الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْقِيمَةِ لِمُسْتَحِقِّهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) ذُو الْيَدِ (بِهَا) لِرَجُلٍ (لَا) يَتْبَعُهَا فَيَأْخُذُهَا وَحْدَهَا وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ مِنْ الْأَصْلِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُقَرُّ لَهُ فَلَوْ ادَّعَاهُ يَتْبَعُهَا وَكَذَا سَائِرُ الزَّوَائِدِ نَعَمْ لَا ضَمَانَ بِهَلَاكِهَا كَزَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ وَلَمْ يُذْكَرْ النُّكُولُ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ قُهُسْتَانِيٌّ مَعْزِيًّا لِلْعِمَادِيَّةِ (وَمَنَعَ التَّنَاقُضُ) أَيْ التَّدَافُعُ فِي الْكَلَامِ (دَعْوَى الْمِلْكِ) لِعَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِالثَّمَنِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَيْضًا، وَنَظِيرُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ لَوْ وَجَدَ عَيْبًا وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِعَيْبٍ حَدَثَ فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنَقْصِ الْعَيْبِ وَبَائِعُهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.
مَطْلَبٌ: لَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْعُقْرِ وَلَا بِأَجْرِ الدَّارِ الَّتِي ظَهَرَتْ وَقْفًا
[تَنْبِيهٌ] : إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي بِالْعُقْرِ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنْفَعَةٍ اسْتَوْفَاهَا لِنَفْسِهِ، وَجَزَاءٌ عَلَى فِعْلِهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ الْمُسْتَحَقَّةُ بِالزِّرَاعَةِ، وَضَمِنَ نُقْصَانَهَا لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَبِهِ ظَهَرَ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى: فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَظَهَرَتْ وَقْفًا وَضَمَّنَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ أُجْرَتَهَا فَأَجَبْت: بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى الْبَائِعِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ مِصْرَ الْقَاهِرَةِ فِي زَمَانِنَا مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِمْ: الْغُرُورُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِمَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَبِمَا لَيْسَ جَزَاءً لِفِعْلِهِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ لِمُسْتَحِقِّهِ) أَيْ مَضْمُونًا بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَالْمُرَادُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) صَوَابُهُ كَمَا يَأْتِي.
[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]
(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ مَا مَرَّ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ فَإِنَّهَا كَاسْمِهَا مُبَيِّنَةٍ فَيَظْهَرُ بِهَا مِلْكُهُ مِنْ الْأَصْلِ وَالْوَلَدُ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا، فَيَكُونُ لَهُ أَمَّا الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِي الْمُخْبَرِ بِهِ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ، وَقَدْ حَصَلَتْ بِإِثْبَاتِهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ لَهُ (قَوْلُهُ يَتْبَعُهَا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ زَيْلَعِيٌّ عَنْ النِّهَايَةِ، وَمُقْتَضَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ كَالْوَلَدِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ نَعَمْ لَا ضَمَانَ بِهَلَاكِهَا) أَيْ هَلَاكِ الزَّوَائِدِ وَمِنْهُ مَوْتُ الْوَلَدِ وَاحْتُرِزَ عَنْ اسْتِهْلَاكِهَا فَتُضْمَنُ بِهِ (قَوْلُهُ وَمَنَعَ التَّنَاقُضُ دَعْوَى الْمِلْكِ) هَذَا إذَا كَانَ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ قَدْ أَثْبَتَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ حَقًّا، وَإِلَّا لَمْ يَمْنَعْ كَقَوْلِهِ: لَا حَقَّ لِي عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ ثُمَّ ادَّعَى شَيْئًا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ تَصِحُّ دَعْوَاهُ كَمَا فِي الْمُؤَيِّدِيَّةِ عَنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ اهـ وَكَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْكَلَامَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي. وَاكْتَفَى بَعْضُهُمْ فِي تَحَقُّقِهِ كَوْنَ الثَّانِي: عِنْدَ الْقَاضِي وَاخْتَارَ فِي النَّهْرِ الْأَوَّلَ، لِأَنَّ مِنْ شَرَائِطِ الدَّعْوَى كَوْنُهَا لَدَيْهِ وَاخْتَارَ فِي الْبَحْرِ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ الثَّانِي قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ الَّذِي يَتَحَقَّقُ بِهِ التَّنَاقُضُ اهـ وَقَالَ الْمَقْدِسِيَّ يَكَادُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا، لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَ الْقَاضِي، لِيَتَرَتَّبَ عَلَى مَا عِنْدَهُ حُصُولُ التَّنَاقُضِ وَالثَّابِتُ بِالْبَيَانِ كَالثَّابِتِ بِالْعِيَانِ، فَكَأَنَّهُمَا فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي، فَاَلَّذِي شُرِطَ كَوْنُهُمَا فِي مَجْلِسِهِ يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ فِي السَّابِقِ وَاللَّاحِقِ اهـ.
قُلْت: وَيَشْهَدُ لَهُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّنَاقُضَ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ وَبِتَكْذِيبِ الْحَاكِمِ أَيْضًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الْمُقِرُّ إذَا صَارَ مُكَذَّبًا
لِمَا فِي الصُّغْرَى طَلَبُ نِكَاحِ الْأَمَةِ يَمْنَعُ دَعْوَى تَمَلُّكِهَا وَكَمَا يَمْنَعُهَا لِنَفْسِهِ يَمْنَعُهَا لِغَيْرِهِ إلَّا إذَا وُفِّقَ، وَهَلْ يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ؟ خِلَافٌ سَنُحَقِّقُهُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ.
وَفُرُوعُ هَذَا الْأَصْلِ كَثِيرَةٌ سَتَجِيءُ فِي الدَّعْوَى وَمِنْهَا: ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَخُوهُ وَادَّعَى عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ بِأَخِي ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعِي عَنْ تَرِكَةٍ فَجَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَطْلُبُ مِيرَاثَهُ إنْ قَالَ هُوَ أَخِي لَمْ يُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ وَإِنْ قَالَ أَبِي أَوْ ابْنِي
ــ
[رد المحتار]
شَرْعًا بَطَلَ إقْرَارُهُ بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدَّمْنَا قَبْلَ نَحْوِ وَرَقَةٍ مَسَائِلَ فِي ارْتِفَاعِهِ بِتَكْذِيبِ الْحَاكِمِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ وَرَقَتَيْنِ ارْتِفَاعَهُ بِثَالِثٍ حَيْثُ قَالَ: إذَا قَالَ تَرَكْت أَحَدَ الْكَلَامَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ ادَّعَاهُ مُطْلَقًا، فَدَفَعَهُ بِأَنَّك كُنْت ادَّعَيْته قَبْلَ هَذَا مُقَيَّدًا وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُدَّعِي أَدَّعِيهِ الْآنَ بِذَلِكَ السَّبَبِ وَتَرَكْت الْمُطْلَقَ يُقْبَلُ اهـ أَيْ لِكَوْنِ الْمُطْلَقِ أَزْيَدَ مِنْ الْمُقَيَّدِ وَهُوَ مَانِعٌ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى، وَلِذَا لَوْ ادَّعَى الْمُطْلَقَ أَوَّلًا لَا تُسْمَعُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِكَوْنِهِ بِدَعْوَى الْمُقَيَّدِ ثَانِيًا يَدَّعِي أَقَلَّ لَكِنْ مَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ قَاعِدَةً فِي إبْطَالِ التَّنَاقُضِ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَضُرَّ تَنَاقُضٌ أَصْلًا لِتَمَكُّنِ الْمُتَنَاقِضِ مِنْ قَوْلِهِ: تَرَكْت الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: هُوَ لِي وَتَرَكْت الْأَوَّلَ تُسْمَعُ وَلَا قَائِلَ بِهِ أَصْلًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَجْهُهُ كَوْنُهُ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُدَّعِي الْأَقَلُّ الَّذِي ادَّعَاهُ أَوَّلًا بِدَلِيلِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا ادَّعَى عَلَيْهِ مِلْكًا مُطْلَقًا، ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ بِسَبَبٍ يُقْبَلُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْعَاكِسُ أَرَدْت بِالْمُطْلَقِ الثَّانِي الْمُقَيَّدَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِ الْمُطْلَقِ أَزْيَدَ مِنْ الْمُقَيَّدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ طَلَبُ نِكَاحِ الْأَمَةِ يَمْنَعُ دَعْوَى تَمَلُّكِهَا) تَتِمَّةٌ عِبَارَةُ الصُّغْرَى وَطَلَبُ نِكَاحِ الْحُرَّةِ مَانِعٌ مِنْ دَعْوَى نِكَاحِهَا اهـ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ لِأَنَّهُ مِثَالُ مَنْعِ دَعْوَى الْمِلْكِ فِي الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ وَكَمَا يَمْنَعُهَا لِنَفْسِهَا أَيَمْنَعُهَا لِغَيْرِهِ إلَخْ) كَمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لِفُلَانٍ آخَرَ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا وُفِّقَ وَقَالَ: كَانَ لِفُلَانٍ الْأَوَّلِ، وَقَدْ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الثَّانِي، وَوَكَّلَنِي أَيْضًا وَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ بِأَنْ غَابَ عَنْ الْمَجْلِسِ وَجَاءَ بَعْدَ فَوْتِ مُدَّةٍ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْحَصِيرِيُّ فِي الْجَامِعِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ لَا يَكْفِي نَهْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ سَنُحَقِّقُهُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ حِكَايَةُ الْخِلَافِ.
قُلْت: وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ هُوَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّ التَّوْفِيقَ بِالْفِعْلِ شَرْطٌ وَذَكَرَ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَنَّ جَوَابَ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ الْأَصَحُّ اهـ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ وَالْأَصْوَبُ عِنْدِي أَنَّ التَّنَاقُصَ إذَا كَانَ ظَاهِرَ السَّلْبِ وَالْإِيجَابِ وَالتَّوْفِيقُ خَفِيًّا لَا يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ وَإِلَّا يَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ الْإِمْكَانُ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي ح أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ لَهُ فَمَكَثَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ، ثُمَّ بَرْهَنَ عَنْ الشِّرَاءِ مِنْهُ بِلَا تَارِيخٍ قُبِلَ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَقْدِ الْمُبْهَمِ تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْحَالِ وَلِذَا لَا تُعْتَبَرُ الزَّوَائِدُ اهـ وَأَقَرَّهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَفُرُوعُ هَذَا الْأَصْلِ كَثِيرَةٌ) مِنْهَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا دَيْنًا، فَأَنْكَرَ ثُمَّ ادَّعَاهَا مِنْ جِهَةِ الشَّرِكَةِ وَلَا تُسْمَعُ وَبِالْعَكْسِ تُسْمَعُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ، لِأَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ يَجُوزُ كَوْنُهُ دَيْنًا بِالْجُحُودِ.
ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْهُ يُقْبَلُ لِإِمْكَانِ أَنَّهُ جَحَدَهُ الشِّرَاءَ، ثُمَّ وَرِثَهُ مِنْهُ بِالْعَكْسِ لَا ادَّعَى أَوَّلًا الْوَقْفَ، ثُمَّ لِنَفْسِهِ لَا تُسْمَعُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ لِنَفْسِهِ وَبِالْعَكْسِ تُسْمَعُ لِصِحَّةِ الْإِضَافَةِ بِالْأَخَصِّيَّةِ انْتِفَاعًا.
ادَّعَاهُ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ مُطْلَقًا لَا تُسْمَعُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ كَمَا مَرَّ بَحْرٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ أَبِي أَوْ ابْنِي) مُفَادُهُ أَنَّ قَوْلَ ذَلِكَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُدَّعِي الْأَوَّلِ: هُوَ أَخِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مُدَّعِيَ النَّفَقَةِ لَوْ قَالَ هُوَ أَبِي أَوْ ابْنِي
قُبِلَ وَالْأَصْلُ أَنَّ التَّنَاقُضَ
(لَا) يَمْنَعُ دَعْوَى مَا يَخْفَى سَبَبُهُ كَ (النَّسَبِ وَالطَّلَاقِ وَ) كَذَا (الْحُرِّيَّةُ فَلَوْ قَالَ عَبْدٌ لِمُشْتَرٍ
ــ
[رد المحتار]
وَكَذَّبَهُ ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ صَدَّقَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَادَّعَى الْإِرْثَ يُقْبَلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ ادِّعَاءَ الْوِلَادِ مُجَرَّدًا يُقْبَلُ لِعَدَمِ حَمْلِ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْأُخُوَّةِ أَفَادَهُ ح وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ ضَمِيرِ قَالَ هُنَا وَفِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إلَى مُدَّعِي النَّفَقَةِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّ مُدَّعِيَ الْإِرْثِ وَافَقَهُ عَلَى دَعْوَاهُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا وَبِالْكَافِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ مَا يُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ كُلُّ مَا فِي سَبَبِهِ خَفَاءٌ فَمِنْهُ اشْتَرَى أَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ كَانَ اشْتَرَاهَا لَهُ فِي صِغَرِهِ أَوْ أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْهُ وَبَرْهَنَ قُبِلَ ادَّعَى شِرَاءً مِنْ أَبِيهِ، ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْهُ يُقْبَلُ وَبِالْعَكْسِ لَا، ادَّعَى عَيْنًا لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا قَائِمَةٌ فِي يَدِهِ وَعَلَيْهِ إحْضَارُهَا أَوْ بِالْعَكْسِ يُقْبَلُ، اشْتَرَى ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ لَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ يُقْبَلُ، اقْتَسَمَا التَّرِكَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ كَانَ جَعَلَ لَهُ مِنْهَا الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ إنْ قَالَ كَانَ فِي صِغَرِي يُقْبَلُ وَإِنْ مُطْلَقًا لَا وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَالنَّسَبِ) كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا وُلِدَ عِنْدَهُ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ، ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ابْنُهُ يُقْبَلُ وَيَبْطُلُ الشِّرَاءُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، لِأَنَّ النَّسَبَ يُبْتَنَى عَلَى الْعُلُوقِ، فَيَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُصِ عَيْنِيٌّ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: قَالَ أَنَا لَسْت وَارِثَ فُلَانٍ، ثُمَّ ادَّعَى إرْثَهُ وَبَيَّنَ الْجِهَةَ يَصِحُّ إذْ التَّنَاقُصُ فِي النَّسَبِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَاهُ وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي، ثُمَّ قَالَ: هُوَ مِنِّي يَصِحُّ وَبِالْعَكْسِ لَا لِكَوْنِ النَّسَبِ لَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ، وَهَذَا إذَا صَدَّقَهُ الِابْنُ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ، لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ بِأَنَّهُ جُزْئِيٌّ لَكِنْ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الِابْنُ ثُمَّ صَدَّقَهُ تَثْبُتُ الْبُنُوَّةُ، لِأَنَّ إقْرَارَ الْأَبِ لَمْ يَبْطُلْ بِعَدَمِ التَّصْدِيقِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْأَبُ إقْرَارَهُ فَبَرْهَنَ الِابْنُ عَلَيْهِ يُقْبَلُ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ ابْنِي يُقْبَلُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ جُزْؤُهُ، أَمَّا الْإِقْرَارُ بِأَنَّهُ أَخُوهُ فَلَا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ أَبِي فُلَانٌ وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ آخَرَ لَا يُسْمَعُ، لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ حَقَّ التَّصْدِيقِ فَلَوْ صَحَّحْنَا إقْرَارَهُ الثَّانِيَ يُفْضِي إلَى إبْطَالِ حَقِّ التَّصْدِيقِ لِلْأَوَّلِ وَصَارَ كَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مَوْلَى فُلَانٍ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مَوْلَى فُلَانٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَالطَّلَاقِ) حَتَّى لَوْ بَرْهَنَتْ عَلَى الثَّلَاثِ بَعْدَ مَا اخْتَلَعَتْ قَبْلَ بُرْهَانِهَا وَاسْتَرَدَّتْ بَدَلَ الْخُلْعِ لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ بِدُونِ عِلْمِهَا، وَكَذَا لَوْ قَاسَمَتْ الْمَرْأَةُ وَرَثَةَ زَوْجِهَا، وَقَدْ أَقَرُّوا بِالزَّوْجِيَّةِ كِبَارًا ثُمَّ بَرْهَنُوا عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ ثَلَاثًا رَجَعُوا عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ نَهْرٌ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ: ادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَأَنْكَرَ ثُمَّ مَاتَ لَا تَمْلِكُ مُطَالَبَةَ الْمِيرَاثِ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ) أَيْ وَلَوْ عَارَضَهُ وَفَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ بِكَذَا إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّفْرِيعَ بَعْدَهُ عَلَيْهِ فَقَطْ وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ: لَوْ بَرْهَنَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَرَّرَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ يُقْبَلُ إذْ التَّنَاقُضُ مُتَحَمَّلٌ فِي الْعِتْقِ.
قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ نَقْلِهِ أَقُولُ: التَّنَاقُضُ إنَّمَا يُتَحَمَّلُ بِنَاءً عَلَى الْخَفَاءِ وَذَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمُشْتَرِي لَا الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَسْتَبِدُّ بِالْعِتْقِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا إذْ الدَّعْوَى غَيْرُ شَرْطٍ عِنْدَهُمَا فِي عِتْقِ الْعَبْدِ فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ حِسْبَةً وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى لِلتَّنَاقُضِ اهـ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ بَدَلَ الْكِتَابَةِ ثُمَّ ادَّعَى تَقَدُّمَ إعْتَاقِهِ قَبْلَهَا يُقْبَلُ بَزَّازِيَّةٌ وَفِي الْمَبْسُوطِ: أَقَرَّتْ لَهُ بِالرِّقِّ فَبَاعَهَا ثُمَّ بَرْهَنَتْ عَلَى عِتْقٍ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ يُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَذَهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ وَالْعَبْدُ سَاكِتٌ وَهُوَ مِمَّنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالرِّقِّ، فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ بَعْدَهُ لِسَعْيِهِ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ فَيُقْبَلَ وَكَذَا لَوْ رَهَنَهُ، أَوْ دَفَعَهُ بِجِنَايَةٍ كَانَ إقْرَارًا بِالرِّقِّ لَا لَوْ آجَرَهُ ثُمَّ قَالَ: أَنَا حُرٌّ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تُصْرَفُ فِي مَنَافِعِهِ لَا فِي عَيْنِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ عَبْدٌ) أَيْ إنْسَانٌ وَسَمَّاهُ
اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ) لِزَيْدٍ (فَاشْتَرَاهُ) مُعْتَمِدًا عَلَى مَقَالَتِهِ (فَإِذَا هُوَ حُرٌّ) أَيْ ظَهَرَ حُرًّا (فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً) يُعْرَفُ مَكَانُهُ (فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ) لِوُجُودِ الْقَابِضِ (وَإِلَّا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ) بِالثَّمَنِ خِلَافًا لِلثَّانِي وَلَوْ قَالَ اشْتَرِنِي فَقَطْ أَوْ أَنَا عَبْدٌ فَقَطْ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا دُرَرٌ (وَ) رَجَعَ (الْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ) إذَا ظَفِرَ بِهِ (بِخِلَافِ الرَّهْنِ) بِأَنْ قَالَ ارْتَهِنِّي فَإِنِّي عَبْدٌ لَمْ يَضْمَنْ أَصْلًا، وَالْأَصْلُ أَنَّ التَّغْرِيرَ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ لَا الْوَثِيقَةِ.
ــ
[رد المحتار]
عَبْدًا بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ الْحَالِ الْآنَ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ أَنَّهُ حُرٌّ وَقَوْلُهُ لِمُشْتَرٍ أَيْ لِمُرِيدِ الشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ) لَا بُدَّ فِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي مَغْرُورًا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ مِنْ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ أَعْنِي الْأَمْرَ بِالشِّرَاءِ وَالْإِقْرَارَ بِكَوْنِهِ عَبْدًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ، وَمَا فِي الْعَتَّابِيَّةِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِسُكُوتِ الْعَبْدِ عِنْدَ الْبَيْعِ فِي رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي سَائِرِ الْكُتُبِ وَإِنْ غَلِطَ فِيهِ بَعْضُ مَنْ تَصَدَّرَ لِلْإِفْتَاءِ بِدَارِ السَّلْطَنَةِ الْعَلِيَّةِ وَأَفْتَى بِخِلَافِهِ كَمَا أَفَادَهُ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي مُنْهَوَاتِ فَتَاوِيهِ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ: اشْتَرِنِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ أَجْنَبِيٌّ اشْتَرِهِ فَإِنَّهُ عَبْدٌ فَلَا رُجُوعَ بِحَالٍ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِزَيْدٍ) كَذَا فِي النَّهْرِ قَالَ السَّائِحَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، لِأَنَّ الْغُرُورَ فِي ضِمْنِ الْمُعَاوَضَةِ لَيْسَ كَفَالَةً صَرِيحَةً حَتَّى يُشْتَرَطَ مَعْرِفَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ وَعَنْهُ وَمِمَّا اغْتَفَرُوا أَيْضًا هُنَا رُجُوعُ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا أَدَّى مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهَذَا الضَّمَانِ الْوَاقِعِ مِنْهُ ضِمْنَ قَوْلِهِ اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ اهـ (قَوْلُهُ مُتَعَمِّدًا عَلَى مَقَالَتِهِ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا بِكَوْنِهِ حُرًّا لِأَنَّهُ لَا تَغْرِيرَ مَعَ الْعِلْمِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلِذَا اسْتَوْلَدَهَا عَالِمًا بِأَنَّ الْبَائِعَ غَصَبَهَا فَاسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَهُوَ رَقِيقٌ كَمَا يَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ أَيْ ظَهَرَ حُرًّا) بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا، لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَعْوَى الْعَبْدِ شَرْطًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَكَذَا فِي الْعَارِضَةِ بِعِتْقٍ وَنَحْوِهِ فِي الصَّحِيحِ لَكِنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا كَمَا أَفَادَهُ تَفْرِيعُ الْمَسْأَلَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ يُعْرَفُ مَكَانُهُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَلَوْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَا يُوصَلُ إلَيْهِ عَادَةً كَأَقْصَى الْهِنْدِ نَهْرٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْقَابِضِ) أَيْ الْبَائِعِ وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْفَتْحِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْقَابِضِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ وَمِثْلُهُ مَا إذَا مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَلَوْ كَانَ لَهُ تَرِكَةٌ يُعْلَمُ مَكَانُهَا يُرْجَعُ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، كَمَا يَأْتِي وَالدَّيْنُ لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْعَبْدَ بِالْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ ضَامِنًا الثَّمَنَ لَهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ
دَفْعًا لِلْغُرُورِ وَالضَّرَرِ
وَلَا تَعَذُّرَ إلَّا فِيمَا لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ وَالْبَيْعُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَأَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ الْأَمْرُ بِهِ ضَمَانًا لِلسَّلَامَةِ كَمَا هُوَ مُوجَبُهُ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) أَيْ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا) لِأَنَّ الْحُرَّ يُشْتَرَى تَخْلِيصًا كَالْأَسِيرِ وَقَدْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْعَبْدِ كَالْمُكَاتَبِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ) إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالضَّمَانِ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَدَّى دَيْنَهُ، وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِي أَدَائِهِ فَتْحٌ فَهُوَ كَمُعِيرِ الرَّهْنِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ لِتَخْلِيصِ الرَّهْنِ يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي أَدَائِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ أَصْلًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ هُوَ وَثِيقَةٌ لِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ حَقِّهِ يَجُوزُ الرَّهْنُ بِبَدَلِ الصَّرْفِ وَالْمُسَلَّمِ فِيهِ مَعَ حُرْمَةِ الِاسْتِبْدَالِ، فَلَا يُجْعَلُ الْأَمْرُ بِهِ ضَمَانًا لِلسَّلَامَةِ، وَبِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ لَوْ قَالَ اشْتَرِهِ فَإِنَّهُ عَبْدٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْبَأُ بِقَوْلِهِ فِيهِ، فَلَا يَتَحَقَّقُ الْغُرُورُ وَنَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا قَوْلُ الْمَوْلَى بَايِعُوا عَبْدِي هَذَا فَإِنِّي قَدْ أَذِنْت لَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) مَرَّ هَذَا الْأَصْلُ مَبْسُوطًا آخِرَ بَابِ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ.