الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْبُيُوعُ الْفَاسِدَةُ فَكُلُّهَا مِنْ الرِّبَا فَيَجِبُ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا لَوْ قَائِمًا لَا رَدُّ ضَمَانِهِ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ قُنْيَةٌ وَبَحْرٌ (خَالٍ عَنْ عِوَضٍ) .
خَرَجَ مَسْأَلَةُ صَرْفِ الْجِنْسِ بِخِلَافِ جِنْسِهِ (بِمِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ) وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ فَلَيْسَ الذَّرْعُ وَالْعَدُّ بِرِبًا
ــ
[رد المحتار]
وَسَيَأْتِي بَيَانُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ آخِرَ الْبَابِ (قَوْلُهُ وَالْبُيُوعُ الْفَاسِدَة إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ الْبَحْرَ عَنْ الْبِنَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ لَيْسَ فِيهِ فَضْلٌ خَالٍ عَنْ عِوَضٍ كَبَيْعِ مَا سَكَتَ فِيهِ عَنْ الثَّمَنِ، وَبَيْعِ عَرْضٍ بِخَمْرٍ أَوْ بِأُمِّ وَلَدٍ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ وَيُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، وَكَذَا بَيْعُ جِذْعٍ مِنْ سَقْفٍ وَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ، وَثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ وَالْبَيْعُ إلَى النَّيْرُوزِ وَنَحْوُهُ ذَلِكَ مِمَّا سَبَبُ الْفَسَادِ فِيهِ الْجَهَالَةُ، أَوْ الضَّرَرُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ نَعَمْ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِي الْفَسَادِ بِسَبَبِ شَرْطٍ فِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَلَا يُلَائِمُهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ قُبَيْلَ بَابِ الصَّرْفِ فِي بَحْثِ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ حَيْثُ قَالَ: وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ لَا مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ أَوْ كَانَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ، لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ مِنْ بَابِ الرِّبَا، وَهُوَ يَخْتَصُّ بِالْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ وَالتَّبَرُّعَاتِ، لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الْفَضْلُ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ، وَحَقِيقَةُ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ هِيَ زِيَادَةُ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ فَيَكُونُ فِيهِ فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ وَهُوَ الرِّبَا بِعَيْنِهِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ فَيَجِبُ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا لَوْ قَائِمًا لَا رَدُّ ضَمَانِهِ إلَخْ) يَعْنِي وَإِنَّمَا يَجِبُ رَدُّ ضَمَانِهِ لَوْ اسْتَهْلَكَهُ، وَفِي التَّفْرِيعِ خَفَاءٌ، لِأَنَّ الْمَذْكُورَ قَبْلَهُ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ مِنْ جُمْلَةِ الرِّبَا، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ ذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ الرِّبَا مِنْ جُمْلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، لِأَنَّ حُكْمَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَيَجِبُ رَدُّهُ لَوْ قَائِمًا وَرَدُّ مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ لَوْ مُسْتَهْلَكًا.
[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]
وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ مَا حَاصِلُهُ: أَنَّ شَيْخَ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ أَفْتَى فِيمَنْ كَانَ يَشْتَرِي الدِّينَارَ الرَّدِيءَ بِخَمْسَةِ دَوَانِقَ ثُمَّ أَبْرَأَهُ غُرَمَاؤُهُ عَنْ الزَّائِدِ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ بِأَنَّهُ يَبْرَأُ، وَوَافَقَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ، وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِقَوْلِ الْبَزْدَوِيِّ: إنَّ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ جُمْلَةُ الْعُقُودِ الرِّبَوِيَّةِ يُمْلَكُ الْعِوَضُ فِيهَا بِالْقَبْضِ وَخَالَفَهُ بَعْضُهُمْ قَائِلًا إنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَعْمَلُ فِي الرِّبَا لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ، وَأَيَّدَ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الزَّائِدَ إذَا مَلَكَهُ الْقَابِضُ بِالْقَبْضِ وَاسْتَهْلَكَهُ وَضَمِنَ مِثْلَهُ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ وَلَزِمَهُ رَدُّ مِثْلِ مَا اسْتَهْلَكَهُ لَا يَرْتَفِعُ الْعَقْدُ السَّابِقُ بَلْ يَتَقَرَّرُ مُفِيدًا لِلْمِلْكِ فِي الزَّائِدِ، فَلَمْ يَكُنْ فِي رَدِّهِ فَائِدَةَ نَقْضِ عَقْدِ الرِّبَا لِيَجِبَ حَقًّا لِلشَّرْعِ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ حَقًّا لِلشَّرْعِ رَدُّ عَيْنِ الرِّبَا لَوْ قَائِمًا لَا رَدُّ ضَمَانِهِ اهـ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي النَّهْرِ.
قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِيهِ حَقَّيْنِ حَقَّ الْعَبْدِ وَهُوَ رَدُّ عَيْنِهِ لَوْ قَائِمًا وَمِثْلِهِ لَوْ هَالِكًا وَحَقَّ الشَّرْعِ وَهُوَ رَدُّ عَيْنِهِ لِنَقْضِ الْعَقْدِ الْمَنْهِيِّ شَرْعًا وَبَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ لَا يَتَأَنَّى رَدَّ عَيْنِهِ فَتَعَيَّنَ رَدُّ الْمِثْلِ وَهُوَ مَحْضُ حَقِّ الْعَبْدِ وَيَصِحُّ إبْرَاءُ الْعَبْدِ عَنْ حَقِّهِ فَقَوْلُ ذَلِكَ الْبَعْضِ إنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَعْمَلُ فِي الرِّبَا لِأَنَّ رَدَّهُ لِحَقٍّ الشَّرْعِ إنَّمَا يَصِحُّ قَبْلَ الِاسْتِهْلَاكِ وَالْكَلَامُ فِيمَا بَعْدَهُ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ رَدِّ عَيْنِهِ لَوْ قَائِمًا فِيمَا لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الزَّائِدِ أَمَّا لَوْ بَاعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَزَادَهُ دَانِقًا وَهَبَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ خَرَّجَ مَسْأَلَةَ صَرْفِ الْجِنْسِ بِخِلَافِ جِنْسِهِ) كَبَيْعِ كُرِّ بُرٍّ وَكُرِّ شَعِيرٍ بِكُرَّيْ بُرٍّ وَكُرَّيْ شَعِيرٍ، فَإِنَّ لِلثَّانِي فَضْلًا عَلَى الْأَوَّلِ لَكِنَّهُ غَيْرُ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ لِصَرْفِ الْجِنْسِ لِخِلَافِ جِنْسِهِ وَالْمَمْنُوعُ فَضْلُ الْمُتَجَانِسَيْنِ (قَوْلُهُ بِمِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفِ صِفَةٍ لِفَضْلٍ أَوْ خَالٍ مِنْهُ وَلَوْ أَسْقَطَ هَذَا الْقَيْدَ لَشَمِلَ التَّعْرِيفُ رِبَا النَّسَاءِ، وَيُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الذَّرْعِ وَالْعَدِّ بِالتَّصْرِيحِ بِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الذَّرْعُ وَالْعَدُّ بِرِبًا) أَيْ بِذِي رِبًا أَوْ بِمِعْيَارِ رِبًا فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ الذَّرْعُ وَالْعَدُّ بِمَعْنَى الْمَذْرُوعِ وَالْمَعْدُودِ: أَيْ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِمَا رِبًا
مَشْرُوطٍ) ذَلِكَ الْفَضْلُ (لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) أَيْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ فَلَوْ شُرِطَ لِغَيْرِهِمَا فَلَيْسَ بِرِبًا بَلْ بَيْعًا فَاسِدًا (فِي الْمُعَاوَضَةِ) فَلَيْسَ الْفَضْلُ فِي الْهِبَةِ بِرِبًا فَلَوْ شَرَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِضَّةٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَزَادَ دَانَقًا إنْ وُهِبَهُ مِنْهُ انْعَدَمَ الرِّبَا وَلَمْ يَفْسُدْ الشِّرَاءُ وَهَذَا إنْ ضَرَّهَا الْكَسْرُ لِأَنَّهَا هِبَةُ مَشَاعٍ لَا يُقَسَّمُ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَفِي صَرْفِ الْمَجْمَعِ أَنَّ صِحَّةَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ قَوْلُ الْإِمَامِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا أَجَازَ الْحَطَّ وَجَعَلَهُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً كَحَطِّ كُلِّ الثَّمَنِ وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ قَالَ ابْنُ مَلَكٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا خَفِيٌّ عِنْدِي
ــ
[رد المحتار]
وَالْمُرَادُ رِبَا الْفَضْلِ لِتَحَقُّقِ رِبَا النَّسِيئَةِ، فَلَوْ بَاعَ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْهَرَوِيِّ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْهُ أَوْ بَيْضَةً بِبَيْضَتَيْنِ جَازَ لَوْ يَدًا بِيَدٍ لَا لَوْ نَسِيئَةً لِأَنَّ وُجُودَ الْجِنْسِ فَقَطْ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ لَا الْفَضْلَ كَوُجُودِ الْقَدْرِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ مَشْرُوطٍ) تَرْكُهُ أَوْلَى فَإِنَّهُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ تَحَقُّقَ الرِّبَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَدُّ لَا يَتِمُّ بِالْعِنَايَةِ قُهُسْتَانِيٌّ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ بِلَا شَرْطٍ رِبًا أَيْضًا لَا أَنْ يَهَبَهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ أَيْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ) أَيْ مِثْلًا فَمِثْلُهُمَا الْمُقْرَضَانِ وَالرَّاهِنَانِ قُهُسْتَانِيٌّ قَالَ: وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا شَرَطَ الِانْتِفَاعَ بِالرَّهْنِ كَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوبِ وَالزِّرَاعَةِ وَاللُّبْسِ وَشُرْبِ اللَّبَنِ وَأَكْلُ الثَّمَرِ فَإِنَّ الْكُلَّ رِبًا حَرَامٌ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالنُّتَفِ اهـ ط (قَوْلُهُ فَلَوْ شُرِطَ لِغَيْرِهِمَا فَلَيْسَ بِرِبًا) عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا حَقَّقْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْبُيُوعَ الْفَاسِدَةَ لَيْسَتْ كُلُّهَا مِنْ الرِّبَا بَلْ مَا فِيهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ فِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ بَلْ بَيْعًا فَاسِدًا) عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ خَبَرِ لَيْسَ ط، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ أَنَّ الْأَظْهَرَ الْفَسَادُ بِشَرْطِ النَّفْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْفَضْلُ فِي الْهِبَةِ بِرِبًا) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا ط عَنْ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك كَذَا بِشَرْطِ أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا فَإِنَّ هَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ لَا تَبْطُلُ الْهِبَةُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الصَّرْفِ، وَظَاهِرُ مَا هُنَا أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ بَأْسٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ شَرَى إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ مَشْرُوطٍ (قَوْلُهُ وَزَادَهُ دَانِقًا) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الشِّرَاءِ كَمَا هُوَ فِي عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ الْمَنْقُولِ عَنْهَا، فَلَوْ مَشْرُوطًا وَجَبَ رَدُّهُ لَوْ قَائِمًا كَمَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ.
ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَزَادَهُ بِضَمِيرِ الْمَذْكُورِ يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ مَقْصُودَةٌ وَذَكَرَ ح أَنَّ الَّذِي فِي الْمِنَحِ زَادَتْ بِالتَّاءِ أَيْ زَادَتْ الدَّرَاهِمُ وَمَفَادُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ لَكِنْ الَّذِي رَأَيْته فِي الْمِنَحِ عَنْ الذَّخِيرَةِ بِدُونِ تَاءٍ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْهَا وَكَذَا رَأَيْته فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ انْعِدَامُ الرِّبَا بِسَبَبِ الْهِبَةِ إنْ ضَرَّهَا أَيْ الدَّرَاهِمَ الْكَسْرُ فَلَوْ لَمْ يَضُرَّهَا الْكَسْرُ لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ إلَّا بِقِسْمَةِ الدَّانِقِ وَتَسْلِيمِهِ لِإِمْكَانِ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ وَفِي صَرْفِ الْمَجْمَعِ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْحَطِّ عَنْ بَدَلِ الصَّرْفِ وَالزِّيَادَةِ فِيهِ سَوَّى أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا وَالْتِحَاقِهِمَا بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَبِفَسَادِ الْعَقْدِ بِتَسْمِيَتِهَا، وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ سَوَّى بَيْنَهُمَا أَيْ فَأَبْطَلَهُمَا وَلَمْ يَجْعَلْ شَيْئًا مِنْهُمَا هِبَةً مُبْتَدَأَةً، وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَصَحَّحَ الْحَطَّ هِبَةً مُبْتَدَأَةً دُونَ الزِّيَادَةِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْحَطِّ مَعْنَى الْهِبَةِ لِأَنَّ الْمَحْطُوطَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمَحْطُوطِ عَنْهُ بِلَا عِوَضٍ، بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ إذْ لَوْ صَحَّتْ تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَبِأَخْذِ حِصَّةٍ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، وَالتَّمْلِيكُ بِلَا عِوَضٍ لَا يَصِحُّ كِنَايَةً عَنْ التَّمْلِيكِ بِعِوَضٍ فَلِذَا افْتَرَقَا اهـ.
قُلْت: وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْحَطَّ إسْقَاطٌ بِلَا عِوَضٍ فَيُجْعَلُ كِنَايَةً عَنْ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ أَيْضًا، بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَعَ بَاقِي الثَّمَنِ عِوَضًا عَنْ الْمَبِيعِ، فَكَانَتْ تَمْلِيكًا بِعِوَضٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا كِنَايَةً عَنْ الْهِبَةِ فَلِذَا أَبْطَلَهَا (قَوْلُهُ كَحَطِّ كُلِّ الثَّمَنِ) وَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ حَطَّ كُلِّ الثَّمَنِ لَوْ لَمْ يَجْعَلْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً الْتَحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَأَفْسَدَهُ لِبَقَائِهِ بِلَا ثَمَنٍ وَكَذَا الْحَطُّ هُنَا فَإِنَّهُ لَوْ الْتَحَقَ يَفُوتُ التَّمَاثُلُ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ فَلِذَا جَعَلَ هِبَةً مُبْتَدَأً (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا خَفِيٌّ عِنْدِي) قَدْ أَسْمَعْنَاك الْفَرْقَ وَقَالَ ح: قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ: وَلَكِنَّهُ ظَاهِرٌ عِنْدِي، لِأَنَّ مِنْ الْحَطِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ لَا يَلْحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ
قَالَ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ وَأَحَدُهُمَا أَكْثَرُ وَزْنًا فَحَلَّلَهُ زِيَادَتَهُ جَازَ لِأَنَّهُ هِبَةُ مَشَاعٍ لَا يُقَسَّمُ وَلَوْ بَاعَ قِطْعَةَ لَحْمٍ بِلَحْمٍ أَكْثَرَ وَزْنًا فَوَهَبَهُ الْفَضْلَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ هِبَةُ مَشَاعٍ يُقَسَّمُ
قُلْت: وَمَا قَدَّمْنَا عَنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهِ فَالْكُلُّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ وَالْعَقْدِ صَحِيحٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَكَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ سِوَى الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ لِعَدَمِ التَّسَاوِي فَلْيُحْفَظْ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا.
(وَعِلَّتُهُ) أَيْ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ (الْقَدْرُ)
ــ
[رد المحتار]
وَيَجْعَلُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ حَطُّ جَمِيعِ الثَّمَنِ فَكَانَ الْبَعْضُ كَالْكُلِّ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مُلْحَقَةً بِالْعَقْدِ وَبِذَلِكَ يَفُوتُ التَّسَاوِي اهـ (قَوْلُهُ قَالَ وَفِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) أَيْ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ نَاقِلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ فَإِنَّ قَوْلَ الْخُلَاصَةِ فَحَلَّلَهُ أَيْ وَهَبَهُ زِيَادَتَهُ جَازَ يُفِيدُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْمَجْمَعِ وَتَأْيِيدٌ لِكَلَامِ شَارِحِهِ ابْنِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فَإِنَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ وُهِبَهُ مِنْهُ انْعَدَمَ الرِّبَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ زِيَادَةَ الدَّانِقِ صَحِيحَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَيُنَافِي قَوْلَ الْمَجْمَعِ إنَّهُ أَجَازَ الْحَطَّ وَأَبْطَلَ الزِّيَادَةَ.
أَقُولُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ صَرِيحٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَا فِي عَدَمِهِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ وُهِبَهُ مِنْهُ انْعَدَمَ الرِّبَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ بِدُونِ الْهِبَةِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْحَطَّ وَالزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ غَيْرُ الْهِبَةِ وَلِذَا يَلْتَحِقَانِ بِالْعَقْدِ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ فَصْلِ الْقَرْضِ، فَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدَفَعَ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَإِنْ جَعَلَ الْخَمْسَةَ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ وَقَبِلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَالْتَحَقَتْ بِأَصْلِ الْعَقْدِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَإِنْ جَعَلَ الْخَمْسَةَ هِبَةً لَمْ تَصِرْ زِيَادَةً فِي الثَّمَنِ. بَلْ تَكُونُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً فَيُرَاعَى لَهَا شُرُوطُ الْهِبَةِ. مِنْ الْإِفْرَازِ وَالتَّسْلِيمِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَوْ لَا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ لَيْسَ مِنْ بَابِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً حَتَّى اشْتَرَطَ لَهَا شَرْطَ الْهِبَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَهَذَا إنْ ضَرَّهَا الْكَسْرُ إلَخْ وَمِثْلُهُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ مَالِكٍ عَنْ الْخُلَاصَةِ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ زِيَادَةً، وَإِنَّمَا يَصِحُّ هِبَةً بِشُرُوطِهَا وَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِقَوْلِ الْمَجْمَعِ إنَّ مُحَمَّدًا أَبْطَلَ الزِّيَادَةَ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ مُحَمَّدًا أَجَازَ هُنَا الْحَطَّ دُونَ الزِّيَادَةِ لَكِنَّهُ يَجْعَلُ الْحَطَّ هِبَةً مُبْتَدَأَةً لَا حَطًّا حَقِيقَةً لِئَلَّا يَفْسُدَ الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَقَدْ أَبْطَلَهَا لِأَنَّهَا لَوْ الْتَحَقَتْ بِالْعَقْدِ أَفْسَدَتْهُ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا كِنَايَةً عَنْ الْهِبَةِ لِمَا مَرَّ فَلِذَا بَطَلَتْ إلَّا إذَا وَهَبَهُ الزِّيَادَةَ صَرِيحًا، وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا الصَّرْفُ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ إنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِمَكَانِ الرِّبَا فَإِذَا وُهِبَ الدَّانِقَ مِنْهُ فَقَدْ انْعَدَمَ الرِّبَا اهـ هَكَذَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ هَذَا الْمَحِلُّ فَافْهَمْ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مَشْرُوطَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ، فَلَوْ مَشْرُوطَةً وَوَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْكُلِّ وَجَبَ نَقْضُ الْعَقْدِ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَلَا تُؤَثِّرُ الْهِبَةُ وَالْإِبْرَاءُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ كَمَا مَرَّ تَحْرِيرُهُ عَنْ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ التَّنَافِي بَيْنَ الْعِبَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَعَلِمْت عَدَمَهُ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا تَصِحُّ إذَا صَرَّحَ بِكَوْنِهَا هِبَةً فَتَكُونُ هِبَةً بِشُرُوطِهَا وَمَعَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ فَيَفْسُدُ) لِأَنَّ الزِّيَادَةَ وَالْحَطَّ يَصِحَّانِ عِنْدَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِمَا لَا بِمَعْنَى الْهِبَةِ وَإِذَا صَحَّا الْتَحَقَا بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَيَفْسُدُ لِعَدَمِ التَّسَاوِي.
(قَوْلُهُ وَعِلَّتُهُ) الْعِلَّةُ لُغَةً الْمَرَضُ الشَّاغِلُ. وَاصْطِلَاحًا مَا يُضَافُ إلَيْهِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَيْ عِلَّةُ تَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ) كَذَا فُسِّرَ الضَّمِيرُ فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: أَيْ عِلَّةُ الرِّبَا لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَذْكُورَ سَابِقًا لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ لَفْظُ تَحْرِيمِ فَافْهَمْ، وَأَرَادَ بِالزِّيَادَةِ الْحَقِيقِيَّةَ كَمَا فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَيْ الزِّيَادَةِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمُرَادِ بِهَا هُنَا مَا يَشْمَلُ الْحُكْمِيَّةَ:
الْمَعْهُودُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ (مَعَ الْجِنْسِ فَإِنْ وُجِدَا حَرُمَ الْفَضْلُ) أَيْ الزِّيَادَةُ (وَالنَّسَاءُ) بِالْمَدِّ التَّأْخِيرُ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُ قَفِيزِ بُرٍّ بِقَفِيزٍ مِنْهُ مُتَسَاوِيًا وَأَحَدُهُمَا نَسَاءٌ (وَإِنْ عَدِمَا) بِكَسْرِ الدَّالِ مِنْ بَابِ عَلِمَ ابْنُ مَالِكٍ (حَلَّا) كَهَرَوِيٍّ بِمَرْوِيَّيْنِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ (وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْقَدْرُ وَحْدَهُ أَوْ الْجِنْسُ (حَلَّ الْفَضْلُ وَحَرُمَ النِّسَاءُ) وَلَوْ مَعَ التَّسَاوِي، حَتَّى لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدٍ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ لِوُجُودِ الْجِنْسِيَّةِ
ــ
[رد المحتار]
وَهِيَ الْأَجَلُ فَفِيهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُدْخِلْهَا فِي التَّعْرِيفِ كَمَا بَيَّنَّاهُ، فَالْمُتَبَادِرُ إرَادَةُ الزِّيَادَةِ الْمُعَرِّفَةِ وَهِيَ الْحَقِيقِيَّةُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ الْقَدْرُ مَعَ الْجِنْسِ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيَّةِ، لِأَنَّ عِلَّةَ الْحُكْمِيَّةِ أَحَدُهُمَا كَمَا بَيَّنَهُ بَعْدَهُ فَقَدْ عَرَّفَ الْحَقِيقِيَّةَ، وَبَيَّنَ عِلَّتَهَا لِكَوْنِهَا هِيَ الْمُتَبَادِرَةُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ثُمَّ ذَكَرَ عِلَّةَ الْحُكْمِيَّةِ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ الْمَعْهُودُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ) أَشَارَ إلَى مَا فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ مِنْ أَنَّ أَلْ فِي الْقَدْرُ لِلْعَهْدِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ بِشُمُولِهِ الذَّرْعَ وَالْعَدَّ، لَكِنْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعِلَّتُهُ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ لِكَوْنِهِ أَوْضَحَ وَلِئَلَّا يَرِدَ مَا نَذْكُرُهُ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ.
[تَنْبِيهٌ] : مَا يُنْسَبُ إلَى الرِّطْلِ فَهُوَ وَزْنِيٌّ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: مَعْنَاهُ مَا يُبَاعُ بِالْأَوَاقِيِ لِأَنَّهَا قُدِّرَتْ بِطَرِيقِ الْوَزْنِ حَتَّى يُحْتَسَبَ مَا يُبَاعُ بِهَا وَزْنًا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَكَايِيلِ اهـ.
قُلْت: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالرِّطْلِ وَالْأَوَاقِي مَعْنَاهُمَا الْمُتَعَارَفُ بَلْ الْمُرَادُ بِالرِّطْلِ كُلُّ مَا يُوزَنُ بِهِ، وَبِالْأَوَاقِيِ الْأَوْعِيَةُ الَّتِي يُوضَعُ فِيهَا الدُّهْنُ وَنَحْوُهُ، وَتُقَدَّرُ بِوَزْنٍ خَاصٍّ مِثْلَ كُوزِ الزَّيْتِ فِي زَمَنِنَا فَإِنَّهُ يُبَاعُ الزَّيْتُ بِهِ وَيُحْسَبُ بِالْوَزْنِ هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوَاقِي جَمْعُ وَاقِيَةٌ مِنْ الْوِقَايَةِ وَهِيَ الْحِفْظُ، لِأَنَّهَا يُحْفَظُ بِهَا الْمَائِعُ وَنَحْوُهُ لِتَعَسُّرِ وَضْعِهِ فِي الْمِيزَانِ بِدُونِهَا، وَلِذَا قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فَعَلَى هَذَا الزَّيْتُ وَالسَّمْنُ وَالْعَسَلُ وَنَحْوُهَا مَوْزُونَاتٍ وَإِنْ كِيلَتْ بِالْمَوَاعِينِ لِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ فِيهَا اهـ (قَوْلُهُ بِالْمَدِّ) أَيْ مَعَ فَتْحِ النُّونِ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَجُزْ إلَخْ) تَرَكَ التَّفْرِيعَ عَلَى الْفَضْلِ لِظُهُورِهِ ط أَيْ كَبَيْعِ قَفِيزِ بُرٍّ بِقَفِيزَيْنِ مِنْهُ حَالًا (قَوْلُهُ مُتَسَاوِيًا) أَمَّا إذَا وُجِدَ التَّفَاضُلُ مَعَ النَّسَاءِ فَالْحُرْمَةُ لِلْفَضْلِ أَفَادَهُ ابْنُ كَمَالٍ ط (قَوْلُهُ وَأَحَدُهُمَا نَسَاءٌ) أَيْ ذُو نَسَاءٍ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ قَالَ ط: فَلَوْ كَانَ كُلٌّ نَسِيئَةً يَحْرُمُ أَيْضًا لِأَنَّهُ بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ ابْنُ كَمَالٍ أَيْ النَّسِيئَةِ بِالنَّسِيئَةِ كَمَالٌ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ النَّسَاءِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّأْجِيلِ، لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَجْلِسِ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا فِي الصَّرْفِ وَهُوَ بَيْعُ الْأَثْمَانِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ أَمَّا مَا عَدَاهُ فَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ دُونَ التَّقَابُضِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَهَرَوِيٍّ بِمَرْوِيَّيْنِ) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ نَسِيئَةً كَمَا عَبَّرَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ لِيَكُونَ مِثَالًا لِحِلِّ الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ بِسَبَبِ فَقْدِ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ، فَإِنَّ الثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ وَالثَّوْبَ الْمَرْوِيَّ بِسُكُونِ الرَّاءِ جِنْسَانِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَيْسَا بِمِثْلٍ وَلَا مَوْزُونٍ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ إلَخْ) لِأَنَّ عَدَمَ الْعِلَّةِ وَإِنْ كَانَ لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ لَكِنْ إذَا اتَّحَدَتْ الْعِلَّةُ لَزِمَ مِنْ عَدَمِهَا الْعَدَمُ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا تُؤَثِّرُ الْعَدَمَ بَلْ لَا يَثْبُتُ الْوُجُودُ لِعَدَمِ عِلَّتِهِ فَيَبْقَى عَدَمُ الْحُكْمِ وَهُوَ عَدَمُ الْحُرْمَةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى عَدَمِهِ الْأَصْلِيِّ وَإِذَا عُدِمَ سَبَبُ الْحُرْمَةِ وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا الْإِبَاحَةُ إلَّا مَا أَخْرَجَهُ الدَّلِيلُ كَانَ الثَّابِتُ الْحِلَّ فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَيْ الْقَدْرُ وَحْدَهُ) كَالْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ (قَوْلُهُ أَوْ الْجِنْسُ) أَيْ وَحْدَهُ كَالْهَرَوِيِّ بِهَرَوِيٍّ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ حَلَّ الْفَضْلُ إلَخْ) فَيَحِلُّ كُرُّ بُرٍّ بِكُرَّيْ شَعِيرٍ حَالًا وَهَرَوِيٌّ بِهَرَوِيَّيْنِ حَالًا، وَلَوْ مُؤَجَّلًا لَمْ يَحِلَّ.
وَالْحَاصِلُ: كَمَا فِي الْهِدَايَةِ أَنَّ حُرْمَةَ رِبَا الْفَضْلِ بِالْوَصْفَيْنِ وَحُرْمَةَ النَّسَاءِ بِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ التَّسَاوِي) مُبَالَغَةٌ عَلَى قَوْلِهِ حَرُمَ النَّسَاءُ فَقَطْ ح (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْجِنْسِيَّةِ) فِيهِ أَنَّ عِلَّةَ الْحُكْمِ هُنَا عَدَمُ قَبُولِ الْعَبْدِ التَّأْجِيلَ لَا وُجُودُ
وَاسْتَثْنَى فِي الْمَجْمَعِ وَالدُّرَرِ إسْلَامَ مَنْقُودٍ فِي مَوْزُونٍ
كَيْ لَا يَنْسَدَّ
أَكْثَرُ أَبْوَابِ السَّلَمِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْكَمَالِ عَنْ الْغَايَةِ جَوَازَ إسْلَامِ الْحِنْطَةِ فِي الزَّيْتِ.
قُلْت: وَمُفَادُهُ أَنَّ الْقَدْرَ بِانْفِرَادِهِ لَا يُحَرِّمُ النِّسَاءَ بِخِلَافِ الْجِنْسِ فَلْيُحَرَّرْ وَقَدْ مَرَّ فِي السَّلَمِ أَنَّ حُرْمَةَ النِّسَاءِ تَتَحَقَّقُ بِالْجِنْسِ وَبِالْقَدْرِ الْمُتَّفَقِ قُنْيَةٌ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ
ــ
[رد المحتار]
الْجِنْسِيَّةِ فَلَوْ مَثَّلَ بِبَيْعِ هَرَوِيٌّ بِمِثْلِهِ لَكَانَ أَوْلَى ح (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى فِي الْمَجْمَعِ إلَخْ) وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: إلَّا أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ النُّقُودَ فِي الزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ: أَيْ كَالْقُطْنِ وَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ يَجُوزُ إلَخْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنَّ الْوَزْنَ فِيهَا مُخْتَلِفٌ فَإِنَّهُ فِي النُّقُودِ بِالْمَثَاقِيلِ وَالدَّرَاهِمِ بِالصَّنَجَاتِ، وَفِي الزَّعْفَرَانِ بِالْأَمْنَاءِ وَالْقَبَّانِ، وَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي الصُّورَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ آخَرُ مَعْنَوِيٌّ، وَهُوَ أَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ وَالزَّعْفَرَانُ وَغَيْرُهُ يَتَعَيَّنُ. وَآخَرُ حُكْمِيٌّ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ النُّقُودَ مُوَازَنَةً وَقَبَضَهَا كَانَ لَهُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْوَزْنِ وَفِي الزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ يُشْتَرَطُ إعَادَةُ الْوَزْنِ، فَإِذَا اخْتَلَفَا أَيْ النُّقُودُ وَنَحْوُهُ الزَّعْفَرَانُ فِي الْوَزْنِ صُورَةً وَمَعْنًى وَحُكْمًا لَمْ يَجْمَعْهُمَا الْقَدْرُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ثُمَّ ضَعَّفَ فِي الْفَتْحِ هَذِهِ الْفُرُوقَ، وَقَالَ: إنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُسْتَثْنَى إسْلَامُ النُّقُودِ فِي الْمَوْزُونَاتِ بِإِجْمَاعٍ
كَيْ لَا يَنْسَدَّ
أَكْثَرُ أَبْوَابِ السَّلَمِ، وَسَائِرُ الْمَوْزُونَاتِ غَيْرُ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ أَنْ تُسَلَّمَ فِي الْمَوْزُونَاتِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا كَإِسْلَامِ حَدِيدٍ فِي قُطْنٍ وَزَيْتٍ فِي جُبْنٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا إذَا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَزْنِيًّا بِالصَّنْعَةِ إلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَلَوْ أَسْلَمَ سَيْفًا فِيمَا يُوزَنُ جَازَ إلَّا فِي الْحَدِيدِ، لِأَنَّ السَّيْفَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَوْزُونًا وَمَنَعَهُ فِي الْحَدِيدِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ إنَاءٍ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ يَدًا بِيَدٍ نُحَاسًا كَانَ أَوْ حَدِيدًا، أَوْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَثْقَلَ مِنْ الْآخَرِ، بِخِلَافِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يَجْرِي بِالْفَضْلِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبَاعُ وَزْنًا لِأَنَّ الْوَزْنَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِيهِمَا فَلَا يَتَغَيَّرُ بِالصَّنْعَةِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَزْنِ بِالْعَادَةِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ ابْنُ الْكَمَالِ) عِبَارَةُ ابْنِ الْكَمَالِ وَعِلَّتُهُ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ مَعَ الْجِنْسِ لَمْ يَقُلْ الْقَدْرُ مَعَ الْجِنْسِ، لِأَنَّ الْقَدْرَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، فَعَلَى تَقْدِيرِ مَا ذَكَرَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجُوزَ إسْلَامُ الْمَوْزُونِ فِي الْمَكِيلِ، لِأَنَّ أَحَدَ الْوَصْفَيْنِ مُحَرَّمٌ لِلنَّسَاءِ وَقَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِ إسْلَامِ الْحِنْطَةِ فِي الزَّيْتِ اهـ وَكَتَبَ فِي الْهَامِشِ إنَّ الْمَسْأَلَةَ مَذْكُورَةٌ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ اهـ.
قُلْت: وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِالْقَدْرِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا إلَخْ، لَأَفَادَ تَحْرِيمَ إسْلَامِ الْمَوْزُونِ فِي الْمَكِيلِ لِأَنَّهُ قَدْ وُجِدَ الْقَدْرُ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفًا بِخِلَافِ مَا لَوْ عَبَّرَ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ: أَيْ بِأَوْ الَّتِي لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْقَدْرَ الْمُخْتَلِفَ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ لَفْظَ الْقَدْرِ مُشْتَرَكٌ كَمَا قَالَ: وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي كَلَامِ مَعْنَيَيْهِ عِنْدَنَا فَإِذَا ذُكِرَ لَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ مِنْهُ إمَّا الْكَيْلُ وَحْدَهُ أَوْ الْوَزْنُ وَحْدَهُ، فَيُسَاوِي التَّعْبِيرَ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْقَدْرَ مُشْتَرَكٌ مَعْنَوِيٌّ لَا لَفْظِيٌّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ مَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ إسْلَامِ مَنْقُودٍ فِي مَوْزُونٍ وَإِسْلَامِ الْحِنْطَةِ فِي الزَّيْتِ فَإِنَّهُ قَدْ وُجِدَ فِي الْأَوَّلِ الْقَدْرُ الْمُتَّفِقُ وَفِي الثَّانِي الْقَدْرُ الْمُخْتَلِفُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلْيُحَرَّرْ) تَحْرِيرُهُ مَا أَفَادَهُ عَقِبَهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ وَعِلَّتُهُ الْقَدْرُ هُوَ الْقَدْرُ الْمُتَّفِقُ كَبَيْعِ مَوْزُونٍ بِمَوْزُونٍ أَوْ مَكِيلٍ بِمَكِيلٍ، بِخِلَافِ الْمُخْتَلِفِ كَبَيْعِ مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ نَسِيئَةً فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ إسْلَامُ مَنْقُودٍ فِي مَوْزُونٍ لِلْإِجْمَاعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّ فِي السَّلَمِ إلَخْ) بَيَانٌ لِتَحْرِيرِ الْمُرَادِ لَكِنْ اعْتَرَضَ بِأَنَّ السَّلَمَ سَيَأْتِي بَعْدُ، هَذَا عَلَى نُسْخَةٍ فَتَنَبَّهْ بِالْفَاءِ، وَالْأَمْرُ بِالتَّنْبِيهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قُنْيَةٌ بِالْقَافِ اسْمُ الْكِتَابِ الْمَشْهُورِ، وَصَاحِبُ الْقُنْيَةِ قَدَّمَ السَّلَمَ أَوَّلَ الْبَيْعِ فَصَحَّ قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّ فِي السَّلَمِ.
[تَنْبِيهٌ] : مَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّ حُرْمَةَ النَّسَاءِ بِالْقَدْرِ الْمُتَّفِقِ مُؤَيِّدٌ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ كَمَالٍ مِنْ جَوَازِ إسْلَامِ الْحِنْطَةِ فِي الزَّيْتِ
فَحَرُمَ بَيْعُ كَيْلِيٍّ وَوَزْنِيٍّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا وَلَوْ غَيْرَ مَطْعُومٍ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (كَجِصٍّ) كَيْلِيٍّ
(وَحَدِيدٍ) وَزْنِيٍّ ثُمَّ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ يُعْرَفُ بِاخْتِلَافِ الِاسْمِ الْخَاصِّ وَاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ كَمَا بَسَطَهُ الْكَمَالُ (وَحَلَّ) بَيْعُ ذَلِكَ (مُتَمَاثِلًا) لَا مُتَفَاضِلًا (وَبِلَا مِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ) فَإِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُقَدِّرْ الْمِعْيَارَ بِالذَّرَّةِ وَبِمَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ (كَحَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ) وَثَلَاثٍ وَخَمْسٍ
ــ
[رد المحتار]
لِاخْتِلَافِ الْقَدْرِ لِكَوْنِ الْحِنْطَةِ مَكِيلًا وَالزَّيْتِ مَوْزُونًا. وَبَقِيَ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْحِنْطَةَ فِي شَعِيرٍ وَزَيْتٍ أَيْ فِي مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ، وَقَدْ نَصَّ فِي كَافِي الْحَاكِمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي حِصَّةِ الزَّيْتِ.
(قَوْلُهُ مُتَفَاضِلًا) أَيْ وَنَسِيئَةً وَتَرَكَهُ لِفَهْمِهِ لُزُومًا فَإِنَّهُ كُلَّمَا حَرُمَ الْفَضْلُ حَرُمَ النَّسَاءُ وَلَا عَكْسَ وَكُلَّمَا حَلَّ النَّسَاءُ حَلَّ الْفَضْلُ وَلَا عَكْسَ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) فَإِنَّهُ جَعَلَ الْعِلَّةَ الطَّعْمَ وَالثَّمَنِيَّةَ فَمَا لَيْسَ بِمَطْعُومٍ وَلَا ثَمَنٍ فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ كَيْلِيٍّ) قَيَّدَ بِهِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا اصْطَلَحَ النَّاسُ عَلَى بَيْعِهِ جُزَافًا فَإِنَّ التَّفَاضُلَ فِيهِ جَائِزٌ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ وَزْنِيٍّ فَإِنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَارَفُوا وَزْنَهُ أَوْ عَنْ بَعْضِ أَنْوَاعِهِ كَالسَّيْفِ اهـ ح أَيْ فَإِنَّ السَّيْفَ خَرَجَ بِالصَّنْعَةِ عَنْ كَوْنِهِ وَزْنِيًّا فَيَحِلُّ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا بِشَرْطِ الْحَوْلِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَإِنْ عُدِمَا إلَخْ لِأَنَّهُ لَا ذِكْرَ هُنَا لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ قَوْلَهُ بِجِنْسِهِ يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ لِيُعْلَمَ مَا يَتَّحِدُ بِهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا بَسَطَهُ الْكَمَالُ) حَيْثُ قَالَ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ فَالْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ جِنْسَانِ، خِلَافًا لِمَالِكٍ لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ اسْمًا وَمَعْنًى وَإِفْرَادُ كُلٍّ عَنْ الْآخَرِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ» ) يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِلَّا قَالَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ وَالثَّوْبُ الْهَرَوِيُّ وَالْمَرْوِيُّ جِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ صَنْعَةِ الثَّوْبِ بِهَا وَكَذَا الْمَرْوِيُّ الْمَنْسُوجُ بِبَغْدَادَ وَخُرَاسَانَ وَاللَّبَدُ الْأَرْمَنِيُّ وَالطَّالَقَانِيُّ جِنْسَانِ وَالتَّمْرُ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالْحَدِيدُ وَالرَّصَاصُ وَالشَّبَّةُ أَجْنَاسٌ، وَكَذَا غَزْلُ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَلَحْمُ الْبَقَرِ وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالْأَلْيَةُ وَاللَّحْمُ وَشَحْمُ الْبَطْنِ أَجْنَاسٌ وَدُهْنُ الْبَنَفْسَجِ وَالْجِيرِيُّ جِنْسَانِ وَالْأَدْهَانُ الْمُخْتَلِفَةُ أُصُولُهَا أَجْنَاسٌ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ رِطْلِ زَيْتٍ غَيْرِ مَطْبُوخٍ بِرِطْلٍ مَطْبُوخٍ مُطَيَّبٍ لِأَنَّ الطِّيبَ زِيَادَةٌ أهـ مُلَخَّصًا، وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصُودِ أَوْ بِتَبَدُّلِ الصِّفَّةِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ مُتَمَاثِلًا) الشَّرْطُ تَحَقُّقُ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ فَفِي الْفَتْحِ لَوْ تَبَايَعَا مُجَازَفَةً ثُمَّ كَيْلًا بَعْدَ ذَلِكَ، فَظَهَرَا مُتَسَاوِيَيْنِ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِزُفَرَ، لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْمُسَاوَاةِ عِنْدَ الْعَقْدِ شَرْطُ الْجَوَازِ اهـ.
لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّرْفِ عَنْ السِّرَاجِ: لَوْ تَبَايَعَا ذَهَبًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةً بِفِضَّةٍ مُجَازَفَةً لَمْ يَجُزْ فَإِنْ عُلِمَ التَّسَاوِي فِي الْمَجْلِسِ وَتَفَرَّقَا عَنْ قَبْضٍ صَحَّ اهـ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ التَّسَاوِي بَعْدَ الْمَجْلِسِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا مُتَفَاضِلًا) صَرَّحَ بِهِ وَإِنْ عُلِمَ بِالْمُقَابَلَةِ بِمَا قَبْلَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّمَاثُلُ فِي الْقَدْرِ فَقَطْ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ اسْتَوَيَا وَزْنًا وَصِفَةً لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُفِيدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَبِلَا مِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَمَّا حَصَرُوا الْمُعَرَّفَ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَجَازُوا مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلِ مُجَازَفَةً كَتُفَّاحَةٍ بِتُفَّاحَتَيْنِ وَحَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمِعْيَارِ الْمَعْرُوفِ لِلْمُسَاوَاةِ، فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْفَضْلُ، وَلِهَذَا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ لَا بِالْمِثْلِ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَدَلَيْنِ نِصْفَ صَاعٍ، فَلَوْ بَلَغَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ نِصْفِ صَاعٍ فَصَاعِدًا بِحَفْنَةٍ اهـ.
ثُمَّ رَجَّحَ الْحُرْمَةَ مُطْلَقًا وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُقَدِّرْ الْمِعْيَارَ بِالذَّرَّةِ) وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ بَاعَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ، كَالذَّرَّةِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ جَازَ لِعَدَمِ التَّقْدِيرِ شَرْعًا إذْ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ اهـ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ كَالذَّرَّةِ أَنَّهَا غَيْرُ قَيْدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَذَرَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ إلَخْ، فَيَشْمَلُ الذَّرَّتَيْنِ وَالْأَكْثَرَ مِمَّا لَا يُوزَنُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَبَّةَ مِعْيَارٌ شَرْعًا نِصْفُ دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ إلَّا حَبَّةً كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الصَّرْفِ، فَقَدْ اعْتَبَرُوا الْحَبَّةَ مِقْدَارًا شَرْعِيًّا. وَفِي الْفَتْحِ عَنْ الْأَسْرَارِ: مَا دُونَ الْحَبَّةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا قِيمَةَ لَهُ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا دُونَ الْحَبَّةِ حُكْمُ الذَّرَّةِ، فَالْمُرَادُ بِالذَّرَّةِ هُنَا مَا لَا يَبْلُغُ حَبَّةً فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَحَفْنَةٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ
مَا لَمْ يَبْلُغْ نِصْفَ صَاعٍ (وَتُفَّاحَةٍ بِتُفَّاحَتَيْنِ وَفَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ (بِأَعْيَانِهِمَا) لَوْ أَخَّرَهُ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا فِي النَّهْرِ أَنَّهُ قَيَّدَ فِي الْكُلِّ، فَلَوْ كَانَا غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا (وَتَمْرَةٍ بِتَمْرَتَيْنِ) وَبَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ وَجَوْزَةٍ بِجَوْزَتَيْنِ وَسَيْفٍ بِسَيْفَيْنِ وَدَوَاةٍ بِدَوَاتَيْنِ وَإِنَاءٍ بِأَثْقَلَ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَيَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ، فَتْحٌ، وَإِبْرَةٍ بِإِبْرَتَيْنِ (وَذَرَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ بِمِثْلَيْهَا) فَجَازَ الْفَضْلُ لِفَقْدِ الْقَدْرِ، وَحَرُمَ النِّسَاءُ لِوُجُودِ الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ انْتَفَى كَحَفْنَةِ بُنٍّ بِحَفْنَتَيْ شَعِيرٍ فَيَحِلُّ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْعِلَّةِ وَحَرَّمَ الْكُلَّ مُحَمَّدٌ
ــ
[رد المحتار]
وَسُكُونِ الْفَاءِ مِلْءَ الْكَفَّيْنِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَالْمَقَايِيسِ، لَكِنْ فِي الْمُغْرِبِ وَالْقَامُوسِ وَالطُّلْبَةِ وَالنِّهَايَةِ مِلْءَ الْكَفِّ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ نِصْفَ صَاعٍ) أَيْ فَإِذَا بَلَغَ نِصْفَ صَاعٍ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ بِحَفْنَةٍ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَفَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ) هَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ، وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْفُلُوسَ الرَّائِجَةَ أَثْمَانٌ، وَالْأَثْمَانُ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، فَصَارَ عِنْدَهُ كَبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ. وَعِنْدَهُمَا لَمَّا كَانَتْ غَيْرَ أَثْمَانٍ خِلْقَةً بَطَلَتْ ثَمَنِيَّتُهَا بِاصْطِلَاحِ الْعَاقِدَيْنِ، وَإِذَا بَطَلَتْ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالْعُرُوضِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ بِأَعْيَانِهِمَا) أَيْ بِسَبَبِ تَعَيُّنِ ذَاتِ الْبَدَلَيْنِ وَنَقْدِيَّتِهِمَا فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا بِمَعْنَى مَعَ كَمَا ظُنَّ، فَإِنَّهُ حَالٌ وَلَمْ يَجُزْ تَنْكِيرُ صَاحِبِهَا كَمَا تَقَرَّرَ قُهُسْتَانِيٌّ.
قُلْت: كَوْنُ الْبَاءِ لِلسَّبَبِيَّةِ بَعِيدٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ بِأَعْيَانِهِمَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ لَا سَبَبٌ، وَكَوْنُهَا بِمَعْنَى مَعَ لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ حَالًا بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ صِفَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنَّهُ قَيْدٌ فِي الْكُلِّ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ قَيْدٌ لِقَوْلِهِ وَفَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ. وَقَدْ يُقَالُ يُعْلَمُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْكُلِّ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ فِي مَسْأَلَةِ الْفُلُوسِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي بَقَائِهَا أَثْمَانًا أَوَّلًا فَفِي غَيْرِهَا بِالْأَوْلَى، إذْ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ غَيْرَهَا لَيْسَ أَثْمَانًا بَلْ فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَيُّنِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَا) أَيْ الْبَدَلَانِ وَهَذَا بَيَانُ الْمُحْتَرَزِ قَوْلُهُ بِأَعْيَانِهِمَا (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا) قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَهُ غَيْرَ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ عِنْدَ انْتِفَاءِ تَعَيُّنِهِمَا بَاقٍ وَإِنْ تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَقَبَضَ الدَّيْنَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ مَا لَوْ كَانَا مُعَيَّنَيْنِ، وَهُوَ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ الْخِلَافِيَّةُ وَمَا إذَا كَانَا غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ، فَلَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا وَمَا لَوْ عُيِّنَ أَحَدُ الْبَدَلَيْنِ دُونَ الْآخَرِ وَفِيهِ صُورَتَانِ، فَإِنْ قُبِضَ الْمُعَيَّنُ مِنْهُمَا صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ بَاعَ فُلُوسًا بِمِثْلِهَا وَيَأْتِي تَمَامُهُ (قَوْلُهُ وَبَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَمْ يَدْخُلْهُ الْقَدْرُ الشَّرْعِيُّ كَالسَّيْفِ وَالسَّيْفَيْنِ وَالْإِبْرَةِ وَالْإِبْرَتَيْنِ، فَجَوَازُ التَّفَاضُلِ لِعَدَمِ دُخُولِ الْقَدْرِ الشَّرْعِيِّ فِيهِمَا، وَيَحْرُمُ النَّسَاءُ لِوُجُودِ الْجِنْسِ ط وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ. وَبِلَا مِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهُ بِالْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ أَوَّلًا فَالْعِلَّةُ فِي الْكُلِّ عَدَمُ الْقَدْرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ، وَأَفَادَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَسَيْفٍ بِسَيْفَيْنِ إلَخْ) لِأَنَّهُ بِالصَّنْعَةِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ وَزْنِيًّا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَإِنَاءٍ بِأَثْقَلَ مِنْهُ) أَيْ إذَا كَانَ لَا يُبَاعُ وَزْنًا لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ بَاعَ إنَاءً مِنْ حَدِيدٍ بِحَدِيدٍ إنْ كَانَ الْإِنَاءُ يُبَاعُ وَزْنًا تُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْوَزْنِ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْإِنَاءُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ صُفْرٍ بَاعَهُ بِصُفْرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبَاعُ وَزْنًا لِأَنَّ صُورَةَ الْوَزْنِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي النَّقْدَيْنِ، فَلَا تَتَغَيَّرُ بِالصَّنْعَةِ فَلَا تَخْرُجُ عَنْ الْوَزْنِ بِالْعَادَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ وَذَرَّةٍ أَشَارَ بِهِ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الذَّرَّةَ غَيْرُ قَيْدٍ (قَوْلُهُ بِمِثْلَيْهَا) أَيْ بِمِثْلَيْ الذَّرَّةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ، وَالْأُولَى أَوْلَى لِمُوَافَقَتِهِ لِقَوْلِهِ حَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَجَازَ الْفَصْلُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى جَمِيعِ مَا مَرَّ بِبَيَانِ أَنَّ وَجْهَ جَوَازِ الْفَضْلِ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ كَوْنُهَا مُقَدَّرَةً شَرْعًا وَإِنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ فَفُقِدَتْ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ، فَلِذَا حَلَّ الْفَضْلُ وَحَرُمَ النَّسَاءُ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُصَنِّفُ بِاشْتِرَاطِ الْحُلُولِ لِعِلْمِهِ مِمَّا سَبَقَ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ انْتَفَى) أَيْ الْجِنْسُ (قَوْلُهُ فَيَحِلُّ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْفَاءِ لِأَنَّهُ جَوَابُ لَوْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ حَالًا