الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ
مُنَاسَبَتُهُ ظَاهِرَةٌ، وَذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صُوَرِهِ. (هُوَ) مَنْ يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ فَالْقَائِلُ لِمَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ: أَنْتَ فُضُولِيٌّ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرَ فَتْحٌ. وَاصْطِلَاحًا (مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ (بِغَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ) فَصْلٌ خَرَجَ بِهِ نَحْوُ وَكِيلٍ وَوَصِيٍّ (كُلُّ تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْهُ) تَمْلِيكًا كَانَ كَبَيْعٍ وَتَزْوِيجٍ، وَإِسْقَاطًا كَطَلَاقٍ وَإِعْتَاقٍ (وَلَهُ مُجِيزٌ) أَيْ لِهَذَا التَّصَرُّفِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إجَازَتِهِ
ــ
[رد المحتار]
[فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ]
ِّ، نِسْبَةٌ إلَى الْفُضُولِ جَمْعُ الْفَضْلِ: أَيْ الزِّيَادَةِ وَفَتْحُ الْفَاءِ خَطَأٌ، وَلَمْ يُنْسَبْ إلَى الْوَاحِدِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْغَلَبَةِ كَالْعَلَمِ لِهَذَا الْمَعْنَى فَصَارَ كَالْأَنْصَارِيِّ وَالْأَعْرَابِيِّ ط عَنْ الْبِنَايَةِ: وَفِي الْمِصْبَاحِ: وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ الْجَمْعُ اسْتِعْمَالَ الْمُفْرَدِ فِيمَا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلِهَذَا نُسِبَ إلَيْهِ عَلَى لَفْظِهِ فَقِيلَ فُضُولِيٌّ لِمَنْ يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ عَلَمًا عَلَى نَوْعٍ مِنْ الْكَلَامِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْمُفْرَدِ. (قَوْلُهُ: مُنَاسَبَتُهُ ظَاهِرَةٌ) هِيَ تَوَقُّفُ إفَادَةِ كُلٍّ مِنْ الْفَاسِدِ وَالْمَوْقُوفِ الْمِلْكَ عَلَى شَيْءٍ، وَهُوَ الْقَبْضُ فِي الْأَوَّلِ وَالْإِجَارَةُ فِي الثَّانِي ح. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ صُوَرِهِ) وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَقُولُ: عِنْدَ الدَّعْوَى هَذَا مِلْكِي وَمَنْ بَاعَكَ إنَّمَا بَاعَكَ بِغَيْرِ إذْنِي فَهُوَ عَيْنُ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. اهـ. ح (قَوْلُهُ: هُوَ) أَيْ لُغَةً وَلَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَاصْطِلَاحًا إلَخْ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ) ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَكَذَا النَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مِمَّا يَعْنِي كُلَّ مُسْلِمٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكْفُرْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ هَذَا فُضُولٌ لَا خَيْرَ فِيهِ بَلْ أَرَادَ أَنَّ أَمْرَك لَا يُؤَثِّرُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ) فَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ وَالْوَلِيُّ وَالْفُضُولِيُّ مِنَحٌ. (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ نَحْوُ وَكِيلٍ وَوَصِيٍّ) الْمُرَادُ خُرُوجُ هَذَيْنِ وَمَا شَابَهَهُمَا لَا هُمَا فَقَطْ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ: مِثْلُكَ لَا يَبْخَلُ، فَالْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ يَتَصَرَّفَانِ بِإِذْنٍ شَرْعِيٍّ، وَكَذَا الْوَلِيُّ وَالْقَاضِي وَالسُّلْطَانُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ وَنَحْوِهِ وَأَمِيرُ الْجَيْشِ فِي الْغَنَائِمِ. (قَوْلُهُ: كُلَّ تَصَرُّفٍ إلَخْ) ضَابِطٌ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ. (قَوْلُهُ: صَدَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ فُضُولِيٍّ أَوْ مِنْ الْمُتَصَرِّفِ مُطْلَقًا. (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ وَتَزْوِيجٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْلِيكِ مَا يَعُمُّ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ. (قَوْلُهُ: أَوْ إسْقَاطِ إلَخْ) أَيْ إسْقَاطَ الْمِلْكِ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: حَتَّى لَوْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَةَ غَيْرِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَأَجَازَ طَلُقَتْ وَعَتَقَ، وَكَذَا سَائِرُ الْإِسْقَاطَاتِ لِلدُّيُونِ وَغَيْرِهَا اهـ.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ فِي فُرُوعِهِمْ أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ التَّوْكِيلُ بِهِ إذَا بَاشَرَهُ الْفُضُولِيُّ يَتَوَقَّفُ إلَّا الشِّرَاءَ بِشَرْطِهِ اهـ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: أَيْ مِنْ الْعُقُودِ وَالْإِسْقَاطَاتِ لِيَخْرُجَ قَبْضُ الدَّيْنِ. فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: مَنْ قَبَضَ دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا أَمَرَهُ ثُمَّ أَجَازَ الطَّالِبُ لَمْ يَجُزْ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا اهـ. قُلْت: هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَ مَا مَرَّ رَامِزًا إلَى كِتَابٍ آخَرَ مَا نَصُّهُ: قَالَ لِمَدْيُونٍ: ادْفَعْ إلَيَّ أَلْفًا لِفُلَانٍ عَلَيْك فَعَسَى يُجِيزُهُ الطَّالِبُ وَأَنَا لَسْت بِوَكِيلٍ عَنْهُ فَدَفَعَ وَأَجَازَ الطَّالِبُ يَجُوزُ؛ وَلَوْ هَلَكَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ هَلَكَ عَلَى الطَّالِبِ وَلَوْ هَلَكَ ثُمَّ أَجَازَ لَا تُعْتَبَرُ الْإِجَازَةُ اهـ. (قَوْلُهُ: مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إجَازَتِهِ) كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْفَتْحِ، فَأَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْمُجِيزُ بِالْفِعْلِ بَلْ الْمُرَادُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ إمْضَاءِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْ مَالِكٍ أَوْ وَلِيٍّ كَأَبٍ وَجَدٍّ وَوَصِيٍّ وَقَاضٍ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ قُبَيْلَ بَابِ الْمَهْرِ.
وَفِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ مِنْ مَسَائِلِ النِّكَاحِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ: صَبِيَّةٌ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ وَهِيَ تَعْقِلُ النِّكَاحَ وَلَا وَلِيَّ لَهَا فَالْعَقْدُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي؛ فَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَاضٍ،
(حَالَ وُقُوعِهِ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا) وَمَا لَا يُجِيزُ لَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَنْعَقِدُ أَصْلًا.
بَيَانُهُ: صَبِيٌّ بَاعَ مَثَلًا ثُمَّ بَلَغَ قَبْلَ إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَأَجَازَهُ بِنَفْسِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ وَلِيًّا يُجِيزُهُ حَالَةَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَ مَثَلًا ثُمَّ بَلَغَ فَأَجَازَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا مُجِيزَ لَهُ فَيَبْطُلُ مَا لَمْ يَقُلْ أَوْقَعْتُهُ فَيَصِحُّ إنْشَاءً لَا إجَازَةً كَمَا بَسَطَهُ الْعِمَادِيُّ.
(وَقْفُ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ) لَوْ الْغَيْرُ بَالِغًا عَاقِلًا، فَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا كَمَا فِي الزَّوَاهِرِ مَعْزِيًّا لِلْحَاوِي وَهَذَا إنْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ (لِمَالِكِهِ) أَمَّا لَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ لِنَفْسِهِ
ــ
[رد المحتار]
إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ تَحْتَ وِلَايَةِ قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ يَنْعَقِدُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا يَنْعَقِدُ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَنْعَقِدُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ. اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ خَاصٌّ وَكَانَ تَحْتَ وِلَايَةِ قَاضٍ فَتَصَرُّفُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي أَوْ إجَازَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَ تَصَرُّفًا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ كَمَا يَأْتِي، وَقَدْ حَرَّرْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قُبَيْلَ كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ كِتَابِنَا تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ فَارْجِعْ إلَيْهِ فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدَ سَنِيَّةً. (قَوْلُهُ: انْعَقَدَ مَوْقُوفًا) أَيْ عَلَى إجَازَةِ مَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ الْعَقْدَ وَلَوْ كَانَ الْعَاقِدَ نَفْسَهُ.
بَيَانُهُ مَا فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَهُ أَوْ زَوَّجَهُ بِلَا إذْنٍ ثُمَّ أَجَازَ بَعْدُ وَكَالَتَهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا: بَاعَ مَالَ يَتِيمٍ ثُمَّ جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا لَهُ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْبَيْعَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ تَزَوَّجَ بِلَا إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ فَأَجَازَ ذَلِكَ النِّكَاحَ جَازَ، وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلَكِنَّهُ عَتَقَ جَازَ بِلَا إجَازَةٍ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الصَّبِيُّ أَوْ بَاعَ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ أَوْ بَلَغَ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِجَازَتِهِ، وَتَمَامُ الْفُرُوعِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا مُجِيزَ لَهُ) أَيْ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إجَازَتِهِ حَالَةَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: بَيَانُهُ) أَيْ بَيَانُ هَذَا الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كُلُّ تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْهُ رَاجِعٌ لِلْمُتَصَرِّفِ لَا لِلْفُضُولِيِّ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ هُنَا لَا يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْفُضُولِيِّ الْمَارُّ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ أَنَّ مُبَاشَرَةَ الْعَقْدِ لَيْسَتْ حَقَّهُ بَلْ حَقَّ الْوَلِيِّ وَنَحْوِهِ، فَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ فِي التَّعْرِيفِ مَا يَشْمَلُ الْعَقْدَ كَمَا أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: صَبِيٌّ) أَيْ غَيْرُ مَأْذُونٍ.
(قَوْلُهُ: بَاعَ مَثَلًا إلَخْ) أَيْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا يَجُوزُ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرِهِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَتَزَوُّجٍ وَتَزْوِيجِ أَمَتِهِ وَكِتَابَةِ قِنِّهِ وَنَحْوِهِ، فَإِذَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ مَا دَامَ صَبِيًّا، وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَأَجَازَ بِنَفْسِهِ جَازَ وَلَمْ يَجُزْ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ بِلَا إجَازَةٍ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَ مَثَلًا) أَيْ أَوْ خَلَعَ أَوْ حَرَّرَ قِنَّهُ مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ وَهَبَ مَالَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ زَوَّجَ قِنَّهُ امْرَأَةً أَوْ بَاعَ مَالَهُ مُحَابَاةً فَاحِشَةً أَوْ شَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَاحِشًا أَوْ عَقَدَ عَقْدًا مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِبَاهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ فَهَذِهِ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ أَجَازَهَا الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَّا إذَا كَانَ لَفْظُ إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ ابْتِدَاءً لَا إجَازَةً كَقَوْلِهِ أَوْقَعْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ فَيَقَعُ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقْفُ بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ) أَيْ عَلَى الْإِجَازَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ.
وَفِي حُكْمِ الْغَيْرِ: الصَّبِيُّ لَوْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا عَلِمْت ثُمَّ إذَا أَجَازَ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ وَالثَّمَنُ نَقْدٌ فَهُوَ لِلْمُجِيزِ، أَمَّا لَوْ كَانَ عَرْضًا فَهُوَ لِلْفُضُولِيِّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُشْتَرِيًا لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلْمُجِيزِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: لَوْ الْغَيْرُ بَالِغًا عَاقِلًا إلَخْ) لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي الْحَاوِي. وَوَجْهُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذَا كَانَ لِلصَّغِيرِ أَوْ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ أَوْ كَانَ فِي وِلَايَةِ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَقْدًا لَهُ مُجِيزٌ وَقْتَ الْعَقْدِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّهُ: لَوْ بَاعَ مَالَ يَتِيمٍ ثُمَّ جَعَلَهُ وَصِيًّا لَهُ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْبَيْعَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا لَمْ يَقْبَلْ الْإِجَازَةَ بَعْدَمَا صَارَ وَصِيًّا، وَلَعَلَّ مَا فِي الْحَاوِي قِيَاسٌ وَالْعَمَلُ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّوَقُّفُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقْفُ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لِمَالِكِهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ لِأَجْلِ مَالِكِهِ لَا لِأَجْلِ نَفْسِهِ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ لِمَالِكِهِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ
أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ لِمَالِكِهِ الْمُكَلَّفِ أَوْ بَاعَ عَرْضًا مِنْ غَاصِبِ عَرْضٍ آخَرَ لِلْمَالِكِ
ــ
[رد المحتار]
لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ. لَكِنَّ صَاحِبَ الْمَتْنِ قَالَ فِي مِنَحِهِ: أَقُولُ يُشْكِلُ عَلَى مَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى الْبَدَائِعِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا اُسْتُحِقَّ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ. وَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ لِنَفْسِهِ لَا لِلْمَالِكِ الَّذِي هُوَ الْمُسْتَحِقُّ مَعَ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بَيْعُ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ، فَالظَّاهِرُ ضَعْفُ مَا فِي الْبَدَائِعِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِفُرُوعِ الْمَذْهَبِ اهـ. وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ ثُمَّ اسْتَظْهَرَ أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ رِوَايَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
أَقُولُ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ لَا إشْكَالَ فِيهِ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْبَدَائِعِ لَوْ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا مَعْنَاهُ لَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ، فَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ، وَحِينَئِذٍ فَمُرَادُ الْبَدَائِعِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ مَا بَاعَهُ لِغَيْرِهِ، أَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا، فَالْخَلَلُ إنَّمَا جَاءَ مِمَّا فَهِمَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ، وَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا بَاعَهُ لِأَجْلِ مَالِكِهِ، وَلِلَّهِ دَرُّ أَخِيهِ صَاحِبِ النَّهْرِ حَيْثُ وَقَفَ عَلَى حَقِيقَةِ الصَّوَابِ، فَقَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ: وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ يَعْنِي لِغَيْرِهِ، أَمَّا إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ. لَكِنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِمِنْ بَدَلَ اللَّامِ لَكَانَ أَبْعَدَ عَنْ الْإِيهَامِ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ عَيْنُ مَا ظَهَرَ لِي، وَالْحَمْدُ اللَّه رَبِّ الْعَالَمِينَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَهُ مِنْ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فِي الْبَيْعِ أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمَالِكِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ: لَوْ شَرَطَ الْفُضُولِيُّ الْخِيَارَ لِلْمَالِكِ بَطَلَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ لَهُ بِدُونِ الشَّرْطِ فَيَكُونُ الشَّرْطُ لَهُ مُبْطِلًا. اهـ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ لَغْوًا فَقَطْ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ فِي أَنْ يُجِيزَ الْعَقْدَ أَوْ يُبْطِلَهُ يَكُونُ اشْتِرَاطُهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَيَلْغُو، وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُنَافِيًا لِلْعَقْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْطِلَهُ. وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ خِيَارُ الْإِجَازَةِ، وَمُقْتَضَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ خِيَارُ الشَّرْطِ حَيْثُ قَالَ خِيَارُ الشَّرْطِ دَاخِلٌ عَلَى الْحُكْمِ لَا الْبَيْعِ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. وَقَالَ الْبِيرِيُّ: وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَالِكِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، بَلْ إذَا شَرَطَ الْفُضُولِيُّ لِلْمُشْتَرَى لَهُ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت هَذَا لِفُلَانٍ بِكَذَا عَلَى أَنَّ فُلَانًا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يَتَوَقَّفُ كَمَا فِي قَاضِي خَانَ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي. اهـ.
قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْأَصْلَ فَسَادُ الْعَقْدِ بِشَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُلَائِمُهُ إلَّا فِي صُوَرٍ مِنْهَا وُرُودُ النَّصِّ بِهِ كَشَرْطِ الْخِيَارِ، وَفَائِدَتُهُ التَّرَوِّي دَفْعًا لِلْغَبَنِ، وَمَنْ وَقَعَ لَهُ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بِلَا شَرْطِ غَيْرِهِ مُقَيَّدٌ بِمُدَّةٍ فَكَانَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَطْ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ،؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ فِيهِ ضَرَرُ الْمُدَّةِ فَلِذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى الْإِجَازَةِ بَلْ بَطَلَ لِضَعْفِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ لَا الْبُطْلَانَ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ سُبْحَانَ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: الْمُكَلَّفِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخِيَارَ لَهُ فِيهِ. اهـ. ح وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي وَعَلِمْت مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَاعَ عَرْضًا إلَخْ) بَيَانُهُ لِرَجُلٍ عَبْدٌ وَأَمَةٌ فَغَصَبَ زَيْدٌ الْعَبْدَ وَعَمْرٌو الْأَمَةَ ثُمَّ بَاعَ زَيْدٌ الْعَبْدَ مِنْ عَمْرٍو بِالْأَمَةِ فَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ لَمْ يَجُزْ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ فَائِدَةَ الْبَيْعِ ثُبُوتُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَالتَّصَرُّفِ وَهُمَا حَاصِلَانِ لِلْمَالِكِ فِي الْبَدَلَيْنِ بِدُونِ هَذَا الْعَقْدِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ فَلَمْ تَلْحَقْهُ إجَازَةٌ، وَلَوْ غَصَبَا مِنْ رَجُلَيْنِ وَتَبَايَعَا، وَأَجَازَ الْمَالِكَانِ جَازَ، وَلَوْ غَصَبَا النَّقْدَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ وَعَقَدَ الصَّرْفَ وَتَقَابَضَا ثُمَّ أَجَازَ جَازَ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِينَ مِثْلُ مَا غَصَبَ، وَكَذَا فِي الْفَتْحِ مِنْ آخِرِ الْبَابِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِلْمَالِكِ) أَيْ مَالِكِ الْعَرْضِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ نَعْتِ عَرْضِ الْآخَرِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْعَرْضَيْنِ لِمَالِكٍ
بِهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَهُ مَوْقُوفٌ إلَّا فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ فَبَاطِلٌ، قَيَّدَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ نَفَذَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي صَبِيًّا أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَيُوقَفُ، هَذَا إذَا لَمْ يُضِفْهُ الْفُضُولِيُّ إلَى غَيْرِهِ، فَلَوْ أَضَافَهُ بِأَنْ قَالَ بِعْ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ فَقَالَ لِبَائِعِ بِعْته لِفُلَانٍ تَوَقَّفَ بَزَّازِيَّةٌ وَغَيْرُهَا
ــ
[رد المحتار]
وَاحِدٍ كَمَا مَشَيْنَا. (قَوْلُهُ: بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بَاعَ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْعَرْضِ الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا، وَمَسْأَلَةُ الْحَاوِي هِيَ الْخَامِسَةُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْخَامِسَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ بَيْعِهِ عَلَى أَنَّهُ لِنَفْسِهِ فَبَقِيَ الْمُسْتَثْنَى ثَلَاثَةً فَقَطْ وَهِيَ الْآتِيَةُ عَنْ الْأَشْبَاهِ.
قُلْت: وَيُزَادُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ فَشَرَاهُ مِنْ مَالِكِهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ، وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ إذَا تَقَدَّمَ سَبَبُ مِلْكِهِ عَلَى بَيْعِهِ، حَتَّى إنَّ الْغَاصِبَ لَوْ بَاعَ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ ضَمِنَهُ الْمَالِكُ جَازَ بَيْعُهُ أَمَّا لَوْ شَرَاهُ الْغَاصِبُ مِنْ مَالِكِهِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ أَوْ وَرِثَهُ مِنْهُ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ قِبَلَهُ، وَلَوْ غَصَبَ شَيْئًا وَبَاعَهُ فَإِنْ ضَمَّنَهُ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ جَازَ بَيْعُهُ لَا لَوْ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ. اهـ. فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ فَرَجَعَتْ الْمَسَائِلُ الْمُسْتَثْنَاةُ خَمْسًا لَكِنْ فِي الْأَخِيرَةِ كَلَامٌ سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: نَفَذَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِفُلَانٍ وَقَالَ فُلَانٌ رَضِيت فَالْعَقْدُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ وَقَعَ الْمِلْكُ لَهُ فَلَا اعْتِبَارَ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَلْحَقُ الْمَوْقُوفَ لَا النَّافِذَ فَإِنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ الْعَبْدَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ كَانَ بَيْعًا بِالتَّعَاطِي بَيْنَهُمَا، وَإِنْ ادَّعَى فُلَانٌ أَنَّ الشِّرَاءَ كَانَ بِأَمْرِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِإِقْرَارِهِ وَقَعَ لَهُ بَحْرٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَيُوقَفُ) أَيْ عَلَى إجَازَةِ مَنْ شَرَى لَهُ، فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُجِيزِ لَا عَلَى الْعَاقِدِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ إنَّمَا لَا يَتَوَقَّفُ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا وَلَا يَنْفُذُ هُنَا عَلَى الْعَاقِدِ أَفَادَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ نَفَاذُ الشِّرَاءِ عَلَى الْفُضُولِيِّ الْغَيْرِ الْمَحْجُورِ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتَهُ لِفُلَانٍ) أَيْ وَقَالَ الْفُضُولِيُّ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا،؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْ أَمْرٌ لَا يَصْلُحُ إيجَابًا. وَفِي الْفَتْحِ قَالَ اشْتَرَيْته لِأَجْلِ فُلَانٍ فَقَالَ بِعْت أَوْ قَالَ الْمَالِكُ ابْتِدَاءً بِعْته مِنْكَ لِأَجْلِ فُلَانٍ فَقَالَ اشْتَرَيْت لَمْ يَتَوَقَّفْ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَيْهِ ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ لِأَجْلِ فُلَانٍ يَحْتَمِلُ لِأَجْلِ شَفَاعَتِهِ أَوْ رِضَاهُ. اهـ.
وَذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إذَا أُضِيفَ الْعَقْدُ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ إلَى فُلَانٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ، لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا: لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت مِنْك الْأَصَحُّ عَدَمُ التَّوَقُّفِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى الْمُشْتَرِي، لَكِنْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ هَذِهِ الْأَخِيرَةَ عَنْ فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ وَقَالَ بَطَلَ الْعَقْدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ خَاطَبَ الْمُشْتَرِي فَرَدَّهُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ جَوَابًا فَكَانَ شَطْرَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِعْته لِفُلَانٍ فَقَالَ اشْتَرَيْت لَهُ أَوْ قَبِلْت وَلَمْ يَقُلْ لَهُ، وَقَوْلُهُ بِعْت مِنْكَ لِفُلَانٍ فَقَالَ اشْتَرَيْت لِأَجْلِهِ أَوْ قَبِلْت فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ لِإِضَافَتِهِ إلَى فُلَانٍ فِي الْكَلَامَيْنِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعَلَى هَذَا فَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِضَافَةِ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ بِأَنْ لَا يُضَافَ إلَى الْآخَرِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ تَصْحِيحِ التَّوَقُّفِ بِالْإِضَافَةِ إلَى فُلَانٍ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُضَفْ الْعَقْدُ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يُنَافِي مَا صَحَّحَهُ فِي الْفُرُوقِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أُضِيفَ فِي أَحَدِهِمَا إلَى الْمُشْتَرِي وَفِي الْآخَرِ إلَى فُلَانٍ بَطَلَ الْعَقْدُ كَقَوْلِهِ بِعْت مِنْكَ فَقَالَ اشْتَرَيْت لِفُلَانٍ أَوْ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِي لَا يَصْلُحُ قَبُولًا لِلْإِيجَابِ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ صَرِيحَ تَصْحِيحِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أُضِيفَ إلَى فُلَانٍ فِي أَحَدِ الْكَلَامَيْنِ يَتَوَقَّفُ وَالْمَفْهُومُ مِنْ تَصْحِيحِ الْفُرُوقِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ إلَّا إذَا أُضِيفَ إلَيْهِ فِي الْكَلَامَيْنِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْفَتْحِ السَّابِقِ، فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أُضِيفَ إلَى فُلَانٍ فِي الْكَلَامَيْنِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ وَإِلَّا نَفَذَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يُضَفْ إلَى الْآخَرِ