المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب حكم بينهما قبل تحكيمه ثم أجازاه] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٥

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ بَابٌ خِيَارُ الْعَيْبِ

- ‌[تَنْبِيهٌ فِي صِفَةِ الْخُصُومَةِ فِي خِيَار الْعَيْب]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِيمَنْ قَبَضَ مِنْ غَرِيمِهِ دَرَاهِمَ فَوَجَدَهَا زُيُوفًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ]

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي عَدَدِ الْمَقْبُوضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جُمْلَةِ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْخِيَارُ]

- ‌بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَغِيبِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ وَشِرَاؤُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ إيجَارِ الْبِرَكِ لِلِاصْطِيَادِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ دُودَةِ الْقِرْمِزِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الطَّرِيقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَسِيلِ أَيْ مَسِيل الْمَاء]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ رَدَّ الْمُشْتَرَى فَاسِدًا إلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ زِيَادَةِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ أَحْكَامُ نُقْصَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْفُضُولِيِّ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ الْمُسْتَأْجَرِ]

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ يَنْتَقِلُ الرَّدُّ بِالتَّغْرِيرِ إلَى الْوَارِثِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ فِيهِمَا وَتَأْجِيلِ الدُّيُونِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ وَبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ]

- ‌[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْقَرْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِقْرَاضِ الدَّرَاهِمِ عَدَدًا]

- ‌بَابُ الْحُقُوقِ فِي الْبَيْعِ

- ‌بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ

- ‌[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ عَقَارًا وَبَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا عِبْرَةَ بِتَارِيخِ الْغَيْبَةِ]

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِصْنَاعِ]

- ‌فَرْعٌ] السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ

- ‌بَابُ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ أَبْوَابِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إيدَاعُ مَالِ غَائِبٍ وَإِقْرَاضُهُ وَبَيْعُ مَنْقُولِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ الدَّرَاهِمِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النَّبَهْرَجَةِ وَالزُّيُوفِ وَالسَّتُّوقَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] عَسَلُ النَّحْلِ فِي أَرْضِهِ مِلْكُهُ مُطْلَقًا

- ‌[مَطْلَبٌ إذَا اكْتَسَبَ حَرَامًا ثُمَّ اشْتَرَى فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ دَبَغَ فِي دَارِهِ وَتَأَذَّى الْجِيرَانُ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى بَذْرَ بِطِّيخٍ فَوَجَدَهُ بَذْرَ قِثَّاءٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرَى شَجَرَةً وَفِي قَلْعِهَا ضَرَرٌ]

- ‌مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ وَمَا لَا تَصِحُّ]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌فَرْعٌ]الشَّرْطُ الْفَاسِدُ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ بَيْعِ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَلِيلَةٍ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ لِإِسْقَاطِ الرِّبَا]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلَ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَفَالَةِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ يَصِحُّ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَفَالَةِ الْمُؤَقَّتَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنَصِّبُ فِيهَا الْقَاضِي وَكِيلًا بِالْقَبْضِ عَنْ الْغَائِبِ الْمُتَوَارَى]

- ‌[فَوَائِدُ] لَا يَلْزَمُ أَحَدًا إحْضَارُ أَحَدٍ

- ‌[مَطْلَبُ كَفَالَةِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ]

- ‌[فَائِدَةٌ] مَتَى أَدَّى بِكَفَالَةٍ فَاسِدَةٍ رَجَعَ كَصَحِيحِهِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبُ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌[فَائِدَةٌ مُصَادَرَةَ السُّلْطَانِ لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ]

- ‌بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌[مطلب فِي السَّفْتَجَة]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ وَهَبَ مِنْهُ الزَّائِدَ]

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌[مَطْلَبُ يُفْتَى بِقَوْلِ الْإِمَامِ عَلَى الْإِطْلَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاجْتِهَادِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي نَائِبًا عَنْهُ]

- ‌[مَطْلَبُ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِغَيْرِ مَذْهَبِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي إقْرَاضُ مَالِ الْيَتِيمِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِالْجَوْرِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَضَاءُ مُظْهِرٌ لَا مُثْبِتٌ وَيَتَخَصَّصُ بِزَمَانٍ وَمَكَانٍ وَخُصُومَةٍ

- ‌[مَطْلَبُ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ]

- ‌[مَطْلَبُ فِعْلِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبُ أَمْرِ الْقَاضِي حُكْمٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَبْسِ الصَّبِيِّ]

- ‌بَابُ التَّحْكِيمِ

- ‌[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

- ‌بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي جَعْلِ الْمَرْأَةِ شَاهِدَةً فِي الْوَقْفِ]

- ‌فُرُوعٌ] لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ

- ‌[مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ]وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي كُفْرِ الْمَيِّتِ وَإِسْلَامِهِ

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَنْبَغِي لِلْفُقَهَاءِ كَتْبُ الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ مَنْ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَاضِي]

- ‌[فُرُوعٌ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ]

- ‌بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَهِدَا بِأَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا قَضَى خَمْسَمِائَةٍ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ

- ‌فَصْلٌ لَا يَعْقِدُ وَكِيلٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ

- ‌بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْوَكَالَةُ الْمُجَرَّدَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ

- ‌بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى]

- ‌[رُكْنُ الدَّعْوَى]

- ‌[أَهْلُ الدَّعْوَى]

- ‌[حُكْمُ الدَّعْوَى]

- ‌[سَبَبُ الدَّعْوَى]

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَفْعِ الدَّعَاوَى

- ‌بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌فَصْلٌ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّخَارُجِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌بَابُ الْمُضَارِبِ يُضَارِبُ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ فِي الْمُضَارَبَةُ]

- ‌كِتَابُ الْإِيدَاعِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ

الفصل: ‌[مطلب حكم بينهما قبل تحكيمه ثم أجازاه]

وَرَضِيَا بِحُكْمِهِ (صَحَّ لَوْ فِي غَيْرِ حَدٍّ وَقَوَدٍ وَدِيَةٍ عَلَى عَاقِلَةٍ) الْأَصْلُ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ وَهَذِهِ لَا تَجُوزُ بِالصُّلْحِ فَلَا تَجُوزُ بِالتَّحْكِيمِ (وَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِنَقْضِهِ) أَيْ التَّحْكِيمِ بَعْدَ وُقُوعِهِ (كَمَا) يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ (فِي مُضَارَبَةٍ وَشَرِكَةٍ وَوَكَالَةٍ) بِلَا الْتِمَاسِ طَالِبٍ (فَإِنْ حَكَمَ لَزِمَهُمَا) وَلَا يَبْطُلُ حُكْمُهُ بِعَزْلِهِمَا لِصُدُورِهِ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَ (لَا) يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى (غَيْرِهِمَا) إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ حَكَّمَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَغَرِيمٌ لَهُ رَجُلًا فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا وَأَلْزَمَ الشَّرِيكَ تَعَدَّى لِلشَّرِيكِ الْغَائِبِ لِأَنَّ حُكْمَهُ كَالصُّلْحِ بَحْرٌ (فَلَوْ حَكَّمَاهُ فِي عَيْبِ مَبِيعٍ فَقَضَى بِرَدِّهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالْمُشْتَرِي) -

ــ

[رد المحتار]

كَمَا فِي مُقَلَّدٍ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَهْلُهُ أَهْلُ الشَّهَادَةِ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَأَنَّهُ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ قَالَ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ الْقَضَاءِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَنَّ هَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَصِحَّةِ حُكْمِهِمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالْعِتْقِ بِلَا تَجْدِيدِ تَوْلِيَةٍ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَأَنَّ هَذَا بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ تَوْلِيَتِهِ وَقَدَّمْنَا وَجْهَ الْفَرْقِ هُنَاكَ فَافْهَمْ وَهَلْ تَجْرِي هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي الْحُكْمِ؟ لَمْ أَرَهُ وَالظَّاهِرُ لَا

[مَطْلَبٌ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ أَجَازَاهُ]

ُ جَازَ (قَوْلُهُ وَرَضِيَا بِحُكْمِهِ) أَيْ إلَى أَنْ حَكَمَ كَذَا فِي الْفَتْحِ فَأَفَادَ أَنَّهُ احْتَرَزَ عَمَّا لَوْ رَجَعَا عَنْ تَحْكِيمِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ عَمَّا لَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، لَكِنْ كَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ: فَحَكَمَ لِئَلَّا يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الرِّضَا بَعْدَ الْحُكْمِ مَعَ أَنَّهُ إذَا حَكَمَ لَزِمَهُمَا حُكْمُهُ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَيَأْتِي مَتْنًا أَوْ يَذْكُرُهُ هُنَاكَ بِأَوْ لِيُدْخِلَ مَا لَوْ حَكَمَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَحْكِيمِهِ ثُمَّ قَالَا رَضِينَا بِحُكْمِهِ وَأَجَزْنَاهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا نَقَلَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ صَحَّ لَوْ فِي غَيْرِ حَدٍّ وَقَوَدٍ إلَخْ) شَمِلَ سَائِرَ الْمُجْتَهَدَاتِ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِهِ فِي الْقِصَاصِ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَغَيْرِهِ هُوَ قَوْلُ الْخَصَّافِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ جَوَازِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ ضَعِيفٌ رِوَايَةً وَدِرَايَةً؛ لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْغَالِبَ حَقُّ الْعَبْدِ وَكَذَا مَا اخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ جَوَازِهِ فِي حَقِّ الْقَذْفِ ضَعِيفٌ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْأَصَحِّ بَحْرٌ.

(وَقَوْلُهُ وَدِيَةٍ عَلَى عَاقِلَةٍ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْقَاتِلِ بِأَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ ثَبَتَتْ جِرَاحَةٌ بِبَيِّنَةٍ وَأَرْشُهَا أَقَلُّ مِمَّا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ خَطَأً كَانَتْ الْجِرَاحَةُ أَوْ عَمْدًا، أَوْ كَانَتْ قَدْرَ مَا تَتَحَمَّلُهُ وَلَكِنْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ عَمْدًا لَا تُوجِبُ الْقِصَاصَ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ) لِأَنَّهُمَا تَوَافَقَا عَلَى الرِّضَا بِمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِمَا.

(قَوْلُهُ وَهَذِهِ لَا تَجُوزُ بِالصُّلْحِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ جَوَازُهُ فِي كُلِّ حَقٍّ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَمِنْهُ الْقِصَاصُ لَا فِيمَا لَا يَجُوزُ، وَمِنْهُ الْحُدُودُ.

أَقُولُ: مَنْشَأُ الِاعْتِرَاضِ عَدَمُ فَهْمِ الْمُرَادِ فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا تَثْبُتُ بِالصُّلْحِ أَيْ بِأَنْ اصْطَلَحَا عَلَى لُزُومِ الْحَدِّ أَوْ لُزُومِ الْقِصَاصِ إلَخْ وَمَا سَيَأْتِي فِي الصُّلْحِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ بِمَالٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْحَدِّ، فَالْقِصَاصُ هُنَا مُصَالَحٌ عَنْهُ، وَفِي الْأَوَّلِ مُصَالَحٌ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ كَمَا لَا يَخْفَى.

(قَوْلُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يُبَدِّلَهُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ كَمَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ إلَخْ) أَيْ بِنَقْضِ الْعَقْدِ وَفَسْخِهِ إذَا عَلِمَ الْآخَرُ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ أَوْ رَسُولٍ عَلَى تَفْصِيلٍ مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ، وَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ وَالْمُضَارَبَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ بِلَا الْتِمَاسِ طَالِبٍ) يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَنْفَرِدُ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالتَّوْكِيلِ حَقُّ الْمُدَّعِي كَمَا لَوْ أَرَادَ خَصْمُهُ السَّفَرَ فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ.

(قَوْلُهُ وَغَرِيمًا لَهُ) مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَهُ كَالصُّلْحِ) وَالصُّلْحَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ، فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ رَاضِيًا بِالصُّلْحِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ بَحْرٌ

ص: 429

بِتَحْكِيمِهِ فَتْحٌ ثُمَّ اسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ يُفِيدُ صِحَّةَ التَّحْكِيمِ فِي كُلِّ الْمُجْتَهَدَاتِ كَحُكْمِهِ بِكَوْنِ الْكِنَايَاتِ رَوَاجِعَ وَفَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إلَى الْمِلْكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَكِنْ هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ وَيُكْتَمُ وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ يُجِيبُ بِلَا يَحِلُّ فَتَأَمَّلْ.

(وَصَحَّ إخْبَارُهُ بِإِقْرَارِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ وَبِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ حَالَ وِلَايَتِهِ) أَيْ بَقَاءِ تَحْكِيمِهِمَا

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ بِتَحْكِيمِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرِضَا.

(قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتِثْنَاءُ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْحَدِّ وَالْقَوَدِ وَالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا عَقِبَهَا.

(قَوْلُهُ فِي كُلِّ الْمُجْتَهَدَاتِ) أَيْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَسُوغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْكِتَابَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالشُّفْعَةِ وَالنَّفَقَةِ وَالدُّيُونِ وَالْبُيُوعِ بِخِلَافِ مَا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إجْمَاعًا.

(قَوْلُهُ كَحُكْمِهِ بِكَوْنِ الْكِنَايَاتُ رَوَاجِعَ إلَخْ) قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ هُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، لَكِنَّ مَشَايِخَنَا امْتَنَعُوا عَنْ هَذِهِ الْفَتْوَى وَقَالُوا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ كَيْ لَا يَتَجَاسَرَ الْعَوَامُّ فِيهِ اهـ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِي الطَّلَاقِ الْمُضَافِ يَنْفُذُ لَكِنْ لَا يُفْتَى بِهِ فِيهَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا مَا هُوَ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا وَهُوَ أَنَّ صَاحِبَ الْحَادِثَةِ لَوْ اسْتَفْتَى فَقِيهًا عَدْلًا فَأَفْتَى بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ وَسِعَهُ اتِّبَاعُ فَتْوَاهُ وَإِمْسَاكُ الْمَرْأَةِ الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا وَرُوِيَ عَنْهُمْ مَا هُوَ أَوْسَعُ وَهُوَ إنْ تَزَوَّجَ أُخْرَى وَكَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِ كُلِّ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَاسْتَفْتَى فَقِيهًا آخَرَ فَأَفْتَاهُ بِصِحَّةِ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يُفَارِقُ الْأُخْرَى وَيُمْسِكُ الْأُولَى عَمَلًا بِفَتْوَاهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَمَا إذَا مَسَّ صِهْوَتَهُ بِشَهْوَةٍ وَانْتَشَرَ لَهَا فَحَكَّمَ الزَّوْجَانِ حَكَمًا لِيَحْكُمَ لَهُمَا بِالْحِلِّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَالْأَصَحُّ هُوَ النَّفَاذُ إنْ كَانَ الْمُحَكَّمُ يَرَاهُ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ عَدَمُهُ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ قَالُوا: وَتَخْصِيصُ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّحْكِيمِ فِي سَائِرِ الْمُجْتَهَدَاتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِهِ وَيُقَالُ يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْمُوَلَّى دَفْعًا لِتَجَاسُرِ الْعَوَامّ اهـ أَيْ تَجَاسُرِهِمْ عَلَى هَدْمِ الْمَذْهَبِ فَتْحٌ: وَمِثْلُ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ عِبَارَةُ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ الْمَارَّةُ آنِفًا، وَتَقَدَّمَ فِيهَا أَنَّ الصَّحِيحَ صِحَّةُ التَّحْكِيمِ، وَأَنَّهُ الظَّاهِرُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَكَانَ مَا هُنَا تَرْجِيحٌ لِلْقَوْلِ الْآخَرِ الْمُقَابِلِ لِلصَّحِيحِ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ: أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِجَوَازِهِ فِي سَائِرِ الْمُجْتَهَدَاتِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَالْقُنْيَةِ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ ذَلِكَ فِي الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ وَنَحْوِهَا، وَنَحْوُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْفَتْحِ عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: يَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْمُخَالَفَاتِ، وَلَكِنْ يُتَأَمَّلْ فِي وَجْهِ الْمَنْعِ مِنْ عَدَمِ الْإِفْتَاءِ بِهِ، وَالتَّعْلِيلُ بِأَنْ لَا يَتَجَاسَرَ الْعَوَامُّ عَلَى هَدْمِ الْمَذْهَبِ لَا يَظْهَرُ فِي خُصُوصِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ وَنَحْوِهَا.

ثُمَّ رَأَيْتُ الْمَقْدِسِيَّ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُمْ مَنَعُوا مِنْ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ لِغَيْرِ الْأَهْلِ لِئَلَّا يَحْكُمَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَكَذَلِكَ مَنَعُوا مِنْ التَّحْكِيمِ هُنَا لِئَلَّا يَتَجَاسَرَ الْعَوَامُّ عَلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ عِلْمٍ.

قُلْتُ: هَذَا يُفِيدُ مَنْعَ التَّحْكِيمِ مُطْلَقًا إلَّا لِعَالَمٍ.

وَالْأَحْسَنُ فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَالِفَ فِي الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ صِحَّتَهَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ، فَإِذَا حَكَمَ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا حَاكِمٌ مُوَلًّى مِنْ السُّلْطَانِ لَزِمَهُ اتِّبَاعُ رَأْيِ الْحَاكِمِ وَارْتَفَعَ بِحُكْمِهِ الْخِلَافُ، وَأَمَّا إذَا حَكَّمَ رَجُلًا فَلَا يُفِيدُهُ شَيْئًا سِوَى هَدْمِ مَذْهَبِهِ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ لَا يَرْفَعُ خِلَافًا وَلَا يُبْطِلُ الْعَمَلَ بِمَا كَانَ الْحَالِفُ يَعْتَقِدُهُ فَلِذَا قَالُوا لَا يُفْتَى بِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْمَوْلَى هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهٌ] سَيَأْتِي فِي الْمُخَالَفَاتِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ بِمَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْقَاضِي.

(قَوْلُهُ وَصَحَّ إخْبَارُهُ إلَخْ) أَيْ إذَا قَالَ لِأَحَدِهِمَا أَقْرَرْتَ عِنْدِي، أَوْ قَامَتْ عِنْدِي بَيِّنَةٌ عَلَيْكَ لِهَذَا فَعُدِّلُوا عِنْدِي، وَقَدْ أَلْزَمْتُكَ بِذَلِكَ وَحَكَمْتُ لِهَذَا فَأَنْكَرَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ وَمَضَى الْقَضَاءُ عَلَيْهِ مَا دَامَ الْمَجْلِسُ بَاقِيًا، لِأَنَّ الْمُحَكَّمَ مَا دَامَ تَحْكِيمُهُمَا قَائِمًا كَالْقَاضِي الْمُقَلَّدِ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الْمُخَاطَبُ عَنْ الْحُكْمِ، وَيَعْزِلَهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ حَكَمْتُ عَلَيْكَ أَوْ قَالَهُ بَعْدَ الْمَجْلِسِ

ص: 430

(لَا) يَصِحُّ (إخْبَارُهُ بِحُكْمِهِ) لِانْقِضَاءِ وِلَايَتِهِ.

(وَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُ لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ) كَحُكْمِ الْقَاضِي (بِخِلَافِ حُكْمِهِمَا) أَيْ الْقَاضِي وَالْمُحَكَّمِ (عَلَيْهِمْ) حَيْثُ يَصِحُّ كَالشَّهَادَةِ (حَكَّمَا رَجُلَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا) عَلَى الْمَحْكُومِ بِهِ.

(وَيُمْضِي) الْقَاضِي (حُكْمَهُ إنْ وَافَقَ مَذْهَبَهُ وَإِلَّا أَبْطَلَهُ) لِأَنَّ حُكْمَهُ لَا يَرْفَعُ خِلَافًا (وَلَيْسَ لَهُ) لِلْمُحَكَّمِ (تَفْوِيضُ التَّحْكِيمِ إلَى غَيْرِهِ وَحُكْمُهُ بِالْوَقْفِ لَا يَرْفَعُ خِلَافًا) عَلَى الصَّحِيحِ خَانِيَّةٌ (فَلَوْ رَفَعَ إلَى مُوَافِقٍ) لِمَذْهَبِهِ (حَكَمَ) ابْتِدَاءً (بِلُزُومِهِ) بِشَرْطِهِ (وَلَا يُمْضِيهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مُعْتَبَرًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَالْقَاضِي إلَّا فِي مَسَائِلَ عُدَّ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ سَبْعَةَ عَشْرَ مِنْهَا لَوْ ارْتَدَّ انْعَزَلَ فَإِذَا أَسْلَمَ احْتَاجَ لِتَحْكِيمٍ جَدِيدٍ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ بِالْقِيَامِ مِنْهُ يَنْعَزِلُ كَمَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ فَصَارَ كَالْقَاضِي إذَا قَالَ بَعْدَ الْعَزْلِ قَضَيْتُ بِكَذَا لَا يُصَدَّقُ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ إخْبَارُهُ بِحُكْمِهِ) أَيْ بَعْدَ مَا قَامَ

(قَوْلُهُ كَحُكْمِ الْقَاضِي) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ.

(قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا) فَلَوْ حَكَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَا لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَفِيهِ عَنْ الْخَصَّافِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَوَى الطَّلَاقَ دُونَ الثَّلَاثِ فَحَكَّمَا رَجُلَيْنِ، فَحَكَمَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهَا بَائِنٌ وَحَكَمَ الْآخَرُ بِأَنَّهَا بَائِنٌ بِالثَّلَاثِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ اهـ

(قَوْلُهُ وَيُمْضِي حُكْمَهُ) أَيْ إذَا رُفِعَ حُكْمُهُ إلَى الْقَاضِي إنْ وَافَقَ مَذْهَبَهُ أَمْضَاهُ وَإِلَّا أَبْطَلَهُ، وَفَائِدَةُ إمْضَائِهِ هَاهُنَا أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يُخَالِفُ مَذْهَبَهُ لَيْسَ لِذَلِكَ الْقَاضِي وِلَايَةُ النَّقْضِ فِيمَا أَمْضَاهُ هَذَا الْقَاضِي جَوْهَرَةٌ وَفِي الْبَحْرِ وَلَوْ رُفِعَ حُكْمُهُ إلَى حَكَمٍ آخَرَ حَكَّمَاهُ بَعْدُ فَالثَّانِي كَالْقَاضِي يُمْضِيهِ إنْ وَافَقَ رَأْيَهُ وَإِلَّا أَبْطَلَهُ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ حُكْمَهُ لَا يَرْفَعُ خِلَافًا) لِقُصُورِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْقَاضِي الْعَامِّ.

(قَوْلُهُ لِلْمُحَكَّمِ) بَدَلٌ مَنْ لَهُ.

(قَوْلُهُ تَفْوِيضُ التَّحْكِيمِ إلَى غَيْرِهِ) فَلَوْ فَوَّضَ وَحَكَّمَ الثَّانِيَ بِلَا رِضَاهُمَا فَأَجَازَهُ الْقَاضِي لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُجِيزَاهُ بَعْدَ الْحُكْمِ، قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْوَكِيلِ الْأَوَّلِ إذَا أَجَازَ فِعْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ وَحُكْمُهُ بِالْوَقْفِ) أَيْ بِلُزُومِهِ لَا يَرْفَعُ خِلَافًا أَيْ خِلَافَ الْإِمَامِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ لُزُومِهِ، بَلْ يَبْقَى عِنْدَهُ غَيْرَ لَازِمٍ يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ مُفْرَزًا عَقَارًا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُمْضِيهِ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ لَا أَنَّهُ يُمْضِيهِ.

(قَوْلُهُ عَدَّ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ سَبْعَةَ عَشْرَ) أَشَارَ إلَى أَنَّهَا تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَتَقَدَّمَ كَثِيرٌ مِنْهَا فِي الشَّرْحِ وَالْمَتْنِ؛ وَمِنْهَا وَأَنَّهُ لَوْ اُسْتُقْضِيَ الْعَبْدُ ثُمَّ عَتَقَ فَقَضَى صَحَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ كَمَا مَرَّ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَرَاضِيهِمَا عَلَيْهِ وَأَنَّ التَّحْكِيمَ لَا يَصِحُّ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ وَدِيَةٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَزْلَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إلَى بَائِعِ الْبَائِعِ، وَأَنَّهُ لَا يُفْتَى بِحُكْمِهِ فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ وَنَحْوِهَا وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إخْبَارُهُ بِحُكْمِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْمُتَفَرِّقَاتِ، وَأَنَّهُ لَوْ خَالَفَ حُكْمُهُ رَأْيَ الْقَاضِي أَبْطَلَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّفْوِيضُ إلَى غَيْرِهِ وَأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَلْزَمُ بِحُكْمِهِ فَهَذِهِ عَشْرَةُ مَسَائِلَ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَحْرِ. وَبَقِيَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ إلَى الْغَائِبِ لَوْ كَانَ مَا يُدَّعَى عَلَيْهِ سَبَبًا لِمَا يُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ كِتَابُهُ إلَى الْقَاضِي كَعَكْسِهِ وَأَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِكِتَابِ قَاضٍ إلَّا إذَا رَضِيَ الْخَصْمَانِ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ مِنْ وَارِثٍ إلَى الْبَاقِي وَالْمَيِّتِ وَأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ عَلَى وَكِيلٍ بِعَيْبِ الْمَبِيعِ إلَى مُوَكِّلِهِ وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ عَلَى وَصِيٍّ بِمَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الصَّغِيرِ وَأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِبَلَدِ التَّحْكِيمِ بَلْ لَهُ الْحُكْمُ فِي الْبِلَادِ كُلِّهَا، وَأَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ وَكَّلَ زَيْدًا بِالْخُصُومَةِ إلَى قَاضِي الْكُوفَةِ وَالْآخَرَ إلَى قَاضِي الْبَصْرَةِ تُقْبَلُ لَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ إلَى الْفَقِيهِ فُلَانٍ وَالْآخَرُ إلَى الْفَقِيهِ فُلَانٍ آخَرَ، لِأَنَّ الْحُكْمَ مُتَوَسِّطٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُ الْمُحَكَّمَيْنِ أَحْذَقَ مِنْ الْآخَرِ فَلَا يَرْضَى الْمُوَكِّلُ بِالْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ نَفْسَ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ كَمَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ فَهَذِهِ تِسْعٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا وَذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَ مَسَائِلَ أُخَرَ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بَعْدُ، فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً وَزَادَ فِي الْبَحْرِ أُخْرَى حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَالُوا إنَّ الْقَضَاءَ يَتَعَدَّى إلَى الْكَافَّةِ

ص: 431