المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب في المواضع التي ينصب فيها القاضي وكيلا بالقبض عن الغائب المتوارى] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌[مطلب في المواضع التي ينصب فيها القاضي وكيلا بالقبض عن الغائب المتوارى]

فِي الصُّورَتَيْنِ) لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ فَصَحَّ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ كَفَالَةِ النَّفْسِ لِعَدَمِ التَّنَافِي، فَلَوْ أَبْرَأهُ عَنْهَا فَلَمْ يُوَافِ بِهِ لَمْ يَجِبْ الْمَالُ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، قَيَّدَ بِمَوْتِ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الطَّالِبُ طَلَبَ وَارِثُهُ، وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ طُولِبَ وَارِثُهُ دُرَرٌ، فَإِنْ دَفَعَهُ الْوَارِثُ إلَى الطَّالِبِ بَرِئَ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ كَانَ الْمَالُ عَلَى الْوَارِثِ يَعْنِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ عَيْنِيٌّ.

(وَلَوْ)(اخْتَلَفَا فِي الْمُوَافَاةِ) وَعَدَمِهَا (فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرُهَا (وَ) حِينَئِذٍ فَ (الْمَالُ لَازِمٌ عَلَى الْكَفِيلِ) خَانِيَّةٌ.

وَفِيهَا: وَلَوْ اخْتَفَى الطَّالِبُ فَلَمْ يَجِدْهُ الْكَفِيلُ نَصَّبَ الْقَاضِي عَنْهُ وَكِيلًا، وَلَا يُصَدَّقُ الْكَفِيلُ عَلَى الْمُوَافَاةِ إلَّا بِحُجَّةٍ.

(ادَّعَى عَلَى آخَرَ) حَقًّا عَيْنِيٌّ أَوْ (مِائَةَ دِينَارٍ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا) أَجَيِّدَةٌ أَمْ رَدِيئَةٌ أَوْ أَشْرَافِيَّةٌ

ــ

[رد المحتار]

لَا يَثْبُتُ الضَّمَانُ بِالْمَوْتِ مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُقَيَّدِ وَالْمُطْلَقِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي كَافِي الْحَاكِمِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ فَمَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ فَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ، فَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْفَتْحِ يَعْنِي بَعْدَ الْغَدِ.

(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ صُورَةِ عَدَمِ الْمُوَافَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَصُورَةِ مَوْتِ الْمَطْلُوبِ، وَمَوْتُ الْمَطْلُوبِ وَإِنْ أَبْطَلَ الْكَفَالَةَ بِالنَّفْسِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ تَسْلِيمِهِ إلَى الطَّالِبِ لَا فِي حَقِّ الْمَالِ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ) فَلَوْ قَالَ إنْ وَافَيْتُك بِهِ غَدًا فَعَلَيَّ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ وَافَى بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ لُزُومَهُ إنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ كَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي، يَعْنِي أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُتَعَارَفٍ نَهْرٌ، لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ قَالَ إنْ وَافَيْتُك بِهِ غَدًا وَإِلَّا فَعَلَيَّ الْمَالُ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ، بِخِلَافِ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا اهـ.

وَاسْتَشْكَلَ فِي نُورِ الْعَيْنِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَعَلَيَّ الْمَالُ بِمَعْنَى إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا.

قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا زَائِدٌ، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ بِدَلِيلِ كَلَامِ الْمُنْيَةِ، وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التَّنَافِي) إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلتَّوَثُّقِ، وَلَعَلَّهُ يُطَالِبُهُ بِحَقٍّ آخَرَ يَدَّعِي بِهِ غَيْرَ الْمَالِ الَّذِي كَفَلَ بِهِ مُعَلَّقًا كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(قَوْلُهُ: لِفَقْدِ شَرْطٍ) وَهُوَ بَقَاءُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لِزَوَالِهَا بِالْإِبْرَاءِ وَطُولِبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْتِ الْمَطْلُوبِ، فَإِنَّهَا بِالْمَوْتِ زَالَتْ أَيْضًا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ وَضْعٌ لِفَسْخِ الْكَفَالَةِ فَتُفْسَخُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالِانْفِسَاخُ بِالْمَوْتِ إنَّمَا هُوَ لِضَرُورَةِ الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ الْمُقَيَّدِ فَيَقْتَصِرُ، إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَعَدِّيهِ إلَى الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: طَلَبَ وَارِثُهُ) أَيْ طَلَبَ وَارِثُهُ مِنْ الْكَفِيلِ إحْضَارَ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ مَضَى الْوَقْتُ طَلَبَ مِنْهُ الْمَالَ.

(قَوْلُهُ: طُولِبَ وَارِثُهُ) أَيْ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ فِي الْوَقْتِ وَبِالْمَاءِ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ دَفَعَهُ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ مَاتَ الْكَفِيلُ إلَخْ

[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ) وَيَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَا يَمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ: الْكَفِيلُ الْبَرَاءَةَ، وَالطَّالِبُ الْوُجُوبَ، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَنَا بَحْرٌ عَنْ نَظْمِ الْفِقْهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَفَى الطَّالِبُ) أَيْ عِنْدَ مَجِيءِ الْوَقْتِ.

مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى

(قَوْلُهُ: نَصَّبَ الْقَاضِي عَنْهُ وَكِيلًا) أَيْ فَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِالْخِيَارِ فَتَوَارَى الْبَائِعُ أَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ الْيَوْمَ فَتَغَيَّبَ الدَّائِنُ، أَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ لَمْ تَصِلْ نَفَقَتُهَا فَتَغَيَّبَتْ، فَالْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ فِي الْكُلِّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: هَذَا خِلَافُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَإِنَّمَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ فَعَلَهُ الْقَاضِي فَهُوَ حَسَنٌ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ الْكَفِيلُ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرُهَا.

(قَوْلُهُ: ادَّعَى عَلَى آخَرَ حَقًّا) أَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ لَا يُبَيِّنَ مِقْدَارًا أَصْلًا أَوْ يُبَيَّنَ

ص: 296

لِتَصِحَّ الدَّعْوَى (فَقَالَ) رَجُلٌ لِلْمُدَّعِي دَعْهُ فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ وَ (إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ) أَيْ فَعَلَيَّ (الْمِائَةُ فَلَمْ يُوَافِ) الرَّجُلُ (بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ) الَّتِي بَيَّنَهَا الْمُدَّعِي، إمَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَصِحُّ الْكَفَالَتَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ الْتَحَقَ الْبَيَانُ بِأَصْلِ الدَّعْوَى فَتَبَيَّنَ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا الثَّانِيَةُ (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلْكَفِيلِ (فِي الْبَيَانِ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي صِحَّةَ الْكَفَالَةِ، وَكَلَامُ السِّرَاجِ يُفِيدُ اشْتِرَاطَ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ فَلْيُحَرَّرْ.

(لَا يُجْبَرُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ

ــ

[رد المحتار]

الْمِقْدَارَ وَلَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْكَنْزِ عَلَى الثَّانِيَةِ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَوْلَى، وَالْخِلَافُ الْآتِي جَارٍ فِيهِمَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: لِتَصِحَّ الدَّعْوَى) عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ بِلَمْ، أَفَادَ أَنَّ صِحَّةَ الدَّعْوَى وَقْتَ الْكَفَالَةِ غَيْرُ شَرْطٍ.

(قَوْلُهُ: أَيْ فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ) أَيْ الْمِائَةُ الدِّينَارِ الْمَذْكُورَةُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ مِائَةَ دِينَارٍ مُنْكَرَةٍ لِأَجْلِ قَوْلِهِ حَقًّا، وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ كَفَلَ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ، لِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا لِلطَّالِبِ عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُوَافِ بِهِ فِي الْغَدِ، وَقَالَ الْكَفِيلُ لَا شَيْءَ لَكَ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِمِائَةٍ، وَالْمَطْلُوبُ بِمِائَتَيْنِ صُدِّقَ الْمَطْلُوبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْكَفِيلِ، وَلَوْ قَالَ فَعَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ فَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِأَلْفٍ، فَالْكَفِيلُ ضَامِنٌ لَهَا وَلَوْ قَالَ فَعَلَيْهِ مَا ادَّعَى الطَّالِبُ وَادَّعَى أَلْفًا وَأَقَرَّ لَهُ بِهَا الْمَطْلُوبُ، فَالْقَوْلُ لِلْكَفِيلِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْمِائَةُ) هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ وَالثَّانِي آخِرًا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ لَمْ يُبَيِّنْهَا، ثُمَّ ادَّعَى وَبَيَّنَهَا لَا تَلْزَمُهُ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا بِالْبَيِّنَةِ إلَخْ) تَابَعَ فِيهِ صَاحِبَ النَّهْرِ، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِمَّا يَأْتِي عَنْ السِّرَاجِ مِنْ اشْتِرَاطِ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ مِثْلُ الْإِقْرَارِ لَكِنْ هَذَا مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُدَّعِي كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لَهُ أَيْ الْكَفِيلِ) عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ: أَيْ لِلْمَكْفُولِ لَهُ وَهِيَ الصَّوَابُ، وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ الدُّرَرَ.

وَاعْتَرَضَهُ فِي الْعَزْمِيَّةِ بِقَوْلِهِ هَذَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ وَالصَّوَابُ لِلْمُدَّعِي.

أَمَّا دِرَايَةً فَلِأَنَّ قَوْلَهُمْ: لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ يَشْهَدُ بِذَلِكَ، فَإِنَّ ادِّعَاءَ الصِّحَّةِ لَا يُوَافِقُ مُدَّعَاهُ.

وَأَمَّا رِوَايَةً فَلِقَوْلِهِ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ فِي هَذَا الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ، وَالْكَفِيلُ يَدَّعِي الْفَسَادَ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ اهـ.

وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ اهـ مَا فِي الْعَزْمِيَّةِ.

وَفِي النِّهَايَةِ: فَإِذَا بَيَّنَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي يَنْصَرِفُ بَيَانُهُ إلَى ابْتِدَاءِ الدَّعْوَى وَالْمُلَازَمَةِ، فَتَظْهَرُ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ جَمِيعًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي صِحَّةَ الْكَفَالَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانَ، فَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ صَرِيحَةٌ فِي الْمُرَادِ، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَاتِ الْمُتُونِ وَالْهِدَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَكَلَامُ السِّرَاجِ يُفِيدُ إلَخْ) وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَلْفًا فَأَنْكَرَهُ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ إنْ لَمْ أُوَافِك بِهِ غَدًا فَهِيَ عَلَيَّ فَلَمْ يُوَافِهِ بِهِ غَدًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَكْفُولَ عَنْهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِوُجُودِ الْمَالِ وَلَا اعْتَرَفَ الْكَفِيلُ بِهَا أَيْضًا، فَصَارَ هَذَا مَالًا مُعَلَّقًا بِخَطَرٍ فَلَا يَجُوزُ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلْيُحَرَّرْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي السِّرَاجِ لَا يُعَارِضُ مَا فِي مَشَاهِيرِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.

وَقَالَ السَّائِحَانِيُّ: الَّذِي تَحَرَّرَ لِي أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي السِّرَاجِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثَانِيًا اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَلَا يُقَالُ إنْ قَالَ السِّرَاجُ فَأَنْكَرَهُ يُفِيدُ التَّوْفِيقَ بِحَمْلِ كَلَامِهِمْ عَلَى الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا فَرَضَ بِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كَافِي

ص: 297

فِي) دَعْوَى (حَدٍّ وَقَوَدٍ) مُطْلَقًا.

وَقَالَا: يُجْبَرُ فِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَسَرِقَةٍ كَتَعْزِيرٍ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَالْمُرَادُ بِالْجَبْرِ الْمُلَازَمَةُ لَا الْحَبْسُ (وَلَوْ أَعْطَى) بِرِضَاهُ كَفِيلًا فِي قَوَدٍ وَقَذْفٍ وَسَرِقَةٍ (جَازَ) اتِّفَاقًا ابْنُ كَمَالٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى لَا تَجُوزُ نَهْرٌ.

قُلْت: وَسَيَجِيءُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِنَفْسِ حَدٍّ وَقَوَدٍ فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ

ــ

[رد المحتار]

الْحَاكِمِ مِنْ كَوْنِ الْكَفِيلِ وَالْمَطْلُوبِ مُنْكِرَيْنِ لِلْمَالِ

(قَوْلُهُ: فِي دَعْوَى حَدٍّ وَقَوَدٍ) قَيَّدَ بِالدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَفْسِ الْحَدِّ وَالْقَوَدِ لَا تَجُوزُ إجْمَاعًا كَمَا يَأْتِي إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُمَا مِنْ الْكَفِيلِ، وَقَيَّدَ بِالْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَتْلِ وَالْجِرَاحَةِ خَطَأٌ يُجْبَرُ عَلَيْهِ الْكَفِيلُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ هُوَ الْمَالُ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي حَقِّهِ تَعَالَى أَوْ حَقِّ عَبْدٍ، وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ حَدٌّ، وَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَهُ.

(قَوْلُهُ: وَسَرِقَةٍ) هَذَا أَلْحَقَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَجَعَلَهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ لِكَوْنِ الدَّعْوَى فِيهِ شَرْطًا، بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا بَحْرٌ.

قُلْت: قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ مَالًا مِنْهُ وَقَالَ بَيِّنَتِي حَاضِرَةٌ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ لَهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَوْ قَالَ قَدْ قَبَضْت مِنْهُ السَّرِقَةَ وَلَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ الْحَدَّ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ كَفِيلٌ ثُمَّ قَالَ: وَإِذَا أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى السَّارِقِ وَعَلَى السَّرِقَةِ، وَهِيَ بِعَيْنِهَا فِي يَدَيْهِ، لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ كَفِيلٌ وَلَكِنْ يُحْبَسُ وَتُوضَعُ السَّرِقَةُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ حَتَّى يُزَكَّى الشُّهُودُ اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ وَلَا يُكْفَلُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَالْمُتَّهَمُ يُحْبَسُ كَمَا يَأْتِي، وَفِي الْأُولَى لَمْ يُحْبَسْ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ عُقُوبَةٌ فَلَا يَفْعَلُهَا قَبْلَ الشَّهَادَةِ.

(قَوْلُهُ: كَتَعْزِيرٍ) قَالَ فِي الْكَافِي: لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ قِبَلَ رَجُلٍ شَتِيمَةً فِيهَا تَعْزِيرٌ وَقَالَ بَيِّنَتِي حَاضِرَةٌ أَخَذَ لَهُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدٍّ وَهُوَ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْهُ وَتَرَكَهُ جَازَ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنِ بِالشَّتِيمَةِ لَمْ يُحْبَسْ، وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ، فَإِنْ زُكُّوا عَزَّرَهُ الْقَاضِي أَسْوَاطًا، وَإِنْ رَأَى أَنْ لَا يَضْرِبَهُ وَأَنْ يَحْبِسَهُ أَيَّامًا عُقُوبَةً فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَجُلًا لَهُ مُرُوءَةٌ وَخَطَرٌ اسْتَحْسَنْت أَنْ لَا أَحْبِسَهُ وَلَا أُعَزِّرَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا فَعَلَ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَا كَانَ أَيْ مِنْ التَّعْزِيرِ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ بِهِ التَّكْفِيلُ كَالْحَدِّ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْجَبْرِ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ: الْمُلَازَمَةِ) أَيْ بِأَنْ يَدُورَ مَعَهُ الطَّالِبُ حَيْثُ دَارَ كَيْ لَا يَتَغَيَّبَ عَنْهُ.

وَإِذَا أَرَادَ دُخُولَ دَارِهِ، فَإِنْ شَاءَ الْمَطْلُوبُ أَدْخَلَهُ مَعَهُ وَإِلَّا مَنَعَهُ الطَّالِبُ عَنْهُ، نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: جَازَ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَرْتِيبُ مُوجَبِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ النَّفْسِ فِيهَا وَاجِبٌ فَيُطَالَبُ بِهِ الْكَفِيلُ فَيَتَحَقَّقُ الضَّمُّ هِدَايَةٌ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ صِحَّةُ الْكَفَالَةِ إذَا سَمَحَ بِهَا فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ النَّفْسِ وَاجِبٌ فِيهَا لَكِنْ نَصَّ فِي الْفَوَائِدِ الْخَبَّازِيَّةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ الَّتِي لِلْعِبَادِ فِيهَا حَقٌّ كَحَدِّ الْقَذْفِ لَا غَيْرُ اهـ نَهْرٌ.

وَفِي الْبَحْرِ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ بِنَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ فِي الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ) أَيْ حَيْثُ اقْتَصَرُوا عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَقَدْ أَسْمَعْنَاك التَّصْرِيحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْخَبَّازِيَّةِ، وَذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَيْضًا حَيْثُ قَالَ: بِخِلَافِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ لَا تَجُوزُ الْكَفَالَةُ وَإِنْ طَابَتْ نَفْسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ أَوْ قَبْلَهَا ثُمَّ ذَكَرَ وَجْهَهُ.

(قَوْلُهُ: فَلْيَكُنْ التَّوْفِيقُ) أَيْ فَلْيَكُنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْمَذْكُورِ تَوْفِيقًا بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى كَفِيلًا بِرِضَاهُ جَازَ وَبَيَّنَ مَا سَيَجِيءُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ وَمَا سَيَجِيءُ عَلَى حُقُوقِهِ تَعَالَى، لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِنَفْسِ الْحَدِّ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ وَإِنْ كَانَ مُلْحَقًا بِحُقُوقِ الْعِبَادِ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ إذَا قَالَ قَبَضْت السَّرِقَةَ وَقَالَ أُرِيدُ إقَامَةَ الْحَدِّ لَمْ يُؤْخَذْ لَهُ كَفِيلٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّ مَا سَيَجِيءُ

ص: 298