المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(كِتَابُ الْجِنَايَةِ) الشَّامِلَةِ لِلْجِنَايَةِ بِالْجَارِحِ وَبِغَيْرِهِ ــ ‌ ‌[حاشية الجمل] [كِتَابُ الْجِنَايَةِ] (كِتَابُ الْجِنَايَاتِ) - حاشية الجمل على شرح المنهج = فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب - جـ ٥

[الجمل]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الْجِنَايَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ مِنْ اثْنَيْنِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَغَيُّرِ حَالِ الْمَجْرُوحِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ عِصْمَةٍ أَوْ إهْدَارٍ أَوْ بِقَدْرِ الْمَضْمُونِ بِهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُعْتَبَرُ فِي قَوَدِ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي

- ‌(بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقَوَدِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ وَمُسْتَوْفِيهِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَالْجَانِي

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُسْتَحِقِّ الْقَوَدِ وَمُسْتَوْفِيهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبُ الْعَمْدِ وَالْعَفْوِ

- ‌(كِتَابُ الدِّيَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجِبِ مَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجُرْحِ وَنَحْوه

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ إبَانَةِ الْأَطْرَافِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي مُوجَبِ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ

- ‌(فَرْعٌ) فِي اجْتِمَاعِ جِنَايَاتٍ عَلَى أَطْرَافٍ وَلَطَائِفَ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ

- ‌(بَابُ مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُوجِبُ الشَّرِكَةَ فِي الضَّمَانِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعَاقِلَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَأْجِيلِ مَا تَحْمِلُهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي جِنَايَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْغُرَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

- ‌[بَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ

- ‌(كِتَابُ الْبُغَاةِ)

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَفِي بَيَانِ طُرُقِ انْعِقَادِ الْإِمَامَةِ]

- ‌(كِتَابُ الرِّدَّةِ)

- ‌(كِتَابُ الزِّنَا)

- ‌(كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ)

- ‌(خَاتِمَةٌ) إذَا سَبَّ شَخْصٌ آخَرَ

- ‌(كِتَابُ السَّرِقَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ وَمَا يَمْنَعُهُ وَمَا يَكُونُ حِرْزًا لِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ السَّرِقَةُ وَمَا يُقْطَعُ بِهَا وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُمَا

- ‌(بَابُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي اجْتِمَاعِ عُقُوبَاتٍ عَلَى وَاحِدٍ

- ‌(كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّعْزِيرِ

- ‌(كِتَابُ الصِّيَالِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِيمَا تُتْلِفُهُ الدَّوَابُّ مَنْ

- ‌(كِتَابُ الْجِهَادِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ الْأَسْرِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْأَمَانِ مَعَ الْكُفَّارِ

- ‌(كِتَابُ الْجِزْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ غَيْرِ مَا مَرَّ

- ‌(كِتَابُ الْهُدْنَةِ)

- ‌[فَرْعٌ شِرَاءُ أَوْلَادِ الْمُعَاهَدِينَ مِنْهُمْ لَا سَبْيُهُمْ]

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يُمْلَكُ بِهِ الصَّيْدُ

- ‌(كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌(كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ)

- ‌(كِتَابُ الْأَيْمَانِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي صِفَةِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى وَالْمُسَاكَنَةِ وَغَيْرِهِمَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ بَيَانِ مَا يَتَنَاوَلُهُ بَعْضُ الْمَأْكُولَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الْأَيْمَان]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا

- ‌(كِتَابُ النَّذْرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي نَذْرِ الْإِتْيَانِ إلَى الْحَرَمِ أَوْ بِنُسُكٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي

- ‌(كِتَابُ الْقَضَاءِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَقْتَضِي انْعِزَالَ الْقَاضِي أَوْ عَزْلَهُ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(فَصْلٌ) فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا يَتْبَعُهَا

- ‌(بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ)

- ‌(فَصْلٌ)فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ

- ‌(فَصْلٌ)فِي بَيَانِ مَنْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(بَابُ الْقِسْمَةِ)

- ‌(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ وَتَعَدُّدُ الشُّهُودِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا وَكِتَابَةِ الصَّكِّ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا

- ‌(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ

- ‌(كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي النُّكُولِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ

- ‌(كِتَابُ الْإِعْتَاقِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَبَيَانِ الْقُرْعَةِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْوَلَاءِ

- ‌(كِتَابُ التَّدْبِيرِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ

- ‌(كِتَابُ الْكِتَابَةِ)

- ‌(فَصْلٌ) فِيمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ وَمَا يُسَنُّ لَهُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ

- ‌(فَصْلٌ) فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ

- ‌(فَصْلٌ)فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ

- ‌(كِتَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ)

- ‌[خَاتِمَةٌ]

الفصل: ‌ ‌(كِتَابُ الْجِنَايَةِ) الشَّامِلَةِ لِلْجِنَايَةِ بِالْجَارِحِ وَبِغَيْرِهِ ــ ‌ ‌[حاشية الجمل] [كِتَابُ الْجِنَايَةِ] (كِتَابُ الْجِنَايَاتِ)

(كِتَابُ الْجِنَايَةِ)

الشَّامِلَةِ لِلْجِنَايَةِ بِالْجَارِحِ وَبِغَيْرِهِ

ــ

[حاشية الجمل]

[كِتَابُ الْجِنَايَةِ]

(كِتَابُ الْجِنَايَاتِ) أَيْ بَيَانُ أَحْكَامِهَا، وَالْمُرَادُ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَدَنِ بِقَرِينَةِ تَقْسِيمِهَا إلَى الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ إذْ هِيَ الَّتِي تَنْقَسِمُ إلَيْهَا وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ هِيَ أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَدَنِ عَمْدٌ إلَخْ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْكُفْرِ، وَمُوجِبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلَا يَتَحَتَّمُ دُخُولُهُ فِي النَّارِ وَلَا يَخْلُدُ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ، وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَبِالْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ بَقَائِهَا مَحْمُولٌ عَلَى حَقِّهِ تَعَالَى إذْ لَا يُسْقِطُهُ إلَّا تَوْبَةٌ صَحِيحَةٌ، وَمُجَرَّدُ التَّمْكِينِ مِنْ الْقَوَدِ لَا يُفِيدُ إلَّا إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ نَدَمٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةُ وَعَزْمٌ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَالْقَتْلُ لَا يَقْطَعُ الْأَجَلَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ ظُلْمًا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ أَيْ الْقَتْلُ ظُلْمًا مِنْ حَيْثُ الْقَتْلُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُعَاهِدًا أَوْ مُؤَمَّنًا، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ أَفْرَادَهُ مُتَفَاوِتَةٌ فَقَتْلُ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ قَتْلِ الْكَافِرِ وَقَتْلُ الذِّمِّيِّ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِ الْمُعَاهَدِ وَالْمُؤَمَّنِ، وَقَدْ يَشْهَدُ لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «لَقَتْلُ مُؤْمِنٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ زَوَالِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» أَمَّا الظُّلْمُ مِنْ حَيْثُ الِافْتِيَاتُ عَلَى الْإِمَامِ كَقَتْلِ الزَّانِي الْمُحْصَنِ وَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَعْدَ أَمْرِ الْإِمَامِ لَهُ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ كَبِيرَةً فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ، وَقَوْلُهُ وَبِالْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ شَامِلٌ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ أَيْ فِي قَتْلٍ لَا يُوجِبُ قَوَدًا وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى الدِّيَةِ سَقَطَ الطَّلَبُ عَنْ الْقَاتِلِ فِي الْآخِرَةِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَارِثُ مِنْهُ الدِّيَةَ،

وَقَوْلُهُ لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ ظَاهِرُهُ لَا لِلْوَارِثِ وَلَا لِلْمَقْتُولِ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْقَاتِلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقٌّ لِلْمَقْتُولِ وَحَقٌّ لِلْوَلِيِّ فَإِذَا سَلَّمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ نَدَمًا عَلَى مَا فَعَلَ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْبَةً نَصُوحًا سَقَطَ

ص: 2

كَسِحْرٍ وَمُثَقَّلٍ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجِرَاحِ وَالْأَصْلُ فِيهَا آيَاتٌ كَآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: 178] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ»

ــ

[حاشية الجمل]

حَقُّ اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الصُّلْحِ وَالْعَفْوِ، وَبَقِيَ حَقٌّ لِلْمَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ عَبْدِهِ التَّائِبِ وَيُصْلِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ اهـ وَهُوَ لَا يُنَافِي قَوْلَهُ لَا تَبْقَى مُطَالَبَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ لِتَعْوِيضِ اللَّهِ إيَّاهُ عَنْهُ اهـ ع ش عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ اخْتِيَارًا مِنْ غَيْرِ نَدَمٍ وَلَا تَوْبَةٍ أَوْ قُتِلَ كَرْهًا فَيَسْقُطُ حَقُّ الْوَارِثِ فَقَطْ، وَيَبْقَى حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يُسْقِطُهُ إلَّا التَّوْبَةُ كَمَا عَلِمْت، وَيَبْقَى حَقُّ الْمَقْتُولِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْقَاتِلِ، وَيُطَالِبُهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُقَالُ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ تَائِبًا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فِي فَصْلِ الْكَفَّارَةِ الْآتِي نَصُّهَا وَالْقَصْدُ مِنْهَا أَيْ الْكَفَّارَةِ تَدَارُكُ مَا فَرَّطَ مِنْ التَّقْصِيرِ وَهُوَ فِي الْخَطَأِ الَّذِي لَا إثْمَ فِيهِ تَرْكُ التَّثَبُّتِ مَعَ خَطَرِ الْأَنْفُسِ انْتَهَتْ.

(فَائِدَةٌ)

الْقَتْلُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ وَحَرَامٌ وَمَكْرُوهٌ وَمَنْدُوبٌ وَمُبَاحٌ، فَالْأَوَّلُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَتُبْ وَالْحَرْبِيِّ إذَا لَمْ يُسْلِمْ أَوْ يُعْطِي الْجِزْيَةَ، وَالثَّانِي قَتْلُ الْمَعْصُومِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالثَّالِثُ قَتْلُ الْغَازِي قَرِيبَهُ الْكَافِرَ إذَا لَمْ يَسُبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنْ سَبَّهُمَا لَمْ يُكْرَهْ، وَالرَّابِعُ قَتْلُهُ إذَا سَبَّ أَحَدَهُمَا، وَالْخَامِسُ قَتْلُ الْإِمَامِ الْأَسِيرَ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا قَتْلُ الْخَطَأِ فَلَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فِيمَا أَخْطَأَ فِيهِ فَهُوَ كَفِعْلِ الْمَجْنُونِ وَالْبَهِيمَةِ اهـ شَرْحُ الْخَطِيبِ قُلْتُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي قَتْلِ الْإِمَامِ الْأَسِيرَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُقْتَلُ بِالْمُصْلِحَةِ وَحَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ قَتْلَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ وَاجِبًا إنْ تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِهِ مَفْسَدَةٌ وَمَنْدُوبًا إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَتَرَجَّحُ عَلَى التَّرْكِ بَلْ يُحْتَمَلُ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا حَيْثُ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي قَتْلِهِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ كَسِحْرٍ وَمُثَقَّلٍ) أَيْ وَكَمَنْعِهِ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَكَإِكْرَاهِهِ عَلَى الْقَتْلِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجِرَاحِ) هِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جِرَاحَةٍ غَلَبَتْ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ طُرُقِ الزُّهُوقِ وَالْجِنَايَةُ أَعَمُّ مِنْهَا وَلِذَا آثَرَهَا غَيْرُهُ لِشُمُولِهَا الْقَتْلَ بِنَحْوِ سُمٍّ أَوْ مُثْقَلٍ أَوْ سِحْرٍ وَجَمَعَهَا لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا الْآتِيَةِ اهـ شَرْحُ م ر وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالْجِرَاحَةُ بِالْكَسْرِ مِثْلُ الْجُرْحِ وَجَمْعُهَا جِرَاحٌ وَجِرَاحَاتٌ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْضًا فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْجِرَاحِ) نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَشْمَلُ السَّرِقَةَ وَالْغَصْبَ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَدَنِ كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ هِيَ أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَدَنِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ فِي الْجِنَايَةِ أَيْ فِي ثُبُوتِ الْقِصَاصِ بِهَا (قَوْلُهُ «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» ) أَيْ لَا يَجُوزُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ الْقَتْلِ بِإِحْدَى الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْجَائِزَ يَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَلَالَ لَا يَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ إلَّا إذَا أُوِّلَ بِالْجَوَازِ وَيُرْشِدُ إلَيْهِ عُدُولُ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ يُكْرَهُ غَزْوٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ، وَحَلَّ إلَى قَوْلِهِ وَجَازَ كَمَا يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ

(قَوْلُهُ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ وَمُسْلِمٌ صِفَةٌ مُقَيِّدَةٌ لِامْرِئٍ، وَيَشْهَدُ مَعَ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ جَاءَتْ لِلتَّوْضِيحِ وَالْبَيَانِ أَوْ حَالٌ جِيئَ بِهِ مُقَيِّدٌ لِلْمَوْصُوفِ مَعَ صِفَتِهِ إشْعَارًا بِأَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ الْعُمْدَةُ فِي حَقْنِ الدَّمِ وَقَوْلُهُ الْمُفَارِقُ صِفَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لِلتَّارِكِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ الثَّيِّبُ الزَّانِي) أَيْ زِنَا الزَّانِي الثَّيِّبِ، وَقَوْلُهُ وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ أَيْ قَتْلُ الْمُكَافِئِ وَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْ الْحَدِيثِ وَقَوْلُهُ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ أَيْ تَرْكُ التَّارِكِ وَهُوَ الْمُرْتَدُّ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ) الْمُرَادُ بِهِمْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ هُوَ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّأْكِيدِ وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَابِ التَّأْسِيسِ؛ لِأَنَّ التَّارِكَ لِدِينِهِ قَدْ لَا يُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ كَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَ فَهُوَ تَارِكٌ لِدِينِهِ غَيْرُ مُفَارِقٍ لِلْجَمَاعَةِ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُمْ وَدَاخِلٌ فِيهِمْ، وَالْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ أَوْلَى مِنْ الْحَمْلِ عَلَى التَّأْكِيدِ كَذَا فِي كِتَابِ الذَّرِيعَةِ لِابْنِ الْعِمَادِ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ بَيَّنَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَذَكَرَ مَعَهُ فَوَائِدَ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا فَرَاجِعْهُ، وَمِنْهُ أَنَّ التَّارِكَ لِدِينِهِ إمَّا بِنَحْوِ بَغْيٍ أَوْ حِرَابَةٍ أَوْ صِيَالٍ أَوْ نَحْوِ بِدْعَةٍ كَالْخَوَارِجِ الْمُتَعَرِّضِينَ لَنَا الْمُمْتَنِعِينَ مِنْ إقَامَةِ الْحَقِّ عَلَيْهِمْ الْمُقَاتِلِينَ عَلَيْهِ، وَإِمَّا بِعَدَمِ ظُهُورِ شِعَارِ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَرَائِضِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ تَحِلُّ دِمَاؤُهُمْ بِمُقَاتَلَتِهِمْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَرَكُوا دِينَهُمْ كَالْمُرْتَدِّ لَكِنَّهُمْ يُفَارِقُونَهُ بِأَنَّهُ بَدَّلَ كُلَّ الدِّينِ وَهَؤُلَاءِ بَدَّلُوا بَعْضَهُ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ وَمِنْهُمْ مُفَارِقًا لِلْجَمَاعَةِ فَعُلِمَ أَنَّ بَيْنَ تَرْكِ الدِّينِ مِنْ أَصْلِهِ وَمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْأَوَّلِ الثَّانِي وَلَا عَكْسَ وَبَيْنَ تَرْكِهِ لَا مِنْ

ص: 3

(هِيَ) أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى الْبَدَنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُزْهِقَةً لِلرُّوحِ أَمْ غَيْرَ مُزْهِقَةٍ مِنْ قَطْعٍ وَنَحْوِهِ ثَلَاثَةٌ (عَمْدٌ وَشِبْهُهُ وَخَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْجَانِيَ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ مَنْ وَقَعَتْ) أَيْ الْجِنَايَةُ (بِهِ) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ كَأَنْ زَلِقَ فَوَقَعَ عَلَى ظَهِيرِهِ أَوْ قَصَدَهُ وَقَصَدَ عَيْنَ شَخْصٍ فَأَصَابَ غَيْرَهُ مِنْ الْآدَمِيِّينَ (فَخَطَأٌ) وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا فَخَطَأٌ إلَى آخِرِهِ (أَوْ قَصَدَهَا) أَيْ عَيْنَ مَنْ وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ بِهِ (بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا) جَارِحًا كَانَ أَوْ لَا (فَعَمْدٌ أَوْ غَيْرُهُ)

ــ

[حاشية الجمل]

أَصْلِهِ وَمُفَارَقَةِ الْجَمَاعَةِ التَّسَاوِي؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ أَحَدِهِمَا الْآخَرُ، وَعُلِمَ أَنَّ الْحَصْرَ حَقِيقِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ فَائِدَتُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ التَّارِكُ لِدِينِهِ الْإِشْعَارُ بِأَنَّ الدِّينَ الْمُعْتَبَرَ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ، وَالْقَتْلُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ لِأَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ تَارِكٌ لِلدِّينِ الَّذِي هُوَ الْإِسْلَامُ أَيْ الْأَعْمَالِ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ هِيَ أَيْ الْجِنَايَةُ) أَيْ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْمُبَاشَرَةُ، وَأَمَّا السَّبَبُ كَمَنْعِ الطَّعَامِ فَسَيَذْكُرُهُ بَعْدُ وَمِنْ السَّبَبِ السِّحْرُ اهـ ح ل (قَوْلُهُ مِنْ قَطْعٍ وَنَحْوِهِ) بَيَانٌ لِغَيْرِ الْمَرَضِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ فَمِنْ ثَمَّ لَحِقَهُ التَّاءُ أَوْ يُقَالُ إذَا حُذِفَ الْمَعْدُودُ يَجُوزُ إثْبَاتُ التَّاءِ وَحَذْفُهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَشِبْهُهُ) هُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَشَبِيهٌ كَقَتِيلٍ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِثْلٌ وَمَثَلٌ وَمَثِيلٌ اهـ سم. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ) وَهُوَ شَامِلٌ لِصُورَةٍ حَسَنَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ قَصَدَ شَخْصًا ظَنَّهُ صَيْدًا فَإِذَا هُوَ إنْسَانٌ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَقْسَامِ الْخَطَأِ إنْ كَانَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ قَاصِرًا عَنْهَا، ثُمَّ هَذِهِ الصُّورَةُ تَرِدُ عَلَى ضَوَابِطِ الْعَمْدِ الْآتِي كَمَا يَرِدُ عَلَيْهَا مَا فِي الرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا رَمَى إلَى جَمَاعَةٍ، وَقَصَدَ إصَابَةَ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَصَابَ وَاحِدًا وَجَبَ الْقِصَاصُ وَقَوْلُ الْمِنْهَاجِ فِي تَعْرِيفِ الْعَمْدِ وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ إنْ أَرَادَ قَصْدَ الشَّخْصِ فِي الْجُمْلَةِ دَخَلَتْ الثَّانِيَةُ وَوَرَدَتْ الْأُولَى وَإِنْ أَرَادَ قَصْدَ عَيْنِهِ وَرَدَتَا ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ التَّصْحِيحِ اعْتَمَدَ اشْتِرَاطَ قَصْدِ الْعَيْنِ، وَأَجَابَ عَنْ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ وَغَيْرَهُ صَحَّحُوا خِلَافَهُ انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ كَأَنْ زَلِقَ) مِنْ بَابِ تَعِبَ اهـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ وَقَصَدَ عَيْنَ شَخْصٍ) أَيْ آدَمِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْآدَمِيِّينَ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّعْلِيلِ الْآتِي أَمَّا غَيْرُهُ كَالْبَهِيمَةِ فَمَضْمُونٌ مُطْلَقًا وَلَا تَدْخُلُهُ الْأَقْسَامُ الْآتِيَةُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَخَطَأٌ) وَمِنْهُ مَا لَوْ رَمَى إنْسَانًا ظَنَّهُ شَجَرَةً، وَمَا لَوْ رَمَى إلَى مُهْدَرٍ فَعُصِمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ تَنْزِيلًا لِطُرُوِّ ظَنِّهِ أَوْ الْعِصْمَةِ مَنْزِلَةَ طُرُوُّ إصَابَةِ مَنْ لَمْ يَقْصِدْهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْخَطَأِ حُكْمَ الْآلَةِ مِنْ كَوْنِهَا تَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ لَا اهـ ح ل فَلْيُنْظَرْ مَا حُكْمُهُ.

(قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدَهُمَا فَخَطَأٌ اهـ فَتَصْدُقُ عِبَارَتُهُ بِقَصْدِ الْعَيْنِ دُونَ الْفِعْلِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مُحَالَةٌ اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ فُقِدَ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِوُجُودِ قَصْدِ مَنْ وَقَعَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ الْفِعْلِ وَهُوَ مُحَالٌ إذْ يَلْزَمُ مِنْ فَقْدِ قَصْدِ الْفِعْلِ فَقْدُ قَصْدِ مَنْ تَقَعُ الْجِنَايَةُ بِهِ وَيَصْدُقُ أَيْضًا بِمَا إذَا قَصَدَ وَاحِدًا مِنْ جَمَاعَةٍ رَمَى إلَيْهِمْ، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ اعْتِبَارُ قَصْدِ الْعَيْنِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ (قَوْلُهُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ لِصِدْقِ عِبَارَةِ الْأَصْلِ بِقَصْدِ الشَّخْصِ دُونَ الْفِعْلِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ إنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا أَيْ مَعَ الْآخَرِ إنْ كَانَ الْمَفْقُودُ قَصْدَ الْفِعْلِ أَوْ وَحْدَهُ إنْ كَانَ الْمَفْقُودُ قَصْدَ الشَّخْصِ فَفَقْدُ قَصْدِ الْفِعْلِ أَخَصُّ، وَالْأَخَصُّ يَسْتَلْزِمُ الْأَعَمَّ وَلَا عَكْسَ انْتَهَتْ.

1 -

(قَوْلُهُ أَوْ قَصَدَهَا بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا فَعَمْدٌ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَعَيْنِ الشَّخْصِ يَعْنِي الْإِنْسَانَ إذْ لَوْ قَصَدَ شَخْصًا يَظُنُّهُ شَجَرَةً فَبَانَ إنْسَانًا كَانَ خَطَأً كَمَا يَأْتِي انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ يَعْنِي الْإِنْسَانَ إلَخْ أَيْ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ إنْسَانًا، وَإِلَّا لَمْ تَخْرُجْ هَذِهِ الصُّورَةُ أَيْ صُورَةُ النَّخْلَةِ، وَمُرَادُهُ بِالْإِنْسَانِ الْبَشَرُ فَتَخْرُجُ الْجِنُّ فَلَا ضَمَانَ فِيهِمْ مُطْلَقٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنْ الشَّارِعِ فِيهِمْ شَيْءٌ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ نَصُّهَا قَالَ فِي التُّحْفَةِ. (تَنْبِيهٌ)

وَقَعَ لِشَيْخِنَا فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ مَا يُصَرِّحُ بِاشْتِرَاطِ قَصْدِ عَيْنِ الشَّخْصِ هُنَا أَيْضًا أَيْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَهُوَ عَجِيبٌ لِتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ أَنَّ قَصْدَ الْعَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَمْدِ فَأَوْلَى شِبْهُهُ لَكِنَّ هَذَا ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَنْجَنِيقِ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ قَصْدُ الْعَيْنِ فَعَمْدٌ، وَإِلَّا كَانَ قَصْدَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَحَدِ الْجَمَاعَةِ فَشِبْهُ عَمْدٍ اهـ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ أَوْ قَصَدَهَا بِمَا) أَيْ بِآلَةٍ تُتْلِفُ غَالِبًا أَيْ بِرِعَايَةِ الْمَحِلِّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِمَقْتَلٍ اهـ ع ش وَمِنْ الْعَمْدِ مَا لَوْ رَمَى جَمْعًا وَقَصَدَ إصَابَةَ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَصَابَ وَاحِدًا مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَخْصٍ مِنْهُمْ مَقْصُودٌ بِالْجِنَايَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ وَاحِدًا مُبْهَمًا فَإِنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ

ص: 4

أَيْ أَوْ بِمَا يُتْلِفُ غَيْرَ غَالِبٍ بِأَنْ قَصَدَهَا بِمَا يُتْلِفُ نَادِرًا كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ أَوْ بِمَا يُتْلِفُ لَا غَالِبًا وَلَا نَادِرًا كَضَرْبٍ غَيْرِ مُتَوَالٍ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ وَشِدَّةِ حَرٍّ وَبَرْدٍ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا خَفِيفَيْنِ لِمَنْ يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ بِهِ (فَشِبْهُهُ) أَيْ شِبْهُ عَمْدٍ وَيُسَمَّى أَيْضًا خَطَأَ عَمْدٍ وَعَمْدَ خَطَأٍ وَخَطَأَ شِبْهِ عَمْدٍ

(وَلَا قَوَدَ إلَّا فِي عَمْدٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (ظُلْمٍ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ بِخِلَافِ غَيْرِ الظُّلْمِ كَالْقَوَدِ وَبِخِلَافِ الظُّلْمِ لَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ

ــ

[حاشية الجمل]

ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَدَخَلَ فِي قَوْلِنَا عَيْنَ الشَّخْصِ رَمْيُهُ لِجَمْعٍ بِقَصْدِ إصَابَةِ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِخِلَافِهِ بِقَصْدِ إصَابَةِ وَاحِدٍ فَرْقًا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ إذْ الْحُكْمُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مُطَابَقَةً، فَكُلٌّ مِنْهُمْ مَقْصُودٌ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمَاهِيَّةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ فَرْقًا بَيْنَ الْعَامِّ وَالْمُطْلَقِ الْفَرْقُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ قَوِيٍّ فَلْيَتَأَمَّلْ الْمُتَأَمِّلُ فَحِينَئِذٍ لَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ قَصْدَ وَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ فِي ضِمْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مُبْهَمًا فَكَانَ عَامًّا بِهَذَا الْمَعْنَى، فَلَا يَتِمُّ قَوْلُهُ فَرْقًا إلَخْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ وَاحِدًا مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ التَّعْمِيمِ فِيهِ كَانَ عِبَارَةً عَنْ الْمَاهِيَّةِ فَقَطْ، فَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنْ الْأَفْرَادِ وَإِنْ كَانَ وُجُودُ الْمَاهِيَّةِ إذَا تَحَقَّقَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي وَاحِدٍ إلَّا أَنَّ الْقَصْدَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وَفُرِّقَ بَيْنَ كَوْنِ الشَّيْءِ حَاصِلًا غَيْرَ مَقْصُودٍ وَكَوْنِهِ مَقْصُودًا اهـ ع ش عَلَيْهِ. (فَرْعٌ)

لَوْ أَشَارَ لِإِنْسَانٍ بِسِكِّينٍ تَخْوِيفًا لَهُ فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ اتَّجَهَ كَوْنُهُ غَيْرَ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ بِالْآلَةِ قَطْعًا وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ عَمْدٌ يُوجِبُ الْقَوَدَ اهـ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ اتَّجَهَ كَوْنُهُ غَيْرَ عَمْدٍ أَيْ وَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْفِعْلَ وَهُوَ التَّخْوِيفُ الَّذِي لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ حَيْثُ أَشَارَ فَقَدْ قَصَدَ عَيْنَهُ بِالْإِشَارَةِ نَعَمْ خُصُوصُ الْإِشَارَةِ الَّتِي وُجِدَتْ مِنْهُ لَا تَقْتُلُ غَالِبًا، وَسُقُوطُ السِّكِّينِ مِنْ يَدِهِ لَمْ يَقْصِدْهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى هَذَا بِأَنْ يُقَالَ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ بِسُقُوطِ الْآلَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَيْ أَوْ بِمَا يُتْلِفُ غَيْرَ غَالِبٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ مَنْصُوبَةٌ عَطْفًا عَلَى غَالِبًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ جَرُّهَا يُوهِمُ دُخُولَ قَصْدِهِ بِمَا لَا يُتْلِفُ أَصْلًا، وَأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ إذْ السَّالِبَةُ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ لَكِنَّ الْمَقَامَ يَدْفَعُ هَذَا الْإِيهَامَ فَيَجُوزُ جَرُّهَا أَيْضًا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ فِي الْعَمْدِ بِقَوْلِهِ كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِمَقْتَلٍ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِيهِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ فَالْمُرَادُ بِالْأَثَرِ هُوَ التَّأَلُّمُ وَبَقِيَ قَيْدٌ ثَالِثٌ لِكَوْنِ الْغَرْزِ الْمَذْكُورِ شِبْهَ عَمْدٍ سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ حَالًا فَشِبْهُ عَمْدٍ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ مَكَثَ بَعْدَ الْغَرْزِ مُدَّةً طَوِيلَةً فَإِنَّهُ هَدَرٌ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا يُتْلِفُ لَا غَالِبًا وَلَا نَادِرًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا خَفِيفَيْنِ بِلَا تَوَالٍ، وَلَمْ يَكُنْ بِمَقْتَلٍ وَلَمْ يَكُنْ بَدَنُ الْمَضْرُوبِ نَحِيفًا، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ صِغَرٍ وَإِلَّا فَعَمْدٌ كَمَا لَوْ خَنَقَهُ فَضَعُفَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ لِصِدْقِ حَدِّهِ عَلَيْهِ وَكَالتَّوَالِي مَا لَوْ فُرِّقَ وَبَقِيَ أَلَمُ كُلٍّ لِمَا بَعْدَهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ أَوَّلُهُ مُبَاحًا فَلَا قَوَدَ لِاخْتِلَاطِ شِبْهِ الْعَمْدِ بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ غَيْرَ مُتَوَالٍ إلَخْ) اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى قُيُودٍ خَمْسَةٍ، وَمُحْتَرَزُ كُلٍّ مِنْهَا أَنَّهُ عَمْدٌ فِيهِ الْقِصَاصُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر انْتَهَى

(قَوْلُهُ وَشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) أَيْ وَغَيْرِ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَقْتَلٍ فَغَيْرُ مُسَلَّطَةٍ عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِمَنْ يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ بِهِ) أَيْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. قَالَ الْمَسْعُودِيُّ: لَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً وَقَصَدَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَيْهَا فَشَتَمَهُ فَضَرَبَهُ ثُمَّ شَتَمَهُ فَضَرَبَهُ وَهَكَذَا حَتَّى قَتَلَهُ فَلَا قِصَاصَ لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ أَيْ قَصْدِ الْمُوَالَاةِ الَّتِي تَقْتُلُ غَالِبًا، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْظَرَ إلَى صُورَةِ الْمُوَالَاةِ بَلْ إلَى الْأَلَمِ فَإِنْ بَقِيَ أَلَمُ الْأُولَى ثُمَّ ضَرَبَهُ وَهَكَذَا فَهُوَ كَمَا لَوْ وَالَى اهـ وَهَذَا الرَّدُّ لِلْبُلْقِينِيِّ حَيْثُ قَالَ هَذَا أَيْ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ ضَرْبَةٍ لَمْ يَقْصِدْ الْفِعْلَ وَالشَّخْصَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ وِلَاءَ الضَّرْبِ ثُمَّ وَالَاهُ فَإِنَّا نُوجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ نَظَرًا إلَى قَصْدِ الشَّخْصِ وَالْفِعْلِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَالضَّرْبَةُ الْأُولَى لَا قِصَاصَ بِهَا فَكَيْفَ يَجِبُ بِالثَّانِيَةِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ سم وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخَانِ قُبَيْلَ الدِّيَاتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ بِالسَّوْطِ عَشْرًا وِلَاءً فَمَاتَتْ فَإِنْ قَصَدَ فِي الِابْتِدَاءِ الْعَدَدَ الْمُهْلِكَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَصَدَ تَأْدِيبَهَا بِسَوْطَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَجَاوَزَ فَلَا؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَطَ الْعَمْدُ بِشَبَهِهِ اهـ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَيُسَمَّى أَيْضًا خَطَأَ عَمْدٍ إلَخْ) إنَّمَا تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي التَّعْبِيرُ بِهَا فِي الْأَحَادِيثِ الْآتِيَةِ فِي الْكِتَابِ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الظُّلْمِ لَا مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر لَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَعَيْنِ الشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا هَذَا حَدٌّ لِلْعَمْدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فَإِنْ أُرِيدَ بِقَيْدِ إيجَابِهِ لِلْقَوَدِ زِيدَ فِيهِ ظُلْمًا مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ لِإِخْرَاجِ الْقَتْلِ بِحَقٍّ أَوْ شُبْهَةٍ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ كَمَنْ أَمَرَهُ حَاكِمٌ بِقَتْلٍ بَانَ خَطَؤُهُ فِي سَبَبِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ كَتَبَيُّنِ رِقِّ شَاهِدَيْهِ وَكَمَنْ رَمَى لِمُهْدَرٍ أَوْ لِغَيْرِ مُكَافِئٍ فَعُصِمَ أَوْ كَافَأَهُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ وَكَوَكِيلٍ قَتَلَ

ص: 5

بِأَنْ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ فِي الْإِتْلَافِ كَأَنْ اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ قَوَدًا فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَذَلِكَ (كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِمَقْتَلٍ) كَدِمَاغٍ وَعَيْنٍ وَحَلْقٍ وَخَاصِرَةٍ فَمَاتَ بِهِ لِخَطَرِ الْمَوْضِعِ وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ (أَوْ) غَرْزِهَا (بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ كَأَلْيَةٍ وَفَخِذٍ (وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ) لِظُهُورِ أَثَرِ الْجِنَايَةِ وَسِرَايَتِهَا إلَى الْهَلَاكِ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ حَالًا فَشِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَإِقْصَارِي عَلَى التَّأَلُّمِ كَافٍ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ التَّوَرُّمِ مَعَهُ كَمَا فَعَلَهُ فِي الْأَصْلِ (وَلَا أَثَرَ لَهُ) أَيْ لِغَرْزِهَا (فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ) فَلَا يَجِبُ بِمَوْتِهِ عِنْدَهُ قَوَدٌ وَلَا غَيْرُهُ لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ بِهِ وَالْمَوْتُ عَقِبَهُ مُوَافَقَةُ قَدَرٍ

ــ

[حاشية الجمل]

فَبَانَ انْعِزَالُهُ أَوْ عَفْوُ مُوَكِّلِهِ وَإِيرَادُ هَذِهِ الصُّورَةِ غَفْلَةٌ عَمَّا قَرَّرْنَاهُ، وَالظُّلْمُ لَا مِنْ حَيْثُ الْإِتْلَافُ كَأَنْ اسْتَحَقَّ حَزَّ رَقَبَتِهِ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ بِأَنْ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ) فَإِنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ حَيْثُ عَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ الْمُسْتَحَقِّ إلَى غَيْرِهِ، وَقَوْلُهُ لْخَطَرِ الْمَوْضِعِ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ مَا ذَكَرَ عَمْدًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ الْعَمْدُ الظُّلْمُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِمَقْتَلٍ وَالْمُرَادُ بِالْإِبْرَةِ إبْرَةُ الْخِيَاطَةِ، وَأَمَّا الْمِسَلَّةُ الَّتِي يُخَاطُ بِهَا الظُّرُوفُ فَهِيَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا اهـ ز ي اهـ ع ش.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ وَذَلِكَ أَيْ الْعَمْدُ كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِمَقْتَلٍ أَيْ إبْرَةِ الْخَيَّاطِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَإِنْ كَانَ حَالُ مَنْ وَقَعَ بِهِ ذَلِكَ لَا يَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ عَادَةً وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا نَصُّوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا إلَخْ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ لِمَنْ يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ بِهِ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ حَالُ مَنْ وَقَعَ بِهِ الْفِعْلُ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ كَغَرْزِ إبْرَةٍ بِمَقْتَلٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَأَلَّمْ.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً بِبَدَنِ نَحْوِ هَرِمٍ أَوْ نَحِيفٍ أَوْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ أَيْ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا أَخْذًا مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ ذَلِكَ فِي سَقْيِهِ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ لِأَنَّ غَوْصَهَا مَعَ السُّمِّ يُؤَثِّرُ مَا لَا يُؤَثِّرُهُ الشُّرْبُ وَلَوْ بِغَيْرِ مَقْتَلٍ أَوْ بِمَقْتَلٍ بِفَتْحِ التَّاءِ كَدِمَاغٍ وَعَيْنٍ وَحَلْقٍ وَخَاصِرَةٍ وَإِحْلِيلٍ وَمَثَانَةٍ وَعِجَانٍ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَالدُّبْرِ فَعَمْدٌ، وَإِنْ انْتَفَى عَنْ ذَلِكَ أَلَمٌ وَوَرَمٌ لَصَدَقَ حَدِّهِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِخَطَرِ الْمَحِلِّ وَشِدَّةِ تَأَثُّرِهِ، وَكَذَا يَكُونُ عَمْدًا غَرْزُهَا بِغَيْرِهِ كَأَلْيَةٍ وَوِرْكٍ إنْ تَأَلَّمَ تَأَلُّمًا شَدِيدًا دَامَ بِهِ حَتَّى مَاتَ كَذَلِكَ

فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ بِأَنْ لَمْ يَشْتَدَّ الْأَلَمُ أَوْ اشْتَدَّ ثُمَّ زَالَ وَمَاتَ فِي الْحَالِ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ يَسِيرٍ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ فَشِبْهُ عَمْدٍ كَالضَّرْبِ بِسَوْطٍ خَفِيفٍ وَقِيلَ عَمْدٌ كَجُرْحٍ صَغِيرٍ وَرُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْقِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ مِنْ قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ إحَالَةً لِلْمَوْتِ عَلَى سَبَبٍ آخَرَ وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ إذْ لَيْسَ مَا لَا وُجُودَ لَهُ أَوْلَى مِمَّا لَهُ وُجُودٌ وَإِنْ خَفَّ انْتَهَتْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ وع ش قَوْلُهُ وَهِيَ مَسْمُومَةٌ قَيْدٌ فِي غَرْزِهَا فِي الْكَبِيرِ فَقَطْ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ الْعِجَانُ كَكِتَابٍ مَا بَيْنَ الْخُصْيَةِ وَحَلْقَةِ الدُّبُرِ اهـ وَفِي شَرْحِ م ر فِي آخِرِ هَذَا الْفَصْلِ وَلَوْ أَنْهَشَهُ نَحْوُ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ تَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ حَثَّ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَأَعْجَمِيٍّ يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ عَلَى قَتْلِ آخَرَ أَوْ نَفْسِهِ فِي غَيْرِ الْأَعْجَمِيِّ أَوْ أَلْقَى عَلَيْهِ سَبُعًا ضَارِيًا يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ عَكَسَهُ فِي مَضِيقٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ أَوْ أَغْرَاهُ بِهِ فِيهِ قُتِلَ بِهِ لِصِدْقِ حَدِّ الْعَمْدِ عَلَيْهِ أَوْ حَيَّةٌ فَلَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا تَنْفِرُ بِطَبْعِهَا مِنْ الْآدَمِيِّ حَتَّى فِي الْمَضِيقِ بِخِلَافِ السَّبُعِ فَإِنَّهُ يَثِبُ عَلَيْهِ فِيهِ دُونَ الْمُتَّسَعِ نَعَمْ إنْ كَانَ السَّبُعُ الْمُغْرَى فِي الْمُتَّسَعِ ضَارِيًا شَدِيدَ الْعَدْوِ لَا يَتَأَتَّى الْهَرَبُ مِنْهُ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ رَبَطَ بِبَابِهِ أَوْ دِهْلِيزِهِ نَحْوَ كَلْبٍ عَقُورٍ وَدَعَا ضَيْفًا فَافْتَرَسَهُ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ يَفْتَرِسُ بِاخْتِيَارِهِ وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ غَطَّى بِئْرًا بِمَمَرٍّ غَيْرِ مُمَيَّزٍ بِخُصُوصِهِ وَدَعَاهُ لِمَحِلٍّ الْغَالِبُ أَنَّهُ يَمُرُّ عَلَيْهَا فَأَتَاهُ فَوَقَعَ فِيهَا، وَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ وَإِفْضَاءٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ فِي شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَأَشْبَهَ الْإِكْرَاهَ بِخِلَافِ مَا لَوْ غَطَّاهَا لِيَقَعَ بِهَا مَنْ يَمُرُّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ الْعَمْدِ بِهِ مَعَ عَدَمِ التَّعْيِينِ كَمَا مَرَّ

أَمَّا الْمُمَيَّزُ فَفِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ اهـ وَقَوْلُهُ أَمَّا الْمُمَيَّزُ إلَخْ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ دَعَاهُ وَالْغَالِبُ مُرُورُهُ عَلَيْهَا، وَقَدْ غَطَّاهَا وَكَتَغْطِيَتِهَا عَدَمُ تَغْطِيَتِهَا لَكِنْ لَمْ يَرَهَا الْمَدْعُوُّ لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ اهـ سم عَلَى حَجّ وَيَنْبَغِي أَنَّ التَّعْبِيرَ فِي كَلَامِهِ بِالْغَالِبِ لَيْسَ بِقَيْدٍ؛ لِأَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ النَّادِرُ فِيهِ كَالْغَالِبِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَخَاصِرَةٍ) هِيَ مَا بَيْنَ رَأْسِ الْوَرِكِ وَآخِرِ ضِلْعٍ فِي الْجَنْبِ وَمِثْلُهَا الْخَصْرُ وَالْكَشْحُ فَالثَّلَاثَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْقَامُوسِ. (قَوْلُهُ وَمَاتَ حَالًا) أَيْ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ يَسِيرٍ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ مِنْ شَرْحِ م ر فَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ كَانَ هَدَرًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي بَدَنِ نَحْوِ طِفْلٍ وَجَبَ الْقِصَاصُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَأَقَرَّاهُ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ يَقْتُلُ غَالِبًا اهـ شَوْبَرِيٌّ وَفِي نُسْخَةٍ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا لَا يُؤْلِمُ) خَرَجَ بِمَا لَا يُؤْلِمُ مَا لَوْ بَالَغَ فِي إدْخَالِهَا فَإِنَّهُ عَمْدٌ وَإِبَانَةُ فَلَقَةِ لَحْمٍ خَفِيفَةٍ وَسَقْيُ سُمٍّ يَقْتُلُ كَثِيرًا لَا غَالِبًا كَغَرْزِهَا بِغَيْرِ مَقْتَلٍ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنَّ مَا يَقْتُلُ نَادِرًا كَذَلِكَ اهـ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ أَيْ مَا لَمْ يُبَالِغْ فِي الْغَرْزِ بِهَا قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَلَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ بِمَوْتِهِ عِنْدَهُ قَوَدٌ وَلَا غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ دِيَةٍ وَكَفَّارَةٍ وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ إذْ كُلُّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ يَجِبُ فِيهَا التَّعْزِيرُ

ص: 6

فَهُوَ كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ أَوْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ خِرْقَةٌ فَمَاتَ.

(وَلَوْ مَنَعَهُ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا) هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَالشَّرَابُ (وَطَلَبًا) لَهُ (حَتَّى مَاتَ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا فَعَمْدٌ) لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِهِ وَتَخْتَلِفُ الْمُدَّةُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَمْنُوعِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَالزَّمَنِ حَرًّا وَبَرْدًا فَفَقْدُ الْمَاءِ فِي الْحَرِّ لَيْسَ كَهُوَ فِي الْبَرْدِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ

(فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ) مَنْعَهُ (ذَلِكَ) أَيْ جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَإِنْ سَبَقَهُ وَعَلِمَهُ) الْمَانِعُ (فَعَمْدٌ) لِمَا مَرَّ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (فَنِصْفُ دِيَةِ شِبْهِهِ) أَيْ شِبْهِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ حَصَلَ بِهِ وَبِمَا قَبْلَهُ

ــ

[حاشية الجمل]

غَالِبًا كَمَا يَأْتِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَهُوَ كَمَنْ ضُرِبَ بِقَلَمٍ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَخَرَجَ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا أَوْ غَيْرَ غَالِبٍ مَا لَوْ ضَرَبَهُ بِقَلَمٍ إلَخْ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَلَوْ مَنَعَهُ طَعَامًا إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ الْآتِي وَيَجِبُ قَوَدٌ بِسَبَبِ إلَخْ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا هُنَاكَ، وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَ هَذَا سَبَبًا خَفِيًّا جَعَلَهُ وَاسِطَةً بَيْنَ السَّبَبِ وَالْآلَةِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا وَلَوْ مَنَعَهُ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا) أَيْ أَوَمَا يَتَدَثَّرُ بِهِ فِي الْبَرْدِ أَوْ رَبْطِ عِصَابَةِ الْفَصْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَنَاوُلُ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَطَلَبًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ طَلَبَهُ وَحَصَّلَهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَنَاوُلِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مَنَعَهُ تَنَاوُلَ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ حَاضِرٍ عِنْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ فَقَدْ يُقَالُ مَنْعُهُ مِنْ الطَّلَبِ لَيْسَ سَبَبًا فِي الْهَلَاكِ لِجَوَازِ أَنْ يَتَنَاوَلَ مَا يَدْفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ مَنَعَهُ شَدَّ مَحَلِّ الْعَصَبِ أَوْ دَخَنَ عَلَيْهِ فَمَاتَ أَوْ حَبَسَهُ كَأَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابًا وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ أَوْ أَحَدَهُمَا وَالطَّلَبَ لِذَلِكَ أَوْ عَرَّاهُ حَتَّى مَاتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ بَرْدًا، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَحْبُوسِ وَالزَّمَنِ قُوَّةً وَحَرًّا وَضِدَّهُمَا فَعَمْدٌ إحَالَةً لِلْهَلَاكِ عَلَى هَذَا السَّبَبِ الظَّاهِرِ، وَخَرَجَ بِحَبْسِهِ مَا لَوْ أَخَذَ بِمَفَازَةٍ قُوتَهُ أَوْ لُبْسَهُ أَوْ مَاءَهُ وَإِنْ عَلِمَ هَلَاكَهُ بِهِ وَبِمَنْعِهِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَنَاوُلِ مَا عِنْدَهُ وَعَلِمَ بِهِ خَوْفًا أَوْ حُزْنًا أَوْ مِنْ طَعَامٍ خَوْفَ عَطَشٍ أَوْ مِنْ طَلَبِ ذَلِكَ أَيْ وَقَدْ جَوَّزَ إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ فَلَا قَوَدَ بَلْ وَلَا ضَمَانَ حَيْثُ كَانَ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا فِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ فِي الْبَقِيَّةِ. قَالَ الْفُورَانِيُّ وَكَذَا لَوْ أَمْكَنَهُ الْهَرَبُ بِلَا مُخَاطَرَةٍ فَتَرَكَهُ وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَيَضْمَنُهُ بِالْيَدِ، وَأَخَذَ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَيْتًا هُوَ جَالِسٌ فِيهِ حَتَّى مَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ فِي أَخْذِ الطَّعَامِ مِنْهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ بِخِلَافِهِ فِي الْحَبْسِ بَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ وَقَوْلُهُ هَذَا فِي مَفَازَةٍ يُمْكِنُ الْخُرُوجُ مِنْهَا أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ لِطُولِهَا أَوْ لِزَمَانَتِهِ وَلَا طَارِقَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالْمُتَّجِهُ وُجُوبُ الْقَوَدِ كَالْمَحْبُوسِ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ انْتَهَتْ. (فَرْعٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ مَنَعَهُ الْبَوْلَ فَمَاتَ هَلْ يَكُونُ عَمْدًا مُوجِبًا لِلْقَوَدِ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ أَوْ لَا كَمَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ بِمَفَازَةٍ فَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا أَقُولُ الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ التَّفْصِيلُ كَأَنْ يَقُولَ إنْ رَبَطَ ذَكَرَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْبَوْلُ وَمَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا فَهُوَ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ وَإِنْ لَمْ يَرْبِطْهُ بَلْ مَنَعَهُ بِالتَّهْدِيدِ مَثَلًا كَأَنْ رَاقَبَهُ وَقَالَ إنْ بُلْت قَتَلْتُك فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَهُ فِي مَفَازَةٍ فَمَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْعَمْدِ أَيْضًا مَا لَوْ أَخَذَ مِنْ الْعَوَّامِ جِرَابَهُ مَثَلًا مِمَّا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي الْعَوْمِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهِ بِأَنْ يَعْرِفَ الْعَوَّامُ الْعَوْمَ أَمْ لَا. (فَرْعٌ)

لَوْ قَطَعَ عَلَى أَهْلِ قَلْعَةٍ مَاءً جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالشُّرْبِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ فَمَاتُوا عَطَشًا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّهُمْ بِسَبِيلٍ مِنْ الشُّرْبِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِمَشَقَّةٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ الْمَانِعِ لِلْمَاءِ اهـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ هُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَالشَّرَابُ) أَيْ لِإِيهَامِ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمَنْعِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ وَيَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا) وَحَدَّ الْأَطِبَّاءُ الْجُوعَ الْمُهْلِكَ غَالِبًا بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ سَاعَةً مُتَّصِلَةً وَاعْتِرَاضُ الرُّويَانِيِّ لَهُمْ بِمُوَاصَلَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ أَمْرٌ نَادِرٌ وَمِنْ حَيِّزِ الْكَرَامَةِ عَلَى أَنَّ التَّدْرِيجَ فِي التَّقْلِيلِ يُؤَدِّي لِصَبْرِ نَحْوِ ذَلِكَ كَثِيرًا وَيَتَّجِهُ عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ، وَلَوْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ اعْتَادَ ذَلِكَ التَّقْلِيلَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِمَا مِنْ شَأْنِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِهِ) أَيْ وَذَلِكَ مِمَّا يَقْتُلُ غَالِبًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ) أَيْ وَلَكِنْ مَضَى مُدَّةٌ يُمْكِنُ عَادَةً إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا اهـ س ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ عَادَةً إحَالَةُ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا فَإِيهَامُ عُمُومٍ وَإِلَّا هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ سَبَقَ وَعَلِمَهُ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ إذَا انْضَمَّ إلَى مُدَّةِ الْحَبْسِ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ مُؤَثِّرًا فِي الْهَلَاكِ غَالِبًا كَمَا يُفْهِمُهُ الْمَقَامُ اهـ شَوْبَرِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا حَقِيقَةٍ لَا مَا يَشْمَلُ غَلَبَةَ الظَّنِّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ نَقْلًا عَنْ حَجّ فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَعَمْدٌ لِمَا مَرَّ) أَيْ وَهُوَ ظُهُورُ قَصْدِ الْإِهْلَاكِ بِهِ فَإِنْ عَفَا وَجَبَ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَإِنْ كَانَ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ وَعَلِمَ الْحَابِسُ الْحَالَ فَعَمْدٌ لِشُمُولِ حَدِّهِ السَّابِقِ لَهُ إذْ الْفَرْضُ

ص: 7

وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا أَيْ فَلَيْسَ بِعَمْدٍ.

(وَيَجِبُ قَوَدٌ) أَيْ قِصَاصٌ (بِسَبَبٍ) كَالْمُبَاشَرَةِ وَسُمِّيَ ذَلِكَ قَوَدًا؛ لِأَنَّهُمْ يَقُودُونَ الْجَانِي بِحَبْلٍ وَغَيْرِهِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ

ــ

[حاشية الجمل]

أَنَّ مَجْمُوعَ الْمُدَّتَيْنِ بَلَغَ الْمُدَّةَ الْقَاتِلَةَ، وَأَنَّهُ مَاتَ بِذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ إرَادَةَ ذَلِكَ مِمَّا ذُكِرَ بَعِيدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ عَمْدًا أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ اهـ ح ل إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَهَذَا أَيْ كَوْنُ الْقَتْلِ شِبْهَ عَمْدٍ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ مُحْتَمِلَةٌ لِذَلِكَ وَلِكَوْنِهِ خَطَأً لَكِنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا كَوْنُ الْوَاجِبِ نِصْفَ دِيَةٍ أَوَّلًا فَبَعِيدٌ مِنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ قَوَدٌ بِسَبَبٍ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَاد الْعَمْدِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ السَّبَبُ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ بِمَا يُتْلِفُ غَالِبًا وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَغَرْزِ إبْرَةٍ أَوْ تَسَبَّبَ فِي إتْلَافِهِ كَأَنْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلِ غَيْرِهِ أَوْ ضَيْفِهِ بِمَسْمُومٍ، وَإِلَّا فَهَذَا الصَّنِيعُ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَتْلَ بِالسَّبَبِ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَمْدِ وَأَنَّ الْعَمْدَ مَقْصُورٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِالْمُبَاشَرَةِ وَهَذَا مِثْلُهُ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ، وَيُرْشِدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي تَعْلِيلِ وُجُوبِ الْقَوَدِ بِالْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْهَلَاكُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ أَيْ أَشْبَهَ الْمُبَاشَرَةَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ ح ل (قَوْلُهُ أَيْضًا وَيَجِبُ قَوَدٌ بِسَبَبٍ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَقَدْ لَا يَجِبُ بِهِ بَلْ تَغْلِبُ الْمُبَاشَرَةُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَدِّ مَعَ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْقَوَدَ يَجِبُ بِالسَّبَبِ إمَّا مَعَ وُجُوبِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ كَمَا فِي الْإِكْرَاهِ أَوْ بِدُونِ وُجُوبِهِ بِهَا كَمَا فِي شَهَادَةِ الزُّورِ.

وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي لَهُ مَدْخَلٌ فِي الزَّهُوقِ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ مُبَاشَرَةٌ وَسَبَبٌ وَشَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَثَّرَ فِي الزَّهُوقِ وَحَصَلَ بِدُونِ وَاسِطَةٍ فَالْمُبَاشَرَةُ، وَإِنْ أَثَّرَ فِي حُصُولِهِ مَا يُؤَثِّرُ فِي الزَّهُوقِ فَالسَّبَبُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الزَّهُوقِ وَلَا فِي الْحُصُولِ فَالشَّرْطُ فَالْأَوَّلُ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ وَالْقَدِّ وَالْجِرَاحَاتِ الْمُتَسَاوِيَةِ، وَالثَّانِي كَالْإِكْرَاهِ، وَالثَّالِثُ كَحَفْرِ الْبِئْرِ ثُمَّ إنْ اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَقَدْ يُغَلَّبُ الثَّانِي كَالْقَدِّ مَعَ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ، وَقَدْ يُغَلَّبُ الْأَوَّلُ كَالشَّهَادَةِ وَقَدْ يَعْتَدِلَانِ كَالْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ

وَالسَّبَبُ إمَّا حِسِّيٌّ كَالْإِكْرَاهِ وَإِمَّا عُرْفِيٌّ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ إلَى الضَّيْفِ وَإِمَّا شَرْعِيٌّ كَشَهَادَةِ الزُّورِ انْتَهَتْ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر الْمُبَاشَرَةُ مَا أَثَّرَ فِي التَّلَفِ وَحَصَّلَهُ، وَالسَّبَبُ مَا أَثَّرَ فِيهِ فَقَطْ وَلَمْ يُحَصِّلْهُ وَمِنْهُ مَنْعُ الطَّعَامِ السَّابِقِ، وَالشَّرْطُ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ وَلَا يُحَصِّلُهُ بَلْ يَحْصُلُ التَّلَفُ عِنْدَهُ بِغَيْرِهِ وَيَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ كَالْحَفْرِ مَعَ التَّرَدِّي فَإِنَّ الْمُفَوَّتَ هُوَ التَّخَطِّي جِهَتَهُ وَالْمُحَصِّلَ هُوَ التَّرَدِّي فِيهَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَى الْحَفْرِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبْ بِهِ قَوَدٌ مُطْلَقًا، وَسَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ السَّبَبَ قَدْ يُغَلَّبُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَعَكْسِهِ، وَأَنَّهُمَا قَدْ يَعْتَدِلَانِ ثُمَّ السَّبَبُ إمَّا حِسِّيٌّ كَالْإِكْرَاهِ وَإِمَّا عُرْفِيٌّ كَتَقْدِيمِ الطَّعَامِ الْمَسْمُومِ إلَى الضَّيْفِ وَإِمَّا شَرْعِيٌّ كَشَهَادَةِ الزُّورِ فَلَوْ شَهِدَا عَلَى آخَرَ بِقِصَاصٍ أَيْ مُوجِبِهِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ بِرِدَّةٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَقُتِلَ أَوْ قُطِعَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْهَا وَمِثْلُهُمَا الْمُزَكِّيَانِ وَالْقَاضِي، وَقَالَا تَعَمَّدْنَا الْكَذِبَ فِيهَا وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهَا أَوْ قَالَ كُلٌّ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ أَوْ زَادَ وَلَا أَعْلَمُ حَالَ صَاحِبِي لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ لِتَسَبُّبِهِمَا إلَى إهْلَاكِهِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَمُوجِبُهُ مُرَكَّبٌ مِنْ الرُّجُوعِ وَالتَّعَمُّدِ مَعَ الْعِلْمِ لَا الْكَذِبِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَيَقَّنَّا كَذِبَهُمَا بِأَنْ شَاهَدْنَا الْمَشْهُودَ بِقَتْلِهِ حَيًّا فَلَا قِصَاصَ لِجَوَازِ عَدَمِ تَعَمُّدِهِمَا

وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا تَعَمَّدْت أَنَا وَصَاحِبِي وَقَالَ الْآخَرُ أَخْطَأْت أَوْ أَخْطَأْنَا أَوْ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ صَاحِبِي قُتِلَ الْأَوَّلُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْمُقِرُّ بِمُوجِبِ الْقَوَدِ وَحْدَهُ فَإِنْ قَالَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِقَوْلِنَا قُبِلَا إنْ أَمْكَنَ صِدْقُهُمَا لِقُرْبِ عَهْدِهِمَا بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِمَا بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَوْ قَالَا لَمْ نَعْلَمْ قَبُولَ شَهَادَتِنَا لِوُجُودِ أَمْرٍ فِينَا يَقْتَضِي رَدَّهَا، وَالْحَاكِمُ قَصَّرَ فِي اخْتِيَارِنَا فَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي مَالِهِمَا إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُمَا الْعَاقِلَةُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَلِيُّ بِعِلْمِهِ عِنْدَ الْقَتْلِ بِكَذِبِهِمَا فِي شَهَادَتِهِمَا فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِمَا بَلْ هُوَ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِانْقِطَاعِ تَسَبُّبِهِمَا وَإِلْجَائِهِمَا بِعِلْمِهِ فَصَارَا شَرْطًا كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ، وَاعْتِرَافُهُ بِعِلْمِهِ بَعْدَ الْقَتْلِ لَا أَثَرَ لَهُ فَيُقْتَلَانِ، وَاعْتِرَافُ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا حِينَ الْحُكْمِ أَوْ الْقَتْلِ مُوجِبٌ لِقَتْلِهِ أَيْضًا رَجَعَا أَمْ لَا، وَمَحِلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَعْتَرِفْ وَارِثُ الْقَاتِلِ بِأَنَّ قَتْلَهُ حَقٌّ وَلَوْ رَجَعَ الْوَلِيُّ وَالشُّهُودُ فَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ وَخَرَجَ بِالشَّاهِدِ الرَّاوِي كَمَا لَوْ أَشْكَلَتْ قَضِيَّةٌ عَلَى حَاكِمٍ فَرُوِيَ لَهُ فِيهَا خَبَرٌ فَقَتَلَ بِهِ الْحَاكِمُ آخَرَ، ثُمَّ رَجَعَ الرَّاوِي وَقَالَ تَعَمَّدْت الْكَذِبَ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قُبَيْلَ الدِّيَاتِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ فِي فَتَاوِيهِ، وَقِيَاسُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مَا لَوْ اسْتَفْتَى الْقَاضِي شَخْصًا فَأَفْتَاهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ رَجَعَ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ كَالْمُبَاشَرَةِ) الْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ

ص: 8

(فَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ هَذَا وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ وَإِنْ ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِهَا صَيْدًا

ــ

[حاشية الجمل]

قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ) أَيْ وَلَوْ إمَامًا أَوْ مُتَغَلِّبًا وَمِنْهُ إمَامٌ خِيفَ مِنْ سَطْوَتِهِ لِاعْتِيَادِهِ فِعْلَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِكْرَاهُ لَوْ خُولِفَ فَأَمْرُهُ كَالْإِكْرَاهِ اهـ شَرْحُ م ر

(قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ كَغَيْرِهِ حُصُولُ الْإِكْرَاهِ بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ كَتَبَ كِتَابًا بِقَتْلِ رَجُلٍ وَالْكَاتِبُ ذُو سَطْوَةٍ لَا يَتَخَلَّصُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ مِنْهُ إلَّا بِامْتِثَالِهِ فَكَاللَّفْظِ وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ اهـ سم (قَوْلُهُ أَيْضًا فَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ) وَكَذَا قَوْلُهُ وَعَلَى مُكْرَهٍ بِفَتْحِهَا أَيْ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ فَعَلَيْهِ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْقِصَاصُ وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ فِي الْأَظْهَرِ لِإِيثَارِهِ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ، وَإِنْ كَانَ كَالْآلَةِ فَهُوَ كَمُضْطَرٍّ قَتَلَ غَيْرَهُ لِيَأْكُلَهُ وَلِعَدَمِ تَقْصِيرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِخَبَرِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» ، وَلِأَنَّهُ آلَةٌ لِلْمُكْرِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ بِهِ وَقِيلَ لَا قِصَاصَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ بَلْ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ انْتَهَتْ وَلَا خِلَافَ فِي إثْمِ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَالْمُكْرَهِ عَلَى الزِّنَا وَإِنْ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَتُبَاحُ بِهِ بَقِيَّةُ الْمَعَاصِي اهـ حَجّ وَقَوْلُهُ بَقِيَّةُ الْمَعَاصِي أَيْ غَيْرُ الزِّنَا وَالْقَتْلِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَا يُبَاحَانِ بِهِ أَيْ الْإِكْرَاهِ كَمَا قَرَّرَ.

وَفِي سم عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ وَالْكَلَامُ فِي الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ لِذَاتِهِ، وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ لِغَيْرِهِ كَقَتْلِ صِبْيَانِ الْكُفَّارِ وَنِسَائِهِمْ فَيُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ اهـ شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ وَفِي ع ش عَلَى م ر مَا نَصُّهُ (تَنْبِيهٌ)

لَا يُبِيحُ الْإِكْرَاهُ الْقَتْلَ الْمُحَرَّمَ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ كَنِسَاءِ الْحَرْبِيِّينَ وَذَرَارِيِّهِمْ فَإِنَّهُ يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ، وَكَذَا لَا يُبَاحُ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعُ الْمُكْرِهِ بِمَا أَمْكَنَهُ، وَيُبَاحُ بِهِ شُرْبُ الْخَمْرِ وَالْإِفْطَارُ فِي رَمَضَانَ وَالْخُرُوجُ مِنْ صَلَاةِ الْفَرْضِ، وَيُبَاحُ بِهِ الْإِتْيَانُ بِمَا هُوَ كُفْرٌ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا مَعَ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ وَعَلَى هَذَا فَفِيهِ أَوْجُهٌ الْأَوَّلُ الْأَفْضَلُ أَنْ يَثْبُتَ وَلَا يَنْطِقَ بِهَا، وَالثَّانِي الْأَفْضَلُ مُقَابِلُهُ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ فَالْأَفْضَلُ الثُّبُوتُ، وَالرَّابِعُ إنْ كَانَ يُتَوَقَّعُ مِنْهُ الْقِيَامُ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْطِقَ بِهَا لِمَصْلَحَةِ بَقَائِهِ وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ الثَّبَاتُ وَيُبَاحُ بِهِ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ، وَقَالَ فِي الْوَسِيطِ بَلْ يَجِبُ وَتَبِعَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَجَزَمَ بِالْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ هَذَا) الْإِشَارَةُ لِآدَمِيٍّ عَلِمَهُ الْآمِرُ فَلَوْ جَهِلَ كَوْنَهُ آدَمِيًّا وَعَلِمَهُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ اُخْتُصَّ الْقَوَدُ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ، فَقِيَاسُ مَا سَيَأْتِي وُجُوبُ نِصْفِ دِيَةِ الْخَطَأِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ شَخْصٍ عَلِمَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ صَيْدًا فَرَمَاهُ فَمَاتَ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ خَطَأَهُ نَتِيجَةُ إكْرَاهِهِ فَجُعِلَ مَعَهُ كَالْآلَةِ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ارْتِكَابُ حُرْمَةٍ وَلَا قَصْدُ فِعْلٍ مُمْتَنِعٍ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ كَالْآلَةِ، وَالثَّانِي لَا قِصَاصَ عَلَى الْمُكْرِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ مُخْطِئٍ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ فِي التَّعْلِيلِ، وَيَجِبُ عَلَى مَنْ ظَنَّ الصَّيْدَ مَثَلًا نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ تَرْجِيحُهُ وَاسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ وَإِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي بِخِلَافِهِ انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ خَطَأَهُ أَيْ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ نَتِيجَةُ إكْرَاهِهِ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِهَا أَيْ فَلَيْسَ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ شَرِيكًا لِلْمُكْرِهِ حَتَّى يَمْتَنِعَ قَتْلُهُ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ لَا يُقْتَلُ، وَقَوْلُهُ فَجُعِلَ أَيْ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعَهُ أَيْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِهَا كَالْآلَةِ أَيْ فَكَانَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ هُوَ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ، وَالْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ آلَةٌ لَا شَرِيكٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِهَا صَيْدًا) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ نَحْوَ مُخْطِئٍ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمُكْرِهَ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُكْرَهُ مُبَاشِرٌ وَلَا إلَى أَنَّ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَالْآلَةِ إذْ الْإِكْرَاهُ يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ فَيَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ وَيَقْصِدُ بِهِ الْإِهْلَاكَ غَالِبًا، وَلَا يَحْصُلُ الْإِكْرَاهُ هُنَا إلَّا بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ قَتْلٍ لَهُ لَا لِنَحْوِ وَلَدِهِ انْتَهَتْ، وَقَوْلُهُ إلَّا بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَيْ بِحَيْثُ يَخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكَ غَالِبًا.

وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ ثُمَّ إنَّ الْإِكْرَاهَ هُنَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِالتَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُخْشَى مِنْهُ الْهَلَاكُ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ الدَّمِيرِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ عَنْ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّخْوِيفِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِمَا يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ كَالْقَطْعِ وَالْجُرْحِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ فِيهِ لَا يَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ

ص: 9

أَوْ كَانَ مُرَاهِقًا؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْهَلَاكُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ جَهْلُ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّهُ آلَةُ مُكْرِهِهِ وَلَا صِبَاهُ؛ لِأَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ عَمْدٌ (لَا إنْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) بِأَنْ قَالَ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهَا فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ حَقِيقَةً لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَالْمُخَوَّفِ بِهِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ

ــ

[حاشية الجمل]

عَلَى الْأَظْهَرِ اهـ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ إلَخْ) كَتَبَ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ وَوَجْهُهُ فِيمَا إذَا ظَنَّهُ الْمُكْرَهُ بِفَتْحِهَا صَيْدًا أَنَّ الْمُكْرَهَ بِفَتْحِهَا لَمَّا جَهِلَ الْحَالَ وَظَنَّ حِلَّ الْفِعْلِ كَانَ كَالْآلَةِ لِلْحَامِلِ، وَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَمَرَ صَبِيًّا لَا يَعْقِلُ ثُمَّ قَالَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ أَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ هُنَا لَا يُشْكِلُ بِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الْبَالِغَ لَوْ أَكْرَهَ صَبِيًّا، وَقُلْنَا إنَّ عَمْدَهُ خَطَأٌ لَا قِصَاصَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَهْلَ الْحَالِ هُنَا الْمُقْتَضِي لِإِلْحَاقِ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ بِالْآلَةِ مَفْقُودٌ فِي صُورَةِ الصَّبِيِّ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِالْحَالِ اهـ

وَقَدْ يَقْتَضِي كَوْنُهُ كَالْآلَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَهُوَ مَا فِي الرَّوْضِ، قَالَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَيْ مُمَيِّزًا أَوْ الْمَأْمُورُ أَيْ بِالرَّمْيِ إلَى شَاخِصٍ جَاهِلًا كَوْنَهُ آدَمِيًّا فَالْقِصَاصُ عَلَى الْبَالِغِ أَيْ فِي الْأُولَى وَالْمَأْمُورِ أَيْ فِي الثَّانِيَةِ لَكِنْ لَا دِيَةَ عَلَى الْجَاهِلِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إذْ هُوَ كَالْآلَةِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَعَلَى الصَّبِيِّ فِي الْأُولَى نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ مُغَلَّظَةً كَمَا سَيَأْتِي قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا دِيَةَ أَيْ لَا يَجِبُ نِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْجَاهِلِ هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ يُؤْخَذَانِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُ نِصْفِهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ مُخَفَّفَةً وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْوَارِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ جَعْلَهُ كَالْآلَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ خَاصٌّ بِمَا إذَا اُخْتُصَّ الْجَهْلُ بِهِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ كَانَا مُخْطِئَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ بِأَنْ جَهِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَوْنَ الْمَرْمِيِّ آدَمِيًّا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهَا مُخَفَّفَةً فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ اهـ فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ جَهِلَ وَحْدَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا جَهِلَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إذَا جَهِلَا فَلَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ حَتَّى يُخْتَصَّ بِمُوجَبِ الْجِنَايَةِ وَهِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِالْجَهْلِ وَعَدَمِهِ فَسُوِّيَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ وَبَقِيَ مَا إذَا اُخْتُصَّ بِالْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ، وَقَدْ يُقَالُ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ ثُمَّ قِيَاسُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الرَّوْضُ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ، وَقِيَاسُ مَا قَالَ الشَّارِحُ أَنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُ نِصْفِ الدِّيَةِ الْمُخَفَّفَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ اهـ سم.

1 -

(قَوْلُهُ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ الْهَلَاكُ غَالِبًا) وَهُوَ الْإِكْرَاهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُصَيِّرُ الْمُكْرَهُ آلَةً لِلْقَتْلِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ آلَةُ مُكْرِهِهِ) أَيْ مَعَ الْجَهْلِ، وَكَانَ قِيَاسُهُ أَنْ لَا يَجِبَ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُهَا فَلَمْ يُجْعَلْ آلَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَأَمَّا مَعَ الْعِلْمِ فَهُوَ شَرِيكٌ كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ جَهِلَ كُلٌّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ كَوْنَ الْمَرْمِيِّ آدَمِيًّا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ خَطَأٍ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ عَمْدٌ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ خَطَأٌ هُوَ آلَةُ مُكْرِهِهِ فَوُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرَهِ لَا يَتَقَيَّدُ بِكَوْنِ عَمْدِهِ عَمْدًا وَقَدْ نَبَّهَ حَجّ عَلَى ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ أَيْ حِينَ عَمْدِهِ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ مُغَلَّظَةً وَفِي حَالِ جَهْلِهِ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَةِ خَطَأٍ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ عَكْسَهُ عَلَى قَتْلٍ فَفَعَلَهُ فَعَلَى الْبَالِغِ الْمَذْكُورِ الْقِصَاصُ إنْ قُلْنَا عَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَمْدٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فَإِنْ قُلْنَا خَطَأٌ فَلَا قِصَاصَ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكُ مُخْطِئٍ أَمَّا الصَّبِيُّ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بِحَالٍ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ لَا إنْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ) أَيْ أُكْرِهَ الْمُمَيِّزُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَجَبَ الْقَوَدُ لِانْتِفَاءِ اخْتِيَارِهِ، وَخَرَجَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ مَا لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَإِنَّهُ إكْرَاهٌ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ تُرْجَى مَعَهُ الْحَيَاةُ فَلَمْ يَتَّحِدْ الْمَأْمُورُ بِهِ وَالْمُخَوَّفُ بِهِ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ سم قَالَ الزَّرْكَشِيُّ خَرَجَ بِالتَّقْيِيدِ بِالنَّفْسِ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا مَا لَوْ قَالَ لَتَقْطَعَنَّ يَدَك أَوْ أُصْبُعَك وَإِلَّا قَتَلْتُك فَهُوَ إكْرَاهٌ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَفِي الْمَطْلَبِ لَا نِزَاعَ فِيهِ الثَّانِيَةُ إكْرَاهُهُ عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ، وَلِذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّ وَلَدَهُ كَنَفْسِهِ اهـ أَقُولُ إنْ قُلْنَا إكْرَاهٌ فَعَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ فَقَطْ الْقِصَاصُ وَإِنْ وَجَبَ الْمَالُ فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ أَوْ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرَهِ تَأَمَّلْ اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا قَوَدَ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ حَقِيقَةً) أَيْ وَيَجِبُ نِصْفُ دِيَةِ الْعَمْدِ عَلَى الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ مِنْهُمَا، وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَجِبُ عَلَى الْآمِرِ نِصْفُ الدِّيَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُكْرَهِ شَرِيكٌ وَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ بِسَبَبِ مُبَاشَرَةِ الْمُكْرَهِ قَتْلَ نَفْسِهِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ لِاتِّحَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدَك الْيُمْنَى وَإِلَّا قَطَعْت الْيُسْرَى كَانَ

ص: 10

وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَوْ هَدَّدَهُ بِقَتْلٍ يَتَضَمَّنُ تَعْذِيبًا شَدِيدًا إنْ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ كَانَ إكْرَاهًا (أَوْ) عَلَى (قَتْلِ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو) فَقَتَلَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُكْرِهِ وَإِنْ كَانَ آثِمًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إكْرَاهًا حَقِيقَةً فَالْمَأْمُورُ مُخْتَارٌ لِلْقَتْلِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ (أَوْ) عَلَى (صُعُودِ شَجَرَةٍ فَزَلِقَ وَمَاتَ) فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا بَلْ هُوَ شِبْهُ عَمْدٍ إنْ كَانَتْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا وَإِلَّا فَخَطَأٌ

(وَ) يَجِبُ (عَلَى مُكْرَهٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ غَالِبًا لِيَدْفَعَ الْهَلَاكَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَدْ آثَرَهَا بِالْبَقَاءِ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ (لَا إنْ قَالَ) شَخْصٌ لِآخَرَ (اُقْتُلْنِي) سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَهُ وَإِلَّا قَتَلْتُك أَمْ لَا

ــ

[حاشية الجمل]

إكْرَاهًا لِعَدَمِ الِاتِّحَادِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ) أَيْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ كَانَ إكْرَاهًا أَيْ لِعَدَمِ اتِّحَادِ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَأْمُورُ بِهِ وَالْمُخَوَّفُ بِهِ ذَاتًا وَصِفَةً اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فَقَتَلَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَا قَوَدَ عَلَى الْمُكْرَهِ) أَيْ وَلَا دِيَةَ وَلَا كَفَّارَةَ اهـ س ل (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ) أَيْ أَوْ نُزُولِ بِئْرٍ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِكْرَاهَ عَلَى الصُّعُودِ لَا يُقْصَدُ بِهِ الْقَتْلُ غَالِبًا، وَقَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَيْ الْإِكْرَاهُ عَلَى الصُّعُودِ شِبْهُ عَمْدٍ أَيْ فَتَجِبُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا) هَذَا بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ مِنْ تَقْيِيدِ النَّوَوِيِّ فِي نُكَتِ الْوَسِيطِ، وَذَلِكَ لَيْسَ تَقْيِيدًا لِلْحُكْمِ بَلْ لِأَجْلِ الْقَوْلِ بِالْقِصَاصِ فَهُوَ شِبْهُ عَمْدٍ مُطْلَقًا اهـ س ل.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقِيلَ هُوَ عَمْدٌ وَمَحِلُّ هَذَا الْقَوْلِ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْوَسِيطِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّا يُزْلَقُ عَلَى مِثْلِهَا غَالِبًا لَمْ يَأْتِ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْيِيدُ بِذَلِكَ لِمَحِلِّ الْخِلَافِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ قَيْدٌ لِشِبْهِ الْعَمْدِ فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ خَطَأً فَافْهَمْ هَذَا الْمَقَامَ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَى مُكْرَهٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْجَمِيًّا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ طَاعَةِ آمِرِهِ أَوْ مَأْمُورَ الْإِمَامِ أَوْ زَعِيمَ بُغَاةٍ لَمْ يُعْلَمْ ظُلْمُهُ بِأَمْرِهِ بِالْقَتْلِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا ظَنَّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ يُبِيحُ الْقَتْلَ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ عَدَمِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ اهـ شَرْحُ م ر قَالَ فِي الْأَنْوَارِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِمَامِ هُنَا الْمُتَوَلِّينَ عَلَى الرِّقَابِ وَالْأَمْوَالِ الْمُمَزِّقِينَ لَهُمْ كَالسِّبَاعِ وَالْمُنْتَهِبِينَ لِأَمْوَالِهِمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ إذَا ظَفِرُوا بِالْمُسْلِمِينَ بَلْ الْمُرَادُ مِنْهُ الْعَادِلُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مِنْهُ الظُّلْمُ وَالْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ اهـ رَشِيدِيٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ أَيْ تَعْلِيلِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَعْلِيلِ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا الْمَذْكُورِ هُنَا فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِمَا أَيْ فَعُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ لِوُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَالتَّعْلِيلُ الْمُتَقَدِّمُ لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقَتْلِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إلَخْ لَا يَحْسُنُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِوُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ وُجُوبَ الْقَوَدِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْجَلَالَ الْمَحَلِّيَّ عَلَّلَ وُجُوبَ الْقَوَدِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا بِهَذَا التَّعْلِيلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إلَخْ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ عِلَّةَ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ إلَخْ وَإِنَّ عِلَّةَ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ كَوْنُهُ آثَرَ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ عَلَى مُكَافِئِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ الْأَوَّلَ وَيَقْتَصِرَ عَلَى الثَّانِي تَأَمَّلْ اهـ ح ل.

وَعِبَارَةُ سم وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ أَصْلِهِ وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَعَلَّلَ الشَّارِحُ الْجَلَالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ذَلِكَ بِعَيْنِ هَذَا الَّذِي قَالَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ غَرَضَ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْمُكْرِهِ عِلَّتُهُ كَوْنُ الْإِكْرَاهِ يُوَلِّدُ دَاعِيَةَ الْقَتْلِ فِي الْمُكْرَهِ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْهَلَاكَ وَأَنَّ وُجُوبَهُ عَلَى الْمُكْرَهِ عِلَّتُهُ كَوْنُهُ آثَرَ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ وَشَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَ كُلَّ ذَلِكَ كُلُّهُ كَمَا تَرَى عِلَّةً لِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ تَابِعًا لِلْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِي التَّعْلِيلِ غَافِلًا عَنْ مُرَادِهِ مِنْهُ، وَالصَّوَابُ أَنْ يُحْذَفَ صَدْرُ الْكَلَامِ وَيَقُولَ لِأَنَّهُ آثَرَ نَفْسَهُ بِالْبَقَاءِ عَلَى مُكَافِئِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ فِي تَوْجِيهِ الْوُجُوبِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ عُدْوَانًا لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ لِيَأْكُلَهُ فِي الضَّرُورَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّيْخِ تَعْلِيلُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ أَيْضًا تَأَمَّلْ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ فَهُمَا شَرِيكَانِ تَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ لَا إنْ قَالَ اُقْتُلْنِي إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا انْتَهَى اهـ سم.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَوْ قَالَ حُرٌّ لِحُرٍّ أَوْ قِنٍّ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ الْمَقُولُ لَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَتْلِ، وَإِنْ فَسَقَ بِامْتِثَالِهِ وَالْقَوَدُ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً كَالدِّيَةِ وَلِهَذَا أُخْرِجَتْ مِنْهَا دُيُونَهُ وَوَصَايَاهُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي ذَاتُ قَوْلَيْنِ ثَانِيهِمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُبَاحُ بِالْإِذْنِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الزِّنَا بِأَمَتِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا دِيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ أَسْقَطَهَا أَيْضًا بِإِذْنِهِ نَعَمْ يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَالْإِذْنُ فِي الْقَطْعِ يُهْدِرُهُ وَسِرَايَتَهُ كَمَا يَأْتِي، وَالثَّانِي تَجِبُ وَلَا يُؤَثِّرُ إذْنُهُ وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي النَّفْسِ فَلَوْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدِي فَقَطَعَهَا وَلَمْ يَمُتْ فَلَا دِيَةَ

ص: 11

فَلَا قَوَدَ بَلْ هُوَ هَدَرٌ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي الْقَتْلِ (أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ فَأَصَابَ رَجُلًا فَمَاتَ) فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ (فَإِنْ وَجَبَتْ دِيَةٌ) بِالْقَتْلِ إكْرَاهًا كَأَنْ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَيْهَا (وُزِّعَتْ) عَلَى الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي الْقَتْلِ (فَإِنْ اُخْتُصَّ أَحَدُهُمَا بِمَا يُوجِبُ قَوَدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ) دُونَ الْآخَرِ فَلَوْ أَكْرَهَ حُرٌّ عَبْدًا أَوْ عَكْسَهُ عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ فَقَتَلَهُ فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَبْدِ أَوْ أَكْرَهَ مُكَلَّفٌ غَيْرَهُ أَوْ عَكْسَهُ عَلَى قَتْلِ آدَمِيٍّ فَقَتَلَهُ فَالْقَوَدُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ آدَمِيٌّ وَظَنَّهُ الْآخَرُ صَيْدًا فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ.

(وَ) يَجِبُ (عَلَى مَنْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (يَقْتُلُ غَالِبًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَمَاتَ) سَوَاءٌ أَقَالَ إنَّهُ مَسْمُومٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ

ــ

[حاشية الجمل]

وَلَا قَوَدَ جَزْمًا وَمَحِلُّهُ أَيْضًا عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ دَفْعِهِ بِغَيْرِ الْقَتْلِ فَإِنْ قَتَلَهُ دَفْعًا انْتَفَى الضَّمَانُ جَزْمًا، وَلَوْ قَالَ اقْذِفْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَذَفَهُ فَلَا حَدَّ كَمَا صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَ الْآذِنُ عَبْدًا لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ، وَهَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ إذَا كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ عَبْدًا وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا عَدَمُهُ وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إكْرَاهِ غَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ رَابِعًا فَفَعَلَا اُقْتُصَّ مِنْ الثَّلَاثَةِ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ فَلَا قَوَدَ بَلْ هُوَ هَدَرٌ) فَلَوْ عَدَلَ عَنْ قَتْلِهِ إلَى قَطْعِ طَرَفِهِ فَمَاتَ قَالَ الْقَاضِي سَأَلْت عَنْهَا الْقَفَّالَ فَخَرَّجَهَا عَلَى مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ بِأَلْفٍ فَزَادَ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا وَنَازَعَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْإِذْنُ فِي إتْلَافِ الْكُلِّ إذْنٌ فِي إتْلَافِ الْبَعْضِ فَلَا ضَمَانَ خِلَافًا لِتَخْرِيجِ الْقَفَّالِ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ وَهُوَ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ، وَلَك أَنْ تَرُدَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْإِذْنَ فِي إتْلَافِ الْجُمْلَةِ إذْنٌ فِي إتْلَافِ الْبَعْضِ فِي ضِمْنِهَا لَا اسْتِقْلَالًا وَارْتَضَى م ر الضَّمَانَ اهـ سم وَقَوْلُهُ بَلْ هُوَ هَدَرٌ أَيْ لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ بَلْ فِيهِ كَفَّارَةٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كُلٍّ مِنْ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَمِنْ وُجُوبِهِ عَلَى الْمُكْرَهِ بِفَتْحِهَا فَقَوْلُهُ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ لَا إنْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ إلَخْ وَعَلَى قَوْلِهِ هُنَا لَا إنْ قَالَ اُقْتُلْنِي أَشَارَ لِهَذَا الْحَلَبِيُّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَيْضًا فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ دِيَةٍ وَفِي الْعُبَابِ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّامِي فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْمَأْمُورِ اهـ ح ل وَاقْتَصَرَ ع ش وَالشَّوْبَرِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ.

وَعِبَارَةُ ع ش وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ خَطَأٍ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَبَتْ دِيَةٌ وُزِّعَتْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فَيَجِبُ عَلَى مُكْرَهٍ، وَيَجِبُ عَلَى مُكْرِهٍ أَيْ مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَؤُلْ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ اُخْتُصَّ أَحَدُهُمَا تَقْيِيدٌ لَهُمَا أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر

فَإِنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِنَحْوِ خَطَأٍ أَوْ عَدَمِ مُكَافَأَةٍ أَوْ عَفْوٍ وَهِيَ عَلَى غَيْرِ الْمُخْطِئِ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ وَعَلَيْهِ مُخَفَّفَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ كَالشَّرِيكَيْنِ فِي الْقَتْلِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ أَعْجَمِيًّا اُخْتُصَّتْ بِالْآمِرِ، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ قِنَّهُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ شَيْءٌ بَلْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ آلَةٌ مَحْضَةٌ انْتَهَتْ (قَوْلُهُ وُزِّعَتْ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيَأْخُذَ مِنْ الْآخَرِ نِصْفَ الدِّيَةِ اهـ سم وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَبْدِ) وَجَدْت بِخَطِّ الشَّيْخِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الشَّنَوَانِيِّ مَا نَصُّهُ وَعَلَى الْحُرِّ نِصْفُ الْقِيمَةِ اهـ وَقَوْلُهُ فَالْقَوَدُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَيْ وَعَلَى الْآخَرِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ اهـ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فَالْقَوَدُ عَلَى الْعَالِمِ) لِأَنَّ الظَّانَّ آلَةُ مُكْرِهِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ يُؤْثِرُ نَفْسَهُ فَهُوَ شَرِيكٌ وَمَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ لَا إيثَارَ فَهُوَ آلَةٌ وَعَلَى عَاقِلَةِ الظَّانِّ نِصْفُ دِيَةِ الْخَطَأِ كَمَا تَقَدَّمَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَالِمُ الْمُكْرِهَ بِالْكَسْرِ وَالظَّانُّ الْمُكْرَهَ بِالْفَتْحِ أَوْ عَكْسَهُ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ وَعَلَى مَنْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ إلَخْ) هَذَا مِنْ السَّبَبِ الْعُرْفِيِّ وَلَمْ يَقُولُوا أَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِهِ أَيْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَمَا قَالُوا فِي الْمُمَيِّزِ اهـ ح ل لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ س ل أَنَّ دَسَّ السُّمَّ فِي طَعَامِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَتَضْيِيفِهِ بِالْمَسْمُومِ فَيَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ أَيْضًا اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَهُ، وَلَعَلَّهُ عَدَمُ الْقَوَدِ بَلْ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَأَمَّا فِي الْمُمَيِّزِ فَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ بِحَالِهَا فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَوْضٌ اهـ ع ش.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ يَقْتُلُ غَالِبًا أَيْ وَقَدْ عَلِمَ الْمُضِيفُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ فَيَجِبُ فِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُضِيفُ مُمَيِّزًا أَمْ لَا خِلَافًا لِمَنْ يَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَدِيَةُ عَمْدٍ وَإِلَّا فَدِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ انْتَهَتْ فَعَلَى هَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ ضَيَّفَ بِهِ رَاجِعٌ لِلْمَسْمُومِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ يَقْتُلُ غَالِبًا إذْ هَذَا الْقَيْدُ لَا مُحْتَرَزَ لَهُ إلَّا فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ اهـ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ قَالَ إنَّهُ مَسْمُومٌ أَمْ لَا) كَذَا عَبَّرَ بِهِ كَثِيرُونَ مَعَ فَرْضِهِمْ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَهُوَ عَجِيبٌ إذْ لَا تُعْقَلُ مُخَاطَبَةُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ فِيهِ فَرْقًا بَيْنَ الْقَوْلِ وَعَدَمِهِ اهـ ز ي. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ تَنَاوَلَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ فَحَدُّ الْعَمْدِ صَادِقٌ عَلَى هَذَا اهـ ح ل وَفِي ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ أَيْ لِأَنَّ الضَّيْفَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ يَأْكُلُ مِمَّا قُدِّمَ لَهُ وَهُوَ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ حَالَةِ الْأَكْلِ وَعَدَمِهَا فَكَانَ التَّقْدِيمُ لَهُ إلْجَاءً عَادِيًّا اهـ.

(فَائِدَةٌ)

السَّمُّ بِالْفَتْحِ فِي الْأَكْثَرِ وَجَمْعُهُ سُمُومٌ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَسِمَامٌ كَسَهْمٍ وَسِهَامٍ وَالضَّمُّ لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ وَالْكَسْرُ لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَسَمَّيْتُ الطَّعَامُ سَمًّا

ص: 12

(فَإِنْ ضَيَّفَ بِهِ مُمَيِّزًا أَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِهِ) أَيْ طَعَامِ الْمُمَيِّزِ (الْغَالِبِ أَكْلُهُ مِنْهُ وَجَهِلَهُ)(فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَيَلْزَمُهُ دِيَتُهُ وَلَا قَوَدَ لِتَنَاوُلِهِ الطَّعَامَ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ عَلِمَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُضِيفِ أَوْ الدَّاسِّ وَتَعْبِيرِي بِالْمُمَيِّزِ وَبِغَيْرِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِبَحْثِ الشَّيْخَيْنِ وَمَنْقُولِ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ وَتَعْبِيرِي بِشِبْهِ الْعَمْدِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمُحَرَّرُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فَدِيَةٌ وَخَرَجَ بِالطَّعَامِ الْمَذْكُورِ مَا لَوْ دَسَّ سُمًّا فِي طَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَ مِنْهُ مَنْ يَعْتَادُ الدُّخُولَ لَهُ أَوْ فِي طَعَامِ مَنْ يَنْدُرُ أَكْلُهُ مِنْهُ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ فَإِنَّهُ هَدَرٌ.

(وَ) يَجِبُ (عَلَى مَنْ أَلْقَى غَيْرَهُ فِي مَا) أَيْ شَيْءٍ (لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ) كَنَارٍ وَمَاءٍ مُغْرِقٍ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُمَا بِعَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ وَأَلْقَاهُ بِهَيْئَةٍ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ مَعَهَا (وَإِنْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ) وَلَوْ قَبْلَ وُصُولِهِ الْمَاءَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُهْلِكٌ لِمِثْلِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي هَلَكَ بِهَا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْمَاءِ وَالنَّارِ

ــ

[حاشية الجمل]

مِنْ بَابِ قَتَلَ جَعَلْت فِيهِ السَّمَّ، وَالسَّمُّ ثَقْبُ الْإِبْرَةِ وَفِيهِ اللُّغَاتُ الثَّلَاثُ وَجَمْعُهُ سِمَامٌ اهـ مِنْ الْخَرَاشِيِّ الْكَبِيرِ.

وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَالسَّمُّ بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ لَكِنَّ الْفَتْحَ أَفْصَحُ وَيَلِيهِ الضَّمُّ وَأَدْنَاهَا الْكَسْرُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْبُرْهَانُ الْحَلِيمِيُّ فِي حَوَاشِي الشِّفَاءِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَيَّفَ بِهِ) أَيْ بِالْمَسْمُومِ الَّذِي يَقْتُلُ غَالِبًا اهـ ح ل وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ فَالْمَسْمُومُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَمَا عَلِمْت وَلَوْ قُدِّمَ الْمَسْمُومُ إلَى الْمُمَيِّزِ مَعَ جُمْلَةِ أَطْعِمَةٍ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّهُ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَسْمُومُ وَحْدَهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِوُجُودِ التَّغْرِيرِ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمَدِّ يَدِهِ إلَيْهِ سَوَاءٌ النَّفِيسُ وَغَيْرُهُ وَهَذَا أَوْجَهُ مِنْ تَرَدُّدٍ آتٍ لِلْأَذْرَعِيِّ وَكَالتَّضْيِيفِ مَا لَوْ نَاوَلَهُ إيَّاهُ أَوْ أَمَرَهُ بِأَكْلِهِ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ أَوْ دَسَّهُ فِي طَعَامِهِ إلَخْ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الطَّعَامِ وَمِثْلُ الطَّعَامِ مَاءٌ عَلَى طَرِيقِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ الْغَالِبُ شُرْبُهُ مِنْهُ اهـ س ل (قَوْلُهُ الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ) هَذَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ مَزِيدًا عَلَى أَصْلِهِ قَيْدًا لِلْخِلَافِ لِيَتَأَتَّى الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَلَيْسَ قَيْدًا لِوُجُوبِ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ مُطْلَقًا أَيْ وَإِنْ نَدَرَ أَكْلُهُ مِنْهُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ فَشِبْهُ عَمْدٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدُّ شِبْهِ الْعَمْدِ الْمُتَقَدِّم؛ لِأَنَّ ضَابِطَهُ كَمَا تَقَدَّمَ أَنْ يَكُونَ بِمَا لَا يُتْلِفُ غَالِبًا إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ مَخْصُوصٌ بِالْآلَةِ وَهَذَا فِي السَّبَبِ تَأَمَّلْ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ دِيَتُهُ) ظَاهِرُهُ كَمَالُ الدِّيَةِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عِنْدَ الْجَهْلِ آلَةٌ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم (قَوْلُهُ لِتَنَاوُلِهِ الطَّعَامَ بِاخْتِيَارِهِ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِجَهْلِهِ فِي ذَلِكَ، وَيَكْفِي النَّظَرُ إلَيْهِ فِي وُجُوبِ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَمَنْقُولِ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّمْيِيزِ وَعَدَمِهِ لَا عَلَى الصِّبَا وَالْبُلُوغِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَعْبِيرِهِ بِمَا ذَكَرَهُ) أَيْ حَيْثُ عَبَّرَ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إذْ الصَّبِيُّ قَدْ يَكُونُ مُمَيِّزًا، وَعَبَّرَ بِالْبَالِغِ الْعَاقِلِ مَوْضِعَ التَّعْبِيرِ بِالْمُمَيِّزِ إذْ الْمُمَيِّزُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمُحَرَّرُ) الْمُحَرَّرُ مُخْتَصَرٌ مِنْ الْوَجِيزِ الْمُخْتَصَرِ مِنْ الْوَسِيطِ الْمُخْتَصَرِ مِنْ الْبَسِيطِ الْمُخْتَصَرِ مِنْ النِّهَايَةِ لِإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَلِهَذَا سَمَّاهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أُمًّا تَأَمَّلْ وَتَقَدَّمَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَجِيزِ وَالْوَسِيطِ وَالْبَسِيطِ لِلْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ (قَوْلُهُ فَأَكَلَ مِنْهُ مَنْ يَعْتَادُ الدُّخُولَ) أَيْ وَيَعْتَادُ الْأَكْلَ مِنْ طَعَامِهِ اهـ ح ل وَانْظُرْ مُحْتَرَزَ هَذَا الْقَيْدِ هَلْ هُوَ لَاغٍ فَيَكُونُ الْقَيْدُ لَا مَفْهُومَ لَهُ أَوْ مُعْتَبَرٌ فَيَكُونُ مَضْمُونًا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي طَعَامِ مَنْ يَنْدُرُ أَكْلُهُ مِنْهُ إلَخْ) سَكَتُوا عَنْ حُكْمِ مَا لَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَلَعَلَّهُ كَنُدُورِهِ وَالْمُصَنِّفُ ظَنَّ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِغَلَبَةِ الْأَكْلِ مِنْهُ لِلْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ لِمَحِلِّ الْخِلَافِ لِيَأْتِيَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ الدِّيَةِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ غَلَبَ أَوْ نَدَرَ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ، وَالْمُرَادُ بِهِ شِبْهُ الْعَمْدِ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ هَدَرٌ) ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَنْدُرُ أَكْلُهُ مِنْهُ اهـ ع ش أَيْ بَلْ فِيهِ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَتَقْيِيدُ الْمِنْهَاجِ بِالْغَلَبَةِ لِأَجْلِ مَحَلِّ الْخِلَافِ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَيَجِبُ عَلَى مَنْ أَلْقَى غَيْرَهُ إلَخْ) هَذَا مِنْ السَّبَبِ الْحِسِّيِّ اهـ ح ل. (فَرْعٌ)

لَوْ أَمَرَ صَغِيرًا أَنْ يَسْتَقِيَ لَهُ مَاءً فَوَقَعَ فِي الْمَاءِ وَمَاتَ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا يُسْتَعْمَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ هُدِرَ وَإِلَّا ضَمِنَهُ عَاقِلَةُ الْآمِرِ. (فَرْعٌ) آخَرُ

أَوْقَدَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ وَتَرَكَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ عِنْدَهَا وَذَهَبَتْ فَقَرُبَ مِنْ النَّارِ وَاحْتَرَقَ بِهَا فَإِنْ تَرَكَتْهُ بِمَوْضِعٍ تُعَدُّ مُقَصِّرَةً بِتَرْكِهِ فِيهِ ضَمِنَتْهُ وَإِلَّا فَلَا هَكَذَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ حَجّ، وَالضَّمَانُ بِدِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ اهـ ع ش عَلَى م ر.

وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ س ل (فَائِدَةٌ)

أَوْقَدَتْ امْرَأَةٌ نَارًا لِحَاجَتِهَا فَتَرَكَتْ وَلَدَهَا قَرِيبًا مِنْهَا وَذَهَبَتْ لِحَاجَةٍ فَقَرُبَ الطِّفْلُ مِنْ النَّارِ فَاحْتَرَقَ عُضْوُهُ قَالَ الْأَصْبَحِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إنْ تَرَكَتْهُ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِنْ النَّارِ لَا تُعَدُّ فِيهِ مُفَرِّطَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا أَوْ فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ بِحَيْثُ تُعَدُّ فِيهِ مُفَرِّطَةً فِي الْعَادَةِ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَقَدْ نَصَّ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى نَظِيرٍ لِهَذَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُلْقِي كَانَ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ صُدِّقَ الْوَارِثُ بِيَمِينِهِ اهـ شَرْحُ م ر وَيَكْفِيهِ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّخَلُّصِ لَا عَلَى أَنَّ الْمُلْقِيَ قَتَلَهُ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ دَعْوَاهُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ اهـ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَيْ أَوْقَدَهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلضَّمَانِ كَمَجْنُونٍ وَسَبُعٍ اهـ ح ل (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ مَا قَصَدَ إلْقَاءَهُ فِيهِ مُهْلِكٌ لِمِثْلِهِ فَقَدْ قَصَدَ إهْلَاكَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَلَا نَظَرَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي هَلَكَ بِهَا) أَيْ لِأَنَّ

ص: 13

(فَإِنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ التَّخَلُّصُ بِعَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَمَنَعَهُ) مِنْهُ (عَارِضٌ) كَمَوْجٍ وَرِيحٍ فَهَلَكَ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَفِيهِ دِيَةٌ (أَوْ مَكَثَ) حَتَّى مَاتَ (فَهَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ (أَوْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ فَعَمْدٌ إنْ عَلِمَ بِهِ وَإِلَّا فَشِبْهُهُ) وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَلَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا بِالسَّاحِلِ فَزَادَ الْمَاءُ وَأَغْرَقَهُ فَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ يَعْلَمُ زِيَادَةَ الْمَاءِ فِيهِ كَالْمَدِّ بِالْبَصْرَةِ فَعَمْدٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَزِيدُ وَقَدْ لَا يَزِيدُ فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَتَوَقَّعُ زِيَادَةً فَاتَّفَقَ سَيْلٌ نَادِرٌ فَخَطَأٌ.

(وَلَوْ تَرَكَ) مَجْرُوحٌ (عِلَاجَ جُرْحِهِ الْمُهْلِكِ) فَهَلَكَ (فَقَوَدٌ) عَلَى جَارِحِهِ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ مُهْلِكٌ وَالْبُرْءَ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ لَوْ عَالَجَ.

(وَلَوْ أَمْسَكَهُ) شَخْصٌ وَلَوْ لِلْقَتْلِ (أَوْ أَلْقَاهُ مِنْ) مَكَانِ (عَالٍ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا) وَلَوْ عُدْوَانًا (فَقَتَلَهُ) فِي الْأُولَيَيْنِ (أَوْ رَدَّاهُ) فِي الثَّالِثَةِ (آخَرُ

ــ

[حاشية الجمل]

الْحُوتَ كَالسَّبُعِ وَالْمَجْنُونِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا فِيمَا لَوْ أَلْقَاهُ مِنْ مَكَان عَالٍ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَلَكَ بِمَا قَصَدَ إلْقَاءَهُ فِيهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ قَدَّهُ قَبْلَ وُصُولِهِ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ كَمُلْتَزِمٍ لِلْأَحْكَامِ أَوْ حَرْبِيٍّ لَا قِصَاصَ عَلَى الْمُلْقِي وَعَلَى الْمُلْتَزِمِ الْقِصَاصُ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ يُقَالُ فِعْلُ الْمُلْتَزِمِ لِلْأَحْكَامِ قَطَعَ أَثَرَ فِعْلِ الْمُلْقِي فَكَانَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَكَذَا الْحَرْبِيُّ قَطَعَ فِعْلُهُ أَيْضًا أَثَرَ فِعْلِ الْمُلْقِي وَانْتِفَاءُ الْقِصَاصِ عَنْهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ اهـ ح ل (قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَيْ التَّخَلُّصُ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ إلَّا بِالِانْتِقَالِ إلَى مُهْلِكٍ آخَرَ كَمُغْرِقٍ مُجَاوِرٍ لِمَا أُلْقِيَ فِيهِ فَانْتَقَلَ إلَيْهِ فَهَلَكَ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْمُلْقِي انْقَطَعَ بِانْتِقَالِهِ إلَى الْمُهْلِكِ الْآخَرِ، وَيُؤَيَّدُ بِأَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ نَفْسَهُ فِي النَّارِ لَمْ يَضْمَنْهُ الْمُلْقِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ س ل

(قَوْلُهُ وَمَنْعُهُ مِنْهُ عَارِضٌ) أَيْ بَعْدَ الْإِلْقَاءِ فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْإِلْقَاءِ فَالْقِصَاصُ اهـ س ل.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَمَنْعُهُ مِنْهُ عَارِضٌ أَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ أَلْقَاهُ مَعَ قِيَامِ الرِّيَاحِ وَهَيَجَانِ الْأَمْوَاجِ وَجَبَ الْقَوَدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فَشِبْهُ عَمْدٍ فَفِيهِ دِيَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إهْلَاكَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ عَلَى سَبُعٍ فِي مَضِيقٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهِ فِي مُتَّسَعٍ؛ لِأَنَّ السَّبُعَ فِي الْمُتَّسَعِ يَنْفِرُ بِطَبْعِهِ مِنْ الْآدَمِيِّ بِخِلَافِ الْحُوتِ فَلَمْ يُفَصِّلْ فِيهِ اهـ ح ل. (قَوْلُهُ أَوْ مَكَثَ حَتَّى مَاتَ فَهَدَرٌ) أَيْ لَا ضَمَانَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْمُهْلِكُ نَفْسَهُ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي تَرِكَتِهِ اهـ شَرْحُ م ر.

وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ أَوْ مَكَثَ حَتَّى مَاتَ فَهَدَرٌ اُسْتُشْكِلَ هَذَا بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الصَّائِلِ إذَا أَمْكَنَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ فَتَرَكَ وَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ الْفَرْقَ بِأَنَّ السَّبَبَ فِي مَسْأَلَةِ الصِّيَالِ لَمْ يَتَّصِلْ بِالْبَدَنِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعَلَيْهِ لَوْ اتَّصَلَ فِعْلُ الصَّائِلِ بِالْبَدَنِ وَقَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الدَّفْعِ فَتَرَكَ فَلَا قَوَدَ كَتَبَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ فِي هَامِشِ الْمَحَلِّيِّ ثُمَّ قَالَ قُلْت وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الصَّائِلَ مَعَهُ رَادِعٌ وَهُوَ التَّكْلِيفُ وَاَلَّذِي أَلْقَى صَارَ لَا يُمْكِنُهُ الْكَفُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الصَّائِلَ لَوْ رَمَى بِسَهْمٍ فَثَبَتَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ مَعَ إمْكَانِ التَّحَوُّلِ لَا ضَمَانَ وَقَدْ يَلْتَزِمُ اهـ وَفَرَّقَ م ر بِأَنَّ فِعْلَ الْمُلْقِي انْقَطَعَ بِالْإِلْقَاءِ وَفِعْلَ الصَّائِلِ قَائِمٌ إلَى الْهَلَاكِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ هَدَرٌ فِيمَا لَوْ رَمَاهُ بِسَهْمٍ فَثَبَتَ مَعَ إمْكَانِ تَحَوُّلِهِ تَأَمَّلْ انْتَهَتْ.

(قَوْلُهُ أَوْ الْتَقَمَهُ حُوتٌ) فَعَمْدٌ ظَاهِرُهُ وَإِنْ الْتَقَمَهُ قَبْلَ وُصُولِهِ وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرَ مَا لَوْ أَلْقَاهُ عَلَى سَبُعٍ فِي مُتَّسَعٍ بِأَنَّ السَّبُعَ فِي الْمُتَّسَعِ يَنْفِرُ بِطَبْعِهِ مِنْ الْآدَمِيِّ وَلَا كَذَلِكَ الْحُوتُ وَلَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ ثُمَّ لَفَظَهُ الْحُوتُ وَهُوَ حَيٌّ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْوَلِيِّ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ م ر وَبَالَغَ فِي رَدِّ إفْتَاءٍ نُسِبَ إلَيْهِ بَلْ أَثْبَتَ فِي فَتَاوِيهِ بَلْ هَذَا خَطَأٌ مِنْ الْكَاتِبِ اهـ سم.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ اُقْتُصَّ مِنْ الْمُلْقِي فَقَذَفَ الْحُوتُ مَنْ ابْتَلَعَهُ سَالِمًا وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَقْتُولِ عَلَى الْمُقْتَصِّ دِيَةُ عَمْدٍ فِي مَالِهِ وَلَا قِصَاصَ لِلشُّبْهَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، كَمَا لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمُوجِبِ قَوَدٍ فَقُتِلَ ثُمَّ بَانَ الْمَشْهُودُ بِقَتْلِهِ حَيًّا بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ قُتِلَا بِحَجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهَا انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ فَعَمْدٌ إنْ عَلِمَ بِهِ) فَلَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ عِلْمَ الْمُلْقِي بِالْحُوتِ، وَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ الْمُلْقِي بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ اهـ ع ش عَلَى م ر. (تَنْبِيهٌ)

فَصَّلُوا هُنَا بَيْنَ عِلْمِهِ بِحُوتٍ يَلْتَقِمُ وَعَدَمِهِ وَأَطْلَقُوا فِيمَا لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ وَقَالُوا فِيمَنْ ضَرَبَ مَنْ جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ دُونَ الصَّحِيحِ إنَّهُ عَمْدٌ، وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الْمُهْلِكَ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَخِيرَانِ وَنَحْوُهُمَا يُعَدُّ فَاعِلُهُ قَاتِلًا بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَإِنْ جَهِلَ بِخِلَافِ الْمُهْلِكِ فِي حَالَةٍ دُونَ أُخْرَى لَا يُعَدُّ كَذَلِكَ إلَّا إنْ عَلِمَ اهـ حَجّ. (قَوْلُهُ وَلَوْ أَلْقَاهُ مَكْتُوفًا) أَيْ أَوْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ الْحَرَكَةِ اهـ م ر اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَالْمَدِّ بِالْبَصْرَةِ) مِثَالٌ لِلْمَاءِ الَّذِي تُعْلَمُ زِيَادَتُهُ وَفِي الْمُخْتَارِ وَالْمَدُّ السَّيْلُ يُقَالُ مَدَّ النَّهْرُ وَمَدَّهُ نَهْرٌ آخَرُ اهـ.

وَفِي الْمِصْبَاحِ وَمَدَّ الْبَحْرُ مَدًّا زَادَ وَمَدَّهُ غَيْرُهُ مَدًّا زَادَهُ وَأَمَدَّ بِالْأَلِفِ وَأَمَدَّهُ غَيْرُهُ يُسْتَعْمَلُ الثُّلَاثِيُّ وَالرُّبَاعِيُّ لَازِمَيْنِ وَمُتَعَدِّيَيْنِ، وَيُقَالُ لِلسَّيْلِ مَدٌّ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ وَكَأَنَّهُ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ وَالْجَمْعُ مُدُودٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَامْتَدَّ الشَّيْءُ انْبَسَطَ وَامْتَدَّ طَالَ اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَزِيدُ وَقَدْ لَا يَزِيدُ) بِأَنْ اسْتَوَيَا أَوْ نَدَرَتْ الزِّيَادَةُ اهـ م ر اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُرْحَ مُهْلِكٌ وَالْبُرْءَ إلَخْ) وَمِنْهُ أُخِذَ عَدَمُ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى مَنْ فَصَدَ إنْسَانًا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَتَرَكَ الْمَفْصُودُ رَبْطَ الْفَصْدِ حَتَّى هَلَكَ لِلْوُثُوقِ بِالسَّلَامَةِ لَوْ رُبِطَ وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ هَدَرٌ اهـ ح ل.

(قَوْلُهُ أَوْ أَلْقَاهُ مِنْ مَكَان عَالٍ إلَخْ) الْحَاصِلُ فِيمَا إذَا أَلْقَاهُ مِنْ عُلُوٍّ فَقَتَلَهُ غَيْرُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُلْقِي وَالْقَاتِلِ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ أَوْ الْمُلْقِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَالْقَاتِلُ مِنْ أَهْلِهِ فَالضَّمَانُ

ص: 14