المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب أحكام نقصان المبيع فاسدا] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌[مطلب أحكام نقصان المبيع فاسدا]

وَلَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ خُيِّرَ الْبَائِعُ.

[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

(وَكُرِهَ) تَحْرِيمًا مَنَعَ الصِّحَّةَ (الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ) إلَّا إذَا تَبَايَعَا يَمْشِيَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِتَعْلِيلِ النَّهْيِ بِالْإِخْلَالِ بِالسَّعْيِ، فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَى، وَقَدْ خُصَّ مِنْهُ مَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَ) كُرِهَ (النَّجْشُ) بِفَتْحَتَيْنِ وَيُسَكَّنُ: أَنْ يَزِيدَ وَلَا يُرِيدَ الشِّرَاءَ أَوْ يَمْدَحَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ لِيُرَوِّجَهُ وَيَجْرِي فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ. ثُمَّ النَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا (إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ بَلَغَتْ قِيمَتَهَا، أَمَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْ لَا) يُكْرَهُ لِانْتِفَاءِ الْخِدَاعِ عِنَايَةٌ (وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ) وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا،

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ) إنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ شَاءَ أَتْبَعَ الْجَانِيَ وَهُوَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ تَحْرِيمًا مَعَ الصِّحَّةِ) أَشَارَ إلَى وَجْهِ تَأْخِيرِ الْمَكْرُوهِ عَنْ الْفَاسِدِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي حُكْمِ الْمَنْعِ الشَّرْعِيِّ وَالْإِثْمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ دُونَهُ مِنْ حَيْثُ صِحَّتُهُ وَعَدَمُ فَسَادِهِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى مُجَاوِرٍ لِلْبَيْعِ لَا فِي صُلْبِهِ وَلَا فِي شَرَائِطِ صِحَّتِهِ، وَمِثْلُ هَذَا النَّهْيِ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ بَلْ الْكَرَاهِيَةَ كَمَا فِي الدُّرَرِ. وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ فَسْخُهُ وَيَمْلِكُ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَجِبُ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ. اهـ لَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ فَسْخَهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْضًا صَوْنًا لَهُمَا عَنْ الْمَحْظُورِ، وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّارِحُ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَيَأْتِي تَمَامُهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ السَّعْيُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا تَبَايَعَا يَمْشِيَانِ إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: هَذَا مُشْكِلٌ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْ الْبَيْعِ مُطْلَقًا، فَمَنْ أَطْلَقَهُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ يَكُونُ تَخْصِيصًا وَهُوَ نَسْخٌ، فَلَا يَجُوزُ بِالرَّأْيِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. وَالْجَوَابُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ النَّصَّ مُعَلَّلٌ بِالْإِخْلَالِ بِالسَّعْيِ وَمُخَصَّصٌ، لَكِنْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا مَشَى عَلَى خِلَافِهِ فِي الْجُمُعَةِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَقَدْ خُصَّ مِنْهُ إلَخْ) جَوَابٌ ثَانٍ: أَيْ وَالْعَامُّ إذَا دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ صَارَ ظَنِّيًّا فَيَجُوزُ تَخْصِيصُهُ ثَانِيًا بِالرَّأْيِ: أَيْ بِالِاجْتِهَادِ، وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ فَلَا يَجُوزُ أَيْ بِالرَّأْيِ، قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ إشْكَالَ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْله تَعَالَى {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] مُطْلَقٌ عَنْ التَّقْيِيدِ بِحَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ، فَإِنَّ مُفَادَ الْآيَةِ الْأَمْرُ بِتَرْكِ الْبَيْعِ عِنْدَ النِّدَاءِ، وَهُوَ شَامِلٌ لِحَالَةِ الْمَشْيِ، وَاَلَّذِي خُصَّ مِنْهُ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ هُوَ الْوَاوُ فِي - {فَاسْعَوْا} [الجمعة: 9]- وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَخْصِيصُ مَنْ ذُكِرَ أَيْضًا فِي - {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]-؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ فِي النَّظْمِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمُشَارَكَةُ فِي الْحُكْمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] فَإِنَّ الْخِطَابَ عَامٌّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، لَكِنْ خَصَّ الدَّلِيلُ مِنْ الْأَوَّلِ جَمَاعَةً كَالْمَرِيضِ الْعَاجِزِ، وَمِنْ الثَّانِي جَمَاعَةٌ كَالْفَقِيرِ مَعَ أَنَّ الْمَرِيضَ تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ وَالْفَقِيرُ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّلِيلَ خَصَّ مِنْ وُجُوبِ السَّعْيِ جَمَاعَةً كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَلَمْ يَرِدْ الدَّلِيلُ بِتَخْصِيصِ هَؤُلَاءِ مِنْ وُجُوبِ تَرْكِ الْبَيْعِ فَيَبْقَى الْأَمْرُ شَامِلًا لَهُمْ، إلَّا أَنْ يُعَلَّلَ بِتَرْكِ الْإِخْلَالِ بِالسَّعْيِ فَيَرْجِعُ إلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُفِدْ الثَّانِي شَيْئًا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ النَّجَشُ) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ لِلْبَيْعِ وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَوْ يَمْدَحَهُ) تَفْسِيرٌ آخَرُ، عَبَّرَ عَنْهُ فِي النَّهْرِ: بِقِيلَ نَقْلًا عَنْ الْقَرْمَانِيِّ فِي شَرْحِ الْمُقَدَّمَةِ قَالَ: وَفِي الْقَامُوسِ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْإِجَارَةِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ (قَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ) بَلْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَابْنُ الْكَمَالِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَحْمُودٌ (قَوْلُهُ وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ) وَكَذَا الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ. فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ» إلَى أَنْ قَالَ «وَأَنْ يَسْتَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا «لَا يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ» .

ص: 101

وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ لِزِيَادَةِ التَّنْفِيرِ نَهْرٌ، وَهَذَا (بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَبْلَغِ الثَّمَنِ) أَوْ الْمَهْرِ (وَإِلَّا لَا) يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ، «وَقَدْ بَاعَ عليه الصلاة والسلام قَدَحًا وَحِلْسًا بِبَيْعِ مَنْ يَزِيدُ» (وَتَلَقِّي الْجَلَبِ) بِمَعْنَى الْمَجْلُوبِ أَوْ الْجَالِبِ، وَهَذَا (إذَا كَانَ يَضُرُّ بِأَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ يُلَبِّسُ السِّعْرَ) عَلَى الْوَارِدِينَ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ بِهِ فَيُكْرَهُ لِلضَّرَرِ وَالْغَرَرِ (أَمَّا إذَا انْتَفَيَا فَلَا) يُكْرَهُ.

(وَ) كُرِهَ (بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي) وَهَذَا (فِي حَالَةِ قَحْطٍ وَعَوَزٍ وَإِلَّا لَا) لِانْعِدَامِ الضَّرَرِ، قِيلَ الْحَاضِرُ الْمَالِكُ وَالْبَادِي الْمُشْتَرِي وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى أَنَّهُمَا السِّمْسَارُ وَالْبَائِعُ لِمُوَافَقَتِهِ آخِرَ الْحَدِيثِ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا»

ــ

[رد المحتار]

وَصُورَةُ السَّوْمِ أَنْ يَتَرَاضَيَا بِثَمَنٍ وَيَقَعَ الرُّكُونُ بِهِ فَيَجِيءَ آخَرُ فَيَدْفَعَ لِلْمَالِكِ أَكْثَرَ أَوْ مِثْلَهُ. وَصُورَةُ الْبَيْعِ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى ثَمَنِ سِلْعَةٍ فَيَقُولَ آخَرُ أَنَا أَبِيعُكَ مِثْلَهَا بِأَنْقَصَ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَيَدْخُلُ فِي السَّوْمِ الْإِجَارَةُ، إذْ هِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ بَلْ لِزِيَادَةِ التَّنْفِيرِ) ؛ لِأَنَّ السَّوْمَ عَلَى السَّوْمِ يُوجِبُ إيحَاشًا وَإِضْرَارًا، وَهُوَ فِي حَقِّ الْأَخِ أَشَدُّ مَنْعًا. قَالَ فِي النَّهْرِ كَقَوْلِهِ فِي الْغَيْبَةِ:«ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» ، إذْ لَا خَفَاءَ فِي مَنْعِ غَيْبَةِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ «وَقَدْ بَاعَ عليه الصلاة والسلام قَدَحًا وَحِلْسًا» إلَخْ) رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ فِي حَدِيثٍ مُطَوَّلٍ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ. وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْحِلْسُ كِسَاءٌ يُجْعَلُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ تَحْتَ رَحْلِهِ جَمْعُهُ أَحْلَاسٌ كَحِمْلٍ وَأَحْمَالٍ، وَالْحِلْسُ بِسَاطٌ يُبْسَطُ فِي الْبَيْتِ (قَوْلُهُ وَتَلَقِّي الْجَلَبِ) بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ تَفْسِيرَهُ بِالْجَلَبِ؛ لِأَنَّ الرُّكْبَانَ جَمْعُ رَاكِبٍ، لَكِنْ الَّذِي فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُغْرِبِ تَفْسِيرُهُ بِالْمَجْلُوبِ تَأَمَّلْ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلِلتَّلَقِّي صُورَتَانِ:

إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَلَقَّاهُمْ الْمُشْتَرُونَ لِلطَّعَامِ مِنْهُمْ فِي سَنَةِ حَاجَةٍ لِيَبِيعُوهُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ بِزِيَادَةٍ. وَثَانِيهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُمْ بِأَرْخَصَ مِنْ سِعْرِ الْبَلَدِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِالسِّعْرِ (قَوْلُهُ لِلضَّرَرِ وَالْغَرَرِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، فَالضَّرَرُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْغَرَرُ بِتَلْبِيسِ السِّعْرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي) لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ» قَالَ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا فَتْحٌ. وَالْحَاضِرُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَضَرِ خِلَافِ الْبَدْوِ " فَالْبَادِي مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَيْ الْبَرِّيَّةِ، وَيُقَالُ حَضَرِيٌّ وَبَدْوِيٌّ نِسْبَةٌ إلَى الْحُضُورِ وَالْبَدْوِ (قَوْلُهُ فِي حَالَةِ قَحْطٍ وَعَوَزٍ) الْقَحْطُ: انْقِطَاعُ الْمَطَرِ. وَالْعَوَزُ: بِتَحْرِيكِ الْوَاوِ الْحَاجَةُ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: عَوِزَ الشَّيْءُ عَوَزًا مِنْ بَابِ تَعِبَ عَزَّ فَلَمْ يُوجَدْ، وَعُزْت الشَّيْءَ أَعُوزُهُ مِنْ بَابِ قَالَ احْتَجْت إلَيْهِ فَلَمْ أَجِدْهُ (قَوْلُهُ قِيلَ الْحَاضِرُ الْمَالِكُ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ طَمَعًا فِي الثَّمَنِ الْغَالِي لِمَا فِيهِ الْإِضْرَارِ بِهِمْ. اهـ، أَيْ بِأَهْلِ الْبَلَدِ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَيَشْهَدُ لِصِحَّةِ هَذَا التَّفْسِيرِ مَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ أَنَّ أَعْرَابًا قَدِمُوا الْكُوفَةَ وَأَرَادُوا أَنْ يَمْتَارُوا مِنْهَا وَيَضُرَّ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ قَالَ امْنَعْهُمْ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ الْبَلْدَةِ يَمْنَعُونَ عَنْ الشِّرَاءِ لِلْحُكْرَةِ فَهَذَا أَوْلَى. اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا السِّمْسَارُ وَالْبَائِعُ) بِأَنْ يَصِيرَ الْحَاضِرُ سِمْسَارًا لِلْبَادِي الْبَائِعِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ: هُوَ أَنْ يَمْنَعَ السِّمْسَارُ الْحَاضِرُ الْقَرَوِيَّ مِنْ الْبَيْعِ وَيَقُولَ لَهُ: لَا تَبِعْ أَنْتَ أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ فَيَتَوَكَّلَ لَهُ وَيَبِيعَ وَيُغَالِيَ، وَلَوْ تَرَكَهُ يَبِيعُ بِنَفْسِهِ لَرَخَّصَهُ عَلَى النَّاسِ (قَوْلُهُ لِمُوَافَقَتِهِ آخِرَ الْحَدِيثِ) وَالْمُوَافَقَةُ لِتَفْسِيرِ رَاوِي الْحَدِيثِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الصَّحِيحَيْنِ (قَوْلُهُ «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» ) كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ «دَعُوا النَّاسَ

ص: 102

وَلِذَا عُدِّيَ بِاللَّامِ لَا بِمِنْ.

(لَا) يُكْرَهُ (بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ) لِمَا مَرَّ وَيُسَمَّى بَيْعَ الدَّلَالَةِ (وَلَا يُفَرَّقُ) عَبَّرَ بِالنَّفْيِ مُبَالَغَةً فِي الْمَنْعِ «لِلَعْنِهِ عليه الصلاة والسلام مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ وَأَخٍ وَأَخِيهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ عَيْنِيٌّ. وَعَنْ الثَّانِي فَسَادُهُ مُطْلَقًا، وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (بَيْنَ صَغِيرٍ) غَيْرِ بَالِغٍ (وَذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ) أَيْ مَحْرَمٍ مِنْ جِهَةِ الرَّحِمِ لَا الرَّضَاعِ كَابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ رَضَاعًا فَافْهَمْ.

(إلَّا إذَا كَانَ) التَّفْرِيقُ بِإِعْتَاقٍ وَتَوَابِعِهِ وَلَوْ عَلَى مَالٍ، أَوْ بِبَيْعٍ مِمَّنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ، أَوْ كَانَ الْمَالِكُ كَافِرًا لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالشَّرَائِعِ،

ــ

[رد المحتار]

يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيِّ أَنَّ بَعْضَهُمْ: زَادَ «دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ» وَنَسَبَهُ لِمُسْلِمٍ، قَالَ: وَهُوَ غَلَطٌ لَا وُجُودَ لِهَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي مُسْلِمٍ، بَلْ وَلَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ كَمَا قَضَى بِهِ سَبْرُ مَا بِأَيْدِي النَّاسِ مِنْهَا. اهـ (قَوْلُهُ وَلِذَا عُدِّيَ بِاللَّامِ لَا بِمِنْ) هَذَا مُرَجِّحٌ آخَرُ لِلتَّفْسِيرِ الثَّانِي، فَإِنَّ اللَّامَ فِي أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ تَكُونُ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَهِيَ التَّعْلِيلُ: أَمَّا عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ تَكُونُ بِمَعْنَى مِنْ أَوْ زَائِدَةً؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ بِعْت الثَّوْبَ مِنْ زَيْدٍ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ، وَرُبَّمَا دَخَلَتْ اللَّامُ مَكَانَ مِنْ؛ يُقَالُ بِعْتُك الشَّيْءَ وَبِعْتُهُ لَكَ فَاللَّامُ زَائِدَةٌ زِيَادَتُهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [الحج: 26] وَالْأَصْلُ بَوَّأْنَا إبْرَاهِيمَ.

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا مِنْ قَوْلِهِ وَقَدْ بَاعَ عليه الصلاة والسلام إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى بَيْعَ الدَّلَالَةِ) أَيْ بَيْعَ الدَّلَّالِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ. وَهُوَ صِفَةُ الْبَيْعِ فِي أَسْوَاقٍ الْمُسَمَّى بِالْبَيْعِ فِي الدَّلَالَةِ.

مَطْلَبٌ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَمَحْرَمِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُفَرَّقُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ النَّهْرِ: وَلَا يُفَرِّقُ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْفَاعِلِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إلَى الْمِلْكِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ تَأَمَّلْ وَكَمَا يُمْنَعُ الْمَالِكُ عَنْ التَّفْرِيقِ يُمْنَعُ الْمُشْتَرِي كَمَا يَأْتِي، وَالْكَرَاهَةُ فِيهِ تَحْرِيمِيَّةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ عَبَّرَ بِالنَّفْيِ مُبَالَغَةً فِي الْمَنْعِ) كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ شَأْنَ الْمُسْلِمِ عَدَمُ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ شَرْعًا فَكَأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَقَعُ مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى نَهْيِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّانِي إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ فِي حَوَاشِي الدُّرَرِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: رِوَايَةٌ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادِ وَيَجُوزُ فِي قَرَابَةٍ غَيْرِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَجُوزُ فِي الْكُلِّ: أَيْ قَرَابَةِ الْوِلَادِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالرَّدِّ فِي الْحَدِيثِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْفَاسِدِ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ فِي الْأُمِّ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهَا. اهـ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعِيدٌ عَنْ هَذَا ط (قَوْلُهُ غَيْرِ بَالِغٍ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مُدَّةَ مَنْعِ التَّفْرِيقِ تَمْتَدُّ إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالْحَيْضِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ إلَى زَمَانِ التَّمْيِيزِ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ بِالتَّقْرِيبِ. وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إذَا رَاهَقَا وَرَضِيَا بِالتَّفْرِيقِ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ لِأَنْفُسِهِمَا وَرُبَّمَا يَرَيَانِ الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَذِي رَحِمٍ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ صَغِيرًا أَيْضًا أَوْ كَبِيرًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَلِذَا قَالَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ مَحْرَمٍ مِنْ جِهَةِ الرَّحِمِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مِنْهُ رَاجِعٌ إلَى الرَّحِمِ لَا إلَى الصَّغِيرِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَحْرَمِيَّتُهُ فِي جِهَةِ الرَّحِمِ لَا مِنْ الرَّضَاعِ احْتِرَازًا عَنْ ابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ رَضَاعَةً فَإِنَّهُ رَحِمٌ مَحْرَمٌ لَكِنَّ مَحْرَمِيَّتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ لَا مِنْ الرَّحِمِ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَافْهَمْ.

وَخَرَجَ أَيْضًا بِالْأَوْلَى الْمَحْرَمُ لَا مِنْ الرَّحِمِ كَالْأَخِ الْأَجْنَبِيِّ رَضَاعًا وَامْرَأَةِ الْأَبِ وَالرَّحِمُ غَيْرُ الْمَحْرَمِ كَابْنِ الْعَمِّ (قَوْلُهُ وَتَوَابِعِهِ) هِيَ التَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ وَالْكِفَايَةُ ح (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى مَالٍ) مُبَالَغَةٌ عَلَى الْإِعْتَاقِ فَقَطْ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَوْ قَدَّمَهُ لَكَانَ أَوْلَى اهـ ح لَكِنْ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَخْفَى اسْتَوَى فِيهِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ بِبَيْعٍ مِمَّنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ) أَيْ إذَا حَلَفَ بِقَوْلِهِ إنْ مَلَكْت هَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ لِيَعْتِقَ لَمْ يُكْرَهْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِتَفْرِيقٍ بَلْ فِيهِ زِيَادَةُ التَّمَكُّنِ مِنْ الِاجْتِمَاعِ مَعَ مَحْرَمِهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمَالِكُ كَافِرًا) ظَاهِرًا وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُسْلِمًا لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ التَّعْلِيلُ

ص: 103

أَوْ مُتَعَدِّدًا وَلَوْ الْآخَرُ لِطِفْلِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، أَوْ تَعَدُّدُ مَحَارِمُهُ فَلَهُ بَيْعُ مَا سِوَى وَاحِدٍ غَيْرِ الْأَقْرَبِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالْمُلْحَقِ بِهِمَا فَتْحٌ، أَوْ (بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ)

ــ

[رد المحتار]

مَعَ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بِالشِّرَاءِ. وَفِي الْفَتْحِ أَمَّا إذَا كَانَ كَافِرًا فَلَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالشَّرَائِعِ. وَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ فِي مِلَّتِهِمْ حَلَالًا لَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ إلَّا إنْ كَانَ بَيْعُهُمْ مِنْ مُسْلِمٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا فِي مِلَّتِهِمْ فَلَا يَجُوزُ. اهـ وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ شِرَاؤُهُ مِنْ حَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ التَّفْرِيقِ عَارَضَهَا أَعْظَمُ مِنْهَا وَهُوَ ذَهَابُهُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَفِيهِ مَفْسَدَةُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، أَمَّا الدِّينُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الدُّنْيَا فَتَعْرِيضُهُ لِلْقَتْلِ وَالسَّبْيِ اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ شِرَاؤُهُ مِنْ كَافِرٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ لِعَدَمِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ الْمُعَارِضَةِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا اسْتَوْجَهَهُ فِيمَا مَرَّ؛ وَعَلَى هَذَا فَلَا وَجْهَ لِمَا فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَرْبِيِّ الْكَافِرُ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ كَمَا فِي الْبَحْرِ: أَوْ كَانَ الْبَائِعُ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا لِمُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمَ مِنْ الشِّرَاءِ دَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مُتَعَدِّدًا إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُتَعَدِّدًا، بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِزَيْدٍ وَالْآخَرُ لِعَمْرٍو فَلَا بَأْسَ بِالْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ الْآخَرُ لِطِفْلِ الْمَالِكِ الْأَوَّلِ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ، إذْ الشَّرْطُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ أَحَدُهُمَا لَهُ وَالْآخَرُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لِمَمْلُوكِهِ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ مُضَارَبِهِ لَا يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ، وَلَوْ كِلَاهُمَا لَهُ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ يُكْرَهُ اهـ. وَبَقِيَ مَا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَعًا، وَظَاهِرُ الْقُهُسْتَانِيِّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ فَلَا بَأْسَ) جَوَابٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ الْآخَرُ لِطِفْلِهِ عَلَى أَنَّ لَوْ شَرْطِيَّةٌ لَا وَصْلِيَّةٌ، وَإِنَّمَا فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ مُصَرِّحًا بِالْجَوَابِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى طِفْلِهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ بَيْعُهُمَا مَعًا بِلَا تَفْرِيقٍ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ عَوْدُ الْآخَرِ إلَى مِلْكِهِ إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَعَدَّدَ مَحَارِمُهُ إلَخْ) أَيْ مَحَارِمُ الصَّغِيرِ، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ أَخَوَانِ شَقِيقَانِ مَثَلًا أَوْ عَمَّانِ أَوْ خَالَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَلَهُ بَيْعُ الزَّائِدِ عَلَى الْوَاحِدِ مِنْهُمْ، وَيَبْقَى الْوَاحِدُ مَعَ الصَّغِيرِ لِيَسْتَأْنِسَ بِهِ. وَلَهُ بَيْعُ الصَّغِيرِ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا وَحْدَهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَكَذَا لَوْ مَلَك سِتَّةَ إخْوَةٍ ثَلَاثَةً كِبَارًا وَثَلَاثَةً صِغَارًا فَبَاعَ مَعَ كُلِّ صَغِيرٍ كَبِيرًا جَازَا اسْتِحْسَانًا (قَوْلُهُ غَيْرِ الْأَقْرَبِ) حَالٌ مِنْ مَا اهـ ح، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ بَاعَ غَيْرَ الشَّقِيقَةِ كَمَا فِي الْفَتَخِ (قَوْلُهُ وَالْأَبَوَيْنِ) أَيْ وَغَيْرِ الْأَبَوَيْنِ، فَإِذَا كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ لَا يَبِيعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُلْحَقِ بِهِمَا) كَأَخٍ لِأَبٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ أَوْ خَالٍ وَعَمٍّ، فَالْمُدْلِي بِقَرَابَةِ الْأُمِّ قَامَ مَقَامَهَا، وَالْمُدْلِي بِالْأَبِ كَالْأَبِ. وَإِذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَبٌ وَأُمٌّ وَاجْتَمَعُوا فِي مِلْكِ وَاحِدٍ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ أَحَدِهِمْ فَكَذَا هُنَا وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَمَّةٌ وَخَالَةٌ أَوْ أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا جَوْهَرَةٌ.

قُلْت: لَكِنَّ الْإِلْحَاقَ بِالْأَبَوَيْنِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ عَدَمِ أَحَدِهِمَا، لِمَا فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أُمٌّ وَأَخٌ أَوْ أُمٌّ وَعَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ أَوْ أَخٌ جَازَ بَيْعُ مَنْ سِوَى الْأُمِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ شَفَقَةَ الْأُمِّ تُغْنِي عَمَّنْ سِوَاهَا وَلِذَا كَانَتْ أَحَقَّ بِالْحَضَانَةِ مِنْ غَيْرِهَا، وَالْجَدَّةُ كَالْأُمِّ؛ فَلَوْ كَانَ لَهُ جَدَّةٌ وَعَمَّةٌ وَخَالَةٌ جَازَ بَيْعُ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ عَمَّةٌ وَخَالَةٌ لَمْ يُبَاعُوا إلَّا مَعًا لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ مَعَ اتِّحَادِ الدَّرَجَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ فَصَارَا أَبَوَيْنِ لَهُ ثُمَّ مُلِكُوا جُمْلَةً فَالْقِيَاسُ أَنْ يُبَاعَ أَحَدُهُمَا لِاتِّحَادِ جِهَتِهِمَا. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ، وَلَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ فَاحْتَمَلَ كَوْنَهُ الَّذِي بِيعَ فَيَمْتَنِعُ احْتِيَاطًا، فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ عَدَدٌ أَحَدُهُمْ أَبْعَدُ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانُوا فِي دَرَجَةٍ

ص: 104

كَخُرُوجِهِ مُسْتَحِقًّا، وَ (كَدَفْعِ أَحَدِهِمَا بِالْجِنَايَةِ وَبَيْعِهِ بِالدَّيْنِ) أَوْ بِإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ (وَرَدِّهِ بِعَيْبٍ) ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ فِي دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْغَيْرِ لَا فِي الضَّرَرِ بِالْغَيْرِ (بِخِلَافِ الْكَبِيرِينَ وَالزَّوْجَيْنِ) فَلَا بَأْسَ بِهِ خِلَافًا لِأَحْمَدَ، فَالْمُسْتَثْنَى أَحَدَ عَشَرَ.

(وَكَمَا يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بِبَيْعٍ) وَغَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ (يُكْرَهُ) بِشِرَاءٍ إلَّا مِنْ حَرْبِيٍّ ابْنُ مَلَكٍ، وَ (بِقِسْمَةٍ فِي الْمِيرَاثِ وَالْغَنَائِمِ) جَوْهَرَةٌ.

اعْلَمْ أَنَّ فَسْخَ الْمَكْرُوهِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْضًا بَحْرٌ وَغَيْرُهُ لِرَفْعِ الْإِثْمِ مَجْمَعٌ. وَفِيهِ: وَتَصَحَّحَ شِرَاءُ كَافِرٍ مُسْلِمًا وَمُصْحَفًا مَعَ الْإِجْبَارِ عَلَى إخْرَاجِهِمَا عَنْ مِلْكِهِ وَسَيَجِيءُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ.

ــ

[رد المحتار]

وَكَانُوا مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ لَا يُفَرَّقُ وَلَكِنْ يُبَاعُ الْكُلُّ أَوْ يُمْسَكُ الْكُلُّ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْأَخَوَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ وَالْخَالَيْنِ جَازَ أَنْ يُمْسِكَ مَعَ الصَّغِيرِ أَحَدَهُمَا وَيَبِيعَ مَا سِوَاهُ، وَمِثْلُ الْخَالِ وَالْعَمِّ أَخٌ لِأَبٍ وَأَخٌ لِأُمٍّ. اهـ.

(قَوْلُهُ كَخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا) بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ لَهُ وَأَثْبَتَهُ (قَوْلُهُ بِالْجِنَايَةِ) كَأَنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا رَجُلًا خَطَأً وَدَفَعَهُ سَيِّدُهُ بِهَا (قَوْلُهُ وَبَيْعُهُ بِالدَّيْنِ) بِأَنْ كَانَ مَأْذُونًا وَاسْتَغْرَقَهُ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي مَنْعِ التَّفْرِيقِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الصَّغِيرُ لَا إلْحَاقُ الضَّرَرِ بِهِ: أَيْ بِالْمَالِكِ، فَلَوْ مَنَعْنَا التَّفْرِيقَ هُنَا كَانَ إلْزَامًا لِلضَّرَرِ بِالْمِلْكِ كَذَا فِي الْفَتْحِ، أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَتَضَرَّرُ بِإِلْزَامِهِ الْفِدَاءَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَإِلْزَامِهِ الْقِيمَةَ لِلْغُرَمَاءِ وَإِلْزَامِهِ الْمَعِيبَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجَيْنِ) أَيْ وَلَوْ صَغِيرَيْنِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَالْمُسْتَثْنَى أَحَدَ عَشَرَ) كَانَ الْوَاجِبُ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ وَالزَّوْجَيْنِ لِعَدَمِ دُخُولِهِمَا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ اهـ ح وَالْأَحَدَ عَشَرَ: الْإِعْتَاقُ، تَوَابِعُهُ، بَيْعُهُ مِمَّنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ كَوْنُ الْمَالِكِ كَافِرًا كَوْنُهُ مُتَعَدِّدًا، تَعَدُّدُ الْمَحَارِمِ، ظُهُورُهُ مُسْتَحَقًّا دَفْعُهُ بِجِنَايَةٍ، بَيْعُهُ بِالدَّيْنِ، بَيْعُهُ بِإِتْلَافِ مَالٍ، وَرَدُّهُ بِعَيْبٍ. وَزَادَ فِي الْبَحْرِ مَا إذَا كَانَ الصَّغِيرُ مُرَاهِقًا وَرَضِيَتْ أُمُّهُ بِبَيْعِهِ. اهـ ط.

قُلْت فِي الْفَتْحِ: لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مُرَاهِقًا فَرَضِيَ بِالْبَيْعِ وَاخْتَارَهُ وَرَضِيَتْهُ أُمُّهُ جَازَ بَيْعُهُ. اهـ. وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: وَمِنْ صُوَرِ جَوَازِ التَّفْرِيقِ مَا فِي الْمَبْسُوطِ إذَا كَانَ لِلذِّمِّيِّ عَبْدٌ لَهُ امْرَأَةٌ أَمَةٌ وَلَدَتْ مِنْهُ وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ وَوَلَدُهُ صَغِيرٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ الذِّمِّيُّ عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ وَابْنِهِ وَإِنْ كَانَ تَفْرِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَهَذَا تَفْرِيقٌ بِحَقٍّ (قَوْلُهُ إلَّا مِنْ حَرْبِيٍّ) ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ التَّفْرِيقِ عَارَضَهَا أَعْظَمُ مِنْهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الدُّرَرِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فَسْخُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَزَاهُ فِي الْفَتْحِ أَوَّلَ بَابِ الْإِقَالَةِ إلَى النِّهَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ حَقٌّ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ اهـ. قُلْت: وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمَا دِيَانَةً. بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، فَإِنَّهُمَا إذَا أَصَرَّا عَلَيْهِ يَفْسَخُهُ الْقَاضِي جَبْرًا عَلَيْهِمَا. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبَيْعَ هُنَا صَحِيحٌ وَيَمْلِكُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَجِبُ فِيهِ الثَّمَنُ لَا الْقِيمَةُ، فَلَا يَلِي الْقَاضِي فَسْخَهُ لِحُصُولِ الْمِلْكِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ مَجْمَعٌ) عِبَارَتُهُ: وَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَأْثَمُ. اهـ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ مُسْلِمًا) أَيْ رَقِيقًا مُسْلِمًا ط (قَوْلُهُ مَعَ الْإِجْبَارِ إلَخْ) أَيْ لِرَفْعِ ذُلِّ الْكَافِرِ عَنْ الْمُسْلِمِ وَلِحِفْظِ الْكِتَابِ عَنْ الْإِهَانَةِ ط، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

ص: 105