الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَمْ تَجُزْ إجَارَةُ بِرْكَةٍ لِيُصَادُ مِنْهَا السَّمَكُ بَحْرٌ
(وَ) بَيْعُ (طَيْرٍ فِي الْهَوَاءِ)(لَا يَرْجِعُ) بَعْدَ إرْسَالِهِ مِنْ يَدِهِ، أَمَّا قَبْلَ صَيْدِهِ فَبَاطِلٌ أَصْلًا لِعَدَمِ الْمِلْكِ (وَإِنْ) كَانَ (يَطِيرُ وَيَرْجِعُ) كَالْحَمَامِ (صَحَّ) وَقِيلَ لَا وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ
ــ
[رد المحتار]
وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ دَخَلَ السَّمَكُ فِي حَظِيرَةٍ: فَإِمَّا أَنْ يَعُدَّهَا لِذَلِكَ أَوْ لَا فَفِي الْأَوَّلِ يَمْلِكُهُ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُهُ ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ بِلَا حِيلَةٍ جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ. وَفِي الثَّانِي لَا يَمْلِكُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَسُدَّ الْحَظِيرَةَ إذَا دَخَلَ فَحِينَئِذٍ يَمْلِكُهُ، ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ بِلَا حِيلَةٍ جَازَ بَيْعُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ لَمْ يَعُدَّهَا لِذَلِكَ لَكِنَّهُ أَخَذَهُ وَأَرْسَلَهُ فِيهَا مَلَكَهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ بِلَا حِيلَةٍ جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ، أَوْ بِحِيلَةٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَلَيْسَ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ اهـ.
[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]
ِ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَجُزْ إجَارَةُ بِرْكَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: اعْلَمْ أَنَّ فِي مِصْرَ بِرَكًا صَغِيرَةً كَبِرْكَةِ الْفَهَادَةَ تَجْتَمِعُ فِيهَا الْأَسْمَاكُ هَلْ تَجُوزُ إجَارَتُهَا لِصَيْدِ السَّمَكِ مِنْهَا؟ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِيضَاحِ عَدَمَ جَوَازِهَا. وَنَقَلَ أَوَّلًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ: كَتَبْت إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي بُحَيْرَةٍ يَجْتَمِعُ فِيهَا السَّمَكُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ أَنُؤْجِرُهَا؟ فَكَتَبَ إلَيَّ أَنْ افْعَلُوا،
وَمَا فِي الْإِيضَاحِ بِالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَلْيَقُ اهـ. وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنْ بَيْعِ صَيْدِ الْآجَامِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَسَمَّاهُ الْحَبْسَ اهـ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْآجَامِ إلَّا إذَا كَانَ فِي أَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ، وَيَلْحَقُ بِهِ أَرْضُ الْوَقْفِ. وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ: الَّذِي عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ عَدَمُ جَوَازِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي بَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ أَجَمَةٍ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي أَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ أَرْضِ الْوَقْفِ، وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ كِتَابِ الْخَرَاجِ غَيْرُ بَعِيدٍ أَيْضًا عَنْ الْقَوَاعِدِ، وَمَرْجِعُهُ إلَى إجَارَةِ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ لِمَنْفَعَةٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ الِاصْطِيَادُ، وَمَا حَدَّثَ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ بَيْعُ السَّمَكِ قَبْلَ الصَّيْدِ.
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِي آجَامٍ هُيِّئَتْ لِذَلِكَ وَكَانَ السَّمَكُ فِيهَا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ، فَتَأَمَّلْ وَاعْتَنِ بِهَذَا التَّحْرِيرِ فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَيَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهَا اهـ، لَكِنَّ قَوْلَهُ: غَيْرُ بَعِيدٍ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَاقِعَةٌ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ، وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إجَارَةُ الْمَرَاعِي، وَهَذَا كَذَلِكَ، وَلِذَا جَزَمَ الْمَقْدِسِيَّ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ.
وَاعْتَرَضَ الْبَحْرُ بِمَا قُلْنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ وَبَيْعُ طَيْرٍ) جَمْعُ طَائِرٍ، وَقَدْ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعُ طُيُورٌ وَأَطْيَارٌ بَحْرٌ عَنْ الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ إرْسَالِهِ مِنْ يَدِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ وَلَكِنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ كَوْنُهُ غَيْرَ مَقْدُورِ التَّسْلِيمِ، فَلَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ لَا يَعُودُ إلَى الْجَوَازِ عِنْدَ مَشَايِخِ بَلْخٍ. وَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ يَعُودُ، وَكَذَا عَنْ الطَّحَاوِيِّ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ الطَّيْرُ مَبِيعًا أَوْ ثَمَنًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَمَّا قَبْلَ صَيْدِهِ فَبَاطِلٌ أَصْلًا) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي السَّمَكِ (قَوْلُهُ صَحَّ) ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ، وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى بَحْرٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ عَادَةً كَالْوَاقِعِ، وَتَجْوِيزُ كَوْنِهَا لَا تَعُودُ أَوْ عُرُوضُ عَدَمِ عَوْدِهَا لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ كَتَجْوِيزِ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ، ثُمَّ إذَا عَرَضَ الْهَلَاكُ انْفَسَخَ، كَذَا هُنَا إذَا فُرِضَ وُقُوعُ عَدَمِ الْمُعْتَادِ مِنْ عَوْدِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ اهـ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) فِي الْبَحْرِ والشرنبلالية أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ) حَيْثُ ذَكَرَ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ ثُمَّ قَالَ: وَأَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ: الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ عَقِبَهُ وَلِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْآبِقِ اهـ.
(وَ) بَيْعُ (الْحَمْلِ) أَيْ الْجَنِينِ، وَجَزَمَ فِي الْبَحْرِ بِبُطْلَانِهِ كَالنِّتَاجِ (وَأَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا) لِفَسَادِهِ بِالشَّرْطِ، بِخِلَافِ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ (وَلَبَنٍ فِي ضَرْعٍ)
ــ
[رد المحتار]
قَالَ ح: أَقُولُ: فَرْقُ مَا بَيْنَ الْحَمَامِ وَالْآبِقِ، فَإِنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَقْضِ بِعَوْدِهِ غَالِبًا، بِخِلَافِ الْحَمَامِ، وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ عَقِبَهُ، إنْ أَرَادَ بِهِ الْقُدْرَةَ حَقِيقَةً فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا لَاشْتُرِطَ حُضُورَ الْمَبِيعِ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَأَحَدٌ لَا يَقُولُ بِهِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْقُدْرَةَ حُكْمًا كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا، فَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ لِحُكْمِ الْعَادَةِ بِعَوْدِهِ اهـ.
قُلْت: وَهُوَ وَجِيهٌ فَهُوَ نَظِيرُ الْعَبْدِ الْمُرْسَلِ فِي حَاجَةِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ وَقْتَ الْعَقْدِ حُكْمًا إذْ الظَّاهِرُ عَوْدُهُ، وَلَوْ أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي فَسْخِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَهُنَا كَذَلِكَ، لَكِنْ لِيُنْظَرْ مَتَى يُحْكَمُ بِفَسْخِ الْعَقْدِ لِعَدَمِ عَوْدِ ذَلِكَ الطَّائِرِ فَإِنَّهُ مَا دَامَ مُحْتَمَلُ الْحَيَاةِ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ. [تَنْبِيهٌ] فِي الذَّخِيرَةِ: بَاعَ بُرْجَ حَمَامٍ، فَإِنْ لَيْلًا جَازَ، وَلَوْ نَهَارًا فَلَا؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ يَكُونُ خَارِجَ الْبَيْتِ فَلَا يُمْكِنُ أَخْذُهُ إلَّا بِالِاحْتِيَالِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَأَمَّلْ.، وَفِيهِ أَلْغَزَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
يَا إمَامًا فِي فِقْهِ نُعْمَانَ أَضْحَى
…
حَائِزَ السَّبْقِ مُفْرَدًا لَا يُجَارَى
أَيُّ بَيْتٍ يَجُوزُ بَيْعُكَ إيَّا
…
هـ بِلَيْلٍ وَلَا يَجُوزُ نَهَارَا.
(قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْحَمْلِ) بِسُكُونِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ فِي الْبَحْرِ بِبُطْلَانِهِ)«لِنَهْيِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ» ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ بَيْعَ الثَّلَاثَةِ بَاطِلٌ، وَاعْتَرَضَ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ التَّعْلِيلَ بِالْغَرَرِ، وَهُوَ الشَّكُّ فِي وُجُودِهِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ الشَّيْءِ الْمَلْفُوفِ الْمَوْصُوفِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُوجَدَ شَيْءٌ أَوْ وَصْفُهُ الْمَذْكُورُ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِجَوَازِهِ. اهـ. قُلْت: فِيهِ أَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْحَمْلِ فَتَدَبَّرْ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ: فَلَوْ بَاعَ الْحَمْلَ وَوَلَدَتْ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ لِفَسَادِهِ بِالشَّرْطِ) ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ، وَالْحَمْلُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَطْرَافِ فَصَارَ شَرْطًا فَاسِدًا، وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ.
مَطْلَبٌ اسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ فِي الْعُقُودِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ ثُمَّ اسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ فِي الْعُقُودِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ: فِي وَجْهٍ: يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَالِاسْتِثْنَاءُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهَا تُبْطِلُهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ، وَفِي وَجْهٍ: الْعَقْدُ جَائِزٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَفِي وَجْهٍ: يَجُوزَانِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ، كَمَا لَوْ أَوْصَى بِجَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِهَا لِآخَرَ صَحَّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَالْمِيرَاثُ يَجْرِي فِي الْحَمْلِ فَكَذَا الْوَصِيَّةُ، بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ زَيْلَعِيٌّ مُلَخَّصًا أَيْ لَوْ أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ إلَّا خِدْمَتَهَا لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَجْرِي فِيهَا وَالْغَلَّةُ كَالْخِدْمَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ) أَيْ حَيْثُ يَصِحُّ الْعَقْدُ
وَجَزَمَ الْبُرْجَنْدِيُّ بِبُطْلَانِهِ
(وَلُؤْلُؤٍ فِي صَدَفٍ) لِلْغَرَرِ (وَصُوفٍ عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ) وَجَوَّزَهُ الثَّانِيَ وَمَالِكٌ. وَفِي السِّرَاجِ: لَوْ سَلَّمَ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا، وَكَذَا كُلُّ مَا اتِّصَالُهُ خِلْقِيٌّ كَجِلْدِ حَيَوَانٍ وَنَوَى تَمْرٍ وَبُنٍّ وَبِطِّيخٍ، لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَعْدُومٌ عُرْفًا، وَإِنَّمَا صَحَّحُوا بَيْعَ الْكُرَّاثِ
ــ
[رد المحتار]
فِيهِمَا، لَكِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَاطِلٌ فِي الْهِبَةِ جَائِزٌ فِي الْوَصِيَّةِ كَمَا عَلِمْت فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَجَزَمَ الْبُرْجَنْدِيُّ بِبُطْلَانِهِ) قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: ذَكَرُوا فِي فَسَادِهِ عِلَّتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَبَنٌ أَوْ دَمٌ أَوْ رِيحٌ، وَهَذِهِ تَقْتَضِي بُطْلَانَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مَشْكُوكُ الْوُجُودِ فَلَا يَكُونُ مَالًا، وَالْأُخْرَى أَنَّ اللَّبَنَ يُوجَدُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَخْتَلِطُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي بِمِلْكِ الْبَائِعِ. اهـ أَيْ وَهَذِهِ تَقْتَضِي الْفَسَادَ ط. قُلْت: مُقْتَضَى الْفَسَادِ لَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْبُطْلَانِ بَلْ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ مَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْمَشْرُوعِيَّةِ أَصْلًا فَلِذَا جَزَمَ بِبُطْلَانِهِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِلْغَرَرِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَهُوَ مِثْلُ اللَّبَنِ رَمْلِيٌّ.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي التَّجْنِيسِ: رَجُلٌ اشْتَرَى لُؤْلُؤَةً فِي صَدَفٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْبَيْعُ جَائِزٌ، وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْبَيْعُ بَاطِلٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ تُرَابَ الذَّهَبِ وَالْحُبُوبَ فِي غِلَافِهَا حَيْثُ يَجُوزُ لِكَوْنِهَا مَعْلُومَةً وَيُمْكِنُ تَجْرِبَتُهَا بِالْبَعْضِ أَيْضًا. اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ (قَوْلُهُ وَصُوفٌ عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ قَبْلَ الْجَزِّ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ وَصْفِ الْحَيَوَانِ لِقِيَامِهِ بِهِ كَسَائِرِ أَطْرَافِهِ وَ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ مِنْ أَسْفَلَ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ كَمَا قُلْنَا فِي اللَّبَنِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَجَوَّزَهُ الثَّانِي) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ وَقَعَ بَاطِلًا وَإِلَّا لَصَحَّ بِزَوَالِ الْمُفْسِدِ كَمَا سَيَتَّضِحُ فِي بَيْعِ الْآبِقِ وَهُوَ أَيْضًا مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفُ ذَكَرَهُ فِي الْبَاطِلِ (قَوْلُهُ وَكَذَا كُلُّ مَا اتِّصَالُهُ خِلْقِيٌّ) بِخِلَافِ اتِّصَالِ الْجِذْعِ وَالثَّوْبِ فَإِنَّهُ بِصُنْعِ الْعِبَادِ ابْنُ مَلَكٍ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مَعْدُومٌ عُرْفًا) أَيْ مَرَّ فِي فَصْلِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا عِنْدَ قَوْلِهِ كَبَيْعِ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ، وَبَيَّنَّاهُ هُنَاكَ بِأَنَّهُ يُقَالُ هَذَا تَمْرٌ وَقُطْنٌ، وَلَا يُقَالُ هَذَا نَوًى فِي تَمْرِهِ وَلَا حَبٌّ فِي قُطْنِهِ، وَيُقَالُ هَذِهِ حِنْطَةٌ فِي سُنْبُلِهَا وَهَذَا لَوْزٌ وَفُسْتُقٌ فِي قِشْرَهُ، وَلَا يُقَالُ هَذِهِ قُشُورٌ فِيهِمَا لَوْزٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا صَحَّحُوا إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ كَمَا فِي الْكُرَّاثِ وَقَوَائِمِ الْخِلَافِ - بِالْكَسْرِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ - نَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ أَيْ مَعَ أَنَّهَا تَزِيدُ، وَالْجَوَابُ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ أُجِيزَ فِي الْكُرَّاثِ وَالْقَوَائِمِ لِلتَّعَامُلِ، إذْ لَا نَصَّ فِيهِ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ اهـ. وَأَيْضًا فَالْقَوَائِمُ تَزِيدُ مِنْ أَعْلَاهَا أَيْ فَلَا يَحْصُلُ اخْتِلَاطُ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الصُّوفِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْخِضَابِ كَمَا أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ. وَفِي الْبَحْرِ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا
وَشَجَرِ الصَّفْصَافِ وَأَوْرَاقِ التُّوتِ بِأَغْصَانِهَا لِلتَّعَامُلِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: بَاعَ أَوْرَاقَ تُوتٍ لَمْ تُقْطَعْ قَبْلَهُ بِسَنَةٍ جَازَ وَبِسَنَتَيْنِ لَا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَبَهُ مَوْضِعُ قَطْعِهِ عُرْفًا (وَجِذْعٍ) مُعَيَّنٍ (فِي سَقْفٍ) أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا (وَذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ) فَلَوْ قُطِعَ وَسُلِّمَ قَبْلَ فَسْخِ الْمُشْتَرِي عَادَ صَحِيحًا، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّهُ الْقَطْعُ كَكِرْبَاسٍ جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ
(وَضَرْبَةِ الْقَانِصِ) بِقَافٍ وَنُونٍ الصَّائِدُ
ــ
[رد المحتار]
عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: اشْتَرَى رَطْبَةً مِنْ الْبُقُولِ أَوْ قِثَّاءَ أَوْ شَيْئًا يَنْمُو سَاعَةً فَسَاعَةً لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الصُّوفِ، وَبَيْعُ قَوَائِمِ الْخِلَافِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ يَنْمُو؛ لِأَنَّ نُمُوَّهَا مِنْ الْأَعْلَى، بِخِلَافِ الرَّطْبَاتِ إلَّا الْكُرَّاثِ لِلتَّعَامُلِ وَمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ لَا يَجُوزُ اهـ.
قُلْت: وَقَوْلُهُ لِلتَّعَامُلِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ إلَّا الْكُرَّاثَ فَقَطْ، وَإِلَّا فَكَوْنُ قَوَائِمِ الْخِلَافِ تَنْمُو مِنْ الْأَعْلَى، بِخِلَافِ الرَّطْبَاتِ يُفِيدُ الْجَوَازَ بِلَا حَاجَةٍ إلَى التَّعْلِيلِ بِالتَّعَامُلِ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَا عَنْ الْفَضْلِيِّ تَصْحِيحَ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي قَوَائِمِ الْخِلَافِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يَنْمُو مِنْ أَعْلَاهُ فَمَوْضِعُ الْقَطْعِ مَجْهُولٌ، كَمَنْ اشْتَرَى شَجَرَةً لِلْقَطْعِ لَا يَجُوزُ لِجَهَالَةِ مَوْضِعِ الْقَطْعِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ إذْ لَا بُدَّ لِلْقَطْعِ مِنْ حَفْرِ الْأَرْضِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ لِلتَّعَامُلِ. وَفِي الصُّغْرَى الْقِيَاسُ فِي بَيْعِ الْقَوَائِمِ الْمَنْعُ، لَكِنْ جَازَ لِلتَّعَامُلِ، وَبَيْعُ الْكُرَّاثِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ يَنْمُو مِنْ أَسْفَلِهِ لِلتَّعَامُلِ أَيْضًا، وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ الْفَضْلِيُّ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْقَوَائِمِ لِمَنْ تَأَمَّلَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَشَجَرُ الصَّفْصَافِ) أَيْ قَوَائِمُ شَجَرِهِ أَيْ أَغْصَانِهِ (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ بَاعَ أَوْرَاقَ تُوتٍ) أَيْ مَعَ أَغْصَانِهَا. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: اشْتَرَى أَوْرَاقَ التُّوتِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ الْقَطْعِ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ عُرْفًا صَحَّ، وَلَوْ تَرَكَ الْأَغْصَانَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَوْ بَاعَ أَوْرَاقَ تُوتٍ لَمْ يُقْطَعْ قَبْلُ بِسَنَةٍ يَجُوزُ، وَبِسَنَتَيْنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِسَنَةٍ يُعْلَمُ مَوْضِعُ قَطْعِهَا عُرْفًا. اهـ (قَوْلُهُ وَجِذْعٌ) هُوَ الْقِطْعَةُ مِنْ النَّخْلِ أَوْ غَيْرِهِ تُوضَعُ عَلَيْهَا الْأَخْشَابُ نَهْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِضَرَرٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِمَا ذَكَرْنَا وَلِلْجَهَالَةِ أَيْضًا هِدَايَةٌ، فَقَوْلُهُ مُعَيَّنٌ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْفَسَادِ بَلْ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَوْ قَطَعَ وَسَلَّمَ ط.
(قَوْلُهُ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَذَكَرَ الزَّاهِدِيُّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لَا يَنْقَلِبُ بِالتَّسْلِيمِ صَحِيحًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مُعَلَّلٌ بِلُزُومِ الضَّرَرِ وَالْجَهَالَةِ فَإِذَا تَحَمَّلَ الْبَائِعُ الضَّرَرَ وَسَلَّمَهُ زَالَ الْمُفْسِدُ وَارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ أَيْضًا، وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ فِي الْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ صَحِيحًا اهـ. قُلْت: وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ نُوحٌ عَنْ الزَّاهِدِيِّ عَنْ شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ عَكْسُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي النَّهْرِ فَلْيُرَاجَعْ، نَعَمْ عِبَارَةُ ابْنِ كَمَالٍ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يَعُودُ صَحِيحًا، وَعَزَاهُ إلَى الزَّاهِدِيِّ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيُّ (قَوْلُهُ يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ) كَالثَّوْبِ الْمُهَيَّأِ لِلُّبْسِ زَيْلَعِيٌّ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ حِلْيَةٍ مِنْ سَيْفٍ أَوْ نِصْفِ زَرْعٍ لَمْ يُدْرَكْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِقَطْعِ جَمِيعِهِ، وَكَذَا بَيْعُ فَصِّ خَاتَمٍ مُرَكَّبٍ فِيهِ، وَكَذَا نَصِيبُهُ مِنْ ثَوْبٍ مُشْتَرَكٍ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ وَذِرَاعٍ مِنْ خَشَبَةٍ لِلضَّرَرِ فِي تَسْلِيمِ ذَلِكَ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا الْتَزَمَهُ مِنْ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ الْعَقْدَ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ بَحْرٌ وَفَتْحٌ. وَفِي بَيْعِ نِصْفِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ كِتَابِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ جَازَ) كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ) عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَضَرْبَةُ الْقَانِصِ) مِنْ قَنَصَ قَنْصًا عَلَى حَدِّ ضَرَبَ صَادَ كَمَا فِي الصِّحَاحِ
(وَالْغَائِصِ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ الْغَوَّاصُ، وَالْبَيْعُ فِيهِمَا بَاطِلٌ لِلْغَرَرِ بَحْرٌ وَنَهْرٌ وَالْكَمَالُ وَابْنُ الْكَمَالِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ نَظَمَهُ مُنْلَا خُسْرو فِي سَلْكِ الْمَقَاصِدِ فَتَبِعْتُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَيَجِبُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْبَاطِلُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ كَمَا مَرَّ
(وَالْمُزَابَنَةُ) هِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِتَمْرٍ مَقْطُوعٍ مِثْلُ كَيْلِهِ تَقْدِيرًا شُرُوحُ مَجْمَعٍ، وَمِثْلُهُ الْعِنَبُ بِالزَّبِيبِ عِنَايَةٌ لِلنَّهْيِ وَلِشُبْهَةِ الرِّبَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ رَطْبًا جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (وَالْمُلَامَسَةُ) لِلسِّلْعَةِ (وَالْمُنَابَذَةُ) أَيْ نَبْذُهَا لِلْمُشْتَرِي (وَإِلْقَاءُ الْحَجَرِ) عَلَيْهَا، وَهِيَ مِنْ بُيُوعِ الْجَاهِلِيَّةِ فَنُهِيَ عَنْهَا كُلُّهَا عَيْنِيٌّ
ــ
[رد المحتار]
بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك مَا يَخْرُجُ مِنْ إلْقَاءِ هَذِهِ الشَّبَكَةِ مَرَّةً بِكَذَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَالْغَائِصُ) بِأَنْ يَقُولَ: أَغُوصُ غَوْصَةً فَمَا أَخْرَجْتُهُ مِنْ اللَّآلِئِ فَهُوَ لَكَ بِكَذَا كَمَا فِي تَهْذِيبِ الْأَزْهَرِيّ، وَمُقْتَضَاهُ الْمُبَايَنَةُ بَيْنَ الْقَانِصِ بِالْقَافِ وَالْغَائِصِ بِالْغَيْنِ، وَفَسَّرَ الزَّيْلَعِيُّ ضَرْبَةَ الْقَانِصِ بِالْقَافِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّيْدِ بِضَرْبَةِ الشَّبَكَةِ أَوْ بِغَوْصِ الصَّائِدِ فِي الْمَاءِ. قَالَ النَّهْرِ: وَهَذَا يُوهِمُ شُمُولَ الْقَانِصِ بِالْقَافِ لِلْغَائِصِ، وَالْوَاقِعُ مَا قَدْ عَلِمْتَهُ. وَجَعَلَ فِي السِّرَاجِ الْقَانِصُ صَيَّادُ الْبَرِّ وَالْغَائِصُ صَيَّادُ الْبَحْرِ. وَالْحَقُّ أَنَّ الصَّائِدَ بِالْآلَةِ وَهُوَ الْقَانِصُ بِالْقَافِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ بِخِلَافِ الْغَائِصِ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَانِصَ بِالْقَافِ مَنْ يَصْطَادُ الصَّيْدَ بَرًّا أَوْ بَحْرًا، وَأَمَّا الْغَائِصُ بِالْغَيْنِ فَهُوَ مَنْ يَغُوصُ لِاسْتِخْرَاجِ اللَّآلِئِ مَثَلًا
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفُ وَبَيْعُ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُزَابَنَةُ) مِنْ الزَّبْنِ: وَهُوَ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَالْمُدَافَعَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَائِقِ (قَوْلُهُ مِثْلُ كَيْلِهِ تَقْدِيرًا) أَيْ بِأَنْ يُقَدَّرَ الرُّطَبُ الَّذِي عَلَى النَّخْلِ بِمِقْدَارِ مِائَةِ صَاعٍ مَثَلًا بِطَرِيقِ الظَّنِّ وَالْحَزْرِ فَيَبِيعُهُ بِقَدْرِهِ مِنْ التَّمْرِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْعِنَبُ) أَيْ عَلَى الْكَرْمِ (قَوْلُهُ وَلِشُبْهَةِ الرِّبَا) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَكِيلٍ بِمَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ مَعَ احْتِمَالِ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا بِالْكَيْلِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَيْ) مَا بِيعَ بِالتَّمْرِ الْمَقْطُوعِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُزَابَنَةِ بِأَنَّهَا بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ: أَيْ بِالْمُثَلَّثَةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُثَنَّاةِ فِي الثَّانِي خِلَافُ التَّحْقِيقِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بَيْعُ الرُّطَبِ بِتَمْرٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ بِالْمُثَلَّثَةِ حَمْلُ الشَّجَرِ رُطَبًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ رُطَبًا جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَلَوْ كَانَ الرُّطَبُ عَلَى الْأَرْضِ كَالتَّمْرِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مُتَسَاوِيًا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَبَا حَنِيفَةَ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّبَا. اهـ (قَوْلُهُ فَنَهَى عَنْهَا كُلِّهَا) فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» زَادَ مُسْلِمٌ أَمَّا الْمُلَامَسَةُ: فَأَنْ يَلْمِسَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ تَأَمُّلٍ لِيَلْزَمَ اللَّامِسَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ لَهُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ، وَهَذَا بِأَنْ يَكُونَ مَثَلًا فِي ظُلْمَةٍ أَوْ يَكُونَ الثَّوْبُ مَطْوِيًّا مَرْئِيًّا يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمَسَهُ فَقَدْ بَاعَهُ مِنْهُ، وَفَسَادُهُ لِتَعْلِيقِ التَّمْلِيكِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ وَجَبَ الْبَيْعُ وَسَقَطَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ: وَالْمُنَابَذَةُ: أَنْ يَنْبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَهُ إلَى الْآخَرِ وَلَا يَنْظُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ عَلَى جَعْلِ النَّبْذِ بَيْعًا، وَهَذِهِ كَانَتْ بُيُوعًا يَتَعَارَفُونَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وَكَذَا إلْقَاءُ الْحَجَرِ أَنْ يُلْقِيَ حَصَاةً وَثَمَّةَ أَثْوَابٍ فَأَيُّ ثَوْبٍ وَقَعَ عَلَيْهِ كَانَ الْمَبِيعَ بِلَا تَأَمُّلٍ وَرُؤْيَةٍ، وَلَا خِيَارَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ تَرَاوُضَهُمَا عَلَى الثَّمَنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. وَمَعْنَى النَّهْيِ مَا فِي كُلٍّ مِنْ الْجَهَالَةِ وَتَعْلِيقِ التَّمْلِيكِ بِالْخَطَرِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى إذَا وَقَعَ حَجَرِي عَلَى ثَوْبٍ فَقَدْ بِعْتُهُ مِنْكَ أَوْ بِعْتنِيهِ بِكَذَا أَوْ إذَا نَبَذْته أَوْ لَمَسْته كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَذَكَرَ فِي الدُّرَرِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ إلْقَاءِ الْحَجَرِ أُلْحِقَ
لِوُجُودِ الْقِمَارِ، فَكَانَتْ فَاسِدَةً إنْ سَبَقَ ذِكْرُ الثَّمَنِ بَحْرٌ
(وَ) بَيْعُ (ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ) أَوْ عَبْدٍ مِنْ عَبْدَيْنِ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ، فَلَوْ قَبَضَهُمَا وَهَلَكَا مَعًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ كُلٍّ.
إذْ الْفَاسِدُ مُعْتَبَرٌ بِالصَّحِيحِ وَلَوْ مُرَتَّبَيْنِ، فَقِيمَةُ الْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ وَالْقَوْلُ لِلضَّامِنِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ خِيَارُ التَّعْيِينِ، فَلَوْ شَرَطَ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ جَازَ لِمَا مَرَّ
(وَالْمَرَاعِي) أَيْ الْكَلَأُ (وَإِجَارَتُهَا) أَمَّا بُطْلَانُ بَيْعِهَا فَلِعَدَمِ الْمِلْكِ لِحَدِيثِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ»
ــ
[رد المحتار]
بِالْأَوَّلَيْنِ دَلَالَةً (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْقِمَارِ) أَيْ بِسَبَبِ تَعْلِيقِ التَّمْلِيكِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ إنْ سَبَقَ ذِكْرُ الثَّمَنِ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَلَا بُدَّ فِي هَذِهِ الْبُيُوعِ أَنْ يَسْبِقَ الْكَلَامُ مِنْهُمَا عَلَى الثَّمَنِ. اهـ أَيْ لِتَكُونَ عِلَّةُ الْفَسَادِ مَا ذَكَرَ وَإِلَّا كَانَ الْفَسَادُ لِعَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ إنْ سَكَتَا عَنْهُ، لِمَا مَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ بَاطِلٌ وَمَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ فَاسِدٌ.
(قَوْلُهُ وَثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ) قَيَّدَ بِالْقِيَمِيِّ، إذْ بَيْعُ الْمُبْهَمِ فِي الْمِثْلِيِّ جَائِزٌ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ (قَوْلُهُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ كُلٍّ) ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْآخَرَ أَمَانَةٌ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَشَاعَتْ الْأَمَانَةُ وَالضَّمَانُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ إذْ الْفَاسِدُ مُعْتَبَرٌ بِالصَّحِيحِ) أَيْ مُلْحَقٌ بِهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا بِأَنْ يَقْبِضَ ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا صَحَّ، فَإِذَا هَلَكَا ضَمِنَ نِصْفَ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْقِيمَةُ فِي الْفَاسِدِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ) أَيْ رَدِّ مَا هَلَكَ أَوَّلًا فَتَعَيَّنَ مَضْمُونًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلضَّامِنِ) أَيْ فِي تَعْيِينِ الْهَالِكِ، وَذَلِكَ بِأَنْ اخْتَلَفَ الثَّوْبَانِ أَوْ الْعَبْدَانِ وَادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّ الْهَالِكَ هُوَ الْأَقَلُّ قِيمَةً وَعَكْسُ الْآخَرِ، وَلَوْ بَرْهَنَّا فَبُرْهَانُ الْبَائِعِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِهِ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْفَسَادُ فِيمَا إذَا بَاعَ ثَوْبَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ خِيَارُ التَّعْيِينِ) أَيْ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ، وَقَوْلُ الْبَحْرِ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ فِيهِ قُصُورٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ شَرَطَ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ) بِنَصْبِ أَخْذَ مَصْدَرًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِشَرَطَ، بِأَنْ قَالَ بِعْتُك وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ تَأْخُذُ أَيَّهُمَا شِئْت فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ بِفُرُوعِهَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ.
(قَوْلُهُ وَالْمَرَاعِي) فِي الْمِصْبَاحِ: الرِّعْيُ بِالْكَسْرِ وَالْمَرْعَى بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَهُوَ مَا تَرْعَاهُ الدَّوَابُّ وَالْجَمْعُ الْمَرَاعِي بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ الْكَلَأُ) فَسَّرَهَا بِالْكَلَإِ دَفْعًا لِوَهْمِ أَنْ يُرَادَ مَكَانُ الرَّعْيِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَتْحٌ: أَيْ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا كَمَا لَا يَخْفَى وَالْكَلَأُ كَجَبَلٍ: الْعُشْبُ رَطْبُهُ وَيَابِسُهُ قَامُوسٌ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ مَا تَرْعَاهُ الْمَوَاشِي رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا، بِخِلَافِ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّ الْكَلَأَ مَا لَا سَاقَ لَهُ وَالشَّجَرُ لَهُ سَاقٌ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ، حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهَا إذَا نَبَتَتْ فِي أَرْضِهِ لِكَوْنِهَا مِلْكَهُ وَالْكَمْأَةُ كَالْكَلَإِ. اهـ (قَوْلُهُ أَمَّا بُطْلَانُهَا) هَذَا مُخَالِفٌ لِسَوْقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي ذِكْرِ الْفَاسِدِ، فَمُرَادُهُ أَنَّ بَيْعَهَا فَاسِدٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِهِ، نَعَمْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَصَرَّحَ مُنْلَا خُسْرو بِفَسَادِ هَذَا الْبَيْعِ، وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ بِبُطْلَانِهِ وَعَلَّلَهُ بِعَدَمِ الْإِحْرَازِ.
اهـ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ شَرْحُ كَلَامِهِ عَلَى وَفْقِ مَرَامِهِ مَعَ بَيَانِ الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَمَّا رَأَى الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ مُعَلَّلًا بِعَدَمِ الْمِلْكِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَا لَا يَمْلِكُ بَاطِلٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لَكِنَّهُ لَا يُوَافِقُ غَرَضَ الْمُصَنِّفُ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فَلِعَدَمِ الْمِلْكِ) لِاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِيهِ اشْتَرَاكَ إبَاحَةٍ لَا مِلْكٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُهُ بِدُونِ بَيْعٍ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ: النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ " الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ " إلَخْ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِي آخِرِهِ " ثَمَنُهُ حَرَامٌ " أَيْ ثَمَنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ عَدِيٍّ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ نُوحٌ أَفَنْدِي، وَمَعْنَى الشَّرِكَةِ فِي النَّارِ الِاصْطِلَاءُ بِهَا وَتَجْفِيفُ الثِّيَابِ لَا أَخَذُ الْجَمْرِ
وَأَمَّا بُطْلَانُ إجَارَتِهَا فَلِأَنَّهَا عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ ابْنُ كَمَالٍ، وَهَذَا إذَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ أَنْبَتَهُ بِسَقْيٍ وَتَرْبِيَةٍ مَلَكَهُ وَجَازَ بَيْعُهُ عَيْنِيٌّ، وَقِيلَ لَا
قَالَ وَبَيْعُ الْقَصِيلِ وَالرَّطْبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ لِيَقْطَعَهُ أَوْ لِيُرْسِلَ دَابَّتَهُ فَتَأْكُلَ جَازَ وَإِنْ لِيَتْرُكَهُ لَمْ يَجُزْ، وَحِيلَتُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ لِضَرْبِ فُسْطَاطِهِ أَوْ لِإِيقَافِ دَوَابِّهِ أَوْ لِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى كَمَقِيلٍ وَمُرَاحٍ، وَتَمَامُهُ فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ.
ــ
[رد المحتار]
إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَفِي الْمَاءِ سَقْيُ الدَّوَابِّ وَالِاسْتِقَاءُ مِنْ الْآبَارِ وَالْحِيَاضِ وَالْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ، وَفِي الْكَلَإِ الِاحْتِشَاشُ، وَلَوْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ غَيْرَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمَنْعَ مِنْ دُخُولِهِ، وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّ لِي فِي أَرْضِك حَقًّا فَإِمَّا أَنْ تُوصِلَنِي إلَيْهِ أَوْ تَحُشَّهُ أَوْ تَسْتَقِي وَتَدْفَعَهُ لِي، وَصَارَ كَثَوْبِ رَجُلٍ وَقَعَ فِي دَارِ رَجُلٍ إمَّا أَنْ يَأْذَنَ لِلْمَالِكِ فِي دُخُولِهِ لِيَأْخُذَهُ، وَإِمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ إلَيْهِ فَتْحٌ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا بُطْلَانُ إجَارَتِهَا) مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْكَمَالِ مِنْ بُطْلَانِ إجَارَتِهَا مُخَالِفٌ لِسَوْقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا: وَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَهَلْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ ذَكَرَ فِي الشُّرْبِ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ حَتَّى يَمْلِكَ الْآجِرُ الْأُجْرَةَ بِالْقَبْضِ وَيَنْفُذَ عِتْقُهُ فِيهِ. اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ: فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ بُطْلَانُ بَيْعِ الْكَلَإِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) أَيْ لَا يَمْلِكُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ ثَابِتَةٌ، وَإِنَّمَا تَنْقَطِعُ بِالْحِيَازَةِ وَسَوْقُ الْمَاءِ لَيْسَ بِحِيَازَةٍ وَعَلَى الْجَوَازِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، وَاخْتَارَهُ الشَّهِيدُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعَلَيْهِ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي أَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ يَمْلِكُ الْمَاءَ بِتَكَلُّفِهِ الْحَفْرَ وَالطَّيِّ لِتَحْصِيلِ الْمَاءِ كَمَا يَمْلِكُ الْكَلَأَ بِتَكَلُّفِهِ سَوْقَ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ لِيَنْبُتَ فَلَهُ مَنْعُ الْمُسْتَقِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ اهـ. وَأَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ سَقْيَ الْكَلَأِ كَانَ سَبَبًا فِي إنْبَاتِهِ فَنَبَتَ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ قَبْلَ حَفْرِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْحَفْرِ نَهْرٌ.
مَطْلَبٌ صَاحِبُ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ وَقَالَ الرَّمْلِيُّ: إنَّ صَاحِبَ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَانْتِفَاخُ حَيَوَانٍ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ فَرَاجِعْهُ، وَهَذَا مَا دَامَ فِي الْبِئْرِ، أَمَّا إذَا أَخْرَجَهُ مِنْهَا بِالِاحْتِيَالِ كَمَا فِي السَّوَانِي فَلَا شَكَّ فِي مِلْكِهِ لَهُ لِحِيَازَتِهِ لَهُ فِي الْكِيزَانِ ثُمَّ صَبَّهُ فِي الْبِرَكِ بَعْدَ حِيَازَتِهِ. تَأَمَّلْ، ثُمَّ حَرَّرَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا فِي الْبِئْرِ وَمَا فِي الْجِبَابِ وَالصَّهَارِيجِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْبُيُوتِ لِجَمْعِ مَاءِ الشِّتَاءِ بِأَنَّهَا أُعِدَّتْ لِإِحْرَازِ الْمَاءِ فَيَمْلِكُ مَا فِيهَا، فَلَوْ آجَرَ الدَّارَ لَا يُبَاحُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَاؤُهَا إلَّا بِإِبَاحَةِ الْمُؤْجِرِ اهـ مُلَخَّصًا
(قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْقَصِيلِ وَالرَّطْبَةِ) فِي الْمِصْبَاحِ قَصَلْتُهُ قَصْلًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَطَعْتَهُ فَهُوَ قَصِيلٌ وَمَقْصُولٌ، مِنْهُ الْقَصِيلُ: وَهُوَ الشَّعِيرُ يُجَزُّ إذَا اخْضَرَّ لِعَلَفِ الدَّوَابِّ، وَالرَّطْبَةُ. الْغَضَّةُ خَاصَّةً قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ وَالْجَمْعُ رِطَابٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ، وَالرُّطْبُ وِزَانُ قُفْلٍ: الْمَرْعَى الْأَخْضَرُ مِنْ بُقُولِ الرَّبِيعِ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الرُّطْبَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ: الْخَلَا، وَهُوَ الْغَضُّ مِنْ الْكَلَإِ (قَوْلُهُ وَحِيلَتُهُ) أَيْ حِيلَةُ جَوَازِ بَيْعِ الْكَلَإِ وَكَذَا إجَارَتُهُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ إجَارَتِهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا أَرْضًا لِإِيقَافِ الدَّوَابِّ فِيهَا أَوْ لِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ صَاحِبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ فَيَحْصُلُ بِهِ غَرَضُهُمَا اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ لِيَضْرِبَ فِيهَا فُسْطَاطَهُ أَوْ لِيَجْعَلَهُ حَظِيرَةً لِغَنَمِهِ ثُمَّ يَسْتَبِيحَ الْمَرْعَى فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا (قَوْلُهُ كَمَقِيلٍ وَمُرَاحٍ) الْمَقِيلُ: مَكَانُ الْقَيْلُولَةِ، وَهِيَ النَّوْمُ نِصْفَ النَّهَارِ. وَالْمُرَاحُ: بِالضَّمِّ حَيْثُ تَأْوِي الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ وَبِالْفَتْحِ اسْمُ الْمَوْضِعِ.