الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَيْعَ انْتِهَاءٍ فَتُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَتُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ) هَذَا إذَا قَالَ: وَهَبْتُكَ عَلَى أَنْ تُعَوِّضَنِي كَذَا، أَمَّا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُكَ بِكَذَا، فَهُوَ بَيْعُ ابْتِدَاءٍ وَانْتِهَاءٍ وَقَيَّدَ الْعِوَضَ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَجْهُولًا بَطَلَ اشْتِرَاطُهُ فَيَكُونُ هِبَةً ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً.
[فَرْعٌ] .
وَهَبَ الْوَاقِفُ أَرْضًا شَرَطَ اسْتِبْدَالَهُ بِلَا شَرْطِ عِوَضٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ شَرَطَ كَانَ كَبَيْعٍ، ذَكَرَهُ النَّاصِحِيُّ. وَفِي الْمَجْمَعِ وَأَجَازَ مُحَمَّدٌ هِبَةَ مَالِ طِفْلِهِ بِشَرْطِ عِوَضٍ مُسَاوٍ وَمَنَعَاهُ.
قُلْت: فَيُحْتَاجُ عَلَى قَوْلِهِمَا إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَقْفِ وَمَالِ الصَّغِيرِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ
(وَهَبَ أَمَةً إلَّا حَمْلَهَا، وَعَلَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ يُعْتِقَهَا أَوْ يَسْتَوْلِدَهَا أَوْ) وَهَبَ (دَارًا عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا) وَلَوْ مُعَيَّنًا كَثُلُثِ الدَّارِ أَوْ رُبْعِهَا (أَوْ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ شَيْئًا عَنْهَا صَحَّتْ) الْهِبَةُ (وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (وَ) بَطَلَ (الشَّرْطُ) فِي الصُّوَرِ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّهُ بَعْضٌ أَوْ مَجْهُولٌ وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ وَلَا تَنْسَ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ مَعْلُومِيَّةِ الْعِوَضِ.
ــ
[رد المحتار]
الْبَيَانِ.
(قَوْلُهُ بَيْعِ انْتِهَاءٍ) أَيْ إذَا اتَّصَلَ الْقَبْضُ بِالْعِوَضَيْنِ غَايَةُ الْبَيَانِ إلَّا أَنَّهُ لَا تَحَالُفَ لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْعِوَضِ لِمَا فِي الْمَقْدِسِيَّ عَنْ الذَّخِيرَةِ اتِّفَاقًا عَلَى أَنَّ الْهِبَةَ بِعِوَضٍ.
وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَلَمْ يُقْبَضْ، وَالْهِبَةُ قَائِمَةٌ خُيِّرَ الْوَاهِبُ بَيْنَ تَصْدِيقِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ أَوْ بِقِيمَتِهَا لَوْ هَالِكَةً، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعِوَضِ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي إنْكَارِهِ، وَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ لَوْ قَائِمًا، وَلَوْ مُسْتَهْلِكًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَقَالَ: أَنَا أَخُوك أَوْ عَوَّضْتُك أَوْ إنَّمَا تَصَدَّقْت بِهَا فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ اسْتِحْسَانًا اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ بِلَا شَرْطٍ) مُتَعَلِّقٌ بِوَهَبَ (قَوْلُهُ إلَى الْفَرْقِ) قَالَ شَيْخُ وَالِدِي: وَقَدْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمَّا شَرَطَ الِاسْتِبْدَالَ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِكُلِّ عَقْدٍ يُفِيدُ الْمُعَاوَضَةَ كَانَ هَذَا الْعَقْدُ دَاخِلًا فِي شَرْطِهِ بِخِلَافِ هِبَةِ الْأَبِ مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ كَذَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ مَدَنِيٌّ. .
[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ]
(قَوْلُهُ إلَّا حَمْلَهَا) اعْلَمْ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْحَمْلِ يَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: فِي قِسْمٍ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ كَالْهِبَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَفِي قِسْمٍ لَا يَجُوزُ أَصْلُ التَّصَرُّفِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ وَكَذَا بِاسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ، وَفِي قِسْمٍ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ وَالِاسْتِثْنَاءُ جَمِيعًا كَالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ أَفْرَادَ الْحَمْلِ بِالْوَصِيَّةِ جَائِزٌ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ يَعْقُوبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ شَيْئًا مَجْهُولًا ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَعْضٌ) وَقَدْ مَرَّ مَتْنًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْعِوَضُ بَعْضَ الْمَوْهُوبِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْهُولٌ) الْأَوَّلُ: رَاجِعٌ إلَى صُورَةِ هِبَةِ الدَّارِ، وَالثَّانِي: إلَى قَوْلِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَ، وَلَا يَشْمَلُ الثَّلَاثَ الَّتِي بَعْدَ الْأُولَى.
فَالْأَوْلَى تَعْلِيلُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ تُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، فَكَانَتْ فَاسِدَةً، وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: وَالْهِبَةُ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ مِنْ تَتِمَّةِ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْسَ إلَخْ) نَبَّهَ عَلَيْهِ إشَارَةً إلَى دَفْعِ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ تَبَعًا لِلنِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَ إلَخْ. فِيهِ إشْكَالٌ، لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْهِبَةَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَهِيَ وَالشَّرْطُ جَائِزَانِ فَلَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ بَطَلَ الشَّرْطُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنْ يُعَوِّضَهُ عَنْهَا شَيْئًا مِنْ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ فَهُوَ تَكْرَارٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا، وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا بَطَلَ الشَّرْطُ لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ، كَذَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. ثُمَّ رَأَيْت صَدْرَ الشَّرِيعَةِ
أَعْتَقَ حَمْلَ أَمَةٍ ثُمَّ وَهَبَهَا صَحَّ وَلَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ وَهَبَهَا لَمْ يَصِحَّ) لِبَقَاءِ الْحَمْلِ عَلَى مِلْكِهِ فَكَانَ مَشْغُولًا بِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ
(كَمَا لَا يَصِحُّ) تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ بِشَرْطٍ مَحْضٍ كَقَوْلِهِ لِمَدْيُونِهِ: إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ إنْ مِتَّ بِفَتْحِ التَّاءِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِك هَذَا أَوْ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْت فِي حِلٍّ مِنْ مَهْرِي فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ وَتَعْلِيقٌ (إلَّا بِشَرْطٍ كَائِنٍ) لِيَكُونَ تَنْجِيزًا كَقَوْلِهِ لِمَدْيُونِهِ: إنْ كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ أَبْرَأْتُك عَنْهُ، صَحَّ وَكَذَا إنْ مِتُّ بِضَمِّ التَّاءِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ أَوْ فِي حِلٍّ جَازَ وَكَانَ وَصِيَّةً خَانِيَّةٌ (جَازَ الْعُمْرَى) لِلْمُعَمَّرِ لَهُ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ لِبُطْلَانِ الشَّرْطِ (لَا) تَجُوزُ (الرُّقْبَى) لِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ بِالْخَطَرِ وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ تَكُونُ عَارِيَّةً شُمُنِّيٌّ لِحَدِيثِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِمُعَمَّرِهِ فِي حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ لَا تَرْقُبُوا فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ سَبِيلُ الْمِيرَاثِ» .
(بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ مَتَاعًا) هَدَايَا إلَيْهَا (وَبَعَثَتْ لَهُ أَيْضًا) هَدَايَا عِوَضًا لِلْهِبَةِ صَرَّحَتْ بِالْعِوَضِ أَوْ لَا (ثُمَّ افْتَرَقَا بَعْدَ الزِّفَافِ وَادَّعَى) الزَّوْجُ (أَنَّهُ عَارِيَّةٌ) لَا هِبَةٌ وَحَلَفَ (فَأَرَادَ الِاسْتِرْدَادَ وَأَرَادَتْ) هِيَ (الِاسْتِرْدَادَ) أَيْضًا
ــ
[رد المحتار]
صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ: مُرَادُهُمْ مَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَجْهُولًا، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْعِوَضُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا.
(قَوْلُهُ بِشَرْطٍ مَحْضٍ إلَخْ) .
[فُرُوعٌ] .
وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ أَمْرَ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا بِيَدِهَا، وَلَمْ يَقْبَلْ الزَّوْجُ قِيلَ: لَا يَبْرَأُ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْهِبَةَ تَصِحُّ بِلَا قَبُولِ الْمَدْيُونِ، وَإِنْ قِيلَ: إنْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فَالْإِبْرَاءُ مَاضٍ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَعُودُ، وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَضْرِبَهَا، وَلَا يَحْجُرَهَا أَوْ يَهَبَ لَهَا كَذَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا شَرْطًا فِي الْهِبَةِ لَا يَعُودُ الْمَهْرُ.
مَنَعَهَا مِنْ الْمَسِيرِ إلَى أَبَوَيْهَا حَتَّى تَهَبَ مَهْرَهَا، فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا كَالْمُكْرَهَةِ.
وَذَكَرَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ خَوَّفَهَا بِضَرْبٍ حَتَّى تَهَبَ مَهْرَهَا فَإِكْرَاهٌ، إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الضَّرْبِ، وَذَكَرَ بَكْرٌ سُقُوطَ الْمَهْرِ.
لَا يُقْبَلُ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَهْرِ لَا يَصِحُّ.
قَالَ لِمَدْيُونِهِ: إنْ لَمْ أَقْتَضِ مَالِي عَلَيْك حَتَّى تَمُوتَ، فَأَنْتِ فِي حِلٍّ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ، وَالْبَرَاءَةُ لَا تَحْتَمِلُهُ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الدَّائِنِ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ قَبْلَ مَوْتِ الْمَدْيُونِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إذَا مِتَّ قَبْلِي، وَإِنْ جَاءَ الْغَدُ، وَالدَّيْنُ عَلَيْك فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمُوتَ الدَّائِنُ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ قَبْلَ مَوْتِ الْمَدْيُونِ، فَكَانَ مُخَاطَرَةً كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُخَاطَرَةٌ فِي مِثْلِ: إنْ مِتَّ مِنْ مَرَضِك هَذَا، وَتَعْلِيقٌ فِي مِثْلِ إنْ جَاءَ الْغَدُ وَالْإِبْرَاءُ لَا يَحْتَمِلُهُمَا، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْطِ الْكَائِنِ الْمَوْجُودِ حَالَةُ الْإِبْرَاءِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنْ مِتُّ بِضَمِّ التَّاءِ فَإِنَّمَا صَحَّ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيقًا؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ: وَهِيَ تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ فَافْهَمْ وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبُيُوعِ فِيمَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ (قَوْلُهُ جَازَ الْعُمْرَى) بِالضَّمِّ مِنْ الْإِعْمَارِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ قَالَ فِي الْهَامِشِ: الْعُمْرَى هِيَ أَنْ يَجْعَلَ دَارِهِ لَهُ عُمْرَهُ فَإِذَا مَاتَ تُرَدُّ عَلَيْهِ اهـ (قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ الرُّقْبَى) هِيَ أَنْ تَقُولَ: إنْ مِتُّ قَبْلَك فَهِيَ لَك لِحَدِيثِ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مَرْفُوعًا " مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى إلَخْ " كَذَا فِي الْهَامِشِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ بَابِ الرُّقْبَى.
رَجُلٌ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ فَقَالَ: دَارِي هَذِهِ حَبِيسٌ، لَمْ تَكُنْ حَبِيسًا وَهِيَ مِيرَاثٌ وَكَذَا إنْ قَالَ دَارِي هَذِهِ حَبِيسٌ عَلَى عُقْبَى مِنْ بَعْدِي وَالرُّقْبَى هُوَ الْحَبِيسُ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: عَبْدِي هَذَا لِأَطْوَلِكُمَا حَيَاةً، أَوْ قَالَ: عَبْدِي هَذَا حَبِيسٌ عَلَى أَطْوَلِكُمَا حَيَاةً، فَهَذَا بَاطِلٌ وَهُوَ الرُّقْبَى وَكَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: دَارِي لَك حَبِيسٌ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَمَّا أَنَا فَأَرَى أَنَّهُ إذَا قَالَ: لَك حَبِيسٌ، فَهِيَ لَهُ إذَا قَبَضَهَا وَقَوْلُهُ: حَبِيسٌ، بَاطِلٌ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هِيَ لَك رُقْبَى. اهـ أَيْضًا فَإِذَا
يَسْتَرِدُّ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مَا أَعْطَى) إذْ لَا هِبَةَ فَلَا عِوَضَ وَلَوْ اسْتَهْلَكَ أَحَدُهُمَا مَا بَعَثَهُ الْآخَرُ ضَمِنَهُ، لِأَنَّ مَنْ اسْتَهْلَكَ الْعَارِيَّةَ ضَمِنَهَا خَانِيَّةٌ
(هِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَإِبْرَاؤُهٌ عَنْهُ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ) إذْ لَمْ يُوجِبْ انْفِسَاخَ عَقْدِ صَرْفٍ أَوْ سَلَمٍ لَكِنْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ، وَقِيلَ: يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ لَكِنْ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ لَوْ لَمْ يَقْبَلْ، وَلَمْ يَرُدَّ حَتَّى افْتَرَقَا ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ رَدَّ لَا يَرْتَدُّ فِي الصَّحِيحِ لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى: الْأَصَحُّ أَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكٌ، وَالْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ
(تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا) فِي ثَلَاثٍ: حَوَالَةٌ، وَصِيَّةٌ، وَ (إذَا سَلَّطَهُ) أَيْ سَلَّطَ الْمُمَلِّكُ غَيْرَ الْمَدْيُونِ (عَلَى قَبْضِهِ) أَيْ الدَّيْنِ (فَيَصِحُّ) حِينَئِذٍ وَمِنْهُ مَا لَوْ وَهَبَتْ مِنْ ابْنِهَا مَا عَلَى أَبِيهِ فَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ لِلتَّسْلِيطِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ
ــ
[رد المحتار]
قَالَ: دَارِي هَذِهِ لَك عُمْرَى تَسْكُنُهَا، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ، فَهِيَ هِبَةٌ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: طَعَامِي هَذَا لَك تَأْكُلُهُ وَهَذَا الثَّوْبُ لَك تَلْبَسُهُ، وَإِنْ قَالَ: وَهَبْت لَك هَذَا الْعَبْدَ حَيَاتَك وَحَيَاتَهُ، فَقَبَضَهُ فَهِيَ هِبَةٌ جَائِزَةٌ وَقَوْلُهُ: حَيَاتَك، بَاطِلٌ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعُمْرَتِك دَارِي هَذِهِ حَيَاتَك أَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُكَهَا حَيَاتَك فَإِذَا مِتَّ فَهِيَ لِي، وَإِذَا مِتُّ أَنَا فَهِيَ لِوَارِثِي وَكَذَا لَوْ قَالَ: هُوَ هِبَةٌ لَك وَلِعَقِبِك مِنْ بَعْدِك وَإِنْ قَالَ: أَسْكَنْتُك دَارِي هَذِهِ حَيَاتَك وَلِعَقِبِك مِنْ بَعْدِك فَهِيَ عَارِيَّةٌ وَإِنْ قَالَ: هِيَ لَك وَلِعَقِبِك مِنْ بَعْدِك فَهِيَ هِبَةٌ لَهُ، وَذِكْرُ الْعَقِبِ لَغْوٌ اهـ. .
(قَوْلُهُ: فَلَا عِوَضَ) لِأَنَّهَا إنَّمَا قُصِدَتْ التَّعْوِيضَ عَنْ هِبَةٍ فَلَمَّا ادَّعَى الْعَارِيَّةَ وَرَجَعَ لَمْ يُوجَدْ التَّعْوِيضُ فَلَهَا الرُّجُوعُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ ح (قَوْلُهُ: عَقْدِ صَرْفٍ أَوْ سَلَمٍ) لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ فِي السَّلَمِ وَالصَّرْفِ لِكَوْنِهِ مُوجِبًا لِلْفَسْخِ فِيهِمَا لَا لِكَوْنِهِ هِبَةً مِنَحٌ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَرْتَدُّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَإِنْ تَمَّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ لَكِنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ ح. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: الْإِبْرَاءُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ الْأُولَى: إذْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ: عَلَيْهِ فَرَدَّهُ لَا يَرْتَدُّ، وَكَذَا إذَا قَالَ الْمَدْيُونُ: أَبْرِئْنِي، فَأَبْرَأهُ، وَكَذَا إذَا أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ، وَقِيلَ: يَرْتَدُّ. الرَّابِعَةُ: إذَا قَبِلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْإِسْقَاطِ) تَعْلِيلٌ لِلتَّعْمِيمِ يَعْنِي، وَإِنَّمَا صَحَّ الرَّدُّ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ؛ إذْ التَّمْلِيكُ الْمَحْضُ يَتَقَيَّدُ رَدُّهُ بِالْمَجْلِسِ، وَلَيْسَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ: يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، لِمَا عَلِمْت أَنَّ عِلَّتَهُ مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ فَتَنَبَّهْ ح (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الصَّيْرَفِيَّةِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى تَضْعِيفِ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ الْقَوْلَ الثَّانِيَ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى جَعْلِهِمْ كُلًّا مِنْ الْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ إسْقَاطًا مِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكًا مِنْ وَجْهٍ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ ح.
(قَوْلُهُ تَمْلِيكٌ) أَيْ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ قَالَ فِي الْهَامِشِ: فَمَنْ قَالَ بِالتَّمْلِيكِ يَحْتَاجُ إلَى الْجَوَابِ مِنَحٌ (قَوْلُهُ إسْقَاطٌ) وَمَنْ قَالَ لِلْإِسْقَاطِ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنَحٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ عَلَى قَبْضِهِ) أَيْ وَقَبَضَهُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: هِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ لَمْ تَجُزْ إلَّا إذَا وَهَبَهُ وَأُذِنَ لَهُ بِقَبْضِهِ جَازَ صَكٌّ لَمْ يَجُزْ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ حِينَ قَبَضَهُ، وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِقَبْضِهِ اهـ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، رَمْلِيٌّ. قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي الْقَبْضِ عَنْ الْآمِرِ، ثُمَّ أَصِيلًا فِي الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ. وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ عَزْلِهِ عَنْ التَّسْلِيطِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِذَا قَبَضَ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ الْحَقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَمَلَكَ الِاسْتِبْدَالَ، وَإِذَا نَوَى فِي ذَلِكَ التَّصَدُّقَ بِالزَّكَاةِ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ اهـ (قَوْلُهُ مَا عَلَى أَبِيهِ) أَيْ وَأَمَرَتْهُ بِالْقَبْضِ بَزَّازِيَّةٌ مَدَنِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلتَّسْلِيطِ) أَيْ إذَا سَلَّطَتْهُ عَلَى الْقَبْضِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَمِنْهُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَهَبَتْ الْمَهْرَ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ الَّذِي مِنْ هَذَا الزَّوْجِ، الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ إلَّا إذَا سَلَّطَتْ وَلَدَهَا عَلَى الْقَبْضِ فَيَجُوزُ وَيَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَلَدِ إذَا قَبَضَ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِلتَّسْلِيطِ أَيْ التَّسْلِيطِ صَرِيحًا لَا حُكْمًا كَمَا فَهِمَهُ السَّائِحَانِيُّ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ لِيَنْظُرَ فِيمَا إذَا كَانَ الِابْنُ لَا يَعْقِلُ، فَإِنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ لِأَبِيهِ، فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَفْرِزَ الْأَبُ قَدْرَ الْمَهْرِ وَيَقْبِضَهُ لِابْنِهِ أَوْ يَكْفِي قَبُولُهُ كَمَا فِي هِبَةِ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِالْبَيْعِ) فَلَوْ دَفَعَ لِلْمُوَكِّلِ عَنْ دَيْنِ الْمُشْتَرِي
فُصُولَيْنِ (وَ) لَيْسَ مِنْهُ مَا (إذَا أَقَرَّ الدَّائِنُ أَنَّ الدَّيْنَ لِفُلَانٍ وَأَنَّ اسْمَهُ) فِي كِتَابِ الدَّيْنِ (عَارِيَّةٌ) حَيْثُ (صَحَّ) إقْرَارُهُ لِكَوْنِهِ إخْبَارًا لَا تَمْلِيكًا فَلِلْمُقَرِّ لَهُ قَبْضُهُ بَزَّازِيَّةٌ وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ وَكَذَا لَوْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ بَزَّازِيَّةٌ وَغَيْرُهَا.
قُلْت: وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ يَكُونُ تَمْلِيكًا، وَتَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ بَاطِلٌ، فَتَأَمَّلْهُ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ تَصَرُّفِ الْإِمَامِ مَعْزِيًّا لِصُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ اصْطَلَحَا أَنْ يُكْتَبَ اسْمُ أَحَدِهِمَا فِي الدِّيوَانِ فَالْعَطَاءُ لِمَنْ كُتِبَ اسْمُهُ إلَخْ
(وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ) بِجَامِعِ التَّبَرُّعِ، وَحِينَئِذٍ (لَا تَصِحُّ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ وَلَا فِي مَشَاعٍ يُقْسَمُ، وَلَا رُجُوعَ فِيهَا) وَلَوْ عَلَى غَنِيٍّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الثَّوَابُ لَا الْعِوَضُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْوَاهِبُ هِبَةٌ، وَالْآخَرُ صَدَقَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ خَانِيَّةٌ.
[فُرُوعٌ] كَتَبَ قِصَّةً إلَى السُّلْطَانِ يَسْأَلُهُ تَمْلِيكَ أَرْضٍ مَحْدُودَةٍ فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِالتَّوْقِيعِ فَكَتَبَ كَاتِبُهُ جَعَلْتهَا مِلْكًا لَهُ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ؟ الْقِيَاسُ: نَعَمْ لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ أُقِيمَ السُّؤَالُ بِالْقِصَّةِ مَقَامَ حُضُورِهِ.
أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا بِسُؤَالِهِ لِيَتَوَسَّعَ فَظَفِرَ بِهِ بَعْضُ غُرَمَائِهِ إنْ كَانَتْ وَهَبَتْهُ أَوْ أَقْرَضَتْهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ مِنْ الْغَرِيمِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى مِلْكِهَا فَلَهَا ذَلِكَ لَا لَهُ.
دَفَعَ لِابْنِهِ مَالًا لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ فَفَعَلَ وَكَثُرَ ذَلِكَ فَمَاتَ الْأَبُ إنْ أَعْطَاهُ هِبَةً فَالْكُلُّ لَهُ، وَإِلَّا فَمِيرَاثٌ وَتَمَامُهُ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى. .
بَعَثَ إلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي إنَاءٍ هَلْ يُبَاحُ أَكْلُهَا فِيهِ إنْ كَانَ ثَرِيدًا وَنَحْوَهُ مِمَّا لَوْ حَوَّلَهُ إلَى إنَاءٍ آخَرَ ذَهَبَتْ لَذَّتُهُ يُبَاحُ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ يُبَاحُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا.
ــ
[رد المحتار]
عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي لِلْوَكِيلِ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَتَأَمَّلْهُ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ هُوَ لِفُلَانٍ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَلَا إشْكَالَ، فَتَدَبَّرْ ح.
أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ - رَاقِمًا لِعَلِيٍّ السَّعْدِيِّ -: إقْرَارُ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهِ تَمْلِيكٌ، إنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ فِي الْإِقْرَارِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِقْرَارٌ كَمَا فِي سُدُسِ دَارِي وَسُدُسِ هَذِهِ الدَّارِ، ثُمَّ رَقَمَ لِنَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيِّ: إقْرَارٌ فِي الْحَالَتَيْنِ لَا تَمْلِيكٌ اهـ.
قَالَ فِي إقْرَارِ الْمِنَحِ فَيُفِيدُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا، وَلَكِنَّ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ فُرُوعٌ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ: الدَّيْنُ الَّذِي لِي إضَافَةُ نِسْبَةٍ لَا مِلْكٍ كَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ فِي الْإِقْرَارِ عَنْ قَوْلِهِمْ: جَمِيعُ مَا فِي بَيْتِي لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَكَذَا قَالُوا: مِنْ أَلْفَاظِ الْإِقْرَارِ جَمِيعُ مَا يُعْرَفُ بِي أَوْ جَمِيعُ مَا يُنْسَبُ إلَيَّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ قُبَيْلَ إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَحْسَنَ مِمَّا هُنَا فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ غَيْرَ مَقْبُوضَةٍ) فَإِنْ قُلْت: قَدَّمَ أَنَّ الصَّدَقَةَ لِفَقِيرَيْنِ جَائِزَةٌ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِقَوْلِهِ: وَصَحَّ تَصَدُّقُ عَشَرَةٍ لِفَقِيرَيْنِ.
قُلْت: الْمُرَادُ هُنَا مِنْ الْمَشَاعِ أَنْ يَهَبَ بَعْضَهُ لِوَاحِدٍ فَقَطْ فَحِينَئِذٍ هُوَ مَشَاعٌ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِخِلَافِ الْفَقِيرَيْنِ فَإِنَّهُ لَا شُيُوعَ كَمَا تَقَدَّمَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى غَنِيٍّ) اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى الْغَنِيِّ الثَّوَابَ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ بَحْرٌ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ بَابِ الرُّجُوعِ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ وَلَعَلَّهُمَا قَوْلَانِ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَأَمَرَ السُّلْطَانُ) هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ أَوْ مِلْكِ السُّلْطَانِ أَمَّا إذَا أَقْطَعَهُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَهُ مَتَى شَاءَ كَمَا سَلَفَ ذَلِكَ فِي الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ ط.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَقْرَضَتْهُ) وَسَيَأْتِي مَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ بِإِذْنِهَا
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمِيرَاثٌ) بِأَنْ دَفَعَ إلَيْهِ لِيَعْمَلَ لِلْأَبِ.
دَعَا قَوْمًا إلَى طَعَامٍ وَفَرَّقَهُمْ عَلَى أَخْوِنَةٍ لَيْسَ لِأَهْلِ خِوَانٍ مُنَاوَلَةُ أَهْلِ خِوَانٍ آخَرَ، وَلَا إعْطَاءُ سَائِلٍ وَخَادِمٍ وَهِرَّةٍ لِغَيْرِ رَبِّ الْمَنْزِلِ وَلَا كَلْبٍ، وَلَوْ لِرَبِّ الْمَنْزِلِ إلَّا أَنْ يُنَاوِلَهُ الْخُبْزَ الْمُحْتَرِقَ لِلْإِذْنِ عَادَةً، وَتَمَامُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا جَبْرَ عَلَى الصِّلَاتِ إلَّا فِي أَرْبَعٍ: شُفْعَةٌ وَنَفَقَةُ زَوْجَةٍ وَعَيْنٌ مُوصًى بِهَا، وَمَالُ وَقْفٍ
وَقَدْ حَرَّرْت أَبْيَاتِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَلَى وَقْفِ مَا فِي شَرْحِهَا لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ فَقُلْت:
وَوَاهِبُ دَيْنٍ لَيْسَ يَرْجِعُ مُطْلَقًا
…
وَإِبْرَاءُ ذِي نِصْفٍ يَصِحُّ الْمُحَرَّرُ
عَلَى حَجِّهَا أَوْ تَرْكِهِ ظُلْمَهُ لَهَا
…
إذَا وَهَبَتْ مَهْرًا وَلَمْ يُوفِ يَخْسَرُ
مُعَلِّقُ تَطْلِيقٍ بِإِبْرَاءِ مَهْرِهَا
…
وَإِنْكَاحِ أُخْرَى لَوْ بِرَدٍّ فَيَظْفَرُ
ــ
[رد المحتار]
فُرُوعٌ] .
دَفَعَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ وَقَالَ: أَنْفِقْهَا فَفَعَلَ فَهُوَ قَرْضٌ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا، وَقَالَ: أَلْبِسْهُ نَفْسَك، فَهُوَ هِبَةٌ، وَالْفَرْقُ مَعَ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ فِيهِمَا أَنَّ التَّمْلِيكَ قَدْ يَكُونُ بِعِوَضٍ، وَهُوَ أَدْنَى مِنْ تَمْلِيكِ الْمَنْفَعَةِ، وَقَدْ أَمْكَنَ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ قَرْضَ الدَّرَاهِمِ يَجُوزُ، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَلْوَالِجِيَّةٌ، وَفِيهَا: قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ: وَهَبْتُك حِصَّتِي مِنْ الرِّبْحِ، وَالْمَالُ قَائِمٌ لَا تَصِحُّ، لِأَنَّهَا هِبَةُ مَشَاعٍ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَلَوْ كَانَ اسْتَهْلَكَهُ الشَّرِيكُ صَحَّتْ.
رَجُلٌ اشْتَرَى حُلِيًّا وَدَفَعَهُ إلَى امْرَأَتِهِ وَاسْتَعْمَلَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ ثُمَّ اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَرَثَتُهَا أَنَّهَا هِبَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ أَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهَا عَارِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْهِبَةِ مِنَحٌ وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ أَوَّلَ كِتَابِ الْهِبَةِ عَنْ خِزَانَةِ الْفَتَاوَى، قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي رَدِّ كَلَامِ أَكْثَرِ الْعَوَامّ أَنَّ تَمَنُّعَ الْمَرْأَةِ يُوجِبُ التَّمْلِيكَ وَلَا شَكَّ فِي فَسَادِهِ اهـ وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا صَاحِبُ الْبَحْرِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي بَابِ التَّحَالُفِ، وَكَتَبْنَا هُنَاكَ عَنْ الْبَدَائِعِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ أَقَرَّتْ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ اشْتَرَاهُ لِي سَقَطَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالْمِلْكِ لِزَوْجِهَا ثُمَّ ادَّعَتْ الِانْتِقَالَ إلَيْهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ اهـ وَظَاهِرُهُ شُمُولُ ثِيَابِ الْبَدَنِ، وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْكِسْوَةِ الْوَاجِبَةِ، وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَيْهَا، تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْهِبَةِ مِنْ قَوْلِهِ: اتَّخَذَ لِوَلَدِهِ ثِيَابًا إلَخْ فَحَيْثُ لَا رُجُوعَ لَهُ هُنَاكَ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْعَارِيَّةِ فَهُنَا أَوْلَى. .
(قَوْلُهُ خِوَانٍ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَأَخْوِنَةٍ قَبْلَهَا بِكَسْرِ التَّاءِ مُنَوَّنَةً (قَوْلُهُ عَلَى الصِّلَاتِ) بِكَسْرِ الصَّادِ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَبِلَ الْمَدْيُونُ أَوْ لَا، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ، وَيَظْهَرُ لَك مِنْهُ مَا فِي كَلَامِ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ أَوَّلَ بَابِ الرُّجُوعِ: وَأَطْلَقَ الْهِبَةَ فَانْصَرَفَتْ إلَى الْأَعْيَانِ، فَلَا رُجُوعَ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ بَعْدَ الْقَبُولِ، بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ لِكَوْنِهَا إسْقَاطًا اهـ وَكَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الرَّدُّ بِالرُّجُوعِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِبْرَاءُ ذِي نِصْفٍ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ: وَإِذَا كَانَ دَيْنٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَوَهَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ جَازَ، وَإِنْ وَهَبَ نِصْفَ الدَّيْنِ مُطْلَقًا يَنْفُذُ فِي الرُّبْعِ كَمَا لَوْ وَهَبَ نِصْفَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: عَلَى حَجِّهَا إلَخْ) اشْتَمَلَ الْبَيْتُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْأُولَى امْرَأَةٌ تَرَكَتْ مَهْرَهَا لِلزَّوْجِ عَلَى أَنْ يَحُجَّ بِهَا، فَلَمْ يَحُجَّ بِهَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: إنَّهَا تَعُودُ بِمَهْرِهَا؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْهِبَةِ كَانَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، فَإِذَا انْعَدَمَ الْعِوَضُ انْعَدَمَ الرِّضَا، وَالْهِبَةُ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الرِّضَا.
وَالثَّانِيَةُ: إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا: وَهَبْت مَهْرِي مِنْك عَلَى أَنْ لَا تَظْلِمَنِي فَقَبِلَ صَحَّتْ الْهِبَةُ فَلَوْ ظَلَمَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَالْهِبَةُ مَاضِيَةٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَهْرُهَا بَاقٍ إنْ ظَلَمَهَا كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: مُعَلِّقُ تَطْلِيقٍ إلَخْ) الْبَيْتَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ نَظَمَ فِيهِ مَسْأَلَةً سُئِلَ عَنْهَا وَهِيَ قَالَ لَهَا مَتَى نَكَحْت عَلَيْك أُخْرَى، وَأَبْرَأْتِنِي مِنْ مَهْرِك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهَلْ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَوْفَاهَا الْمَهْرَ فَلَمْ يَبْقَ مَا تُبْرِئُهُ عَنْهُ، وَأَنْكَرَتْ يُقْبَلُ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ بِالنَّظَرِ بِسُقُوطِ حَقِّهَا كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ؟ فَأَجَابَ: إنْ رَدَّ الَإِبْرَاءَ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَتْ فَرَدُّهُ أَبْطَلَهُ، وَإِنْ كَانَ كَمَا ادَّعَى فَالرَّدُّ مُعْتَبَرٌ لِبُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ الْمُقْتَضِي لِلْحِنْثِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الرَّدُّ مَعَ دَعْوَى الدَّفْعِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا قَبَضَ دَيْنَهُ ثُمَّ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ وَقَبِلَ، صَحَّ الْإِبْرَاءُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَ. اهـ مُلَخَّصًا، وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ
وَإِنْ قَبَضَ الْإِنْسَانُ مَالَ مَبِيعِهِ
…
فَأَبْرَأَ يُؤْخَذُ مِنْهُ كَالدَّيْنِ أَظْهَرُ
وَمِنْ دُونِ أَرْضٍ فِي الْبِنَاءِ صَحِيحَةٌ
…
وَعِنْدِي فِيهِ وَقْفَةٌ فَيُحَرَّرُ
قُلْت: وَجْهُ تَوَقُّفِي تَصْرِيحُهُمْ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ بِأَنَّ رَهْنَ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ وَعَكْسَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّائِعِ فَتَأَمَّلْهُ وَأَشَرْت بِ " أَظْهَرُ " لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، فَيَظْفَرُ أَيْ بِنِكَاحِ ضَرَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ بِرَدِّهِ لِلْإِبْرَاءِ أَبْطَلَهُ فَلَا حِنْثَ فَلْيُحْفَظْ اهـ.
ــ
[رد المحتار]
لَوْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَصِحَّ الْإِبْرَاءُ قَالَ: وَإِنَّمَا سَطَرْته دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْحِنْثِ بِمُجَرَّدِ الْإِبْرَاءِ، وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ التَّعْلِيقِ وَقَالَ فِي الْهَامِشِ: أَيْ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ عَلَى نِكَاحِ أُخْرَى مَعَ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَهْرِ فَتَزَوَّجَ فَادَّعَتْ امْرَأَتُهُ الْإِبْرَاءَ فَادَّعَى دَفْعَ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ لَكِنْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: وَعَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ صَحِيحٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَقَعَ. اهـ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَبَضَ الْإِنْسَانُ) بَاعَ مَتَاعًا وَقَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: صَحِيحَةٌ) أَيْ هِيَ صَحِيحَةٌ كَذَا فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ أَيْ بِنِكَاحٍ) عِبَارَةٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَيْ بِقَهْرِ الْمَرْأَةِ لِبَقَائِهَا فِي نِكَاحِهِ مَعَ الضَّرَّةِ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ حَيْثُ كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلَاقَهَا لَا طَلَاقَ الضَّرَّةِ.
[فَائِدَةٌ] قَالَ الزَّاهِدِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى: بِحَاوِي مَسَائِلِ الْمُنْيَةِ لِلْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ انْتَهَبَ وِسَادَةَ كُرْسِيِّ الْعَرُوسِ وَبَاعَهَا بِحِلٍّ إنْ كَانَتْ وُضِعَتْ لِلنَّهْبِ اهـ.
أَقُولُ: وَعَلَيْهِ يُقَاسُ شَمْعُ الْأَعْرَاسِ وَالْمَوَالِدِ رَمْلِيٌّ عَلَى الْمِنَحِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانُهُ - أَعْلَمُ.
قَالَ الْفَقِيرُ إلَى الْبَارِي - سُبْحَانَهُ - الْمُرْتَجَى كَرَمُهُ وَإِحْسَانُهُ وَامْتِنَانُهُ مُحَمَّدٌ عَلَاءُ الدِّينِ ابْنُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا آخِرُ مَا وَجَدْتُهُ عَلَى نُسْخَةِ شَيْخِنَا الْمُؤَلِّفِ الْمَرْحُومِ الْوَالِدِ السَّيِّدِ مُحَمَّدٍ أَفَنْدِي عَابِدِينَ عَلَيْهِ رَحْمَةُ أَرْحَمِ الرَّاحِمِينَ وَأَحْسَنَ لَهُ الْفَوَائِدَ، وَلَكِنْ يَحْتَاجُ بَعْضُهُ إلَى مُرَاجَعَةِ أَصْلِهِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَلَيْسَ عِنْدِي أَصْلُهُ لِأَرْجِعَ إلَيْهِ، وَاَللَّهُ الْمَسْئُولُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ وَنَسْأَلُهُ - سُبْحَانَهُ - التَّوْفِيقَ لِأَقْوَمِ طَرِيقٍ وَهُوَ حَسْبِي، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ فِي خَامِسٍ وَعِشْرِي صَفَرِ الْخَيْرِ نَهَارَ الْأَرْبِعَاءِ قُبَيْلَ الظُّهْرِ سَنَةَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ أَحْسَنَ اللَّهُ خِتَامَهَا آمِينَ.