الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَثْبُتُ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ) لِمَا سَيَجِيءُ أَنَّهَا حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ (أَمَّا إذَا كَانَ) الِاسْتِحْقَاقُ
ــ
[رد المحتار]
قُضِيَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَى آخَرَ، وَأَرَادَ بِالْحُرِّيَّةِ مَا يَشْمَلُ الْعَارِضَةَ كَالْعِتْقِ، وَيَجْرِي فِي النِّكَاحِ مَا جَرَى فِي الْمِلْكِ الْمُؤَرَّخِ فَتُسْمَعُ دَعْوَى غَيْرِهِ عَلَى نِكَاحِهَا قَبْلَ التَّارِيخِ لَا بَعْدَهُ، كَمَا اسْتَنْبَطَهُ وَالِدُ مُحَشِّي مِسْكِينٍ مِنْ كَلَامِ الدُّرَرِ الْمَارِّ قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَيُزَادُ عَلَى الْأَرْبَعِ مَا فِي مَعِينِ الْحَاكِمِ لَوْ أَحْضَرَ رَجُلًا، وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لِمُوَكِّلِهِ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ، وَالْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ قُبِلَتْ، وَيُقْضَى بِالْوَكَالَةِ وَيَكُونُ قَضَاءً عَلَى كَافَّةِ النَّاسِ لِأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا بِسَبَبِ الْوَكَالَةِ فَكَانَ إثْبَاتُ السَّبَبِ عَلَيْهِ إثْبَاتًا عَلَى الْكَافَّةِ، حَتَّى لَوْ أَحْضَرَ آخَرَ وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا لَا يُكَلَّفُ إعَادَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ اهـ.
[رُجُوع الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِع]
(قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا بُدَّ أَنْ يَرِدَ عَلَى مَا كَانَ مِلْكَ الْبَائِعِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ، فَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِالْبَيِّنَةِ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَهُ فِي الْأَصْلِ انْقَطَعَ بِالْقَطْعِ وَالْخِيَاطَةِ كَمَنْ غَصَبَهُ فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ مَلَكَهُ، فَالْأَصْلُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ الْكَائِنِ مِنْ الْأَصْلِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَرَدَ عَلَيْهِ بَعْدَمَا صَارَ إلَى حَالٍ لَوْ كَانَ غَصْبًا مَلَكَهُ بِهِ لَا يَرْجِعُ، لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنُ الْكَذِبِ وَعَرَفَ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَسْتَحِقَّهُ بِاسْمِ الْقَمِيصِ، فَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ قَبْلَ هَذِهِ الصِّفَةِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً، وَطَحَنَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الدَّقِيقُ، وَلَوْ قَالَ: كَانَتْ لِي قَبْلَ الطَّحْنِ يَرْجِعُ، وَكَذَا لَوْ شَرَى لَحْمًا فَشَوَاهُ اهـ فَتْحٌ مُلَخَّصًا.
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الرُّجُوعَ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ فَاسِدًا كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِكَوْنِهِ مِلْكَ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، وَمَا لَوْ أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ ثَمَنِهِ، فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ لَوْ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا قَبْلَهُ، كَمَا مَرَّ وَمَا لَوْ مَاتَ بَائِعُهُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ عَنْهُ وَصِيًّا لِيَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ، وَمَا إذَا زَعَمَ بَائِعُهُ أَنَّهُ نَتَجَ فِي مِلْكِهِ، وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ، فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا حُكِمَ عَلَيْهِ الْتَحَقَ دَعْوَاهُ بِالْعَدَمِ وَكَذَا لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِإِنْكَارِهِ الْبَيْعَ، لِأَنَّهُ لَمَّا حُكِمَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ الْتَحَقَ زَعْمُهُ بِالْعَدَمِ، وَمَا لَوْ أَلْزَمَ الْقَاضِي الْبَائِعَ بِدَفْعِ الثَّمَنِ أَوَّلًا كَمَا مَرَّ، وَمَا لَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ رَجُلًا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَأَدَّى إلَيْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ لَا عَلَى الْمُحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِالْبَائِعِ، وَمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا، فَلِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَتُهُ بِالثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ، وَلَا يُنْتَظَرُ إنْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ دَفَعَهُ لِلْمُوَكِّلِ يُنْتَظَرُ أَخْذُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ، وَمَا إذَا قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي قَدْ عَلِمْت أَنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِزُورٍ وَأَنَّ الْمَبِيعَ لِي فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ لَهُ الْمَبِيعَ، فَلَا يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَخْذُ الثَّمَنِ وَقَدْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ اهـ مُلَخَّصًا كُلُّ ذَلِكَ مِنْ الذَّخِيرَةِ.
[تَنْبِيهٌ] إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي اسْتِحْقَاقَ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ لِيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ الِاسْتِحْقَاقَ، وَيُبَيِّنَ سَبَبَهُ فَلَوْ بَيَّنَهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ، فَأَثْبَتَهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِثَمَنِهِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَبِيعِ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، وَقِيلَ لَا وَبِهِ أَفْتَى ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ. فَلَوْ ذَكَرَ شِيَةَ الْعَبْدِ وَصِفَتَهُ وَقَدْرَ ثَمَنِهِ كَفَى جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَفِيهِ أَنَّ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ تَحْلِيفَ الْمُسْتَحِقِّ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ، وَلَا وَهَبَهُ وَلَا تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
[فَرْعٌ] اسْتَأْجَرَ حِمَارًا فَادَّعَاهُ رَجُلٌ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ وَاسْتَحَقَّهُ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِحْقَاقَ ظُلْمٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى خَصْمٍ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ) فَلَوْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْعَيْنَ مِنْ الْمُشْتَرِي
بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ أَوْ بِإِقْرَارِ وَكِيلِ الْمُشْتَرِي بِالْخُصُومَةِ أَوْ بِنُكُولِهِ فَلَا) رُجُوعَ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ (وَ) الْأَصْلُ أَنَّ (الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ) تَظْهَرُ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ لَكِنْ لَا فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَالْعَيْنِيِّ بَلْ فِي عِتْقٍ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (لَا الْإِقْرَارَ) بَلْ هُوَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ بَقِيَ لَوْ اجْتَمَعَا فَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِهِمَا قُضِيَ بِالْإِقْرَارِ
ــ
[رد المحتار]
بِلَا حُكْمٍ فَهَلَكَ فَالْوَجْهُ فِي رُجُوعِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّك قَبَضْته مِنِّي بِلَا حُكْمٍ، وَكَانَ مِلْكِي وَقَدْ هَلَكَ فِي يَدِك فَأَدِّ إلَيَّ قِيمَتَهُ، فَيُبَرْهِنُ أَنَّهُ لَهُ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَهْلِكْ فَلِلْمُشْتَرَى مِنْهُ اسْتِرْدَادُهُ، حَتَّى يُبَرْهِنَ فَيَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ إنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا بِأَنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ وَفِي الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَخَذَهُ بِلَا حُكْمٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِهِ أَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنِّي بِلَا حُكْمٍ فَأَدِّ ثَمَنَهُ إلَيَّ فَأَدَّاهُ، ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّهُ لَهُ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي صَحَّ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي بِتَرَاضِيهِمَا، فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِحْقَاقُ اهـ.
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِلَا حُكْمٍ عَمَّا إذَا كَانَ بِحُكْمٍ، وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي، لِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي) وَلَوْ عَدَّلَ الْمُشْتَرِي شُهُودَ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ أَسْأَلُ عَنْهُمَا فَإِنْ عُدِّلَا رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ كَإِقْرَارٍ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِنُكُولِهِ) كَأَنْ طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّك لَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكِي (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ) فَلَوْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ لِيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ لَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى الشِّرَاءِ، فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ، فَإِذَا ادَّعَى لِغَيْرِهِ كَانَ تَنَاقُضًا يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ وَلِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَا هُوَ ثَابِتٌ بِإِقْرَارِهِ فَلَغَا، أَمَّا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ يُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ، وَأَنَّهُ إثْبَاتُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ بِاَللَّهِ مَا هُوَ لِلْمُدَّعِي، لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.
نَعَمْ: لَوْ أَقَرَّ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ الْأَمَةَ حُرَّةُ الْأَصْلِ وَهِيَ تَدَّعِي ذَلِكَ أَوْ أَنَّهَا مِلْكُ فُلَانٍ وَهُوَ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ تُقْبَلُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ، لِأَنَّ التَّنَاقُصَ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ وَفُرُوعِهَا لَا يَضُرُّ فَتْحٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ وَهِيَ تَدَّعِي اتِّفَاقِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ) حَيْثُ قَالَ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَصِيرُ حُجَّةً إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَلِلْقَاضِي وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ بِنَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ، وَلِلْمُقِرِّ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ، فَيَصِيرُ عَلَيْهِ اهـ قَالَ ط: وَحَمَلَهُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَلَى بَعْضِ الْقَضَايَا أَوْ يُرَادُ بِالْكَافَّةِ كُلُّ مَنْ يَتَعَدَّى إلَيْهِ حُكْمُ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ لَا كَافَّةُ النَّاسِ اهـ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِلِاسْتِدْرَاكِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) مِنْ فُرُوعِهِ وَكَوَلَاءٍ وَنِكَاحٍ وَنَسَبٍ ط (قَوْلُهُ فَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِهِمَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ سَبَقَ الْحُكْمُ بِالْبَيِّنَةِ عَقِبَ الْإِنْكَارِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لِلْمُسْتَحِقِّ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي، لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بَعْدَهُ بِالْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا بِأَنْ بَرْهَنَ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ الْحُكْمُ قَضَاءً بِالْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الرُّجُوعِ كَمَا هُنَا. وَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ قَضَاءً بِالْإِقْرَارِ فَافْهَمْ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ فِي الْفَتْحِ مَا فِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ وَمَعَ ذَلِكَ بَرْهَنَ الْمُسْتَحِقُّ، وَأَثْبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ رَجَعَ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ، ثُمَّ ذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى لَوْ ادَّعَى عَيْنًا وَبَرْهَنَ، وَقَبْلَ أَنْ يُقْضَى لَهُ أَقَرَّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اخْتَلَفُوا، فَقِيلَ: يُقْضَى بِالْإِقْرَارِ، وَقِيلَ: بِالْبَيِّنَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَأَقْرَبُ لِلصَّوَابِ اهـ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُخَصَّ ذَلِكَ بِعَارِضِ الْحَاجَةِ إلَى الرُّجُوعِ
إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ فَبِالْبَيِّنَةِ أَوْلَى فَتْحٌ وَنَهْرٌ (فَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا بِاسْتِيلَادِهِ (بِبَيِّنَةٍ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا بِشَرْطِ الْقَضَاءِ بِهِ) أَيْ بِالْوَلَدِ فِي الْأَصَحِّ زَيْلَعِيٌّ وَكَلَامُ الْبَزَّازِيِّ يُفِيدُ تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا سَكَتَ الشُّهُودُ فَلَوْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لِذِي الْيَدِ أَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي لَا نَقْضِي بِهِ نَهْرٌ، ثُمَّ اسْتِيلَادُهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ بِالْبَيِّنَةِ فَيَكُونُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ حُرًّا
ــ
[رد المحتار]
فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِهِمَا يُقْضَى بِالْإِقْرَارِ عَلَى مَا جَعَلَهُ الْأَظْهَرَ وَإِنْ سَبَقَتْهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، مَعَ تَمَكُّنِ الْقَاضِي مِنْ اعْتِبَارِهِ قَضَاءً بِالْبَيِّنَةِ وَعِنْدَ تَحَقُّقِ حَاجَةِ الْخَصْمِ إلَيْهِ يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ قَضَاءً بِهَا لِيَنْدَفِعَ الضَّرَرُ عَنْهُ بِالرُّجُوعِ اهـ مُلَخَّصًا.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّوْفِيقَ أَنَّهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ نَقَلَ عِبَارَةَ رَشِيدِ الدِّينِ الْأُولَى مُعَلَّلَةً بِالْحَاجَةِ وَذَكَرَ فِي نُورِ الْعَيْنِ أَنَّ هَذَا أَظْهَرُ وَحَقَّقَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ مَا هُنَا مَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا كَانَ اشْتَرَاهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ، وَأَقَرَّ بِهِ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي وَقُضِيَ بِذَلِكَ يُجْعَلُ قَضَاءً بِالْبَيِّنَةِ لِحَاجَتِهِ إلَى الرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ فَبِالْبَيِّنَةِ أَوْلَى) أَيْ فَاعْتِبَارُ الْقَضَاءِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْلَى (قَوْلُهُ فَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ) يَشْمَلُ الدَّابَّةَ إذَا وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْلَادًا كَمَا فِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ: لَا بِاسْتِيلَادِهِ) قَيَّدَ بِهِ لِمَكَانِ قَوْلِهِ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا، وَإِلَّا فَاسْتِيلَادُ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ بِالْبَيِّنَةِ، لَكِنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا بَلْ يَكُونُ وَلَدُ الْمُشْتَرِي حُرًّا بِالْقِيمَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ يَتْبَعُهَا وَلَدُهَا) وَكَذَا أَرْشُهَا فَتْحٌ قَالَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْوَلَدِ بَلْ زَوَائِدُ الْمَبِيعِ كُلُّهَا عَلَى التَّفْصِيلِ اهـ أَيْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ، وَبَيْنَ دَعْوَى الْمُقَرِّ لَهُ الزَّوَائِدُ وَعَدَمُهَا وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ الزَّوَائِدَ آخِرًا (قَوْلُهُ بِشَرْطِ الْقَضَاءِ بِهِ) لِأَنَّهُ أَصْلُ يَوْمِ الْقَضَاءِ لِانْفِصَالِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ فَتْحٌ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَإِلَيْهِ تُشِيرُ الْمَسَائِلُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالزَّوَائِدِ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا تَدْخُلُ الزَّوَائِدُ فِي الْحُكْمِ، وَكَذَا الْوَلَدُ إذَا كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ بِالْأُمِّ تَبَعًا اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَرْشَ لَا يَدْخُلُ تَبَعًا (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) مُقَابَلَةُ مَا قِيلَ: إنَّهُ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْأُمِّ يَصِيرُ مَقْضِيًّا بِهِ أَيْضًا تَبَعًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْبَزَّازِيِّ يُفِيدُ تَقْيِيدَهُ) أَيْ تَقْيِيدَ الْقَضَاءِ بِالْوَلَدِ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَأَخَذَ ذَلِكَ فِي النَّهْرِ مِنْ قَوْلِ الْبَزَّازِيِّ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ فِي يَدِهِ جَارِيَةٌ أَنَّهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي، ثُمَّ غَابَا أَوْ مَاتَا وَلَهَا وَلَدٌ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ لَا يَلْتَفِتُ الْحَاكِمُ إلَى بُرْهَانِهِ، وَيَقْضِي بِالْوَلَدِ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ حَضَرَ الشُّهُودُ وَقَالُوا الْوَلَدُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ضَمِنَ الشُّهُودُ قِيمَةَ الْوَلَدِ كَأَنَّهُمْ رَجَعُوا فَإِنْ كَانُوا حُضُورًا وَسَأَلَهُمْ عَنْ الْوَلَدِ، فَإِنْ قَالُوا إنَّهُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ لَا نَدْرِي لِمَنْ الْوَلَدُ يَقْضِي بِالْأُمِّ لِلْمُدَّعِي دُونَ الْوَلَدِ اهـ. (قَوْلُهُ بِمَا إذَا سَكَتَ الشُّهُودُ) أَيْ عَنْ كَوْنِهِ لِذِي الْيَدِ، وَكَذَا بِالْأَوْلَى إذَا قَالُوا إنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتِيلَادُهُ) أَيْ اسْتِيلَادُ الْمُشْتَرِي. مَطْلَبٌ فِي الْوَلَدِ الْمَغْرُورِ.
(قَوْلُهُ فَيَكُونُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَكِنْ يَكُونُ إلَخْ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا يَمْنَعُ إلَخْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا كَمَا إذَا كَانَ لَا بِاسْتِيلَادِهِ، فَيُنَاسِبُهُ الِاسْتِدْرَاكُ بِأَنَّهُ يَكُونُ وَلَدَ الْمَغْرُورِ: أَيْ يَكُونُ لِذِي الْيَدِ حُرًّا لِأَنَّ وَطْأَهُ كَانَ فِي الْمِلْكِ ظَاهِرًا، وَعَلَيْهِ لِلْمُسْتَحِقِّ الْقِيمَةُ أَيْ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ، قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ أَوْلَدَهَا عَلَى هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْأَمَةَ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ إذَا الْمُوجِبُ لِلْغُرُورِ مِلْكَ مُطْلَقِ الِاسْتِبَاحَةِ فِي الظَّاهِرِ، وَقَدْ وُجِدَ وَيَرْجِعُ الْأَبُ عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِهَا، وَبِقِيمَةِ وَلَدِهَا لَا بِالْعُقْرِ عِنْدَنَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ، وَالْمُوصِي بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عِنْدَنَا وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَأَوْلَدَهَا الثَّانِي فَاسْتُحِقَّتْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي