المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب في الكفالة المؤقتة] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌[مطلب في الكفالة المؤقتة]

(وَإِذَا كَفَلَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) مَثَلًا (كَانَ كَفِيلًا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ) أَيْضًا أَبَدًا حَتَّى يُسْلِمَهُ

ــ

[رد المحتار]

لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك أَوْ أُسَلِّمُهُ إلَيْك أَوْ أَقْبِضُهُ لَا يَكُونُ كَفَالَةً مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِمَا إذَا قَالَهُ مُنَجَّزًا فَلَوْ مُعَلَّقًا يَكُونُ كَفَالَةً نَحْوُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ يُؤَدِّ فَأَنَا أُؤَدِّي، نَظِيرُهُ فِي النَّذْرِ لَوْ قَالَ أَنَا أَحُجُّ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنَا أَحُجُّ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ اهـ.

قُلْت: لَكِنْ لَوْ قَالَ ضَمِنْت لَكَ مَا عَلَيْهِ أَنَا أَقْبِضُهُ وَأَدْفَعُهُ إلَيْك يَصِيرُ كَفَالَةً بِالْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي بَحْثِ كَفَالَةِ الْمَالِ.

[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

(قَوْلُهُ: وَإِذَا كَفَلَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ كَفَلْت لَك زَيْدًا أَوْ مَا عَلَى زَيْدٍ مِنْ الدَّيْنِ إلَى شَهْرٍ مَثَلًا صَارَ كَفِيلًا فِي الْحَالِ أَبَدًا أَيْ فِي الشَّهْرِ وَبَعْدَهُ، وَيَكُونُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ إلَى شَهْرٍ لَا لِتَأْخِيرِ الْكَفَالَةِ، كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفٍ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَصِيرُ مُطَالَبًا بِالثَّمَنِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ، وَقِيلَ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا فِي الْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يُطَالَبُ فِي الْحَالِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَفِي الصُّغْرَى وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْبَحْرِ.

قُلْت: وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَالْحَسَنُ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِهِ فِي الْمُدَّةِ فَقَطْ وَبَعْدَهَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ، كَمَا لَوْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ مُدَّةً فَإِنَّهُمَا يَقَعَانِ فِيهَا وَيَبْطُلَانِ بِمُضِيِّهَا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا.

وَفِيهَا أَيْضًا: وَلَوْ قَالَ كَفَلْت فُلَانًا مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ إلَى شَهْرٍ تَنْتَهِي الْكَفَالَةُ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ قَالَ شَهْرًا لَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ.

وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ هُوَ كَفِيلٌ أَبَدًا، كَمَا لَوْ قَالَ إلَى شَهْرٍ، وَقِيلَ فِي الْمُدَّةِ فَقَطْ: أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ مِنْ هَذِهِ السَّاعَةِ إلَى شَهْرٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَذْكُرَ إلَى بِدُونِ مِنْ فَيَقُولُ كَفَلْته إلَى شَهْرٍ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ فَيَكُونُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ وَلَا يُطَالَبُ فِي الْحَالِ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ هُوَ كَفِيلٌ فِي الْمُدَّةِ فَقَطْ، وَإِمَّا أَنْ يَذْكُرَ مِنْ وَإِلَى فَيَقُولُ كَفَلْته مِنْ الْيَوْمِ إلَى شَهْرٍ فَهُوَ كَفِيلٌ فِي الْمُدَّةِ فَقَطْ بِلَا خِلَافٍ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَذْكُرَ مِنْ وَلَا إلَى فَيَقُولُ كَفَلْته شَهْرًا أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَقِيلَ كَالْأَوَّلِ، وَقِيلَ كَالثَّانِي.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ جَمْعِ التَّفَارِيقِ قَالَ: وَاعْتِمَادُ أَهْلِ زَمَانِنَا عَلَى أَنَّهُ كَالثَّانِي.

قُلْت: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فِي زَمَانِنَا كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ لَا يَقْصِدُونَ بِذَلِكَ إلَّا تَوْقِيتَ الْكَفَالَةِ بِالْمُدَّةِ وَأَنَّهُ لَا كَفَالَةَ بَعْدَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَبْنَى أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَأَنَّ لَفْظَ عِنْدِي لِلْأَمَانَةِ وَصَارَ فِي الْعُرْفِ لِلْكَفَالَةِ بِقَرِينَةِ الدَّيْنِ.

وَقَالُوا إنَّ كَلَامَ كُلِّ عَاقِدٍ وَنَاذِرٍ وَحَالِفٍ وَوَاقِفٍ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ سَوَاءٌ وَافَقَ عُرْفَ اللُّغَةِ أَوْ لَا.

ثُمَّ رَأَيْت فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ: وَكَانَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْأَجَلُّ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ يَقُولُ: قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَشْبَهُ بِعُرْفِ النَّاسِ إذَا كَفَلُوا إلَى مُدَّةٍ يَفْهَمُونَ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ أَنَّهُمْ يُطَالَبُونَ فِي الْمُدَّةِ لَا بَعْدَهَا إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَكْتُبَ فِي الْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فَالْقَاضِي يُخْرِجُهُ عَنْ الْكَفَالَةِ احْتِرَازًا عَنْ خِلَافِ جَوَابِ الْكِتَابِ، وَإِنْ وَجَدَ هُنَاكَ قَرِينَةً تَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ جَوَابَ الْكِتَابِ فَهُوَ عَلَيْهِ اهـ، لَكِنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمُقَلِّدَ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا بِالرِّوَايَةِ الشَّاذَّةِ، إلَّا أَنْ يَنُصُّوا عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهَا اهـ.

قُلْت: مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَا عُرْفَ، إذْ لَا وَجْهَ لِلْحُكْمِ عَلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِمَا لَمْ يَقْصِدَاهُ فَلَيْسَ قَضَاءً، بِخِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إخْرَاجِ الْقَاضِي لَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ زِيَادَةُ احْتِيَاطٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْعَاقِدَيْنِ عَالِمَيْنِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى قَاصِدَيْنِ لَهُ، وَلِذَا قَالَ إنْ وَجَدَ قَرِينَةً عَلَى خِلَافِ الْعُرْفِ

ص: 289

لِمَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ سَلَّمَهُ لِلْحَالِ بَرِئَ وَإِنَّمَا الْمُدَّةُ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ، وَلَوْ زَادَ وَأَنَا بَرِيءٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي كَفَالَةٍ لَا تَلْزَمُ دُرَرٌ وَأَشْبَاهٌ.

قُلْت: وَنَقَلَهُ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ وَأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى.

ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْوَاقِعَاتِ أَنَّ الْفَتْوَى أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا اهـ. لَكِنْ تَقَوَّى الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَتَنَبَّهْ

(وَلَا يُطَالَبُ) بِالْمَكْفُولِ بِهِ (فِي الْحَالِ) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَبِهِ يُفْتَى) وَصَحَّحَهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى أَوْ كُلَّمَا طَلَبَ فَلَهُ أَجْرُ شَهْرٍ صَحَّتْ، وَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ مُنْذُ طَلَبَهُ فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ فَطَالَبَهُ لَزِمَ التَّسْلِيمُ وَلَا أَجَلَ لَهُ ثَانِيًا ثُمَّ قَالَ كَفَلَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ صَحَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّوَسُّعِ

(وَإِنْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ أَحْضَرَهُ فِيهِ إنْ طَلَبَهُ) كَدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ حَلَّ (فَإِنْ أَحْضَرَهُ) فِيهَا (وَإِلَّا حَبَسَهُ الْحَاكِمُ) حِينَ يَظْهَرُ مَطْلُهُ، وَلَوْ ظَهَرَ عَجْزُهُ ابْتِدَاءً

ــ

[رد المحتار]

يَحْكُمُ بِجَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: لِمَا فِي الْمُلْتَقَطِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ كَفِيلًا قَبْلَ الثَّلَاثَةِ اهـ ح.

(قَوْلُهُ: لَوْ سَلَّمَهُ لِلْحَالِ بَرِئَ) وَيُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى الْقَبُولِ، كَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ إذَا عَجَّلَهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ الطَّالِبُ عَلَى الْقَبُولِ خَانِيَّةٌ، فَلَوْ لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ يَصِحَّ تَسْلِيمُهُ فِيهَا وَلَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ عَلَى الْقَبُولِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِرْ كَفِيلًا أَصْلًا) لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الْمُدَّةِ لِنَفْيِهِمَا الْكَفَالَةَ فِيهِ صَرِيحًا وَلَا فِي الْحَالِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ظَهِيرِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُ إلَخْ) نَقَلَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ كَفَلَ بِنَفْسِهِ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ بَعْدَ الشَّهْرِ فَهُوَ كَمَا قَالَ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَقَوَّى الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ) قُلْت: وَتَقَوَّى الثَّانِي بِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ بِحَيْثُ لَا يَقْصِدُونَ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَفِيلُ عَالِمًا بِحُكْمِ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَاصِدًا لَهُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُطَالَبُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ.

(قَوْلُهُ: لَزِمَ التَّسْلِيمُ) أَيْ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا أَجَلَ لَهُ ثَانِيًا أَيْ بِالطَّلَبِ الثَّانِي وَهَذَا مَا لَمْ يَدْفَعْهُ، فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ بَرِئْت إلَيْكَ مِنْهُ يَبْرَأُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ ثَانِيًا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بَرَاءَةً؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْكَفَالَةِ كُلَّمَا طَلَبْته مِنِّي فَلِي أَجَلُ شَهْرٍ، فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلَّمَا طَلَبْته مِنِّي وَافَيْتُك بِهِ إلَّا أَنَّ لِي أَجَلَ شَهْرٍ حَتَّى أَطْلُبَهُ، وَكَلِمَةُ كُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ فَتَقْتَضِي تَكْرَارَ الْمُوَافَاةِ كُلَّمَا تَكَرَّرَ الطَّلَبُ، فَبِالدَّفْعِ إلَيْهِ يَبْرَأُ عَنْ مُوَافَاةٍ لَزِمَتْهُ بِالْمُطَالَبَةِ السَّابِقَةِ لَا عَنْ مُوَافَاةٍ تَلْزَمُهُ بِمُطَالَبَةٍ تُوجَدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنَّمَا يَبْرَأُ عَنْ ذَلِكَ لِصَرِيحِ الْإِبْرَاءِ، فَإِذَا بَرِئَ إلَيْهِ حِينَ دَفَعَهُ مَرَّةً وَجَدَ صَرِيحَ الْإِبْرَاءِ وَمَا لَا فَلَا، فَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَمْ يَبْرَأْ فَطَالَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْكَفِيلِ أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ مِنْ يَوْمِ طَلَبِهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ الطَّلَبِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدْفَعْهُ مَرَّةً، ذَخِيرَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ مُلَخَّصًا.

قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَالَبَهُ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا أَجَلَ لَهُ فِي هَذِهِ الْمُطَالَبَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِذَا سَلَّمَهُ وَتَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ عُهْدَتِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ سَلَّمَهُ وَلَمْ يَتَبَرَّأْ ثُمَّ طَالَبَهُ بِهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ ثَانِيًا، لَكِنْ يَثْبُتُ لَهُ أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ بَعْدَ هَذَا الطَّلَبِ، فَإِذَا تَمَّ الشَّهْرُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ فَطَالَبَهُ بِهِ فَلَا أَجَلَ لَهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الطَّالِبِ وَهَكَذَا، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي كَفَالَةِ النَّفْسِ، أَمَّا فِي كَفَالَةِ الْمَالِ فَإِنَّهُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لَا يُطَالَبُ بِهِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَنْتَهِي بِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ كَفَلَهُ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ بِهِ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ فَمَتَى طَلَبَهُ فَلَهُ الْأَجَلُ، فَإِذَا مَضَى فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ مَتَى شَاءَ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ لِلْكَفِيلِ أَجَلُ شَهْرٍ آخَرَ اهـ.

وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى كَفَالَةِ الْمَالِ، وَلَعَلَّهُ جُرِّدَتْ مَتَى وَكُلَّمَا عَنْ الْعُمُومِ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ هُنَا لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ كَفَالَةِ النَّفْسِ كَمَا عَلِمْت.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْبَيْعِ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْخِيَارُ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَ) يَنْبَغِي كَوْنُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ فِي لَفْظِ الْكَفِيلِ أَوْ الطَّالِبِ ط.

(قَوْلُهُ: أَحْضَرَهُ) أَيْ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ بِالشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فَبِالْقَضِيَّةِ الْمَشْرُوطَةِ قَدْ وَفَّى. .

(قَوْلُهُ: حِينَ يَظْهَرُ مَطْلُهُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَتَّى، وَالصَّوَابُ

ص: 290

لَا يَحْسِبُهُ عَيْنِيٌّ (فَإِنْ غَابَ) أَمْهَلَهُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ وَلَوْ لِدَارِ الْحَرْبِ عَيْنِيٌّ وَابْنُ مَلَكٍ (وَ) لَوْ (لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ (إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِتَصْدِيقِ الطَّالِبِ) زَيْلَعِيٌّ.

زَادَ فِي الْبَحْرِ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْكَفِيلُ) مُسْتَدِلًّا بِمَا فِي الْقُنْيَةِ: غَابَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَلِلدَّائِنِ مُلَازَمَةُ الْكَفِيلِ حَتَّى يُحْضِرَهُ؛ وَحِيلَةُ دَفْعِهِ أَنْ يَدَّعِيَ الْكَفِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ خَصْمَك غَائِبٌ غَيْبَةً لَا تُدْرَى فَبَيِّنْ لِي مَوْضِعَهُ، فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ تَنْدَفِعُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا، فَإِنَّ لَهُ خُرْجَةً لِلتُّجَّارِ مَعْرُوفَةً أَمَرَ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ وَإِلَّا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي مَوْضِعَهُ، ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ قُلْنَا بِذَهَابِهِ إلَيْهِ لِلطَّالِبِ أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِكَفِيلٍ مِنْ الْكَفِيلِ لِئَلَّا يَغِيبَ الْآخَرُ

ــ

[رد المحتار]

الْأَوَّلُ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الْكَفَالَةَ حَتَّى أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْبِسُهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَيْ لِظُهُورِ مَطْلِهِ بِإِنْكَارِهِ فَصَارَ كَمَسْأَلَةِ الْمَدْيُونِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَكَأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ فَذَكَرَهُ بَحْثًا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَحْبِسُهُ) لَكِنْ لَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفِيلِ فَيُلَازِمُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَشْغَالِهِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ أَضَرَّتْهُ مُلَازَمَتُهُ لَهُ اسْتَوْثَقَ مِنْهُ بِكَفِيلٍ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَ) أَيْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ وَطَلَبَ الْغَرِيمُ مِنْهُ إحْضَارَهُ نَهْرٌ، وَهَذَا إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي غَيْبَتُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ بِعِلْمِ الْقَاضِي أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْكَفِيلُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَافِي الْحَاكِمِ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْمَسَافَةَ الْقَرِيبَةَ وَالْبَعِيدَةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: أَمْهَلَهُ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْكَفِيلُ السَّفَرَ إلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ لِلْحَالِ بِلَا إمْهَالٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ عُذْرٌ لَا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ بِهِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِيَابِهِ) بِالْكَسْرِ: أَيْ رُجُوعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِدَارِ الْحَرْبِ) وَلَا تَبْطُلُ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَوْتًا حُكْمًا لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَالِهِ وَإِلَّا فَهُوَ حَيٌّ مُطَالَبٌ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ، هَكَذَا أَطْلَقَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَقَيَّدَهُ فِي الذَّخِيرَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْكَفِيلُ قَادِرًا عَلَى رَدِّهِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُوَادَعَةٌ أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ إلَيْنَا الْمُرْتَدَّ وَإِلَّا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ اهـ، وَهُوَ تَقْيِيدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: لَا يُطَالَبُ بِهِ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُبَرْهِنْ الطَّالِبُ عَلَى أَنَّهُ بِمَوْضِعِ كَذَا، فَإِنْ بَرْهَنَ أُمِرَ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ وَإِحْضَارِهِ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مَكَانُهُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِتَصْدِيقِ الطَّالِبِ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ وَقَدْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ عَلَيْهِ اهـ، فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ شَرْطًا لِنَفْيِ الْمُطَالَبَةِ بَلْ بَيَّنَ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا صَدَّقَهُ الطَّالِبُ ثُمَّ أَعْقَبَ الزَّيْلَعِيُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فَبَيَّنَ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خِرْجَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ أَيْ فَلَا يُطَالَبُ بِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ تَصْدِيقَ الطَّالِبِ غَيْرُ شَرْطٍ فِي نَفْيِ الْمُطَالَبَةِ تَأَمَّلْ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرَةٍ.

(قَوْلُهُ: بِمَا فِي الْقُنْيَةِ) أَيْ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيٍّ السَّعْدِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَحِيلَةُ دَفْعِهِ) أَيْ دَفْعِ الطَّالِبِ عَلَى مُلَازَمَتِهِ لِلْكَفِيلِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ بَرْهَنَ الْكَفِيلُ عَلَى أَنَّ غَيْبَتَهُ لَا تُدْرَى لَكِنْ هَذِهِ بَيِّنَةٌ فِيهَا نَفْيٌ وَلَعَلَّهُ يُقْبَلُ لِكَوْنِهِ تَبَعًا وَالْقَصْدُ إثْبَاتُ سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ مَقْدِسِيٌّ، وَمَا قَالَهُ الرَّحْمَتِيُّ مِنْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بَرْهَنَ لِلطَّالِبِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَحِيلَةُ دَفْعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْكَفِيلُ لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ، وَقَالَ الطَّالِبُ تَعْرِفُهُ زَيْلَعِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَفَ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ وَالْبَحْرِ: وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ الْجَهْلُ وَمُنْكِرٌ لُزُومَ الْمُطَالَبَةِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ الْكَفِيلِ وَيَحْبِسُهُ الْقَاضِي إلَى أَنْ يَظْهَرَ عَجْزُهُ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ كَانَتْ مُتَوَجِّهَةً عَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي إسْقَاطِهَا عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَدَّعِي اهـ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ صَرَّحَ بِالتَّحْلِيفِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ يَحْلِفُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ ثُمَّ قَدْ عَلِمْت أَنَّ كَوْنَ الْقَوْلِ لِلْكَفِيلِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِ الْكَفِيلِ لَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الطَّالِبُ أَوْ يُبَرْهِنْ عَلَيْهِ الْكَفِيلُ، نَعَمْ مَا فِي الْمَتْنِ يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ الْبَعْضِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي الْفَتْحِ بِقِيلِ وَذَلِكَ يُفِيدُ ضَعْفَهُ.

ص: 291

(وَيَبْرَأُ) الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ (بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ بِهِ وَلَوْ عَبْدًا) أَرَادَ بِهِ دَفْعَ تَوَهُّمِ أَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ، فَإِذَا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، وَسَيَجِيءُ مَا لَوْ كَفَلَ بِرَقَبَتِهِ (وَبِمَوْتِ الْكَفِيلِ) وَقِيلَ يُطَالَبُ وَارِثُهُ بِإِحْضَارِهِ سِرَاجٌ (لَا) بِمَوْتِ (الطَّالِبِ) بَلْ وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ يُطَالِبُ الْكَفِيلَ، وَقِيلَ يَبْرَأُ وَهْبَانِيَّةٌ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ

(وَ) يَبْرَأُ (بِدَفْعِهِ إلَى مَنْ كَفَلَ لَهُ حَيْثُ)

ــ

[رد المحتار]

تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ بَرْهَنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَدَّمَ بَيِّنَةُ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ

(قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ بِهِ) أَيْ يَبْرَأُ أَصْلًا بِمَوْتِ الشَّخْصِ الْمَطْلُوبِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ، لِتَحَقُّقِ عَجْزِ الْكَفِيلِ عَنْ إحْضَارِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ: أَيْ عَجْزًا مُسْتَمِرًّا بِخِلَافِ الْجَهْلِ بِمَكَانِهِ لِاحْتِمَالِ الْعِلْمِ بِهِ بَعْدُ، فَلِذَا قَالُوا هُنَاكَ لَا يُطَالَبُ بِهِ وَقَالُوا هُنَا تَبْطُلُ: وَأَمَّا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَكْفُولُ بِهِ غَائِبًا لَا يُعْلَمُ مَكَانُهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَى أَثَرِهِ يُجْعَلُ كَالْمَوْتِ وَلَا يَحْبِسُهُ، فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ كَالْمَوْتِ فِي عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ؛ وَلِذَا قَالَ وَلَا يَحْبِسُهُ لَا فِي بُطْلَانِ الْكَفَالَةِ وَسُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ أَصْلًا وَإِلَّا خَالَفَ كَلَامُهُمْ مُتُونًا وَشُرُوحًا، وَنَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ تَمْهِيدًا لِمَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا مِنْ حَادِثَةِ الْفَتْوَى.

(قَوْلُهُ: بِمَوْتِ الْمَكْفُولِ بِهِ) هَذَا شَامِلٌ لِبَرَاءَةِ كَفِيلِ الْكَفِيلِ بِمَوْتِ الْكَفِيلِ وَلِبَرَاءَتِهِمَا بِمَوْتِ الْأَصِيلِ.

قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ إذَا أَعْطَى الطَّالِبَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ فَمَاتَ الْأَصِيلُ بَرِئَ الْكَفِيلَانِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ الْأَوَّلُ بَرِئَ الْكَفِيلُ الثَّانِي اهـ.

مَطْلَبُ كَفَالَةِ النَّفْسِ لَا تَبْطُلُ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ بِخِلَافِ كَفَالَةِ الْمَالِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ بِاقْتِصَارِهِ فِي بُطْلَانِهَا عَلَى مَوْتِ الْمَطْلُوبِ وَالْكَفِيلِ إلَى أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِإِبْرَاءِ الْأَصِيلِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ كَفَالَةِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: أَرَادَ بِهِ إلَخْ) كَذَا فِي الْمِنَحِ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّوَهُّمَ بَاقٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ عَبْدٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ بَرِئَ الْكَفِيلُ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ الْمَالَ عَلَى الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ نَفْسَ الْعَبْدِ لَا يَبْرَأُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ اهـ.

فَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَكْفُولُ بِهِ نَفْسُ الْعَبْدِ، لَكِنَّ الْمُدَّعَى بِهِ فِي الْأُولَى الْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ وَفِي الثَّانِيَةِ رَقَبَةُ الْعَبْدِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ عَبْدًا يُوهِمُ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ بِالْمَوْتِ بَلْ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، فَلَا بُدَّ فِي دَفْعِ التَّوَهُّمِ مِنْ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ عَبْدًا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ مَالٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي الْبَابِ الْآتِي مَا لَوْ كَفَلَ بِرَقَبَتِهِ أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ رَقَبَةَ الْعَبْدِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَسَتَجِيءُ الْمَسْأَلَتَانِ جَمِيعًا قُبَيْلَ الْحَوَالَةِ.

(قَوْلُهُ: وَبِمَوْتِ الْكَفِيلِ) أَيْ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ.

أَمَّا الْكَفِيلُ بِالْمَالِ فَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ مُمْكِنٌ فَيُوَفَّى مِنْ مَالِهِ ثُمَّ تَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إنْ كَانَتْ بِأَمْرِهِ وَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، فَلَوْ مُؤَجَّلًا فَلَا رُجُوعَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ بَحْرٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ يُطَالِبُ الْكَفِيلَ) فَإِنْ سَلَّمَهُ إلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ أَوْ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ خَاصَّةً فَلِلْبَاقِي الْمُطَالَبَةُ بِإِحْضَارِهِ، بَحْرٌ عَنْ الْيَنَابِيعِ.

وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْمَيِّتِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ نَهْرٌ.

قُلْت: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَصْلُحُ خَصْمًا عَنْ الْمُوَرِّثِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْكُلِّ إلَّا أَنَّ لَهُ قَبْضَ حِصَّتِهِ فَقَطْ إذَا ثَبَتَ حَقُّ الْكُلِّ اهـ وَبِهِ يَظْهَرُ الْجَوَابُ، وَذَلِكَ أَنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ ثَابِتٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فَإِذَا اسْتَوْفَى أَحَدُهُمْ حَقَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ لَهُ اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا قَامَ مَقَامَ الْبَاقِينَ فِي إثْبَاتِ حَقِّهِمْ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْرَأُ) أَيْ الْكَفِيلُ بِمَوْتِ الطَّالِبِ

(قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهِ إلَى مَنْ كَفَلَ لَهُ) أَيْ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَصْمِ وَذَلِكَ بِرَفْعِ الْمَوَانِعِ فَيَقُولُ هَذَا خَصْمُك فَخُذْهُ إنْ شِئْت، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ لِلتَّسْلِيمِ وَقْتٌ فَسَلَّمَهُ قَبْلَهُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّ الْكَفِيلِ فَلَهُ إسْقَاطُهُ كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إذَا قَضَاهُ قَبْلَ الْحُلُولِ بَحْرٌ

ص: 292

أَيْ فِي مَوْضِعٍ (يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ) سَوَاءٌ قَبِلَهُ الطَّالِبُ أَوْ لَا (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) وَقْتَ التَّكْفِيلِ (إذَا دَفَعْته إلَيْك فَأَنَا بَرِيءٌ) وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ مَرَّةً قَالَ سَلَّمْته إلَيْك بِجِهَةِ الْكَفَالَةِ أَوْ لَا، إنْ طَلَبَهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ (وَلَوْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي سَلَّمَهُ فِيهِ وَلَمْ يَجُزْ) تَسْلِيمُهُ (فِي غَيْرِهِ) بِهِ يُفْتَى فِي زَمَانِنَا لِتَهَاوُنِ النَّاسِ فِي إعَانَةِ الْحَقِّ، وَلَوْ سَلَّمَهُ عِنْدَ الْأَمِيرِ أَوْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي فَسَلَّمَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ جَازَ بَحْرٌ، وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي السِّجْنِ لَوْ سَجَنَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ سَجَنَ أَمِيرُ الْبَلَدِ فِي هَذَا الْمِصْرِ جَازَ ابْنُ مَلَكٍ

(وَكَذَا يَبْرَأُ) الْكَفِيلُ (بِتَسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ نَفْسَهُ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ عِنْدَهُمَا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمِصْرَ الَّذِي كَفَلَ فِيهِ لَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُمَا أَوْجَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

وَقِيلَ إنَّهُ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ لَا حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ، وَبَيَانُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ.

وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ فِي بَرِّيَّةٍ أَوْ سَوَادٍ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَبِلَهُ الطَّالِبُ أَوْ لَا) فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْزِلُ قَابِضًا كَالْغَاصِبِ إذَا رَدَّ الْعَيْنَ وَالْمَدْيُونِ إذَا دَفَعَ الدَّيْنَ مِنَحٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلَا يُجْبَرُ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ مَرَّةً) إلَّا إذَا كَانَ فِيهَا مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا إذَا كَفَلَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا طَلَبَهُ فَلَهُ أَجَلُ شَهْرٍ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ.

(قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، وَهَذَا إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يُفْتَى فِيهَا بِقَوْلِ زُفَرَ بَحْرٌ، وَعَدَّهَا سَبْعًا وَقَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ الْحَصْرَ.

قُلْت: وَقَدْ زِدْت عَلَيْهَا مَسَائِلَ وَذَكَرْتهَا مَنْظُومَةً فِي النَّفَقَاتِ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيِّةِ: جَعَلَ هَذَا رَأْيًا لِلْمُتَأَخِّرِينَ لَا قَوْلًا لِزُفَرَ: وَلَفْظُهُ: وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ إذَا سَلَّمَهُ فِي السُّوقِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِي الْمِصْرِ بِنَاءً عَلَى عَادَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُعَيِّنُونَ الْمَطْلُوبَ عَلَى الِامْتِنَاعِ عَنْ الْحُضُورِ لِغَلَبَةِ الْفِسْقِ فَكَانَ الشَّرْطُ مُقَيَّدًا فَيَصِحُّ وَبِهِ يُفْتَى اهـ وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا اخْتِلَافَ عَصْرٍ وَزَمَانٍ مَعَ أَنَّ زُفَرَ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ اهـ.

قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، فَكَمْ مِنْ مَسْأَلَةٍ اخْتَلَفَ فِيهَا الْإِمَامُ وَأَصْحَابُهُ وَجَعَلُوا الْخِلَافَ فِيهَا بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ كَمَسْأَلَةِ الِاكْتِفَاءِ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا وَكَالْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ آنِفًا، وَبَعْدَ نَقْلِ الثِّقَاتِ ذَلِكَ عَنْ زُفَرَ كَيْفَ يُنْفَى بِكَلَامٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ، وَالْمُشَاهَدُ اخْتِلَافُ الزَّمَانِ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَهُ عِنْدَ الْأَمِيرِ) أَيْ وَقَدْ شَرَطَ تَسْلِيمَهُ عِنْدَ الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ) أَيْ غَيْرِ قَاضِي الرَّسَاتِيقِ كَمَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ، وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْقُنْيَةِ؛ لِأَنَّ أَغْلَبَهُمْ ظَلَمَةٌ قَالَ ط.

قُلْت: وَلَا خُصُوصَ لِلرَّسَاتِيقِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

(قَوْلُهُ: ابْنُ مَلِكٍ) وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَجْمَعِ، وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي السِّجْنِ وَقَدْ حَبَسَهُ غَيْرُ الطَّالِبِ لَا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إحْضَارِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ.

وَفِي الْمُحِيطِ: هَذَا إذَا كَانَ السِّجْنُ سِجْنَ قَاضٍ آخَرَ فِي بَلَدٍ آخَرَ.

أَمَّا لَوْ كَانَ سِجْنَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ سِجْنَ أَمِيرِ الْبَلَدِ فِي هَذَا الْمِصْرِ يَبْرَأُ وَإِنْ كَانَ قَدْ حَبَسَهُ غَيْرُ الطَّالِبِ؛ لِأَنَّ سِجْنَهُ فِي يَدِهِ فَيُخَلِّي سَبِيلَهُ حَتَّى يُجِيبَ خَصْمَهُ ثُمَّ يُعِيدَهُ إلَى السِّجْنِ اهـ.

وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ ضَمِنَ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فَسَلَّمَهُ فِيهِ يَبْرَأُ، وَلَوْ أُطْلِقَ ثُمَّ حُبِسَ ثَانِيًا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ فِيهِ، إنْ الْحَبْسُ الثَّانِي فِي أُمُورِ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا صَحَّ الدَّفْعُ، وَإِنْ فِي أُمُورِ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهَا لَا اهـ.

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِذَا حُبِسَ الْمَكْفُولُ بِهِ بِدَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ أَخَذْت الْكَفِيلَ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفُكَّهُ مِمَّا حُبِسَ بِهِ بِأَدَاءِ حَقِّ الَّذِي حَبَسَهُ اهـ أَيْ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ تَسْلِيمُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُحِيطِ الْمَارِّ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِ الْمَطْلُوبِ نَفْسَهُ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ: أَيْ أَمْرِ الْمَطْلُوبِ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ كَمَا فِي السِّرَاجِ عَنْ الْفَوَائِدِ، وَالْوَجْهُ فِيهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا

ص: 293

(وَبِتَسْلِيمِ وَكِيلِ الْكَفِيلِ) لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ (وَرَسُولِهِ إلَيْهِ) لِأَنَّ رَسُولَهُ إلَى غَيْرِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ.

وَفِيهِ: يُشْتَرَطُ قَبُولُ الطَّالِبِ، وَيَشْتَرِطُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ سَلَّمْت إلَيْك عَنْ الْكَفِيلِ دُرَرٌ (مِنْ كَفَالَتِهِ) أَيْ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ عَيْنِيٌّ، وَإِلَّا لَا يَبْرَأُ ابْنُ كَمَالٍ فَلْيُحْفَظْ

(فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ) أَيْ آتِي (بِهِ غَدًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ) مِنْ الْمَالِ

ــ

[رد المحتار]

كَانَتْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ الْحُضُورُ فَلَيْسَ مُطَالَبًا بِالتَّسْلِيمِ، فَإِذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ نَهْرٌ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِلَا أَمَرَهُ فَلَا مُطَالَبَةَ لِلْكَفِيلِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ فَيُسَلِّمَهُ فَيَبْرَأُ اهـ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَأْثَمُ بِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَلَهُ الْهَرَبُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: وَبِتَسْلِيمِ وَكِيلِ الْكَفِيلِ) لَوْ قَالَ وَبِتَسْلِيمِ نَائِبِهِ لَكَانَ أَجْوَدَ وَأَفْوَدَ؛ لِأَنَّ كَفِيلَ الْكَفِيلِ لَوْ سَلَّمَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ أَيْضًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَرَسُولُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الطَّالِبِ، بِأَنْ دَفَعَ الْمَطْلُوبَ إلَى رَجُلٍ يُسَلِّمُهُ إلَى الطَّالِبِ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَيَقُولُ الرَّجُلُ إنَّ الْكَفِيلَ أَرْسَلَ مَعِي هَذَا لِأُسَلِّمَهُ إلَيْكَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ رَسُولَهُ إلَى غَيْرِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ) تَعْلِيلٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَيْهِ، فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ لَوْ كَانَ رَسُولًا إلَى غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ؛ وَمِثَالُهُ كَمَا فِي ط: لَوْ قَالَ الْكَفِيلُ لِشَخْصٍ خُذْ هَذَا وَسَلِّمْهُ لِفُلَانٍ لِيُسَلِّمَهُ لِلطَّالِبِ فَأَخَذَهُ الرَّسُولُ وَسَلَّمَهُ إلَى الطَّالِبِ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَتَسْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ فِي تَسْلِيمِ الْأَجْنَبِيِّ يُشْتَرَطُ أَيْ زِيَادَةً عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي بَعْدَهُ قَبُولُ الطَّالِبِ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقُيِّدَ بِالْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِ الْكَفِيلِ وَقَالَ سَلَّمْت إلَيْكَ عَنْ الْكَفِيلِ وُقِفَ عَلَى قَبُولِهِ، فَإِنْ قَبِلَهُ الطَّالِبُ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ سَكَتَ لَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ) أَيْ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ الْمَطْلُوبُ وَالْوَكِيلُ وَالرَّسُولُ، وَهَذَا دُخُولٌ عَلَى الْمَتْنِ، أَرَادَ بِهِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مِنْ كَفَالَتِهِ قَيْدٌ فِي الْكُلِّ لَا فِي الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ فَقَطْ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ كَرَّرَ لَفْظَ بِتَسْلِيمٍ، وَلَا فِي الْمَطْلُوبِ فَقَطْ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عِبَارَةِ الْكَنْزِ حَيْثُ قَدَّمَ قَوْلَهُ مِنْ كَفَالَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَكِيلِ.

ثَانِيهِمَا أَنَّهُ لَا يَكْفِي قَصْدُ كَوْنِ التَّسْلِيمِ عَنْ الْكَفَالَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ، بِأَنْ يَقُولَ سَلَّمْت إلَيْكَ عَنْ الْكَفِيلِ مِنْ كَفَالَتِهِ فَافْهَمْ، لَكِنْ اقْتَصَرَ فِي الدُّرَرِ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ الْكَفِيلِ، وَعَزَاهُ إلَى الْخَانِيَّةِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْبَحْرِ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ الْكَفَالَةِ، وَعَبَّرَ فِي الْفَتْحِ مَرَّةً بِالْأَوَّلِ وَمَرَّةً بِالثَّانِي، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ زَادَ الشَّارِحُ كَلِمَةَ أَوْ بِأَنْ قَالَ أَوْ مِنْ كَفَالَتِهِ لَكَانَ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا يَبْرَأُ) أَيْ إنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدُ هَؤُلَاءِ ذَلِكَ لَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ.

(قَوْلُهُ: ابْنُ كَمَالٍ) وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ أُوَافِ إلَخْ) قَيْدٌ بِعَدَمِ الْمُوَافَاةِ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى طَالَبَهُ سَلَّمَهُ، فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ وَمَاتَ الْمَطْلُوبُ وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ وَعَجَزَ لَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالتَّسْلِيمِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا تَصِحُّ فَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الْمُطَالَبَةُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْعَجْزُ الْمُوجِبُ لِلُزُومِ الْمَالِ فَلَمْ يَجِبْ اهـ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ آتِ) وَمِثْلُهُ إنْ لَمْ أَدْفَعْهُ إلَيْكَ أَوْ إنْ غَابَ عَنْك نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ الْقَائِلُ وَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ الْمَقُولِ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُولُ فَأَنَا ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ أَوْ عِنْدِي كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ مَرَّ.

(قَوْلُهُ: لِمَا عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قَدْرِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي، وَقُيِّدَ بِقَوْلِهِ لِمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ فَالْمَالُ الَّذِي لَكَ عَلَى فُلَانٍ رَجُلٌ آخَرُ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ عَلَيَّ، جَازَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ جَائِزَةٌ، وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ إذَا كَانَ الْمَالُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمَالُ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لِلطَّالِبِ

ص: 294

(فَلَمْ يُوَافِ بِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) فَلَوْ عَجَزَ لِحَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ إلَّا إذَا عَجَزَ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ جُنُونِهِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ) فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ (ضَمِنَ الْمَالَ

ــ

[رد المحتار]

عَلَيْهِ مَالٌ فَلَزِمَ الطَّالِبَ الْكَفِيلُ وَأَخَذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فَالْمَالُ الَّذِي عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ جَازَ، وَلَيْسَ هَذَا كَاَلَّذِي عَلَيْهِ مَالٌ وَلَمْ يَكْفُلْ بِهِ أَحَدٌ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) صَرَّحَ بِهَذَا الْقَيْدِ الزَّيْلَعِيُّ وَالشُّمُنِّيُّ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ، وَكَذَا فِي الْبَحْرِ: وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ إنَّهُ قَيْدٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا عَجَزَ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ جُنُونِهِ اهـ.

(وَقَوْلُهُ: فَلَوْ عَجَزَ لِحَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ) أَيْ مَثَلًا فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا غَابَ الْمَكْفُولُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ، فَقَدْ مَرَّ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ ذَلِكَ عَجْزٌ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ شَرْطَ ضَمَانِ الْمَالِ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَحَيْثُ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْغَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ عَجْزٌ عَنْ الْمُوَافَاةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْقُدْرَةُ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ الْعَجْزِ إلَّا الْعَجْزَ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ أَوْ جُنُونِهِ، فَدَخَلَتْ الْغَيْبَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْعَجْزِ.

وَأَمَّا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْغَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ كَالْمَوْتِ فَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا مِثْلُهُ فِي سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي كَفَالَةِ النَّفْسِ، وَالْمَوْتُ هُنَاكَ مُبْطِلٌ لِلْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَمُسْقِطٌ لِلْمُطَالَبَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَيْسَ هُنَاكَ كَفَالَةٌ بِالْمَالِ، وَهُنَا الْمُرَادُ ثُبُوتُ كَفَالَةِ الْمَالِ الْمُعَلَّقَةِ عَلَى عَدَمِ الْمُوَافَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَالْمَوْتُ هُنَا مُحَقَّقٌ لِكَفَالَةِ الْمَالِ وَمُثْبِتٌ لِلضَّمَانِ، فَإِذَا جَعَلْت الْغَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ كَالْمَوْتِ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ فِيمَا مَرَّ وَهُوَ سُقُوطُ الْمُطَالَبَةِ بِالنَّفْسِ لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ ثُبُوتُ ضَمَانِ الْمَالِ الْمُعَلَّقِ عَلَى عَدَمِ الْمُوَافَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ بَلْ يَلْزَمُ عَدَمُ ثُبُوتِهِ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ وَإِنْ جُعِلَتْ كَالْمَوْتِ بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ هُنَا وَهُوَ ثُبُوتُ الضَّمَانِ نَافَى قَوْلَهُمْ مَعَ الْقُدْرَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْغَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ عَجْزٌ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ الْعَجْزِ إلَّا الْمَوْتَ وَالْجُنُونَ، عَلَى أَنَّ جَعْلَهَا كَالْمَوْتِ فِي ثُبُوتِ الضَّمَانِ خِلَافُ مَا أَرَادَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا ذَكَرَا ذَلِكَ فِي كَفَالَةِ النَّفْسِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ كَفَالَةِ الْمَالِ، وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّ الْغَيْبَةَ الْمَذْكُورَةَ مُسْقِطَةٌ لِلْمُطَالَبَةِ بِالتَّسْلِيمِ، وَذَلِكَ مُنَافٍ لِثُبُوتِ الضَّمَانِ أَيْ ضَمَانِ النَّفْسِ، فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ عَلَى كَوْنِ الْغَيْبَةِ الْمَذْكُورَةِ مُسْقِطَةً لِلْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ فِي مَسْأَلَتِنَا، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ بِالنَّفْسِ فَقَطْ.

وَأَمَّا الْمُطَالَبَةُ بِالْمَالِ فَهِيَ حُكْمُ الْكَفَالَةِ الْأُخْرَى الْمُعَلَّقَةِ عَلَى عَدَمِ الْمُوَافَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَإِذَا وُجِدَ مَا عُلِّقَتْ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَمَعَ الْغَيْبَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ تُوجَدْ الْقُدْرَةُ فَلَا تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَالِ كَمَا لَا يَخْفَى.

مَطْلَبُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَكَ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى قَرِيبًا مِنْ كِتَابَتِي لِهَذَا الْمَحَلِّ، وَهِيَ: رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا دُيُونٌ فَكَفَلَهُمَا زَيْدٌ كَفَالَةَ مَالٍ وَكَفَلَهُمَا عِنْدَ زَيْدٍ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَى أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يُوَافُوهُ بِالْمَطْلُوبَيْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَالْمَالُ الْمَذْكُورُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَأَدَّى زَيْدٌ إلَى أَصْحَابِ الدُّيُونِ وَطَالَبَ الْأَرْبَعَةَ بِالْمَطْلُوبَيْنِ فَأَحْضَرُوا لَهُ أَحَدَهُمَا وَعَجَزُوا عَنْ إحْضَارِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ سَافَرَ إلَى بِلَادِ الْحَرْبِ وَلَا يُدْرَى مَكَانَهُ. فَأَجَبْت: بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ الْمَالُ لِلْعَجْزِ عَنْ الْمُوَافَاةِ بِالْغَيْبَةِ الْمَذْكُورَةِ فَعَارَضَنِي الْحَاكِمُ الشَّرْعِيُّ بِعِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمَارَّةِ فَأَجَبْته بِمَا حَرَّرْته، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ أَفَادَ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْجُنُونَ، لَكِنْ يُفْهَمُ حُكْمُهُ مِنْ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمٌ يَكُونُ ذَرِيعَةً إلَى الْخِصَامِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ مَعَ الْجُنُونِ كَالْمَوْتِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْمَطْلُوبُ) يَعْنِي بَعْدَ الْغَدِ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَبِهَذَا يَزُولُ إشْكَالُ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ عَلَى الْمُوَافَاةِ بِالْمَطْلُوبِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِذَا قَيَّدَ الْمَوْتَ بِمَا بَعْدَ الْغَدِ يَكُونُ قَدْ وَجَدَ شَرْطَ الضَّمَانِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ عَدَمُ الْمُوَافَاةِ بِهِ غَدًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ: أَيْ الْمُقَيَّدَةِ بِالْغَدِ، لَكِنْ مُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْغَدِ

ص: 295