحَّتِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّفْرِيغُ وَاجِبًا عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْحَالِ فَإِذَا لَمْ يَفْرُغْ صَارَ رَاضِيًا بِالْإِجَارَةِ فِي الْحَالِ كَأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى الْقَبُولِ فَقَبِلَ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ فَقَوْلُ الْبِكْرِ إلَخْ) الْأَوْلَى إبْدَالُ الْبِكْرِ بِالْبَالِغَةِ كَمَا هُوَ فِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ) وَهُوَ التَّمْلِيكَاتُ وَالتَّقْيِيدَاتُ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا التَّعْمِيمُ أَخَذَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ إطْلَاقِ عِبَارَةِ الْكَنْزِ لَفْظَ الْإِجَازَةِ، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمَا مَرَّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ، وَاعْتَرَضَهُ الْحَمَوِيُّ بِمَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ بَاعَنِي فُلَانٌ عَبْدَك بِكَذَا فَقَالَ إنْ كَانَ كَذَا فَقَدْ أَجَزْته أَوْ فَهُوَ جَائِزٌ جَازَ إنْ كَانَ بِكَذَا أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ؛ وَلَوْ أَجَازَ بِثَمَنٍ آخَرَ يَبْطُلُ اهـ: قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ بِكَائِنٍ فَلَمْ يَكُنْ شَرْطًا مَحْضًا، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ زَوَّجْتهَا مِنْ فُلَانٍ فَقَدْ زَوَّجْتهَا مِنْك كَمَا قَدَّمْنَاهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَقَصْرُهَا عَلَى الْبَيْعِ قُصُورٌ) تَعْرِيضٌ بِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْعَيْنِيِّ حَيْثُ صَوَّرَ الْإِجَازَةَ بِقَوْلِهِ بِأَنْ بَاعَ فُضُولِيٌّ عَبْدَهُ فَقَالَ أَجَزْته بِشَرْطِ أَنْ تُقْرِضَنِي أَوْ تَهْدِيَ إلَيَّ أَوْ عَلَّقَ إجَازَتَهُ بِشَرْطٍ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَعْنًى اهـ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الدُّرَرِ وَالْبَيْعُ وَإِجَازَتُهُ. وَقَالَ ح: يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالْإِجَازَةِ إجَازَةُ عَقْدٍ هُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ إجَازَةِ النِّكَاحِ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ، لَكِنَّهُ لَا يُلَائِمُ الْمَتْنَ لِأَنَّ إجَازَةَ النِّكَاحِ مِثْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهَا بِهِ اهـ مُلَخَّصًا. قُلْت: قَدْ عَلِمْت مِمَّا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَاعِدَتَانِ لَا وَاحِدَةٌ، وَالْفُرُوعُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْضُهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَاعِدَتَيْنِ وَبَعْضُهَا عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَمِثْلُ إجَازَةِ النِّكَاحِ مُفَرَّعَةٌ عَلَى الثَّانِيَةِ فَقَطْ، وَمِثْلُ إجَازَةِ الْبَيْعِ مُفَرَّعَةٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَأَنَّ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَصْوِيرِ الْإِجَازَةِ بِالْبَيْعِ قَصَدَ بَيَانَ مَا تَفَرَّعَ عَلَى الْقَاعِدَتَيْنِ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ قَالَ شَيْخُنَا فِي بَحْرِهِ) مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ وَأَطَالَ الْكَلَامَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ بَلْ قَالَهُ جَمَاعَةٌ غَيْرُهُ، وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ أَنَّ تَعْلِيقَ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَكَيْفَ تَبْطُلُ بِهِ مَعَ أَنَّ أَصْلَهَا وَهُوَ النِّكَاحُ لَا يَبْطُلُ بِهِ؟ وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّهَا تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ وَاللَّعِبِ وَالْخَطَأِ كَالنِّكَاحِ. وَفِي كُتُبِ الْأُصُولِ مِنْ بَحْثِ الْهَزْلِ أَنَّ مَا يَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ، وَمَا لَا يَصِحُّ مَعَهُ تُبْطِلُهُ اهـ.