المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب في بيع المغيب في الأرض] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌[مطلب في بيع المغيب في الأرض]

(وَالْحُرِّ وَالْبَيْعِ بِهِ) أَيْ جَعْلِهِ ثَمَنًا بِإِدْخَالِ الْبَاءِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَلَمْ يُوجَدْ.

(وَالْمَعْدُومِ كَبَيْعِ حَقِّ التَّعَلِّي) أَيْ عُلْوٍ سَقَطَ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ.

، وَمِنْهُ بَيْعُ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ كَجَزَرٍ وَفُجْلٍ، أَوْ بَعْضُهُ مَعْدُومٌ كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ وَوَرَقِ فِرْصَادٍ. وَجَوَّزَهُ مَالِكٌ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَمَلًا بِالِاسْتِحْسَانِ، هَذَا إذَا نَبَتَ وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ، فَإِذَا عُلِمَ جَازَ وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَتَكْفِي رُؤْيَةُ الْبَعْضِ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى شَرْحُ مَجْمَعٍ.

ــ

[رد المحتار]

أَطْلَقَ الْجَوَازَ اهـ فَتَأَمَّلْ، وَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ دُودِ الْقَزِّ وَالْعَلَقِ (قَوْلُهُ وَالْبَيْعِ بِهِ) أَيْ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ.

(قَوْلُهُ وَالْمَعْدُومُ كَبَيْعِ حَقِّ التَّعَلِّي) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِذَا كَانَ السُّفْلُ لِرَجُلٍ وَعُلْوُهُ لِآخَرَ فَسَقَطَا أَوْ سَقَطَ الْعُلْوُ وَحْدَهُ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ عُلْوَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ لَيْسَ إلَّا حَقُّ التَّعَلِّي، وَحَقُّ التَّعَلِّي لَيْسَ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ عَيْنٌ يُمْكِنُ إحْرَازُهَا وَإِمْسَاكُهَا وَلَا هُوَ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِ بَلْ هُوَ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَوَاءِ، وَلَيْسَ الْهَوَاءُ مَالًا يُبَاعُ وَالْمَبِيعُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَحَدَهُمَا، بِخِلَافِ الشُّرْبِ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، فَلَوْ بَاعَهُ قَبْلَ سُقُوطِهِ جَازَ، فَإِنْ سَقَطَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ لِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْعُلْوِ صَحِيحٌ قَبْلَ سُقُوطِهِ لَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَيْعٌ لِحَقِّ التَّعَلِّي وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْكَنْزِ بِقَوْلِهِ وَعُلْوٌ سَقَطَ، وَعَبَّرَ فِي الدُّرَرِ بِحَقِّ التَّعَلِّي؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَعُلْوٌ سَقَطَ كَمَا عَلِمْته مِنْ عِبَارَةِ الْفَتْحِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ؛ فَلِذَا فَسَّرَ الشَّارِحُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ اخْتِلَافِ الْمُرَادِ مِنْهُمَا فَافْهَمْ.

[تَنْبِيهٌ] لَوْ كَانَ الْعُلْوُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَقَالَ بِعْتُك عُلْوَ هَذَا السُّفْلِ بِكَذَا صَحَّ وَيَكُونُ سَطْحُ السُّفْلِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْقَرَارِ، حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْعُلْوُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ عُلْوًا آخَرَ مِثْلَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السُّفْلَ اسْمٌ لِمَبْنِيٍّ مُسَقَّفٍ فَكَانَ سَطْحُ السُّفْلِ سَقْفًا لِلسُّفْلِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَعْدُومُ أَفَادَهُ ط.

[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

(قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ بَيْعِ الْمَعْدُومِ.

مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ بَيْعُ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ) أَيْ مَا يَنْبُتُ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ، وَهَذَا إذَا كَانَ لَمْ يَنْبُتْ أَوْ نَبَتَ وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَفُجْلٌ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِضَمَّتَيْنِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ) فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِالتَّدْرِيجِ ط (قَوْلُهُ وَوَرَقِ فِرْصَادٍ) قِيلَ هُوَ التُّوتُ الْأَحْمَرُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ التُّوتُ. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ اللَّيْثُ: الْفِرْصَادُ الشَّجَرُ مَعْرُوفٌ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا) بِالْيَاءِ فِي مَشَايِخَ لَا بِالْهَمْزَةِ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَأَفْتَى الْعُقَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ بِجَوَازِهِ بِتَبَعِيَّةِ الْمَوْجُودِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمَعْدُومِ اهـ ط.

قُلْت: وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي فَصْلِ مَا يَدْخُلُ تَبَعًا (قَوْلُهُ هَذَا إذَا نَبَتَ إلَخْ) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا إذَا لَمْ يَنْبُتْ أَوْ نَبَتَ وَلَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِيهِمَا كَمَا فِي ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي الْأَرْضِ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ بَعْدَ الْقَلْعِ كَالثُّومِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ فَقَلَعَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ قَلَعَ الْبَائِعُ، إنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إذَا رَأَى الْمَقْلُوعَ وَرَضِيَ بِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَتَكُونُ رُؤْيَةُ الْبَعْضِ كَرُؤْيَةِ الْكُلِّ إذَا وَجَدَ الْبَاقِي كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ بَعْدَ الْقَلْعِ عَدَدًا كَالْفُجْلِ فَقَلَعَ الْبَائِعُ أَوْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ لَا يَلْزَمُ الْكُلُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ بِمَنْزِلَةِ الثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ، وَإِنْ قَلَعَهُ بِلَا إذْنِ الْبَائِعِ لَزِمَهُ الْكُلُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَيْئًا يَسِيرًا، وَإِنْ أَبَى كُلَّ الْقَلْعِ تَبَرَّعَ مُتَبَرِّعٌ بِالْقَلْعِ أَوْ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ اهـ ط.

ص: 52

(وَالْمَضَامِينِ) مَا فِي ظُهُورِ الْآبَاءِ مِنْ الْمَنِيِّ (وَالْمَلَاقِيحِ) جَمْعُ مَلْقُوحَةٍ: مَا فِي الْبَطْنِ مِنْ الْجَنِينِ (وَالنِّتَاجِ) بِكَسْرِ النُّونِ: حَبَلُ الْحَبَلَةِ أَيْ نِتَاجُ النِّتَاجِ لِدَابَّةٍ أَوْ آدَمِيٍّ

(وَبَيْعِ أَمَةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِتَذْكِيرِ الْخَبَرِ (عَبْدٌ وَعَكْسُهُ) بِخِلَافِ الْبَهَائِمِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ حُكْمًا فَيَبْطُلُ، وَفِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَيَصِحُّ وَيَتَخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ.

(وَمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا) وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ بَزَّازِيَّةٌ، وَكَذَا مَا ضُمَّ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ بِالنَّصِّ

(وَبَيْعِ الْكِرَابِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ، بِخِلَافِ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فَيَصِحُّ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ تَرْكُهَا وَلْوَالِجِيَّةٌ.

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ أَصْلِ الْفِصْفِصَةِ قُلْت: بَقِيَ شَيْءٌ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ أَصْلُهُ تَحْتَ الْأَرْضِ وَيَبْقَى سِنِينَ مُتَعَدِّدَةً مِثْلُ الْفِصْفِصَةِ تُزْرَعُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ وَتَكُونُ كَالْكِرْدَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي زَمَانِنَا فَإِذَا بَاعَ ذَلِكَ الْأَصْلَ وَعُلِمَ وُجُودُهُ فِي الْأَرْضِ صَحَّ بَيْعُهُ لَكِنَّهُ لَا يُرَى وَلَا يُقْصَدُ قَلْعَهُ؛ لِأَنَّهُ أُعِدَّ لِلْبَقَاءِ فَهَلْ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ يَثْبُتُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ مَا فِي ظُهُورِ الْآبَاءِ مِنْ الْمَنِيِّ) مُوَافِقٌ لِمَا فِي الدُّرَرِ وَالْمِنَحِ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ: الْمَضَامِينُ جَمْعُ مَضْمُونَةٍ مَا فِي أَصْلَابِ الْإِبِلِ وَالْمَلَاقِيحُ: جَمْعُ مَلْقُوحٍ: مَا فِي بُطُونِهَا، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ وَالْمَلَاقِيحُ إلَخْ) يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ هَهُنَا عَلَى مَا سَيَكُونُ وَإِلَّا كَانَ حَمْلًا، وَسَيَأْتِي أَنَّ بَيْعَ الْحَمْلِ فَاسِدٌ لَا بَاطِلٌ دُرَرٌ. قُلْت: وَفِي فَسَادِهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَالنِّتَاجُ بِكَسْرِ النُّونِ) كَذَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ الدُّرَرِ، وَضَبَطَهُ الْكَاكِيُّ بِفَتْحِ النُّونِ، وَهُوَ مَصْدَرُ نُتِجَتْ النَّاقَةُ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْمَنْتُوجُ، وَفَسَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالرَّازِيِّ وَمِسْكِينٌ بِحَبَلِ الْحَبَلَةِ وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ نُوحٌ (قَوْلُهُ حَبَلُ الْحَبَلَةِ) بِالْفَتْحَتَيْنِ فِيهِمَا قَالَ فِي الْمُغْرِبِ: مَصْدَرُ حَبِلَتْ الْمَرْأَةُ حَبَلًا فَهِيَ حُبْلَى سُمِّيَ بِهِ الْمَحْمُولُ كَمَا سُمِّيَ بِالْحَمْلِ وَإِنَّمَا أَدْخَلَ عَلَيْهِ التَّاءِ لِلْإِشْعَارِ بِمَعْنَى الْأُنُوثَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَا سَوْفَ يَحْمِلُهُ الْجَنِينُ إنْ كَانَ أُنْثَى، وَمَنْ رَوَى الْحَبَلَةَ بِكَسْرِ الْبَاءِ فَقَدْ أَخْطَأَ اهـ نُوحٌ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعِ أَمَةٍ إلَخْ) عَلَّلَهُ فِي الدُّرَرِ بِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْدُومٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ: حَقِّ التَّعَلِّي، أَوْ قَوْلِهِ: وَالنِّتَاجِ، فَكَانَ الْوَاجِبُ إسْقَاطَ لَفْظِ بَيْعٍ نُوحٌ (قَوْلُهُ ذَكَّرَ الضَّمِيرَ) أَيْ أَتَى بِهِ مُذَكَّرًا مَعَ أَنَّ الْأَمَةَ مُؤَنَّثَةٌ مُرَاعَاةً لِتَذْكِيرِ الْخَبَرِ وَهُوَ عَبْدٌ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بَيْعُ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى أَمَةٍ ط (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَهَائِمِ) كَمَا إذَا بَاعَ كَبْشًا فَإِذَا هُوَ نَعْجَةٌ حَيْثُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَيَتَخَيَّرُ بَحْرٌ.

مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ مَعَ التَّسْمِيَةِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالْفَرْقُ يُبْتَنَى عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي النِّكَاحِ لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ أَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ التَّسْمِيَةِ إذَا اجْتَمَعَتَا فَفِي مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى وَيَبْطُلُ لِانْعِدَامِهِ، وَفِي مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَيَنْعَقِدُ لِوُجُودِهِ وَيَتَخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ، كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ، فَإِذَا هُوَ كَاتِبٌ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْأَغْرَاضِ، وَفِي الْحَيَوَانَاتِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِلتَّقَارُبِ فِيهَا اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْأَصْلُ الْمَذْكُورُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ هُنَا وَيَجْرِي فِي سَائِرِ الْعُقُودِ مِنْ النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِي الْآدَمِيِّ جِنْسَانِ فِي الْفِقْهِ وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا فِي الْمَنْطِقِ؛ لِأَنَّهُ الذَّاتِيُّ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ بِمُمَيِّزٍ دَاخِلٍ، وَفِي الْفِقْهِ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ لَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ مِنْهَا فَاحِشًا قَالَ فِي الْفَتْحِ

ص: 53

(وَمَا فِي حُكْمِهِ) أَيْ حُكْمِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ (كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ) فَإِنَّ بَيْعَ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ: أَيْ بَقَاءً، فَلَمْ يُمْلَكُوا بِالْقَبْضِ لِابْتِدَاءٍ فَصَحَّ بَيْعُهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَبَيْعُ قِنٍّ ضُمَّ إلَيْهِمْ دُرَرٌ،

ــ

[رد المحتار]

وَمِنْ الْمُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ مَا إذَا بَاعَ فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَلَوْ بَاعَهُ لَيْلًا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَظَهَرَ أَصْفَرَ صَحَّ الْبَيْعُ وَيُخَيَّرُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَأَقَرَّهُ. قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِيمَا مَاتَتْ بِسَبَبٍ غَيْرِ الذَّبْحِ مِمَّا يَدِينُ بِهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ، بَلْ هَذَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَدِينُ بِهِ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ، وَكَوْنُ حُرْمَتِهِ بِالنَّصِّ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ بَيْعِهِ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُنْخَنِقَةِ بِالنَّصِّ أَيْضًا، وَلَمَّا اعْتَقَدُوا حِلَّهَا لَمْ نَحْكُمْ بِبُطْلَانِ بَيْعِهَا بَيْنَهُمْ، نَعَمْ لَوْ بَاعَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا مُسْلِمٌ يَقُولُ بِحِلِّهِ كَشَافِعِيٍّ نَحْكُمُ بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِأَحْكَامِنَا وَمُعْتَقِدٌ لِبُطْلَانِ مَا خَالَفَ النَّصِّ فَنُلْزِمُهُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ بِالنَّصِّ، بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ، فَيَكُونُ بَيْعُهُ بَيْنَهُمْ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا لَا بَاطِلًا كَمَا مَرَّ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ لِعَدَمِ التَّسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ، وَتَصِحُّ بَيْنَ حَنَفِيٍّ وَشَافِعِيٍّ، وَإِنْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ وِلَايَةَ الْإِلْزَامِ قَائِمَةٌ، وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا مَا ضُمَّ إلَيْهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا كَاَلَّذِي مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ حَتَّى يَسْرِيَ الْفَسَادُ إلَى مَا ضُمَّ إلَيْهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْرِيَ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَالْمُدَبَّرِ فَيَنْعَقِدُ فِيهِ الْبَيْعُ بِالْقَضَاءِ، وَأَجَابَ فِي الْكَافِي بِأَنَّ حُرْمَتَهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ وَلَا يَنْفُذُ بِالْقَضَاءِ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعِ الْكِرَابِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ) فِي الْمِصْبَاحِ: كَرَبْتُ الْأَرْضَ مِنْ بَابِ قَتَلَ كِرَابًا بِالْكَسْرِ قَلَّبْتُهَا لِلْحَرْثِ، وَفِيهِ أَيْضًا: كَرَى النَّهْرَ كَرْيًا مِنْ بَابِ رَمَى حَفَرْتُ فِيهِ حُفْرَةً جَدِيدَةً (قَوْلُهُ وَلْوَالِجِيَّةٌ) قَالَ فِيهَا: وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عِمَارَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَبَاعَهَا، إنْ كَانَ بِنَاءً أَوْ أَشْجَارًا جَازَ بَيْعُهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ تَرْكَهَا وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كَرْيَ الْأَنْهَارِ وَنَحْوَهُ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَالٍ وَلَا بِمَعْنَى مَالٍ لَا يَجُوزُ. اهـ يَعْنِي يَبْطُلُ، فَإِنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِنَا بَطَلَ بَيْعُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَبِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي الْكِرَابِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ مِنَحٌ، وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ أَوَّلَ الْبُيُوعِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَى مَشَدِّ الْمُسْكَةِ وَبَيْعِ الْبَرَاءَاتِ وَالْجَامِكِيَّةِ وَالنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ، وَأَشْبَعْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ بَيْعَ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَأَوْرَدَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاطِلًا لَسَرَى الْبُطْلَانُ إلَى مَا ضُمَّ إلَيْهِمْ كَالْمَضْمُومِ إلَى الْحُرِّ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَسْرِي. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَاسِدٌ، وَأَوْرَدَ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُمْلَكُوا بِالْقَبْضِ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُمْلَكُوا بِهِ اتِّفَاقًا، وَأُجِيبَ عَنْهُمَا بِادِّعَاءِ التَّخْصِيصِ، وَهُوَ أَنَّ مِنْ الْبَاطِلِ مَا لَا يَسْرِي حُكْمُهُ إلَى الْمَضْمُومِ لِضَعْفِهِ وَمِنْ الْفَاسِدِ مَا لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَلَا تَخْصِيصَ لِجَوَازِ تَخَلُّفِ بَعْضِ الْأَفْرَادِ الْخُصُوصِيَّةِ. قُلْت: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يَصْلُحُ بَيَانًا لِلْخُصُوصِيَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَ الْحُرِّ بَاطِلٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً لِعَدَمِ مَحَلِّيَّتِهِ لِلْبَيْعِ

ص: 54

وَقَوْلُ ابْنِ الْكَمَالِ بَيْعُ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ مَوْقُوفٌ، ضَعَّفَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْمُرَجَّحَ اشْتِرَاطُ رِضَا الْمُكَاتَبِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَعَدَمُ نَفَاذِ الْقَضَاءِ بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ وَصَحَّحَ فِي الْفَتْحِ نَفَاذَهُ. قُلْت: الْأَوْجَهُ تَوَقُّفُهُ عَلَى قَضَاءٍ آخَرَ إمْضَاءً أَوْ رَدًّا عَيْنِيٌّ وَنَهْرٌ، فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ. وَفِي السِّرَاجِ: وَلَدُ هَؤُلَاءِ كَهُمْ، وَبَيْعُ مُبَعَّضٍ كَحُرٍّ.

(وَ) بَطَلَ (بَيْعُ مَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ) أَيْ غَيْرِ مُبَاحِ الِانْتِفَاعِ بِهِ ابْنُ كَمَالٍ فَلْيُحْفَظْ (كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَيْتَةٍ لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا)

ــ

[رد المحتار]

أَصْلًا بِثُبُوتِ حَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ، وَبَيْعُ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ بَقَاءً لِحَقِّ الْحُرِّيَّةِ فَلِذَا لَمْ يُمْلَكُوا بِالْقَبْضِ، لَا ابْتِدَاءً لِعَدَمِ حَقِيقَتِهَا فَلِذَا جَازَ بَيْعُهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ بُطْلَانُ بَيْعِ قِنٍّ ضُمَّ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الْبَيْعِ ابْتِدَاءً لِكَوْنِهِمْ مَحَلًّا لَهُ فِي الْجُمْلَةِ ثُمَّ خَرَجُوا مِنْهُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ، فَيَبْقَى الْقِنُّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَتَمَامُهُ فِي الدُّرَرِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ الْكَمَالِ) عِبَارَتُهُ: الْبَيْعُ فِي هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ مَوْقُوفٌ يَنْقَلِبُ جَائِزًا بِالرِّضَا فِي الْمُكَاتَبِ وَبِالْقَضَاءِ فِي الْآخَرِينَ لِقِيَامِ الْمَالِيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ قَبْلَ الْبَيْعِ) وَتَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ فِي ضِمْنِهِ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ كَانَ لِحَقِّهِ وَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِهِ، أَمَّا إذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَأَجَازَهُ لَمْ يَجُزْ رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ إجَازَتَهُ لَمْ تَتَضَمَّنْ فَسْخَ الْكِتَابَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ كَذَا فِي السِّرَاجِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ بِيعَ بِغَيْرِ رِضَاهُ فَأَجَازَ بَيْعَ مَوْلَاهُ لَمْ يَنْفُذْ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ نَهْرٌ. قُلْت: لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ آخَرَ الْبَابِ فِيمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ أَنَّ الْبَيْعَ فِي هَؤُلَاءِ مَوْقُوفٌ وَقَدْ دَخَلُوا تَحْتَ الْعَقْدِ لِقِيَامِ الْمَالِيَّةِ: وَلِهَذَا يَنْفُذُ فِي الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي الْمُدَبَّرِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَكَذَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ اهـ، فَقَوْلُهُ مَوْقُوفٌ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ هُنَا بَاطِلٌ، وَقَوْلُهُ يَنْفُذُ فِي الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ فِي الْأَصَحِّ مُخَالِفٌ لِلْمَذْكُورِ عَنْ السِّرَاجِ وَالْخَانِيَّةِ، وَبِهَذَا يَتَأَيَّدُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ يَنْفُذُ فِي الْمُكَاتَبِ بِرِضَاهُ فِي الْأَصَحِّ أَيْ رِضَاهُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى رِضَاهُ فَلَوْ لَمْ يَرْضَ كَانَ بَاطِلًا، وَبِهَذَا تَنْتَفِي الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ كَلَامَيْهِ، لَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يَتَأَتَّى فِي عِبَارَةِ ابْنِ الْكَمَالِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ قُلْت الْأَوْجَهُ إلَخْ) أَيْ إذَا قَضَى بِنَفَاذِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ قَاضٍ يَرَاهُ لَا يَنْفُذُ فَإِذَا رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَمْضَاهُ نَفَذَ الْأَوَّلُ وَإِنْ رَدَّهُ ارْتَدَّ وَقَدَّمْنَا تَحْقِيقَ ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ) بِحَمْلِ مَا فِي الْبَحْرِ عَلَى مَا قَبْلَ الْإِمْضَاءِ، وَمَا فِي الْفَتْحِ عَلَى مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَدُ هَؤُلَاءِ كَهُمْ) أَيْ وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا، بِأَنْ زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا وَكَذَا وَلَدُ الْمُدَبَّرِ أَوْ الْمُكَاتَبِ الْمَوْلُودُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ، وَقَوْلُهُ كَهُمْ: أَيْ فِي حُكْمِهِمْ، وَفِيهِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الضَّمِيرِ وَهُوَ قَلِيلٌ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ مُبَعَّضٍ) أَيْ مُعْتَقِ الْبَعْضِ كَبَيْعِ الْحُرِّ.

(قَوْلُهُ ابْنُ كَمَالٍ) وَنَصُّهُ التَّقَوُّمُ عَلَى مَا ذَكَرَ فِي التَّلْوِيحِ ضَرْبَانِ: عُرْفِيٌّ وَهُوَ بِالْإِحْرَازِ، فَغَيْرُ الْمُحْرَزِ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ، وَشَرْعِيٌّ وَهُوَ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هَهُنَا مَنْفِيًّا. اهـ أَيْ هُوَ الْمُرَادُ بِالتَّقَوُّمِ الْمَنْفِيِّ هُنَا (قَوْلُهُ كَخَمْرٍ) قَيَّدَ بِهَا؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَا سِوَاهَا مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ جَائِزٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَمَيْتَةٌ لَمْ تَمُتْ حَتْفَ أَنْفِهَا) هَذَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَفِي رِوَايَةٍ بَيْعُهَا صَحِيحٌ وَفِي أُخْرَى فَاسِدٌ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ

ص: 55

بَلْ بِالْخَنْقِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا مَالٌ عِنْدَ الذِّمِّيِّ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ، وَهَذَا إنْ بِيعَتْ (بِالثَّمَنِ) أَيْ بِالدَّيْنِ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ بَطَلَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ بِيعَتْ بِعَيْنٍ كَعَرْضٍ بَطَلَ فِي الْخَمْرِ وَفَسَدَ فِي الْعَرْضِ فَيَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ بِقِيمَتِهِ ابْنُ كَمَالٍ.

(وَ) بَطَلَ (بَيْعُ قِنٍّ ضُمَّ إلَى حُرٍّ وَذَكِيَّةٍ ضُمَّتْ إلَى مَيْتَةٍ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا) قَيَّدَ بِهِ لِتَكُونَ كَالْحُرِّ (وَإِنْ سَمَّى ثَمَنَ كُلٍّ) أَيْ فَصَّلَ الثَّمَنَ خِلَافًا لَهُمَا، وَمَبْنَى الْخِلَافِ أَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتَعَدَّدُ بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَكْرَارِ لَفْظِ الْعَقْدِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَظَاهِرُ النِّهَايَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ فَاسِدٌ (بِخِلَافِ بَيْعِ قِنٍّ ضُمَّ إلَى مُدَبَّرٍ) أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ

ــ

[رد المحتار]

فِي الْمَيْتَةِ فَقَطْ، أَمَّا الْخَمْرُ فَصَحِيحٌ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) كَالْجُرْحِ، وَالضَّرْبُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ سِوَى الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا) أَيْ الْمَيْتَةَ الْمَذْكُورَةَ، أَمَّا الَّتِي مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا فَهِيَ غَيْرُ مَالٍ عِنْدَ الْكُلِّ فَلِذَا بَطَلَ بَيْعُهَا فِي حَقِّ الْكُلِّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ بِلَا تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ أَيْ بِالدَّيْنِ) أَيْ مَا يَصِحُّ أَنْ يَثْبُتَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ. قَالَ ابْنُ كَمَالٍ: إنَّمَا قَالَ بِالدَّيْنِ دُونَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ أَعَمُّ مِنْهُ، وَالْمُعْتَبَرُ الْمُقَابَلَةُ بِهِ دُونَ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ بَطَلَ فِي الْكُلِّ) ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْأَصْلُ وَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ فَبَطَلَ فِيهِ فَكَذَا فِي الثَّمَنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَإِنَّهُ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ مَقْصُودٍ بِالتَّمَلُّكِ وَلَكِنْ فَسَدَتْ التَّسْمِيَةُ فَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ دُونَ الْخَمْرِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ بَطَلَ فِي الْخَمْرِ) أَيْ وَفِي أَخَوَيْهِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَتْنِ وَالزَّيْلَعِيِّ سَائِحَانِيٌّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْخَمْرِ بَاطِلٌ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا قَابَلَهُ فَإِنْ دَيْنًا كَانَ بَاطِلًا أَيْضًا، وَإِنْ عَرْضًا كَانَ فَاسِدًا ثُمَّ قَالَ، وَقَيَّدْنَا بِالْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ بَيْعِهَا لِاعْتِقَادِهِمْ الْحِلَّ وَالتَّمَوُّلَ وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ، وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ مُلَخَّصًا. وَظَاهِرُهُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ بَيْعِهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَوْ بِيعَتْ بِالثَّمَنِ، وَيَشْهَدُ لَهُ فُرُوعٌ ذَكَرَهَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ) لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ كَمَالٍ الْقِيمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُرَادَةً ط.

(قَوْلُهُ ضُمَّ إلَى حُرٍّ) وَلَوْ مُبَعَّضًا كَمُعْتَقِ الْبَعْضِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ عِتْقِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ لِتَكُونَ كَالْحُرِّ) أَيْ فَلَا تَكُونُ مَالًا أَصْلًا، أَمَّا لَوْ مَاتَتْ بِخَنْقٍ أَوْ نَحْوِهِ فَهِيَ مَالٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ كَمَا مَرَّ آنِفًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهَا كَبَيْعِ قِنٍّ ضُمَّ إلَى مُدَبَّرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا إذَا فُصِلَ ثَمَنُ كُلٍّ جَازَ فِي الْقِنِّ وَالذَّكِيَّةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ تَصِيرُ مُتَعَدِّدَةً مَعْنًى فَلَا يَسْرِي الْفَسَادُ مِنْ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ النِّهَايَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ فَاسِدٌ) أَيْ مَا ضُمَّ إلَى الْحُرِّ وَالْمَيْتَةِ وَهُوَ الْقِنُّ وَالذَّكِيَّةُ، وَعَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ لِلْمُحِيطِ وَالْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِمَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاسِدِ الْبَاطِلُ، فَيُوَافِقُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْبُطْلَانِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ)(بَيْعِ قِنٍّ ضُمَّ إلَى مُدَبَّرٍ) كَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَيْ فَيَصِحُّ فِي الْقِنِّ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مَحَلٌّ لِلْبَيْعِ عِنْدَ الْبَعْضِ فَيَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَكُونُ الْبَيْعُ بِالْحِصَّةِ فِي الْبَقَاءِ دُونَ الِابْتِدَاءِ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَصْحِيحُ كَلَامِ الْعَاقِلِ مِنْ رِعَايَةِ حَقِّ الْمُدَبَّرِ ابْنُ كَمَالٍ.

قُلْت: وَمَعْنَى الْبَيْعِ بِالْحِصَّةِ بَقَاءً أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الْمُدَبَّرُ صَارَ الْقِنُّ مَبِيعًا بِحِصَّتِهِ مَعَ الثَّمَنِ، بِأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ الْمُدَبَّرِ فَمَا أَصَابَ الْقِنُّ فَهُوَ ثَمَنُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ ضَمِّ الْقِنِّ إلَى الْحُرِّ فَإِنَّ فِيهِ الْبَيْعَ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ لِعَدَمِ مَالِيَّتِهِ.

[تَنْبِيهٌ] تَقَدَّمَ أَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ وَنَحْوِهِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ، وَهَهُنَا إنَّمَا دَخَلَ لِتَصْحِيحِ الْعَقْدِ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ

ص: 56

(أَوْ)(قِنُّ غَيْرِهِ وَمِلْكٍ ضُمَّ إلَى وَقْفٍ) غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْعَامِرِ فَإِنَّهُ كَالْحُرِّ بِخِلَافِ الْغَامِرِ: بِالْمُعْجَمَةِ الْخَرَابِ فَكَمُدَبَّرٍ أَشْبَاهٌ. مِنْ قَاعِدَةِ: إذَا اجْتَمَعَ الْحَرَامُ وَالْحَلَالُ (وَلَوْ مَحْكُومًا بِهِ) فِي الْأَصَحِّ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ هُنَاكَ: فَصَارَ كَمَالِ الْمُشْتَرِي لَا يَدْخُلُ فِي حُكْمِ عَقْدِهِ بِانْفِرَادِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الدُّخُولِ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ اهـ أَيْ إذَا ضَمَّ الْبَائِعُ إلَيْهِ مَالَ نَفْسِهِ وَبَاعَهُمَا لَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْمَضْمُومِ بِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ أَصْلًا فِي شَيْءٍ فَتْحٌ.

مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ شَرِيكِهِ قُلْت: عُلِمَ مِنْ هَذَا مَا يَقَعُ كَثِيرًا، وَهُوَ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ وَنَحْوهَا يَشْتَرِي مِنْ شَرِيكِهِ جَمِيعَ الدَّارِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فَلْتُحْفَظْ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ مَعَ أَنَّ الْكُلَّ مَالُهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ قِنِّ غَيْرِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُدَبَّرٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ) أَيْ (الْمَسْجِدَ الْعَامِرَ) قَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْغَامِرِ بِالْمُعْجَمَةِ الْخَرَابِ) بِجَرِّ الْخَرَابِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْغَامِرِ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَهُ أَيْ مِنْ سَائِرِ الْأَوْقَافِ.

مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ بَيْعِ الْوَقْفِ وَصِحَّةِ بَيْعِ الْمِلْكِ الْمَضْمُومِ إلَيْهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ قَبْلَ خَرَابِهِ كَالْحُرِّ لَيْسَ بِمَالٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بِخِلَافِ بَعْدَ خَرَابِهِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ إذَا خَرِبَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَصَارَ مُجْتَهَدًا فِيهِ كَالْمُدَبَّرِ فَيَصِحُّ بَيْعُ مَا ضُمَّ إلَيْهِ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْأَوْقَافِ، وَلَوْ عَامِرَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لِيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ فَكَمُدَبَّرٍ) أَيْ فَهُوَ بَاطِلٌ أَيْضًا قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ صَرَّحَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْوَقْفِ، وَأَحْسَنَ بِذَلِكَ إذْ جَعَلَهُ فِي قِسْمِ الْبَيْعِ الْبَاطِلِ، إذْ لَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِ بَيْعِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ وَالتَّمَلُّكَ، وَغَلِطَ مَنْ جَعَلَهُ فَاسِدًا، وَأَفْتَى بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْقَرْنِ الْعَاشِرِ وَرَدَّ كَلَامَهُ بِجُمْلَةِ رَسَائِلَ. وَلَنَا فِيهِ رِسَالَةٌ هِيَ حِسَابُ الْحُكَّامِ مُتَضَمِّنَةٌ لِبَيَانِ فَسَادِ قَوْلِهِ وَبُطْلَانِ فَتْوَاهُ اهـ. وَالْغَالِطُ الْمَذْكُورُ هُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ نُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ وَالْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الشَّلَبِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَحْكُومًا بِهِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: تَكْمِيلٌ، قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَصَحَّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَالْمِلْكِ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُ مَوَالِي الرُّومِ هُوَ مَوْلَانَا أَبُو السُّعُودِ جَامِعُ أَشْتَاتِ الْعُلُومِ تَغَمَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرِضْوَانِهِ بِمَا إذَا لَمْ يُحْكَمْ بِلُزُومِهِ فَأَفْتَى بِفَسَادِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ وَمِنْهُمْ شَيْخُنَا الْأَخُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ هُنَا: يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ الْقَضَاءِ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ كَالْحُرِّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ضُمَّ إلَى مِلْكٍ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي الْمِلْكِ وَهَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ وَهُوَ إطْلَاقُ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَإِنْ صَارَ لَازِمًا بِالْإِجْمَاعِ، لَكِنَّهُ يَقْبَلُ الْبَيْعَ بَعْدَ لُزُومِهِ إمَّا بِشَرْطِ الِاسْتِبْدَالِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوْ بِوُرُودِ غَصْبٍ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ إنْزَاعُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَهُنَا مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى أَنَّ بَيْعَ الْوَقْفِ بَاطِلٌ وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدٍ خِلَافًا لِمَنْ أَفْتَى بِفَسَادِهِ، لَكِنَّ الْمَسْجِدَ الْعَامِرَ كَالْحُرِّ، وَغَيْرُهُ كَالْمُدَبَّرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَالْمُدَبَّرِ يَكُونُ بَيْعُ مَا ضُمَّ إلَيْهِ صَحِيحًا، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مَحْكُومًا بِلُزُومِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ

ص: 57

خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُنْلَا أَبُو السُّعُودِ فَيَصِحُّ بِحِصَّتِهِ فِي الْقِنِّ وَعَبْدِهِ وَالْمِلْكِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ.

وَلَوْ بَاعَ قَرْيَةً وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمَسَاجِدَ وَالْمَقَابِرَ لَمْ يَصِحَّ عَيْنِيٌّ.

(كَمَا بَطَلَ)(بَيْعُ صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ وَمَجْنُونٍ) شَيْئًا

وَبَوْلٍ (وَرَجِيعِ آدَمِيٍّ لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ التُّرَابُ) فَلَوْ مَغْلُوبًا بِهِ جَازَ كَسِرْقِينٍ وَبَعْرٍ، وَاكْتَفَى فِي الْبَحْرِ بِمُجَرَّدِ خَلْطِهِ بِتُرَابٍ (وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ) لِكَرَامَةِ الْآدَمِيِّ وَلَوْ كَافِرًا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي بَحْثِ شَعْرِ الْخِنْزِيرِ.

(وَبَيْعُ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ) لِبُطْلَانِ بَيْعِ الْمَعْدُومِ

ــ

[رد المحتار]

الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَصِحُّ إلَخْ عَلَى وَجْهِ التَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا) أَيْ الْمُدَبَّرَ وَقِنَّ الْغَيْرِ وَالْوَقْفَ.

(قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَسْجِدَ الْعَامِرَ كَالْحُرِّ فَيَبْطُلُ بَيْعُ مَا ضُمَّ إلَيْهِ، لَكِنْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْأَصَحَّ الصِّحَّةُ فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ مَا فِيهَا مِنْ الْمَسَاجِدِ وَالْمَقَابِرِ مُسْتَثْنًى عَادَةً اهـ أَيْ فَلَمْ يُوجَدْ ضَمُّ الْمِلْكِ إلَى الْمَسْجِدِ بَلْ الْبَيْعُ وَاقِعٌ عَلَى الْمِلْكِ وَحْدَهُ.

(قَوْلُهُ لَا يَعْقِلُ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ إذَا بَاعَ أَوْ اشْتَرَى انْعَقَدَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ إنْ كَانَ لِنَفْسِهِ، وَنَافِذًا بِلَا عُهْدَةٍ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ ط عَنْ الْمِنَحِ، وَهَذَا إذَا بَاعَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ مَالَهُ وَاشْتَرَى بِدُونِ غَبْنٍ فَاحِشٍ وَإِلَّا لَمْ يَتَوَقَّفْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ مِنْ وَلِيِّهِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ شَيْئًا) قَدَّرَهُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي بَيْعِ صَبِيٍّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ ط.

(قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ بَيْعُهُ ط (قَوْلُهُ كَسِرْقِينٍ وَبَعْرٍ) فِي الْقَامُوسِ: السِّرْجِينُ وَالسِّرْقِينُ بِكَسْرِهِمَا مُعَرَّبَا سِرْكِينٍ بِالْفَتْحِ وَفَسَّرَهُ فِي الْمِصْبَاحِ بِالزِّبْلِ، قَالَ ط: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا وَلَوْ خَالِصَيْنِ اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ وَيَجُوزُ بَيْعُ السِّرْقِينِ وَالْبَعْرِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ وَالْوُقُودُ بِهِ (قَوْلُهُ وَاكْتَفَى فِي الْبَحْرِ) حَيْثُ قَالَ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمِنَحِ: وَلَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعُ النَّحْلِ وَدُودِ الْقَزِّ إلَّا تَبَعًا، وَلَا بَيْعُ الْعَذِرَةِ خَالِصَةً بِخِلَافِ بَيْعِ السِّرْقِينِ وَالْمَخْلُوطَةِ بِتُرَابٍ. اهـ (قَوْلُهُ وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ) وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِحَدِيثِ «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ» وَإِنَّمَا يُرَخَّصُ فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ الْوَبَرِ فَيَزِيدُ فِي قُرُونِ النِّسَاءِ وَذَوَائِبِهِنَّ هِدَايَةٌ.

[فَرْعٌ] لَوْ أَخَذَ شَعْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّنْ عِنْدَهُ وَأَعْطَاهُ هَدِيَّةً عَظِيمَةً لَا عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ فَلَا بَأْسَ بِهِ سَائِحَانِيٌّ عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ.

مَطْلَبٌ الْآدَمِيُّ مُكَرَّمٌ شَرْعًا وَلَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) حَيْثُ قَالَ: وَالْآدَمِيُّ مُكَرَّمٌ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَإِيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَابْتِذَالُهُ بِهِ وَإِلْحَاقُهُ بِالْجَمَادَاتِ إذْلَالٌ لَهُ. اهـ أَيْ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَبَعْضُهُ فِي حُكْمِهِ وَصَرَّحَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِبُطْلَانِهِ ط. قُلْت وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْحَرْبِيِّ وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الِاسْتِرْقَاقِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ تَكْرِيمُ صُورَتِهِ وَخِلْقَتِهِ، وَلِذَا لَمْ يَجُزْ كَسْرُ عِظَامِ مَيِّتٍ كَافِرٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَحَلَّ الِاسْتِرْقَاقِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، بَلْ مَحَلُّهُ النَّفْسُ الْحَيَوَانِيَّةُ فَلِذَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَ لَبَنِ أَمَتِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ) فِيهِ أَنَّهُ يَشْمَلُ بَيْعَ مِلْكِ الْغَيْرِ لِوَكَالَةٍ أَوْ بِدُونِهَا مَعَ أَنَّ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ نَافِذٌ وَالثَّانِي صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بَيْعُ مَا سَيَمْلِكُهُ قَبْلَ مِلْكِهِ لَهُ ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي الْفَتْحِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ، وَذَكَرَ أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ بَيْعِ الْمَعْدُومِ) إذْ مِنْ شَرْطِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ: أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا مَالًا مُتَقَوِّمًا مَمْلُوكًا فِي نَفْسِهِ، وَأَنْ يَكُونَ مِلْكَ

ص: 58