الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَصَحَّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَجْهُولَةِ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ، وَيَصِحُّ عِنْدَنَا لِعَدَمِ إفْضَائِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ (وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَوْجُودُ وَالْحَادِثُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يُرَدُّ بِعَيْبٍ) وَخَصَّهُ مَالِكٌ وَمُحَمَّدٌ بِالْمَوْجُودِ كَقَوْلِهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ؛ وَلَوْ قَالَ مِمَّا يَحْدُثُ صَحَّ عِنْدَ الثَّانِي وَفَسَدَ عِنْدَ الثَّالِثِ نَهْرٌ.
ــ
[رد المحتار]
[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]
ٍ (قَوْلُهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ) بِأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَوَقَعَ فِي الْعَيْنِيِّ لَفْظُ فِيهِ وَهُوَ سَهْوٌ لِمَا يَأْتِي نَهْرٌ. قُلْت: وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذَا اللَّفْظِ، بَلْ مِثْلُهُ كُلُّ مَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ. مَطْلَبٌ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ كَوْمُ تُرَابٍ أَوْ حِرَاقٌ عَلَى الزِّنَادِ أَوْ حَاضِرٌ حَلَالٌ
وَمِنْهُ مَا تُعُورِفَ فِي زَمَانِنَا فِيمَا إذَا بَاعَ دَارًا مَثَلًا فَيَقُولُ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ عَلَى أَنَّهَا كَوْمُ تُرَابٍ، وَفِي بَيْعِ الدَّابَّةِ يَقُولُ مُكَسَّرَةٌ مُحَطَّمَةٌ، وَفِي نَحْوِ الثَّوْبِ يَقُولُ حِرَاقٌ عَلَى الزِّنَادِ وَيُرِيدُونَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى جَمِيعِ الْعُيُوبِ فَإِذَا رَضِيَهُ الْمُشْتَرِي لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهُ بِكُلِّ عَيْبٍ يَظْهَرُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ بِعْته عَلَى أَنَّهُ حَاضِرٌ حَلَالٌ وَيُرَادُ بَيْعُ هَذَا الْحَاضِرِ بِمَا فِيهِ أَيُّ عَيْبٍ كَانَ سِوَى عَيْبِ الِاسْتِحْقَاقِ: أَيْ لَوْ ظَهَرَ غَيْرَ حَلَالٍ أَيْ مَسْرُوقًا أَوْ مَغْصُوبًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فَهَذَا كُلُّهُ بِمَعْنَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَنَظِيرُهُ مَا فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَبِلَ الثَّوْبَ بِعُيُوبِهِ يَبْرَأُ مِنْ الْحُرُوقِ وَتَدْخُلُ الرُّقَعُ وَالرَّفْوُ. اهـ أَيْ لَوْ كَانَ فِيهِ خَرْقٌ لَا يَرُدُّهُ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَهُ مَرْقُوعًا أَوْ مَرْفُوًّا، وَهُوَ مِنْ بَابِ رَفَوْت الثَّوْبَ رَفْوًا مِنْ بَابِ قَتَلَ: أَيْ أَصْلَحْتُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَ الْمُحَشِّينَ ذَكَرَ أَنَّ الْعَلَّامَةَ إبْرَاهِيمَ الْبِيرِيَّ سُئِلَ عَمَّنْ بَاعَ أَمَةً وَقَالَ أَبِيعُك الْحَاضِرَ الْمَنْظُورَ يُرِيدُ بِذَلِكَ جَمِيعَ الْعُيُوبِ: فَأَجَابَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْأَمَةِ الَّتِي أَبْرَأَهُ عَنْ عُيُوبِهَا. اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ) أَيْ لَمْ يَذْكُرْ أَسْمَاءَ الْعُيُوبِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) حَيْثُ قَالَ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَعُدَّ الْعُيُوبَ؛ لِأَنَّ فِي الْإِبْرَاءِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَتَمْلِيكُ الْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ إفْضَائِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ) الْأَوْلَى لِعَدَمِ إفْضَائِهَا؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ لِلْبَرَاءَةِ: قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَنَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ حَتَّى يَتِمَّ بِلَا قَبُولٍ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ نِسْوَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ وَلَا يَدْرِي كَمْ هُمْ وَلَا أَعْيَانَهُمْ وَالْإِسْقَاطُ؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةُ السَّاقِطِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُرَدُّ بِعَيْبٍ) أَيْ مَوْجُودٍ أَوْ حَادِثٍ (قَوْلُهُ بِالْمَوْجُودِ) ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَتَنَاوَلَ الثَّابِتَ وَهُوَ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الْعَقْدِ فَقَطْ. وَلَهُمَا أَنَّ الْمُلَاحَظَ هُوَ الْمَعْنَى وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ إلْزَامُ الْعَقْدِ بِإِسْقَاطِ الْمُشْتَرِي حَقَّهُ عَنْ وَصْفِ السَّلَامَةِ لِيَلْزَمَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَا يُطَالِبُ الْبَائِعُ بِحَالٍ وَذَلِكَ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدَّ وَالْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَذَلِكَ فَاقْتَضَى الْغَرَضَ وَالْمَعْلُومَ دُخُولُهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ) فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَادِثُ إجْمَاعًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ مِمَّا يَحْدُثُ) أَيْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ صَحَّ عِنْدَ الثَّانِي إلَخْ) هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ.
وَأَوْرَدَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ يَدْخُلُ الْحَادِثُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِلَا تَنْصِيصٍ فَكَيْفَ يُبْطِلُهُ مَعَ التَّنْصِيصِ وَأَجَبْت يَمْنَعُ الْإِجْمَاعَ لِمَا عَلِمْت مِنْ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ، وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَادِثَ يَدْخُلُ تَبَعًا لِتَقْرِيرِ غَرَضِهِمَا وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ لَا يَثْبُتُ مَقْصُودًا وَيَثْبُتُ الْغَنْم أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ: وَنَقَلَ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَنَّ الْأَصَحَّ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ فَاسِدٌ. اهـ، فَهَذَا تَصْحِيحٌ لِرِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، لَكِنِّي لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي
(أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فَهُوَ عَلَى) الْمَرَضِ، وَقِيلَ عَلَى (مَا فِي الْبَاطِنِ) وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلِاخْتِيَارِ وَالْجَوْهَرَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ فِي الْعَادَةِ (وَمَا سِوَاهُ) فِي الْعُرْفِ (مَرَضٌ) وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ كُلِّ غَائِلَةٍ فَهِيَ السَّرِقَةُ وَالْإِبَاقُ وَالزِّنَا. (اشْتَرَى عَبْدًا فَقَالَ لِمَنْ سَاوَمَهُ إيَّاهُ: اشْتَرِهِ فَلَا عَيْبَ بِهِ فَلَمْ يَتَّفِقْ بَيْنَهُمَا الْبَيْعُ فَوَجَدَ) مُشْتَرِيهِ (بِهِ عَيْبًا) فَلَهُ (رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ) بِشَرْطِهِ (وَلَأَنْ يَمْنَعَهُ) مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ (إقْرَارُهُ السَّابِقُ) بِعَدَمِ الْعَيْبِ،؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ التَّرْوِيجِ (وَلَوْ عَيَّنَهُ) أَيْ الْعَيْبَ فَقَالَ لَا عَوَرَ بِهِ أَوْ لَا شَلَلَ (لَا) يَرُدُّهُ لِإِحَاطَةِ الْعِلْمِ بِهِ إلَّا أَنْ لَا يَحْدُثَ مِثْلُهُ كَلَا أُصْبُعَ بِهِ زَائِدَةٌ ثُمَّ وَجَدَهَا فَلَهُ رَدُّهُ لِلتَّيَقُّنِ بِكَذِبِهِ.
(قَالَ) لِآخَرَ (عَبْدِي) هَذَا (آبِقٌ فَاشْتَرِهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ وَبَاعَ) مِنْ آخَرَ (فَوَجَدَهُ) الْمُشْتَرِي (الثَّانِي آبِقًا لَا يَرُدُّهُ بِمَا سَبَقَ مِنْ إقْرَارِ الْبَائِعِ) الْأَوَّلِ (مَا لَمْ يُبَرْهِنْ أَنَّهُ أَبِقَ عِنْدَهُ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي الْمَوْجُودِ مِنْهُ السُّكُوتُ.
(اشْتَرَى جَارِيَةً لَهَا لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا لَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا) ؛؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ،
ــ
[رد المحتار]
شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ فَلَعَلَّهُ فِي شَرْحٍ آخَرَ فَلْيُرَاجَعْ، نَعَمْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّ الْبَيْعَ بِهَذَا الشَّرْطِ فَاسِدٌ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ، وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا فَفِيهِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ وَلِهَذَا لَا يَقْبَلُ الرَّدَّ فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ نَصًّا كَالتَّعْلِيقِ فَكَانَ شَرْطًا فَاسِدًا فَأَفْسَدَ الْبَيْعَ. اهـ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ مُوَافِقًا لِمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَقَوْلُ النَّهْرِ إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ (قَوْلُهُ عِنْدَنَا عَلَى مَا فِي الْبَاطِنِ) مِنْ طِحَالٍ أَوْ فَسَادِ حَيْضٍ مِنَحٌ (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ) حَيْثُ قَالَ وَهَذَا مَا عَوَّلْنَا عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْعَادَةِ وَإِلَّا فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الدَّاءَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْمَرَضُ سَوَاءٌ كَانَ بِالْجَوْفِ أَوْ بِغَيْرِهِ. اهـ.
قُلْت لَكِنَّ عُرْفَنَا الْآنَ مُوَافِقٌ فِي اللُّغَةِ (قَوْلُهُ فَهِيَ السَّرِقَةُ وَالْإِبَاقُ وَالزِّنَا) هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَتْحٌ وَفِي الْمِصْبَاحِ غَائِلَةُ الْعَبْدِ فُجُورُهُ وَإِبَاقُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِشَرْطٍ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ نُكُولِهِ. اهـ ح وَمِنْ شُرُوطِ الرَّدِّ أَنْ لَا يَزِيدَ زِيَادَةً مَانِعَةً مِنْ الرَّدِّ، وَلَا يُوجَدَ مَا هُوَ دَلِيلُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ مِمَّا مَرَّ وَلَا بَرِئَ الْبَائِعُ مِنْ عُيُوبِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ عَنْ التَّرْوِيجِ) رَوَاجَ الْمَتَاعِ نَفَاقُهُ أَيْ أَنَّهُ أَرَادَ رَوَاجَهُ وَنَفَاقَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَالَ فِي الْمِنَحِ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ عَيْبٍ مَا فَيَتَيَقَّنُ الْقَاضِي بِأَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ لَهُ. اهـ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ: وَهَذَا كَمَنْ قَالَ لِجَارِيَتِهِ يَا زَانِيَةُ يَا مَجْنُونَةُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالْعَيْبِ وَلَكِنَّهُ لِلشَّتِيمَةِ، حَتَّى قِيلَ لَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ أَيْ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَاهُ فَلَا عَيْبَ بِهِ يَكُونُ إقْرَارًا بِنَفْيِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ عُيُوبَ الثَّوْبِ ظَاهِرَةٌ. اهـ
(قَوْلُهُ عَبْدِي هَذَا آبِقٌ) أَفَادَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ أَنَّ الْعَبْدَ حَاضِرٌ، وَأَنَّ قَوْلَهُ آبِقٌ بِمَعْنَى الْمَاضِي، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بِعْتُك عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ أَوْ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ إبَاقِهِ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ بَاعَ عَبْدًا إلَخْ (قَوْلُهُ فَوَجَدَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي آبِقًا) بِأَنْ أَبِقَ عِنْدَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِبَاقَ لَا يَكُونُ عَيْبًا إلَّا بِتَكَرُّرِهِ (قَوْلُهُ لَا يَرُدُّهُ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ إنَّهُ أَبِقَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ الْمَوْجُودُ مِنْهُ السُّكُوتُ) يَعْنِي وَالسُّكُوتُ لَيْسَ تَصْدِيقًا مِنْهُ لِبَائِعِهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَأَمَّا إذَا قَالَ الْبَائِعُ الثَّانِي وَجَدْته آبِقًا الْآنَ صَارَ مُصَدِّقًا لِلْبَائِعِ فِي إقْرَارِهِ بِكَوْنِهِ آبِقًا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ
(قَوْلُهُ اشْتَرَى جَارِيَةً إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: اشْتَرَى مُرْضِعًا ثُمَّ اطَّلَعَ بِهَا عَلَى عَيْبٍ ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالْإِرْضَاعِ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَلَوْ حَلَبَ اللَّبَنَ فَأَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ لَا يَرُدُّ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ جُزْءٌ مِنْهُمَا فَاسْتِيفَاؤُهُ دَلِيلُ الرِّضَا. وَفِي الْفَتْوَى: الْحَلْبُ بِلَا أَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ لَا يَكُونُ رِضًا، وَحَلْبُ لَبَنِ الشَّاهِ رِضًا شَرِبَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ) وَالِاسْتِخْدَامُ لَا يَكُونُ رِضًا خَانِيَّةٌ
بِخِلَافِ الشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ فَلَا يَرُدُّهَا مَعَ لَبَنِهَا أَوْ صَاعِ تَمْرٍ بَلْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عَلَى الْمُخْتَارِ شُرُوحُ مَجْمَعٍ وَحَرَّرْنَاهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْمَنَارِ (كَمَا لَوْ اسْتَخْدَمَهَا) فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَفِي الْمَبْسُوطِ الِاسْتِخْدَامُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ لَيْسَ بِرِضًا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَوَسَّعُونَ فِيهِ فَهُوَ لِلِاخْتِبَارِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ رِضًا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ إلَّا إذَا كَانَ فِي نَوْعٍ آخَرَ وَفِي الصُّغْرَى أَنَّهُ مَرَّةٌ لَيْسَ بِرِضًا إلَّا عَلَى كُرْهٍ مِنْ الْعَبْدِ بَحْرٌ (قَالَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ بِهِ) بِالْمَبِيعِ (أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا لَا يَحْدُثُ) مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (ثُمَّ وَجَدَ بِهِ ذَلِكَ كَانَ لَهُ الرَّدُّ) بِلَا يَمِينٍ لِمَا مَرَّ.
(بَاعَ عَبْدًا وَقَالَ) لِلْمُشْتَرِي (بَرِئْت إلَيْك مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ إلَّا الْإِبَاقَ فَوَجَدَهُ آبِقًا فَلَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ قَالَ إلَّا إبَاقَهُ لَا) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يُضِفْ الْإِبَاقَ لِلْعَبْدِ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِإِبَاقِهِ لِلْحَالِ، وَفِي الثَّانِي أَضَافَهُ إلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَيَكُونُ رِضًا فِي الثَّانِيَةِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهَا بِهِ ثَانِيًا كَانَ رِضًا لَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ مَرَّاتٍ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الشَّاةِ الْمُصَرَّاةِ) رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ شَرْحُ التَّحْرِيرِ وَتُصَرُّوا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ مِنْ التَّصْرِيَةِ وَهِيَ رَبْطُ ضَرْعِ النَّاقَةِ أَوْ الشَّاةِ وَتَرْكُ حَلْبِهَا الْيَوْمَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ حَتَّى يَجْتَمِعَ اللَّبَنُ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَنَارِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ الثَّابِتِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مِنْ أَنَّ ضَمَانَ الْعُدْوَانِ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ وَالتَّمْرُ لَيْسَ مِنْهُمَا فَكَانَ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ وَمُخَالَفَتُهُ مُخَالَفَةٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ لِمَا مَرَّ، فَيَرُدُّ قِيمَةَ اللَّبَنِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِهَا. اهـ
وَفِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِهَا فَذَهَبَ إلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ أَبُو يُوسُفَ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ نَقْلًا عَنْ أَصْحَابِ الْأَمَالِي عَنْهُ وَالْمَذْكُورُ عَنْهُ لِلْخَطَّابِيِّ وَابْنِ قَدَامَةَ أَنَّهُ يَرُدُّهَا مَعَ قِيمَةِ اللَّبَنِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ. اهـ
وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْحَقَائِقِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا فَحَلَبَهَا فَوَجَدَهَا قَلِيلَةَ اللَّبَنِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عِنْدَنَا: وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مَعَ اللَّبَنِ لَوْ قَائِمًا وَمَعَ صَاعِ تَمْرٍ لَوْ هَالِكًا، وَهَلْ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ عِنْدَنَا: فَعَلَى رِوَايَةِ الْأَسْرَارِ لَا وَعَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ نَعَمْ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ بِفِعْلِ التَّصْرِيَةِ غَرَّ الْمُشْتَرِيَ فَصَارَ كَمَا إذَا غَرَّهُ بِقَوْلِهِ إنَّهَا لَبُونٌ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ فِي غَيْرِ الْإِرْضَاعِ (قَوْلُهُ فَهُوَ لِلِاخْتِبَارِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَخْتَبِرَهُ وَيَمْتَحِنَهُ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ مَعَ الْعَيْبِ يَصْلُحُ لَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى كُرْهٍ مِنْ الْعَبْدِ) مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ مَا مَرَّ أَنَّهُ الِاسْتِحْسَانُ مَعَ أَنَّ وَجْهَهُ خَفِيٌّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ لِلتَّيَقُّنِ بِكَذِبِهِ
(قَوْلُهُ فَلَهُ الرَّدُّ إلَخْ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِمَا فِي الْمُحِيطِ: لَوْ قَالَ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ إبَاقِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ أَبَقَ وَقَبِلَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ يَرُدُّهُ الثَّانِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ هَذَا وَصْفًا لِلْإِيجَابِ أَوْ شَرْطًا فِيهِ وَالْإِيجَابُ يَفْتَقِرُ إلَى الْجَوَابِ وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي الْخِطَابِ فَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت ذَلِكَ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ اشْتَرَيْت عَلَى أَنَّهُ آبِقٌ فَيَكُونُ اعْتِرَافًا بِكَوْنِهِ آبِقًا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ الْإِبَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْإِبَاقَ إلَى الْعَبْدِ وَلَا وَصَفَهُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ اعْتِرَافًا بِوُجُودِ الْإِبَاقِ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَمَا يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ الْإِبَاقِ مَوْجُودٌ مِنْ الْعَبْدِ يَحْتَمِلُ التَّبَرِّي عَنْ إبَاقٍ سَيَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَصِيرُ مُقِرًّا بِكَوْنِهِ آبِقًا لِلْحَالِ بِالشَّكِّ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّ الرَّدِّ بِالشَّكِّ. اهـ وَكَتَبَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي هَامِشِ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّ حَقَّ الْعِبَارَةِ فِي كَلَامِ الْفَتْحِ لَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ إلَّا إبَاقَهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ إبَاقِهِ فَيُرَدُّ بِهِ وَلَوْ قَالَ إلَّا الْإِبَاقَ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ. اهـ.
فَكَانَ إخْبَارًا بِأَنَّهُ آبِقٌ فَيَكُونُ رَاضِيًا بِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ خَانِيَّةٌ. وَفِيهَا: لَوْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَهُ دَخَلَ الْعَيْبُ لَا الدَّرَكُ
(مُشْتَرٍ) لِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ (قَالَ أَعْتَقَ الْبَائِعُ) الْعَبْدَ (أَوْ دَبَّرَ أَوْ اسْتَوْلَدَ) الْأَمَةَ (أَوْ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ حَلَفَ) لِعَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْإِثْبَاتِ (فَإِنْ حَلَفَ قَضَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا قَالَهُ) مِنْ الْعِتْقِ وَنَحْوِهِ لِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ (وَرَجَعَ بِالْعَيْبِ إنْ عَلِمَ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلرُّجُوعِ إزَالَتُهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِهِ بِإِنْشَائِهِ أَوْ إقْرَارِهِ وَلَمْ يُوجَدْ (حَتَّى لَوْ قَالَ بَاعَهُ وَهُوَ مِلْكُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ) فُلَانٌ (وَأَخَذَهُ لَا) يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ لِإِزَالَتِهِ بِإِقْرَارِهِ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ.
(وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْغَنِيمَةَ مُحْرَزَةً) بِدَارِنَا أَوْ غَيْرَ مُحْرَزَةٍ لَوْ الْبَيْعُ (مِنْ الْإِمَامِ أَوْ أَمِينِهِ) بَحْرٌ.
ــ
[رد المحتار]
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ وَالْفَتْحِ مَقْلُوبَةٌ لِمُخَالَفَتِهَا لِمَا فِي الْمُحِيطِ.
أَقُولُ: لَا مُخَالَفَةَ وَلَا قَلْبَ أَصْلًا، وَذَلِكَ أَنَّ مَا فِي الْمُحِيطِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ ثُمَّ بَاعَهُ لِآخَرَ فَلِلْمُشْتَرِي الْآخَرِ رَدُّهُ عَلَى الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْبَائِعُ إلَّا إبَاقَهُ بِإِضَافَةِ الْإِبَاقِ إلَيْهِ يَكُونُ إخْبَارًا بِإِبَاقِهِ وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي رَاضِيًا بِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا يَرُدُّهُ بِإِبَاقِهِ عِنْدَهُ، بِخِلَافِ إلَّا الْإِبَاقَ بِلَا إضَافَةٍ وَلَا وَصْفٍ، إذْ لَيْسَ فِيهِ إقْرَارٌ بِإِبَاقِهِ لِلْحَالِ فَلَمْ يُوجَدْ رِضَا الْمُشْتَرِي بِهِ فَلَهُ رَدُّهُ، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا الْمُشْتَرِيَ بَاعَهُ لِآخَرَ فَلِلْآخَرِ رَدُّهُ عَلَيْهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَا فِي الثَّانِيَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُحِيطِ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ لَوْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَهُ دَخَلَ الْعَيْبُ لَا الدَّرَكُ) ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ حَقٌّ لَهُ قِبَلَهُ لِلْحَالِ وَالدَّرَكِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَبَيَانُهُ: لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَبْرَأْتُك مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي قِبَلَك ثُمَّ ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ لَيْسَ لَهُ دَعْوَى الرَّدِّ بِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ مِنْ جُمْلَةِ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ لَهُ وَقَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا مَثَلًا فَضَمِنَ لَهُ آخَرُ الدَّرَكَ أَيْ ضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ إذَا ظَهَرَ الْعَبْدُ مُسْتَحَقًّا ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلضَّامِنِ أَبْرَأْتُك مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي قِبَلَك لَا يَدْخُلُ الدَّرَكُ فَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَى الضَّامِنِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتَ الْإِبْرَاءِ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ عَلَى الْقَضَاءِ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَنْتَقِضُ الْبَيْعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا لَمْ يَقْضِ لَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْأَصِيلِ رَدُّ الثَّمَنِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ فَحَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ الْحَقُّ فِي الْحَالِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ لِعَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْإِثْبَاتِ) اللَّام لِلتَّوْقِيتِ أَيْ حَلَفَ الْبَائِعُ وَقْتَ عَجْزِ الْمُشْتَرِي أَمَّا لَوْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ بِهِ) أَيْ عَلِمَ أَنَّ بِهِ عَيْبًا بَعْدَ قَوْلِهِ مَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلرُّجُوعِ إزَالَتُهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِهِ بِإِنْشَائِهِ) أَيْ بِأَنْ بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ كِتَابَةٍ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَابِسًا لَهُ بِحَبْسِ بَدَلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَهُ بِلَا مَالٍ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْهَاءٌ لِلْمِلْكِ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُ ذَلِكَ لَكِنْ قَدْ يَبْطُلُ الرُّجُوعُ بِدُونِ إزَالَةٍ عَنْ مِلْكِهِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ فَكَلَامُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْغَالِبِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ إقْرَارِهِ) مِثَالُهُ مَا فَرَّعَهُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ) فَلَوْ كَذَّبَهُ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ لِبُطْلَانِ إقْرَارِهِ بِتَكْذِيبِهِ عَزْمِيَّةٌ عَنْ الْكَافِي (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ) قَالَ فِي الْكَافِي وَلَا نَعْنِي بِهِ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَكِنَّ التَّمْلِيكَ يَثْبُتُ مُقْتَضًى لِلْإِقْرَارِ ضَرُورَةً فَجُعِلَ كَأَنَّهُ مَلَكَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ. اهـ عَزْمِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ الْغَنِيمَةَ) أَيْ لِشَيْءٍ مَغْنُومٍ مِنْ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ بَحْرٌ) وَنَصُّهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ يَصِحُّ بَيْعُهُ لِلْغَنَائِمِ وَلَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَمَا فِي التَّلْخِيصِ وَشَرْحِهِ، وَقَوْلُهُمْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَفِي دَارِ الْحَرْبِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمِينِهِ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ قَيَّدَ فِي الذَّخِيرَةِ بَيْعَ الْإِمَامِ بِقَوْلِهِ
لِمَصْلَحَةٍ
رَآهَا أَفَادَ قَيْدًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ
قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَقَيْدُ مُحْرَزَةٍ غَيْرُ لَازِمٍ (عَيْبًا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا) ؛؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا (بَلْ) يَنْصِبُ لَهُ الْإِمَامُ خَصْمًا فَيَرُدُّ عَلَى (مَنْصُوبِ الْإِمَامِ وَلَا يُحَلِّفُهُ) ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْحَلِفِ النُّكُولُ وَلَا يَصِحُّ نُكُولُهُ وَإِقْرَارُهُ (فَإِذَا رَدَّ عَلَيْهِ) الْمَعِيبَ (بَعْدَ ثُبُوتِهِ يُبَاعُ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَيَرُدُّ النَّقْصَ وَالْفَضْلَ إلَى مَحَلِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ دُرَرٌ.
(وَجَدَ) الْمُشْتَرِي (بِمَشْرِيِّهِ عَيْبًا وَأَرَادَ الرَّدَّ بِهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ الدَّرَاهِمَ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَا يَرُدَّ عَلَيْهِ جَازَ) وَيُجْعَلُ حَطًّا مِنْ الثَّمَنِ (وَعَلَى الْعَكْسِ) وَهُوَ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الدَّرَاهِمَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ (لَا) يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ غَيْرُ الرِّشْوَةِ فَلَا يَجُوزُ. وَفِي الصُّغْرَى: ادَّعَى عَيْبًا فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ بَرِئَ أَوْ ظَهَرَ أَنْ لَا عَيْبَ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى، وَلَوْ زَالَ بِمُعَالَجَةِ الْمُشْتَرِي لَا قُنْيَةٌ.
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى صَاحِبِ الدُّرَرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا) الْمُرَادُ بِالْأَمِينِ مَا يَعُمُّ الْإِمَامَ لِيُوَافِقَ الدَّلِيلَ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَفْسَهُ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ عَزْمِيَّةٌ، وَبَيَّنَ فِي الذَّخِيرَةِ وَجْهَ كَوْنِهِ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا بِأَنَّ بَيْعَ الْإِمَامِ خَرَجَ عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ بِالنَّظَرِ لِلْغَانِمِينَ، فَلَوْ صَارَ خَصْمًا خَرَجَ بَيْعُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَصْلُحُ خَصْمًا. اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَلِّفُهُ) أَيْ لَا يُحَلِّفُ مَنْصُوبَ الْإِمَامِ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْعَيْبِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لَوْ أَنْكَرَ، وَإِنَّمَا هُوَ خَصْمٌ لِإِثْبَاتِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَالْأَبِ وَوَصِيِّهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ إذَا أَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَكِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِهِ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ: فَلَوْ أَقَرَّ مَنْصُوبُ الْإِمَامِ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ، وَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي عَنْ الْخُصُومَةِ وَيَنْصِبُ لِلْمُشْتَرِي خَصْمًا آخَرَ. اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مِثْلُ الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ نُكُولُهُ وَإِقْرَارُهُ) وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَلَا يَصِحُّ نُكُولُهُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ، وَلَا يَصِحُّ بَذْلُهُ وَلَا إقْرَارُهُ. اهـ ح (قَوْلُهُ وَيَرُدُّ النَّقْصَ وَالْفَضْلَ إلَى مَحَلِّهِ) أَيْ إنْ نَقَصَ الْآخَرُ عَنْ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ يُعْطَى مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْخُمُسِ يُعْطَى مِنْهُ، وَكَذَا الزِّيَادَةُ وَتُوضَعُ فِيمَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْهُ ح عَنْ الدُّرَرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا أَنَّ الْغُرْمَ وَهُوَ رَدُّ النَّقْصِ إلَى الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ الْغُنْمِ وَهُوَ رَدُّ الْفَضْلِ إلَى مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ الدَّرَاهِمَ) الْأَوْلَى دَرَاهِمَ بِالتَّنْكِيرِ ط (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ) إلَّا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَمَا بَحَثَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ.
قُلْت: وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا إذَا لَمْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ، لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَاهُ بِمِائَةٍ وَقَبَضَهُ فَطَعَنَ بِعَيْبٍ فَتَصَالَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ الْبَائِعُ وَيُرَدَّ مِائَةً إلَّا وَاحِدًا قَالَ إنْ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ رَدُّ بَاقِي الثَّمَنِ وَإِلَّا مَلَكَ الْبَاقِيَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. اهـ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ غَيْرُ الرِّشْوَةِ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ؛ لِأَنَّهُ رِبًا وَلِصَاحِبِ الْبَحْرِ رِسَالَةٌ فِي الرِّشْوَةِ ذَكَرَ ط هُنَا حَاصِلَهَا، وَمَحَلُّ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي الْقَضَاءِ، وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ وَلَوْ زَالَ بِمُعَالَجَةٍ لَا) أَيْ لَا يَرْجِعُ وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِقِيلَ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَبَضَ بَدَلَ الصُّلْحِ وَزَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ يَرُدُّ بَدَلَ الصُّلْحِ، وَقِيلَ هَذَا لَوْ زَالَ بِلَا عِلَاجِهِ فَإِنْ زَالَ بِعِلَاجِهِ لَا يُرَدُّ اهـ.