المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الحبس - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌فصل في الحبس

حَتَّى بِالْقَلْبِ إلَّا فِي خُصُومَةِ نَصْرَانِيٍّ مَعَ الرَّشِيدِ لَمْ أُسَوِّ بَيْنَهُمَا وَقَضَيْت عَلَى الرَّشِيدِ ثُمَّ بَكَى اهـ، قُلْت: وَمُفَادُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي عَلَى مَنْ وَلَّاهُ وَفِي الْمُلْتَقَى وَيَصِحُّ لِمَنْ وَلَّاهُ وَعَلَيْهِ وَسَيَجِيءُ [فُرُوعٌ]

فِي الْبَدَائِعِ مِنْ جُمْلَةِ أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ بِلِسَانٍ لَا يَعْرِفُهُ الْآخَرُ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَقُولَ لِلْخَصْمَيْنِ أَحْكُمُ بَيْنَكُمَا حَتَّى إذَا كَانَ فِي التَّقْلِيدِ خَلَلٌ يَصِيرُ حُكْمًا بِتَحْكِيمِهِمَا. قَضَى بِحَقٍّ ثُمَّ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ بِالِاسْتِئْنَافِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَزَّازِيَّةٌ. طَلَبَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ نُسْخَةَ السِّجِلِّ وَمِنْ الْمُقْضَى لَهُ لِيَعْرِضَهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَهُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا، فَامْتَنَعَ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ، جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى وَفِي الْفَتْحِ مَتَى أَمْكَنَ إقَامَةُ الْحَقِّ بِلَا إيغَارِ صُدُورٍ كَانَ أَوْلَى. وَهَلْ يَقْبَلُ قَصَصُ الْخُصُومِ إنْ جَلَسَ لِلْقَضَاءِ لَا، وَإِلَّا أَخَذَهَا وَلَا يَأْخُذُ بِمَا فِيهَا إلَّا إذَا أَقَرَّ بِلَفْظِهِ صَرِيحًا.

‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

هُوَ مَشْرُوعٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33]«وَحَبَسَ عليه الصلاة والسلام رَجُلًا بِالتُّهْمَةِ فِي الْمَسْجِدِ»

ــ

[رد المحتار]

مَا حَصَلَ لِأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَاضِيَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَزِيَادَةُ التَّجْرِبَةِ تُفِيدُ زِيَادَةَ عِلْمٍ قَالَ الْحَمَوِيُّ قَالَ مَجْدُ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيُّ وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ، فَلَمَّا حَجَّ وَعَرَفَ مَشَاقَّهُ رَجَعَ وَقَالَ الْحَجُّ أَفْضَلُ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى بِالْقَلْبِ) أَيْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَيْلُ قَلْبِهِ إلَى عَدَمِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ بِقَرِينَةِ الِاسْتِثْنَاءِ.

(قَوْلُهُ: قُلْت وَمُفَادُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَضِيَّةُ شُرَيْحٍ مَعَ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ قَامَ وَأَجْلَسَ عَلِيًّا مَجْلِسَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ) أَيْ فِي آخِرِ بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ: بِلِسَانٍ لَا يَعْرِفُهُ الْآخَرُ) لِأَنَّهُ كَالْمُسَارَّةِ.

(قَوْلُهُ: أَحْكُمُ بَيْنَكُمَا) أَيْ وَيَقُولَانِ نَعَمْ اُحْكُمْ بَيْنَنَا.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمُهُ) أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْنَفَ بَرَاءَةً لِعُرْضَةٍ لَا بَأْسَ بِهِ.

(قَوْلُهُ: نُسْخَةَ السِّجِلِّ) أَيْ كِتَابَ الْقَاضِي الَّذِي فِيهِ حُكْمُهُ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْحُجَّةِ.

(قَوْلُهُ: أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِلْعَرْضِ عَلَى الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ السِّجِلَّ أَيْ الْحُجَّةَ لَوْ كَانَ مِلْكَهُ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْفَتْحِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ وَفِي الْمَبْسُوطِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَعْتَذِرَ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَيُبَيِّنَ لَهُ وَجْهَ قَضَائِهِ وَيُبَيِّنَ لَهُ أَنَّهُ فَهِمَ حُجَّتَهُ، وَلَكِنَّ الْحُكْمَ فِي الشَّرْعِ كَذَا يَقْتَضِي الْقَضَاءَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهُ، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَدْفَعَ لِشِكَايَتِهِ لِلنَّاسِ، وَنِسْبَتِهِ إلَى أَنَّهُ جَارَ عَلَيْهِ وَمَنْ يَسْمَعْ يُخِلَّ فَرُبَّمَا تُفْسِدُ الْعَامَّةُ عِرْضَهُ وَهُوَ بَرِيءٌ، وَإِذَا أَمْكَنَ إقَامَةُ الْحَقِّ مَعَ عَدَمِ إيغَارِ الصُّدُورِ كَانَ أَوْلَى اهـ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْوَغْرُ شِدَّةُ تَوَقُّدِ الْحَرِّ وَمِنْهُ: قِيلَ فِي صَدْرِهِ عَلَى وَغْرٍ بِالتَّسْكِينِ أَيْ ضَغَنٍ وَعَدَاوَةٍ وَتَوَقُّدٍ وَمِنْ الْغَيْظِ.

(قَوْلُهُ: قَصَصَ الْخُصُومِ) جَمْعُ قَصَّةٍ وَهِيَ بِالْفَتْحِ الْحِصَّةُ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا وَرَقَةٌ يَكْتُبُ فِيهَا قَضِيَّتَهُ مَعَ خَصْمِهِ وَيُسَمَّى الْآنَ عَرْضَ حَالٍ.

(قَوْلُهُ: لَا) أَيْ لِأَنَّ كَلَامَهُ بِلِسَانِهِ أَحْسَنُ مِنْ كِتَابَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَأْخُذُ بِمَا فِيهَا) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَلَا يُؤَاخَذُ أَيْ لَا يُؤَاخَذُ صَاحِبُهَا بِمَا كَتَبَهُ فِيهَا مِنْ إقْرَارٍ وَنَحْوِهِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ صَرِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ الْخَطِّ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

ِ هُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا اخْتَصَّ بِأَحْكَامٍ كَثِيرَةٍ أَفْرَدَهُ بِفَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ نَهْرٌ، وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ مَصْدَرُ حَبَسَ كَضَرَبَ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَوْضِعِ، وَتَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ لَهُ وَزَادَ فِيهِ مَسَائِلَ أُخَرَ مِنْ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ ذَكَرَهَا فِي الْهِدَايَةِ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: هُوَ مَشْرُوعٌ إلَخْ) أَرَادَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ زَادَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَجْمَعُوا عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفْيِ الْحَبْسُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ اهـ ح

ص: 376

وَأَحْدَثَ السِّجْنَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَنَاهُ مِنْ قَصَبٍ وَسَمَّاهُ نَافِعًا فَنَقَبَهُ اللُّصُوصُ فَبَنَى غَيْرَهُ مِنْ مَدَرٍ وَسَمَّاهُ مُخَيَّسًا بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتُكْسَرُ مَوْضِعُ التَّخْسِيسِ وَهُوَ التَّذْلِيلُ وَفِيهِ يَقُولُ عَلِيٌّ رضي الله عنه:

أَلَا تَرَانِي كَيِّسًا مُكَيَّسَا

بَنَيْت بَعْدَ نَافِعٍ مُخَيِّسَا

حِصْنًا حَصِينًا وَأَمِينًا كَيِّسَا

(صِفَتُهُ أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ بِهِ فِرَاشٌ وَلَا وِطَاءٌ) لِيُضْجِرَ فَيُوقَى وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ جِيءَ لَهُ بِهِ مُنِعَ مِنْهُ (وَلَا يُمَكَّنُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ لِلِاسْتِئْنَاسِ إلَّا أَقَارِبُهُ وَجِيرَانُهُ) لِاحْتِيَاجِهِ لِلْمُشَاوَرَةِ (وَلَا يَمْكُثُونَ عِنْدَهُ طَوِيلًا) وَمُفَادُهُ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تُحْبَسُ مَعَهُ لَوْ هِيَ الْحَابِسَةَ لَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَفِي الْمُلْتَقَى يُمَكَّنُ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَأَحْدَثَ السِّجْنَ عَلِيٌّ) أَيْ أَحْدَثَ بِنَاءَ سِجْنٍ خَاصٍّ فَلَا يُنَافِي مَا قَالُوا أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ سِجْنٌ، إنَّمَا كَانَ يَحْبِسُ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الدِّهْلِيزِ حَتَّى اشْتَرَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - دَارًا بِمَكَّةَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَاِتَّخَذَهُ مَحْبِسًا.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَدَرٍ) بِالتَّحْرِيكِ قِطَعُ الطِّينِ الْيَابِسِ وَالْحِجَارَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.

(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْيَاءِ) أَيْ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً وَالْعَجَبُ مِمَّا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ مِنْ ضَبْطِهِ بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ فِي الْأَجْوَفِ الْيَائِيِّ فَقَالَ: الْمُحَيَّسُ كَمُعَظَّمٍ السِّجْنُ وَسِجْنٌ بَنَاهُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

(قَوْلُهُ: كَيِّسًا) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْكَيْسُ وِزَانُ فَلْسٍ الظُّرْفُ وَالْفِطْنَةُ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ الْعَقْلُ وَيُقَالُ إنَّهُ مُخَفَّفٌ مِنْ كَيَسَ مِثْلَ هَيَنَ وَهَيَّنَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ كَاسَ كَيْسًا مِنْ بَابِ بَاعَ وَأَمَّا الْمُثْقَلُ فَاسْمُ فَاعِلٍ وَالْجَمْعُ أَكْيَاسٌ مِثْلُ جِيدٍ وَأَجْيَادٍ اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: الْكَيْسُ أَيْ مُخَفَّفًا حُسْنُ التَّأَنِّي فِي الْأُمُورِ وَالْكَيِّسُ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ الْكَيْسُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَمِينًا) أَرَادَ بِهِ السَّجَّانَ الَّذِي نَصَّبَهُ فِيهِ، فَتْحٌ وَعَلَيْهِ فَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ نَظِيرُهُ عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا فَيُرَادُ بِقَوْلِهِ: بَنَيْت اتَّخَذْت وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ كَوْنُهُ وَصْفًا لِمُخَيِّسًا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُ كَيِّسًا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: صِفَتُهُ) الضَّمِيرُ لِلْحَبْسِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ، فَلِذَا قَالَ أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ أَيْ فِي مَوْضِعٍ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا وِطَاءٌ) عَلَى وَزْنِ كِتَابٍ الْمِهَادُ الْوَطِيءِ مِصْبَاحٌ، وَفِيهِ وَالْمَهْدُ وَالْمِهَادُ الْفِرَاشُ وَفِي الْقَامُوسِ عَنْ الْكِسَائِيّ أَنَّ الْوِطَاءَ خِلَافُ الْغِطَاءِ. قُلْت: فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمِهَادُ الْوَطِيءُ أَيْ اللَّيِّنُ السَّهْلُ فَهُوَ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَكَذَا إنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَنَامُ عَلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ الْغِطَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ قَوْلِهِ لِيَضْجَرَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُمَكَّنُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ مَعَ التَّشْدِيدِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَمْكُثُونَ عِنْدَهُ طَوِيلًا) أَيْ بِحَيْثُ يَحْصُلُ لَهُ الِاسْتِئْنَاسُ بِهِمْ بَلْ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُشَاوَرَةِ مَطْلَبُ لَا تُحْبَسُ زَوْجَتُهُ مَعَهُ لَوْ حَبَسْته.

(قَوْلُهُ: وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ قَوْلِهِ لِلِاسْتِئْنَاسِ وَفِي النَّهْرِ وَإِذَا احْتَاجَ لِلْجِمَاعِ دَخَلَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ إنْ كَانَ فِيهِ مَوْضِعُ سُتْرَةٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تُحْبَسُ مَعَهُ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْحَابِسَةُ لَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَوْلَى مِمَّا فِي النَّهْرِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ دُخُولِ أَحَدٍ عَلَيْهِ لِلِاسْتِئْنَاسِ أَصْرَحُ بِعَدَمِ حَبْسِهَا مَعَهُ إذْ فِي حَبْسِهَا مَعَهُ غَايَةُ الِاسْتِئْنَاسِ لَهُ مَعَ كَوْنِ الْمَقْصُودِ مِنْ ذَلِكَ الضَّجَرَ لِيُوَفِّيَ دَيْنَهُ، وَإِذَا كَانَتْ هِيَ الْحَابِسَةُ لَهُ وَقُلْنَا بِجَوَازِ حَبْسِهَا مَعَهُ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بَلْ يَحْصُلُ ضِدُّهُ وَهُوَ ضَجَرُهَا لِتُخْرِجَهُ مِنْ الْحَبْسِ حَتَّى تَخْرُجَ مَعَهُ، فَفِي ذَلِكَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُحْبَسُ مَعَهُ لَوْ هِيَ الْحَابِسُ، وَلَيْسَ فِيمَا قَالَهُ فِي النَّهْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فَلِذَا عَدَلَ الشَّارِحُ عَنْ كَلَامِ النَّهْرِ، فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي عُدُولِهِ عَنْهُ خَلَلٌ بَلْ خَلَلٌ فِي مُتَابَعَتِهِ لَهُ فَافْهَمْ ثُمَّ إنَّ الْمَقْصُودَ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّهَا تُحْبَسُ مَعَهُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ: فَإِذَا حَبَسَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا، لَا تُحْبَسُ مَعَهُ وَفِيهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَغَيْرِهَا إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ اسْتَحْسَنَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنْ تُحْبَسَ مَعَهُ اهـ.

ص: 377

مِنْ وَطْءِ جَارِيَتِهِ لَوْ فِيهِ خَلْوَةٌ (وَلَا يَخْرُجُ لِجُمُعَةٍ وَلَا جَمَاعَةٍ وَلَا لِحَجِّ فَرْضٍ) فَغَيْرُهُ أَوْلَى (وَلَا لِحُضُورِ جِنَازَةٍ وَلَوْ) كَانَ (بِكَفِيلٍ) زَيْلَعِيٌّ وَفِي الْخُلَاصَةِ يَخْرُجُ بِكَفِيلِ الْجِنَازَةِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ وَلَا غَيْرُهُمْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

(وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا أَضْنَاهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ وَإِلَّا لَا) بِهِ يُفْتَى وَلَا يُخْرَجَ لِمُعَالَجَةٍ وَكَسْبٍ قِيلَ وَلَا يَتَكَسَّبُ فِيهِ، وَلَوْ لَهُ دُيُونٌ خَرَجَ لِيُخَاصِمَ ثُمَّ يُحْبَسُ خَانِيَّةٌ.

(وَلَا يُضْرَبُ) الْمَحْبُوسُ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ: إذَا امْتَنَعَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ

ــ

[رد المحتار]

وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا حَبَسَتْهُ وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ وَيُخْشَى عَلَيْهَا فِعْلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُرَاقِبًا لَهَا يَكُونُ مَظِنَّةَ أَنَّ حَبْسَهَا لَهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ لَا لِمُجَرَّدِ اسْتِيفَاءِ حَقِّهَا مِنْهُ، فَلَهُ حَبْسُهَا مَعَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِحَبْسِهَا مَعَهُ وَهَذَا مَحْمِلُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ وَطْءِ جَارِيَتِهِ) وَكَذَا زَوْجَتُهُ كَمَا مَرَّ وَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي نَقْلِ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ وَنَقَلَ عَنْهَا فِي الْبَحْرِ يَخْرُجُ الْكَفِيلُ فَكَأَنَّهُ سَقَطَتْ الْبَاءُ مِنْ نُسْخَتِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ، وَكَذَا الرَّمْلِيُّ وَقَالَ أَيْضًا: وَالْعَجَبُ أَنَّ الْبَزَّازِيَّ وَقَعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْكَفِيلَ يَخْرُجُ لِجِنَازَةِ الْوَالِدَيْنِ إلَخْ الَّذِي فِي فَتَاوَى الْقَاضِي يَعْنِي قَاضِي خَانْ يَخْرُجُ بِالْكَفِيلِ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالُ حَقِّ آدَمِيٍّ بِلَا مُوجِبٍ نَعَمْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يَقُومُ بِحُقُوقِ دَفْنِهِ فَعَلَ ذَلِكَ وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ عَمَّا إذَا مَاتَ وَالِدَاهُ أَيَخْرُجُ؟ فَقَالَ لَا اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مُخَالِفٌ لِنَصِّ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ نَصَّ مُحَمَّدٍ فِي الْمَدْيُونِ أَصَالَةٌ وَالْكَلَامُ فِي الْكَفِيلِ اهـ. وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ فِي نُسْخَةِ الْخُلَاصَةِ مِنْ التَّحْرِيفِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَدْيُونِ وَكَفِيلِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ

(قَوْلُهُ: يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ يَخْرُجُ إنْ كَانَ يَمُوتُ بِسَبَبِ عَدَمِ الْمُمَرِّضِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مُفْضِيًا لِلتَّسَبُّبِ فِي هَلَاكِهِ اهـ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا يَخْرُجُ لَكِنْ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخُلَاصَةِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ كَفِيلًا لَا يُطْلِقُهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَخْدُمُهُ لَا يُخْرَجُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ هَذَا إذَا كَانَ الْغَالِبُ هُوَ الْهَلَاكُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُخْرِجُهُ، وَالْهَلَاكُ فِي السِّجْنِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ مِنَحٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ: لِمُعَالَجَةٍ) أَيْ لِمُدَاوَاةِ مَرَضِهِ لِإِمْكَانِ ذَلِكَ فِي السِّجْنِ.

(قَوْلُهُ: قِيلَ وَلَا يَتَكَسَّبُ فِيهِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي أَكْثَرِهَا بَلْ وَلَا يَتَكَسَّبُ فِيهِ وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِقِيلِ يُفِيدُ الضَّعْفَ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْعُ، وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ عَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ مَشْرُوعٌ لِيَضْجَرَ، وَمَتَى تَمَكَّنَ مِنْ الِاكْتِسَابِ لَا يَضْجَرُ، فَيَكُونُ السِّجْنُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَانُوتِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَهُ دُيُونٌ خَرَجَ لِيُخَاصِمَ ثُمَّ يُحْبَسُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ بِدَيْنٍ يَخْرُجُ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى فَإِنْ أَثْبَتَهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ أُعِيدَ فِي الْحَبْسِ لِأَجَلِهِمَا سَائِحَانِيٌّ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ.

(قَوْله: إذَا امْتَنَعَ عَنْ كَفَّارَةِ) لِأَنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ فِي الْجِمَاعِ يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ أَشْبَاهٌ، وَاعْتَرَضَهُ الْحَمَوِيُّ بِأَنَّ حَقَّهَا فِيهِ قَضَاءٌ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ. قُلْت: هَذِهِ الْمَرَّةُ لِأَجْلِ انْتِفَاءِ الْعُنَّةِ وَالتَّفْرِيقِ بِهَا وَإِلَّا فَلَهَا حَقٌّ فِي الْوَطْءِ بَعْدَهَا؛ وَلِذَا حَرُمَ الْإِيلَاءُ مِنْهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمُضِيِّ مُدَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ، وَكَذَا فِي الظِّهَارِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ فَلِذَا ظَهَرَ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْعَوْدِ إلَيْهَا وَيُضْرَبُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ وَإِنْ كَانَ لَا يُضْرَبُ عِنْدَ الِامْتِنَاعِ عَنْهَا بِغَيْرِ سَبَبٍ، تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالْإِنْفَاقُ عَلَى قَرِيبِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى كَفَّارَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْقَسْمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَافْهَمْ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي النَّفَقَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْقَرِيبِ يُضْرَبُ وَلَا يُحْبَسُ، وَمِثْلُهُ فِي الْقَسْمِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي آخِرِ النَّفَقَةِ أَنَّهُ تَابَعَ الْبَحْرَ فِي نَقْلِ ذَلِكَ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَأَنَّ الَّذِي فِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ يُحْبَسُ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ، بِخِلَافِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْقَسْمِ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ وَلَا يُحْبَسُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ مَتْنًا وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّكْفِيرِ مَعَ قُدْرَتِهِ يُضْرَبُ

ص: 378

وَالْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ وَالْقَسْمِ بَيْنَ نِسَائِهِ بَعْدَ وَعْظِهِ وَالضَّابِطُ مَا يَفُوتُ بِالتَّأْخِيرِ لَا إلَى خُلْفٍ أَشْبَاهٌ، قُلْت: وَيُزَادُ مَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ:

وَإِنْ فَرَّ يُضْرَبُ دُونَ قَيْدٍ تَأَدُّبًا

وَتَطْيِينُ بَابِ الْحَبْسِ فِي الْعَنَتِ يُذْكَرُ

(وَلَا يُغَلُّ) إلَّا إذَا خَافَ فِرَارَهُ فَيُقَيَّدُ أَوْ يُحَوَّلُ لِسِجْنِ اللُّصُوصِ وَهَلْ يُطَيَّنُ الْبَابُ؟ الرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي بَزَّازِيَّةٌ (وَلَا يُجَرَّدُ وَلَا يُؤَاجَرُ) وَعَنْ الثَّانِي يُؤْجَرُهُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ (وَلَا يُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْحَقِّ إهَانَةً) لَهُ وَلَوْ كَانَ بِبَلَدٍ لَا قَاضِيَ فِيهَا لَازَمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى.

(وَتَعْيِينُ مَكَانِهِ) أَيْ مَكَانَ الْحَبْسِ عِنْدَ عَدَمِ إرَادَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ (لِلْقَاضِي إلَّا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مَكَانًا آخَرَ) فَيُجِيبُهُ لِذَلِكَ قُنْيَةٌ وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِقَارِئِ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ لَا لِلْقَاضِي اهـ، وَفِي النَّهْرِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُجَابَ لَوْ طَلَبَ حَبْسَهُ فِي مَكَانِ اللُّصُوصِ وَنَحْوِهِ. [فَرْعٌ] فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَيُجْعَلُ لِلنِّسَاءِ سِجْنٌ عَلَى حِدَةٍ نَفْيًا لِلْفِتْنَةِ.

(وَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي) وَلَوْ دَانِقًا وَهُوَ سُدُسُ دِرْهَمٍ (بِبَيِّنَةٍ عَجَّلَ حَبْسَهُ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي) لِظُهُورِ الْمَطْلِ بِإِنْكَارِهِ (وَإِلَّا) بِبَيِّنَةٍ بَلْ بِإِقْرَارٍ (لَمْ يُعَجِّلْ) حَبْسَهُ بَلْ يَأْمُرُهُ بِالْأَدَاءِ

ــ

[رد المحتار]

وَكَذَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ) أَيْ لِمَا يُضْرَبُ فِيهِ الْمَحْبُوسُ فَإِنَّهُ بِالِامْتِنَاعِ عَمَّا ذُكِرَ يَفُوتُ الْوَاجِبُ لَا إلَى خَلَفٍ فَإِنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالْمُضِيِّ وَلَوْ مَقْضِيًّا بِهَا أَوْ مُتَرَاضِيًا عَلَيْهَا وَكَذَا الْوَطْءُ وَالْقَسْمُ يَفُوتَانِ بِالْمُضِيِّ.

(قَوْلُهُ: مَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ) الشَّرْطُ الثَّانِي لِشَارِحِهَا غَيَّرَ فِيهِ نَظْمَ الْأَصْلِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ فَرَّ) أَيْ مِنْ الْحَبْسِ.

(قَوْلُهُ: فِي الْعَنَتِ يُذْكَرُ) أَيْ إذَا كَانَ مُتَعَنِّتًا لَا يُؤَدِّي الْمَالَ، وَقِيلَ يُطَيِّنُ عَلَيْهِ الْبَابَ وَيَتْرُكُ لَهُ ثَقْبَهُ يُلْقِي لَهُ الْخُبْزَ وَالْمَاءَ وَقِيلَ: الرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي وَهُوَ مَا يَذْكُرُهُ قَرِيبًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُغَلُّ) أَيْ لَا يُوضَعُ لَهُ الْغُلُّ بِالضَّمِّ وَهُوَ طَوْقٌ مِنْ حَدِيدٍ يُوضَعُ فِي الْعُنُقِ جَمْعُهُ أَغْلَالٌ كَقُفْلٍ وَأَقْفَالٍ مِصْبَاحٌ، وَأَمَّا الْقَيْدُ فَمَا يُوضَعُ فِي الرِّجْلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُجَرَّدُ) أَيْ مِنْ ثِيَابِهِ فِي الْحَبْسِ.

(قَوْلُهُ: وَعَنْ الثَّانِي) عِبَارَةُ النَّهْرِ وَلَا يُؤْجَرُ خِلَافًا لِمَا عَنْ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: لَا قَاضِيَ فِيهَا) بِأَنْ مَاتَ أَوْ عُزِلَ مِنَحٌ عَنْ الْجَوَاهِرِ.

(قَوْلُهُ: لَازَمَهُ) وَلَا يَمْنَعُهُ عَنْ الِاكْتِسَابِ وَالدُّخُولِ إلَى بَيْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْمَنْعَ وَالْحَبْسَ وَغَيْرَهُ مِنَحٌ عَنْ الْجَوَاهِرِ.

(قَوْلُهُ: قُنْيَةٌ) عِبَارَتُهَا ادَّعَى عَلَى بِنْتِهِ مَالًا وَأَمَرَ الْقَاضِي بِحَبْسِهَا فَطَلَبَ الْأَبُ مِنْهُ أَنْ يَحْبِسَهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ غَيْرِ السِّجْنِ حَتَّى لَا يُضَيِّعَ عِرْضَهُ يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَكَذَا فِي كُلِّ مُدَّعٍ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْمِنَحِ عِبَارَةَ قَارِئِ الْهِدَايَةِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُعَيِّنُ مَكَانَ الْحَبْسِ عِنْدَ عَدَمِ إرَادَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ أَمَّا لَوْ طَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ مَكَانًا فَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ لَهُ اهـ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي) أَيْ عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُحَكَّمَ لَا يَحْبِسُ، قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَهُ نَهْرٌ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ دَانِقًا) فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَيُحْبَسُ فِي دِرْهَمٍ وَفِي أَقَلَّ مِنْهُ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ ظُلْمَهُ يَتَحَقَّقُ بِمَنْعِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: بِبَيِّنَةٍ) أَوْ بِنُكُولٍ بَحْرٌ عَنْ الْقَلَانِسِيِّ.

(قَوْلُهُ: عَجَّلَ حَبْسَهُ) إلَّا إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ فِيمَا يُقْبَلُ فِيهِ دَعْوَاهُ ط.

(قَوْلُهُ: بِطَلَبِ الْمُدَّعِي) ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَهُوَ قَيْدٌ لَازِمٌ مِنَحٌ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُعَجِّلْ حَبْسَهُ) ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ جَزَاءُ الْمُمَاطَلَةِ وَلَمْ يُعْرَفْ كَوْنُهُ مُمَاطِلًا فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ فَلَعَلَّهُ طَمِعَ فِي الْإِمْهَالِ فَلَمْ يَسْتَصْحِبْ الْمَالَ فَإِذَا امْتَنَعَ بَعْدَ ذَلِكَ حَبَسَهُ لِظُهُورِ مَطْلِهِ هِدَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَأْمُرُهُ بِالْأَدَاءِ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا بِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ الْقَاضِي مِنْ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِ أَوْ وَدِيعَةً لَهُ عِنْدَهُ، وَبَرْهَنَ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي فِي يَدِهِ أَوْ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ، وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ فَوَجَدَ

ص: 379

فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ، وَعَكَسَهُ السَّرَخْسِيُّ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْكَنْزِ وَالدُّرَرِ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَالْأَوَّلُ مُخْتَارُ الْهِدَايَةِ وَالْوِقَايَةِ وَالْمَجْمَعِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا اهـ. قُلْت: وَفِي مُنْيَةٍ لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ يُحْبَسُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَبِالْإِقْرَارِ يُحْبَسُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ دُونَ الْأُولَى فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ

(وَيُحْبَسُ) الْمَدْيُونُ

ــ

[رد المحتار]

مَعَهُ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ الْعَيْنَ مِنْهُ وَمَا هُوَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَيَدْفَعُهُ إلَى الْمَالِكِ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَى أَمْرِهِ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَدْيُونُ فَالْقَاضِي أَوْلَى نَهْرٌ وَتَبِعَهُ الْحَمَوِيُّ وَغَيْرُهُ ط. قُلْت: لَكِنْ كَوْنُهُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَى أَمْرِهِ بِالدَّفْعِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَتَحَقَّقُ لَهُ وِلَايَةُ أَخْذِ مَالِ الْمَدْيُونِ، وَقَضَاءُ دِينِهِ بِهِ إلَّا بَعْدَ الِامْتِنَاعِ عَنْ فِعْلِ الْمَدْيُونِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ، فَيُقَالُ إنَّمَا يَحْبِسُهُ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ الْقَاضِي إلَخْ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ) فَلَوْ قَالَ أَمْهِلْنِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَدْفَعَهُ إلَيْك فَإِنَّهُ يُمْهَلُ وَلَمْ يَكُنْ بِهَذَا الْقَوْلِ مُمْتَنِعًا مِنْ الْأَدَاءِ وَلَا يُحْبَسُ شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلَوْ قَالَ أَبِيعُ عَرْضِي وَأَقْضِي دَيْنِي إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَعَكَسَهُ السَّرَخْسِيُّ) وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَحْبِسُهُ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَذِرُ بِأَنِّي مَا كُنْت أَعْلَمُ أَنَّ عَلَيَّ دَيْنًا لَهُ بِخِلَافِهِ بِالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالدَّيْنِ وَلَمْ يَقْضِهِ حَتَّى أَحْوَجَهُ إلَى شَكْوَاهُ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: وَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْكَنْزِ) حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي أَمَرَهُ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ وَعِبَارَةُ مَتْنِ الدُّرَرِ أَصْرَحُ: وَهِيَ وَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ عَلَى الْخَصْمِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَتِهِ أَمَرَهُ بِدَفْعِهِ إلَخْ، وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ وَلَا يُحْبَسُ الْغَرِيمُ فِي أَوَّلِ مَا يُقَدِّمُهُ إلَى الْقَاضِي، وَلَكِنْ يَقُولُ لَهُ قُمْ فَارْضِهِ فَإِنْ عَادَ بِهِ إلَيْهِ حَبَسَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّيْلَعِيُّ) حَيْثُ قَالَ وَالْأَحْسَنُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا أَيْ فِي الْكَنْزِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِيفَاءِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُوَفِّيَ فَلَا يُعَجِّلُ بِحَبْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ حَالُهُ بِالْأَمْرِ وَالْمُطَالَبَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا) صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ، وَقَالَ إنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا رِوَايَةٌ. قُلْت: لَكِنْ سَمِعْت عِبَارَةَ كَافِي الْحَاكِمِ، وَهُوَ الْجَامِعُ لِكُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا أَنَّ عِبَارَتَهُ ظَاهِرُهَا التَّسْوِيَةُ، فَيُمْكِنُ إرْجَاعُهَا إلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ) لَمْ يَظْهَرْ لَنَا وَجْهُهُ عَلَى أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي لَمْ أَجِدْهُ فِيهَا، بَلْ عِبَارَتُهَا هَكَذَا وَلَا يَحْبِسُهُ فِي أَوَّلِ مَا يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ قُمْ فَارْضِهِ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ حَبَسَهُ اهـ. وَهِيَ عِبَارَةُ الْكَافِي الْمَارَّةِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضُهُمْ نَبَّهَ عَلَى مَا ذَكَرْته

(قَوْلُهُ: وَيُحْبَسُ الْمَدْيُونُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا ادَّعَى دَيْنًا وَأَثْبَتَهُ يُؤْمَرُ الْمَدْيُونُ بِدَفْعِهِ، فَإِنْ أَبَى وَطَلَبَ الْمُدَّعِي حَبْسَهُ وَهُوَ غَنِيٌّ يُحْبَسُ، ثُمَّ إنْ كَانَ الدَّيْنُ ثَمَنًا وَنَحْوَهُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ، فِي الْمَتْنِ وَادَّعَى الْمَدْيُونُ الْفَقْرَ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذَكَرَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ فَقْرِهِ، فَيُحْبَسُ إلَّا إذَا كَانَ فَقْرُهُ ظَاهِرًا كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَادَّعَى الْفَقْرَ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَلَا يُحْبَسُ إلَى آخِرِ مَا سَيَجِيءُ.

[تَنْبِيهٌ] أَطْلَقَ الْمَدْيُونَ فَشَمِلَ الْمُكَاتَبَ وَالْعَبْدَ الْمَأْذُونَ وَالصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ فَإِنَّهُمْ يُحْبَسُونَ، لَكِنَّ الصَّبِيَّ لَا يُحْبَسُ بِدَيْنِ اسْتِهْلَاكٍ بَلْ يُحْبَسُ وَالِدُهُ أَوْ وَصِيُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَمَرَ الْقَاضِي رَجُلًا بِبَيْعِ مَالِهِ فِي دَيْنِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَحْرٌ. قُلْت: وَحُبِسَ وَالِدُهُ أَوْ وَصِيُّهُ بِدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ وَامْتَنَعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مِنْ بَيْعِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَا حَبْسَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ آخِرِ الْعِبَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْقَوْلُ لَهُ إنَّهُ فَقِيرٌ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الِاسْتِهْلَاكِ مِمَّا لَا يُحْبَسُ بِهِ إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ كَمَا يَأْتِي وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ آخِرَ الْبَابِ نَظْمًا مَنْ لَا يُحْبَسُ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ لِلثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ

ص: 380

(فِي) كُلِّ دَيْنٍ هُوَ بَدَلُ مَالٍ أَوْ مُلْتَزَمٌ بِعَقْدٍ، دُرَرٌ وَمَجْمَعٌ وَمُلْتَقَى مِثْلُ (الثَّمَنِ) وَلَوْ لِمَنْفَعَةٍ كَالْأُجْرَةِ (وَالْقَرْضِ) وَلَوْ الذِّمِّيَّ (وَالْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ وَمَا لَزِمَهُ بِكَفَالَةٍ) وَلَوْ بِالدَّرَكِ أَوْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَثُرُوا، بَزَّازِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ هَذَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ دَيْنٍ هُوَ بَدَلُ مَالٍ) كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْقَرْضِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُلْتَزَمٍ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ لَا غِنَاءَ عَمَّا قَبْلَهُ، زَادَ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْقَلَانِسِيِّ، وَفِي كُلِّ عَيْنٍ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ الَّتِي عَزَاهَا الشَّارِحُ إلَى الدُّرَرِ، وَالْمَجْمَعِ وَالْمُلْتَقَى أَصْلُهَا لِلْقُدُورِيِّ عَدَلَ عَنْهَا صَاحِبُ الْكَنْزِ إلَى قَوْلٍ فِي الثَّمَنِ وَالْقَرْضِ وَالْمَهْرِ وَالْمُعَجَّلِ، وَمَا الْتَزَمَهُ بِالْكَفَالَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ لِوَجْهَيْنِ. نَبَّهَ عَلَيْهِمَا فِي النَّهْرِ: الْأَوَّلُ أَنَّ قَوْلَهُ بَدَلُ مَالٍ يَدْخُلُ فِيهِ بَدَلُ الْمَغْصُوبِ وَضَمَانُ الْمُتْلَفَاتِ، وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مُلْتَزَمٍ بِعَقْدٍ يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا مَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْخُلْعِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ اهـ وَصَرَّحَ الشَّارِحُ بَعْدُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِيهَا فَكَانَ عَلَيْهِ عَدَمُ ذِكْرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بَدَلُ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ، كَمَا سَيَأْتِي فَيَكُونُ دَلِيلًا عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بِخِلَافِ مَا اسْتَهْلَكَهُ مِنْ الْغَصْبِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الصُّلْحِ وَالْخُلْعِ كَمَا تَعْرِفُهُ، فَالْأَحْسَنُ مَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ لِيُفِيدَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي فِي الْمَتْنِ غَيْرُ قَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ فَافْهَمْ، لَكِنَّ الشَّارِحَ نَقَضَ هَذَا فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ كَمَا تَعْرِفُهُ.

(قَوْلُهُ: مِثْلُ الثَّمَنِ) شَمِلَ الثَّمَنُ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا بِإِقَالَةٍ أَوْ خِيَارٍ، وَشَمِلَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَمَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ أَوْ لَا بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: كَالْأُجْرَةِ) لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْمَنَافِعِ بَحْرٌ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَالٍ لَكِنَّهَا تَتَقَوَّمُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ لِلضَّرُورَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِذِمِّيٍّ) يَرْجِعُ إلَى الثَّمَنِ وَالْقَرْضِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَيُحْبَسُ الْمَدْيُونُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَطْلَقَهُ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُحْبَسُ بِدَيْنِ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَعَكْسُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَهْرُ الْمُعَجَّلُ) أَيْ مَا شُرِطَ تَعْجِيلُهُ أَوَتُعُورِفَ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَمَا لَزِمَهُ بِكَفَالَةٍ) اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ كَفِيلٌ أَصْلُهُ كَمَا لَوْ كَفَلَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ مُطْلَقًا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ حَبْسِ الْأَبِ مَعَهُ وَفِيهِ كَلَامٌ قَدَّمْنَاهُ فِي الْكَفَالَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالدَّرَكِ) وَهُوَ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ قَالَ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَفِيلَ الْكَفِيلِ) بِالنَّصْبِ خَبَرٌ لِكَانَ الْمُقَدَّرَةِ بَعْدَ لَوْ فَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ: أَيْ وَلَوْ كَانَ كَفِيلَ الْكَفِيلِ فَدَخَلَ تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ الْأَصِيلُ وَكَفِيلُهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى حَبْسِ الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ مَعًا الْكَفِيلُ بِمَا الْتَزَمَهُ، وَالْأَصِيلُ بِمَا لَزِمَهُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ، وَلِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ حَبْسُ الْأَصِيلِ إذَا حُبِسَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ يَتَمَكَّنُ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ حَبْسِ الْكَفِيلِ، وَالْأَصِيلِ وَكَفِيلِ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَثُرُوا اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ) أَيْ لِأَنَّ الْكَفِيلَ الْتَزَمَ الْمَالَ بِعَقْدِ الْكَفَالَةِ وَكَذَا كَفِيلُهُ، وَقَوْلُهُ كَالْمَهْرِ أَيْ فَإِنَّ الزَّوْجَ الْتَزَمَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ لَكِنَّهُ مُلْتَزَمٌ بِعَقْدٍ، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ لِثُبُوتِ حَبْسِهِ بِمَا ذَكَرَ، وَإِنْ ادَّعَى الْفَقْرَ فَإِنَّ الْتِزَامَهُ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ دَلِيلُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَلْتَزِمُ مَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُحْبَسُ وَإِنْ ادَّعَى الْفَقْرَ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُتَنَاقِضِ لِوُجُودِ دَلَالَةِ الْيَسَارِ وَظَهَرَ بِهِ وَجْهُ حَبْسِهِ أَيْضًا بِالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمَالُ بِيَدِهِ ثَبَتَ غِنَاهُ بِهِ أَفَادَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ وَالْأَخِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ فِي يَدِهِ.

(قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) الْإِشَارَةُ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ مِنْ أَنَّهُ يُحْبَسُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ ادَّعَى الْفَقْرَ وَهَذَا أَحَدُ خَمْسَةِ أَقْوَالٍ ثَانِيهَا: مَا فِي الْخَانِيَّةِ ثَالِثُهَا: الْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ فِي الْكُلِّ: أَيْ فِي الْأَرْبَعَةِ وَفِي غَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي رَابِعُهَا لِلدَّائِنِ فِي الْكُلِّ خَامِسُهَا أَنَّهُ يُحَكِّمُ الزِّيَّ أَيْ الْهَيْئَةَ إلَّا الْفُقَهَاءَ وَالْعَلَوِيَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَزَيَّوْنَ بِزِيِّ الْأَغْنِيَاءِ وَإِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ صِيَانَةً لِمَاءِ وَجْهِهِمْ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ.

ص: 381

خِلَافًا لِفَتْوَى قَاضِي خَانْ لِتَقْدِيمِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ عَلَى الْفَتَاوَى بَحْرٌ فَلْيُحْفَظْ.

نَعَمْ عَدُّهُ فِي الِاخْتِيَارِ لِبَدَلِ الْخُلْعِ هُنَا خَطَأٌ، فَتَنَبَّهْ وَزَادَ الْقَلَانِسِيُّ أَنَّهُ يُحْبَسُ أَيْضًا فِي كُلِّ عَيْنٍ تَسْلِيمُهَا كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ إذَا تَعَارَضَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِفَتْوَى قَاضِي خَانْ) حَيْثُ قَالَ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ كَالْقَرْضِ، وَثَمَنِ الْمَبِيعِ فَالْقَوْلُ لِلْمُدَّعِي، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَدَلُ مَالٍ فَالْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ اهـ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُحْبَسُ فِي الْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ خِلَافُ مُخْتَارِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَنَّهُ أَيْ مَا فِي الْهِدَايَةِ الْمَذْهَبُ الْمُفْتَى بِهِ. فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ فِيمَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ وَلَمْ يَكُنْ بَدَلٌ وَالْعَمَلُ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى، فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى اهـ، قُلْت: وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ نَقَلَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ عَدُّهُ فِي الِاخْتِيَارِ لِبَدَلِ الْخُلْعِ هُنَا خَطَأٌ) عَدُّهُ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ وَاللَّامُ فِي لِبَدَلِ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَخَطَأٌ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَدَلِ بِالْكَافِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَقَوْلُهُ: هُنَا: أَيْ فِيمَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِي كَالْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ، وَعِبَارَةُ الِاخْتِيَارِ هَكَذَا، وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي هُوَ مُوسِرٌ وَهُوَ يَقُولُ أَنَا مُعْسِرٌ، فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْرِفُ يَسَارَهُ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ بَدَلَ مَالٍ كَالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ، أَوْ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ، وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَنَحْوِهِ حَبَسَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاءُ مَا حَصَلَ فِي يَدِهِ وَالْتِزَامُهُ يَدُلُّ عَلَى الْقُدْرَةِ إلَخْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمِنْ التَّخْطِئَةِ أَصْلُهَا لِلطَّرَسُوسِيِّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِمَا وَأَقَرُّوهُ عَلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ غَيْرُ وَارِدٍ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّرَسُوسِيَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ اخْتِلَافِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْفَقْرِ وَعَدَمِهِ وَنَقَلَ عِبَارَاتِ الْكُتُبِ مِنْهَا كِتَابُ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ لِلطَّحَاوِيِّ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ أَصْلُهُ مِنْ مَالٍ وَقَعَ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ كَأَثْمَانِ الْبِيَاعَاتِ وَالْقُرُوضِ وَنَحْوِهَا حَبَسَهُ وَمَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ كَذَلِكَ كَالْمَهْرِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَحْبِسْهُ حَتَّى يُثْبِتَ مَلَاءَتَهُ اهـ، وَنُقِلَ نَحْوُهُ عَنْ مَتْنِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ عَنْ السِّغْنَاقِيِّ وَغَيْرِهِ حِكَايَةَ قَوْلٍ آخَرَ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ دَيْنٍ لَزِمَهُ بِعَقْدٍ فَالْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِي وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَهُ حُكْمًا لَا بِمُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ فِيهِ لِلْمَدْيُونِ قَالُوا: وَهَذَا الْقَوْلُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَا ثَبَتَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ أَوْ لَا.

ثُمَّ إنَّ الطَّرَسُوسِيَّ قَالَ: إنَّ صَاحِبَ الِاخْتِيَارِ أَخْطَأَ، حَيْثُ جَعَلَ بَدَلَ الْخُلْعِ كَالثَّمَنِ وَالْقَرْضِ فِي أَنَّ الْقَوْلَ فِيهِ لِلْمُدَّعِي، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ لِلطَّحَاوِيِّ وَمَتْنِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخُلْعَ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ وَإِذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَلَامٌ سَاقِطٌ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ عَنْ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ وَمَتْنِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي مَرَّ عَنْ قَاضِي خَانْ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ السِّغْنَاقِيِّ وَغَيْرِهِ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْقُدُورِيُّ، وَنَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الدُّرَرِ وَالْمَجْمَعِ وَالْمُلْتَقَى، فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اُعْتُبِرَ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ لِلْمُدَّعِي كَوْنَ الدَّيْنِ بَدَلًا عَنْ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ كَوْنَهُ بِعَقْدٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَهْرَ وَبَدَلَ الْخُلْعِ وَالصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَإِنْ كَانَ بِعَقْدٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ بَدَلَ مَالٍ، فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِي بَلْ لِلْمَدْيُونِ فَلَا يُحْبَسُ فِيهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي: اعْتَبَرَ كَوْنَ الدَّيْنِ مُلْتَزَمًا بِعَقْدٍ سَوَاءٌ كَانَ بَدَلَ مَالِ أَوْ غَيْرَهُ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخُلْعَ مُلْتَزَمٌ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِيَّ، وَاَلَّذِينَ صَرَّحُوا بِأَنَّ بَدَّلَ الْخُلْعِ لَا يُحْبَسُ فِيهِ الْمَدْيُونُ هُمْ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَجَعَلُوهُ كَالْمَهْرِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ بَدَلَ مَالٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ صَاحِبَ الِاخْتِيَارِ مِنْ أَهْلِ الْقَوْلِ الثَّانِي فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ الْعَقْدَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ، فَلِذَا جُعِلَ الْقَوْلُ لِلْمُدَّعِيَّ فِي الْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ وَالْخُلْعِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَنْ

ص: 382

(لَا) يُحْبَسُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذَكَرَ وَهُوَ تِسْعُ صُوَرٍ: بَدَلُ خُلْعٍ وَمَغْصُوبٍ وَمُتْلَفٍ وَدَمِ عَمْدٍ وَعِتْقِ حَظِّ شَرِيكٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَنَفَقَةِ قَرِيبٍ وَزَوْجَةٍ

ــ

[رد المحتار]

دَمِ الْعَمْدِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِعَقْدٍ وَحِينَئِذٍ فَاعْتِرَاضُ الطَّرَسُوسِيِّ عَلَى صَاحِبِ الِاخْتِيَارِ بِمَا حَكَاهُ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ سَاقِطٌ، فَإِنَّ صَاحِبَ الِاخْتِيَارِ لَمْ يَقُلْ بِقَوْلِهِمْ، حَتَّى يُعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَلْ قَالَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي كَبَقِيَّةِ أَصْحَابِ الْمُتُونِ، غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ عَلَى الْمُتُونِ التَّصْرِيحَ بِالْخُلْعِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْعَقْدِ وَتَبِعَهُ فِي الدُّرَرِ، كَيْفَ وَصَاحِبُ الِاخْتِيَارِ إمَامٌ كَبِيرٌ مِنْ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ، وَمِنْ أَصْحَابِ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ وَأَمَّا الطَّرَسُوسِيُّ، فَلَقَدْ صَدَقَ فِيهِ قَوْلُ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ فَافْهَمْ وَاغْنَمْ تَحْقِيقَ هَذَا الْجَوَابِ، فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ رَأَيْت فِي مُخْتَصَرِ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ لِلزُّهَيْرِيِّ رَدًّا عَلَى الطَّرَسُوسِيِّ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

(قَوْلُهُ: لَا يُحْبَسُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ إنْ ادَّعَى الْفَقْرَ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: بَدَلُ خُلْعٍ) الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ كَمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَمَغْصُوبٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى خُلْعٍ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ أَيْ وَبَدَلُ مَغْصُوبٍ: أَيْ إذَا ثَبَتَ اسْتِهْلَاكُهُ لِلْمَغْصُوبِ، وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ وَادَّعَى الْفَقْرَ لَا يُحْبَسُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَالٌ دَخَلَ فِي يَدِهِ، لَكِنَّهُ بِاسْتِهْلَاكِهِ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ حَتَّى يَدُلَّ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيفَاءِ بِخِلَافِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، فَإِنَّ الْمَبِيعَ دَخَلَ فِي يَدِهِ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ كَمَا مَرَّ فَلِذَا يُحْبَسُ فِيهِ وَبِخِلَافِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ الْقَادِرِ عَلَى تَسْلِيمِهَا، فَإِنَّهُ يُحْبَسُ أَيْضًا عَلَى تَسْلِيمِهَا كَمَا قَدَّمَهُ آنِفًا عَنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَقَوْلُهُمْ: أَوْ ضَمَانُ الْمَغْصُوبِ مَعْنَاهُ: إذَا اعْتَرَفَ بِالْغَصْبِ وَقَالَ: إنَّهُ فَقِيرٌ وَتَصَادَقَا عَلَى الْهَلَاكِ أَوْ حُبِسَ لِأَجْلِ الْعِلْمِ بِالْهَلَاكِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلْغَاصِبِ فِي الْعُسْرَةِ هَكَذَا ذَكَرَهُ السِّغْنَاقِيُّ وَتَاجُ الشَّرِيعَةِ وَحُمَيْدَ الدِّينِ الضَّرِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمُتْلَفٍ) أَيْ وَبَدَلُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ أَمَانَةٍ وَنَحْوِهَا.

(قَوْلُهُ: وَدَمِ عَمْدٍ) أَيْ بَدَلُ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ عَمْدٍ قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ عَمْدًا فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ فَادَّعَى أَنَّهُ فَقِيرٌ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْقَاتِلِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ، وَمَا صَرَّحَ بِهَذِهِ أَحَدٌ سِوَى الطَّحَاوِيِّ فِي اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِلْقَوَاعِدِ، وَدَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِمْ عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيُشْكِلُ جَعْلُهُمْ الْقَوْلَ فِيهِ لِلْمَدْيُونِ مَعَ أَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ اهـ. أَقُولُ: لَا إشْكَالَ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْعَقْدِ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ كَوْنُ الدَّيْنِ بَدَلًا عَنْ مَالٍ وَقَعَ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ كَمَا عَلِمْته مِمَّا نَقَلْنَاهُ سَابِقًا مِنْ عِبَارَةِ الطَّحَاوِيِّ، وَهَذَا الْقَوْلُ وَهُوَ الَّذِي مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْقُدُورِيُّ وَصَاحِبُ الِاخْتِيَارِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا كَانَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ أَوْ مُلْتَزَمًا بِعَقْدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَدَلًا عَنْ مَالٍ، فَلَا شَكَّ فِي دُخُولِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْعَقْدِ، فَتَكُونُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهَا كَالْمَهْرِ وَإِنَّمَا يُشْكِلُ الْأَمْرُ لَوْ صَرَّحَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ بَدَلَ دَمِ الْعَمْدِ يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمَدْيُونِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ أَحَدٌ إلَّا الطَّحَاوِيُّ الْقَائِلُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْعَقْدُ أَصْلًا فَمُعَارَضَةُ أَهْلِ الْقَوْلِ الثَّانِي بِهَذَا الْقَوْلِ غَيْرُ وَارِدَةٍ وَالْإِشْكَالُ سَاقِطٌ كَمَا قَرَّرْنَا نَظِيرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا وَذِكْرُهَا فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَعِتْقِ حَظِّ شَرِيكٍ) أَيْ لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ شَرِيكَيْ عَبْدٍ حِصَّتَهُ مِنْهُ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ وَاخْتَارَ الْآخَرُ تَضْمِينَهُ فَادَّعَى الْمُعْتِقُ الْفَقْرَ فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّ تَضْمِينَهُ لَمْ يَجِبْ بَدَلًا عَنْ مَالٍ وَقَعَ فِي يَدِهِ، وَلَا مُلْتَزَمًا بِعَقْدٍ حَتَّى يَكُونَ دَلِيلَ قُدْرَتِهِ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ ضَمَانُ إتْلَافٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَرْشُ جِنَايَةٍ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى: بَدَلُ لَا عَلَى خُلْعٍ الْمَجْرُورِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ هُوَ بَدَلُ الْجِنَايَةِ وَالْمُرَادُ أَرْشُ جِنَايَةٍ مُوجِبُهَا الْمَالُ دُونَ الْقِصَاصِ.

(قَوْلُهُ: وَنَفَقَةُ قَرِيبٍ وَزَوْجَةٍ) أَيْ نَفَقَةُ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ مَقْضِيٌّ بِهَا أَوْ مُتَرَاضًى عَلَيْهَا، لَكِنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالْمُضِيِّ إلَّا إذَا كَانَتْ مُسْتَدَانَةً بِالْأَمْرِ وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ

ص: 383

وَمُؤَجَّلِ مَهْرٍ، قُلْت: ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقٍ وَفِي نَفَقَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ يَثْبُتُ الْيَسَارُ بِالْإِخْبَارِ هُنَا بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ، لَكِنْ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ بِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ غِنَاهُ فَرَاجِعْهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَدْيُونُ: لَيْسَ بَدَلَ مَالِ وَقَالَ الدَّائِنُ: إنَّهُ ثَمَنُ مَتَاعٍ فَالْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ رَبُّ الدَّيْنِ طَرْسُوسِيٌّ بَحْثًا وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ.

[فَرْعٌ] لَا يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، وَكَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَإِنْ بِعُذْرٍ لَهُ السَّفَرُ مَعَهُ، فَإِذَا حَلَّ مَنَعَهُ حَتَّى يُوفِيَهُ بَدَائِعُ، وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْكَفَالَةِ

(إنْ ادَّعَى) الْمَدْيُونُ (الْفَقْرَ) إذْ الْأَصْلُ الْعُسْرَةُ (إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ غَرِيمُهُ عَلَى غِنَاهُ) أَيْ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ وَلَوْ بِاقْتِرَاضٍ أَوْ بِتَقَاضِي غَرِيمِهِ (فَيَحْبِسُهُ) حِينَئِذٍ (بِمَا رَأَى) وَلَوْ يَوْمًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ

ــ

[رد المحتار]

مَسْأَلَةَ النَّفَقَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمُؤَجَّلُ مَهْرٍ) اسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ أَيْ فَيَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، لَكِنْ جَوَابُهُ أَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ عَدَمَ مُطَالَبَتِهِ بِهِ فِي الْحَالِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعَجَّلِ شَرْطًا أَوْ عُرْفًا.

(قَوْلُهُ: قُلْت ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ طَلَاقٍ) هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ لَا يُطَالَبُ بِهِ فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ حَبْسُهُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي نَفَقَاتِ الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) الْأَنْسَبُ ذِكْرُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ غَرِيمُهُ عَلَى غِنَاهُ، وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَيِّنَةٌ عَلَى يَسَارِهِ، وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ مِنْ جِيرَانِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ. وَإِنْ سَأَلَ كَانَ حَسَنًا، فَإِنْ سَأَلَ فَأَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِيَسَارِهِ ثَبَتَ الْيَسَارُ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ الْيَسَارُ بِالْإِخْبَارِ، وَإِنْ قَالَا سَمِعْنَا أَنَّهُ مُوسِرٌ أَوْ بَلَغَنَا ذَلِكَ لَا يَقْبَلُهُ الْقَاضِي اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) فَإِنَّ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَثْبُتْ غِنَاهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ كَوْنُهُ بِالشَّهَادَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الثُّبُوتُ فِي دَيْنِ النَّفَقَةِ بِالْإِخْبَارِ فِي غَيْرِهِ بِالْإِشْهَادِ فَعِبَارَتُهُ غَيْرُ مُعَيِّنَةٍ ط. قُلْت: لَكِنْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْفَرْقِ نَعَمْ عِبَارَةُ الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ لَكِنْ قَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِالْبَيِّنَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ) أَيْ فَلَا يُحْبَسُ إنْ ادَّعَى الْفَقْرَ.

(قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ) وَكَذَا فِي الْبَحْرِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِإِنْكَارِهِ مَا يُوجِبُ حَبْسَهُ.

(قَوْلُهُ: لَا يُحْبَسُ فِي دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ) لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَعُدَ) أَيْ السَّفَرُ بِحَيْثُ يَحِلُّ الْأَجَلُ قَبْلَ قُدُومِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْكَفَالَةِ) أَيْ فِي آخِرِهَا وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ تَرْجِيحَ إلْزَامِهِ بِإِعْطَاءِ كَفِيلٍ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى الْفَقْرَ) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ لَا يُحْبَسُ فِي غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: إذْ الْأَصْلُ الْعُسْرَةُ) لِأَنَّ الْآدَمِيَّ يُولَدُ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ، وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَمْرًا عَارِضًا فَكَانَ الْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ يُكَذِّبْهُ الظَّاهِرُ، إلَّا أَنْ يُثْبِتَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ لَهُ مَالًا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ زَيْلَعِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْغِنَى مِلْكَ النِّصَابِ؛ لِأَنَّهُ يُحْبَسُ فِيمَا دُونَهُ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِاقْتِرَاضٍ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ وَجَدَ الْمَدْيُونُ مَنْ يُقْرِضُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ ظَالِمٌ، وَفِي كَرَاهِيَةِ الْقُنْيَةِ لَوْ كَانَ لِلْمَدْيُونِ حِرْفَةٌ تُفْضِي إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ فَامْتَنَعَ مِنْهَا لَا يُعْذَرُ اهـ، وَكُلٌّ مِنْ الْفَرْعَيْنِ يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى مَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُهُ فَإِذَا ادَّعَى فِي الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ مَثَلًا أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَوَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ، أَوْ كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ تُوفِيهِ فَلَمْ يَفْعَلْ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ جَزَاءُ الظُّلْمِ، وَأَمَّا مَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُهُ: فَظُلْمُهُ فِيهِ ثَابِتٌ قَبْلَ وُجُودِ مَنْ يُقْرِضُهُ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِتَقَاضِي غَرِيمِهِ) بِأَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى غَرِيمٍ مُوسِرٍ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: فَإِنْ حُبِسَ غَرِيمُهُ الْمُوسِرُ لَا يُحْبَسُ، وَفِيهَا وَلَوْ كَانَ لِلْمَحْبُوسِ مَالٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ يُطْلِقُهُ بِكَفِيلٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيَحْبِسُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قَامَ الْبُرْهَانُ عَلَى غِنَاهُ فِي هَذَا الْقِسْمِ، وَبِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُدَّعِي غِنَاهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ يَوْمًا) أَخَذَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ.

(قَوْلُهُ: هُوَ الصَّحِيحُ) صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَبْسِ الضَّجَرُ وَالتَّسَارُعُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَأَحْوَالُ النَّاسِ فِيهِ مُتَفَاوِتَةٌ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةُ تَقْدِيرِهِ بِشَهْرَيْنِ

ص: 384

بَلْ فِي شَهَادَاتِ الْمُلْتَقَطِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا كَانَ الْمُعْسِرُ مَعْرُوفًا بِالْعُسْرَةِ لَمْ أَحْبِسْهُ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ فَقْرُهُ ظَاهِرًا سَأَلَ عَنْهُ عَاجِلًا وَقِيلَ بَيِّنَتُهُ عَلَى إفْلَاسِهِ وَخَلَّى سَبِيلَهُ نَهْرٌ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْمَدْيُونُ حَلَّفَهُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنِّي مُعْسِرٌ أَجَابَهُ الْقَاضِي، فَإِنْ حَلَفَ حَبَسَهُ بِطَلَبِهِ وَإِنْ نَكَلَ خَلَّاهُ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قُلْت: قَدَّمْنَا أَنَّ الرَّأْيَ لِمَنْ لَهُ مَلَكَةُ الِاجْتِهَادِ فَتَنَبَّهْ (ثُمَّ) بَعْدَ حَبْسِهِ بِمَا يَرَاهُ لَوْ حَالُهُ مُشْكِلًا عِنْدَ الْقَاضِي وَإِلَّا عَمِلَ بِمَا ظَهَرَ بَحْرٌ، وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ (سَأَلَ عَنْهُ) احْتِيَاطًا لَا وُجُوبًا وَمِنْ جِيرَانِهِ وَيَكْفِي عَدْلٌ بِغَيْبَةِ دَائِنٍ، وَأَمَّا الْمَسْتُورُ فَإِنْ وَافَقَ قَوْلُهُ رَأْيَ الْقَاضِي عَمِلَ بِهِ وَإِلَّا لَا، أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ بَحْثًا وَلَا يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْخَصْمِ وَلَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ إلَّا إذَا تَنَازَعَا فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ قُهُسْتَانِيٌّ.

ــ

[رد المحتار]

أَوْ ثَلَاثَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ بِنِصْفِ حَوْلٍ.

(قَوْلُهُ: لَمْ أَحْبِسْهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ ثَمَنًا أَوْ قَرْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ أَيْضًا مُقْتَضَى عِبَارَةِ شَرْحِ الِاخْتِيَارِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فَقْرُهُ ظَاهِرًا إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ قَوْلَهُ فَيَحْبِسُهُ بِمَا يَرَى إنَّمَا هُوَ حَيْثُ كَانَ حَالُهُ مُشْكِلًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدَهُ وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ مُحَمَّدٌ بَعْدَ ذِكْرِ التَّقْدِيرِ هَذَا إذَا أَشْكَلَ عَلَى أَمْرِهِ أَفَقِيرٌ أَمْ غَنِيٌّ وَإِلَّا سَأَلْت عَنْهُ عَاجِلًا، وَيَعْنِي إذَا كَانَ ظَاهِرَ الْفَقْرِ أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِفْلَاسِ وَأُخَلِّي سَبِيلَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْمَدْيُونُ) أَيْ بِمَا أَصْلُهُ ثَمَنٌ وَنَحْوُهُ؛ إذْ الْقِسْمُ الثَّانِي الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمَدْيُونِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَحْلِيفِ الدَّائِنِ نَعَمْ يَتَأَتَّى فِيهِ أَيْضًا إذَا أَثْبَتَ يَسَارَهُ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ إذْ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْبَيِّنَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: قُلْت قَدَّمْنَا إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَحْبِسُهُ بِمَا رَأَى وَقَدَّمَ الشَّارِحُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَبْلَ هَذَا الْفَصْلِ، وَلَا يُخَيَّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي هَذَا الْقُهُسْتَانِيَّ قَالَ ح أَقُولُ مِثْلُ هَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الْقَاضِي مُجْتَهِدًا كَمَا لَا يَخْفَى اهـ أَيْ فَإِنَّ مَا يَقْتَضِيهِ حَالُ ذَلِكَ الْمَدْيُونِ مِنْ قَدْرِ مُدَّةِ حَبْسِهِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَأَظْهَرُهُ يَسْتَوِي فِي عِلْمِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ وَغَيْرِهِ بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ وَالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَتْنًا وَسَنَدًا كَمَا لَا يَخْفَى، فَالظَّاهِرُ حَمْلُ مَا قَالُوهُ فِيمَا يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي مِنْ الْأَحْكَامِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ حَبْسِهِ إلَخْ) الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي سَأَلَ عَنْهُ وَقَوْلُهُ: لَوْ حَالُهُ مُشْكِلًا قَيْدٌ لِقَوْلِهِ حَبَسَهُ بِمَا يَرَاهُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مُشْكِلًا بِأَنْ كَانَ فَقْرُهُ ظَاهِرًا وَهَذَا كُلُّهُ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: احْتِيَاطًا لَا وُجُوبًا) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْإِعْسَارِ شَهَادَةٌ بِالنَّفْيِ فَكَانَ لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَسْأَلَ وَيَعْمَلَ بِرَأْيِهِ، وَلَكِنْ لَوْ سَأَلَ مَعَ هَذَا كَانَ أَحْوَطَ زَيْلَعِيٌّ. وَقَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِلَّا فَبَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الَّتِي يَغْلِبُ ظَنُّ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ دَفَعَهُ وَجَبَ إطْلَاقُهُ إنْ لَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةَ يَسَارِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى سُؤَالٍ.

(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي عَدْلٌ) وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُخْبِرُ إنَّ حَالُ الْمُعْسِرِينَ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَحَالُهُ ضَيِّقَةٌ وَقَدْ اخْتَبَرْنَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَقَيَّدَ سَمَاعَ هَذِهِ الشَّهَادَةِ بِمَا بَعْدَ الْحَبْسِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ الْحَبْسِ لَا تُقْبَلُ فِي الْأَصَحِّ كَمَا يَأْتِي، وَكَذَا قَبْلَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَرَاهَا الْقَاضِي كَمَا سَنَذْكُرُهُ.

(قَوْلُهُ: بِغَيْبَةِ دَائِنٍ) أَيْ يَكْفِي ذَلِكَ فِي غَيْبَةِ الدَّائِنِ، فَلَا يُشْتَرَطُ لِسَمَاعِهَا حَضْرَتُهُ لَكِنْ إذَا كَانَ غَائِبًا سَمِعَهَا وَأَطْلَقَهُ بِكَفِيلٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَسَيَأْتِي مَعَ زِيَادَةِ مَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِوَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَسْتُورُ إلَخْ) فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْخَصْمِ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِغَيْبَةِ دَائِنٍ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا تَنَازَعَا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَقَيَّدَ فِي النِّهَايَةِ الِاكْتِفَاءَ بِالْوَاحِدَةِ بِمَا إذَا لَمْ تَقَعْ خُصُومَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ كَأَنْ ادَّعَى الْمَحْبُوسُ الْإِعْسَارَ وَرَبُّ الدَّيْنِ يَسَارَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْإِعْسَارِ اهـ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ، قُلْت: وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ مَا مَرَّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِعَدْلٍ لَا شَكَّ أَنَّهُ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ إذْ لَوْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعِي بِفَقْرِ الْمَحْبُوسِ أَوْ اعْتَرَفَ الْمَحْبُوسُ بِغِنَاهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى سُؤَالٍ وَلَا إلَى إخْبَارٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ نَقْلَ عِبَارَةِ النِّهَايَةِ الْمَارَّةِ بِزِيَادَةٍ

ص: 385

قُلْت: لَكِنَّهَا بِالْإِعْسَارِ لِلنَّفْيِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ؛ وَلِذَا لَمْ يَجِبْ السُّؤَالُ، أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ فَتَنَبَّهْ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ خَلَّاهُ) بِلَا كَفِيلٍ إلَّا فِي ثَلَاثٍ مَالُ يَتِيمٍ وَوَقْفٌ وَإِذَا كَانَ الدَّائِنُ غَائِبًا ثُمَّ لَا يَحْبِسُهُ ثَانِيًا لَا لِلْأَوَّلِ وَلَا لِغَيْرِهِ حَتَّى يُثْبِتَ غَرِيمُهُ غِنَاهُ بَزَّازِيَّةٌ وَفِي الْقُنْيَةِ بَرْهَنَ الْمَحْبُوسُ عَلَى إفْلَاسِهِ فَأَرَادَ الدَّائِنُ إطْلَاقَهُ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ فَعَلَى الْقَاضِي الْقَضَاءُ بِهِ حَتَّى لَا يُعِيدَهُ الدَّائِنُ ثَانِيًا.

ــ

[رد المحتار]

وَهِيَ فَإِنْ شَهِدَا بِأَنَّهُ مُعْسِرٌ خَلَّى سَبِيلَهُ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ فَإِنَّ الْإِعْسَارَ بَعْدَ الْيَسَارِ أَمْرٌ حَادِثٌ فَتَكُونُ شَهَادَةً بِأَمْرٍ حَادِثٍ لَا بِالنَّفْيِ اهـ، فَأَفَادَ أَنَّ هَذِهِ الْخُصُومَةَ بِإِعْسَارٍ حَادِثٍ يَعْنِي إذَا أَرَادَ حَبْسَهُ فِيمَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعَى بِيَسَارِهِ أَوْ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ وَبَرْهَنَ عَلَى يَسَارِهِ بِإِرْثٍ مِنْ أَبِيهِ مُنْذُ شَهْرٍ مَثَلًا، وَهُوَ ادَّعَى إعْسَارًا حَادِثًا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ صَحِيحَةٌ لِوُقُوعِهَا عَلَى أَمْرٍ حَادِثٍ لَا عَلَى النَّفْيِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ مُعْسِرٌ، فَإِنَّهَا قَامَتْ عَلَى نَفْيِ الْيَسَارِ الَّذِي يُحْبَسُ بِسَبَبِهِ لَا عَلَى إعْسَارٍ حَادِثٍ بَعْدَهُ أَوْ الْمُرَادُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى إعْسَارِهِ بَعْدَ حَبْسِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا لِلْقَاضِي عُسْرَتُهُ، لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْمُدَّةِ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: قُلْت لَكِنَّهَا إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالْعَدْلِ فِي قَوْلِهِ: وَيَكْفِي عَدْلٌ فَقَدْ نَقَلَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ يَسْأَلُ عَنْهُ الثِّقَاتِ وَالْوَاحِدُ يَكْفِي، وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَارَّةِ ثُمَّ قَالَ فَقَوْلُهُ: أَيْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ هَذَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَهَذَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَسْأَلَ يُؤَيِّدُ قَوْلَنَا إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي هَذَا الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهَا تُشْتَرَطُ فِي أَمْرٍ وَاجِبٍ أَوْ فِي إثْبَاتِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي اشْتِرَاطِهَا؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَهُ إخْرَاجُهُ بِلَا سُؤَالِ أَحَدٍ عَنْهُ إلَخْ وَأَرَادَ بِذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ حَيْثُ قَيَّدَ بِالْعَدْلِ فِي قَوْلِهِ: وَالْعَدْلُ الْوَاحِدُ يَكْفِي وَإِثْبَاتُ أَنَّ الْمَسْتُورَ الْوَاحِدَ يَكْفِي دُونَ الْفَاسِقِ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَحْسَنُ عِنْدِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ رَأْيُ الْقَاضِي مُوَافِقًا لِقَوْلِ هَذَا الْمَسْتُورِ فِي الْعُسْرَةِ يُقْبَلُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي رَأْيٌ فِي عُسْرَةِ الْمَحْبُوسِ أَوْ يُسْرٍ بِهِ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُخْبِرِ عَدْلًا اهـ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ. قُلْت: قَدْ رَجَعَ إلَى مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْقَاضِي رَأْيٌ فِي عُسْرَتِهِ بِأَنْ ظَهَرَ لَهُ حَالُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَاهِدٍ أَصْلًا، بَلْ لَهُ إخْرَاجُهُ بِلَا سُؤَالٍ، وَالْأَحْوَطُ السُّؤَالُ مِنْ عَدْلٍ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ مَا رَآهُ الْقَاضِي وَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ رَأْيِهِ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَارِّ وَكَذَا مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ بَعْدَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ ذَلِكَ الْعَدْلِ إذَا خَالَفَ رَأْيَهُ، وَإِذَا وَافَقَ قَوْلُ الْمُخْبِرِ رَأْيَ الْقَاضِي لَا شَكَّ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ مَسْتُورًا فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي رَأْيٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَإِذَا مَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَاحْتَاجَ الْقَاضِي إلَى مَعْرِفَةِ حَالِهِ سَأَلَ الثِّقَاتِ مِنْ جِيرَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ وَاحْتَاجَ دَلِيلُ أَنَّهُ لَا رَأْيَ لَهُ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ وَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَا تُشْتَرَطُ عَدَالَةٌ وَلَا غَيْرُهَا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الْعَمَلُ بِرَأْيِهِ وَإِخْرَاجُ الْمَحْبُوسِ بِلَا سُؤَالٍ، وَبِهِ ظَهَرَ سُقُوطُ هَذَا الْبَحْثِ مِنْ أَصْلِهِ فَافْهَمْ وَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ.

(قَوْلُهُ: وَلِذَا لَمْ يَجِبْ السُّؤَالُ) أَيْ سُؤَالُ الْقَاضِي عَنْ حَالَ الْمَحْبُوسِ وَإِنَّمَا يَسْأَلُ احْتِيَاطًا كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ خَلَّاهُ) أَيْ أَطْلَقَهُ مِنْ الْحَبْسِ جَبْرًا عَلَى الدَّائِنِ نَهْرٌ إنَّ إطْلَاقَهُ بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ ثُبُوتًا، حَتَّى لَا يَجُوزَ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ مُعْسِرٌ، وَلَا يَنْقُلُ ثُبُوتَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ بَلْ هَذَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْقَاضِي، أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.

(قَوْلُهُ: وَوَقَفَ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا إلْحَاقًا بِالْيَتِيمِ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَى الْقَاضِي الْقَضَاءُ بِهِ) أَيْ إذَا أَبَى الْمَحْبُوسُ أَنْ يَخْرُجَ حَتَّى يَقْضِيَ بِإِفْلَاسِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا يُعِيدَهُ الدَّائِنُ ثَانِيًا) أَيْ قَبْلَ ظُهُورِ غِنَاهُ بَحْرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ لَا يُعِيدَهُ قَاضٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ظَهَرَ لَهُ حَالُهُ فَكَيْفَ يُعِيدُهُ إلَى الْحُبْسِ بَلْ لَا يُعِيدُهُ لَا لِهَذَا الدَّائِنِ وَلَا لِغَيْرِهِ حَتَّى يَثْبُتَ غِنَاهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ

ص: 386

فَرْعٌ] أَحْضَرَ الْمَحْبُوسُ الدَّيْنَ وَغَابَ رَبُّهُ يُرِيدُ تَطْوِيلَ حَبْسِهِ إنْ عَلِمَهُ وَقَدْرَهُ أَخَذَهُ أَوْ كَفِيلًا وَخَلَّاهُ، خَانِيَّةٌ وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُ الْمَحْبُوسِ إلَّا بِرِضَا خَصْمِهِ إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ أَوْ أَحْضَرَ الدَّيْنَ لِلْقَاضِي فِي غَيْبَةِ خَصْمِهِ.

(وَلَوْ قَالَ) مَنْ يُرَادُ حَبْسُهُ (أَبِيعُ عَرْضِي وَأَقْضِي دَيْنِي أَجَّلَهُ الْقَاضِي) يَوْمَيْنِ أَوْ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا يَحْبِسُهُ) لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ مُدَّةٌ ضُرِبَتْ لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ (وَلَوْ لَهُ عَقَارٌ يَحْبِسُهُ) أَيْ (لِيَبِيعَهُ وَيَقْضِي الدَّيْنَ) الَّذِي عَلَيْهِ (وَلَوْ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ) بَزَّازِيَّةٌ وَسَيَجِيءُ تَمَامُهُ فِي الْحَجْرِ (وَلَمْ يَمْنَعْ غُرَمَاءَهُ عَنْهُ) عَلَى الظَّاهِرِ فَيُلَازِمُونَهُ نَهَارًا لَا لَيْلًا إلَّا أَنْ يَكْتَسِبَ فِيهِ وَيَسْتَأْجِرَ لِلْمَرْأَةِ مَرْأَةً تُلَازِمُهَا مُنْيَةٌ.

ــ

[رد المحتار]

الْمَذْكُورَةِ وَأَيْضًا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ الْحَادِثُ بِشَهَادَةٍ تَامَّةٍ بَعْدَ خُصُومَةٍ كَمَا مَرَّ فَلَيْسَ لِقَاضٍ آخَرَ حَبْسُهُ ثَانِيًا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ ثُبُوتًا فَيَتَعَدَّى بِخِلَافِ مَا إذَا أَطْلَقَهُ بِإِخْبَارِ وَاحِدٍ تَأَمَّلْ وَقَدَّمَ الشَّارِحُ فِي الْوَقْفِ فِي صُوَرِ مَنْ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ غَيْرِهِ عُدَّ مِنْهَا الْمَدْيُونُ إذَا أَثْبَتَ إعْسَارَهُ فِي وَجْهِ أَحَدِ الْغُرَمَاءِ.

(قَوْلُهُ: يُرِيدُ تَطْوِيلَ حَبْسِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ، وَإِلَّا فَفِي غَيْبَتِهِ تَطْوِيلُ حَبْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ؛ وَلِذَا لَمْ يُقَيِّدُ بِذَلِكَ فِي عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ الْآتِيَةِ أَفَادَ ط.

(قَوْلُهُ: وَقَدْرَهُ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ فِي عَلِمَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَفِيلًا) أَيْ بِالْمَالِ أَوْ النَّفْسِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ إلَّا وَعَطْفُهُ بِأَوْ وَالْمُرَادُ بِالثُّبُوتِ الظُّهُورُ وَلَوْ بِرَأْيِ الْقَاضِي أَوْ إخْبَارِ عَدْلٍ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: أَبِيعُ عَرْضِي) اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْعَرْضِ، فَإِنَّ الْعَقَارَ كَذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَمْهِلْنِي ثَلَاثًا لِأَدْفَعهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَدْفَعَهُ بِبَيْعِ عَرْضٍ أَوْ عَقَارٍ أَوْ بِاسْتِقْرَاضٍ أَوْ اسْتِيهَابٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا دَاعِيَ إلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمُقَيَّدِ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ: لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ) أَيْ لِاخْتِبَارِ مُدَّعِيهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْهَمْزَةَ لِلسَّلْبِ وَالْإِبْلَاءُ بِمَعْنَى الْإِفْنَاءِ أَيْ لِإِزَالَةِ الْأَعْذَارِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ بَعْدَهَا فَالثَّلَاثَةُ تُبْلِي الْأَعْذَارَ وَتُفْنِيهَا ط.

(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ تَمَامُهُ فِي الْحَجْرِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هُنَاكَ وَالْقَاضِي يَحْبِسُ الْحُرَّ الْمَدْيُونَ لِيَبِيعَ مَالَهُ لِدَيْنِهِ وَقَضَى دَرَاهِمَ دَيْنِهِ مِنْ دَرَاهِمِهِ يَعْنِي بِلَا أَمْرِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ دَنَانِيرَ وَبَاعَ دَنَانِيرَهُ بِدَرَاهِمِ دَيْنِهِ وَبِالْعَكْسِ اسْتِحْسَانًا لِاتِّحَادِهِمَا فِي الثَّمَنِيَّةِ لَا يَبِيعُ الْقَاضِي عَرْضَهُ وَلَا عَقَارَهُ لِلدَّيْنِ خِلَافًا لَهُمَا، وَبِهِ أَيْ بِقَوْلِهِمَا يَبِيعُهُمَا لِلدَّيْنِ يُفْتَى، اخْتِيَارٌ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ وَيَبِيعُ كُلَّ مَا لَا يَحْتَاجُهُ لِلْحَالِ اهـ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْبَيْعِ يَبِيعُ عَلَيْهِ الْقَاضِي عَرْضَهُ وَعَقَارَهُ وَغَيْرَهُمَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفَرَّعَ عَلَى صِحَّةِ الْحَجْرِ أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ دَسْتُ مِنْ الثِّيَابِ وَيُبَاعُ الْبَاقِي وَتُبَاعُ الْحَسَنَةُ وَيُشْتَرَى لَهُ الْكِفَايَةُ وَيُبَاعُ كَانُونُ الْحَدِيدِ وَيُشْتَرَى لَهُ مِنْ طِينٍ وَيُبَاعُ فِي الصَّيْفِ مَا يَحْتَاجُهُ لِلشِّتَاءِ وَعَكْسُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمْنَعْ غُرَمَاءَهُ عَنْهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ خَلَّاهُ وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَهُ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ بَحْرٌ. مَطْلَبٌ فِي مُلَازَمَةِ الْمَدْيُونِ.

(قَوْلُهُ: فَيُلَازِمُونَهُ إلَخْ) قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ: وَبَعْدَمَا خَلَّى الْقَاضِي سَبِيلَهُ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يُلَازِمَهُ فِي الصَّحِيحِ، وَأَحْسَنُ الْأَقَاوِيلِ فِي الْمُلَازَمَةِ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: يُلَازِمُهُ فِي قِيَامِهِ وَقُعُودِهِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ عَلَى أَهْلِهِ وَلَا مِنْ الْغَدَاءِ وَالْعِشَاءِ وَالْوُضُوءِ وَالْخَلَاءِ وَلَهُ أَنْ يُلَازِمَهُ بِنَفْسِهِ وَإِخْوَانِهِ وَوَلَدِهِ مِمَّنْ أَحَبَّ اهـ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: لَا لَيْلًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ الْكَسْبِ فَلَا يُتَوَهَّمُ وُقُوعُ الْمَالِ فِي يَدِهِ فَالْمُلَازَمَةُ لَا تُفِيدُ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُلَازَمَةُ فِي وَقْتٍ لَا يُتَوَهَّمُ وُقُوعُ الْمَالِ فِي يَدِهِ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مَرِيضًا مَثَلًا تَأَمَّلْ وَأَنَّهُ لَيْسَ مُلَازَمَتُهُ لَيْلًا عَلَى قَصْدِ الْإِضْجَارِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا بَعْدَ ظُهُورِ عُسْرَتِهِ وَتَخْلِيَتِهِ مِنْ الْحَبْسِ وَالْعِلَّةُ فِي الْمُلَازَمَةِ إمْكَانُ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بَعْدَ تَخْلِيَتِهِ فَيُلَازِمُهُ كَيْ لَا يُخْفِيَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْتَأْجِرُ لِلْمَرْأَةِ مَرْأَةً تَلَازُمُهَا مُنْيَةٌ) عِبَارَةُ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

ص: 387

فَرْعٌ] لَوْ اخْتَارَ الْمَطْلُوبُ الْحَبْسَ وَالطَّالِبُ الْمُلَازَمَةَ فَفِي حَجْرِ الْهِدَايَةِ يُخَيَّرُ الطَّالِبُ إلَّا لِضَرَرٍ، وَكَلَّفَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ وَلِلطَّالِبِ مُلَازَمَتُهُ بِلَا أَمْرِ قَاضٍ لَوْ مُقِرًّا بِحَقِّهِ.

(وَلَا يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَى إفْلَاسِهِ قَبْلَ حَبْسِهِ) لِقِيَامِهَا عَلَى النَّفْيِ وَصَحَّحَهُ عَزْمِي زَادَهْ وَصَحَّحَ غَيْرُهُ قَبُولَهَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ رَأْيُهُ كَمَا مَرَّ فَإِنْ عُلِمَ إعْسَارُهُ قَبْلَهَا وَإِلَّا لَا نَهْرٌ فَلْيُحْفَظْ

ــ

[رد المحتار]

امْرَأَةً قِيلَ يَسْتَأْجِرُ امْرَأَةً تَلَازُمُهَا وَقِيلَ لَهُ أَنْ يُلَازِمَهَا وَيَجْلِسَ مَعَهَا وَيَقْبِضَ عَلَى ثِيَابِهَا بِالنَّهَارِ، أَمَّا بِاللَّيْلِ فَتُلَازِمُهَا النِّسَاءُ فَإِنْ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً لَا بَأْسَ أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ إذَا كَانَ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ وَيَكُونُ بَعِيدًا مِنْهَا وَيَحْفَظُهَا بِعَيْنِهِ اهـ، وَنَقَلَ الثَّانِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ لَهُ ضَرُورَةً فِي هَذِهِ الْخَلْوَةِ،

أَيْ الْخَلْوَةِ بِالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرَرٍ) عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ إلَّا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّ بِالْمُلَازَمَةِ يَدْخُلُ عَلَيْهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، بِأَنْ لَا يُمَكِّنَهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ فَحِينَئِذٍ يَحْبِسُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ اهـ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَظْهَرْ لِلْقَاضِي عُسْرَتُهُ بَعْدَ حَبْسِهِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُحْبَسُ ثَانِيًا بِلَا ظُهُورِ غِنَاهُ أَوْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَا قَبْلَ الْحَبْسِ أَصْلًا.

(قَوْلُهُ: وَكَلَّفَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ) الْأَوْلَى بِكَفِيلٍ بِالْبَاءِ وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّ فِي مُلَازَمَتِهِ ذَهَابَ قُوَّتِهِ وَعِيَالِهِ أَكْلَفَهُ أَنْ يُقِيمَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ يُخَلِّي سَبِيلَهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَى إفْلَاسِهِ قَبْلَ حَبْسِهِ إلَخْ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ ثُمَّ بَعْدَ حَبْسِهِ سَأَلَ عَنْهُ وَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَفِي الْخَانِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْفَضْلِ أَنَّ الصَّحِيحَ الْقَبُولُ وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُهُ، وَأَنَّ عَلَيْهِ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ وَاخْتَارَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، فَإِنْ رَأَى أَنَّهُ لَيِّنٌ يُقْبَلُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَقِحٌ لَا قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَيِّنٌ أَنْ يَعْتَذِرَ إلَيْهِ وَيَتَلَطَّفَ مَعَهُ وَبِقَوْلِهِ وَقِحٌ أَنْ يَقُولَ لَوْ قَعَدْت فِي الْحَبْسِ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يَحْصُلُ لَك مِنِّي شَيْءٌ وَآخِرَتِي أَخْرُجُ عَلَى رَغْمِك وَنَحْوَ ذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ وَالِدِي يَقُولُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا عَلِمَ أَنَّ بَيِّنَتَهُ عُدُولٌ مُمَهَّدُونَ فِي الْعَدَالَةِ يَقْبَلُ، قَالَ وَهَذَا حَسَنٌ أَيْضًا وَعَمَلِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ الْمُتَحَرِّيَ لَا يَشْهَدُ مَا لَمْ يُقْطَعْ بِفَقْرِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَى تَرِكَتِهِ وَلَا يَعْرِفُ الْقَاضِي تَحَرِّيَهُ وَلَا دِيَانَتَهُ اهـ مُلَخَّصًا وَبَقِيَ مَا إذَا بَرْهَنَ عَلَى إفْلَاسِهِ بَعْدَ حَبْسِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا يَقْبَلُ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ اهـ، وَمَشَى الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عَلَى قَبُولِهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ عَزْمِي زَادَهْ) لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ التَّصْحِيحِ، وَلَكِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ عَلَيْهِ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ، قُلْت: وَعَلَيْهِ الْكَنْزُ وَغَيْرُهُ وَعَلِمْت التَّصْرِيحَ بِتَصْحِيحِهِ وَعَلَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهَا بَيِّنَتُهُ عَلَى النَّفْيِ فَلَا تُقْبَلُ مَا لَمْ تَتَأَيَّدْ بِمُؤَيِّدٍ وَهُوَ الْحَبْسُ وَبَعْدَهُ تُقْبَلُ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ كَمَا بَيَّنَّا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ رَأْيُهُ) أَيْ رَأْيُ الْقَاضِي، وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ النَّهْرِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرٍ، فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ تَعْلِيلِ الزَّيْلَعِيِّ الْمَذْكُورِ آنِفًا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ رَأْيُهُ كَمَا مَرَّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ الْفَضْلِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَقَالَ قَاضِي خَانْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُفَوَّضًا إلَى رَأْيِ الْقَاضِي، إنْ عَلِمَ يَسَارَهُ لَا يَقْبَلُهَا وَإِنْ عَلِمَ إعْسَارَهُ قَبِلَهَا اهـ، وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهَا اهـ مَا فِي النَّهْرِ وَفِيهِ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ فِي سُؤَالٍ عَنْ حَالَةِ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَنَّهُ يَجِبُ بَلْ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا يَرَاهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَنَا هُنَا فِيمَا قَبْلَ الْحَبْسِ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ قَاضِي خَانْ غَيْرُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ إعْسَارَهُ وَكَانَ ظَاهِرًا يَسْأَلُ عَنْهُ عَاجِلًا وَيَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ، وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِيمَا إذَا كَانَ أَمْرُهُ مُشْكِلًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ مُشْكِلًا هَلْ يَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الْحَبْسِ فِيهِ رِوَايَتَانِ.

ص: 388

(وَبَيِّنَةُ يَسَارِهِ أَحَقُّ) مِنْ بَيِّنَةِ إعْسَارِهِ بِالْقَبُولِ لِأَنَّ الْيَسَارَ عَارِضٌ وَالْبَيِّنَاتُ لِلْإِثْبَاتِ.

نَعَمْ لَوْ بَيَّنَ سَبَبَ إعْسَارِهِ وَشَهِدُوا بِهِ فَتَقَدَّمَ لِإِثْبَاتِهَا أَمْرًا عَارِضًا فَتْحٌ بَحْثًا وَاعْتَمَدَهُ فِي النَّهْرِ وَفِي الْقُنْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَ مَا يَمْلِكُ قُبِلَتْ وَإِلَّا لَمْ يُمْكِنْ قَبُولُهَا؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ لِلْمَحْبُوسِ وَهُوَ مُنْكِرٌ وَالْبَيِّنَةُ مَتَى قَامَتْ لِلْمُنْكِرِ لَا تُقْبَلُ (وَأَبَّدَ حَبْسَ الْمُوسِرِ) لِأَنَّهُ جَزَاءُ الظُّلْمِ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبُ بَيِّنَةِ الْيَسَارِ أَحَقُّ مِنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ عِنْدَ التَّعَارُضِ (قَوْلُهُ: وَبَيِّنَةُ يَسَارِهِ أَحَقُّ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا يَكُونُ فِيهِ الْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ إنَّهُ فَقِيرٌ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ وَذَلِكَ فِي بَيِّنَةِ الْيَسَارِ.

أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ مُلْتَزَمًا بِمُقَابَلَةِ مَالٍ أَوْ بِعَقْدٍ فَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْيَسَارُ بَلْ الظَّاهِرُ تَقَدُّمُ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ لِإِثْبَاتِهَا خِلَافَ الظَّاهِرِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ فَصَّلَ، بَلْ كَلَامُهُمْ هُنَا مُجْمَلٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْيَسَارَ عَارِضٌ) فَإِنَّ الْآدَمِيَّ يُولَدُ وَلَا مَالَ لَهُ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ إذَا تَحَقَّقَ دُخُولُ الْمَبِيعِ فِي يَدِهِ صَارَ الْيَسَارُ هُوَ الْأَصْلُ فَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ كَمَا قُلْنَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ بَيَّنَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ هَكَذَا وَكُلَّمَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مُوسِرٌ وَهُوَ يَقُولُ أَعْسَرْت مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ؛ لِأَنَّ مَعَهَا عِلْمًا بِأَمْرٍ حَادِثٍ وَهُوَ حُدُوثُ ذَهَابِ الْمَالِ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَحْثٌ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِجَوَازِ حُدُوثِ الْيَسَارِ بَعْدَ إعْسَارِهِ الَّذِي ادَّعَاهُ اهـ، وَرَدَّهُ الْمَقْدِسِيَّ بِقَوْلِهِ وَهَذَا تَجَرٍّ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ اهـ. قُلْت: وَوَجْهُهُ أَوَّلًا مَنْعُ كَوْنِهِ بَحْثًا بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْفَتْحِ أَنَّهُ مَنْقُولٌ كَيْفَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ النِّهَايَةِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ إلَّا إذَا تَنَازَعَا وَثَانِيًا مَا قَالَهُ فِي النَّهْرِ: مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ بَيَّنَ سَبَبَ الْإِعْسَارِ وَشَهِدُوا بِهِ، وَمَا فِي الْبَحْرِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِيَسَارٍ حَادِثٍ بَلْ بِمَا هُوَ سَابِقٌ عَلَى الْإِعْسَارِ الْحَادِثِ، وَبَيِّنَةُ الْإِعْسَارِ تُحْدِثُ أَمْرًا عَارِضًا اهـ، لَكِنْ يَظْهَرُ لِي أَنَّ بَيَانَ سَبَبِ الْإِعْسَارِ غَيْرُ لَازِمٍ بَلْ يَكْفِي قَوْلُهُمْ إنَّهُ أَعْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ تَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ] قَالَ الْبِيرِيُّ وَفِي أَوْضَحِ رَمْزٍ نَاقِلًا عَنْ الْمُسْتَصْفَى: وَاعْلَمْ أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِعْسَارِ إنَّمَا تُقْبَلُ إذَا قَالُوا إنَّهُ كَثِيرُ الْعِيَالِ وَضَيِّقُ الْحَالِ، أَمَّا إذَا قَالُوا لَا مَالَ لَهُ لَا تُقْبَلُ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَتُقَدَّمُ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْفَاءِ ط.

(قَوْلُهُ: قُبِلَتْ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا دَوَامُ الْحَبْسِ عَلَيْهِ بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ بَيَّنُوا مِقْدَارَ مَا يَمْلِكُ لَمْ يُمْكِنْ قَبُولُهَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَامَتْ لِلْمَحْبُوسِ إلَخْ) أَيْ عَلَى إثْبَاتِ مِلْكِهِ لِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَقَوْلُهُمْ أَيْ الشُّهُودِ إنَّهُ مُوسِرٌ لَيْسَ كَذَلِكَ فَيُقْبَلُ اهـ، قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ قَالُوا إِنَّهُ يَمْلِكُ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مَثَلًا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا أَمْلِكُ شَيْئًا وَهُمْ يَشْهَدُونَ لَهُ بِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ مِلْكُهُ وَالْبَيِّنَةُ لَا تُقْبَلُ لِلْمُنْكِرِ بَلْ تُقْبَلُ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ شَهَادَةٌ لَهُ صَرِيحًا وَتَتَضَمَّنُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِيَسَارِهِ إدَامَةَ حَبْسِهِ، وَإِذَا بَطَلَ الصَّرِيحُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ إنَّهُ مُوسِرٌ فَإِنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهِ صَرِيحًا، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُمْ إنَّهُ مُوسِرٌ يَتَضَمَّنُ الشَّهَادَةَ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ قَدْرَ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِشَهَادَةٍ لَهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا إثْبَاتُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مِقْدَارُ

ص: 389

قُلْت: وَسَيَجِيءُ فِي الْحَجْرِ أَنَّهُ يُبَاعُ مَالُهُ لِدَيْنِهِ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَبَّدُ حَبْسُهُ فَتَنَبَّهْ.

(وَلَا يُحْبَسُ لِمَا مَضَى مِنْ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ) إذَا ادَّعَى الْفَرْقَ وَإِنْ قَضَى بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلَ مَالٍ وَلَا لَزِمَتْهُ بِعَقْدٍ عَلَى مَا مَرَّ حَتَّى لَوْ بَرْهَنَتْ عَلَى يَسَارِهِ حُبِسَ بِطَلَبِهَا (بَلْ يُحْبَسُ إذَا) بَرْهَنَتْ عَلَى يَسَارِهِ بِطَلَبِهَا كَمَا لَوْ (أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا) أَوْ عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ فَيُحْبَسُ إحْيَاءً لَهُمْ بَحْرٌ. قُلْت: وَهَلْ يُحْبَسُ لِمَحْرَمِهِ لَوْ أَبَى؟ لَمْ أَرَهُ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ لَا

ــ

[رد المحتار]

قَدْرِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ أَعَمُّ، وَأَيْضًا فَإِنَّهَا ضِمْنِيَّةٌ لَا صَرِيحَةٌ بَلْ الصَّرِيحُ مِنْهَا قَصْدُ إدَامَةِ حَبْسِهِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ فِي الْحَجْرِ) قَدَّمْنَا عِبَارَتَهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَبَّدُ حَبْسُهُ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِمَا وَكَذَا عَلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ مَالُهُ غَيْرَ عَقَارٍ وَلَا عَرْضٍ بَلْ كَانَ مِنْ الْأَثْمَانِ، وَلَوْ خِلَافَ جِنْسِ الدَّيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يُحْبَسُ لِمَا مَضَى إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا، فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا سَقَطَتْ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْمُدَّةِ شَهْرٌ فَأَكْثَرُ، وَكَذَا نَفَقَةُ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ، وَأَمَّا نَفَقَةُ سَائِرِ الْأَقَارِبِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِالْمُضِيِّ، وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُسْتَدَانَةً بِأَمْرِ قَاضٍ، فَلَا تَسْقُطُ بِالْمُضِيِّ هَذَا حَاصِلُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي النَّفَقَاتِ. لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الصَّغِيرِ كَالزَّوْجَةِ نَقَلَهُ هُنَاكَ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَلِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالذَّخِيرَةِ وَشَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَالْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ وَالْأَرْحَامِ إذَا قُضِيَ بِهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ سَقَطَتْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قُضِيَ بِهَا) أَفَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْضَ بِهَا لَا يُحْبَسُ بِهَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ دَيْنًا أَصْلًا، وَأَمَّا إذَا قُضِيَ بِهَا وَمِثْلُهُ الرِّضَا فَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلَ مَالٍ وَلَا مُلْتَزِمًا بِعَقْدٍ عَلَى مَا مَرَّ أَيْ فِي قَوْلِهِ: لَا يُحْبَسُ فِي غَيْرِهِ إنْ ادَّعَى الْفَقْرَ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ بَرْهَنَتْ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ.

(قَوْلُهُ: حُبِسَ بِطَلَبِهَا) أَيْ بِطَلَبِهَا حَبْسَهُ إنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مَقْضِيًّا بِهَا أَوْ مُتَرَاضِيًا عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا) أَيْ كَمَا يُحْبَسُ الْمُوسِرُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الْفَقِيرِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَفَهِمَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ عَنْ الْبَالِغِ الزَّمِنِ الْفَقِيرِ وَقَالَ: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ لَا يَخْفَى قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّغِيرِ كَمَا لَا يَخْفَى فَيُحْبَسُ أَبُوهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَيَتَحَقَّقُ الِامْتِنَاعُ بِأَنْ تُقَدِّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، مِنْ يَوْمِ فَرْضِ النَّفَقَةِ، وَإِنْ كَانَ مِقْدَارُ النَّفَقَةِ قَلِيلًا كَالدَّانِقِ إذَا رَأَى الْقَاضِي فَأَمَّا بِمُجَرَّدِ فَرْضِهَا لَوْ طَلَبَتْ حَبْسَهُ لَمْ يَحْبِسْهُ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ تُسْتَحَقُّ بِالظُّلْمِ، وَهُوَ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَفْرِضْ لَهَا وَلَمْ يُنْفِقْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا فِي يَوْمٍ يَنْبَغِي إذَا قَدَّمَتْهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْإِنْفَاقِ، فَإِنْ رَجَعَ فَلَمْ يُنْفِقْ أَوْجَعَهُ عُقُوبَةً، وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ سَقَطَتْ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَهُوَ ظَالِمٌ لَهَا وَهُوَ قِيَاسُ مَا أَسْلَفْنَاهُ فِي بَابِ الْقَسْمِ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا لَمْ يَقْسِمْ لَهَا فَرَافَعَتْهُ يَأْمُرُهُ بِالْقَسْمِ وَعَدَمِ الْجَوْرِ، فَإِنْ ذَهَبَ وَلَمْ يَقْسِمْ فَرَافَعَتْهُ أَوْجَعَهُ عُقُوبَةً، وَإِنْ كَانَ مَا ذَهَبَ لَهَا مِنْ الْحَقِّ لَا يُقْضَى وَيَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفُرُوعِهِ) أَيْ وَبَقِيَّةِ فُرُوعِهِ كَالْإِنَاثِ وَالْوَلَدِ الْبَالِغِ الزَّمِنِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الصَّغِيرَ غَيْرُ قَيْدٍ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ يُحْبَسُ لِمَحْرَمِهِ لَوْ أَبَى لَمْ أَرَهُ) أَصْلُ التَّوَقُّفِ لِصَاحِبِ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ قُلْت: إذَا حُبِسَ الْأَبُ فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى مَعَ أَنَّا قَدَّمْنَا فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ عَنْ الْبَدَائِعِ فَإِنَّهُ قَالَ وَيُحْبَسُ فِي نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ كَالزَّوْجَاتِ.

أَمَّا غَيْرُ الْأَبِ فَلَا شَكَّ فِيهِ وَأَمَّا الْأَبُ فَلِأَنَّ فِي النَّفَقَةِ ضَرُورَةَ دَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْ الْوَلَدِ؛ وَلِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، فَلَوْ لَمْ يُحْبَسْ سَقَطَ حَقُّ الْوَلَدِ رَأْسًا فَكَانَ فِي حَبْسِهِ دَفْعُ الْهَلَاكِ، وَاسْتِدْرَاكُ الْحَقِّ عَنْ الْفَوَاتِ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْأَدَاءِ اهـ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّ هَذَا خِلَافُ مَا عَزَاهُ الشَّارِحُ إلَى الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ) أَيْ بِالْوَلَدِ فَإِنَّ عِبَارَةَ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَيُحْبَسُ الرَّجُلُ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ لَا فِي دَيْنِ وَلَدِهِ إلَّا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ

ص: 390