الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسَيَجِيءُ مَتْنًا خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْحًا وَالْأَصْلُ أَنَّ الْقَضَاءَ يَصِحُّ فِي مَوْضِعِ الِاخْتِلَافِ لَا الْخِلَافِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْأَوَّلِ دَلِيلًا لَا الثَّانِي وَهَلْ اخْتِلَافُ الشَّافِعِيِّ مُعْتَبَرٌ؟ الْأَصَحُّ نَعَمْ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.
(يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ يَوْمِ الْقَتْلِ) فَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى مَوْتِ أَبِيهِ فِي يَوْمِ كَذَا ثُمَّ بَرْهَنَتْ امْرَأَةٌ أَنَّ الْمَيِّتَ نَكَحَهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَضَى بِالنِّكَاحِ وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى قَتْلِهِ فِيهِ فَبَرْهَنَتْ أَنَّ الْمَقْتُولَ نَكَحَهَا بَعْدَهُ
ــ
[رد المحتار]
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْخِلَافَ إذَا كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِأَنْ كَانَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ نَفْسَ الْقَضَاءِ الْأَوَّلِ لَا يَنْفُذُ مَا لَمْ يُنْفِذْهُ قَاضٍ ثَانٍ فَيَكُونُ الْقَضَاءُ الثَّانِي هُوَ النَّافِذُ، فَإِذَا رُفِعَ إلَى ثَالِثٍ وَجَبَ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ وَلَا يَصِحُّ إبْطَالُهُ إيَّاهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُجْتَهَدُ فِيهِ نَفْسَ الْمَقْضِيِّ بِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ بِهِ نَافِذٌ بِدُونِ تَنْفِيذٍ، وَإِذَا رُفِعَ إلَى آخَرَ نَفَّذَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبَهُ وَهَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ آخَرَ نَفَّذَهُ، وَبِخِلَافِ مَا خَالَفَ الدَّلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ وَإِنْ نَفَّذَ أَلْفُ قَاضٍ كَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَهَذَا مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إلَّا مَا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً مَشْهُورَةً أَوْ إجْمَاعًا وَبِهِ تَمَّتْ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ فَافْهَمْ وَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ.
(وَقَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ مَتْنًا) أَيْ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي ح.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ شَرْحًا) حَيْثُ عَدَّ هَذِهِ الصُّورَةَ مِنْ جُمْلَةِ مَا لَا يَنْفُذُ لِمُخَالَفَتِهِ الدَّلِيلَ لَكِنْ نَقَلَ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ حِكَايَةَ قَوْلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) هَذِهِ تَفْرِقَةٌ عُرْفِيَّةٌ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ} [البقرة: 213] {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4] وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ خِلَافٌ لَا دَلِيلَ لَهُ بِالنَّظَرِ لِلْمُخَالِفِ، وَإِلَّا فَالْقَائِلُ اعْتَمَدَ دَلِيلًا ثُمَّ مَسَائِلُ الْخِلَافِ الَّتِي لَا يُنْفِذُهَا هِيَ مَا تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ إلَّا مَا خَالَفَ كِتَابًا إلَخْ ط.
(قَوْلُهُ: الْأَصَحُّ نَعَمْ) وَقِيلَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ الْخِلَافُ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، فَإِنْ صَحَّ أَنَّ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيَّ مُجْتَهِدُونَ فَلَا شَكَّ فِي كَوْنِ الْمَحَلِّ اجْتِهَادِيًّا وَإِلَّا فَلَا وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ أَهْلُ اجْتِهَادٍ وَرِفْعَةٍ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ خَالَعَ الْأَبُ الصَّغِيرَةَ عَلَى صَدَاقِهَا وَرَآهُ خَيْرًا لَهَا صَحَّ عِنْدَ مَالِكٍ وَبَرِئَ الزَّوْجُ عَنْهُ، فَلَوْ قَضَى بِهِ قَاضٍ نَفَذَ وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَبِي الصَّغِيرَةِ زَوَّجَهَا مِنْ صَغِيرٍ، وَقَبِلَ أَبُوهُ وَكَبِرَ الصَّغِيرَانِ وَبَيْنَهُمَا غَيْبَةٌ مُنْقَطِعَةٌ، وَقَدْ كَانَ التَّزَوُّجُ بِشَهَادَةِ الْفَسَقَةِ هَلْ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ إلَى شَافِعِيِّ الْمَذْهَبِ لِيُبْطِلَ هَذَا النِّكَاحَ بِسَبَبِ أَنَّهُ كَانَ بِشَهَادَةِ الْفَسَقَةِ قَالَ نَعَمْ اهـ ط.
قُلْت: وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ لَمْ أَرَهَا فِي الْفَتْحِ بَلْ ذَكَرَ مَسْأَلَةً غَيْرَهَا وَذَكَرَ عِبَارَتَهُ فِي الْبَحْرِ.
[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]
(قَوْلُهُ: يَوْمُ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ) أَيْ لَا يُقْضَى بِهِ قَصْدًا بِأَنْ تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ فِي يَوْمِ مَوْتِ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَوْمِ كَذَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ غَيْرَهُ كَتَقْدِيمِ مِلْكِ أَحَدِهِمَا؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنْ ادَّعَيَا الْمِيرَاثَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقُولُ: هَذَا لِي وَرِثْتُهُ مِنْ أَبِي إنْ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَلَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا تَارِيخًا وَاحِدًا فَأَنْصَافًا، وَإِنْ أَحَدُهُمَا أَسْبَقَ فَهُوَ لَهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ الْقَوْلُ بِدُخُولِ يَوْمِ الْمَوْتِ تَحْتَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ وَقَعَ فِي تَقْدِيمِ الْمِلْكِ قَصْدًا اهـ، وَفِيهَا ادَّعَى عَلَى آخَرَ ضَيْعَةً بِأَنَّهَا كَانَتْ لِفُلَانٍ وَوَرِثَتْهَا مِنْهُ أُخْتُهُ فُلَانَةُ فَمَاتَتْ وَأَنَا وَارِثُهَا وَبَرْهَنَ تُسْمَعُ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْمَطْلُوبُ أَنَّ فُلَانَةَ مَاتَتْ قَبْلَ فُلَانٍ يَعْنِي مُوَرِّثَهَا صَحَّ الدَّفْعُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ زَمَانَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ، قِيلَ النِّزَاعُ لَمْ يَقَعْ فِي الْمَوْتِ الْمُجَرَّدِ فَصَارَ كَالْوَرَثَةِ تَنَازَعُوا فِي تَقْدِيمِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ مِنْ الْمُوَرِّثِ الْآخَرِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ كَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ إذَا تَنَازَعَا فِي تَقْدِيمِ مَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَ الْجَدِّ أَوْ بَعْدَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى مَوْتِ أَبِيهِ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى شَيْئًا لِأَبِيهِ وَبَرْهَنَ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا وَأَنَّهُ مَاتَ يَوْمَ كَذَا بِيرِيٌّ عَنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ.
(قَوْلُهُ: قَضَى بِالنِّكَاحِ) أَيْ فَيَجْعَلُ لَهَا الصَّدَاقَ وَالْمِيرَاثَ مَعَ الِابْنِ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ
لَا تُقْبَلُ وَكَذَا جَمِيعُ الْعُقُودِ وَالْمُدَايَنَاتِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ الَّتِي مَعَهَا وَلَدٌ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا بِتَارِيخٍ مُنَاقِضٍ لِمَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ أَشْبَاهٌ
ــ
[رد المحتار]
بِهِ حُكْمٌ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْمَوْتِ بَلْ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى الْمَوْتِ، وَالنِّكَاحُ سَبَبٌ سَابِقٌ وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ يَوْمُ الْمَوْتِ تَحْتَ الْقَضَاءِ جَعَلَ وُجُودَ ذَلِكَ التَّارِيخِ وَعَدَمَهُ سَوَاءً، وَلَوْ عَدِمَ تُقْبَلُ الْبَيِّنَتَانِ جَمِيعًا وَيَقْضِي بِحَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِهِمَا مُمْكِنٌ فَكَذَا هُنَا اهـ بِيرِيٌّ عَنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَفِيهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: وَيَقْضِي لَهَا الْقَاضِي بِالْمَهْرِ وَالْمِيرَاثِ سَوَاءٌ قَضَى الْقَاضِي بِبَيِّنَةِ الِابْنِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِبَيِّنَةِ الِابْنِ بِمَوْتِ الْأَبِ لَا بِوَقْتِ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَوْتِ لَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ بَلْ فِي أَيِّ وَقْتٍ يَمُوتُ يَكُونُ مَالُهُ لِوَرَثَتِهِ فَصَارَ كَأَنَّ الِابْنَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَوْتِ الْأَبِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَقْتَ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ اهـ. [تَنْبِيهٌ]
ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ إذَا كَانَ الْمَوْتُ مُسْتَفِيضًا عَلِمَ بِهِ كُلُّ كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ وَعَالِمٍ وَجَاهِلٍ لَا يَقْضِي لِلْخَصْمِ، وَلَا يَكُونُ بِطَرِيقِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَبِلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْتِ بَلْ بِطَرِيقِ التَّيَقُّنِ بِكَذِبِ الْمُدَّعِي، وَارْجِعْ إلَى الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ يَظْهَرُ لَك صِحَّةُ مَا قُلْته اهـ وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ.
(قَوْلُهُ: لَا تُقْبَلُ) قَالَ فِي الْأَجْنَاسِ: وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَتْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَالْمَوْتُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ لَازِمٌ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الْقَتْلَ ظُلْمًا لَمْ يَخْلُ عَنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ وَفِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّكَاحِ فِي زَمَانٍ مُتَأَخِّرٍ إسْقَاطُ أَصْلِ الْقَتْلِ لِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ مَقْتُولًا فِي زَمَانٍ ثُمَّ يَبْقَى حَيًّا فَيَتَزَوَّجُ فَكَانَ ثُبُوتُ الْقَتْلِ يَتَضَمَّنُ حَقًّا لَازِمًا فَلَمَّا تَضَمَّنَتْ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ إسْقَاطَ هَذَا الْحَقِّ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا، وَلَا كَذَلِكَ بَيِّنَةُ الِابْنِ عَلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَيِّنَتُهَا لَا تَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَقِّ الِابْنِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ يَرِثُ مَعَ الْمَرْأَةِ كَمَا يَرِثُ إذَا انْفَرَدَ فَلَمْ تَتَعَارَضْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْإِرْثِ بَيْنَ إسْقَاطِهِ وَإِثْبَاتِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَمْتَنِعْ قَبُولُ بَيِّنَتِهَا اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَكَذَا لَوْ بَرْهَنَ الْوَارِثُ أَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ فُلَانٌ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ بِزَمَانٍ يَكُونُ دَفْعًا لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْقَضَاءِ اهـ بِيرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا جَمِيعُ الْعُقُودِ) كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ، فَإِنَّهَا كَالْقَتْلِ تَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ فَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ بَاعَهُ كَذَا يَوْمَ كَذَا وَبَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ بَاعَهُ قَبْلَهُ يَكُونُ دَفْعًا. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ أَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ فَقَضَى بِشُهُودِهَا ثُمَّ أَقَامَتْ أُخْرَى بَيِّنَةً أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ النَّحْرِ بِخُرَاسَانَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ التَّارِيخُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ يَوْمَ الْقَتْلِ لَا يَدْخُلُ فِيهَا تَحْتَ الْقَضَاءِ. وَصُورَتُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ عَمْدًا بِالسَّيْفِ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَجَاءَتْ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا وَلَدٌ وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ وَالِدَ هَذَا تَزَوَّجَهَا مُنْذُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَنَّ هَذَا وَلَدُهُ مِنْهَا وَوَارِثُهُ مَعَ ابْنِهِ هَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَسْتَحْسِنُ فِي هَذَا أَنْ أُجِيزَ بَيِّنَةَ الْمَرْأَةِ وَأُثْبِتَ نَسَبَ الْوَلَدِ وَلَا أُبْطِلُ بَيِّنَةَ الِابْنِ عَلَى الْقَتْلِ، وَكَانَ هَذَا الِاسْتِحْسَانُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي أَمْرِ النَّسَبِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى النِّكَاحِ، وَلَمْ تَأْتِ بِالْوَلَدِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الِابْنِ وَلَهُ الْمِيرَاثُ دُونَ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ اهـ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: وَلَا أَبْطَلَ بَيِّنَةَ الِابْنِ عَلَى الْقَتْلِ يُنَافِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ وَعَنْ هَذَا قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ فِي أَوَّلِ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ الظَّاهِرُ أَنَّ حَرْفَ النَّفْيِ زَائِدٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة حَيْثُ قَالَ: وَإِبْطَالُ بَيِّنَةِ الِابْنِ عَلَى الْقَتْلِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقْضِيَ بِبَيِّنَةِ الْقَتْلِ اهـ.
قُلْت: وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا فِي دَعْوَى الْبَحْرِ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ بَرْهَنَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبِي مُنْذُ سَنَةٍ، وَبَرْهَنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ أَبَاهُ صَلَّى بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ الْمَاضِيَةَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الْأَخْذُ بِالْأَحْدَثِ أَوْلَى إذَا كَانَ شَيْئًا مَشْهُورًا اهـ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَهَذَا يُقَيِّدُهُ بِهِ وَمَا مَضَى أَيْضًا وَهُوَ قَيْدٌ لَازِمٌ لَا بُدَّ مِنْهُ حِينَ لَوْ اُشْتُهِرَ مَوْتُ رَجُلٍ عِنْدَ