الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ
مَبْنَى هَذَا الْبَابِ عَلَى أُصُولٍ مُقَرَّرَةٍ مِنْهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ لَا تُقْبَلُ بِلَا دَعْوَى، بِخِلَافِ حُقُوقِهِ تَعَالَى.
وَمِنْهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بَاطِلَةٌ، بِخِلَافِ الْأَقَلِّ لِلِاتِّفَاقِ فِيهِ. وَمِنْهَا أَنَّ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ أَزِيدُ مِنْ الْمُقَيَّدِ لِثُبُوتِهِ مِنْ الْأَصْلِ وَالْمِلْكُ بِالسَّبَبِ مُقْتَصِرٌ عَلَى وَقْتِ السَّبَبِ. وَمِنْهَا مُوَافَقَةُ الشَّهَادَتَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَمُوَافَقَةُ الشَّهَادَةِ الدَّعْوَى مَعْنًى فَقَطْ وَسَيَتَّضِحُ.
(تَقَدُّمُ الدَّعْوَى فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ شَرْطُ قَبُولِهَا) لِتَوَقُّفِهَا عَلَى مُطَالَبَتِهِمْ وَلَوْ بِالتَّوْكِيلِ، بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لِوُجُوبِ إقَامَتِهَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فَكُلُّ أَحَدٍ خَصْمٌ فَكَأَنَّ الدَّعْوَى مَوْجُودَةٌ (فَإِذَا وَافَقَتْهَا) أَيْ وَافَقَتْ الشَّهَادَةُ الدَّعْوَى (قُبِلَتْ وَإِلَّا) تُوَافِقْهَا (لَا) تُقْبَلْ
ــ
[رد المحتار]
تَكَلَّمْتُ بِهِ فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا الْيَوْمَ وَالْآخَرُ عَلَى طَلَاقِهَا أَمْسِ يَقَعُ الطَّلَاقُ لَا الْعَتَاقُ وَهِيَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ اهـ وَزَادَ الْبِيرِيُّ مَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مِنْ اللُّقَطَةِ، وَذَلِكَ لُقَطَةٌ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَأَقَامَ صَاحِبُهَا شَاهِدَيْنِ كَافِرَيْنِ عَلَيْهَا تُسْمَعُ عَلَى مَا فِي يَدِ الْكَافِرِ خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا، وَمَا لَوْ مَاتَ كَافِرٌ فَاقْتَسَمَ ابْنَاهُ تِرْكَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى أَبِيهِ بِدَيْنٍ قُبِلَتْ فِي حِصَّةِ الْكَافِرِ خَاصَّةً اهـ.
[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]
(قَوْلُهُ مِنْهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ الدُّرَرِ. قَالَ مُحَشِّيهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ: لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ لَا فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَعَدَمِهِ اهـ مَدَنِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى) وَمِنْهُ إذَا ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا أَوْ بِالنَّتَاجِ فَشَهِدُوا فِي الْأَوَّلِ بِالْمِلْكِ بِسَبَبٍ وَفِي الثَّانِي بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ قُبِلَتْ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِسَبَبٍ أَقَلُّ مِنْ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةَ، بِخِلَافِهِ بِسَبَبٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْحُدُوثَ وَالْمُطْلَقَ أَقَلُّ مِنْ النَّتَاجِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةَ عَلَى الِاحْتِمَالِ وَالنَّتَاجَ عَلَى الْيَقِينِ وَفِي قَلْبِهِ، وَهُوَ دَعْوَى الْمُطْلَقِ فَشَهِدُوا بِالنَّتَاجِ لَا تُقْبَلُ، وَمِنْ الْأَكْثَرِ مَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ بِسَبَبٍ فَشَهِدُوا بِالْمُطْلَقِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ السَّبَبُ الْإِرْثَ بَاقَانِيٌّ، وَتَمَامُهُ هُنَاكَ كَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ بَاطِلَةٌ) أَيْ إلَّا إذَا وَفَّقَ وَبَيَانُهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ مُوَافَقَةُ الشَّهَادَتَيْنِ إلَخْ) كَمَا لَوْ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ فَشَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً بَطَلَتْ، فَلَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَالشُّهُودُ شَهِدُوا أَنَّهَا مُنْذُ سَنَةٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ خَانِيَّةٌ. وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ فِي الشَّهَادَاتِ: الشَّهَادَةُ لَوْ خَالَفَتْ الدَّعْوَى بِزِيَادَةٍ لَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا أَوْ نُقْصَانٍ كَذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا اهـ حَامِدِيَّةٌ.
وَفِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ: وَلَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ، إلَى بَيَانِ لَوْنِ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا لَا يُكَلَّفُ إلَى بَيَانِهِ فَاسْتَوَى ذِكْرُهُ وَتَرْكُهُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ اهـ حَامِدِيَّةٌ.
رَجُلٌ ادَّعَى فِي يَدِ رَجُلٍ مَتَاعًا أَوْ دَارًا أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَقَامَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ قَالَ: إنْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بَطَلَ الْقَضَاءُ. وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا، وَلَوْ عَايَنَ الْقَاضِي إقْرَارَهُ بِذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَالِيًا مِنْ تَكْذِيبِ الشُّهُودِ وَكَذَا فِي الْهَامِشِ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا وَافَقَتْهَا قُبِلَتْ) صَدَّرَ الْبَابَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ لِكَوْنِهَا كَالدَّلِيلِ لِوُجُوبِ اتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا لَزِمَ اخْتِلَافُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ أَدْنَى بَصِيرَةٍ سَعْدِيَّةٌ، وَبِهِ ظَهَرَ وَجْهُ جَعْلِ ذَلِكَ مِنْ الْأُصُولِ. ثُمَّ
وَهَذَا أَحَدُ الْأُصُولِ الْمُتَقَدِّمَةِ (فَلَوْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَشَهِدَا بِهِ بِسَبَبٍ) كَشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ (قُبِلَتْ) لِكَوْنِهَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا ادَّعَى فَتَطَابَقَا مَعْنًى كَمَا مَرَّ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ ادَّعَى بِسَبَبٍ وَشَهِدَا بِمُطْلَقٍ (لَا) تُقْبَلُ لِكَوْنِهَا بِالْأَكْثَرِ كَمَا مَرَّ.
قُلْتُ: وَهَذَا فِي غَيْرِ دَعْوَى إرْثٍ وَنَتَاجٍ وَشِرَاءٍ مِنْ مَجْهُولٍ كَمَا بَسَطَهُ الْكَمَالُ، وَاسْتَثْنَى فِي الْبَحْرِ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ.
(وَكَذَا تَجِبُ مُطَابَقَةُ الشَّهَادَتَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى) إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً مَبْسُوطَةً فِي الْبَحْرِ وَزَادَ ابْنُ الْمُصَنِّفِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أُخَرَ تَرَكْتهَا خَشْيَةَ التَّطْوِيلِ (بِطَرِيقِ الْوَضْعِ) لَا التَّضَمُّنِ، وَاكْتَفَيَا
ــ
[رد المحتار]
إنَّ التَّفْرِيعَ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُشْعِرٌ بِمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَتْ الدَّعْوَى شَرْطًا فِيهِ وَتَبِعَهُ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ تَقَدُّمَ الدَّعْوَى إذَا لَمْ يَكُنْ شَرْطًا كَانَ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا فَلَا يَضُرُّ عَدَمُ التَّوَافُقِ. ثُمَّ إنَّ تَفْرِيعَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ أَصْلًا لِشَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ فِي الشَّهَادَةِ فَافْهَمْ. وَبِمَا تَقَرَّرَ انْدَفَعَ مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْهَا أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ إلَخْ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ لَا فِي قَبُولِهَا وَعَدَمِهِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا أَحَدُ الْأُصُولِ إلَخْ) نَبَّهَ عَلَيْهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ أَصْلِيَّةِ سَبَبِ كَوْنِهِ مُفَرَّعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا تَنَافِيَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِلَّا فَمَا قَبْلَهُ أَصْلٌ أَيْضًا كَمَا عَلِمْتَهُ فَتَنَبَّهْ.
(قَوْلُهُ أَوْ إرْثٍ) تَبِعَ فِيهِ الْكَنْزَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَدَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ، فَلَوْ أَسْقَطَهُ هُنَا لَكَانَ أَوْلَى ح.
(قَوْلُهُ قُبِلَتْ) فِيهِ قَيْدَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ ادَّعَى بِسَبَبٍ) أَيْ ادَّعَى الْعَيْنَ لَا الدَّيْنَ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ بِالْأَكْثَرِ) وَفِيهِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إذَا وَفَّقَ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ دَعْوَى إرْثٍ) لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْمِلْكِ الْمُطْلَقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَنَتَاجٍ) لِأَنَّ الْمُطْلَقَ أَقَلُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةَ عَلَى الِاحْتِمَالِ وَالنَّتَاجَ عَلَى الْيَقِينِ، وَذَكَرَ فِي الْهَامِشِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّتَاجِ بِأَنْ يَشْهَدَا أَنَّ هَذَا كَانَ يَتْبَعُ هَذِهِ النَّاقَةَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ فَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ فِي بَابِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْيَنَابِيعِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَشِرَاءٍ مِنْ مَجْهُولٍ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لِلْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، وَكَذَا فِي غَيْرِ دَعْوَى قَرْضٍ بَحْرٌ، وَمِثْلُهُ شِرَاءٌ مَعَ دَعْوَى قَبْضٍ، فَإِذَا ادَّعَاهُمَا فَشَهِدَا عَلَى الْمُطْلَقِ تُقْبَلُ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
وَحَكَى فِي الْفَتْحِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ خِلَافًا.
(قَوْلُهُ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ) لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَهَا أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا اسْتِثْنَاءَ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ خَشْيَةَ التَّطْوِيلِ) قَدَّمَهَا الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ.
(قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الْوَضْعِ) أَيْ بِمَعْنَاهُ الْمُطَابِقِ، وَهَذَا جَعَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ تَفْسِيرًا لِلْمُوَافَقَةِ فِي اللَّفْظِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ فِي اللَّفْظِ تَطَابُقُ اللَّفْظَيْنِ عَلَى إفَادَةِ الْمَعْنَى بِطَرِيقِ الْوَضْعِ لَا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ، حَتَّى لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ شَاهِدٌ بِدِرْهَمٍ، وَآخَرُ بِدِرْهَمَيْنِ، وَآخَرُ بِثَلَاثَةٍ، وَآخَرُ بِأَرْبَعَةٍ وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ لَمْ تُقْبَلْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ لَفْظًا، وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي بِأَرْبَعَةٍ اهـ.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ اعْتَبَرَ تَوَافُقَ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ بِطَرِيقِ الْوَضْعِ وَأَنَّ الْإِمَامَيْنِ اكْتَفَيَا بِالْمُوَافَقَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَلَوْ بِالتَّضَمُّنِ وَلَمْ يَشْتَرِطَا الْمَعْنَى الْمَوْضُوعَ لَهُ كُلٌّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْإِمَامَ اشْتَرَطَ التَّوَافُقَ فِي اللَّفْظِ وَالتَّوَافُقَ فِي الْمَعْنَى الْوَضْعِيِّ، وَإِلَّا أَشْكَلَ مَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ مِنْ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرِ بِالتَّزْوِيجِ، وَكَذَا الْهِبَةُ وَالْعَطِيَّةُ فَإِنَّ اللَّفْظَيْنِ فِيهِمَا مُخْتَلِفَانِ وَلَكِنَّهُمَا تَوَافَقَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، أَفَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِطَرِيقِ الْوَضْعِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّوْفِيقِ أَيْضًا مَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ النِّهَايَةِ حَيْثُ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَذَلِكَ نَحْوَ أَنْ يَشْهَدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْهِبَةِ وَالْآخَرُ عَلَى الْعَطِيَّةِ، وَهَذَا لِأَنَّ اللَّفْظَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي الشَّهَادَةِ بَلْ الْمَقْصُودُ مَا تَضَمَّنَهُ اللَّفْظُ وَهُوَ مَا صَارَ اللَّفْظُ عَلَمًا عَلَيْهِ، فَإِذَا وُجِدَتْ الْمُوَافَقَةُ فِي ذَلِكَ لَا تَضُرُّ الْمُخَالَفَةُ فِيمَا سِوَاهَا. قَالَ: هَكَذَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا اهـ. وَهَذَا بِخِلَافِ الْفَرْعِ السَّابِقِ الَّذِي
بِالْمُوَافَقَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ بِالتَّزْوِيجِ قُبِلَتْ) لِاتِّحَادِ مَعْنَاهُمَا (كَذَا الْهِبَةُ وَالْعَطِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ أَوْ مِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ أَوْ طَلْقَةٍ وَطَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ رُدَّتْ) لِاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ (كَمَا لَوْ ادَّعَى غَصْبًا أَوْ قَتْلًا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِهِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ) لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ شَهِدَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ قُبِلَتْ.
(وَكَذَا) لَا تُقْبَلُ (فِي كُلِّ قَوْلٍ جُمِعَ مَعَ فِعْلٍ) بِأَنْ ادَّعَى أَلْفًا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالدَّفْعِ وَالْآخَرُ بِالْإِقْرَارِ بِهَا لَا تُسْمَعُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلٍ وَفِعْلٍ قُنْيَةٌ، إلَّا إذَا اتَّحَدَا لَفْظًا كَشَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ وَالْآخَرِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فَتُقْبَلُ لِاتِّحَادِ صِيغَةِ الْإِنْشَاءِ وَالْإِقْرَارِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي الْإِنْشَاءِ بِعْتُ وَاقْتَرَضْتُ وَفِي الْإِقْرَارِ كُنْتُ بِعْتُ وَاقْتَرَضْتُ فَلَمْ يَمْنَعْ الْقَبُولَ، بِخِلَافِ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا بِقَتْلِهِ عَمْدًا بِسَيْفٍ وَالْآخَرِ بِهِ بِسِكِّينٍ لَمْ تُقْبَلْ لِعَدَمِ تَكْرَارِ الْفِعْلِ بِتَكَرُّرِ الْآلَةِ مُحِيطٌ وشُرُنْبُلالِيَّة (وَتُقْبَلُ عَلَى أَلْفٍ فِي) شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا (بِأَلْفٍ وَ) الْآخَرِ (بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ إنْ ادَّعَى) الْمُدَّعِي (الْأَكْثَرَ) لَا الْأَقَلَّ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ بِاسْتِيفَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ ابْنُ كَمَالٍ، وَهَذَا فِي الدَّيْنِ (وَفِي الْعَيْنِ تُقْبَلُ عَلَى الْوَاحِدِ كَمَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ لَهُ وَآخَرُ أَنَّ هَذَا لَهُ قُبِلَتْ عَلَى) الْعَبْدِ (الْوَاحِدِ) الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ اتِّفَاقًا دُرَرٌ.
(وَفِي الْعَقْدِ لَا) تُقْبَلُ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى أَقَلَّ الْمَالَيْنِ أَوْ أَكْثَرَهُمْ عَزْمِي زَادَهْ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِشِرَاءِ عَبْدٍ أَوْ كِتَابَتِهِ عَلَى أَلْفٍ وَآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ رُدَّتْ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ الْعَقْدِ،
ــ
[رد المحتار]
نَقَلْنَاهُ عَنْهُ، فَإِنَّ الْخَمْسَةَ مَعْنَاهَا الْمُطَابِقُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَرْبَعَةِ بَلْ تَتَضَمَّنُهَا وَلِذَا لَمْ يَقْبَلْهَا الْإِمَامُ وَقَبِلَهَا صَاحِبَاهُ لِاكْتِفَائِهِمَا بِالتَّضَمُّنِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْإِمَامِ الِاتِّفَاقُ عَلَى لَفْظٍ بِعَيْنِهِ بَلْ إمَّا بِعَيْنِهِ أَوْ بِمُرَادِفِهِ، وَقَوْلُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ مُرَادُهُ بِهِ أَنَّ التَّوَافُقَ عَلَى لَفْظٍ بِعَيْنِهِ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ لَا مُطْلَقًا كَمَا ظُنَّ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ بِالْمُوَافَقَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ) فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ مَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ خَلِيَّةٌ وَالْآخَرُ أَنْتِ بَرِيَّةٌ لَا يَقْضِي بِبَيْنُونَةٍ أَصْلًا مَعَ إفَادَتِهِمَا مَعْنَاهَا، أُجِيبَ بِمَنْعِ التَّرَادُفِ بَلْ هُمَا مُتَبَايِنَانِ لِمَعْنَيَيْنِ يَلْزَمُهُمَا لَازِمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ وُقُوعُ الْبَيْنُونَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ لِاتِّحَادِ مَعْنَاهُمَا) أَيْ مُطَابَقَةً فَصَارَ كَأَنَّ اللَّفْظَ مُتَّحِدٌ أَيْضًا فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا بِالْإِقْرَارِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فِي قَوْلٍ مَعَ فِعْلٍ، بِخِلَافِ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلٍ وَفِعْلٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِجَمْعٍ بَيْنَ قَوْلٍ وَفِعْلٍ مُنْلَا عَلَيَّ التُّرْكُمَانِيِّ عَنْ الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ.
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا اتَّحَدَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ مَعَ قَوْلٍ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ بَلْ قَوْلَانِ، لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ وَالْإِقْرَارَ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا قَوْلٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.
(قَوْلُهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ) بِخِلَافِ الْعَشَرِ وَخَمْسَةَ عَشَرَ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ كَالْأَلْفَيْنِ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعَطْفِ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ) كَأَنْ يَقُولَ كَانَ لِي عَلَيْهِ كَمَا شَهِدَا إلَّا أَنَّهُ أَوْفَانِي كَذَا بِغَيْرِ عِلْمِهِ. وَفِي الْبَحْرِ: وَلَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى إثْبَاتِ التَّوْفِيقِ بِالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ يَتِمُّ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ بِالشِّرَاءِ فَشَهِدَ بِالْهِبَةِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ سَائِحَانِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا فِي الدَّيْنِ) أَيْ اشْتِرَاطُ الْمُوَافَقَةِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ لَفْظًا.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى إلَخْ) وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ دُرَرٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ كِتَابَتِهِ عَلَى أَلْفٍ) شَامِلٌ لِمَا إذَا ادَّعَاهَا الْعَبْدُ وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ مَقْصُودَهُ هُوَ الْعَقْدُ. وَلِمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمَوْلَى كَمَا زَادَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَلَى الْجَامِعِ قَالَ فِي الْفَتْحِ لِأَنَّ دَعْوَى السَّيِّدِ الْمَالَ عَلَى عَبْدِهِ لَا تَصِحُّ إذْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ إلَّا بِوَاسِطَةِ دَعْوَى الْكِتَابَةِ فَيَنْصَرِفُ إنْكَارُ الْعَبْدِ إلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَّا بِهِ فَالشَّهَادَةُ لَيْسَتْ إلَّا لِإِثْبَاتِهَا اهـ.
وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبَدَلِ فَلَمْ يَتِمَّ الْعَدَدُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ (وَمِثْلُهُ الْعِتْقُ بِمَالٍ وَالصُّلْحُ عَنْ قَوَدٍ وَالرَّهْنُ وَالْخُلْعُ إنْ ادَّعَى الْعَبْدُ وَالْقَاتِلُ وَالرَّاهِنُ وَالْمَرْأَةُ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ إذْ مَقْصُودُهُمْ إثْبَاتُ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ ادَّعَى الْآخَرُ) كَالْمَوْلَى مَثَلًا (فَكَدَعْوَى الدَّيْنِ) إذْ مَقْصُودُهُمْ الْمَالُ فَتُقْبَلُ عَلَى الْأَقَلِّ إنْ ادَّعَى الْأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ.
(وَالْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ) لَوْ (فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ) لِلْحَاجَةِ لِإِثْبَاتِ الْعَقْدِ (وَكَالدَّيْنِ بَعْدَهَا) لَوْ الْمُدَّعِي الْمُؤَجِّرَ، وَلَوْ الْمُسْتَأْجِرَ فَدَعْوَى
ــ
[رد المحتار]
وَفِي الْبَحْرِ وَالتَّبْيِينِ وَقِيلَ لَا تُفِيدُ بَيِّنَةُ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ فِي حَقِّ الْعَبْدِ لِتَمْكِينِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالتَّعْجِيزِ اهـ. وَجَزَمَ بِهَذَا الْقِيلِ الْعَيْنِيُّ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْجَامِعِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبَدَلِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يُبَيِّنَا الثَّمَنَ لَمْ تُقْبَلْ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ فِيمَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ بِالثَّمَنِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَذِكْرِ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ، وَمَا لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ بِهِ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ.
[تَنْبِيهٌ] فِي الْمَبْسُوطِ؛ وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ شِرَاءَ دَارٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، وَشَهِدَ شَاهِدَانِ وَلَمْ يُسَمِّيَا الثَّمَنَ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ الدَّعْوَى إنْ كَانَتْ بِصِفَةِ الشَّهَادَةِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ فَالشُّهُودُ لَمْ يَشْهَدُوا بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي. ثُمَّ الْقَاضِي يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ، وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالْعَقْدِ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مُسَمًّى لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ ابْتِدَاءً بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ فَكَذَلِكَ لَا يَظْهَرُ الْقَضَاءُ بِدُونِ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ، وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْضِيَ بِالثَّمَنِ حِينَ لَمْ يَشْهَدْ بِهِ الشُّهُودُ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يُسَمِّيَا ثَمَنًا وَلَمْ يَشْهَدَا بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ حَاجَةَ الْقَاضِي إلَى الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مُسَمًّى، وَإِنْ قَالَا أَقَرَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ وَاسْتَوْفَى الثَّمَنَ وَلَمْ يُسَمِّيَا الثَّمَنَ فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي دُونَ الْقَضَاءِ بِالْعَقْدِ فَقَدْ انْتَهَى حُكْمُ الْعَقْدِ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ.
(قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ) لَفْظُ كُلِّ مِمَّا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ سَعْدِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّ الرَّهْنَ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الدَّيْنِ.
وَتَعَقَّبَهُ فِي الْعِنَايَةِ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ بِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ بِأَلْفٍ غَيْرُهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَيَجِبُ أَنْ لَا تُقْبَلَ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْمُرْتَهِنَ لِأَنَّهُ كَذَّبَ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ حَيْثُ كَانَ لَهُ وِلَايَةُ الرَّدِّ مَتَى شَاءَ فَكَانَ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ لِدَعْوَى الدَّيْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ إلَّا بِدَيْنٍ فَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ كَمَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ وَيَثْبُتُ الرَّهْنُ بِالْأَلْفِ ضِمْنًا وَتَبَعًا اهـ. وَفِي الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ ذِكْرُ الرَّاهِنِ.
(قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى الْعَبْدُ) تَقْيِيدٌ لِمَسْأَلَةِ الْعِتْقِ بِمَالٍ فَقَطْ إنْ أَجْرَى قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ كِتَابَتِهِ عَلَى عُمُومِهِ مُوَافَقَةً لِمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَوَّلُهُمَا إنْ خُصَّ بِمَا إذَا ادَّعَى الْكِتَابَةَ الْعَبْدُ مُوَافَقَةً لِمَا فِي الْجَامِعِ وَلِمَا فِي الْعَيْنِيِّ.
(قَوْلُهُ فَكَدَعْوَى الدَّيْنِ) أَيْ الدَّيْنِ الْمُنْفَرِدِ عَنْ الْعَقْدِ سَعْدِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ إذْ مَقْصُودُهُمْ الْمَالُ) لِأَنَّهُ ثَبَتَ الْعِتْقُ وَالْعَقْدُ وَالطَّلَاقُ بِاعْتِرَافِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَلَمْ تَبْقَ الدَّعْوَى إلَّا فِي الدَّيْنِ فَتْحٌ. زَادَ فِي الْإِيضَاحِ: وَفِي الرَّهْنِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الرَّاهِنَ لَا تُقْبَلْ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ فِي الرَّهْنِ فَعَرِيَتْ الشَّهَادَةُ عَنْ الدَّعْوَى، وَإِنْ كَانَ الْمُرْتَهِنَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَى الدَّيْنِ اهـ. وَفِي الْيَعْقُوبِيَّةِ: وَذِكْرُ الرَّاهِنِ فِي الْيَمِينِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي.
(قَوْلُهُ عَلَى الْأَقَلِّ) أَيْ اتِّفَاقًا إنْ شَهِدَ شَاهِدُ الْأَكْثَرِ بِعَطْفٍ مِثْلِ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِدُونِهِ كَالْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ الْعَقْدِ) وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبَدَلِ فَلَا تَثْبُتُ الْإِجَارَةُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَكَالدَّيْنِ) إذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ بَعْدَ الْمُدَّةِ إلَّا الْأَجْرَ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ بَعْدَهَا) اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ
عَقْدٍ اتِّفَاقًا (وَصَحَّ النِّكَاحُ) بِالْأَقَلِّ أَيْ (بِأَلْفٍ) مُطْلَقًا (اسْتِحْسَانًا) خِلَافًا لَهُمَا (وَلَزِمَ) فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ (الْجَرُّ بِشَهَادَةِ إرْثٍ) بِأَنْ يَقُولَا مَاتَ وَتَرَاكَهُ مِيرَاثًا لِلْمُدَّعِي (إلَّا أَنْ يَشْهَدَا بِمِلْكِهِ) عِنْدَ مَوْتِهِ (أَوْ يَدِهِ أَوْ يَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) كَمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَغَاصِبٍ وَمُودِعٍ فَيُغْنِي ذَلِكَ عَنْ الْجَرِّ، لِأَنَّ الْأَيْدِيَ عِنْدَ الْمَوْتِ تَنْقَلِبُ يَدَ مِلْكٍ بِوَاسِطَةِ الضَّمَانِ، فَإِذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ ثَبَتَ الْجَرُّ ضَرُورَةً (وَلَا بُدَّ مَعَ الْجَرِّ) الْمَذْكُورِ (مِنْ بَيَانِ
ــ
[رد المحتار]
أَوْ لَا بَعْدَ أَنْ تَسَلَّمَ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ عَقْدٍ اتِّفَاقًا) لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِمَالِ الْإِجَارَةِ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا اعْتَرَفَ بِهِ فَلَا يَعْتَبِرُ اتِّفَاقَ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ اخْتِلَافَهُمَا فِيهِ، وَلَا يَثْبُتُ الْعَقْدُ لِلِاخْتِلَافِ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ ادَّعَى الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ الْأَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ هَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) حَيْثُ قَالَا هِيَ بَاطِلَةٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَالَ فِي النِّكَاحِ تَابِعٌ وَالْأَصْلَ فِيهِ الْحِلُّ وَالْمِلْكُ وَالِازْدِوَاجُ، وَلَا اخْتِلَافَ فِيمَا هُوَ الْأَصْلُ فَيَثْبُتُ، فَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي التَّبَعِ يَقْضِي بِالْأَقَلِّ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ فِي صِحَّةِ الشَّهَادَةِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ كَلَامٍ: وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْجَرَّ شَرْطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى لَا كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطُ الْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ فَقَطْ اهـ. أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ فِي الدَّعْوَى مَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الشَّهَادَةِ.
(قَوْلُهُ الْجَرُّ) أَيْ النَّقْلُ: أَيْ أَنْ يَشْهَدَا بِالِانْتِقَالِ، وَذَلِكَ إمَّا نَصًّا كَمَا صَوَّرَهُ الشَّارِحُ أَوْ بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ إثْبَاتِ الْمِلْكِ لِلْمَيِّتِ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ إثْبَاتِ يَدِهِ أَوْ يَدِ نَائِبِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَا إلَخْ. وَهَذَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ شَيْئًا، وَيَظْهَرُ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ الْمَيِّتِ بِلَا زِيَادَةٍ وَطُولِبَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَا لِحَيٍّ أَنَّهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ تُقْبَلُ.
وَالْفَرْقُ مَا فِي الْفَتْحِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي. قَالَ مُجَرِّدُ هَذِهِ الْحَوَاشِي: وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى قَوْلِهِ الْجَرُّ هَامِشَةً وَعَلَيْهَا أَثَرُ الضَّرْبِ، لَكِنِّي لَمْ أَتَحَقَّقْهُ فَأَحْبَبْت ذِكْرَهَا وَإِنْ كَانَتْ مَفْهُومَةً مِمَّا قَبْلَهَا فَقَالَ: قَوْلُهُ الْجَرُّ هَذَا عِنْدَهُمَا لِأَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ مُتَجَدِّدٌ إلَّا أَنَّهُ يَكْتَفِي بِالشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ وَقْتَ الْمَوْتِ لِثُبُوتِ الِانْتِقَالِ ضَرُورَةً وَكَذَا يَدُهُ أَوْ يَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ: إنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ مِلْكُ الْمُوَرِّثِ فَصَارَتْ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لِلْمُوَرِّثِ شَهَادَةً لِلْوَارِثِ، فَالْجَرُّ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ إثْبَاتِ مِلْكِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ يَدِهِ أَوْ يَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَإِذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَتْ لِمُوَرِّثِهِ لَا يَقْضِي لَهُ وَهُوَ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ، بِخِلَافِ الْحَيِّ إذَا أَثْبَتَ أَنَّ الْعَيْنَ كَانَتْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِهَا اعْتِبَارًا لِلِاسْتِصْحَابِ إذْ الْأَصْلُ الْبَقَاءُ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ إرْثٍ) بِأَنْ ادَّعَى الْوَارِثُ عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهَا مِيرَاثُ أَبِيهِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَشَهِدَا أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ لِأَبِيهِ لَا يَقْضِي لَهُ حَتَّى يَجُرَّا الْمِيرَاثَ بِأَنْ يَقُولَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ بِمِلْكِهِ) أَيْ الْمُوَرِّثِ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ) لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ كَمَا عَلِمْتَ، وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَيْدِيَ) تَعْلِيلٌ لِلِاسْتِغْنَاءِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى يَدِ الْمَيِّتِ عَنْ الْجَرِّ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ يَدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَإِنْ كَانَتْ يَدَ مِلْكٍ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ مِلْكَهُ أَوْ أَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى الْوَارِثِ فَيَثْبُتُ الِانْتِقَالُ ضَرُورَةً كَمَا لَوْ شَهِدَا بِالْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَتْ يَدَ أَمَانَةٍ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لِأَنَّ الْأَيْدِيَ فِي الْأَمَانَاتِ عِنْدَ الْمَوْتِ تَنْقَلِبُ يَدَ مِلْكٍ بِوَاسِطَةِ الضَّمَانِ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِتَرْكِهِ الْحِفْظَ وَالْمَضْمُونَ يَمْلِكُهُ الضَّامِنُ عَلَى مَا عُرِفَ فَيَكُونُ إثْبَاتُ الْيَدِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إثْبَاتًا لِلْمِلْكِ، وَتَرْكُ تَعْلِيلِ الِاسْتِغْنَاءِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى يَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ لِظُهُورِهِ لِأَنَّ إثْبَاتَ يَدِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إثْبَاتُ يَدِهِ فَيُغْنِي إثْبَاتُ الْمِلْكِ وَقْتَ الْمَوْتِ عَنْ ذِكْرِ الْجَرِّ فَاكْتَفَى بِهِ عَنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مَعَ الْجَرِّ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ الْوِرَاثَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيَنْسُبَا الْمَيِّتَ وَالْوَارِثَ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَيَذْكُرَا أَنَّهُ وَارِثُهُ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ قَوْلُهُ وَوَارِثُهُ فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْوَلَدِ؟ قِيلَ يُشْتَرَطُ وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِهِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَا يُحْجَبُ
سَبَبِ الْوِرَاثَةِ وَ) بَيَانِ (أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا) وَنَحْوِ ذَلِكَ ظَهِيرِيَّةٌ، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ (وَ) هُوَ (قَوْلُ الشَّاهِدِ لَا وَارِثَ) أَوْ لَا أَعْلَمُ (لَهُ) وَارِثًا (غَيْرَهُ) وَرَابِعٌ، وَهُوَ أَنْ يُدْرِكَ الشَّاهِدُ الْمَيِّتَ وَإِلَّا فَبَاطِلَةٌ لِعَدَمِ مُعَايَنَةِ السَّبَبِ ذَكَرَهُمَا الْبَزَّازِيُّ (وَذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنْ شَهِدَا بِيَدِ حَيٍّ) سَوَاءٌ قَالَا (مُذْ شَهْرٍ) أَوْ لَا (رُدَّتْ) لِقِيَامِهَا بِمَجْهُولٍ لِتَنَوُّعِ يَدِ الْحَيِّ (بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَهُ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي) دَفَعَ لِلْمُدَّعِي لِمَعْلُومِيَّةِ الْإِقْرَارِ، وَجَهَالَةُ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تُبْطِلُ الْإِقْرَارَ: وَالْأَصْلُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ الْمُنْقَضِي مَقْبُولَةٌ لَا بِالْيَدِ الْمُنْقَضِيَةِ
ــ
[رد المحتار]
بِحَالٍ، وَفِي الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِ الْمَيِّتِ أَوْ بِنْتُ ابْنِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَفِي أَنَّهُ مَوْلَاهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ اهـ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الشَّرْطَ مَتْنًا وَلَا شَرْحًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَرَّ مَعَ الشَّرْطِ الثَّالِثِ يُغْنِي عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَانْظُرْ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الشَّهَادَاتِ.
(قَوْلُهُ سَبَبِ الْوِرَاثَةِ) وَهُوَ أَنَّهُ أَخُوهُ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ ابْنُهُ وَلَمْ يَقُولُوا وَوَارِثُهُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي، كَمَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى أَنْ يُفَسِّرَ فَيَقُولَ عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ وَوَارِثُهُ، وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا بُدَّ لِلشُّهُودِ مِنْ نِسْبَةِ الْمَيِّتِ وَالْوَارِثِ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْأَخِ وَالْجَدِّ اهـ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ وَارِثًا غَيْرَهُ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ لِمُوَرِّثِهِ تَرَكَهُ مِيرَاثًا لَهُ وَلَمْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرِثُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ لَا يَقْضِي لِاحْتِمَالِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ، أَوْ يَرِثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَحْتَاطُ الْقَاضِي وَيَنْتَظِرُ مُدَّةً هَلْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ أَوْ لَا. قَالَ مُجَرِّدُهَا: هَذَا بَيَاضٌ تَرَكَهُ الْمُؤَلِّفُ وَنَقَطَ عَلَيْهِ لِتَوَقُّفِهِ فِي فَهْمِهِ مِنْ نُسْخَةِ الْفَتْحِ الْحَاضِرَةِ عِنْدَهُ فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ أُخْرَى يَقْضِي بِكُلِّهِ، وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ يَخْتَلِفُ فِي الْأَحْوَالِ يَقْضِي بِالْأَقَلِّ، فَيَقْضِي فِي الزَّوْجِ بِالرُّبْعِ وَالزَّوْجَةِ بِالثُّمُنِ إلَّا أَنْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَقْضِي بِالْأَكْثَرِ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَيَأْخُذُ الْقَاضِي كَفِيلًا عِنْدَهُمَا، وَلَوْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا بِهَذَا الْمَوْضِعِ كَفَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا اهـ وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ قُبَيْلَ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، وَذَكَرَهَا فِي السَّادِسِ وَالْخَمْسِينَ مِنْ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ مُنَوَّعَةً ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ فَارْجِعْ إلَيْهِ، وَلَخَّصَهَا هُنَاكَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بِمَا فِيهِ خَفَاءٌ، وَقَدْ عُلِمَ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَارِثَ إنْ كَانَ مِمَّنْ قَدْ يُحْجَبُ حَجْبَ حِرْمَانٍ فَذِكْرُ هَذَا الشَّرْطِ لِأَصْلِ الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ قَدْ يُحْجَبُ حَجْبَ نُقْصَانٍ فَذِكْرُهُ شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ بِالْأَكْثَرِ، وَإِنْ كَانَ وَارِثًا دَائِمًا وَلَا يَنْقُصُ بِغَيْرِهِ فَذِكْرُهُ شَرْطٌ لِلْقَضَاءِ حَالًّا بِدُونِ تَلَوُّمٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ مُعَايَنَةِ السَّبَبِ) وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمِلْكِ لَا تَجُوزُ بِالتَّسَامُعِ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ الْبَزَّازِيُّ) وَكَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ وَذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ) حَتَّى لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ وَوَارِثُهُ وَلَمْ يُسَمَّ الْمَيِّتُ تُقْبَلُ بَزَّازِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ رُدَّتْ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ تُقْبَلُ.
(قَوْلُهُ يَدِ الْحَيِّ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكًا لَهُ أَوْ وَدِيعَةً مَثَلًا، وَإِذَا كَانَتْ وَدِيعَةً مَثَلًا تَكُونُ بَاقِيَةً عَلَى حَالِهَا، أَمَّا الْمَيِّتُ فَتَنْقَلِبُ مِلْكًا لَهُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لَهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَهُ) أَيْ لَوْ شَهِدَا لِمُدَّعِي مِلْكِ عَيْنٍ فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ الْمُدَّعِي يَقْضِي بِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدَا أَنَّهَا مِلْكُهُ إلَى الْآنَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ الْمَيِّتِ فَإِنَّهَا تُرَدُّ مَا لَمْ يَشْهَدَا بِأَنَّهَا مِلْكُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَنُصَّا عَلَى ثُبُوتِ مِلْكِهِ حَالَةَ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِصْحَابِ وَالثَّابِتُ بِهِ حُجَّةٌ لِإِبْقَاءِ الثَّابِتِ لَا لِإِثْبَاتِ مَا لَمْ يَكُنْ وَهُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْوَارِثِ، بِخِلَافِ مُدَّعِي الْعَيْنِ فَإِنَّ الثَّابِتَ بِالِاسْتِصْحَابِ بَقَاءُ مِلْكِهِ لَا تَجَدُّدُهُ.
(قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِيَدِ الْحَيِّ أَوْ مِلْكِهِ وَمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّانِي فَقَدْ قَصَّرَ.
(قَوْلُهُ دُفِعَ لِلْمُدَّعِي) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لِلْمُدَّعِي كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ.